محب الدعوة
02-17-2012, 09:54 PM
حكم طلب الدعاء من الآخرين
السؤال :
ما حكم طلب المسلم من أخيه المسلم الدعاء ممن يتوسم فيه الخير ، ويكون ذاهباً إلى الحج أو سفر غيره ، فيطلب منه الدعاء له بظهر الغيب لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أثنى على أويس ، وحث الصحابة رضوان الله عليهم على طلب الدعاء منه حديث أويس القرني أخرجه مسلم رقم 2542 وهل كره شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك ، وخص الحديث بأويس ، أفيدونا وفقكم الله .
الجواب:
الحمد لله
طلب الدعاء من الرجل الذي ترجى إجابته إما لصلاحه وإما لكونه يذهب إلى أماكن ترجى فيها إجابة الدعاء كالسفر والحج والعمرة وما أشبه ذلك ، هو في الأصل لا بأس به ، لكن إذا كان يخشى منه محذور ، كما لو خشي من اتكال الطالب على دعاء المطلوب ، وأن يكون دائماً متكلاً على غيره فيما يدعو به ربه ـ أو يخشى منه أن يُعجَب المطلوب بنفسه ، ويظن أنه وصل إلى حد يطلب منه الدعاء فيلحقه الغرور ، فهذا يمنع لاشتماله على محذور وأما إذا لم يشتمل على محذور فالأصل فيه الجواز لكن مع ذلك نقول لا ينبغي ، لأنه ليس من عادة الصحابة رضي الله عنهم أن يتواصى بعضهم بعضاً بالدعاء ، وأما ما يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر : ( لا تنسنا يا أخي من صالح دعائك ) أخرجه أبو داود رقم 1498 ، والترمذي رقم 3557 فإنه ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما سؤال بعض الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء ، فمن المعلوم أنه لا أحد يصل إلى مرتبة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإلا فقد طلب منه عكاشة بن محصن أن يدعو له فجعله من الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب ، فقال : أنت منهم أخرجه البخاري رقم 6541 ، ومسلم رقم 216، 218 ، 220 ودخل رجل يسأله أن يسأل الله الغيث لهم فسأله أخرجه البخاري رقم 1013 ، ومسلم رقم 897 .
وأما إيصاء النبي للصحابة أن يطلبوا من أويس القرني أن يدعو لهم فهذا لا شك أنه خاص به ، وإلا فمن المعلوم أن أويساً ليس مثل أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ، ولا غيره من الصحابة ، ومع ذلك لم يوص أحداً من أصحابه أن يطلب من أحدهم أن يدعو لهم .
وخلاصة الجواب أن نقول : إنه لا بأس بطلب الدعاء ممن ترجى إجابته ، بشرط ألا يتضمن ذلك محذوراً ، ومع هذا فإن تركه أفضل وأولى .
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين /212
الدعاء الذي يدعو به العقيم
السؤال :
أنا وزوجتي نحاول أن ننجب طفلاً ، هل تستطيع أن تخبرنا عن سورة في القرآن لنتلوها في الصلاة أو في الدعاء تساعدنا على الإنجاب . وجزاك الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
عليك بدعاء زكريا عليه السلام عندما قال : رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ، فإنه دعاء جميل في غاية المناسبة للحال . وكذلك دعاؤه عليه السلام لما قال : رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ .
وقصة زكريا عليه السلام فيها عبر بالغة وقد قصّها الله علينا في كتابه في عدة مواضع ، فمنها ما جاء في سورة آل عمران في ذكر مريم عليها السلام : ( فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ(37) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ(39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ(40) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي ءَايَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ(41)
ومنها آيات سورة مريم : ( ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا(3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا(4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا(5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ ءالِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا(6) يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا(7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا(8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا(9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي ءايَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا(10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا(11)
ومنها آيات سورة الأنبياء ( وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ(89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)
وتأمُّل قصة زكريا عليه السلام نافع جدا لكل عقيم وكذلك قصة إبراهيم وزوجته سارة فقد رزقهما الله بصبرهما إسحاق عليه السلام وولد لإبراهيم وهو كبير إسماعيل أيضا كما قال تعالى عن خليله : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) سورة إيراهيم
وعلى المسلم في جميع الحالات أن يرضى بقضاء الله وقدره ولو بقي عقيما طيلة عمره ولربما كان صبره خيرا له من الولد ، وكل قضاء الله خير وكلّ أقداره حكمة وكلّ شيء بمشيئته وأمره سبحانه : ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ(49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ(50) سورة الشورى ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
يريد أسماء كتب أدعية صحيحة
السؤال :
سؤالي يتعلق بكيفية التفرقة بين الذكر الصحيح والذكر البدعي. يستغرق ذهابي إلى العمل يوميا بالسيارة ساعتين تقريباً، وللاستفادة من هذا الوقت أستمع إلى القرآن (باللغة العربية مع ترجمة باللغة الإنكليزية) خلال ذهابي إلى العمل وعودتي إلى البيت. كما أحاول تلاوة بعض الأدعية التي تعلمتها من بعض الكتب التي تلقيتها. وهذه الكتب التي نشرت في الهند وباكستان تذكر بأنه ينبغي أن أردد دعاءً معيناً مائة مرة ودعاءً آخر خمسمائة مرة …إلى آخره. وجميع الأدعية الواردة في هذه الكتب تنص على عدد المرات التي ينبغي أن أرددها. وقد بحثت عدداً من الأحاديث الصحيحة ولم أجد هذا النص على عدد معين. وعلى ذلك فهل أكون مقترفاً لبدعة إذا تلوت هذه الأدعية بالعدد المذكور في هذه الكتب؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل توجد كتب معتمدة توصي بها يمكنني أن أتعلم منها الأدعية اليومية للذكر؟
الجواب:
الحمد لله
لقد صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم أذكار تكرر في اليوم والليلة مائة مرة مثلما جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ . " رواه البخاري 3050
وكذلك ما جاء أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ . " رواه البخاري 5936
وأما بالنسبة لتسمية كتب موثوقة وصحيحة في موضوع الأدعية والأذكار فإن هذا الموضوع قد صنفت فيه عدة كتب قديما وحديثاً مفردة وغير مفردة ومن ذلك :
1 - كتاب عمل اليوم والليلة للنسائي - تحقيق فاروق حمادة
2 - الأذكار للأمام النووي - تحقيق عبد القادر الأرناؤوط
3 - الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة - دار ابن عفان - الخبر - السعوية
4 - صحيح الكلم الطيب للألباني - المكتب الإسلامي - بيروت - لبنان
5 - حصن المسلم للقحطاني - مؤسسة الجريسي - الرياض - السعودية
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
زوجها عصبي بماذا تدعو له
السؤال :
تزوجت أختي وبعد زواجها بفترة أصبح زوجها عصبياً جدا حتى وصل إلى درجة العنف فهل هناك دعاء أو سورة يمكن أن تقرأه حتى تنقذ زواجها وتعود حياتها كما كانت ؟
الجواب:
الحمد لله
ليس هناك سورة مخصوصة تتلى أو دعاء مخصوص للحالة المذكورة ، ولكن يمكن أن تدعو هذه الزوجة لزوجها بما يفتح الله عليها ، كأن تقول : اللهم أذهب عنه الغضب ، اللهم اجعله حليماً ، اللهم أنزل عليه السكينة ، وتناشد ربها بأسمائه الحسنى وتتضرّع إليه لتجتهد في تحري أوقات الإجابة كثلث الليل الأخير ، وآخر ساعة من يوم الجمعة ، ويوم عرفة ، وفي السجود في الصلاة ونحو ذلك ، نسأل الله أن يُصلح حالهما ، وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
هل هناك أي دعاء لإزالة الحزن ؟
السؤال :
هل هناك أي دعاء لإزالة الحزن ؟.
الجواب :
في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول عند الكرب : ( لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم ) .
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : أنه كان إذا حزبه أمر قال : ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) .
وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب : الله الله ربي لا أشرك به شيئا ) .
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما أصاب عبدا هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي و نور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ، إلا أذهب الله همه و حزنه وأبدله مكانه فرجا ) . الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية بتحقيق الشيخ الألباني ص72 .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟
لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : ( والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح ، والسلاح بضاربه ، لا بحده فقط ، فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به ، والساعد ساعد قوي ، والمانع مفقود ، حصلت به النكاية في العدو . ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير ) الداء والدواء ص35 .
فيتبين من ذلك أن هناك أحوالا و آدابا و أحكاما يجب توفرها في الدعاء و في الداعي ، و أن هناك موانع و حواجب تحجب وصول الدعاء و استجابته يجب انتفاؤها عن الداعي و عن الدعاء ، فمتى تحقق ذلك تحققت الإجابة .
و من الأسباب المعينة للداعي على تحقيق الإجابة :
1 - الإخلاص في الدعاء ، وهو أهم الآداب وأعظمها وأمر الله عز و جل بالإخلاص في الدعاء فقال سبحانه : ( وادعوه مخلصين له الدين ) ، والإخلاص في الدعاء هو الاعتقاد الجازم بأن المدعو وهو الله عز وجل هو القادر وحده على قضاء حاجته و البعد عن مراءاة الخلق بذلك .
2 - التوبة والرجوع إلى الله تعالى ، فإن المعاصي من الأسباب الرئيسة لحجب الدعاء فينبغي للداعي أن يبادر للتوبة والاستغفار قبل دعائه قال الله عز وجل على لسان نوح عليه السلام : ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) .
3 - التضرع و الخشوع و التذلل و الرغبة و الرهبة ، و هذا هو روح الدعاء و لبه و مقصوده ، قال الله عز وجل : ( ادعوا ربكم تضرعا وخيفة إنه لا يحب المعتدين ) .
4 - الإلحاح والتكرار وعدم الضجر والملل : ويحصل الإلحاح بتكرار الدعاء مرتين أو ثلاث و الاقتصار على الثلاث أفضل اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا . رواه أبو داود و النسائي .
5 - الدعاء حال الرخاء والإكثار منه في وقت اليسر و السعة ، قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) رواه أحمد .
6 - التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى و صفاته العليا في أول الدعاء أو آخره ، قال تعالى : ( و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) .
7 - اختيار جوامع الكلم و أحسن الدعاء و أجمعه و أبينه ، و خير الدعاء دعاء النبي صلى الله عليه و سلم ، و يجوز الدعاء بغيره مما يخص الإنسان به نفسه من حاجات .
و من الآداب كذلك و ليست واجبة : استقبال القبلة و الدعاء على حال طهارة و افتتاح الدعاء بالثناء على الله عز و جل و حمده و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ، و يشرع رفع اليدين حال الدعاء .
و من الأمور المعينة على إجابة الدعاء تحري الأوقات و الأماكن الفاضلة .
فمن الأوقات الفاضلة : وقت السحر و هو ما قبل الفجر ، و منها الثلث الآخر من الليل ، و منها آخر ساعة من يوم الجمعة ، و منها وقت نزول المطر ، و منها بين الأذان و الإقامة .
و من الأماكن الفاضلة : المساجد عموما ، و المسجد الحرام خصوصا .
و من الأحوال التي يستجاب فيها الدعاء : دعوة المظلوم ، و دعوة المسافر ، و دعوة الصائم ، و دعوة المضطر ، و دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب .
أما موانع إجابة الدعاء فمنها :
1- أن يكون الدعاء ضعيفا في نفسه ، لما فيه من الاعتداء أو سوء الأدب مع الله عز و جل ، و الاعتداء هو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله كأن يدعو الإنسان أن يخلده في الدنيا أو أن يدعو بإثم أو محرم أو الدعاء على النفس بالموت و نحوه . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) رواه مسلم .
2 - أن يكون الداعي ضعيفا في نفسه ، لضعف قلبه في إقباله على الله تعالى . أما سوء الأدب مع الله تعالى فمثاله رفع الصوت في الدعاء أو دعاء الله عز و جل دعاء المستغني المنصرف عنه أو التكلف في اللفظ و الانشغال به عن المعنى ، أو تكلف البكاء و الصياح دون وجوده و المبالغة في ذلك .
3 - أن يكون المانع من حصول الإجابة : الوقوع في شيء من محارم الله مثل المال الحرام مأكلا و مشربا و ملبسا و مسكنا و مركبا و دخل الوظائف المحرمة ، و مثل رين المعاصي على القلوب ، و البدعة في الدين و استيلاء الغفلة على القلب .
4 - أكل المال الحرام ، و هو من أكبر موانع استجابة الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، و إن الله أمر المتقين بما أمر به المرسلين فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) و قال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك !! ) رواه مسلم . فتوفر في الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور المعينة على الإجابة من كونه مسافرا مفتقرا إلى الله عز و جل لكن حجبت الاستجابة بسبب أكله للمال الحرام ، نسأل الله السلامة و العافية .
5 - استعجال الإجابة و الاستحسار بترك الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري ومسلم .
6 - تعليق الدعاء ، مثل أن يقول اللهم اغفر لي إن شئت ، بل على الداعي أن يعزم في دعائه و يجد ويجتهد ويلح في دعائه قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له ) رواه البخاري و مسلم .
ولا يلزم لحصول الاستجابة أن يأتي الداعي بكل هذه الآداب و أن تنتفي عنه كل هذه الموانع فهذا أمر عز حصوله ، و لكن أن يجتهد الإنسان وسعه في الإتيان بها .
ومن الأمور المهمة أن يعلم العبد أن الاستجابة للدعاء تكون على أنواع : فإما أن يستجيب له الله عز وجل فيحقق مرغوبه من الدعاء ، أو أن يدفع عنه به شرا ، أو أن ييسر له ما هو خير منه ، أو أن يدخره له عنده يوم القيامة حيث يكون العبد إليه أحوج . والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
هل هناك دعاء للتوفيق بزوجة أو زوج طيّب
السؤال :
هل هناك أي دعاء أو آية يجب علينا أن نقوله لكي نحصل على الزوج أو الزوجة في المستقبل ؟
ما هي الأشياء التي يجب أن يركز عليها الشخص ليعلم بأن هذا /هذه هو/هي الخيار المناسب ؟
هل يمكن للشخص أن يحصل على جواب بأن يجعل القرآن هو طريقه للهداية لما يريد ؟ .
الجواب :
لا يوجد - في حدود ما نعرف - دعاء خاص بهذا الأمر ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن عليك أن تدعوا الله أن يرزقك الزوجة الصالحة .
وقد علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم دعاء الاستخارة ، ومعناه : طلبنا من الله عز وجل أن يختار لنا الأفضل لديننا ودنيانا من الأمور كلها الدينية والدنيوية ، وهذا الدعاء هو ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا الاستخارة في الأمور ، كما يعلمنا السورة ِمن القرآن ، يقول : " إذا همَّ أحدُكم بالأمر : فليركع ركعتين مِن غير الفريضة ، ثم ليقل : "اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك مِن فضلك العظيم ؛ فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أنَّ هذا الأمر - ويسمِّيه - خيرٌ لي في ديني ، ومعاشي ، وعاقبة أمري : فاقدره لي ، ويسِّره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أنَّ هذا الأمر - ويسمِّيه - شرٌّ لي في ديني ، ومعاشي ، وعاقبة أمري : فاصرفه عني ، واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثمَّ أرضني به " . رواه البخاري ( 1109 ) .
وليس هناك شيء يستحق التركيز عليه من أحد الطرفين مثل الدين والخلق .
= فبالنسبة للزوج ، أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الأولياء ، فقال :
"إذا أتاكم مَن ترضوْن خُلُقَه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" . رواه الترمذي ( 1084 ) وابن ماجه ( 1967 ) .
