محب الدعوة
12-29-2011, 11:02 PM
الرحلات البرية ضوابط ومحاذير لفضيلة الشيخ منصور الصقعوب حفظه الله ..
الخطبة الأولى 28/2/1431
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبحلمه وعفوه تكفر السيئات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عالم السر والخفيات, ورب البريات وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , الذي بعثه ربه إلى العباد بشيراً ونذيراً, وقدوةً وإماماً, فجلا الله بدعوته الظلام, وأنار الدرب للأنام , اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحابته الكرام , وسلم تسليماً مزيداً ما توالت الأيام
أما بعد فهاهي الأيام تمضي والناس يرحلون فمن راحلٍ بزاد, ومن راحلٍ بغير زاد, ولن يجد المرء زاداً أعظم من التقوى يلقى به ربه فاتقوا الله عباد الله.
عباد الله:
روى أبو داود وغيره عن شريح الحارثي قال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْبَدْوِ قُلْتُ : َهَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَبْدُو ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ ، كَانَ يَبْدُو إِلَى هَؤُلاَءِ التِّلاعِ".والتلاع هي: مسايل الماء والوديان
عباد الله: الخروج إلى البراري والقفار, والتأمل في عظمة الخالق في الصحاري والأقطار وسيلة تقضى بها الأوقات, وعمل له أصل من فعل رسول الله والسلف الصالح, ودين الإسلام ليس دينَ رهبانية وجمود, بل هو دين فيه الجد والترفيه, وفيه الحزم والإجمام, وإنما يسهل قياد النفس والانتفاع منها أوقات الجد, حين يتعاهد إجمامها الفينة بعد الفينة.
وتأتي أيام هذه الإجازة اليسيرة متزامنة مع نعمة الله على عباده باعتدال الجو والأمن, وبعد موسم دراسة وامتحان, وجد واجتهاد, فرأيت حينها اندفاع الناس للبراري, أو للأسفار, وازدحامهم في أماكن الترفيه,
ولاغضاضة أن يعتني المرء بهذا, بل إن المرء حين يقوم بإسعاد أهل ولد, أو أم وأب, فهو في عبادة إن احتسب الأجر في ذلك, وهو أولى من انشغاله بصحبه وترك أهله يتمنون الاستمتاع معه, وفي مقول الرسول عليه السلام" إن لنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه".
ومع كل هذا فيظل الترفيه والسياحة والسفر وسائل لا غايات, وسائل لغاية كبرى, وهي الاستعانة بكل ذلك على طاعة المولى سبحانه, وأنت راءٍ من الناس من يجعل مثل هذا الترفيه ومنه الرحلات والسفريات غايات, وفي سبيل ذلك يرتكب محرماتٍ ومنهيات, بحجة أنه في سبيل ترفيه, أو في لحظات استجمام, أو لأنه خرج من البلد واستقر في البراري, وهنا فكم نحتاج إلى أن يكون لدى المسلم تذكر لأهداف الترفيه وضوابطه.
الترفيه نريد منه تجديد النشاط، وتقوية الإرادة, وفي هذا يقول أبو الدرداء «إني لأستجم لقلبي بالشيء من اللهو ليكون أقوى لي على الحق».
الترفيه نريد منه إظهار سماحة الإسلام, وفي هذا يقول رسول الله حين رأى من يلهون وأقرهم «لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بُعثت بحنيفية سمحة»
نريد منه إسعاد الصغار لأن الصغار هُمْ بهجة الدنيا وإسعادهم يملأ الأجواء سعادة وفرحاً, نريد منه تنمية الروح, وإزالة الملل والسآمة.
وكم نحتاج إلى أن نتذكر في أثناء سعينا للترفيه إلى أن يكون ترفيهنا في حدود الشرع, لا نضيع واجباً ولا نلج باباً محرماً, وبهذا يسعد المرء بالترفيه ويكون ذلك له لا عليه.
عباد الله: والخروج للبراري فرصة للأب ليربي أبناءه على معاني الرجولة, ويجعلهم يستشعرون قدر ما عندهم من النعم, وقد قال عمر:اخْشَوْشِنُوا وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ
وهي فرصة للمرء أن يتأمل في عظمة الله في خلقه, وكيف أبدع صنعه, وكم في البراري من مجال للتأمل في العظمة, الليل بنجومه وأفلاكه, القمر بنوره وبهاءه, الجبال والوهاد كيف أحصى الله حباتها, الأوراق والأشجار كيف أحصى أوراقها, الطيور والهوام كيف قدر أرزاقها, السماء رفعها, والجبال نصبها, وفي كل شيء له أية تدل على أنه الواحد.
