محب الدعوة
12-11-2010, 10:35 PM
"وتنطق الرويبضة "
للشيخ منصور الصقعوب حفظه الله .
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد فاتقوا الله أيها المؤمنون]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)
روى ابن ماجه وغيره عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
( سيأتي على الناس سنوات خداعات . يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق . ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين . وينطق فيها الرويبضة ( قيل وما الرويبضة . قال الرجل التافه ) في أمر العامة )وفي لفظ عند أحمد"الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ"
معشر الكرام: ومن تأمل زماننا ونظر في كثير من صحفنا واستمع لبعض منابر إعلامنا علم أنه ربما لم تنطق الرويبضة كما نطقت اليوم, فالصحف من أوسع أبوابها تفتح للرويبضة الذين لا يعرفون من الدين إلا رسوماً وأطلالاً, فيتكلمون في أعضل مسائله ويخوضون في صميمه ليخبطوا في الدين خبطاُ
وباتت الرويبضة بات أهل العلمنة ومن يبغضون الدين ويتمنون إزالة جلّ معالمه يستغلون كل فرصة وحدث لينخروا في مسلمات الدين ويبثوا الشبهات في قلوب عامة المسلمين وليتهموا أهل العلم ومن تمسك بالدين, وأضحت صفات المنافقين تبين من كلامهم وفعالهم.
وحين تريد أن تعرف حقيقتهم فلن تتكلف عناءً فها هي جل صحفنا وللإسف تنشر باطلهم وتبرز غثائهم حتى غدت كثير من الصحف التي ينبغي أن يكون دورها توعية المجتمع غدت حاملة لواء تغريب المجتمع, ولم تعد أقوال هؤلاء خافية على أحد بل وتجاوزت جرأتهم المعتادة حتى طالت العلماء والمؤسسات الدينية الرسمية, فما معنى أن يقول أحدهم عن هيئة كبار العلماء أنها هيئة كبار المشاغبين, وهذا ما قيل أمام الملأ وما قيل في منتدياتهم أمر أشنع من أن يذكر, ولم يخفى على أحد تلك الهجمة المنظمة التي شنوها على بعض العلماء لأجل بيانه حكم الشرع في الاختلاط ففي خلال يومين تنشر الصحف تسعة عشر مقالاً ضد ذلك الشيخ, حوت مثل هذه العبارات التالية: الدعوات المحمّلة بغبار تورا بورا, "الفتنةُ تبدأ هكذا, الفقه الطالباني , هذه الفتاوى تشجع على الإرهاب, السكوت عن هذه الفتاوى هو سكوت على فيروس أخطر من أنفلونزا الخنازير , ألى غير ذلك من العبارات, في قصد ظاهر لتأليب العامة وولاة الأمر على أنصح الناس وهم العلماء, وهذا بعض ما صرحوا به وما تخفي صدورهم أكبر, ولسنا بحاجة للاستطراد في ذكر ضلالهم
إننا وفي خضم هذه الأحداث لابد أن نذكّر بعدة مسلمات ينبغي أن ننطلق منها:
الأولى: إن إهمال الألفاظ الشرعية والمصطلحات القرآنية من شأنه أن يغيب الحقيقة عن كثير من الناس, وحين يتسمى البعض اليوم من أصحاب هذه الأهواء بالعلمانيين أو الليبراليين فإنهم بذلك يغطون التسمية القرآنية لأمثالهم, وهو اسم المنافقين, إن القرآن ورد فيه مئاتُ الآيات عن المنافقين بل ورد عنهم أكثر مما ورد في الكفار, والذي يظن أن النفاق انتهى بابن أبي وأضرابه ممن كانوا في زمن النبوة فهو مخطيء, بل العلمانيون كما قال كبار علمائنا هم المنافقون اليوم, وهذه الحقيقة وإن كبرت على البعض, وليس بالضرورة أن يكون أفرادهم منافقين خُلصاً وإنما فيهم سمات المنافقين ويعملون عملهم, ونظرة في صفات المنافقين في القرآن تبين لك حقيقة الأمر, ولأجل ذلك فلابد من الحذر من هؤلاء الذين قد يتلونون وقد يظهرون النصح للأمة وهم أبعد الناس عن ذلك (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون..), ومع هذا فقد يستمع البعض لهم وقد يبهره لحن قولهم, وقد ينطلي عليه زيفهم, وذاك ما أخبر عنه المولى (وفيكم سماعون لهم)(وإن يقولوا تسمع لقولهم)