= وبالنسبة للمرأة ، أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال :
"تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، وجمالها ، ولدينها فاظفر بذات الدين ترِبت يداك" . رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) .
قال الحافظ ابن حجر : والمعنى أن اللائق بذي الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره في كل شيء لا سيما فيما تطول صحبته فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتحصيل صاحبة الدين الذي هو غاية البغية . أ. هـ " فتح الباري " ( 9 / 135 ) .
4. وأما الشق الثاني من السؤال عن الاسترشاد بالمصحف :
فإن كنت تقصد أنه يكون كالتنجيم : فهذا حرام ، ومن طرقه المبتدَعة فتح المصحف عشوائياً على إحدى صفحاته ؛ فإن وقعت العين على آية رحمة ، أو آية ثواب : فيعني أن ما سيقدم عليه الشخص شيء طيب وصالح !! والعكس بالعكس : فهذا لا أصل له في الدين ، وهو من طرق الشياطين ، لإضلال عباد الله المؤمنين .
وأما إن قصدت بالاسترشاد اتباعه والعمل بأحكامه : فهذا فيه السعادة الحقيقة التي ما بعدها سعادة ، وهي لزوم الكتاب والسنة ، وهو الطريق الوحيد لهداية الخلق والنجاة عند الله يوم القيامة . وفي هذا قال الله تعالى { ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين } [ البقرة 2 ] ، وقال تعالى { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم } [ الإسراء 9 ] .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
هل من أحبه الله أخر عنه إجابة دعائه ؟
أعلم أن هناك حديثاً قدسياً يقول أن الله يخبر جبريل عليه السلام عندما يدعو عبد والله يحب هذا العبد يؤخر الإجابة حتى يسمع الدعاء أكثر وأكثر وإن كان لا يحبه يلبي له دعاءه حتى لا يسمع صوته ؟ هل هذا في كل حال أم هناك استثناء ( هل إجابة الدعاء من أول مرة دليل على عدم حب الله للعبد ) والموقف هكذا : أذنبت ثم تبت إلى الله وأرسل رسائل عبر الإنترنت في العقيدة والفقه والتذكير بالإسلام والمواعظ وأحافظ على الأذكار دائماً بفضل الله وأدعو لنفسي وللآخرين ولاحظت أن الدعاء يستجاب لي فوراً ولكن أشعر بالخوف أن يكون الله غاضب علي وهو يستجيب لي لأنه لا يريد أن يسمع صوتي هذا الموضوع يقلقني جداً .
الحمد لله
أولاً :
ورد الترغيب في الشرع في الإكثار من الدعاء ، وعدم الاستعجال ، وذلك لأن الدعاء عبادة عظيمة محبوبة لله تعالى ، بل ورد الترهيب من ترك الدعاء ؛ لأن تركه يدل على الاستكبار .
قال الله تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } غافر / 60 .
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي " .
رواه البخاري ( 5981 ) ومسلم ( 2735 ) .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها قالوا إذاً نكثر ؟ قال : الله أكثر " .
رواه الترمذي ( 3573 ) .
والحديث : صححه الترمذي وغيره .
ثانياً :
وأما الحديث الذي ذكره السائل فهو حديث ضعيف جدّاً وهو مرويٌّ من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن العبد يدعو الله وهو يحبه فيقول الله عز وجل : يا جبريل اقض لعبدي هذا حاجته وأخِّرها فإني أحب أن اسمع صوته ، وإن العبد ليدعو الله وهو يبغضه فيقول الله عز وجل : يا جبريل اقض لعبدي هذا حاجته وعجلها فإني أكره أن اسمع صوته " .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 8 / 216 ) ، وفيه إسحق بن عبد الله بن أبي فروة ، وهو متروك كما في " مجمع الزوائد " ( 10 / 151 ) .
وإذا تبين أن الحديث ضعيف جدّاً فلا يصلح للاحتجاج به .
ثالثاً :
لا شك أن العبد إذا وجد من نفسه أن الله يستجيب له فهي نعمة عظيمة تستوجب الشكر والحمد وملازمة الأعمال الصالحة وتقوى الله ؛ فهي من أعظم أسباب استجابة الله لعبده وهي نعمة إذا صحت يغبط عليها السائل ، فكل مسلم يتمنى أن يكون دعاؤه مستجاباً ، وهذا – إن شاء الله- دليل صلاح الرجل وصدقه وإخلاصه فعليه أن يداوم على تقوى الله والأعمال الصالحة واجتناب المحرمات فبهذا تحفظ النعم ، قال الله تعالى : ( لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ) إبراهيم / 7
رابعاً :
ما ذكره السائل من نشره للخير والدعوة إلى الله : فيه خير له إن شاء الله في الدنيا والآخرة وهي من أنواع البر التي تنفعه في الدنيا والآخرة فنسأل الله له التوفيق وأن يسدد خطاه وأن يعينه على ذلك وأن يجزيه خير الجزاء .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الدعاء لله وحده
ما حكم دعاء غير الله ؟.
الحمد لله
الله سبحانه وتعالى قريب من عباده يرى مكانهم ويعلم أحوالهم ويسمع كلامهم ويستجيب دعائهم ولا يخفى عليه شيء من أمرهم كما قال سبحانه : ( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ) آل عمران/5 .
والله وحده هو الذي خلقنا و رزقنا بيده الملك و هو على كل شيء قدير ( لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير ) المائدة/120 .
والله وحده بيده الخير فإذا دعا إلى شيء في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فينبغي الامتثال لذلك والاستجابة له : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحيكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ) الأنفال/24 .
والله على كل شيء قدير يسمع دعاء عباده .. ويستجيب لهم في كل زمان ومكان على اختلاف حاجاتهم ولغاتهم كما قال سبحانه : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) البقرة/186 .
وقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوه سراً بخضوع وتذلل كما قال سبحانه : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ) الأعراف/55 .
والله سبحانه له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير تسبح له السماوات والأرض وما فيهن كما قال سبحانه ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً ) الإسراء/44 .
وقد وعد الله من استكبر عن عبادته ودعائه بنار جهنم فقال تعالى : ( إن الذي يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) غافر/60 .
ودعاء الله يكون بما شرعه الله ورسوله ومن ذلك دعاء الله بأسمائه الحسنى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) الأعراف/180 .
فنقول يا رحمن ارحمنا يا غفور اغفر لنا يا رزاق ارزقنا وهكذا .
وإذا دعا العبد فإما أن يعطيه الله ما سأل أو يصرف عنه سوءاً أعظم مما طلب .. أو يدخر له سؤاله في الآخرة ذلك أن الله أمر بالدعاء ووعد بالإجابة فقال ..( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) غافر/60 .
وقد أمرنا الله بعبادته وحده .. وحذرنا من عبادة الشيطان فقال :( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين - وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) يس/60 - 61 .
ودعوة غير الله في قضاء الحاجات وتفريج الكربات وشفاء الأمراض لوث عقلي سببه عمى البصيرة ..( قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ) الأنعام/71 .
وإن دعاء من لا ينفع ولا يضر ولا يأمر ولا ينهي ولا يسمع ولا يستجيب , من الأنبياء والرسل أو الجن والملائكة ..أو الكواكب والنجوم أو الأشجار والأحجار أو الأموات ..كل ذلك ظلم عظيم ، وضلال عن الصراط المستقيم , وشرك بالله العظيم ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين ) يونس/106 .
وقال سبحانه : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) الأحقاف/5 .
ودعاء غير الله شرك والشرك ذنب عظيم بل هو أعظم الذنوب وكل ذنب يغفره الله لمن يشاء إلا الشرك كما قال سبحانه : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) النساء/48 .
ويوم القيامة يجمع الله المشركين وكل من عبدوه من دون الله فيتبرأ المعبودون من دون الله ممن عبدهم , ويكفرون بشركهم كما قال سبحانه : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ، يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) فاطر/13-15 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري .
متى نرفع اليدين بالدعاء ومتى ندعو دون رفع
السؤال : يتطرق سؤالي هذا إلى أحد أجوبتك السابقة، حيث قلت بأن رفع اليدين عند الدعاء بعد صلاة الفريضة أو بعد صلاة الجمعة هو بدعة . هلا قلت لي متى يكون من الجيد رفع اليدين حال الدعاء ؟ وهل يمكنني رفعهما بعد صلاة النافلة ؟.
الجواب :
الحمد لله
مما ينبغي علمه أن الدعاء عبادة ، وكل عبادة لا نفعلها إلا بدليل ، والأصل في رفع اليدين أنه مع الدعاء إلا إذا كان الدعاء داخل عبادة أخرى فيعتبر الرفع حينذاك فعلا زائدا في تلك العبادة . ومثال ذلك : الصلاة
والخطبة ، والطواف ، والسعي ونحوها . فالصلاة فيها دعاء عند الاستفتاح ، وفي الركوع ، والرفع منه وفي السجدتين ، والجلوس بينهما ، ولكن من رفع يديه في هذه المواضع فيعتبر قد جاء ببدعة ، وهكذا رفع اليدين في الدعاء على المنبر إلا في حال الاستسقاء . ومثله الدعاء حال الطواف والسعي .
وما دلّ الدليل على جواز الرفع فيه فهذا لا شك فيه ، ومالم يرد فيه دليل ولم يكن داخل عبادة أخرى فهو دعاء مطلق ، فهذا لا بأس برفع اليدين فيه . وقد جاء قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ذكره للرجل يمدّ يديه إلى السماء : يا رب ، يا رب ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب له ؟
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يستحي من عبده أن يرفع يديه فيردهما صفرا " وغيره من الأحاديث .
وأما رفعهما بعد صلاة النافلة فإن كان ذلك من غير المعتاد كان يعرض للمرء عارض أن يدعو الله في تلك اللحظة فلا بأس . وإن كان يعتاد الدعاء والرفع بعد الفريضة فليس هناك دليل واضح يدلّ عليه .
الشيخ سعد الحميد .
حكم الدعاء باللغة الانجليزية
السؤال : هل يجوز الدعاء باللغة الإنجليزية ؟.
الجواب :
الحمد لله
الدعاء في اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات جائز خارج الصلاة ، وأما الصلاة فلا يجوز شيء منها بغير العربية عند جمهور العلماء
على أن التزام المسلم باللغة العربية في سائر أحواله لا سيما في عباداته - وَالدعاء هو العبادة - لا شك أنه أولى وأفضل .
الشيخ عبد الكريم الخضير .
هل يدعو العبد ربه مع أن الله يعلم حاجته
يردد البعض حديث لفظه : ( علمه بحالي يغني عن سؤالي ) ويستدلون به على أنه لا حاجة للإنسان أن يدعو الله ، لأن الله يعلم حاجة الإنسان ، فما صحة هذا الكلام ؟.
الحمد لله
هذا القول قول باطل ، لأنه مناف للإيمان بالقدر ، وتعطيل للأسباب ، وترك لعبادة هي أكرم العبادات على الله عز وجل .
فالدعاء أمره عظيم وشأنه جليل ، فبه يرد القدر ، وبه يرفع البلاء ، فهو ينفع مما نزل ومما لم ينزل .
قال عليه الصلاة والسلام : ( ولا يرد القدر إلا الدعاء ) أخرجه أحمد 5/277 ، وابن ماجه ( 90 ) ، والترمذي ( 139 ) وحسنه الألباني في صحيح الجامع ( 7687 ) وانظر الصحيحة ( 145 ) .
وقال : ( من فُتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة ، وما سُئل الله شيئاً يعطى أحب من أن يسأل الله العافية ، إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، فعليكم عباد الله بالدعاء ).أخرجه الترمذي ( 3548 ) .
وقال : ( لا يغني حذر من قدر ، وإن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، وإن الدعاء ليلقى البلاء فيعتلجان إلى يوم القيامة ) أخرجه الطبراني 2/800(33) ، وقال الألباني في صحيح الجامع (7739 ) حسن .
وربما استشهد بعض من يترك الدعاء كبعض الصوفية بحديث : ( حسبي من سؤالي علمه بحالي ) ، وهذا الحديث باطل لا أصل له ، تكلم عليه العلماء ، وبينوا بطلانه .
فقد ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء مشيراً إلى ضعفه فقال : ( وروي عن أبي بن كعب أن إبراهيم قال حين أوثقوه ليلقوه في النار : ( لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين ، لك الحمد ، ولك الملك ، لا شريك لك ، ثم رموا به في المنجنيق إلى النار ، واستقبله جبريل فقال : يا إبراهيم ، لك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا ، فقال جبريل : فاسأل ربك ، فقال إبراهيم : حسبي من سؤالي علمه بحالي ) تفسير البغوي معالم التنزيل 5/347
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الحديث : ( وأما قوله : حسبي من سؤالي علمه بحالي فكلام باطل ، خلاف ما ذكره الله عن إبراهيم الخليل وغيره من الأنبياء ، من دعائهم لله ، ومسألتهم إياه ، وهو خلاف ما أمر الله به عباده من سؤالهم له صلاح الدنيا والآخرة ). مجموع الفتاوى 8/539
وقال الشيخ الألباني عن هذا الحديث : ( لا أصل له ، أورده بعضهم من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو من الإسرائيليات ، ولا أصل له في المرفوع ) سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/28(21)
وقال بعد ذلك عن الحديث : ( وقد أخذ هذا المعنى بعض من صنف في الحكمة على الطريقة الصوفية فقال : سؤالك منه - يعني الله تعالى - اتهام له ) سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/29
ثم قال رحمه الله تعليقاً على تلك المقولة : ( هذه ضلالة كبرى ، فهل كان الأنبياء صلوات الله عليهم متهمين لربهم حين سألوه مختلف الأسئلة ؟ ) سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/29
من كتاب الإيمان بالقضاء والقدر لـ محمد بن إبراهيم الحمد ص 145.
ما هو شروط الدعاء لكي يكون الدعاء مستجاباً مقبولاً عند الله
ما هي شروط الدعاء لكي يكون الدعاء مستجاباً مقبولاً عند الله ؟.
الحمد لله
شروط الدعاء كثيرة ، منها :
1. " ألا يدعوَ إلا الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس : " إذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله " . رواه الترمذي (2516) . وصححه الألباني في صحيح الجامع .
وهذا هو معنى قوله تعالى : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) الجـن/18 ، وهذا الشرط أعظم شروط الدعاء وبدونه لا يقبل دعاء ولا يرفع عمل ، ومن الناس - من يدعو الأموات ويجعلونهم وسائط بينهم وبين الله ، زاعمين أن هؤلاء الصالحين يقربونهم إلى الله ويتوسطون لهم عنده سبحانه وأنهم مذنبون لا جاه لهم عند الله فلذلك يجعلون تلك الوسائط فيدعونها من دون الله , والله سبحانه وتعالى يقول: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) البقرة/186
2. أن يتوسل إلى الله بأحد أنواع التوسل المشروع .
3. تجنب الاستعجال، فإنه من آفات الدعاء التي تمنع قبول الدعاء وفي الحديث: " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي". رواه البخاري (6340) ومسلم (2735)
وفي صحيح مسلم (2736) : " لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يتعجل . قيل يا رسول الله ، ما الاستعجال ؟ قال : يقول : قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء "
4. أن لا يكون الدعاء فيه إثم ولا قطيعة كما في الحديث السابق : "يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم "
5. حسن الظن بالله قال صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي " رواه البخاري (7405) ومسلم (4675) وفي حديث أبي هريرة : " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة " رواه الترمذي , وحسنه الألباني في صحيح الجامع (245).
فمن ظن بربه خيراً أفاض الله عليه جزيل خيراته , وأسبل عليه جميل تفضلاته , ونثر عليه محاسن كراماته وسو ابغ أعطياته .
