محب الدعوة
05-27-2011, 08:23 PM
الصحابة وموقف الرافضة منهم ( خطبة للشيخ منصور الصقعوب حفظه الله )
الخطبة الأولى 3 /7/1430
الحمد لله الرحيم الغفار العظيم الجبار مكور النهار على الليل ومكور الليل على النهار أحمده سبحانه وأشكره على فضله وخيره المدرار وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مقلب القلوب والأبصار وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار صلى الله عليه وعلى اله الأطهار وصحابته الأبرار وسلم تسليما كثيرا إلى يوم القرار,,,,
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله حق التقوى
واعلموا أن تقوى الله خير زاد يدخر وأرجى ثواب(عمل) ينتظر
{وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ }
معاشر المسلمين:
حين يكون الحديث عن العظماء فإن الثناء لابد أن يزجى لأهله , ويعرف لأهل القدر قدرهم
وحديثنا اليوم هو عن خير جيل عرفتهم البشرية , عن الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وما بدلوا تبديلا, عن مصابيح الدجى وشموس الهدى سادة الأمة وعنوان مجدها
عن صحابة رسول الله الذين هم قدوة المؤمنين / وخير عباد الله بعد الأنبياء والمرسلين أغزر الناس علما وأدقهم فهما وأصدقهم إيمانا وأحسنهم عملا
بدمائهم وأموالهم وصل الإسلام إلى أطراف الأرض وبجهادهم وتضحياتهم قام صرح الدين واندحرت دول الشرك والمشركين
كانوا في الحياة أولياء وبعد الممات أحياء رحلو إلى الآخرة قبل أن يصلوا إليها وخرجوا من الدنيا وهم بعد فيها
امنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم حين كذبه قومه ودافعوا عنه حين آذاه الناس وآووه حين طرد من وطنه
قوم نظر الله في قلوب العباد فرآهم أصلح الناس لصحبة نبيه فاختصهم لذلك وشرفهم به, واصطفاهم ربهم بتبليغ رسالة نبيه صلى الله عليه وسلم
اخلصوا دينهم لله ... فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا ما استكانوا والله يحب الصابرين
نقلوا القران والسنة وهدوا العباد إلى السنة فكانوا بذلك أهلا لرضوان الله ومحبته ورحمته وجنته
كانوا بذلك طليعة خير امة أخرجت للناس
لقد كانت تلك الفئة خير فئة بعد الأنبياء ضربوا في أبواب الخير كلها, فإن أتيتهم في الجهاد وجدت أسوداً فتح الله على أيديهم أعظم ممالك الأرض, يقول الله شاهدا على جهادهم وثباتهم
{ الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما اصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا اجر عظيم * الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل }
وإن أتيت للدعوة وجدت دعاةً نفروا من بلادهم إلى الأرض مبلغين دين الله, حاملين أمانة الدين بعد وفاة خاتم المرسلين,حج منهم معه في حجته أكثر من مائة ألف ومات منهم في المدينة مايقرب من ألف, والبقية في أصقاع الأرض متفرقين
وإن أتيتهم في البذل والإنفاق وجدت من تصدق بنصف ماله, ومن خرج من كل ماله , وجدت أباطلحة يتصدق بأحب أمواله, وأجمل بساتين المدينة, حين سمع القرآن يتلى(إلَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) [آل عمران : 92] ووجدت أباالدحداح يبيع حائطاً مليئاً بالنخل بنخلة واحدة في الجنة فيخرج من بستانه ويخرج أولاده منه بثمن وعده به رسول الله وهو نخلة في الجنة
وإن أتيتهم في التآخي رأيت قلوباً اجتمعت من كل صقع لايظن من رآهم إلا إخوةً وهم كذلك لكن في الدين ولربما كانت أوثق من أخوة النسب, فقال الله عنهم {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ
وإن أتيتهم في العبادة وجدت رهبان ليل عباد نهار, فما عرفت الأرض أجمع للفضائل منهم بعد الأنبياء
إخوة الإيمان:
إن معرفة قدر الصحابة ومالهم من شريف المنزلة وعظيم المرتبة من أولى المهمات المتعلقة بصلاح العقيدة واستقامة الدين
ولذا كان علماء الإسلام يؤكدون في كتب العقائد على مكانة الصحابة في الأمة ويذكرون في ذلك مناقبهم وفضائلهم وأثرهم وآثارهم مع الدفاع عن أعراضهم وحماية حياضهم
إذ الدفاع عنهم دفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم بطانته وخاصته ودفاعا أيضا عن الإسلام فهم حملته ونقلته, قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته :
ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب احد منهم ولا نتبرأ من احد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الحق يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان أ.هـ
