عمرو بن هيمان بن نصر
06-03-2011, 07:34 AM
عن يونس بن عبيد، قال: ما شبهت الدنيا إلا كرجل نائم فرأى في منامه ما يكره وما يحب، فبينما هو كذلك إذ انتبه. قيل لبعض الحكماء: أي شيء أشبه بالدنيا؟ قال: أحلام النائم. روى أن عيسى ابن مريم رأى الدنيا في صورة عجوز هتماء عليها من كل زينة، فقال لها: كم تزوجت؟ قالت: لا أحصيهم، قال: كلهم مات عنك أو كلهم طلقك؟ قالت: بل كلهم قتلت قال: فقال عيسى عليه السلام: بؤساً لأزواجك الباقين، ألا يعتبرون بأزواجك الماضين، كيف تهلكينهم واحداً واحداً ولا يكونون منك على حذر. قال عيسى بن مريم:لا تتخذوا الدنيا رباً فتتخذكم الدنيا عبيداً، أكنزوا كنزكم عند من لا يضيعه، فإن صاحب كنز الدنيا يخاف عليه الآفة، وإن صاحب كنز الله لا يخاف عليه الآفة. قال عيسى بن مريم عليه السلام. : ما سكنت الدنيا في قلب عبد إلا وأليط قلبه منها بثلاث: شغل لا ينفك عناؤه، وفقر لا يدرك غناه، وأمل لا يدرك منتهاه. الدنيا طالبة ومطلوبة، فطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتى يستكمل فيها رزقه، وطالب الدنيا تطلبه الآخرة حتى يجيء الموت فيأخذه بعنقه. يقول حبيب أبو محمد يقول: لا تقعدوا فراغاً فإن الموت يطلبكم. سفيان الثوري يقول: كان يقال: إنما سميت الدنيا لأنها دنية، وإنما سمي المال لأنه يميل بأهله. عن الحسن في قوله: {لقد خلقنا الإنسان في كبد} [البلد: 4] ، قال الحسن: لا أعلم خليقة يكابد من هذا الأمر ما يكابد هذا الإنسان. قال: وقال سعيد أخوه: يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة. عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: قال عبد الله: أنتم أكثر صلاة، وأكثر صياماً، وأكثر جهاداً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وهم كانوا خيراً منكم. قالوا: فيم ذاك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: كانوا أزهد منكم في الدنيا وأرغب في الآخرة. قالت امرأة من قريش كانت تسكن البحرين: لو رأت أعين الزاهدين ثواب ما أعد الله لأهل الإعراض عن الدنيا لذابت أنفسهم شوقاً واشتياقاً إلى الموت لينالوا من ذلك ما أملوا من فضله تبارك وتعالى. قال أبو موسى: إنه لم يبق من الدنيا إلا فتنة منتظرة وكل محزن. قال أنس بن ينعم - وكان من عباد أهل الشام -: بؤساً لمحب الدنيا، أتحب ما أبغض الله عز وجل؟ ! ! . أن لقمان قال لابنه: يا بني إن الدنيا بحر عميق يغرق فيه ناس كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحشوها الإيمان بالله، وشراعها التوكل على الله، لعلك تنجو، وما أراك بناج. قال بعض الحكماء: أما يكفي أهل الدنيا ما يعانون من كثرة الفجائع، وتتابع المصائب في المال والأخوان، والنقص في القوى والأبدان.