وهي فرصة لاكتساب الأجر بالأذان والصلاة, ففي الحديث الصحيح" يَعْجَبُ رَبُّكُمْ مِنْ رَاعِى غَنَمٍ فِى رَأْسِ شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ يُؤَذِّنُ بِالصَّلاَةِ وَيُصَلِّى فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِى هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاَةَ يَخَافُ مِنِّى فَقَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِى وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ" وفي الصحيح أيضاً" إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا أنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة" وفي مرسل ابن المسيب " من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك فإذا أذن وأقام الصلاة أو أقام صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال"أخرجه مالك في الموطأ
وكم ترى من الناس من يستهين بالصلاة في البراري, ومن يؤخرها عن وقتها, أو يترك السنن الرواتب فيها, ولو استشعر المرء أن تلك الأماكن تشهد له, وأن الله يراه أينما كان لحرص على ذلك.
عباد الله:
والبراري في هذه الأيام ومع ازدحام الناس هناك فرصة للدعوة إلى الله, وتذكير الغافل, وإعانة الناس على الخير, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, وكم يكبر المرء صوراً يسر بها حين يراها, لأناس نذروا أنفسهم لاستصلاح الشباب, أو لإسعادهم بضوابط الشرع, أو لإعانتهم على الصلاة وغير ذلك .
عباد الله: وجميل أن يذكر المرء نفسه في تلك الأماكن غض البصر عما لا يحلّ له, وعدم تتبع العورات, أو أذية المؤمنين والمؤمنات, أو التعرض للأخطار, والإلقاء بالتهلكة بنفسه أو غيره.
وجميل أن يعود المرء نفسه وأولاده الاستعاذة عند النزول, ليكون المرء في حفظ الله عز وجل, وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل للنبي : إن فلانا لدغته عقرب فلم ينم ليلته، فقال: ((أما إنه لو قال حين أمسى: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ما ضره لَدْغُ عقربٍ حتى يصبح)) قال القرطبي: هذا خبز صحيح ، وقول صادق علمنا صدقه دليلا وتجربة ، فاني منذ سمعت هذا الخبر عملت عليه ، فلم يضرَني شي إلى أن تركته، فلدغتي عقرب بالمهدية ليلا, فتفكرت في نفسي ، فاذا بي قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأشهد أن لا إلا إلا الله عالم السر والنجوى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اهتدى:
أما بعد: فإذا اقتطع ولي الأمر من وقته وماله جزءاً لإجمام أهله فإنه ينبغي أن يستشعر حينها أنه مأجور في سعيه وخلوف في نفقته, إذا احتسب الأجر في ذلك, وحين ترى تتايع الناس وتتابعهم على غشيان أماكن الترفيه, البرية منها أو غيرها, فإن مما يحز في الخاطر ما يراه الناظر في تلك الأماكن من تساهل بعض النساء بالجلباب, وارتكاب صورٍ تخل بكمال الحياء, فمالذي يدعوا البعض من النساء للتهاون بالحجاب هناك, مالذي يجعل البعض من الأولياء لا يعنيه أن تمتطي بعض مولياته المراكب تلعب بها بمقربة من الأغراب, جميل أن نرفه أنفسنا وأن نفسح لأولادنا, ولكن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب الستر, وجميل أن نحافظ على نساءنا في البيوت, وأجمل منه أن نحافظ عليهن حين يخرجن, وأن يكون الأولياء على يقظة ممن يتربص بالفتيات الدوائر, وكم حدثت من بلايا من جراء الغفلة التساهل.
وفي أماكن التجمعات والمهرجانات, حيث الازدحام والتقارب, وذاك يجعلنا نتذكر أن هذه الأمور وضعت ليستمتع بها الجميع ولكن هذا لا يجعلنا نلقي بنسائنا وسط أكوام من الشباب أتوا من كل جانب, في مناظر لا ترضي, ولئن كنا واثقين من محارمنا فإننا لسنا على ثقة ممن يتصيدون في تلك الأماكن, وقل مثل ذلك في أسواق النساء التي أصبح جملة منها مجالٌ للشر, ولا عجب ففي الأسواق نصب الشيطان رايته بمصداق قول الرسول عليه السلام.
لقد جعل الله القوامة بأيديكم أيها الرجال, فأنتم المنتظر منكم أن تحافظوا على نسائكم وأنتم المسؤولون دنيا وآخرة عند التقصير, فلنكن عوناً لإخواننا وشبابنا على العفة حين نحصن نسائنا ونصون قواريرنا.
وبعد معاشر الكرام: فالوقت هو حياتنا, ودقائق العمر تمضي, والزمن الذي نقضيه في الترفيه علينا أن لا ننسى أننا عنه مسؤلون وعليه محاسبون, غما أودعنا في خزانة الليل والنهار.