المسلمة الثانية: إذا كان فكر الغلو خطراً على المجتمع, فإن الفكر العلماني لا يقل خطورة بل هو أشد, إذ هو أطول مدة ولا يظهر بخلاف صاحب الفكر الغالي, بل إن من أسباب نشوء الغلو الذي لا يقرّ وجود مثل هذه الطروحات التي تريد أن تقصي الدين وتجعله في أضيق الحدود, ولئن كانت البلاد وولاة أمرنا سعوا للقضاء على فكر الغلو والإفراط فإن المؤمل من ولاة أمرنا حفظهم الله أن يتصدوا لأصحاب فكر التفريط والفساد, الذين يريدون لأمة الإسلام أن تكون تابعة للغرب, الذين يريدون أن تكون بلاد الحرمين كضاحية من ضواحي أوربا كما نطقوا بذلك, الذين يريدون أن يقضوا على مظاهر التمسك بالدين والتي هي مصدر عز البلاد ورفعتها,
المسلمة الثالثة: إن من سمات أصحاب الفكر العلماني إن صحت التسمية أنه ينتهز الفرص لهز الثوابت, وما قضية الهجمة على الهيئات لأجل حدث واحد وعلى تعليم البنات لأجل حدث عابر إلا نموذج, إننا نعتقد أن فتوى شيخ أو عضو من هيئة كبار العلماء ليست هي السبب في كل هذه المعركة ضده، بل هي الوسيلة لحرب أكبر لا علاقة له فيها البتة غير انتمائه لتيار يكرهه أولئك بصورة لا مثيل لها...
فكل علماء المملكة يقولون بحرمة الاختلاط، وكل من تولى الإفتاء في هذه البلاد يقول بحرمة الاختلاط، وهم يعرفون أن مثل هذه الآراء ليست بجديدة ولا شاذة، وإنما هذه الحملة التي رفعت لوائها الصحف هي لأجل! أن «المشائخ» كانوا وراء كل القيود التي عانوا منها
عشرات السنين، وأنهم - أي المشائخ - حاربوا أهواءهم وبشدة. ولم يكن ثمة فرصة أفضل من هذه, ليكيلوا التهم لعلماء البلاد ومن ينصح لولاة أمرها, عن طريق إسقاط المشائخ وفتاواهم التي تغيظهم، وفي سبيل هذا فلا مانع من القول بأن هذا الشيخ أو ذاك يعمل ضد أهداف البلاد! ولأن الإرهاب عدو الجميع فما المانع من إلصاق تهمة الإرهاب أو التحريض, وباتت ثمة تهم معلبة جاهزة ضد كل من يقف في وجوههم, دعم الإرهاب, نشر الفكر الغالي, تحريض العامة ضد ولاة الأمر, تمرد على النظام, وهكذا, وفي سبيل هذا فلا مانع عندهم من إطلاق التهم بالباطل ولا بأس عندهم بالكذب, لقد كتب أحدهم في إحدى الصحف حادثة وقعت له مع هيئة الأمر بالمعروف وأساء إلى الهيئة بتلك القصة المكذوبة, فتتايع البعض على لمز الهيئة بذلك, يقول لي أحد معارفه قلت له أسألك بالله هل حدث ما ذكرت, فقال: إن كان لم يقع فقد يقع في الأيام القادمة, فانظر إلى الإفتراء.
وإننا اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى أن نؤكد على ثوابتنا, وإلى أن نعرف الناصح من الذي يبغي نشر الشر في المجتمع, وإلى أن نحتسب الأجر ونحمي الفكر بمقاطعة الصحف المشبوهة, التي شهد ولاة أمرنا عليها أمام الملأ بأن لها توجهات سيئة, ونوايا ضد العقيدة والوطن , والتي وإن تسمت باسماء الوطن إلا أنها أبعد ما تكون عن حب التقدم والخير للوطن .