ولقد نال الصحابة خير شرف وتقلدوا أعظم وسام حين شرُفوا بثناء الله عليهم بقوله وهويعلم من خلق بصدق إيمانهم {وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }
وشهد لهم ربهم بصلاح سرائرهم واستقامة ضمائرهم فرضي عنهم وأرضاهم
{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }
بل إن شرفهم وفضلهم قد سطر قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم وصفهم ربهم بأكمل الصفات وأجمل السمات في التوراة والإنجيل
{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ... }
هم أنصار خير البشر وخاتم الرسل {هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ }
وفازوا بتوبة الله عليهم {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ... }
ولذا فلا عجب أن يكون بقائهم في الأرض حفظ للعباد من العذاب, وفي الحديث" النجوم أمنة السماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد, وأنا أمنة لأصحابي , فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما توعد " أخرجه مسلم في صحيحة, ولا غرابة أن يحبهم رسول الله و ينهى عن إيذائهم ويقول كما في الحديث الصحيح: ( لا تسبوا أصحابي ، فو الذي نفسي بيده لو انفق أحدكم مثل جبل احد ذهبا ما بلغ مد احدهم ولا نصيفه) وقال عن أهل بدر :
[ لعل الله اطلع عليهم فقال : اعملوا ما شئتم ]وقال عن أهل بيعة الرضوان :
[ لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة احد الذين بايعوا تحتها ]
وما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو عنهم راض فرضي الله عنهم أجمعين
إخوة الإيمان:
ولا تزال امة محمد بخير ما عرفت للصحابة حقهم وقدرهم
حق على امة محمد إن رامت الصلاح والفلاح أن تلزم منهج صحابتها الكرام في الاعتقاد والسلوك والعمل
حق على الأمة أن تنشر فضائلهم وتسطر مناقبهم وان تربي الأجيال على سيرتهم إن تملئ القلوب محبة لهم
لهؤلاء الصحابة حقٌ وهو: الدفاع عن أعراضهم وصيانة أقدارهم والتحذير من شر الطاعنين فيهم اللامزين في عدالتهم
ومن أصول عقائد السنة :
التأدب مع صحابة رسول الله ، والإستغفار لهم ، والترضي عنهم ، وإمساك اللسان عما شجر بينهم من خصومة اقتتال ، وأن فعلهم ذلك دائر بين الأجر والأجرين ، فهم أما مجتهدون مصيبون فلهم أجران ، وإما مجتهدون مخطئون فلهم اجر أيضا .
وهؤلاء المخطئين لهم من السوابق الحسان والمحاسن العظام، ما يوجب رفعة درجاتهم وتكثير حسناتهم.
والله عز وجل يغفر لهم أما بتوبة ماضية ، أو بمصائب مكفرة ولا نقول إلا كما علمنا وأدبنا ربنا {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول ما سمعتم واستغفر الله العظيم
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه .
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فيا عباد الله :
حين يكون الحديث عن الصحابة وفضلهم ، فإنه لا بد من الحديث عمن ناصب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم العداء واتهمهم في دينهم وطعن في مقاصدهم ، لنعرف من خلال ذلك ، حقيقة هؤلاء الطاعنين ، ومكانتهم من الإسلام ، لقد طمس الله على قلوب الرافضة ، فلم يعرفوا للصحابة فضلا ، ولم يذكروا لهم شرفا ، وإنما شرعوا عليهم سهام الحقد والعداء والافك والافتراء ، زعمت الرافضة أن الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ارتدوا إلا نفرا يسيرا منهم .
وإنهم ما اظهروا الإسلام إلا نفاقا، لأطماع دنيوية، ومصالح ذاتية.
وكتبهم مليئة بمئات الروايات الصريحة في تكفير الصحابة وشتمهم ولعنهم ، بل جعلوا من الطعن فيهم ديانة وزلفى يتقربون بها إلى ربهم تعالى وصدق الله { قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا }
وكل ناظرٍ في كتبهم يجد السب والشتم يكال لأفضل الأمة, ولولا أن الله حكى في القرآن أقوال أهل الكفر لبيان ضلالهم, لأحجم المرء عن نقل أقوالهم, فاسمع إذن بعض أقوال هؤلاء في الصحابة لتعرف مذهبهم تجاههم
الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب الناس إليه بشره الرسول بالجنة ، اختاره رفيق دربه في الهجرة ،لم تحمل الغبراء ولم تظل السماء بعد الأنبياء رجلا أفضل منه
قال عنه الرافضة في كتبهم بأنه كان عابدا للأوثان، وكان يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم والصنم معلق في عنقه يسجد له.
