محب الدعوة
05-19-2011, 06:06 PM
[حديث فضل التبكير إلى الجمعة رواية ودراية
إن الناظر في حال الناس يرى التقصير في أمور كثيرة مما جاء به الشرع الحنيف، ومن ذلك: تقصير الناس في التبكير لصلاة الجمعة، واستغلال هذا الوقت بالعبادات بأنواعها ؛ لكن كثيراً منهم زهدوا في هذا الأمر، وفيما أعده الله - سبحانه وتعالى - لمن بكر إلى الجمعة، فمن الأحاديث في فضل التبكير :
1- ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله { قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر"(1).
2- ومنها حديث أوس بن أوس الثقفي قال: "رأيت رسول الله { يقول: من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، فدنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها".
وهذا الحديث الأخير هو ما سوف أقوم بشرحه، وأتعرض فيه لبيان فضل التبكير للجمعة، وحال السلف الصالح مع التبكير، فما كان صواباً فمن الله، وما كان خطاءً فمني ومن الشيطان.
قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن المبارك عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس الثقفي قال: رأيت رسول الله { يقول: "من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، فدنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها".
ورواه ابن أبي شيبة، وأبو داود، وابن ماجه، وابن حبان، والطبراني، والحاكم، والبيهقي، والبغوي(2) كلهم من طريق ابن المبارك عن الأوزاعي عن حسان عن أبي الأشعث عن أوس به .
وتابع كل من أبي الأشعث الصنعاني، وحسان بن عطية، وابن المبارك جمع ليس هذا موضع ذكر ذلك.
وبعد أن أخرج الطبراني طريق عبدالرحمن بن يزيد بن جابر قال: قال ابن جابر: "فحدثت بهذا الحديث يحيى ابن الحارث الذماري فقال: أنا سمعت أبا الأشعث يحدث به، عن أوس بن أوس، عن رسول الله { قال له: بكل قدم عمل سنة صيامها وقيامها". قال ابن جابر: فحفظ يحيى ونسيت، قال الوليد: فذكرت ذلك لأبي عمرو الأوزاعي فقال: ثبت الحديث أن له بكل قدم عمل سنة .
والحديث صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وحسنه الترمذي، والبغوي، والنووي(3)، والعراقي(4)، والزبيدي(5).
وقال العقيلي في كلامه على متن هذا الحديث: "وقد روي هذا الكلام عن النبي { من غير هذا الوجه، رواه أوس بن أوس الثقفي، وغيره بإسناد صالح" (6).
وقال ابن حجر في ترجمة أوس بن أوس: "روى له أصحاب السنن الأربعة أحاديث صحيحة من رواية الشاميين عنه" (7). انتهى . وله في السنن أربعة أحاديث هذا منها.
ويشهد له حديث ابن عباس(8)، وشداد بن أوس(9)، وأنس(10)، وأبي أمامة(11)، وأبي طلحة(12).
قال السخاوي: "لا أعلم حديثاً كثير الثواب مع قلة العمل أصح من حديث من بكر وابتكر، وغسل واغتسل ودنا وأنصت كان له بكل خطوة يمشيها كفارة سنة.. الحديث، سمع ذلك شيخنا - ابن حجر - من شيخه المصنف - العراقي - وحدثنا به كذلك غير مرة"(13) .
وقال المباركفوري: "قال بعض الأئمة: لم نسمع في الشريعة حديثاً صحيحاً مشتملاً على مثل هذا الثواب"(14).
فالحديث صحيح بمجموع طرقه، والله أعلم .
المعاني والأحكام: (من غَسَّل واغْتَسل).
اختلف أهل العلم في معنى غَسَّل على أقوال لخصها ابن الأثير في النهاية(15)، وهي:
1- ذهب كثير من الناس أن "غَسَّل" أراد به المجامعة قبل الخروج إلى الصلاة، لأن ذلك يجمع غض الطرف في الطريق . ذهب إلى هذا القول وكيع، والإمام أحمد.
قال ابن رجب: وهو المنصوص عن أحمد، وحكاه عن غير واحد من التابعين، منهم: هلال بن يساف(16)، وعبدالرحمن بن الأسود، وغيرهما، روي عن عبدالرحمن بن الأسود(17) قال: "كان يعجبهم أن يواقعوا النساء يوم الجمعة ؛ لأنهم قد أمروا أن يغتسلوا وأن يغسلوا، وهو قول طائفة من الشافعية" (18). انتهى.
وقد أخرج البيهقي من طريق أبي عتبة ثنا بقية ثنا يزيد بن سنان عن بكير بن فيروز عن أبي هريرة قال قال رسول الله {: "أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل جمعة فإن له أجرين اثنين أجر غسله وأجر غسل امرأته". ثم قال البيهقي رحمه الله تعالى: "ففي روايات بقية نظر فإن صح ففيه المعنى المنقول في الخبر، وأيضاً فإنه إذا فعل ذلك كان أغض للبصر حال الرواح إلى الجمعة ففي القديم كن النساء يحضرن الجمعة.والله أعلم"(19).
2- وقيل: أراد غَسّل غيره واغتسل هو ؛ لأنه إذا جامع زوجته أحوجها إلى الغسل. هذا قول ذكره ابن خزيمة ولم ينسبه لأحد، وكذا ابن الأثير.
3- وقيل: أراد بغَسّل غَسْلَ أعضائه للوضوء، ثم يغتسل للجمعة. ذكره ابن الأثير ولم ينسبه لأحد.
4- وقيل: هما بمعنى واحد وكرره للتأكيد . قال الخطابي هو قول الأثرم صاحب الإمام أحمد.
5- لم يذكره ابن الأثير وهو: أن (غَسَّل) معناه: غَسَلَ رأسه خاصة، لأن العرب لهم لمم وشعور، وفي غسلها مؤونة، فأفردها بالذكر، (واغتسل) يعني: سائر الجسد. وهو قول : مكحول، وسعيد بن عبدالعزيز التنوخي، وابن المبارك، وأبو عبيدة، وابن حبان، والبيهقي، والنووي. وذكر الطيبي أن الإمام أحمد رجع إلى هذا القول وترك القول الأول (20).
واستدلوا بما يلي :
أ - حديث أبي هريرة عن النبي { قال: "إذا كان يوم الجمعة فاغتسل الرجل وغسل رأسه.... الحديث" رواه ابن خزيمة(21) بإسناد صحيح كما قال الألباني.
ب - حديث طاوس قال: قلت لابن عباس: ذكروا أن النبي { قال: "اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم... الحديث" رواه البخاري في صحيحه(22).
ت - ما جاء في بعض طرق هذا الحديث، وهي رواية عبادة بن نسي عن أوس الثقفي عن رسول الله { أنه قال: "من غسل رأسه واغتسل... الحديث" رواه أبو داود(23).
قال البيهقي: "لأنهم كانوا يجعلون في رؤوسهم الخمطي(24) أو غيره، فكانوا أولاً يغسلون رؤوسهم ثم يغتسلون" (25).
6- لم يذكره ابن الأثير وهو: أنه غَسَل ثيابه واغتسل لجسده . وهذا قول الغزالي، والعراقي كما ذكر الشوكاني (26).
