محب الدعوة
05-20-2011, 03:26 PM
رحل عليٌّ فهل سنعتبر ؟!
الجمعة 20, مايو 2011
د. عبدالله بن محمد العسكر
الحمد لله وحده ، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه وبعد :
بالأمس كنت مع طلابي في الجامعة في محاضرة في المساء وكان هناك أحد الطلاب قد بدت عليه علامات ابتهاج وحيوية زائدة على ما اعتدتها منه . ولما انصرفنا ، وفي المساء وصلتني رسالة من أحد الطلاب بأن " عليّ " قد توفي وسيصلى عليه غدا بعد العصر !!
الخبر أشبه بالحلم منه إلى الحقيقة !! اتصلت بمن أرسل إليّ وتوثقت منه فأخبرني انه أصيب بحادث سيارة هو ورفيقه وفارق الحياة من ساعتها !!
يا ألله .. كم هي حقيرة هذه الدنيا !
ما بين غمضة عين وانتباهتها أصبح " عليٌّ " في عالم الآخرة !
ترى هل كان يظن – وهل كنا نحن أيضا نظن – أنه على موعد مع ملك الموت بعد سويعات ؟!!
الذي هوّن الخطب وخفف المصاب أن فقيدَنا لفظ شهادة التوحيد عند خروج روحه ، كما حدَّث بذلك بعض شهود العيان .
هنيئا له هذه الخاتمة ونحسب أنه لقي الله على خير . كيف لا والصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم – يقول : " من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة " .
لقد كان هذا الفتى حافظا لكتاب الله بشوشا محبوبا بين زملائه ، ولعله يوم كان مبتهجا مسرورا أثناء المحاضرة – كما أشرت – قد اشتاق إلى لقاء الله وأرجو أن يكون اللهُ قد اشتاق إليه .
إن الله لا يخذل أولياءه عند سكرات الموت ، ومن كانوا على مراده في حال السراء وهو القائل ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ...) .
كنتُ مع الطلاب قبل هذا خبر وفاة " علي " رحمه الله في حديث حول استخدام الجوال فيما لا يحب الله ، فكنت أقول : يا شباب لو أن ملك الموت أخذ روح واحد منا فجأة ، فهل سيسرّه أن يطلع الناس على جواله بعد موته ويشاهدوا حافظات الرسائل والصور ؟! أم أنَّ تخيُّل مثل هذا الأمر يدعو للخجل والحياء ؟! فإذا كان الواحد منا سيخجل لو حدث مثل هذا أفليس الله أولى أن يُستحيا منه ؟! ( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا ) .
يقول بعض السلف : إن العاصي إذا وقف بين يدي الله سقطت فروة وجهه حياء من الله !!
( يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر ) .
أقول لهم هذا الكلام وما كان يخطر ببالي ولا ببال أحد منهم أن واحداً من بيننا سيرحل إلى هذه الليلة إلى العالم الأخروي !!
ما أقسى قلوبنا وما أغفلَنا عمّا يُراد بنا !!
إن دنياً يا أخي من بعدها ظلمةُ القبر وصوتُ النائحِ
لا تساوي حبة من خردلٍ أو تساوي ريشة من جانحِ
روي أن أحد الصالحين دخل مقبرة فسلم على أهلها ثم انصرف فصلى ركعتين في الطريق وكان متعبا فوضع رأسه على صخرة في قارعة الطريق ونام ، يقول : فرأيت فيما يرى النائم كأن أهل القبور قد خرجوا إليّ من قبورهم وقد نزلت أكفانهم إلى أحقائهم ، شعثَ الرؤوس ، غبرَ الأقدام والوجوه فجاؤوا إليَّ وقالوا لي : كيف تنام ؟! أما تعلم أنك في دار عمل ونحن في دار جزاء ؟! واللهِ إن ركعتيك التي ركعتهما آنفاً لتساوي عندنا أهلَ القبور الدنيا وما عليها !!
إنها موعظة لنا جميعا وبلا استثناء ، وخاصة في هذا الزمن الذي عظمت فيه الفتن وسقط كثيرون صرعى أما طوفان الشهوات الذي غرق في بحره اللجي كثير من الناس فاللهم اعصمنا .
إن الموت الذي تخطفني وإياك إلى الحبيب " عليّ" سيتخطف غيرَنا إلينا لنلقى الله بعدها على ما كان من أعمالنا . فهل نتعظ ونعتبر .؟!!
اللهم ارحم عبدك عليّاً وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين ، واجعله ممن يلقاك تضحك إليه ويضحك إليك . اللهم اخلف عليه شبابه بجنة الفردوس وألحقه بصالح المؤمنين وأفِضْ على قلوب أهله الصبر والرضا والتسليم . والحمد لله على قضائه وقدره . إنا لله وإنا إليه راجعون .