وصنف محمد بن الحسن العاملي الملقب عند الشيعة بالمحقق الثاني صنف كتابا اسماه ( نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت )
وأراد بالجبت أبا بكر ، والطاغوت عمر
زعم في كتابه هذا إن أبا بكر زعم البحراني في كتابة البرهان أن أبا بكر
كان يفطر متعمدا في نهار رمضان، وأنه كان يشرب الخمر ويهجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما عمرالفاروق رضي الله عنه فإنهم ابغضوه بغضا لا يوصف ، ورموه بكل شين ونقيصة ،ولعنوه ولعنوا كل من اعتبره مسلما ومن يكف عن لعنه .
بل إن الرافضة اعتبروا استشهاد عمر يوم عيد لهم وفرح عندهم ، ويعتبرون قاتله أبا لؤلؤة المجوسي مسلما شجاعا ، ويلقبونه بابا شجاع الدين ، وبنوا له في مدينة كاشان الإيرانية ضريحا عظيما زعموا انه قبر أبي لؤلؤة المجوسي , ويشدون الرحال إلى قبره
وإذا كان هذا موقفهم من أفضل الصحابة فلن يكون موقفهم مع بقية الصحابة أقل سوءاً من هذا, وقد نقل ابن تيمية عن الشعبي أنه قال لقد فضلهت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلة ، قيل لليهود : من خير أهل ملتكم ؟ قالوا : أصحاب موسى ، وقيل للنصارى من خير أهل ملتكم؟ قالوا : حواري عيسى ، وقيل للرافضة من شر أهل ملتكم ؟ قالوا : حواري محمد, فمن أضل ممن يكون في قلبه غلّ على خيار المسلمين، وسادات أولياء الله تعالى بعد النبيين
وهذه المواقف لا تظنن أنها انتهت وأنه جاء رافضة لطفاء يحبون الصحابة, بل تلك عقيدة القوم عليها يوالون ويعادون, وفي أقوال معاصريهم من ذلك الكثير, حتى تفوه رأسهم في حملته الانتخابية قبل أسبوعين بسب بعض الصحابة, ونص على اسم طلحة والزبير المبشرين بالجنة, لم يكن ذلك خافياً بل أمام الجميع منهم, ولم يخف على أحدٍ إسائتهم لبعض الصحابة في قبورهم قبل أشهرٍ قريبة في البقيع, ردّ الله كيدهم في نحورهم.
معشر الكرام:إنه لا خير في أمة لا تجلّ أصحاب نبيها, ولا خير في إنسان يُسب أصحاب نبيه ثم هو لا يتحرك قلبه بغضاً لأولئك الضلال, وإننا اليوم وأطماع أهل الرفض تتسع وجرأتهم تزداد, بأمس الحاجة إلى أن يتضح موقفنا منهم عبر عدة أمور:
أولاً: أن نعلم علم اليقين أنه لا يمكن أن نتوافق مع هؤلاء لأن عدائنا لهم هو في الأصول, وكيف تتعايش مع من يتقرب لله بقتلك ومن يعد العدة لذلك
وثانياً: أن لا ننخدع من الشعارات التي قد تطلق على ألسنة بعضهم بأنهم لا يبغضون الصحابة, ولا يعادون أهل السنة, فما ذاك إلا ذرّ للرماد وضحك على السذّج من الناس, وكيف يُنكر أمر تطفح به كتبهم ويصرح اليوم به ساستهم قبل عامتهم
وثالثاً: أن نتقرب إلى الله بحب صحابة رسول الله, وأن يذب المرء عنهم ما استطاع, وأن نغرس في نفوس أبنائنا حب أولئك القوم من أصحاب سيد البشر
وأخيراً: فالدعوة لهؤلاء عبر المنتديات والكتاب وعبر وسائل الإعلام, وسيلة لابد منها, وآتت اليوم بعض ثمارها,ولكن لا ينبغي أن يخوض فيها إلا من يحسنها ممن تأهل بالعلم والحجة, وحين يلجها من لايعلم فلربما ضرّ أكثر مما نفع
الخطبة الأولى 3 /7/1430
الحمد لله الرحيم الغفار العظيم الجبار مكور النهار على الليل ومكور الليل على النهار أحمده سبحانه وأشكره على فضله وخيره المدرار وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مقلب القلوب والأبصار وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار صلى الله عليه وعلى اله الأطهار وصحابته الأبرار وسلم تسليما كثيرا إلى يوم القرار,,,,
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله حق التقوى
واعلموا أن تقوى الله خير زاد يدخر وأرجى ثواب(عمل) ينتظر
{وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ }
معاشر المسلمين:
حين يكون الحديث عن العظماء فإن الثناء لابد أن يزجى لأهله , ويعرف لأهل القدر قدرهم