المسلمة الرابعة: إن من المقرر شرعاً وواقعاً أن أنصح الناس للأمة عامةً وولاةً هم العلماء الذين أخذوا الكتاب والسنة وفهموهما, ولا يمكن لمن له أدنى عقل أن يشك في نصحهم وولائهم لدينهم ولولاة أمرهم, ولا ينقضي العجب ممن يريد أن يوهم الناس بأن النكرات الذين رضعوا من الغرب وامتلأت قلوبهم حباً له وبغضاً لعلمائهم والذين بدأوا يدعون للتحرر من قيود الدين كما يقولون, أن يكون هؤلاء هم الناصحون الحريصون على البلاد الذين يريدون لأمة الإسلام الرقي والنصرة, في حين أن العلماء هم الذين يريدون الشر بالبلاد بقصد أو بغير قصد, تلمس هذا الأمر من مقالات هؤلاء الكتاب الذين يتمسحون بالوطنية ويلمزون من عارض أفكارهم بعداءه للوطن والوطنية, الذين يظهرون أنفسهم في صورة أنصار التقدم وللبلاد, ويظهرون كل عالم ومحتسب يقف في وجوههم بأنه عدو للتقدم, يريد أن يعود بالبلاد إلى عصور الانحطاط, وإذا كان توقير العلماء مطلب شرعي فكيف يتحقق وهم يلمزون بقلة الفهم و سطحية التفكير من قبل هؤلاء, وإذا كنا ننادي برجوع الشباب للعلماء لئلا تنحرف أفكارهم فماذا أبقى هؤلاء للعلماء من مكانة, ومع كل هذا فلا زال العلماء لهم في قلوب كثير من العامة أرفع المنازل, ولا ينبغي أن تؤثر في النفوس كتابات مغرضة واتهامات جزاف
المسلمة الخامسة: والأمر بالمعروف شريعة أمر بها رب العالمين, وبيان الحق للناس أمانة أنيطت في رقاب العلماء, ولا يلام المرء أبداً حين ينكر, وقد يكون الإنكار علناً وقد يكون من المصلحة أن يكون سراً وذاك راجع لنظر العالم وانتشار المنكر, وحينها: فكيف يلام من أنكر منكراً ودعى لفضيلة, إن من المنتظر من كافة العلماء وطلبة العلم بل الجميع أن يكون لهم دورٌ في إنكار كل منكر يطرأ على البلاد عبر الوسائل المشروعة, وذاك من أعظم النصح للأمة ولولاة الأمر, والذي نادى به ولاة أمرنا حفظهم الله, وهو من حقهم علينا.
الخطبة الثانية: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد عباد الله
المسلمة السادسة: .(أننا حين نسعى للتطور والرقي فلا بد أن نعلم أن التطور الدنيوي له سنن ربانية في الكون لا علاقة لها بالدين نفياً أو إثباتاً، فمن أخذ بهذه السنن الربانية الكونية من الأفراد والدول والأمم كسبوا الغنى والتقدم والعمران ولو كانوا ملاحدة، أو وثنيين أو منحلين، ومن لم يأخذ بها من الأفراد والدول والأمم فلن ينالوا شيئاً ولو أحيوا الليل بالصلاة والدعاء، وصاموا الدهر كله؛ ذلك أن قانون الله تعالى وسنته الماضية في عباده أنه سبحانه يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب كما جاء في الحديث، لكن هذا العطاء يكون وفق هذه السنن الكونية، و من الجهل والخطأ الزعم بأن سبب تخلف المسلمين هو تمسكهم بدينهم، أو أن سبب تقدم الغرب هو تخليهم عن الدين إلى العلمانية كما يريد العلمانيون تمرير هذا المفهوم المغالط على الناس بالتدليس والتحريف والكذب والإضلال) من مقال الشيخ ابراهيم الحقيل بتصرف، بل نقول إن أمة