ولعل القول الخامس هو الأكثر قوة؛ للأدلة عليه .والله أعلم .
مسألة: ما حكم غسل الجمعة ؟
اختلف أهل العلم في غسل الجمعة على ثلاثة أقوال:
الأول: أنه واجب، قال النووي: فحكي وجوبه عن طائفة من السلف حكوه عن بعض الصحابة، وبه قال أهل الظاهر.
وحكاه ابن المنذر عن أبي هريرة وعمار وغيرهما وعن مالك. وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ومالك. وحكاه ابن حزم عن عمر وجمع من الصحابة ومن بعدهم، وحكاه شارح الغنية لابن سريج قولاً للشافعي، وهو رواية في مذهب أحمد لمن تلزمه الجمعة، وهو من المفردات لكن لا يشترط لصحة الصلاة اتفاقاً (27).
واستدلوا بأدلة كثيرة منها:
1- عن ابن عمر قال: قال رسول الله {: "إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل" رواه الجماعة(28) إلا أبا داود.
2- وعن أبي سعيد أن النبي { قال: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" متفق عليه(29).
3- وعن أبي هريرة عن النبي { قال: "حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيامٍ يوماً يغسل فيه رأسه وجسده" متفق عليه(30). وغير ذلك من الأدلة.
الثاني: ذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه مستحب. قال القاضي عياض: وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه، وقد حكى الخطابي وغيره الإجماع على أن الغسل ليس شرطاً في صحة الصلاة، وأنها تصح بدونه(31).
واستدلوا بعدة أدلة منها:
1- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله {: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، واستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام". رواه مسلم وأبو داود والترمذي (32). قال ابن حجر: "إنه من أقوى ما استدل به على عدم فرضية الغسل يوم الجمعة"(33).
2- وعن سمرة } قال: قال رسول الله {: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل". رواه النسائي والترمذي وأبو داود(34).
3- قصة عمر عندما دخل عثمان المسجد وهو قائم على المنبر يوم الجمعة، فناداه عمر: "أية ساعة هذه؟ فقال: إني شغلت فلم أنقل إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد على أن توضأت، قال والوضوء أيضاً وقد علمت أن رسول الله كان يأمر بالغسل" متفق عليه(35)، وغير ذلك من الأدلة.
القول الثالث: وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أنه واجب على من له عرق أو ريح يتأذى به الناس، وهو من المفردات عند الحنابلة(36).
والأقرب والله أعلم أنه مستحب .
مسألة: متى وقت الغسل في يوم الجمعة؟
اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال:
الأول: اشتراط الاتصال بين الغسل والرواح، وإليه ذهب مالك .
واستدل مالك بحديث ابن عمر قال: قال رسول الله {: "إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل". ونحوه من الأحاديث.
والثاني: عدم الاشتراط لكن لا يجزي فعله بعد صلاة الجمعة، ويستحب تأخيره إلى الذهاب، وإليه ذهب الجمهور.
واستدل الجمهور بالأحاديث التي أطلق فيها يوم الجمعة، لكن استدل الجمهور على عدم الاجتزاء به بعد الصلاة بأن الغسل لإزالة الروائح الكريهة (37). انتهى.
حديث فضل التبكير إلى الجمعة رواية ودراية 2-1
والثالث : أنه لا يشترط تقديم الغسل على صلاة الجمعة، بل لو اغتسل قبل الغروب أجزأ عنه، وإليه ذهب داود، وَنَصَرَه ابن حزم، واستبعده ابن دقيق العيد وقال: يكاد يجزم ببطلانه .
ولا شك أنه إذا كان الغسل متصلاً بالذهاب إلى الجمعة فهو أولى وأحسن؛ للأدلة الآتية:
1- حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي {: "من جاء منكم الجمعة فليغتسل" متفق عليه(38) .
2- حديث أبي هريرة } عن النبي {: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح.." الحديث متفق عليه(39).
3- حديث سلمان } قال: قال رسول الله { : "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من الطهور، ويدهن من دهنه، ويمس من طيب بيته، ثم يخرج.." الحديث رواه البخاري(40) والنسائي وغير ذلك من الأحاديث .
وأخذ الحافظ ابن رجب من حديث أبي هريرة : "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح..." قال: يدل على أن الغسل المستحب للجمعة أوله من طلوع الفجر، وآخره الرواح إلى الجمعة، فإن اغتسل قبل دخول يوم الجمعة لم يأت بسنة الغسل، كما لو اغتسل بعد صلاة الجمعة(41).
وقال أيضاً: وتأخير الغسل إلى حين الرواح أفضل، نص عليه أحمد وغيره(42).
وهذا الأخير هو الأفضل والأرجح في نظري، والله أعلم.
قوله: "وبكّر وابتكر".
قال ابن فارس: الباء والكاف والراء أصل واحد يرجع إليه فرعان هما منه، فالأول أوّل الشيء وبدؤه، فالبُكرة وهي الغداة، والجمع البُكر، والتبكير، والبكور، والابتكار، المعني في ذلك الوقت.
وقال الخليل: غيث باكور: وهو المبكِّر في أول الوسمي.
ويقال: بكرت الأمطار تبكيراً، وبكرت بكوراً: إذا تقدمت(43).
وقد اختلف العلماء في معنى هذا الجزء (بكر وابتكر) على أقوال:
1- بكَّر: أتى الصلاة في أول وقتها، وكل من أسرع إلى شيء فقد بكّر إليه.
وأما ابتكر فمعناه: أدرك أول الخطبة، وأول كل شيء باكورته، وابتكر الرجل: إذا أكل باكورة الفواكه. وهو قول أبو عبيدة، وابن قتيبة، والزمخشري(44)، وأهل اللغة(45)، والعراقي، وذكره ابن الأثير(46).ورجحه الطيبي حيث قال: "أرى نقل أبي عبيدة أولى بالتقديم ؛ لمطابقة أصول اللغة، ويشهد بصحته تنسيق الكلام، فإنه حث على التبكير، ثم على الابتكار، فإن الإنسان يعدو إلى المسجد أولاً ثم يستمع الخطبة ثانياً" (47).
وقال ابن قتيبة: وأما قوله: (بَكَّر) فإن العوام تذهب في هذا إلى أنه الغدو إلى المسجد الجامع، وليس كذلك إنما التبكير ها هنا إتيان الصلاة لأول وقتها، وكل من أسرع إلى شيء فقد بكّر إليه، ولذلك يقال: بكروا بصلاة المغرب أي: صلوها عند سقوط القرص، ويقال لأول شيء يأتي من الفواكه: باكورة؛ لأنه جاء في أول الوقت. وحدثني أبي قال حدثني أبو وائل عن شاذ بن فياض عن الحارث بن شبل عن أم النعمان الكندية عن عائشة قالت قال النبي {: "لا تزال أمتي على سنتي ما بكروا بصلاة المغرب" .
وأما قوله (وابتكر) فإنه أراد أدرك الخطبة من أولها، وأولها بكورتها كما يقال ابتكر الرجل إذا أكل باكورة الفاكهة وابتكر إذا نكح بكراً أو تزوج بكراً، ومن الدليل على هذا التأويل حديث... فذكر حديث أوس الثقفي(48) انتهى.