6. حضور القلب فيكون الداعي حاضر القلب مستشعراً عظمة من يدعوه ، قال صلى الله عليه وسلم : " واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب لاهٍ " رواه الترمذي (3479) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (245).
7. إطابة المأكل ، قال سبحانه وتعالى : ( إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) ، وقد استبعد النبي صلى الله عليه وسلم الاستجابة لمن أكل وشرب ولبس الحرام ففي الحديث : "ذكر صلى الله علبيه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُذيَ بالحرام فأني يستجاب لذلك " رواه مسلم (1015)
قال ابن القيم: "وكذلك أكل الحرام يبطل قوته – يعني الدعاء – ويضعفها".
8. تجنب الاعتداء في الدعاء فإنه سبحانه وتعالى لا يحب الاعتداء في الدعاء قال سبحانه :" ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) الأعراف/55 ، راجع السؤال رقم (41017)
9. ألا ينشغل بالدعاء عن أمر واجب مثل فريضة حاضرة أو يترك القيام بحق والد بحجة الدعاء. ولعل في قصة جريج العابد ما يشير إلى ذلك لما ترك إجابة نداء أمه وأقبل على صلاته فدعت عليه فابتلاه الله .
قال النووي رحمه : " قال العلماء : هذا دليل على أنه كان الصواب في حقه إجابتها لأنه كان في صلاة نفل والاستمرار فيها تطوع لا واجب وإجابة الأم وبرها واجب وعقوقها حرام ..." صحيح مسلم بشرح النووي (16/82).
للاستزادة ينظر كتاب الدعاء لمحمد بن إبراهيم الحمد .
الإسلام سؤال وجواب
حكم الدعاء بغير العربية في الصلاة
هل يمكن أن ندعو بغير العربية في الصلاة بعد التشهد والدعاء موجود في السنة ؟ هل يمكن أن ندعو بدعاء يوجد في القرآن ولا يوجد في السنة ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا كان المصلي يُحسن الدعاء باللغة العربية فلا يجوز له الدعاء بغيرها .
لكن إن كان المصلِّي عاجزاً عن الدعاء بالعربية : فلا مانع من الدعاء بلغته ، على أن يتعلم اللغة العربية أثناء ذلك .
وأما الدعاء بغير العربية خارج الصلاة : فلا بأس به ، ولا حرج فيه لاسيما إذا كان حضور قلب الداعي فيه أعظم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
والدعاء يجوز بالعربية ، وبغير العربية ، والله سبحانه يعلم قصد الداعي ومراده ، وإن لم يقوِّم لسانه ، فإنَّه يعلم ضجيج الأصوات ، باختلاف اللغات على تنوع الحاجات ...
" مجموع الفتاوى " ( 22 / 488 – 489 ) .
وانظر الجواب على السؤالين : ( 3471 ) و ( 11588 ) .
ثانياً :
لا مانع من الدعاء بالأدعية الواردة في القرآن حتى لو لم ترد في السنَّة ، وفي كلٍّ خير وهدى ورشاد ، وأكثر دعاء الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام عرفناه من القرآن ، ولا شك أن أدعيتهم – عليهم الصلاة والسلام – أبلغ الأدعية وأعظمها معانٍ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
وينبغي للخلق أنْ يدْعوا بالأدعية الشرعيَّة التي جاء بها الكتاب والسنة ؛ فإنَّ ذلك لا ريب في فضله وحُسنه وأنَّه الصراط المستقيم ، وقد ذكر علماءُ الإسلام وأئمَّة الدين الأدعيةَ الشرعيَّة ، وأعرضوا عن الأدعية البدعية فينبغي اتباع ذلك.
" مجموع الفتاوى " ( 1 / 346 و 348 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
رفع اليدين عند الدعاء للسفر
هل رفع اليدين في الدعاء مشروع ، وخاصة في السفر بالطائرة أو السيارة أو القطار وغيرها ؟.
الحمد لله
رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة في أي مكان ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( إن ربكم حييّ ستير ، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله ) البقرة / 172 ، وقال سبحانه : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً ) المؤمنون / 51 ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب له ؟ ) رواه مسلم في صحيحه .
فجعل من أسباب الإجابة رفع اليدين ، ومن أسباب المنع وعدم الإجابة أكل الحرام والتغذي بالحرام .
فدل على أن رفع اليدين من أسباب الإجابة ، سواء في الطائرة أو في القطار أو في السيارة أو في المراكب الفضائية أو في غير ذلك ، إذا دعا ورفع يديه . فهذا من أسباب الإجابة إلا في المواضع التي لم يرفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم فلا نرفع فيها ، مثل خطبة الجمعة ، فلم يرفع فيها يديه ، إلا إذا استسقى فهو يرفع يديه فيها .
كذلك بين السجدتين وقبل السلام في آخر التشهد لم يكن يرفع يديه صلى الله عليه وسلم فلا نرفع أيدينا في هذه المواطن التي لم يرفع فيها صلى الله عليه وسلم .
لأن فعله حجة وتركه حجة ، وهكذا بعد السلام من الصلوات الخمس . كان صلى الله عليه وسلم يأتي بالأذكار الشرعية ولا يرفع يديه ، فلا نرفع في ذلك أيدينا إقتداء به صلى الله عليه وسلم أما المواضع التي رفع صلى الله عليه وسلم فيها يديه فالسنة فيها رفع اليدين تأسياً به صلى الله عليه وسلم ولأن ذلك من أسباب الإجابة ، وهكذا المواضع التي يدعو فيها المسلم ربه ولم يرد فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم رفع ولا ترك فإنا نرفع فيها للأحاديث الدالة على أن الرفع من أسباب الإجابة كما تقدم .
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 124
ما حكم الدعاء باللهجة العامية ؟
ما حكم الدعاء باللهجة العامية ؟.
الحمد لله
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية :
عن رجلٍ دعا دعاءً ملحوناً ، فقال له رجل : ما يقبل الله دعاءً ملحوناً ؟
فأجاب :
من قال هذا القول فهو آثمٌ مخالفٌ للكتاب والسنَّة ولما كان عليه السلف ، وأمَّا مَن دعا الله مخلصاً له الدين بدعاءٍ جائزٍ سمعه الله وأجاب دعاه ، سواء كان معرباً أو ملحوناً ، والكلام المذكور لا أصل له ، بل ينبغي للداعي إذا لم يكن عادته الإعراب أن لا يتكلف الإعراب ، قال بعض السلف : إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع ، وهذا كما يكره تكلف السجع في الدعاء ، فإذا وقع بغير تكلفٍ : فلا بأس به ، فإنَّ أصل الدعاء مِن القلب ، واللسان تابعٌ للقلب ، ومَن جعل همَّته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه ، ولهذا يدعو المضطر بقلبه دعاء يفتح عليه ، لا يحضره قبل ذلك ، وهذا أمرٌ يجده كلُّ مؤمنٍ في قلبه ، والدعاء يجوز بالعربيَّة وبغير العربيَّة ، والله سبحانه يعلم قصد الداعي ومراده ، وإن لم يقوِّم لسانه فإنه يعلم ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تنوع الحاجات.
" الفتاوى الكبرى " ( 2 / 424 ، 425 ).
افتتاح الدعاء وختمه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
قبل الدعاء ، أقوم بالثناء على الله وأسأله المغفرة ثم أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم . وبعد الانتهاء من الدعاء، فأنا أعود وأسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم أثني على الله . فهل عملي صحيح، أم أن فيه شيئاً من البدعة ؟
الحمد لله
أما بعد : فيستحب للداعي أن يبدأ دعاءه بالثناء على الله تعالى وحمده ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو بما شاء ، لما روى أبو داود (1481 ) والترمذي (3477) عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عجل هذا "ثم دعاه فقال له أو لغيره : "إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو بعد بما شاء ". والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود (1314).
