محب الدعوة
04-19-2011, 04:18 AM
الدولة الصفوية بين الماضي والحاضر ( للشيخ منصور القعوب )
الخطبة الأولى 28/4/1432هـ
معاشر المسلمين، (التاريخ نذير قوم لا يغفل، وشاهد حق لا يكذب، وعبرة لمن تذكر وادَّكر. من تأمل التاريخ استنار قلبه، ورشد عقلة، وحسن رأيه، وعاش عصره بتجارب غيره, ومن حوى التاريخ في صدره أضاف أعمارًا إلى عمره) من خطبة العجلان
ونحن في هذه الحقبة أحوج ما نكون إلى الرجوع قليلاً إلى التاريخ لأن الأحداث تتشابه والوقائع تتكرر.
حينما ظهر على السطح قضية الرافضة ومخططاتهم وأطماعهم, ورأى الجميع وسمعوا عما حدث في البحرين بات اسمٌ يتردد على الأسماع وربما لم يعرف البعض بل الكثير معناه وأصله, إنه اسم الصفويين, فمن هم الصفويون.
إن هذا المصطلح أيها الكرام يعود إلى الدولة الصفوية, وهي أول دولة شيعية اثنا عشرية, وقد قامت في إيران ثم في العراق عام (907هـ إلى عام 1148هـ) بعدما مكثت قرابة 250 سنة
قامت دولة الصفويّين في وقت كان للإسلام فيه صولة وعزّ وتمكين، وكانت دول وممالك أوربا تحسب للإسلام ألف حساب، وكانت بلاد المسلمين عامة تحكم من قبل الخلافة العثمانية التي أو غلت في أوربا ناشرة الإسلام, قامت الدولة الصفويّة وكان قيامها في إيران على يد مؤسّسها إسماعيلَ بن حيدر الصفوي، والذي أقام دولته بعد عدة ثورات ومعارك قام بها، انتهت باستيلاءه على إيران، وكانت هذه الدولة الصفوية قبل تمكنها ترفع شعار الإسلام ورفعِ الظلم عن المضطهدين، ولما تهيأ الملك لهم تغيرت الأمور وأعلنوا مذهب الرافضة مذهباً عاماً للبلاد ، وكان الرافضة في ذلك الحين لا يشكّلون عُشرَ أهل إيران.
ومذهب الدولة الصفوية هو مذهب الرافضة الاثني عشرية, مذهبٌ ظاهره محبة آل بيت النبي < وموالاتُهم، وحقيقته وباطنه الطعن في أصحاب النبي وتكفيرُهم والقول بعصمة الأئمة والغلوُ فيهم إلى درجة صرف العبادة لهم والزعم بأن القرآن ناقص, إلى غير ذلك مما هو معروف من عقائدهم, ومن لم يؤمن بعقيدتهم الإماميّة فهو من النواصِب، والنواصب عندهم كفار.
جاء الصفويّون بمذهب الرافضة، وأحيوا شعائره التي كادت أن تندثر، وأحدثوا فيه طقوساً أخرى لم يعرفها أسلافهم؛ حتى أصبحت تلك الأفكار الصفويّة من مسلَّمات مذهب رافضة اليوم, فمما ابتدعه الصفويون في مذهبهم بعد الشهادة بأن محمدا رسول الله الشهادةُ بأن عليًّا ولي الله، وهذه بدعة أحدثها بعض الرافضة لكنها اختفت لاستنكار علماء الرافضة أنفسهم على من أحدثها، ثم أحياها الصفويون، ويعمل بها إلى هذا اليوم عندهم, وأحيا الصفويّون السجود على التربة الحسينية، وأحدثوا ما يسمى بالمواكب الحسينية في عاشوراء، وأحدثوا دفن الأموات في النجف، وأحدثوا ما يسمى بالحج إلى مراقد الأئمة وطلاء أضرحتهم بالذهب والفضة، بل وعظموا قبر أبي لؤلؤة المجوسي الذي قتل الفاروق ط، وجعلوا من ضريحه مزارًا إلى يومنا هذا، هذا مع تعصبهم للعرق الفارسي واحتقارهم للجنس العربي.