الإسلام حين تريد الرقي والتقدم فإن هذا لايمكن أن يتحقق إلا بتحقيق الدين والأخذ يالأسباب الدنيوية, وهما أمران متلازمان لابد منهما في حقها, وحينها: فليس التخلف الذي يلمز به هؤلاء العلمانيون بلاد الإسلام سببه أنهم لم يقروا الاختلاط أو غير ذلك من الشماعات التي يعلق عليها, ومع هذا فأمة الإسلام لا تبغي رقياً علمياً تقنياً خلياً عن الدين, بل تريد أن تحقق ذلك مع التمسك بتعاليم الدين وشعائره, وذاك مقدور يدل له النجاحات التي حققها بعض أبناء المسلمين تقنياً ومعرفياً مع تمسكهم بتعاليم دينهم, بل لم تزل أمة الإسلام أرفع الأمم في المعرفة الدنيوية يوم كانت عزيزة مع تمسكها بدينها, فهل نعي هذه القضية؟
المسلمة السابعة: أن سنة الله أن الخير والشر لابد أن يبقيان, ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض,فيريد أن تبقى المداولة ليتمايز الصادقون من المنافقين, وحينها فما يقع ما هو إلا بتدبير الحكيم, ومع هذا فقد قرر العلماء أن الله لا يقدر شراً محضاً, وكم في المحن من منح ورب أمرٍ ظنه الناس شراً فتبين عن خير, وعسى أن تكرهوا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً,
إستبانة سبيل المنافقين, سقوط زيف التغني بالوطنية عندهم, تآزر العامة مع علمائهم, تحرك الكثير من أهل الصلاح للاحتساب ضد المنكر الذي كان سبب المشكلة وهو الاختلاط, كلها أمور خير, ويكفي أنها من الله, ولن يأتي من الله إلا الخير, ومع كل هذا فالظن بولاة أمرنا أنهم سيكون لهم الدور في إعزاز العلماء وإزالة كل منكر, والمنتظر من العامة التواصي بالتواصل والاحتساب وحمل المسؤلية وإيصال الصوت, ليحصل للبلاد التقدم الدنيوي بعدما حصل لها التقدم الديني .
للشيخ منصور الصقعوب حفظه الله .
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد فاتقوا الله أيها المؤمنون]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)
روى ابن ماجه وغيره عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
( سيأتي على الناس سنوات خداعات . يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق . ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين . وينطق فيها الرويبضة ( قيل وما الرويبضة . قال الرجل التافه ) في أمر العامة )وفي لفظ عند أحمد"الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ"
معشر الكرام: ومن تأمل زماننا ونظر في كثير من صحفنا واستمع لبعض منابر إعلامنا علم أنه ربما لم تنطق الرويبضة كما نطقت اليوم, فالصحف من أوسع أبوابها تفتح للرويبضة الذين لا يعرفون من الدين إلا رسوماً وأطلالاً, فيتكلمون في أعضل مسائله ويخوضون في صميمه ليخبطوا في الدين خبطاُ
وباتت الرويبضة بات أهل العلمنة ومن يبغضون الدين ويتمنون إزالة جلّ معالمه يستغلون كل فرصة وحدث لينخروا في مسلمات الدين ويبثوا الشبهات في قلوب عامة المسلمين وليتهموا أهل العلم ومن تمسك بالدين, وأضحت صفات المنافقين تبين من كلامهم وفعالهم.