ويشهد لهذا القول رواية عبادة بن نسي: "من هجر على المسجد وابتكر".
ويشهد له أيضاً الرواية الأخرى في هذا الحديث التي وقعت من رواية يحيى بن الحارث، وعبدالرحمن بن زيد ابن جابر عن أبي الأشعث الصنعاني - كما سبق "غدا، وابتكر".
2- (بكَّر) أي: في بكرة النهار، وهي أوله. وابتكر: بالغ في التبكير - أي:جاء في أول البكرة. فهو للمبالغة والتوكيد. وهو قول الأثرم صاحب الإمام أحمد(49)، ودليله تمام الحديث: "ومشى ولم يركب" ومعناهما واحد. وجزم به ابن العربي(50).
3- قول ابن الأنباري، وتابعه الخطابي : (بكّر) : تصدق قبل خروجه، واستدلا بحديث "باكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطاها" (51). وهذا حديث ضعيف(52).
4- (بكَّر) : راح في الساعة الأولى، (وابتكر) : فَعَلَ فِعْلَ المبتكرين من الصلاة والقراءة وسائر وجوه الطاعة. ذكره النووي وحكاه عن الغزالي، والقاضي أبي الطيب(53).
مسألة: اختلف أهل العلم في أفضل وقت الذهاب إلى الجمعة؟ على قولين:
القول الأول: لا يستحب التبكير قبل الزوال، وهو قول مالك .
واستدل بعدة أدلة:
أ - قال الرسول {: "من راح إلى الجمعة". والرواح بعد الزوال، وعمل أهل المدينة أنهم كانوا لا يذهبون إلا بعد الزوال .
ب - عن أنس بن مالك } قال: قال رسول الله {: "لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها" (54) فالغدوة بالغداة، والرواح بعد الزوال .
ت - عن الأسود بن قيس عن أبيه قال: أبصر عمر بن الخطاب } رجلاً عليه أهبة السفر، فقال الرجل: إن اليوم يوم جمعة ولولا ذلك لخرجت، فقال عمر: "إن الجمعة لا تحبس مسافراً فاخرج ما لم يحن الرواح"(55).
القول الثاني: أفضل وقت من أول النهار، فكلما كان أبكر كان أولى وأفضل .وهذا مذهب الأوزاعي، وأبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وابن المنذر(56).
واستدلوا بعدة أدلة:
أ - حديث أبي هريرة } أن النبي قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يسمعون الذكر" رواه البخاري ومسلم(57).
وفي رواية لهما: قال رسول الله {: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر ومثل المهجر كمثل الذي يهدي البدنة ثم كالذي يهدي بقرة ثم كالذي يهدي الكبش ثم كالذي يهدي الدجاجة ثم كالذي يهدي البيضة" .
ب - وروى علقمة قال: "خرجت مع عبدالله بن مسعود إلى الجمعة، فوجد ثلاثة قد سبقوه، فقال رابع أربعة، وما رابع أربعة ببعيد، إني سمعت رسول الله {: "إن الناس يجلسون من الله - عز وجل - يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعة" رواه ابن ماجه(58) .
وقال العراقي: تعلق المالكية من هذا الحديث - حديث أبي هريرة السابق- بأمرين :
أحدهما: قوله فيه "يكتبون الأول فالأول" فأتى بالفاء المقتضية للترتيب بلا مهلة، فاقتضى تعقيب الثاني للأول، وكذا من بعده، ولو كان كما يقوله الجمهور من اعتبار أول النهار وتقسيمه إلى ست ساعات في النصف الأول من النهار، لم يكن الآتي في أول ساعة يعقبه الآتي في أول التي تليها.
والجواب عنه: أنه لا نزاع في أنهم يكتبون من جاء أولاً ومن جاء عقبه ... وهكذا، وهو إنما أتى بالفاء في كتابة الآتين، وأما مقدار الثواب فلم يأت فيه بالفاء .
(ثانيهما) قوله ( المهجر ) والتهجير إنما يكون في الهاجرة، وهي شدة الحر، وذلك لا يكون في أول النهار. والجواب عنه من وجهين :
1- أن كون التهجير معناه الإتيان في الهجير، وهو شدة الحر، قول محكي عن الفراء وغيره. والذي قاله الخليل بن أحمد وغيره من أهل اللغة: إن التهجير: التبكير، فإن ثبت اشتراك اللفظ بين المعنيين فالحمل على هذا المعنى الثاني أولى ليوافق غيره من الأحاديث.
2- أن المراد بالمهجر: من هجر منزله وتركه في أي وقت كان ... قاله بعض أصحابنا الشافعية، وقال القاضي عياض: وأقوى معتمد مالك في كراهية البكور إليها عمل أهل المدينة المتصل بترك ذلك، وسعيهم إليها قرب صلاتها، وهذا نقل معلوم غير منكر عندهم، ولا معمول بغيره، وما كان أهل عصر النبي { ومن بعدهم ممن يترك الأفضل إلى غيره ويتمالؤن على العمل بأقل الدرجات. وذكر ابن عبد البر أيضاً أن عمل أهل المدينة يشهد له .انتهى .
وما أدري أين العمل الذي يشهد له وعمر ينكر على عثمان رضي الله عنه التخلف، والنبي يندب إلى التبكير في أحاديث كثيرة؟! منها: أحاديث أوس بن أوس "من بكر وابتكر.. - وفي آخره - كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها" وهو في السنن الأربعة وصحيحي ابن حبان والحاكم، وقد أنكر غير واحد من الأئمة على مالك رحمه الله في هذه المسألة، فقال الأثرم: قيل لأحمد: كان مالك يقول: لا ينبغي التهجير يوم الجمعة، فقال: هذا خلاف حديث رسول الله { وقال: سبحان الله إلى أي شيء ذهب في هذا والنبي { يقول: "كالمهدي جزوراً" .
وأنكر على مالك أيضاً ابن حبيب(59) إنكاراً بليغاً، فقال: "هذا تحريف في تأويل الحديث، ومحال من وجوه؛ لأنه لا تكون ساعات في ساعة واحدة، فشرح الحديث بيِّن في لفظه ولكنه حُرّف عن وضعه، وشُرح بالخلف من القول، وزهد فيما رغب فيه رسول الله { من التهجير في أول النهار، وزعم أن ذلك كله إنما يجتمع في ساعة واحدة قرب زوال الشمس، حكاه عنه ابن عبد البر وقال هذا منه تحامل على مالك(60).
والقول الثاني: هو الأقرب في نظري لما سبق، من الأدلة الصريحة الدالة على فضيلة التبكير للجمعة، وقد أنكر ابن القيم على الإمام مالك عمل أهل المدينة فقال: "وأما كون أهل المدينة لم يكونوا يروحون إلى الجمعة أول النهار فهذا غاية عملهم في زمان مالك رحمه الله، وهذا ليس بحجة ولا عند من يقول إجماع أهل المدينة حجة، فإن هذا ليس فيه إلا ترك الرواح إلى الجمعة من أول النهار، وهذا جائز بالضرورة وقد يكون اشتغال الرجل بمصالحه ومصالح أهله ومعاشه وغير ذلك من أمور دينه ودنياه أفضل من رواحه إلى الجمعة من أول النهار"(61).