واستولى الصفويون على إيران, ثم زحفوا إلى العراق واستولوا عليها بمؤامرة وخيانة من أحد القواد هناك, وعاثوا في الدولتين قتلاً وتنكيلاً, وأعمل الصفوي سيفه في مدن السنة، لا يفرق بين صغير وكبير ولا بين رجل وامرأة، وكان يستقصد العلماء والعباد بالقتل والتنكيل، وارتكب في ذلك مجازر مروعة ومشاهد فظيعة من قتل وتمثيل وحرق وهدم للمساجد، وكان يمتحن العامة بسب الخلفاء الثلاثة، وأمر أن يعلن السب في الشوارع والأسواق وعلى المنابر، وحصل للمسلمين من البلاء في أنفسهم ودينهم ما لا يعلمه إلا الله، حتى ذكرت بعض مصادر الشيعة التاريخية أنه قتل في تلك الحقبة أكثرُ من مليون مسلم سني, وكان الناس يجبرون على اعتناق مذهب الشيعة الإمامية، ومن لم يستجِب للدعوة فمصيره القتل والتحريق, يقول أحد مؤرخي الشيعة عن إسماعيل هذا: "كان قاسيًا متعطِّشًا للدماء إلى حد لا يكاد يوصف" اهـ. وهذا الدماء التي كان يتعطش إليها لم تكن دماء اليهود ولا النصاري، بل دماء أهل السنة والجماعة.
وهذا الأذى والقتل لأهل السنة كان يقابله لِين وتودد مع النصارى وغيرهم، يقول أحد مؤرخي الشيعة "ولم يكن الشاه عباس فظًا على غير أهل السنة من دون أتباع سائر المذاهب، أما مع النصارى فقد كان لينًا مقرَّبًا لهم، حتى إنه أمر أهل دولته بإكرامهم أينما حلوا، وفتح لتجار النصارى الموانئ التجارية، وأوصى أن لا تؤخذ منهم رسومٌ على بضائعهم".
وفي تلك الأثناء كان العثمانيون مشغولون بالفتوحات في أوربا, فوصلت أخبار المذابح العظيمة لأهل السنة إليهم، فاجتمع السلطان العثمانيّ برجال دولته وعلمائِها، وقرّروا أن الدّولة الصفوية تمثّل خطرًا على العالم الإسلامي، وأن على السلطانِ جهادُها وإيقافُ ظلمها وتنكيلِها بالمسلمين، فرجع السلطان العثماني وحصل القتال بينه وبين جيوش الصفويين فهُزم الصفويون هزيمةً نكراء، وقُتل أكثرُ جندِهم، وقضي على حكمهم في العراق, وحينها كاتب الصفوي قائد الصليبين يطلب نجدتَه على أن يعطيَهم مضيقَ هرمز وفلسطين، فكتب له قائد الصليبيّين رسالة قال له فيها: "إني أقدّر لك احترامك للمسيحيّين في بلادك، وأعرض عليك الأسطول والجندَ والأسلحة لاستخدامها ضدّ قلاع الترك في الهند، وإذا أردتَ أن تنقضَّ على بلاد العرب أو تهاجِم مكّة فستجدُني بجانبك في البحر الأحمر، أمام جدّة أو في عدن أو في البحرين أو القطيف أو البصرة " ويمكرون ويمكر الله, فكم من أمرٍ خطط له أعداء الملة ويحول الله دونه ويحفظ أهل ملته, فقد فشل مخططهم, وظل العثمانيون يتتبَّعونهم سلطانا بعد سلطان حتى بعد هلاك الصفويّ إسماعيل وتولِّي أبنائِه من بعده، حتى قضي على دولتهم نهائيا في عام (1148هـ) بعد قرنين ونصف من الظلم والعسف.
والحقيقة أن تلك الدولة الصفوية الرافضية أثرت على المسلمين أمرين مهمين:
أولهما: إعاقة الفتوحات الإسلامية في أوروبا، يقول أحد السياسيين الأوروبيين في ذلك الزمن: "إن ظهور الصفويين قد حال بيننا وبين التهلكة"، ويقول أحد المستشرقين: "لولا الصفويون في إيران لكنا اليوم في فرنسا وبلجيكا وأوروبا نقرأ القرآن كالجزائريين".
والأمر الآخر: أن التحالفات التي عقدوها مع الدول الأوروبية والتسهيلات التي منحوها لهم شكلت بداية عهد الاستعمار والوجود الأوروبي في بلاد المسلمين.