وحديثنا اليوم هو عن خير جيل عرفتهم البشرية , عن الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وما بدلوا تبديلا, عن مصابيح الدجى وشموس الهدى سادة الأمة وعنوان مجدها
عن صحابة رسول الله الذين هم قدوة المؤمنين / وخير عباد الله بعد الأنبياء والمرسلين أغزر الناس علما وأدقهم فهما وأصدقهم إيمانا وأحسنهم عملا
بدمائهم وأموالهم وصل الإسلام إلى أطراف الأرض وبجهادهم وتضحياتهم قام صرح الدين واندحرت دول الشرك والمشركين
كانوا في الحياة أولياء وبعد الممات أحياء رحلو إلى الآخرة قبل أن يصلوا إليها وخرجوا من الدنيا وهم بعد فيها
امنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم حين كذبه قومه ودافعوا عنه حين آذاه الناس وآووه حين طرد من وطنه
قوم نظر الله في قلوب العباد فرآهم أصلح الناس لصحبة نبيه فاختصهم لذلك وشرفهم به, واصطفاهم ربهم بتبليغ رسالة نبيه صلى الله عليه وسلم
اخلصوا دينهم لله ... فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا ما استكانوا والله يحب الصابرين
نقلوا القران والسنة وهدوا العباد إلى السنة فكانوا بذلك أهلا لرضوان الله ومحبته ورحمته وجنته
كانوا بذلك طليعة خير امة أخرجت للناس
لقد كانت تلك الفئة خير فئة بعد الأنبياء ضربوا في أبواب الخير كلها, فإن أتيتهم في الجهاد وجدت أسوداً فتح الله على أيديهم أعظم ممالك الأرض, يقول الله شاهدا على جهادهم وثباتهم
{ الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما اصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا اجر عظيم * الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل }
وإن أتيت للدعوة وجدت دعاةً نفروا من بلادهم إلى الأرض مبلغين دين الله, حاملين أمانة الدين بعد وفاة خاتم المرسلين,حج منهم معه في حجته أكثر من مائة ألف ومات منهم في المدينة مايقرب من ألف, والبقية في أصقاع الأرض متفرقين
وإن أتيتهم في البذل والإنفاق وجدت من تصدق بنصف ماله, ومن خرج من كل ماله , وجدت أباطلحة يتصدق بأحب أمواله, وأجمل بساتين المدينة, حين سمع القرآن يتلى(إلَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) [آل عمران : 92] ووجدت أباالدحداح يبيع حائطاً مليئاً بالنخل بنخلة واحدة في الجنة فيخرج من بستانه ويخرج أولاده منه بثمن وعده به رسول الله وهو نخلة في الجنة
وإن أتيتهم في التآخي رأيت قلوباً اجتمعت من كل صقع لايظن من رآهم إلا إخوةً وهم كذلك لكن في الدين ولربما كانت أوثق من أخوة النسب, فقال الله عنهم {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ
وإن أتيتهم في العبادة وجدت رهبان ليل عباد نهار, فما عرفت الأرض أجمع للفضائل منهم بعد الأنبياء
إخوة الإيمان:
إن معرفة قدر الصحابة ومالهم من شريف المنزلة وعظيم المرتبة من أولى المهمات المتعلقة بصلاح العقيدة واستقامة الدين
ولذا كان علماء الإسلام يؤكدون في كتب العقائد على مكانة الصحابة في الأمة ويذكرون في ذلك مناقبهم وفضائلهم وأثرهم وآثارهم مع الدفاع عن أعراضهم وحماية حياضهم
إذ الدفاع عنهم دفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم بطانته وخاصته ودفاعا أيضا عن الإسلام فهم حملته ونقلته, قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته :
ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب احد منهم ولا نتبرأ من احد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الحق يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان أ.هـ
ولقد نال الصحابة خير شرف وتقلدوا أعظم وسام حين شرُفوا بثناء الله عليهم بقوله وهويعلم من خلق بصدق إيمانهم {وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }
وشهد لهم ربهم بصلاح سرائرهم واستقامة ضمائرهم فرضي عنهم وأرضاهم
{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }
بل إن شرفهم وفضلهم قد سطر قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم وصفهم ربهم بأكمل الصفات وأجمل السمات في التوراة والإنجيل