الهوامش:
(1)صحيح البخاري، رقم الحديث : 841 .
(2)انظر أحمد في مسنده 4-9+10+104، وابن أبي شيبة 2-93، وأبو داود 345، وابن ماجه 1087، وابن حبان 2781، والطبراني في معجمه الكبير 585، والحاكم 1-282، والبيهقي 3-229، والبغوي في شرح السنة 1060 .
(3) المجموع للنووي 4-542 .
(4) نيل الأوطار 1-277، ولم أجده في مظانه في كتب العراقي ولعله في شرحه لجامع الترمذي .
(5) إتحاف السادة المتقين 3-241 .
(6) الضعفاء الكبير للعقيلي 2-211.
(7) الإصابة 1-92 .
(8) أخرجه الطبراني في الأوسط 4411، وفيه عطاء بن عجلان الحنفي، قال ابن حجر فيه متروك، وقد قيل إنه كذاب.
(9) أخرجه الطبراني في معجمه الكبير 7134، وفيه عبد الوهاب بن الضحاك، قال ابن حجر فيه متروك، كذبه أبو حاتم.
(10) أخرجه الخطيب البغدادي 6-200، وفي سنده : إبراهيم بن هدية . نقل الذهبي في الميزان 1-71 عن أبي حاتم وغيره أنه قال عنه : كذاب.
(11) أخرجه الطبراني في الكبير 7689 وفيه عفير بن معدان، قال ابن حجر: ضعيف.
(12) أخرجه الطبراني في الكبير 4726، وفيه إبراهيم بن محمد بن جناح، قال الهيثمي في المجمع 2-178: لم أ جد من ذكره.
(13) فتح المغيث للسخاوي 3 - 189 .
(14) تحفة الأحوذي 3-5 .
(15)النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 3-367 .
(16) هلال بن يساف الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة، من الثالثة (التقريب 576).
(17) عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات أبوه في ذلك الزمان، فعد لذلك من الصحابة. قال العجلي: من كبار التابعين (التقريب 336).
(18) فتح الباري لابن رجب 8-90 .
(19) شعب الإيمان 6-250، وفي سنده أبو عتبة هو: أحمد بن الفرج الحجازي ضعفه محمد بن عوف الطائي قال ابن عدي لا يحتج به هو وسط وقال ابن أبي حاتم محله الصدق. ميزان الاعتدال 1-272 .
(20) انظر : صحيح ابن حبان 7-20، والسنن الكبرى للبيهقي 3 -227، وشرح السنة للبغوي 2-570، والمجموع للنووي 4-463، وشرح الطيبي على المشكاة 4-1276 .
(21) صحيح ابن خزيمة 3-152 رقم 1803 .
(22) صحيح البخاري مع الفتح 2-431، رقم 884 .
(23) سنن أبي داود 2-247، رقم 346 .
(24) قال في لسان العرب 4-220: الخمط: ضرب من الأراك له حمل يؤكل ... وقال الفراء: الخمط: ثمر الأراك ... و الخمط: شجر مثل السدر، وحمله كالتوت .
(25)السنن الكبرى 3-227 .
(26) نيل الأوطار 1-277 .
(27) انظر: الأوسط لابن المنذر 4-39-40، ومعالم السنن للخطابي مع مختصر المنذري 1-213، والمجموع للنووي 2-231، ونيل الأوطار 1-272، والإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 5-268 .
(28) البخاري رقم 877، ومسلم 844، 845، والترمذي 492، والنسائي 105، 106، وابن ماجه 1088 .
(29) البخاري 879، ومسلم 846، وأبو داود 341 .
(30) البخاري 897، ومسلم 849 .
(31) انظر: الأوسط لابن المنذر 4-39-40، والمجموع للنووي 2-231، ومعالم السنن للخطابي مع مختصر المنذري 1-212،ونيل الأوطار 1-272 .
(32) مسلم 857، وأبو داود 343، والترمذي 498 .
(33) تلخيص الحبير 2-135 .
(34) أبو داود 354، والترمذي 497، والنسائي 3-94 .
(35) البخاري 878، ومسلم 845 .
(36) الفتاوى 21-308، والإنصاف مع المقنع والشرح 2-117، 5-268 .
(37) نيل الأوطار 1-274، وانظر فتح الباري 2-417 .
(38) البخاري 877، ومسلم 844 .
(39) البخاري 881، ومسلم 850 .
(40) البخاري 883، والنسائي 3-104 .
(41) فتح الباري لابن رجب 8-89 .
(42) فتح الباري لابن رجب 8-93 .
(43) معجم مقاييس اللغة 1-287 .
(44) الفائق في غريب الحديث 3-67 .
(45) انظر : القاموس المحيط 1- 452، والمصباح المنير ص 58، ولسان العرب 4-76، ومختار الصحاح ص 25، والمغرب 1-84 .
(46) النهاية في غريب الحديث 1-148 .
(47) شرح الطيبي على المشكاة 4-1277 .
(48) غريب الحديث 1- 291 .
(49) المغني مع الشرح الكبير 2-147، ومعالم السنن للخطابي مع مختصر المنذري 1-213 .
(50) عارضة الأحوذي 2-279 .
(51) غريب الحديث للخطابي 1-120، و شرح الطيبي على مشكاة المصابيح 4-1276 .
(52) رواه الطبراني في الأوسط 5639 عن علي، وفي سنده عيسى بن عبدالله قال الهيثمي في المجمع 1-110: ضعيف، كذا قال السخاوي في المقاصد الحسنة (ص232) ويشهد له حديث أنس عند البيهقي في الشعب 3082، وبإسناد ضعيف جداً، وقال في السنن الكبرى 4-189: إنه موقوف، وكذا قال المنذري.
(53) المجموع 4-543 .
(54) البخاري 2639، ومسلم 1880 .
(55)أخرجه عبد الرزاق في المصنف 5537 .
(56) الأوسط لابن المنذر 4- 51-52، والتمهيد لابن عبدالبر 22-22، والمجموع للنووي 4-459-461 .
(57) البخاري في الجمعة 881، ومسلم في الجمعة 850 .
(58) رواه ابن ماجه 1094، والبزار 1525، والطبراني10-96 رقم الحديث: 10013، وابن أبي عاصم في السنة 620، والعقيلي 4-204، والعلل لابن أبي حاتم 1-211، والعلل الدارقطني 773، ورجح الدارقطني طريق عبد المجيد بن أبي رواد، عن مروان بن سالم، ومروان بن سالم، وهو متروك، والله أعلم.
(59) الإمام العلامة فقيه الأندلس أبو مروان عبدالملك بن حبيب بن سليمان الأندلسي القرطبي المالكي أحد الأعلام، ولد في حياة الإمام مالك بعد السبعين ومائة ، ومات سنة 238 ه . (انظر سير أعلام النبلاء 12 / 102- 107) .
(60) طرح التثريب 3-172- 173، وانظر التمهيد لابن عبدالبر 22- 22 وما بعدها .
(61) زاد المعاد 1-406 .
URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=104248"]http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=104248[/URL]
كتبه ( محمد عامر ياسين ) ( ملتقى أهل الحديث )
إن الناظر في حال الناس يرى التقصير في أمور كثيرة مما جاء به الشرع الحنيف، ومن ذلك: تقصير الناس في التبكير لصلاة الجمعة، واستغلال هذا الوقت بالعبادات بأنواعها ؛ لكن كثيراً منهم زهدوا في هذا الأمر، وفيما أعده الله - سبحانه وتعالى - لمن بكر إلى الجمعة، فمن الأحاديث في فضل التبكير :
1- ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله { قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر"(1).
2- ومنها حديث أوس بن أوس الثقفي قال: "رأيت رسول الله { يقول: من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، فدنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها".
وهذا الحديث الأخير هو ما سوف أقوم بشرحه، وأتعرض فيه لبيان فضل التبكير للجمعة، وحال السلف الصالح مع التبكير، فما كان صواباً فمن الله، وما كان خطاءً فمني ومن الشيطان.
قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن المبارك عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس الثقفي قال: رأيت رسول الله { يقول: "من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، فدنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها".
ورواه ابن أبي شيبة، وأبو داود، وابن ماجه، وابن حبان، والطبراني، والحاكم، والبيهقي، والبغوي(2) كلهم من طريق ابن المبارك عن الأوزاعي عن حسان عن أبي الأشعث عن أوس به .
وتابع كل من أبي الأشعث الصنعاني، وحسان بن عطية، وابن المبارك جمع ليس هذا موضع ذكر ذلك.
وبعد أن أخرج الطبراني طريق عبدالرحمن بن يزيد بن جابر قال: قال ابن جابر: "فحدثت بهذا الحديث يحيى ابن الحارث الذماري فقال: أنا سمعت أبا الأشعث يحدث به، عن أوس بن أوس، عن رسول الله { قال له: بكل قدم عمل سنة صيامها وقيامها". قال ابن جابر: فحفظ يحيى ونسيت، قال الوليد: فذكرت ذلك لأبي عمرو الأوزاعي فقال: ثبت الحديث أن له بكل قدم عمل سنة .
والحديث صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وحسنه الترمذي، والبغوي، والنووي(3)، والعراقي(4)، والزبيدي(5).
وقال العقيلي في كلامه على متن هذا الحديث: "وقد روي هذا الكلام عن النبي { من غير هذا الوجه، رواه أوس بن أوس الثقفي، وغيره بإسناد صالح" (6).
وقال ابن حجر في ترجمة أوس بن أوس: "روى له أصحاب السنن الأربعة أحاديث صحيحة من رواية الشاميين عنه" (7). انتهى . وله في السنن أربعة أحاديث هذا منها.
ويشهد له حديث ابن عباس(8)، وشداد بن أوس(9)، وأنس(10)، وأبي أمامة(11)، وأبي طلحة(12).
قال السخاوي: "لا أعلم حديثاً كثير الثواب مع قلة العمل أصح من حديث من بكر وابتكر، وغسل واغتسل ودنا وأنصت كان له بكل خطوة يمشيها كفارة سنة.. الحديث، سمع ذلك شيخنا - ابن حجر - من شيخه المصنف - العراقي - وحدثنا به كذلك غير مرة"(13) .
وقال المباركفوري: "قال بعض الأئمة: لم نسمع في الشريعة حديثاً صحيحاً مشتملاً على مثل هذا الثواب"(14).
فالحديث صحيح بمجموع طرقه، والله أعلم .
المعاني والأحكام: (من غَسَّل واغْتَسل).
اختلف أهل العلم في معنى غَسَّل على أقوال لخصها ابن الأثير في النهاية(15)، وهي:
1- ذهب كثير من الناس أن "غَسَّل" أراد به المجامعة قبل الخروج إلى الصلاة، لأن ذلك يجمع غض الطرف في الطريق . ذهب إلى هذا القول وكيع، والإمام أحمد.
قال ابن رجب: وهو المنصوص عن أحمد، وحكاه عن غير واحد من التابعين، منهم: هلال بن يساف(16)، وعبدالرحمن بن الأسود، وغيرهما، روي عن عبدالرحمن بن الأسود(17) قال: "كان يعجبهم أن يواقعوا النساء يوم الجمعة ؛ لأنهم قد أمروا أن يغتسلوا وأن يغسلوا، وهو قول طائفة من الشافعية" (18). انتهى.
وقد أخرج البيهقي من طريق أبي عتبة ثنا بقية ثنا يزيد بن سنان عن بكير بن فيروز عن أبي هريرة قال قال رسول الله {: "أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل جمعة فإن له أجرين اثنين أجر غسله وأجر غسل امرأته". ثم قال البيهقي رحمه الله تعالى: "ففي روايات بقية نظر فإن صح ففيه المعنى المنقول في الخبر، وأيضاً فإنه إذا فعل ذلك كان أغض للبصر حال الرواح إلى الجمعة ففي القديم كن النساء يحضرن الجمعة.والله أعلم"(19).
2- وقيل: أراد غَسّل غيره واغتسل هو ؛ لأنه إذا جامع زوجته أحوجها إلى الغسل. هذا قول ذكره ابن خزيمة ولم ينسبه لأحد، وكذا ابن الأثير.
3- وقيل: أراد بغَسّل غَسْلَ أعضائه للوضوء، ثم يغتسل للجمعة. ذكره ابن الأثير ولم ينسبه لأحد.
4- وقيل: هما بمعنى واحد وكرره للتأكيد . قال الخطابي هو قول الأثرم صاحب الإمام أحمد.
5- لم يذكره ابن الأثير وهو: أن (غَسَّل) معناه: غَسَلَ رأسه خاصة، لأن العرب لهم لمم وشعور، وفي غسلها مؤونة، فأفردها بالذكر، (واغتسل) يعني: سائر الجسد. وهو قول : مكحول، وسعيد بن عبدالعزيز التنوخي، وابن المبارك، وأبو عبيدة، وابن حبان، والبيهقي، والنووي. وذكر الطيبي أن الإمام أحمد رجع إلى هذا القول وترك القول الأول (20).
واستدلوا بما يلي :
أ - حديث أبي هريرة عن النبي { قال: "إذا كان يوم الجمعة فاغتسل الرجل وغسل رأسه.... الحديث" رواه ابن خزيمة(21) بإسناد صحيح كما قال الألباني.
ب - حديث طاوس قال: قلت لابن عباس: ذكروا أن النبي { قال: "اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم... الحديث" رواه البخاري في صحيحه(22).
ت - ما جاء في بعض طرق هذا الحديث، وهي رواية عبادة بن نسي عن أوس الثقفي عن رسول الله { أنه قال: "من غسل رأسه واغتسل... الحديث" رواه أبو داود(23).
قال البيهقي: "لأنهم كانوا يجعلون في رؤوسهم الخمطي(24) أو غيره، فكانوا أولاً يغسلون رؤوسهم ثم يغتسلون" (25).
6- لم يذكره ابن الأثير وهو: أنه غَسَل ثيابه واغتسل لجسده . وهذا قول الغزالي، والعراقي كما ذكر الشوكاني (26).
ولعل القول الخامس هو الأكثر قوة؛ للأدلة عليه .والله أعلم .