معشر الكرام: وانتهت تلك الدولة الصفوية, ولكن هل انتهت الأمور على هذا؟ نشير إلى هذا في الخطبة الثانية إن شاء الله, وأقول ما سمعتم وأستغفر الله
الخطبة الثانية:
عباد الله لئن سقطت تلك الدولة الصفوية إلا أن العقود الأخيرة شكلت دولة صفوية جديدة في إيران تتبنى المذهب الرافضي وتنافح وتسعى لنشره, وباتت هذه الدولة اليوم لها أطماع وتوسع, ففي إيران على سبيل المثال كان الشيعة قبل الصفويين نسبتهم تقدر بـ(10%)، وأصبحت اليوم (65%) والسنة على كونهم (35%)، فلا قيمة لهم في إيران، بل إن النصارى والأرمن واليهود والبهائيين وغيرهم والذين مجموع نسبتهم (2%) لهم من الحرية في العبادة والعمل داخل إيران أضعاف ما للسنة, وكم عانى أهل السنة في إيران من الأذى, ففي إيران عرب سنة عددهم يتجاوز خمسة عشر مليوناً, منعوا هناك من الكلام والدراسة والتسمي بالعربية, وقُتل علمائهم وهجر بعضهم وأوذوا الأذى البليغ, ولم يكن التوسع في إيران وحدها, بل إن الرافضة لهم أطماع في بلدان إسلامية كثيرة, ففي أندونيسيا وفي شرق أفريقيا وفي السودان والسنغال, وفي البوسنة والفلبين وفي مصر وغيرها, وكان لهم دراسة تبنتها الحكومة الإيرانية تسعى لتشييع منطقة شرق إفريقيا خلال 20 سنة, يسلكون للدعوة إلى التشيع عبر بوابة التعليم بإنشاء المدارس وتوفير البعثات, وعبر الإعلام بإقامة القنوات وإنشاء الصحف وتوزيع الكتب وغير ذلك, مما كان له الأثر في عدد من بلدان شرق آسيا وأفريقيا, وأما أيديهم في سوريا وتضامنهم مع الحكومة هناك, الأمر الذي تبعه دعم حزب الشيطان الرافضي في لبنان فليست بخافية, وأما في العراق فكان لهم الدور الكبير في التآمر مع النصارى للقضاء على الحكم الذي كبت الرافضة, وبعد ذلك سُلّموا زمام الأمور وهم اليوم من يحكم البلاد, ودورهم في إيذاء أهل السنة وتمكين المجال لإخوانهم في الملّة معلوم , ولم تكن دول الخليج بعيدةً عن التخطيط بل هي الهدف الأول للرافضة, ولذا سعوا للتواجد فيها, والتكاثر والتوالد, حتى تغيرت النسبة لصالحهم في بعض الأقاليم بعدما كانوا فيها أقلية, بل وسعوا لتسنم المناصب, والكيد والتجسس, وجاءت أحداث البحرين لتكشف القناع عن وجه كالح وحقد سافر من هؤلاء الرافضة على كل سني, وأن ولائهم لغيرك, وإن سكنوا ديارك واستمتعوا بخيرات بلدك, وتجنسوا بجنسيتك.
ولطالما خدع مسئولوهم العامة بعبارات الوحدة الوطنية وألهبوا المشاعر بالكلمات النارية ضد إسرائيل وأمريكا في العلن ثم هم في الخفاء يعلنون ولائهم ومؤاخاتهم للنصارى.
عباد الله: ومع كل هذه الجهود فنحن نؤمل في الله خيراً أن يخيب تلك المساعي, ويرد كيد الكائد ويحفظ أهل السنة, ومع هذا فنحن بحاجة اليوم إلى الوعي والتحصين تجاه جهود الشانئين ومخططات المبتدعين, وإلى التذاكر كيف نحمي عقيدتنا وبلادنا من هذا المكر الكبار والتخطيط المدار من وراء الستار, والمجتمع اليوم برجاله ونسائه وأبنائه وبناته؛ بحاجة إلى التعرف على حقيقة هؤلاء الرافضة عن أصولهم ومعتقدهم وعن سابق تاريخهم, وإلى التنبه لمخططاتهم, والمفكرون والمثقفون لهم دورٌ في توجيه الناس في هذا الأمر, والمسؤلون لهم دور في الوعي تجاه هذه الجهود في بلادنا وخارجها, وعلى الجميع الدور في نشر المعتقد السني, وكشف الشبهات ورد الأباطيل والمضلاّت, والحفاظ على رأس المال من أهل السنة في سائر الأقطار, لا سيما في البلاد التي يقلّ فيها العلم ويكثر الفقر, ويكون أهلها هدفاً لكل صاحب نحلة لينشر باطله فيهم, ونحن أولى بالمبادرة للدعوة لتصحيح العقيدةو بل هو واجبنا حتى لا نقول غداً كان في ذلك البلد سنة وأصبح اليوم من أقطار الرافضة.