{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ... }
هم أنصار خير البشر وخاتم الرسل {هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ }
وفازوا بتوبة الله عليهم {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ... }
ولذا فلا عجب أن يكون بقائهم في الأرض حفظ للعباد من العذاب, وفي الحديث" النجوم أمنة السماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد, وأنا أمنة لأصحابي , فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما توعد " أخرجه مسلم في صحيحة, ولا غرابة أن يحبهم رسول الله و ينهى عن إيذائهم ويقول كما في الحديث الصحيح: ( لا تسبوا أصحابي ، فو الذي نفسي بيده لو انفق أحدكم مثل جبل احد ذهبا ما بلغ مد احدهم ولا نصيفه) وقال عن أهل بدر :
[ لعل الله اطلع عليهم فقال : اعملوا ما شئتم ]وقال عن أهل بيعة الرضوان :
[ لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة احد الذين بايعوا تحتها ]
وما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو عنهم راض فرضي الله عنهم أجمعين
إخوة الإيمان:
ولا تزال امة محمد بخير ما عرفت للصحابة حقهم وقدرهم
حق على امة محمد إن رامت الصلاح والفلاح أن تلزم منهج صحابتها الكرام في الاعتقاد والسلوك والعمل
حق على الأمة أن تنشر فضائلهم وتسطر مناقبهم وان تربي الأجيال على سيرتهم إن تملئ القلوب محبة لهم
لهؤلاء الصحابة حقٌ وهو: الدفاع عن أعراضهم وصيانة أقدارهم والتحذير من شر الطاعنين فيهم اللامزين في عدالتهم
ومن أصول عقائد السنة :
التأدب مع صحابة رسول الله ، والإستغفار لهم ، والترضي عنهم ، وإمساك اللسان عما شجر بينهم من خصومة اقتتال ، وأن فعلهم ذلك دائر بين الأجر والأجرين ، فهم أما مجتهدون مصيبون فلهم أجران ، وإما مجتهدون مخطئون فلهم اجر أيضا .
وهؤلاء المخطئين لهم من السوابق الحسان والمحاسن العظام، ما يوجب رفعة درجاتهم وتكثير حسناتهم.
والله عز وجل يغفر لهم أما بتوبة ماضية ، أو بمصائب مكفرة ولا نقول إلا كما علمنا وأدبنا ربنا {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول ما سمعتم واستغفر الله العظيم
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه .
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فيا عباد الله :
حين يكون الحديث عن الصحابة وفضلهم ، فإنه لا بد من الحديث عمن ناصب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم العداء واتهمهم في دينهم وطعن في مقاصدهم ، لنعرف من خلال ذلك ، حقيقة هؤلاء الطاعنين ، ومكانتهم من الإسلام ، لقد طمس الله على قلوب الرافضة ، فلم يعرفوا للصحابة فضلا ، ولم يذكروا لهم شرفا ، وإنما شرعوا عليهم سهام الحقد والعداء والافك والافتراء ، زعمت الرافضة أن الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ارتدوا إلا نفرا يسيرا منهم .
وإنهم ما اظهروا الإسلام إلا نفاقا، لأطماع دنيوية، ومصالح ذاتية.
وكتبهم مليئة بمئات الروايات الصريحة في تكفير الصحابة وشتمهم ولعنهم ، بل جعلوا من الطعن فيهم ديانة وزلفى يتقربون بها إلى ربهم تعالى وصدق الله { قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا }
وكل ناظرٍ في كتبهم يجد السب والشتم يكال لأفضل الأمة, ولولا أن الله حكى في القرآن أقوال أهل الكفر لبيان ضلالهم, لأحجم المرء عن نقل أقوالهم, فاسمع إذن بعض أقوال هؤلاء في الصحابة لتعرف مذهبهم تجاههم
الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب الناس إليه بشره الرسول بالجنة ، اختاره رفيق دربه في الهجرة ،لم تحمل الغبراء ولم تظل السماء بعد الأنبياء رجلا أفضل منه
قال عنه الرافضة في كتبهم بأنه كان عابدا للأوثان، وكان يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم والصنم معلق في عنقه يسجد له.