وروى البيهقي في شعب الإيمان عن علي رضي الله عنه قال " كل دعاء محجوب حتى يصلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم " ورواه بقي بن مخلد عن علي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم . والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4523
وقال عمر رضي الله عنه : "إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم " رواه الترمذي ( 486) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (403).
قال الإمام النووي رحمه الله في الأذكار ص 176 : ( أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء عليه ، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك تختم الدعاء بهما، والآثار في هذا الباب كثيرة مرفوعة ).
واعلم بأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لها ثلاث مراتب :
" إحداها : أن يُصلى عليه قبل الدعاء ، وبعد حمد الله تعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليُصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بعد بما شاء " رواه الترمذي 3477 وصححه الألباني في صحيح أبي داوود 1314.
والمرتبة الثانية : أن يُصلى عليه في أول الدعاء وأوسطه وآخره .
والمرتبة الثالثة : أن يصلى عليه في أوله وآخره ، ويجعل حاجته متوسطة بينهما "انتهى كلام ابن القيم بتصرف من كتاب جلاء الأفهام ص 531
وعلى هذا فعملك صحيح موافق للسنة .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
أماكن وأوقات إجابة الدعاء
ما هي الأوقات والأماكن والأحوال التي يستجاب فيها الدعاء ؟ وما المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم : دبر الصلوات المكتوبات وهل دعاء الوالد لولده مستجاب أم أن الإجابة في دعائه عليه أرجو بيان كل ذلك .
الحمد لله
أوقات الدعاء المستجاب وأماكنه كثيرة جداً وهذه جملة منها :
1. ليلة القدر فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة لما قالت له : أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟
قال : قولي " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ".
2. الدعاء في جوف الليل وهو وقت السحر ووقت النزول الإلهي فإنه سبحانه يتفضل على عباده فينزل ليقضي حاجاتهم ويفرج كرباتهم فيقول : " من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له" رواه البخاري (1145)
3. دبر الصلوات المكتوبات وفي حديث أبي أمامة " قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال جوف الليل الآخر ، ودبر الصلوات المكتوبات" رواه الترمذي (3499) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وقد اختلف في دبر الصلوات - هل هو قبل السلام أو بعده ؟.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أنه قبل السلام ، قال ابن تيمية : " دبر كل شيء منه كدبر الحيوان " زاد المعاد(1/305) ، وقال الشيخ ابن عثمين : " ما ورد من الدعاء مقيداً بدبر الصلاة فهو قبل السلام وما ورد من الذكر مقيداً بدبر الصلاة ، فهو بعد الصلاة ؛ لقوله تعالى : " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم" انظر كتاب الدعاء للشيخ محمد الحمد ص (54).
4. بين الأذان والإقامة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة ) رواه أبو داود (521) والترمذي (212) وانظر صحيح الجامع (2408) .
5. عند النداء للصلوات المكتوبة وعند التحام الصفوف في المعركة كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً : " ثنتان لا تردان ، أو قلما تردان الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضاً " رواه أبو داود وهو صحيح انظر صحيح الجامع (3079 )
6. عند نزول الغيث كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ثنتان ما تردان : ( الدعاء عند النداء وتحت المطر ) رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع (3078 ).
7. في ساعة من الليل كما قال عليه الصلاة والسلام :" إن في الليل ساعة لا يوافقها مسلم يسأل خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة" رواه مسلم ( 757).
8. ساعة يوم الجمعة .
فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال : ( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه ) وأشار بيده يقللها . رواه البخاري (935) ومسلم (852).
انظر سؤال رقم ( 21748 )
9. عند شرب زمزم فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما ماء زمزم لما شرب له " رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع " (5502)
10. في السجود قال صلى الله عليه وسلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " رواه مسلم (482).
11. عند سماع صياح الديكة لحديث : " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله ، فإنها رأت ملكاً " رواه البخاري (2304) ومسلم (2729).
12. عند الدعاء بـ" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم : أنه قال : " دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له " رواه الترمذي وصححه في صحيح الجامع (3383) قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : ( وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ).
قال رحمه الله : في هذه الآية شرط الله لمن دعاه أن يجيبه كما أجابه وينجيه كما نجاه وهو قوله: ( وكذلك ننجي المؤمنين ) الجامع لأحكام القرآن (11/334).
13. إذا وقعت عليه مصيبة فدعا بـ "إنا لله إنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها " فقد أخرج مسلم في صحيحه (918) عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها " رواه مسلم (918).
14. دعاء الناس بعد قبض روح الميت ففي الحديث أن النبي صلى الله دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال : " إن الروح إذا قبض تبعه البصر ، فضج ناس من أهله فقال : لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " رواه مسلم (2732).
15. الدعاء عند المريض : فقد أخرج مسلم (919) عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : قال صلى الله عليه وسلم : " إذا حضرتم المريض فقولوا خيراً فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون .. قالت : فلما مات أبو سلمة أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إن أبا سلمة قد مات، فقال لي : قولي : اللهم اغفر لي وله وأعقبني منه عقبى حسنة " قالت : فقلت فأعقبني الله من هو خير لي منه ، محمداً صلى الله عليه وسلم ".
16. دعوة المظلوم وفي الحديث : " واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " رواه البخاري (469) ومسلم (19) وقال عليه الصلاة والسلام : " دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ؛ ففجوره على نفسه " رواه أحمد وانظر صحيح الجامع (3382).
17. دعاء الوالد لولده – أي : لنفعه - ودعاء الصائم في يوم صيامه ودعوة المسافر فقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد لولده ، ودعوة الصائم ودعوة المسافر " رواه البيهقي وهو في صحيح الجامع (2032) وفي الصحيحة (1797).
18. دعوة الوالد على ولده – أي : لضرره - ففي الحديث الصحيح : " ثلاث دعوات مستجابات : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده " رواه الترمذي (1905) وانظر صحيح الأدب المفرد (372)
19. دعاء الولد الصالح لوالديه كما ورد في الحديث الذي أخرجه مسلم (1631) : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به )
20. الدعاء بعد زوال الشمس قبل الظهر فعن عبد الله بن السائب – رضي الله عنه أن رسول الله كان يصلي أربعاً بعد أن تزول الشمس قبل الظهر وقال : " إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح " رواه الترمذي وهو صحيح الإسناد انظر تخريج المشكاة (1/337) .
21. الدعاء عند الاستيقاظ من الليل وقول الدعاء الوارد في ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم : " من تعارّ ( أي : استيقظ ) من الليل فقال : " لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال : اللهم اغفر لي – أو دعا – استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته " رواه البخاري (1154) .
الإسلام سؤال وجواب
السؤال :
ما حكم طلب المسلم من أخيه المسلم الدعاء ممن يتوسم فيه الخير ، ويكون ذاهباً إلى الحج أو سفر غيره ، فيطلب منه الدعاء له بظهر الغيب لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أثنى على أويس ، وحث الصحابة رضوان الله عليهم على طلب الدعاء منه حديث أويس القرني أخرجه مسلم رقم 2542 وهل كره شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك ، وخص الحديث بأويس ، أفيدونا وفقكم الله .
الجواب:
الحمد لله
طلب الدعاء من الرجل الذي ترجى إجابته إما لصلاحه وإما لكونه يذهب إلى أماكن ترجى فيها إجابة الدعاء كالسفر والحج والعمرة وما أشبه ذلك ، هو في الأصل لا بأس به ، لكن إذا كان يخشى منه محذور ، كما لو خشي من اتكال الطالب على دعاء المطلوب ، وأن يكون دائماً متكلاً على غيره فيما يدعو به ربه ـ أو يخشى منه أن يُعجَب المطلوب بنفسه ، ويظن أنه وصل إلى حد يطلب منه الدعاء فيلحقه الغرور ، فهذا يمنع لاشتماله على محذور وأما إذا لم يشتمل على محذور فالأصل فيه الجواز لكن مع ذلك نقول لا ينبغي ، لأنه ليس من عادة الصحابة رضي الله عنهم أن يتواصى بعضهم بعضاً بالدعاء ، وأما ما يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر : ( لا تنسنا يا أخي من صالح دعائك ) أخرجه أبو داود رقم 1498 ، والترمذي رقم 3557 فإنه ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما سؤال بعض الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء ، فمن المعلوم أنه لا أحد يصل إلى مرتبة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإلا فقد طلب منه عكاشة بن محصن أن يدعو له فجعله من الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب ، فقال : أنت منهم أخرجه البخاري رقم 6541 ، ومسلم رقم 216، 218 ، 220 ودخل رجل يسأله أن يسأل الله الغيث لهم فسأله أخرجه البخاري رقم 1013 ، ومسلم رقم 897 .