الخطبة الأولى 28/4/1432هـ
معاشر المسلمين، (التاريخ نذير قوم لا يغفل، وشاهد حق لا يكذب، وعبرة لمن تذكر وادَّكر. من تأمل التاريخ استنار قلبه، ورشد عقلة، وحسن رأيه، وعاش عصره بتجارب غيره, ومن حوى التاريخ في صدره أضاف أعمارًا إلى عمره) من خطبة العجلان
ونحن في هذه الحقبة أحوج ما نكون إلى الرجوع قليلاً إلى التاريخ لأن الأحداث تتشابه والوقائع تتكرر.
حينما ظهر على السطح قضية الرافضة ومخططاتهم وأطماعهم, ورأى الجميع وسمعوا عما حدث في البحرين بات اسمٌ يتردد على الأسماع وربما لم يعرف البعض بل الكثير معناه وأصله, إنه اسم الصفويين, فمن هم الصفويون.
إن هذا المصطلح أيها الكرام يعود إلى الدولة الصفوية, وهي أول دولة شيعية اثنا عشرية, وقد قامت في إيران ثم في العراق عام (907هـ إلى عام 1148هـ) بعدما مكثت قرابة 250 سنة
قامت دولة الصفويّين في وقت كان للإسلام فيه صولة وعزّ وتمكين، وكانت دول وممالك أوربا تحسب للإسلام ألف حساب، وكانت بلاد المسلمين عامة تحكم من قبل الخلافة العثمانية التي أو غلت في أوربا ناشرة الإسلام, قامت الدولة الصفويّة وكان قيامها في إيران على يد مؤسّسها إسماعيلَ بن حيدر الصفوي، والذي أقام دولته بعد عدة ثورات ومعارك قام بها، انتهت باستيلاءه على إيران، وكانت هذه الدولة الصفوية قبل تمكنها ترفع شعار الإسلام ورفعِ الظلم عن المضطهدين، ولما تهيأ الملك لهم تغيرت الأمور وأعلنوا مذهب الرافضة مذهباً عاماً للبلاد ، وكان الرافضة في ذلك الحين لا يشكّلون عُشرَ أهل إيران.
ومذهب الدولة الصفوية هو مذهب الرافضة الاثني عشرية, مذهبٌ ظاهره محبة آل بيت النبي < وموالاتُهم، وحقيقته وباطنه الطعن في أصحاب النبي وتكفيرُهم والقول بعصمة الأئمة والغلوُ فيهم إلى درجة صرف العبادة لهم والزعم بأن القرآن ناقص, إلى غير ذلك مما هو معروف من عقائدهم, ومن لم يؤمن بعقيدتهم الإماميّة فهو من النواصِب، والنواصب عندهم كفار.
جاء الصفويّون بمذهب الرافضة، وأحيوا شعائره التي كادت أن تندثر، وأحدثوا فيه طقوساً أخرى لم يعرفها أسلافهم؛ حتى أصبحت تلك الأفكار الصفويّة من مسلَّمات مذهب رافضة اليوم, فمما ابتدعه الصفويون في مذهبهم بعد الشهادة بأن محمدا رسول الله الشهادةُ بأن عليًّا ولي الله، وهذه بدعة أحدثها بعض الرافضة لكنها اختفت لاستنكار علماء الرافضة أنفسهم على من أحدثها، ثم أحياها الصفويون، ويعمل بها إلى هذا اليوم عندهم, وأحيا الصفويّون السجود على التربة الحسينية، وأحدثوا ما يسمى بالمواكب الحسينية في عاشوراء، وأحدثوا دفن الأموات في النجف، وأحدثوا ما يسمى بالحج إلى مراقد الأئمة وطلاء أضرحتهم بالذهب والفضة، بل وعظموا قبر أبي لؤلؤة المجوسي الذي قتل الفاروق ط، وجعلوا من ضريحه مزارًا إلى يومنا هذا، هذا مع تعصبهم للعرق الفارسي واحتقارهم للجنس العربي.