وحين تريد أن تعرف حقيقتهم فلن تتكلف عناءً فها هي جل صحفنا وللإسف تنشر باطلهم وتبرز غثائهم حتى غدت كثير من الصحف التي ينبغي أن يكون دورها توعية المجتمع غدت حاملة لواء تغريب المجتمع, ولم تعد أقوال هؤلاء خافية على أحد بل وتجاوزت جرأتهم المعتادة حتى طالت العلماء والمؤسسات الدينية الرسمية, فما معنى أن يقول أحدهم عن هيئة كبار العلماء أنها هيئة كبار المشاغبين, وهذا ما قيل أمام الملأ وما قيل في منتدياتهم أمر أشنع من أن يذكر, ولم يخفى على أحد تلك الهجمة المنظمة التي شنوها على بعض العلماء لأجل بيانه حكم الشرع في الاختلاط ففي خلال يومين تنشر الصحف تسعة عشر مقالاً ضد ذلك الشيخ, حوت مثل هذه العبارات التالية: الدعوات المحمّلة بغبار تورا بورا, "الفتنةُ تبدأ هكذا, الفقه الطالباني , هذه الفتاوى تشجع على الإرهاب, السكوت عن هذه الفتاوى هو سكوت على فيروس أخطر من أنفلونزا الخنازير , ألى غير ذلك من العبارات, في قصد ظاهر لتأليب العامة وولاة الأمر على أنصح الناس وهم العلماء, وهذا بعض ما صرحوا به وما تخفي صدورهم أكبر, ولسنا بحاجة للاستطراد في ذكر ضلالهم
إننا وفي خضم هذه الأحداث لابد أن نذكّر بعدة مسلمات ينبغي أن ننطلق منها:
الأولى: إن إهمال الألفاظ الشرعية والمصطلحات القرآنية من شأنه أن يغيب الحقيقة عن كثير من الناس, وحين يتسمى البعض اليوم من أصحاب هذه الأهواء بالعلمانيين أو الليبراليين فإنهم بذلك يغطون التسمية القرآنية لأمثالهم, وهو اسم المنافقين, إن القرآن ورد فيه مئاتُ الآيات عن المنافقين بل ورد عنهم أكثر مما ورد في الكفار, والذي يظن أن النفاق انتهى بابن أبي وأضرابه ممن كانوا في زمن النبوة فهو مخطيء, بل العلمانيون كما قال كبار علمائنا هم المنافقون اليوم, وهذه الحقيقة وإن كبرت على البعض, وليس بالضرورة أن يكون أفرادهم منافقين خُلصاً وإنما فيهم سمات المنافقين ويعملون عملهم, ونظرة في صفات المنافقين في القرآن تبين لك حقيقة الأمر, ولأجل ذلك فلابد من الحذر من هؤلاء الذين قد يتلونون وقد يظهرون النصح للأمة وهم أبعد الناس عن ذلك (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون..), ومع هذا فقد يستمع البعض لهم وقد يبهره لحن قولهم, وقد ينطلي عليه زيفهم, وذاك ما أخبر عنه المولى (وفيكم سماعون لهم)(وإن يقولوا تسمع لقولهم)
المسلمة الثانية: إذا كان فكر الغلو خطراً على المجتمع, فإن الفكر العلماني لا يقل خطورة بل هو أشد, إذ هو أطول مدة ولا يظهر بخلاف صاحب الفكر الغالي, بل إن من أسباب نشوء الغلو الذي لا يقرّ وجود مثل هذه الطروحات التي تريد أن تقصي الدين وتجعله في أضيق الحدود, ولئن كانت البلاد وولاة أمرنا سعوا للقضاء على فكر الغلو والإفراط فإن المؤمل من ولاة أمرنا حفظهم الله أن يتصدوا لأصحاب فكر التفريط والفساد, الذين يريدون لأمة الإسلام أن تكون تابعة للغرب, الذين يريدون أن تكون بلاد الحرمين كضاحية من ضواحي أوربا كما نطقوا بذلك, الذين يريدون أن يقضوا على مظاهر التمسك بالدين والتي هي مصدر عز البلاد ورفعتها,
المسلمة الثالثة: إن من سمات أصحاب الفكر العلماني إن صحت التسمية أنه ينتهز الفرص لهز الثوابت, وما قضية الهجمة على الهيئات لأجل حدث واحد وعلى تعليم البنات لأجل حدث عابر إلا نموذج, إننا نعتقد أن فتوى شيخ أو عضو من هيئة كبار العلماء ليست هي السبب في كل هذه المعركة ضده، بل هي الوسيلة لحرب أكبر لا علاقة له فيها البتة غير انتمائه لتيار يكرهه أولئك بصورة لا مثيل لها...