وأما إيصاء النبي للصحابة أن يطلبوا من أويس القرني أن يدعو لهم فهذا لا شك أنه خاص به ، وإلا فمن المعلوم أن أويساً ليس مثل أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ، ولا غيره من الصحابة ، ومع ذلك لم يوص أحداً من أصحابه أن يطلب من أحدهم أن يدعو لهم .
وخلاصة الجواب أن نقول : إنه لا بأس بطلب الدعاء ممن ترجى إجابته ، بشرط ألا يتضمن ذلك محذوراً ، ومع هذا فإن تركه أفضل وأولى .
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين /212
الدعاء الذي يدعو به العقيم
السؤال :
أنا وزوجتي نحاول أن ننجب طفلاً ، هل تستطيع أن تخبرنا عن سورة في القرآن لنتلوها في الصلاة أو في الدعاء تساعدنا على الإنجاب . وجزاك الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
عليك بدعاء زكريا عليه السلام عندما قال : رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ، فإنه دعاء جميل في غاية المناسبة للحال . وكذلك دعاؤه عليه السلام لما قال : رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ .
وقصة زكريا عليه السلام فيها عبر بالغة وقد قصّها الله علينا في كتابه في عدة مواضع ، فمنها ما جاء في سورة آل عمران في ذكر مريم عليها السلام : ( فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ(37) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ(39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ(40) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي ءَايَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ(41)
ومنها آيات سورة مريم : ( ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا(3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا(4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا(5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ ءالِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا(6) يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا(7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا(8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا(9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي ءايَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا(10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا(11)
ومنها آيات سورة الأنبياء ( وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ(89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)
وتأمُّل قصة زكريا عليه السلام نافع جدا لكل عقيم وكذلك قصة إبراهيم وزوجته سارة فقد رزقهما الله بصبرهما إسحاق عليه السلام وولد لإبراهيم وهو كبير إسماعيل أيضا كما قال تعالى عن خليله : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) سورة إيراهيم
وعلى المسلم في جميع الحالات أن يرضى بقضاء الله وقدره ولو بقي عقيما طيلة عمره ولربما كان صبره خيرا له من الولد ، وكل قضاء الله خير وكلّ أقداره حكمة وكلّ شيء بمشيئته وأمره سبحانه : ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ(49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ(50) سورة الشورى ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
يريد أسماء كتب أدعية صحيحة
السؤال :
سؤالي يتعلق بكيفية التفرقة بين الذكر الصحيح والذكر البدعي. يستغرق ذهابي إلى العمل يوميا بالسيارة ساعتين تقريباً، وللاستفادة من هذا الوقت أستمع إلى القرآن (باللغة العربية مع ترجمة باللغة الإنكليزية) خلال ذهابي إلى العمل وعودتي إلى البيت. كما أحاول تلاوة بعض الأدعية التي تعلمتها من بعض الكتب التي تلقيتها. وهذه الكتب التي نشرت في الهند وباكستان تذكر بأنه ينبغي أن أردد دعاءً معيناً مائة مرة ودعاءً آخر خمسمائة مرة …إلى آخره. وجميع الأدعية الواردة في هذه الكتب تنص على عدد المرات التي ينبغي أن أرددها. وقد بحثت عدداً من الأحاديث الصحيحة ولم أجد هذا النص على عدد معين. وعلى ذلك فهل أكون مقترفاً لبدعة إذا تلوت هذه الأدعية بالعدد المذكور في هذه الكتب؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل توجد كتب معتمدة توصي بها يمكنني أن أتعلم منها الأدعية اليومية للذكر؟
الجواب:
الحمد لله
لقد صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم أذكار تكرر في اليوم والليلة مائة مرة مثلما جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ . " رواه البخاري 3050
وكذلك ما جاء أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ . " رواه البخاري 5936
وأما بالنسبة لتسمية كتب موثوقة وصحيحة في موضوع الأدعية والأذكار فإن هذا الموضوع قد صنفت فيه عدة كتب قديما وحديثاً مفردة وغير مفردة ومن ذلك :
1 - كتاب عمل اليوم والليلة للنسائي - تحقيق فاروق حمادة
2 - الأذكار للأمام النووي - تحقيق عبد القادر الأرناؤوط
3 - الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة - دار ابن عفان - الخبر - السعوية
4 - صحيح الكلم الطيب للألباني - المكتب الإسلامي - بيروت - لبنان
5 - حصن المسلم للقحطاني - مؤسسة الجريسي - الرياض - السعودية
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
زوجها عصبي بماذا تدعو له
السؤال :
تزوجت أختي وبعد زواجها بفترة أصبح زوجها عصبياً جدا حتى وصل إلى درجة العنف فهل هناك دعاء أو سورة يمكن أن تقرأه حتى تنقذ زواجها وتعود حياتها كما كانت ؟
الجواب:
الحمد لله
ليس هناك سورة مخصوصة تتلى أو دعاء مخصوص للحالة المذكورة ، ولكن يمكن أن تدعو هذه الزوجة لزوجها بما يفتح الله عليها ، كأن تقول : اللهم أذهب عنه الغضب ، اللهم اجعله حليماً ، اللهم أنزل عليه السكينة ، وتناشد ربها بأسمائه الحسنى وتتضرّع إليه لتجتهد في تحري أوقات الإجابة كثلث الليل الأخير ، وآخر ساعة من يوم الجمعة ، ويوم عرفة ، وفي السجود في الصلاة ونحو ذلك ، نسأل الله أن يُصلح حالهما ، وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
هل هناك أي دعاء لإزالة الحزن ؟
السؤال :
هل هناك أي دعاء لإزالة الحزن ؟.
الجواب :
في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول عند الكرب : ( لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم ) .
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : أنه كان إذا حزبه أمر قال : ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) .
وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب : الله الله ربي لا أشرك به شيئا ) .
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما أصاب عبدا هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي و نور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ، إلا أذهب الله همه و حزنه وأبدله مكانه فرجا ) . الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية بتحقيق الشيخ الألباني ص72 .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟
لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : ( والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح ، والسلاح بضاربه ، لا بحده فقط ، فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به ، والساعد ساعد قوي ، والمانع مفقود ، حصلت به النكاية في العدو . ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير ) الداء والدواء ص35 .
فيتبين من ذلك أن هناك أحوالا و آدابا و أحكاما يجب توفرها في الدعاء و في الداعي ، و أن هناك موانع و حواجب تحجب وصول الدعاء و استجابته يجب انتفاؤها عن الداعي و عن الدعاء ، فمتى تحقق ذلك تحققت الإجابة .
و من الأسباب المعينة للداعي على تحقيق الإجابة :
1 - الإخلاص في الدعاء ، وهو أهم الآداب وأعظمها وأمر الله عز و جل بالإخلاص في الدعاء فقال سبحانه : ( وادعوه مخلصين له الدين ) ، والإخلاص في الدعاء هو الاعتقاد الجازم بأن المدعو وهو الله عز وجل هو القادر وحده على قضاء حاجته و البعد عن مراءاة الخلق بذلك .
2 - التوبة والرجوع إلى الله تعالى ، فإن المعاصي من الأسباب الرئيسة لحجب الدعاء فينبغي للداعي أن يبادر للتوبة والاستغفار قبل دعائه قال الله عز وجل على لسان نوح عليه السلام : ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) .