الخطبة الأولى 28/2/1431
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبحلمه وعفوه تكفر السيئات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عالم السر والخفيات, ورب البريات وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , الذي بعثه ربه إلى العباد بشيراً ونذيراً, وقدوةً وإماماً, فجلا الله بدعوته الظلام, وأنار الدرب للأنام , اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحابته الكرام , وسلم تسليماً مزيداً ما توالت الأيام
أما بعد فهاهي الأيام تمضي والناس يرحلون فمن راحلٍ بزاد, ومن راحلٍ بغير زاد, ولن يجد المرء زاداً أعظم من التقوى يلقى به ربه فاتقوا الله عباد الله.
عباد الله:
روى أبو داود وغيره عن شريح الحارثي قال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْبَدْوِ قُلْتُ : َهَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَبْدُو ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ ، كَانَ يَبْدُو إِلَى هَؤُلاَءِ التِّلاعِ".والتلاع هي: مسايل الماء والوديان
عباد الله: الخروج إلى البراري والقفار, والتأمل في عظمة الخالق في الصحاري والأقطار وسيلة تقضى بها الأوقات, وعمل له أصل من فعل رسول الله والسلف الصالح, ودين الإسلام ليس دينَ رهبانية وجمود, بل هو دين فيه الجد والترفيه, وفيه الحزم والإجمام, وإنما يسهل قياد النفس والانتفاع منها أوقات الجد, حين يتعاهد إجمامها الفينة بعد الفينة.
وتأتي أيام هذه الإجازة اليسيرة متزامنة مع نعمة الله على عباده باعتدال الجو والأمن, وبعد موسم دراسة وامتحان, وجد واجتهاد, فرأيت حينها اندفاع الناس للبراري, أو للأسفار, وازدحامهم في أماكن الترفيه,
ولاغضاضة أن يعتني المرء بهذا, بل إن المرء حين يقوم بإسعاد أهل ولد, أو أم وأب, فهو في عبادة إن احتسب الأجر في ذلك, وهو أولى من انشغاله بصحبه وترك أهله يتمنون الاستمتاع معه, وفي مقول الرسول عليه السلام" إن لنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه".
ومع كل هذا فيظل الترفيه والسياحة والسفر وسائل لا غايات, وسائل لغاية كبرى, وهي الاستعانة بكل ذلك على طاعة المولى سبحانه, وأنت راءٍ من الناس من يجعل مثل هذا الترفيه ومنه الرحلات والسفريات غايات, وفي سبيل ذلك يرتكب محرماتٍ ومنهيات, بحجة أنه في سبيل ترفيه, أو في لحظات استجمام, أو لأنه خرج من البلد واستقر في البراري, وهنا فكم نحتاج إلى أن يكون لدى المسلم تذكر لأهداف الترفيه وضوابطه.
الترفيه نريد منه تجديد النشاط، وتقوية الإرادة, وفي هذا يقول أبو الدرداء «إني لأستجم لقلبي بالشيء من اللهو ليكون أقوى لي على الحق».
الترفيه نريد منه إظهار سماحة الإسلام, وفي هذا يقول رسول الله حين رأى من يلهون وأقرهم «لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بُعثت بحنيفية سمحة»
نريد منه إسعاد الصغار لأن الصغار هُمْ بهجة الدنيا وإسعادهم يملأ الأجواء سعادة وفرحاً, نريد منه تنمية الروح, وإزالة الملل والسآمة.
وكم نحتاج إلى أن نتذكر في أثناء سعينا للترفيه إلى أن يكون ترفيهنا في حدود الشرع, لا نضيع واجباً ولا نلج باباً محرماً, وبهذا يسعد المرء بالترفيه ويكون ذلك له لا عليه.
عباد الله: والخروج للبراري فرصة للأب ليربي أبناءه على معاني الرجولة, ويجعلهم يستشعرون قدر ما عندهم من النعم, وقد قال عمر:اخْشَوْشِنُوا وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ
وهي فرصة للمرء أن يتأمل في عظمة الله في خلقه, وكيف أبدع صنعه, وكم في البراري من مجال للتأمل في العظمة, الليل بنجومه وأفلاكه, القمر بنوره وبهاءه, الجبال والوهاد كيف أحصى الله حباتها, الأوراق والأشجار كيف أحصى أوراقها, الطيور والهوام كيف قدر أرزاقها, السماء رفعها, والجبال نصبها, وفي كل شيء له أية تدل على أنه الواحد.