فكل علماء المملكة يقولون بحرمة الاختلاط، وكل من تولى الإفتاء في هذه البلاد يقول بحرمة الاختلاط، وهم يعرفون أن مثل هذه الآراء ليست بجديدة ولا شاذة، وإنما هذه الحملة التي رفعت لوائها الصحف هي لأجل! أن «المشائخ» كانوا وراء كل القيود التي عانوا منها
عشرات السنين، وأنهم - أي المشائخ - حاربوا أهواءهم وبشدة. ولم يكن ثمة فرصة أفضل من هذه, ليكيلوا التهم لعلماء البلاد ومن ينصح لولاة أمرها, عن طريق إسقاط المشائخ وفتاواهم التي تغيظهم، وفي سبيل هذا فلا مانع من القول بأن هذا الشيخ أو ذاك يعمل ضد أهداف البلاد! ولأن الإرهاب عدو الجميع فما المانع من إلصاق تهمة الإرهاب أو التحريض, وباتت ثمة تهم معلبة جاهزة ضد كل من يقف في وجوههم, دعم الإرهاب, نشر الفكر الغالي, تحريض العامة ضد ولاة الأمر, تمرد على النظام, وهكذا, وفي سبيل هذا فلا مانع عندهم من إطلاق التهم بالباطل ولا بأس عندهم بالكذب, لقد كتب أحدهم في إحدى الصحف حادثة وقعت له مع هيئة الأمر بالمعروف وأساء إلى الهيئة بتلك القصة المكذوبة, فتتايع البعض على لمز الهيئة بذلك, يقول لي أحد معارفه قلت له أسألك بالله هل حدث ما ذكرت, فقال: إن كان لم يقع فقد يقع في الأيام القادمة, فانظر إلى الإفتراء.
وإننا اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى أن نؤكد على ثوابتنا, وإلى أن نعرف الناصح من الذي يبغي نشر الشر في المجتمع, وإلى أن نحتسب الأجر ونحمي الفكر بمقاطعة الصحف المشبوهة, التي شهد ولاة أمرنا عليها أمام الملأ بأن لها توجهات سيئة, ونوايا ضد العقيدة والوطن , والتي وإن تسمت باسماء الوطن إلا أنها أبعد ما تكون عن حب التقدم والخير للوطن .
المسلمة الرابعة: إن من المقرر شرعاً وواقعاً أن أنصح الناس للأمة عامةً وولاةً هم العلماء الذين أخذوا الكتاب والسنة وفهموهما, ولا يمكن لمن له أدنى عقل أن يشك في نصحهم وولائهم لدينهم ولولاة أمرهم, ولا ينقضي العجب ممن يريد أن يوهم الناس بأن النكرات الذين رضعوا من الغرب وامتلأت قلوبهم حباً له وبغضاً لعلمائهم والذين بدأوا يدعون للتحرر من قيود الدين كما يقولون, أن يكون هؤلاء هم الناصحون الحريصون على البلاد الذين يريدون لأمة الإسلام الرقي والنصرة, في حين أن العلماء هم الذين يريدون الشر بالبلاد بقصد أو بغير قصد, تلمس هذا الأمر من مقالات هؤلاء الكتاب الذين يتمسحون بالوطنية ويلمزون من عارض أفكارهم بعداءه للوطن والوطنية, الذين يظهرون أنفسهم في صورة أنصار التقدم وللبلاد, ويظهرون كل عالم ومحتسب يقف في وجوههم بأنه عدو للتقدم, يريد أن يعود بالبلاد إلى عصور الانحطاط, وإذا كان توقير العلماء مطلب شرعي فكيف يتحقق وهم يلمزون بقلة الفهم و سطحية التفكير من قبل هؤلاء, وإذا كنا ننادي برجوع الشباب للعلماء لئلا تنحرف أفكارهم فماذا أبقى هؤلاء للعلماء من مكانة, ومع كل هذا فلا زال العلماء لهم في قلوب كثير من العامة أرفع المنازل, ولا ينبغي أن تؤثر في النفوس كتابات مغرضة واتهامات جزاف
المسلمة الخامسة: والأمر بالمعروف شريعة أمر بها رب العالمين, وبيان الحق للناس أمانة أنيطت في رقاب العلماء, ولا يلام المرء أبداً حين ينكر, وقد يكون الإنكار علناً وقد يكون من المصلحة أن يكون سراً وذاك راجع لنظر العالم وانتشار المنكر, وحينها: فكيف يلام من أنكر منكراً ودعى لفضيلة, إن من المنتظر من كافة العلماء وطلبة العلم بل الجميع أن يكون لهم دورٌ في إنكار كل منكر يطرأ على البلاد عبر الوسائل المشروعة, وذاك من أعظم النصح للأمة ولولاة الأمر, والذي نادى به ولاة أمرنا حفظهم الله, وهو من حقهم علينا.