مسألة: ما حكم غسل الجمعة ؟
اختلف أهل العلم في غسل الجمعة على ثلاثة أقوال:
الأول: أنه واجب، قال النووي: فحكي وجوبه عن طائفة من السلف حكوه عن بعض الصحابة، وبه قال أهل الظاهر.
وحكاه ابن المنذر عن أبي هريرة وعمار وغيرهما وعن مالك. وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ومالك. وحكاه ابن حزم عن عمر وجمع من الصحابة ومن بعدهم، وحكاه شارح الغنية لابن سريج قولاً للشافعي، وهو رواية في مذهب أحمد لمن تلزمه الجمعة، وهو من المفردات لكن لا يشترط لصحة الصلاة اتفاقاً (27).
واستدلوا بأدلة كثيرة منها:
1- عن ابن عمر قال: قال رسول الله {: "إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل" رواه الجماعة(28) إلا أبا داود.
2- وعن أبي سعيد أن النبي { قال: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" متفق عليه(29).
3- وعن أبي هريرة عن النبي { قال: "حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيامٍ يوماً يغسل فيه رأسه وجسده" متفق عليه(30). وغير ذلك من الأدلة.
الثاني: ذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه مستحب. قال القاضي عياض: وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه، وقد حكى الخطابي وغيره الإجماع على أن الغسل ليس شرطاً في صحة الصلاة، وأنها تصح بدونه(31).
واستدلوا بعدة أدلة منها:
1- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله {: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، واستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام". رواه مسلم وأبو داود والترمذي (32). قال ابن حجر: "إنه من أقوى ما استدل به على عدم فرضية الغسل يوم الجمعة"(33).
2- وعن سمرة } قال: قال رسول الله {: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل". رواه النسائي والترمذي وأبو داود(34).
3- قصة عمر عندما دخل عثمان المسجد وهو قائم على المنبر يوم الجمعة، فناداه عمر: "أية ساعة هذه؟ فقال: إني شغلت فلم أنقل إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد على أن توضأت، قال والوضوء أيضاً وقد علمت أن رسول الله كان يأمر بالغسل" متفق عليه(35)، وغير ذلك من الأدلة.
القول الثالث: وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أنه واجب على من له عرق أو ريح يتأذى به الناس، وهو من المفردات عند الحنابلة(36).
والأقرب والله أعلم أنه مستحب .
مسألة: متى وقت الغسل في يوم الجمعة؟
اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال:
الأول: اشتراط الاتصال بين الغسل والرواح، وإليه ذهب مالك .
واستدل مالك بحديث ابن عمر قال: قال رسول الله {: "إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل". ونحوه من الأحاديث.
والثاني: عدم الاشتراط لكن لا يجزي فعله بعد صلاة الجمعة، ويستحب تأخيره إلى الذهاب، وإليه ذهب الجمهور.
واستدل الجمهور بالأحاديث التي أطلق فيها يوم الجمعة، لكن استدل الجمهور على عدم الاجتزاء به بعد الصلاة بأن الغسل لإزالة الروائح الكريهة (37). انتهى.
حديث فضل التبكير إلى الجمعة رواية ودراية 2-1
والثالث : أنه لا يشترط تقديم الغسل على صلاة الجمعة، بل لو اغتسل قبل الغروب أجزأ عنه، وإليه ذهب داود، وَنَصَرَه ابن حزم، واستبعده ابن دقيق العيد وقال: يكاد يجزم ببطلانه .
ولا شك أنه إذا كان الغسل متصلاً بالذهاب إلى الجمعة فهو أولى وأحسن؛ للأدلة الآتية:
1- حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي {: "من جاء منكم الجمعة فليغتسل" متفق عليه(38) .
2- حديث أبي هريرة } عن النبي {: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح.." الحديث متفق عليه(39).
3- حديث سلمان } قال: قال رسول الله { : "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من الطهور، ويدهن من دهنه، ويمس من طيب بيته، ثم يخرج.." الحديث رواه البخاري(40) والنسائي وغير ذلك من الأحاديث .
وأخذ الحافظ ابن رجب من حديث أبي هريرة : "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح..." قال: يدل على أن الغسل المستحب للجمعة أوله من طلوع الفجر، وآخره الرواح إلى الجمعة، فإن اغتسل قبل دخول يوم الجمعة لم يأت بسنة الغسل، كما لو اغتسل بعد صلاة الجمعة(41).
وقال أيضاً: وتأخير الغسل إلى حين الرواح أفضل، نص عليه أحمد وغيره(42).
وهذا الأخير هو الأفضل والأرجح في نظري، والله أعلم.
قوله: "وبكّر وابتكر".
قال ابن فارس: الباء والكاف والراء أصل واحد يرجع إليه فرعان هما منه، فالأول أوّل الشيء وبدؤه، فالبُكرة وهي الغداة، والجمع البُكر، والتبكير، والبكور، والابتكار، المعني في ذلك الوقت.
وقال الخليل: غيث باكور: وهو المبكِّر في أول الوسمي.
ويقال: بكرت الأمطار تبكيراً، وبكرت بكوراً: إذا تقدمت(43).
وقد اختلف العلماء في معنى هذا الجزء (بكر وابتكر) على أقوال:
1- بكَّر: أتى الصلاة في أول وقتها، وكل من أسرع إلى شيء فقد بكّر إليه.
وأما ابتكر فمعناه: أدرك أول الخطبة، وأول كل شيء باكورته، وابتكر الرجل: إذا أكل باكورة الفواكه. وهو قول أبو عبيدة، وابن قتيبة، والزمخشري(44)، وأهل اللغة(45)، والعراقي، وذكره ابن الأثير(46).ورجحه الطيبي حيث قال: "أرى نقل أبي عبيدة أولى بالتقديم ؛ لمطابقة أصول اللغة، ويشهد بصحته تنسيق الكلام، فإنه حث على التبكير، ثم على الابتكار، فإن الإنسان يعدو إلى المسجد أولاً ثم يستمع الخطبة ثانياً" (47).
وقال ابن قتيبة: وأما قوله: (بَكَّر) فإن العوام تذهب في هذا إلى أنه الغدو إلى المسجد الجامع، وليس كذلك إنما التبكير ها هنا إتيان الصلاة لأول وقتها، وكل من أسرع إلى شيء فقد بكّر إليه، ولذلك يقال: بكروا بصلاة المغرب أي: صلوها عند سقوط القرص، ويقال لأول شيء يأتي من الفواكه: باكورة؛ لأنه جاء في أول الوقت. وحدثني أبي قال حدثني أبو وائل عن شاذ بن فياض عن الحارث بن شبل عن أم النعمان الكندية عن عائشة قالت قال النبي {: "لا تزال أمتي على سنتي ما بكروا بصلاة المغرب" .
وأما قوله (وابتكر) فإنه أراد أدرك الخطبة من أولها، وأولها بكورتها كما يقال ابتكر الرجل إذا أكل باكورة الفاكهة وابتكر إذا نكح بكراً أو تزوج بكراً، ومن الدليل على هذا التأويل حديث... فذكر حديث أوس الثقفي(48) انتهى.