وهي فرصة لاكتساب الأجر بالأذان والصلاة, ففي الحديث الصحيح" يَعْجَبُ رَبُّكُمْ مِنْ رَاعِى غَنَمٍ فِى رَأْسِ شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ يُؤَذِّنُ بِالصَّلاَةِ وَيُصَلِّى فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِى هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاَةَ يَخَافُ مِنِّى فَقَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِى وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ" وفي الصحيح أيضاً" إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا أنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة" وفي مرسل ابن المسيب " من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك فإذا أذن وأقام الصلاة أو أقام صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال"أخرجه مالك في الموطأ
وكم ترى من الناس من يستهين بالصلاة في البراري, ومن يؤخرها عن وقتها, أو يترك السنن الرواتب فيها, ولو استشعر المرء أن تلك الأماكن تشهد له, وأن الله يراه أينما كان لحرص على ذلك.
عباد الله:
والبراري في هذه الأيام ومع ازدحام الناس هناك فرصة للدعوة إلى الله, وتذكير الغافل, وإعانة الناس على الخير, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, وكم يكبر المرء صوراً يسر بها حين يراها, لأناس نذروا أنفسهم لاستصلاح الشباب, أو لإسعادهم بضوابط الشرع, أو لإعانتهم على الصلاة وغير ذلك .
عباد الله: وجميل أن يذكر المرء نفسه في تلك الأماكن غض البصر عما لا يحلّ له, وعدم تتبع العورات, أو أذية المؤمنين والمؤمنات, أو التعرض للأخطار, والإلقاء بالتهلكة بنفسه أو غيره.
وجميل أن يعود المرء نفسه وأولاده الاستعاذة عند النزول, ليكون المرء في حفظ الله عز وجل, وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل للنبي : إن فلانا لدغته عقرب فلم ينم ليلته، فقال: ((أما إنه لو قال حين أمسى: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ما ضره لَدْغُ عقربٍ حتى يصبح)) قال القرطبي: هذا خبز صحيح ، وقول صادق علمنا صدقه دليلا وتجربة ، فاني منذ سمعت هذا الخبر عملت عليه ، فلم يضرَني شي إلى أن تركته، فلدغتي عقرب بالمهدية ليلا, فتفكرت في نفسي ، فاذا بي قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأشهد أن لا إلا إلا الله عالم السر والنجوى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اهتدى:
أما بعد: فإذا اقتطع ولي الأمر من وقته وماله جزءاً لإجمام أهله فإنه ينبغي أن يستشعر حينها أنه مأجور في سعيه وخلوف في نفقته, إذا احتسب الأجر في ذلك, وحين ترى تتايع الناس وتتابعهم على غشيان أماكن الترفيه, البرية منها أو غيرها, فإن مما يحز في الخاطر ما يراه الناظر في تلك الأماكن من تساهل بعض النساء بالجلباب, وارتكاب صورٍ تخل بكمال الحياء, فمالذي يدعوا البعض من النساء للتهاون بالحجاب هناك, مالذي يجعل البعض من الأولياء لا يعنيه أن تمتطي بعض مولياته المراكب تلعب بها بمقربة من الأغراب, جميل أن نرفه أنفسنا وأن نفسح لأولادنا, ولكن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب الستر, وجميل أن نحافظ على نساءنا في البيوت, وأجمل منه أن نحافظ عليهن حين يخرجن, وأن يكون الأولياء على يقظة ممن يتربص بالفتيات الدوائر, وكم حدثت من بلايا من جراء الغفلة التساهل.
وفي أماكن التجمعات والمهرجانات, حيث الازدحام والتقارب, وذاك يجعلنا نتذكر أن هذه الأمور وضعت ليستمتع بها الجميع ولكن هذا لا يجعلنا نلقي بنسائنا وسط أكوام من الشباب أتوا من كل جانب, في مناظر لا ترضي, ولئن كنا واثقين من محارمنا فإننا لسنا على ثقة ممن يتصيدون في تلك الأماكن, وقل مثل ذلك في أسواق النساء التي أصبح جملة منها مجالٌ للشر, ولا عجب ففي الأسواق نصب الشيطان رايته بمصداق قول الرسول عليه السلام.
لقد جعل الله القوامة بأيديكم أيها الرجال, فأنتم المنتظر منكم أن تحافظوا على نسائكم وأنتم المسؤولون دنيا وآخرة عند التقصير, فلنكن عوناً لإخواننا وشبابنا على العفة حين نحصن نسائنا ونصون قواريرنا.
وبعد معاشر الكرام: فالوقت هو حياتنا, ودقائق العمر تمضي, والزمن الذي نقضيه في الترفيه علينا أن لا ننسى أننا عنه مسؤلون وعليه محاسبون, غما أودعنا في خزانة الليل والنهار.