الخطبة الثانية: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد عباد الله
المسلمة السادسة: .(أننا حين نسعى للتطور والرقي فلا بد أن نعلم أن التطور الدنيوي له سنن ربانية في الكون لا علاقة لها بالدين نفياً أو إثباتاً، فمن أخذ بهذه السنن الربانية الكونية من الأفراد والدول والأمم كسبوا الغنى والتقدم والعمران ولو كانوا ملاحدة، أو وثنيين أو منحلين، ومن لم يأخذ بها من الأفراد والدول والأمم فلن ينالوا شيئاً ولو أحيوا الليل بالصلاة والدعاء، وصاموا الدهر كله؛ ذلك أن قانون الله تعالى وسنته الماضية في عباده أنه سبحانه يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب كما جاء في الحديث، لكن هذا العطاء يكون وفق هذه السنن الكونية، و من الجهل والخطأ الزعم بأن سبب تخلف المسلمين هو تمسكهم بدينهم، أو أن سبب تقدم الغرب هو تخليهم عن الدين إلى العلمانية كما يريد العلمانيون تمرير هذا المفهوم المغالط على الناس بالتدليس والتحريف والكذب والإضلال) من مقال الشيخ ابراهيم الحقيل بتصرف، بل نقول إن أمة الإسلام حين تريد الرقي والتقدم فإن هذا لايمكن أن يتحقق إلا بتحقيق الدين والأخذ يالأسباب الدنيوية, وهما أمران متلازمان لابد منهما في حقها, وحينها: فليس التخلف الذي يلمز به هؤلاء العلمانيون بلاد الإسلام سببه أنهم لم يقروا الاختلاط أو غير ذلك من الشماعات التي يعلق عليها, ومع هذا فأمة الإسلام لا تبغي رقياً علمياً تقنياً خلياً عن الدين, بل تريد أن تحقق ذلك مع التمسك بتعاليم الدين وشعائره, وذاك مقدور يدل له النجاحات التي حققها بعض أبناء المسلمين تقنياً ومعرفياً مع تمسكهم بتعاليم دينهم, بل لم تزل أمة الإسلام أرفع الأمم في المعرفة الدنيوية يوم كانت عزيزة مع تمسكها بدينها, فهل نعي هذه القضية؟
المسلمة السابعة: أن سنة الله أن الخير والشر لابد أن يبقيان, ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض,فيريد أن تبقى المداولة ليتمايز الصادقون من المنافقين, وحينها فما يقع ما هو إلا بتدبير الحكيم, ومع هذا فقد قرر العلماء أن الله لا يقدر شراً محضاً, وكم في المحن من منح ورب أمرٍ ظنه الناس شراً فتبين عن خير, وعسى أن تكرهوا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً,
إستبانة سبيل المنافقين, سقوط زيف التغني بالوطنية عندهم, تآزر العامة مع علمائهم, تحرك الكثير من أهل الصلاح للاحتساب ضد المنكر الذي كان سبب المشكلة وهو الاختلاط, كلها أمور خير, ويكفي أنها من الله, ولن يأتي من الله إلا الخير, ومع كل هذا فالظن بولاة أمرنا أنهم سيكون لهم الدور في إعزاز العلماء وإزالة كل منكر, والمنتظر من العامة التواصي بالتواصل والاحتساب وحمل المسؤلية وإيصال الصوت, ليحصل للبلاد التقدم الدنيوي بعدما حصل لها التقدم الديني .