وصنف محمد بن الحسن العاملي الملقب عند الشيعة بالمحقق الثاني صنف كتابا اسماه ( نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت )
وأراد بالجبت أبا بكر ، والطاغوت عمر
زعم في كتابه هذا إن أبا بكر زعم البحراني في كتابة البرهان أن أبا بكر
كان يفطر متعمدا في نهار رمضان، وأنه كان يشرب الخمر ويهجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما عمرالفاروق رضي الله عنه فإنهم ابغضوه بغضا لا يوصف ، ورموه بكل شين ونقيصة ،ولعنوه ولعنوا كل من اعتبره مسلما ومن يكف عن لعنه .
بل إن الرافضة اعتبروا استشهاد عمر يوم عيد لهم وفرح عندهم ، ويعتبرون قاتله أبا لؤلؤة المجوسي مسلما شجاعا ، ويلقبونه بابا شجاع الدين ، وبنوا له في مدينة كاشان الإيرانية ضريحا عظيما زعموا انه قبر أبي لؤلؤة المجوسي , ويشدون الرحال إلى قبره
وإذا كان هذا موقفهم من أفضل الصحابة فلن يكون موقفهم مع بقية الصحابة أقل سوءاً من هذا, وقد نقل ابن تيمية عن الشعبي أنه قال لقد فضلهت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلة ، قيل لليهود : من خير أهل ملتكم ؟ قالوا : أصحاب موسى ، وقيل للنصارى من خير أهل ملتكم؟ قالوا : حواري عيسى ، وقيل للرافضة من شر أهل ملتكم ؟ قالوا : حواري محمد, فمن أضل ممن يكون في قلبه غلّ على خيار المسلمين، وسادات أولياء الله تعالى بعد النبيين
وهذه المواقف لا تظنن أنها انتهت وأنه جاء رافضة لطفاء يحبون الصحابة, بل تلك عقيدة القوم عليها يوالون ويعادون, وفي أقوال معاصريهم من ذلك الكثير, حتى تفوه رأسهم في حملته الانتخابية قبل أسبوعين بسب بعض الصحابة, ونص على اسم طلحة والزبير المبشرين بالجنة, لم يكن ذلك خافياً بل أمام الجميع منهم, ولم يخف على أحدٍ إسائتهم لبعض الصحابة في قبورهم قبل أشهرٍ قريبة في البقيع, ردّ الله كيدهم في نحورهم.
معشر الكرام:إنه لا خير في أمة لا تجلّ أصحاب نبيها, ولا خير في إنسان يُسب أصحاب نبيه ثم هو لا يتحرك قلبه بغضاً لأولئك الضلال, وإننا اليوم وأطماع أهل الرفض تتسع وجرأتهم تزداد, بأمس الحاجة إلى أن يتضح موقفنا منهم عبر عدة أمور:
أولاً: أن نعلم علم اليقين أنه لا يمكن أن نتوافق مع هؤلاء لأن عدائنا لهم هو في الأصول, وكيف تتعايش مع من يتقرب لله بقتلك ومن يعد العدة لذلك
وثانياً: أن لا ننخدع من الشعارات التي قد تطلق على ألسنة بعضهم بأنهم لا يبغضون الصحابة, ولا يعادون أهل السنة, فما ذاك إلا ذرّ للرماد وضحك على السذّج من الناس, وكيف يُنكر أمر تطفح به كتبهم ويصرح اليوم به ساستهم قبل عامتهم
وثالثاً: أن نتقرب إلى الله بحب صحابة رسول الله, وأن يذب المرء عنهم ما استطاع, وأن نغرس في نفوس أبنائنا حب أولئك القوم من أصحاب سيد البشر
وأخيراً: فالدعوة لهؤلاء عبر المنتديات والكتاب وعبر وسائل الإعلام, وسيلة لابد منها, وآتت اليوم بعض ثمارها,ولكن لا ينبغي أن يخوض فيها إلا من يحسنها ممن تأهل بالعلم والحجة, وحين يلجها من لايعلم فلربما ضرّ أكثر مما نفع