ويشهد لهذا القول رواية عبادة بن نسي: "من هجر على المسجد وابتكر".
ويشهد له أيضاً الرواية الأخرى في هذا الحديث التي وقعت من رواية يحيى بن الحارث، وعبدالرحمن بن زيد ابن جابر عن أبي الأشعث الصنعاني - كما سبق "غدا، وابتكر".
2- (بكَّر) أي: في بكرة النهار، وهي أوله. وابتكر: بالغ في التبكير - أي:جاء في أول البكرة. فهو للمبالغة والتوكيد. وهو قول الأثرم صاحب الإمام أحمد(49)، ودليله تمام الحديث: "ومشى ولم يركب" ومعناهما واحد. وجزم به ابن العربي(50).
3- قول ابن الأنباري، وتابعه الخطابي : (بكّر) : تصدق قبل خروجه، واستدلا بحديث "باكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطاها" (51). وهذا حديث ضعيف(52).
4- (بكَّر) : راح في الساعة الأولى، (وابتكر) : فَعَلَ فِعْلَ المبتكرين من الصلاة والقراءة وسائر وجوه الطاعة. ذكره النووي وحكاه عن الغزالي، والقاضي أبي الطيب(53).
مسألة: اختلف أهل العلم في أفضل وقت الذهاب إلى الجمعة؟ على قولين:
القول الأول: لا يستحب التبكير قبل الزوال، وهو قول مالك .
واستدل بعدة أدلة:
أ - قال الرسول {: "من راح إلى الجمعة". والرواح بعد الزوال، وعمل أهل المدينة أنهم كانوا لا يذهبون إلا بعد الزوال .
ب - عن أنس بن مالك } قال: قال رسول الله {: "لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها" (54) فالغدوة بالغداة، والرواح بعد الزوال .
ت - عن الأسود بن قيس عن أبيه قال: أبصر عمر بن الخطاب } رجلاً عليه أهبة السفر، فقال الرجل: إن اليوم يوم جمعة ولولا ذلك لخرجت، فقال عمر: "إن الجمعة لا تحبس مسافراً فاخرج ما لم يحن الرواح"(55).
القول الثاني: أفضل وقت من أول النهار، فكلما كان أبكر كان أولى وأفضل .وهذا مذهب الأوزاعي، وأبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وابن المنذر(56).
واستدلوا بعدة أدلة:
أ - حديث أبي هريرة } أن النبي قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يسمعون الذكر" رواه البخاري ومسلم(57).
وفي رواية لهما: قال رسول الله {: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر ومثل المهجر كمثل الذي يهدي البدنة ثم كالذي يهدي بقرة ثم كالذي يهدي الكبش ثم كالذي يهدي الدجاجة ثم كالذي يهدي البيضة" .
ب - وروى علقمة قال: "خرجت مع عبدالله بن مسعود إلى الجمعة، فوجد ثلاثة قد سبقوه، فقال رابع أربعة، وما رابع أربعة ببعيد، إني سمعت رسول الله {: "إن الناس يجلسون من الله - عز وجل - يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعة" رواه ابن ماجه(58) .
وقال العراقي: تعلق المالكية من هذا الحديث - حديث أبي هريرة السابق- بأمرين :
أحدهما: قوله فيه "يكتبون الأول فالأول" فأتى بالفاء المقتضية للترتيب بلا مهلة، فاقتضى تعقيب الثاني للأول، وكذا من بعده، ولو كان كما يقوله الجمهور من اعتبار أول النهار وتقسيمه إلى ست ساعات في النصف الأول من النهار، لم يكن الآتي في أول ساعة يعقبه الآتي في أول التي تليها.
والجواب عنه: أنه لا نزاع في أنهم يكتبون من جاء أولاً ومن جاء عقبه ... وهكذا، وهو إنما أتى بالفاء في كتابة الآتين، وأما مقدار الثواب فلم يأت فيه بالفاء .
(ثانيهما) قوله ( المهجر ) والتهجير إنما يكون في الهاجرة، وهي شدة الحر، وذلك لا يكون في أول النهار. والجواب عنه من وجهين :
1- أن كون التهجير معناه الإتيان في الهجير، وهو شدة الحر، قول محكي عن الفراء وغيره. والذي قاله الخليل بن أحمد وغيره من أهل اللغة: إن التهجير: التبكير، فإن ثبت اشتراك اللفظ بين المعنيين فالحمل على هذا المعنى الثاني أولى ليوافق غيره من الأحاديث.
2- أن المراد بالمهجر: من هجر منزله وتركه في أي وقت كان ... قاله بعض أصحابنا الشافعية، وقال القاضي عياض: وأقوى معتمد مالك في كراهية البكور إليها عمل أهل المدينة المتصل بترك ذلك، وسعيهم إليها قرب صلاتها، وهذا نقل معلوم غير منكر عندهم، ولا معمول بغيره، وما كان أهل عصر النبي { ومن بعدهم ممن يترك الأفضل إلى غيره ويتمالؤن على العمل بأقل الدرجات. وذكر ابن عبد البر أيضاً أن عمل أهل المدينة يشهد له .انتهى .
وما أدري أين العمل الذي يشهد له وعمر ينكر على عثمان رضي الله عنه التخلف، والنبي يندب إلى التبكير في أحاديث كثيرة؟! منها: أحاديث أوس بن أوس "من بكر وابتكر.. - وفي آخره - كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها" وهو في السنن الأربعة وصحيحي ابن حبان والحاكم، وقد أنكر غير واحد من الأئمة على مالك رحمه الله في هذه المسألة، فقال الأثرم: قيل لأحمد: كان مالك يقول: لا ينبغي التهجير يوم الجمعة، فقال: هذا خلاف حديث رسول الله { وقال: سبحان الله إلى أي شيء ذهب في هذا والنبي { يقول: "كالمهدي جزوراً" .
وأنكر على مالك أيضاً ابن حبيب(59) إنكاراً بليغاً، فقال: "هذا تحريف في تأويل الحديث، ومحال من وجوه؛ لأنه لا تكون ساعات في ساعة واحدة، فشرح الحديث بيِّن في لفظه ولكنه حُرّف عن وضعه، وشُرح بالخلف من القول، وزهد فيما رغب فيه رسول الله { من التهجير في أول النهار، وزعم أن ذلك كله إنما يجتمع في ساعة واحدة قرب زوال الشمس، حكاه عنه ابن عبد البر وقال هذا منه تحامل على مالك(60).
والقول الثاني: هو الأقرب في نظري لما سبق، من الأدلة الصريحة الدالة على فضيلة التبكير للجمعة، وقد أنكر ابن القيم على الإمام مالك عمل أهل المدينة فقال: "وأما كون أهل المدينة لم يكونوا يروحون إلى الجمعة أول النهار فهذا غاية عملهم في زمان مالك رحمه الله، وهذا ليس بحجة ولا عند من يقول إجماع أهل المدينة حجة، فإن هذا ليس فيه إلا ترك الرواح إلى الجمعة من أول النهار، وهذا جائز بالضرورة وقد يكون اشتغال الرجل بمصالحه ومصالح أهله ومعاشه وغير ذلك من أمور دينه ودنياه أفضل من رواحه إلى الجمعة من أول النهار"(61).