واستولى الصفويون على إيران, ثم زحفوا إلى العراق واستولوا عليها بمؤامرة وخيانة من أحد القواد هناك, وعاثوا في الدولتين قتلاً وتنكيلاً, وأعمل الصفوي سيفه في مدن السنة، لا يفرق بين صغير وكبير ولا بين رجل وامرأة، وكان يستقصد العلماء والعباد بالقتل والتنكيل، وارتكب في ذلك مجازر مروعة ومشاهد فظيعة من قتل وتمثيل وحرق وهدم للمساجد، وكان يمتحن العامة بسب الخلفاء الثلاثة، وأمر أن يعلن السب في الشوارع والأسواق وعلى المنابر، وحصل للمسلمين من البلاء في أنفسهم ودينهم ما لا يعلمه إلا الله، حتى ذكرت بعض مصادر الشيعة التاريخية أنه قتل في تلك الحقبة أكثرُ من مليون مسلم سني, وكان الناس يجبرون على اعتناق مذهب الشيعة الإمامية، ومن لم يستجِب للدعوة فمصيره القتل والتحريق, يقول أحد مؤرخي الشيعة عن إسماعيل هذا: "كان قاسيًا متعطِّشًا للدماء إلى حد لا يكاد يوصف" اهـ. وهذا الدماء التي كان يتعطش إليها لم تكن دماء اليهود ولا النصاري، بل دماء أهل السنة والجماعة.
وهذا الأذى والقتل لأهل السنة كان يقابله لِين وتودد مع النصارى وغيرهم، يقول أحد مؤرخي الشيعة "ولم يكن الشاه عباس فظًا على غير أهل السنة من دون أتباع سائر المذاهب، أما مع النصارى فقد كان لينًا مقرَّبًا لهم، حتى إنه أمر أهل دولته بإكرامهم أينما حلوا، وفتح لتجار النصارى الموانئ التجارية، وأوصى أن لا تؤخذ منهم رسومٌ على بضائعهم".
وفي تلك الأثناء كان العثمانيون مشغولون بالفتوحات في أوربا, فوصلت أخبار المذابح العظيمة لأهل السنة إليهم، فاجتمع السلطان العثمانيّ برجال دولته وعلمائِها، وقرّروا أن الدّولة الصفوية تمثّل خطرًا على العالم الإسلامي، وأن على السلطانِ جهادُها وإيقافُ ظلمها وتنكيلِها بالمسلمين، فرجع السلطان العثماني وحصل القتال بينه وبين جيوش الصفويين فهُزم الصفويون هزيمةً نكراء، وقُتل أكثرُ جندِهم، وقضي على حكمهم في العراق, وحينها كاتب الصفوي قائد الصليبين يطلب نجدتَه على أن يعطيَهم مضيقَ هرمز وفلسطين، فكتب له قائد الصليبيّين رسالة قال له فيها: "إني أقدّر لك احترامك للمسيحيّين في بلادك، وأعرض عليك الأسطول والجندَ والأسلحة لاستخدامها ضدّ قلاع الترك في الهند، وإذا أردتَ أن تنقضَّ على بلاد العرب أو تهاجِم مكّة فستجدُني بجانبك في البحر الأحمر، أمام جدّة أو في عدن أو في البحرين أو القطيف أو البصرة " ويمكرون ويمكر الله, فكم من أمرٍ خطط له أعداء الملة ويحول الله دونه ويحفظ أهل ملته, فقد فشل مخططهم, وظل العثمانيون يتتبَّعونهم سلطانا بعد سلطان حتى بعد هلاك الصفويّ إسماعيل وتولِّي أبنائِه من بعده، حتى قضي على دولتهم نهائيا في عام (1148هـ) بعد قرنين ونصف من الظلم والعسف.
والحقيقة أن تلك الدولة الصفوية الرافضية أثرت على المسلمين أمرين مهمين:
أولهما: إعاقة الفتوحات الإسلامية في أوروبا، يقول أحد السياسيين الأوروبيين في ذلك الزمن: "إن ظهور الصفويين قد حال بيننا وبين التهلكة"، ويقول أحد المستشرقين: "لولا الصفويون في إيران لكنا اليوم في فرنسا وبلجيكا وأوروبا نقرأ القرآن كالجزائريين".
والأمر الآخر: أن التحالفات التي عقدوها مع الدول الأوروبية والتسهيلات التي منحوها لهم شكلت بداية عهد الاستعمار والوجود الأوروبي في بلاد المسلمين.