بقلم : عبدالله بن محمد العسكر
عضو هيئة التدريس بجامعة الخرج
الجمعة 20, مايو 2011
د. عبدالله بن محمد العسكر
الحمد لله وحده ، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه وبعد :
بالأمس كنت مع طلابي في الجامعة في محاضرة في المساء وكان هناك أحد الطلاب قد بدت عليه علامات ابتهاج وحيوية زائدة على ما اعتدتها منه . ولما انصرفنا ، وفي المساء وصلتني رسالة من أحد الطلاب بأن " عليّ " قد توفي وسيصلى عليه غدا بعد العصر !!
الخبر أشبه بالحلم منه إلى الحقيقة !! اتصلت بمن أرسل إليّ وتوثقت منه فأخبرني انه أصيب بحادث سيارة هو ورفيقه وفارق الحياة من ساعتها !!
يا ألله .. كم هي حقيرة هذه الدنيا !
ما بين غمضة عين وانتباهتها أصبح " عليٌّ " في عالم الآخرة !
ترى هل كان يظن – وهل كنا نحن أيضا نظن – أنه على موعد مع ملك الموت بعد سويعات ؟!!
الذي هوّن الخطب وخفف المصاب أن فقيدَنا لفظ شهادة التوحيد عند خروج روحه ، كما حدَّث بذلك بعض شهود العيان .
هنيئا له هذه الخاتمة ونحسب أنه لقي الله على خير . كيف لا والصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم – يقول : " من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة " .
لقد كان هذا الفتى حافظا لكتاب الله بشوشا محبوبا بين زملائه ، ولعله يوم كان مبتهجا مسرورا أثناء المحاضرة – كما أشرت – قد اشتاق إلى لقاء الله وأرجو أن يكون اللهُ قد اشتاق إليه .
إن الله لا يخذل أولياءه عند سكرات الموت ، ومن كانوا على مراده في حال السراء وهو القائل ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ...) .
كنتُ مع الطلاب قبل هذا خبر وفاة " علي " رحمه الله في حديث حول استخدام الجوال فيما لا يحب الله ، فكنت أقول : يا شباب لو أن ملك الموت أخذ روح واحد منا فجأة ، فهل سيسرّه أن يطلع الناس على جواله بعد موته ويشاهدوا حافظات الرسائل والصور ؟! أم أنَّ تخيُّل مثل هذا الأمر يدعو للخجل والحياء ؟! فإذا كان الواحد منا سيخجل لو حدث مثل هذا أفليس الله أولى أن يُستحيا منه ؟! ( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا ) .
يقول بعض السلف : إن العاصي إذا وقف بين يدي الله سقطت فروة وجهه حياء من الله !!
( يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر ) .
أقول لهم هذا الكلام وما كان يخطر ببالي ولا ببال أحد منهم أن واحداً من بيننا سيرحل إلى هذه الليلة إلى العالم الأخروي !!
ما أقسى قلوبنا وما أغفلَنا عمّا يُراد بنا !!
إن دنياً يا أخي من بعدها ظلمةُ القبر وصوتُ النائحِ
لا تساوي حبة من خردلٍ أو تساوي ريشة من جانحِ
روي أن أحد الصالحين دخل مقبرة فسلم على أهلها ثم انصرف فصلى ركعتين في الطريق وكان متعبا فوضع رأسه على صخرة في قارعة الطريق ونام ، يقول : فرأيت فيما يرى النائم كأن أهل القبور قد خرجوا إليّ من قبورهم وقد نزلت أكفانهم إلى أحقائهم ، شعثَ الرؤوس ، غبرَ الأقدام والوجوه فجاؤوا إليَّ وقالوا لي : كيف تنام ؟! أما تعلم أنك في دار عمل ونحن في دار جزاء ؟! واللهِ إن ركعتيك التي ركعتهما آنفاً لتساوي عندنا أهلَ القبور الدنيا وما عليها !!
إنها موعظة لنا جميعا وبلا استثناء ، وخاصة في هذا الزمن الذي عظمت فيه الفتن وسقط كثيرون صرعى أما طوفان الشهوات الذي غرق في بحره اللجي كثير من الناس فاللهم اعصمنا .
إن الموت الذي تخطفني وإياك إلى الحبيب " عليّ" سيتخطف غيرَنا إلينا لنلقى الله بعدها على ما كان من أعمالنا . فهل نتعظ ونعتبر .؟!!
اللهم ارحم عبدك عليّاً وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين ، واجعله ممن يلقاك تضحك إليه ويضحك إليك . اللهم اخلف عليه شبابه بجنة الفردوس وألحقه بصالح المؤمنين وأفِضْ على قلوب أهله الصبر والرضا والتسليم . والحمد لله على قضائه وقدره . إنا لله وإنا إليه راجعون .
بقلم : عبدالله بن محمد العسكر
عضو هيئة التدريس بجامعة الخرج