الهوامش:
(1)صحيح البخاري، رقم الحديث : 841 .
(2)انظر أحمد في مسنده 4-9+10+104، وابن أبي شيبة 2-93، وأبو داود 345، وابن ماجه 1087، وابن حبان 2781، والطبراني في معجمه الكبير 585، والحاكم 1-282، والبيهقي 3-229، والبغوي في شرح السنة 1060 .
(3) المجموع للنووي 4-542 .
(4) نيل الأوطار 1-277، ولم أجده في مظانه في كتب العراقي ولعله في شرحه لجامع الترمذي .
(5) إتحاف السادة المتقين 3-241 .
(6) الضعفاء الكبير للعقيلي 2-211.
(7) الإصابة 1-92 .
(8) أخرجه الطبراني في الأوسط 4411، وفيه عطاء بن عجلان الحنفي، قال ابن حجر فيه متروك، وقد قيل إنه كذاب.
(9) أخرجه الطبراني في معجمه الكبير 7134، وفيه عبد الوهاب بن الضحاك، قال ابن حجر فيه متروك، كذبه أبو حاتم.
(10) أخرجه الخطيب البغدادي 6-200، وفي سنده : إبراهيم بن هدية . نقل الذهبي في الميزان 1-71 عن أبي حاتم وغيره أنه قال عنه : كذاب.
(11) أخرجه الطبراني في الكبير 7689 وفيه عفير بن معدان، قال ابن حجر: ضعيف.
(12) أخرجه الطبراني في الكبير 4726، وفيه إبراهيم بن محمد بن جناح، قال الهيثمي في المجمع 2-178: لم أ جد من ذكره.
(13) فتح المغيث للسخاوي 3 - 189 .
(14) تحفة الأحوذي 3-5 .
(15)النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 3-367 .
(16) هلال بن يساف الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة، من الثالثة (التقريب 576).
(17) عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات أبوه في ذلك الزمان، فعد لذلك من الصحابة. قال العجلي: من كبار التابعين (التقريب 336).
(18) فتح الباري لابن رجب 8-90 .
(19) شعب الإيمان 6-250، وفي سنده أبو عتبة هو: أحمد بن الفرج الحجازي ضعفه محمد بن عوف الطائي قال ابن عدي لا يحتج به هو وسط وقال ابن أبي حاتم محله الصدق. ميزان الاعتدال 1-272 .
(20) انظر : صحيح ابن حبان 7-20، والسنن الكبرى للبيهقي 3 -227، وشرح السنة للبغوي 2-570، والمجموع للنووي 4-463، وشرح الطيبي على المشكاة 4-1276 .
(21) صحيح ابن خزيمة 3-152 رقم 1803 .
(22) صحيح البخاري مع الفتح 2-431، رقم 884 .
(23) سنن أبي داود 2-247، رقم 346 .
(24) قال في لسان العرب 4-220: الخمط: ضرب من الأراك له حمل يؤكل ... وقال الفراء: الخمط: ثمر الأراك ... و الخمط: شجر مثل السدر، وحمله كالتوت .
(25)السنن الكبرى 3-227 .
(26) نيل الأوطار 1-277 .
(27) انظر: الأوسط لابن المنذر 4-39-40، ومعالم السنن للخطابي مع مختصر المنذري 1-213، والمجموع للنووي 2-231، ونيل الأوطار 1-272، والإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 5-268 .
(28) البخاري رقم 877، ومسلم 844، 845، والترمذي 492، والنسائي 105، 106، وابن ماجه 1088 .
(29) البخاري 879، ومسلم 846، وأبو داود 341 .
(30) البخاري 897، ومسلم 849 .
(31) انظر: الأوسط لابن المنذر 4-39-40، والمجموع للنووي 2-231، ومعالم السنن للخطابي مع مختصر المنذري 1-212،ونيل الأوطار 1-272 .
(32) مسلم 857، وأبو داود 343، والترمذي 498 .
(33) تلخيص الحبير 2-135 .
(34) أبو داود 354، والترمذي 497، والنسائي 3-94 .
(35) البخاري 878، ومسلم 845 .
(36) الفتاوى 21-308، والإنصاف مع المقنع والشرح 2-117، 5-268 .
(37) نيل الأوطار 1-274، وانظر فتح الباري 2-417 .
(38) البخاري 877، ومسلم 844 .
(39) البخاري 881، ومسلم 850 .
(40) البخاري 883، والنسائي 3-104 .
(41) فتح الباري لابن رجب 8-89 .
(42) فتح الباري لابن رجب 8-93 .
(43) معجم مقاييس اللغة 1-287 .
(44) الفائق في غريب الحديث 3-67 .
(45) انظر : القاموس المحيط 1- 452، والمصباح المنير ص 58، ولسان العرب 4-76، ومختار الصحاح ص 25، والمغرب 1-84 .
(46) النهاية في غريب الحديث 1-148 .
(47) شرح الطيبي على المشكاة 4-1277 .
(48) غريب الحديث 1- 291 .
(49) المغني مع الشرح الكبير 2-147، ومعالم السنن للخطابي مع مختصر المنذري 1-213 .
(50) عارضة الأحوذي 2-279 .
(51) غريب الحديث للخطابي 1-120، و شرح الطيبي على مشكاة المصابيح 4-1276 .
(52) رواه الطبراني في الأوسط 5639 عن علي، وفي سنده عيسى بن عبدالله قال الهيثمي في المجمع 1-110: ضعيف، كذا قال السخاوي في المقاصد الحسنة (ص232) ويشهد له حديث أنس عند البيهقي في الشعب 3082، وبإسناد ضعيف جداً، وقال في السنن الكبرى 4-189: إنه موقوف، وكذا قال المنذري.
(53) المجموع 4-543 .
(54) البخاري 2639، ومسلم 1880 .
(55)أخرجه عبد الرزاق في المصنف 5537 .
(56) الأوسط لابن المنذر 4- 51-52، والتمهيد لابن عبدالبر 22-22، والمجموع للنووي 4-459-461 .
(57) البخاري في الجمعة 881، ومسلم في الجمعة 850 .
(58) رواه ابن ماجه 1094، والبزار 1525، والطبراني10-96 رقم الحديث: 10013، وابن أبي عاصم في السنة 620، والعقيلي 4-204، والعلل لابن أبي حاتم 1-211، والعلل الدارقطني 773، ورجح الدارقطني طريق عبد المجيد بن أبي رواد، عن مروان بن سالم، ومروان بن سالم، وهو متروك، والله أعلم.
(59) الإمام العلامة فقيه الأندلس أبو مروان عبدالملك بن حبيب بن سليمان الأندلسي القرطبي المالكي أحد الأعلام، ولد في حياة الإمام مالك بعد السبعين ومائة ، ومات سنة 238 ه . (انظر سير أعلام النبلاء 12 / 102- 107) .
(60) طرح التثريب 3-172- 173، وانظر التمهيد لابن عبدالبر 22- 22 وما بعدها .
(61) زاد المعاد 1-406 .
URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=104248"]http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=104248[/URL]
كتبه ( محمد عامر ياسين ) ( ملتقى أهل الحديث )