معشر الكرام: وانتهت تلك الدولة الصفوية, ولكن هل انتهت الأمور على هذا؟ نشير إلى هذا في الخطبة الثانية إن شاء الله, وأقول ما سمعتم وأستغفر الله
الخطبة الثانية:
عباد الله لئن سقطت تلك الدولة الصفوية إلا أن العقود الأخيرة شكلت دولة صفوية جديدة في إيران تتبنى المذهب الرافضي وتنافح وتسعى لنشره, وباتت هذه الدولة اليوم لها أطماع وتوسع, ففي إيران على سبيل المثال كان الشيعة قبل الصفويين نسبتهم تقدر بـ(10%)، وأصبحت اليوم (65%) والسنة على كونهم (35%)، فلا قيمة لهم في إيران، بل إن النصارى والأرمن واليهود والبهائيين وغيرهم والذين مجموع نسبتهم (2%) لهم من الحرية في العبادة والعمل داخل إيران أضعاف ما للسنة, وكم عانى أهل السنة في إيران من الأذى, ففي إيران عرب سنة عددهم يتجاوز خمسة عشر مليوناً, منعوا هناك من الكلام والدراسة والتسمي بالعربية, وقُتل علمائهم وهجر بعضهم وأوذوا الأذى البليغ, ولم يكن التوسع في إيران وحدها, بل إن الرافضة لهم أطماع في بلدان إسلامية كثيرة, ففي أندونيسيا وفي شرق أفريقيا وفي السودان والسنغال, وفي البوسنة والفلبين وفي مصر وغيرها, وكان لهم دراسة تبنتها الحكومة الإيرانية تسعى لتشييع منطقة شرق إفريقيا خلال 20 سنة, يسلكون للدعوة إلى التشيع عبر بوابة التعليم بإنشاء المدارس وتوفير البعثات, وعبر الإعلام بإقامة القنوات وإنشاء الصحف وتوزيع الكتب وغير ذلك, مما كان له الأثر في عدد من بلدان شرق آسيا وأفريقيا, وأما أيديهم في سوريا وتضامنهم مع الحكومة هناك, الأمر الذي تبعه دعم حزب الشيطان الرافضي في لبنان فليست بخافية, وأما في العراق فكان لهم الدور الكبير في التآمر مع النصارى للقضاء على الحكم الذي كبت الرافضة, وبعد ذلك سُلّموا زمام الأمور وهم اليوم من يحكم البلاد, ودورهم في إيذاء أهل السنة وتمكين المجال لإخوانهم في الملّة معلوم , ولم تكن دول الخليج بعيدةً عن التخطيط بل هي الهدف الأول للرافضة, ولذا سعوا للتواجد فيها, والتكاثر والتوالد, حتى تغيرت النسبة لصالحهم في بعض الأقاليم بعدما كانوا فيها أقلية, بل وسعوا لتسنم المناصب, والكيد والتجسس, وجاءت أحداث البحرين لتكشف القناع عن وجه كالح وحقد سافر من هؤلاء الرافضة على كل سني, وأن ولائهم لغيرك, وإن سكنوا ديارك واستمتعوا بخيرات بلدك, وتجنسوا بجنسيتك.
ولطالما خدع مسئولوهم العامة بعبارات الوحدة الوطنية وألهبوا المشاعر بالكلمات النارية ضد إسرائيل وأمريكا في العلن ثم هم في الخفاء يعلنون ولائهم ومؤاخاتهم للنصارى.
عباد الله: ومع كل هذه الجهود فنحن نؤمل في الله خيراً أن يخيب تلك المساعي, ويرد كيد الكائد ويحفظ أهل السنة, ومع هذا فنحن بحاجة اليوم إلى الوعي والتحصين تجاه جهود الشانئين ومخططات المبتدعين, وإلى التذاكر كيف نحمي عقيدتنا وبلادنا من هذا المكر الكبار والتخطيط المدار من وراء الستار, والمجتمع اليوم برجاله ونسائه وأبنائه وبناته؛ بحاجة إلى التعرف على حقيقة هؤلاء الرافضة عن أصولهم ومعتقدهم وعن سابق تاريخهم, وإلى التنبه لمخططاتهم, والمفكرون والمثقفون لهم دورٌ في توجيه الناس في هذا الأمر, والمسؤلون لهم دور في الوعي تجاه هذه الجهود في بلادنا وخارجها, وعلى الجميع الدور في نشر المعتقد السني, وكشف الشبهات ورد الأباطيل والمضلاّت, والحفاظ على رأس المال من أهل السنة في سائر الأقطار, لا سيما في البلاد التي يقلّ فيها العلم ويكثر الفقر, ويكون أهلها هدفاً لكل صاحب نحلة لينشر باطله فيهم, ونحن أولى بالمبادرة للدعوة لتصحيح العقيدةو بل هو واجبنا حتى لا نقول غداً كان في ذلك البلد سنة وأصبح اليوم من أقطار الرافضة.