3 - التضرع و الخشوع و التذلل و الرغبة و الرهبة ، و هذا هو روح الدعاء و لبه و مقصوده ، قال الله عز وجل : ( ادعوا ربكم تضرعا وخيفة إنه لا يحب المعتدين ) .
4 - الإلحاح والتكرار وعدم الضجر والملل : ويحصل الإلحاح بتكرار الدعاء مرتين أو ثلاث و الاقتصار على الثلاث أفضل اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا . رواه أبو داود و النسائي .
5 - الدعاء حال الرخاء والإكثار منه في وقت اليسر و السعة ، قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) رواه أحمد .
6 - التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى و صفاته العليا في أول الدعاء أو آخره ، قال تعالى : ( و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) .
7 - اختيار جوامع الكلم و أحسن الدعاء و أجمعه و أبينه ، و خير الدعاء دعاء النبي صلى الله عليه و سلم ، و يجوز الدعاء بغيره مما يخص الإنسان به نفسه من حاجات .
و من الآداب كذلك و ليست واجبة : استقبال القبلة و الدعاء على حال طهارة و افتتاح الدعاء بالثناء على الله عز و جل و حمده و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ، و يشرع رفع اليدين حال الدعاء .
و من الأمور المعينة على إجابة الدعاء تحري الأوقات و الأماكن الفاضلة .
فمن الأوقات الفاضلة : وقت السحر و هو ما قبل الفجر ، و منها الثلث الآخر من الليل ، و منها آخر ساعة من يوم الجمعة ، و منها وقت نزول المطر ، و منها بين الأذان و الإقامة .
و من الأماكن الفاضلة : المساجد عموما ، و المسجد الحرام خصوصا .
و من الأحوال التي يستجاب فيها الدعاء : دعوة المظلوم ، و دعوة المسافر ، و دعوة الصائم ، و دعوة المضطر ، و دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب .
أما موانع إجابة الدعاء فمنها :
1- أن يكون الدعاء ضعيفا في نفسه ، لما فيه من الاعتداء أو سوء الأدب مع الله عز و جل ، و الاعتداء هو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله كأن يدعو الإنسان أن يخلده في الدنيا أو أن يدعو بإثم أو محرم أو الدعاء على النفس بالموت و نحوه . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) رواه مسلم .
2 - أن يكون الداعي ضعيفا في نفسه ، لضعف قلبه في إقباله على الله تعالى . أما سوء الأدب مع الله تعالى فمثاله رفع الصوت في الدعاء أو دعاء الله عز و جل دعاء المستغني المنصرف عنه أو التكلف في اللفظ و الانشغال به عن المعنى ، أو تكلف البكاء و الصياح دون وجوده و المبالغة في ذلك .
3 - أن يكون المانع من حصول الإجابة : الوقوع في شيء من محارم الله مثل المال الحرام مأكلا و مشربا و ملبسا و مسكنا و مركبا و دخل الوظائف المحرمة ، و مثل رين المعاصي على القلوب ، و البدعة في الدين و استيلاء الغفلة على القلب .
4 - أكل المال الحرام ، و هو من أكبر موانع استجابة الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، و إن الله أمر المتقين بما أمر به المرسلين فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) و قال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك !! ) رواه مسلم . فتوفر في الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور المعينة على الإجابة من كونه مسافرا مفتقرا إلى الله عز و جل لكن حجبت الاستجابة بسبب أكله للمال الحرام ، نسأل الله السلامة و العافية .
5 - استعجال الإجابة و الاستحسار بترك الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري ومسلم .
6 - تعليق الدعاء ، مثل أن يقول اللهم اغفر لي إن شئت ، بل على الداعي أن يعزم في دعائه و يجد ويجتهد ويلح في دعائه قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له ) رواه البخاري و مسلم .
ولا يلزم لحصول الاستجابة أن يأتي الداعي بكل هذه الآداب و أن تنتفي عنه كل هذه الموانع فهذا أمر عز حصوله ، و لكن أن يجتهد الإنسان وسعه في الإتيان بها .
ومن الأمور المهمة أن يعلم العبد أن الاستجابة للدعاء تكون على أنواع : فإما أن يستجيب له الله عز وجل فيحقق مرغوبه من الدعاء ، أو أن يدفع عنه به شرا ، أو أن ييسر له ما هو خير منه ، أو أن يدخره له عنده يوم القيامة حيث يكون العبد إليه أحوج . والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
هل هناك دعاء للتوفيق بزوجة أو زوج طيّب
السؤال :
هل هناك أي دعاء أو آية يجب علينا أن نقوله لكي نحصل على الزوج أو الزوجة في المستقبل ؟
ما هي الأشياء التي يجب أن يركز عليها الشخص ليعلم بأن هذا /هذه هو/هي الخيار المناسب ؟
هل يمكن للشخص أن يحصل على جواب بأن يجعل القرآن هو طريقه للهداية لما يريد ؟ .
الجواب :
لا يوجد - في حدود ما نعرف - دعاء خاص بهذا الأمر ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن عليك أن تدعوا الله أن يرزقك الزوجة الصالحة .
وقد علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم دعاء الاستخارة ، ومعناه : طلبنا من الله عز وجل أن يختار لنا الأفضل لديننا ودنيانا من الأمور كلها الدينية والدنيوية ، وهذا الدعاء هو ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا الاستخارة في الأمور ، كما يعلمنا السورة ِمن القرآن ، يقول : " إذا همَّ أحدُكم بالأمر : فليركع ركعتين مِن غير الفريضة ، ثم ليقل : "اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك مِن فضلك العظيم ؛ فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أنَّ هذا الأمر - ويسمِّيه - خيرٌ لي في ديني ، ومعاشي ، وعاقبة أمري : فاقدره لي ، ويسِّره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أنَّ هذا الأمر - ويسمِّيه - شرٌّ لي في ديني ، ومعاشي ، وعاقبة أمري : فاصرفه عني ، واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثمَّ أرضني به " . رواه البخاري ( 1109 ) .
وليس هناك شيء يستحق التركيز عليه من أحد الطرفين مثل الدين والخلق .
= فبالنسبة للزوج ، أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الأولياء ، فقال :
"إذا أتاكم مَن ترضوْن خُلُقَه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" . رواه الترمذي ( 1084 ) وابن ماجه ( 1967 ) .
= وبالنسبة للمرأة ، أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال :
"تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، وجمالها ، ولدينها فاظفر بذات الدين ترِبت يداك" . رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) .
قال الحافظ ابن حجر : والمعنى أن اللائق بذي الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره في كل شيء لا سيما فيما تطول صحبته فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتحصيل صاحبة الدين الذي هو غاية البغية . أ. هـ " فتح الباري " ( 9 / 135 ) .
4. وأما الشق الثاني من السؤال عن الاسترشاد بالمصحف :
فإن كنت تقصد أنه يكون كالتنجيم : فهذا حرام ، ومن طرقه المبتدَعة فتح المصحف عشوائياً على إحدى صفحاته ؛ فإن وقعت العين على آية رحمة ، أو آية ثواب : فيعني أن ما سيقدم عليه الشخص شيء طيب وصالح !! والعكس بالعكس : فهذا لا أصل له في الدين ، وهو من طرق الشياطين ، لإضلال عباد الله المؤمنين .
وأما إن قصدت بالاسترشاد اتباعه والعمل بأحكامه : فهذا فيه السعادة الحقيقة التي ما بعدها سعادة ، وهي لزوم الكتاب والسنة ، وهو الطريق الوحيد لهداية الخلق والنجاة عند الله يوم القيامة . وفي هذا قال الله تعالى { ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين } [ البقرة 2 ] ، وقال تعالى { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم } [ الإسراء 9 ] .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
هل من أحبه الله أخر عنه إجابة دعائه ؟
أعلم أن هناك حديثاً قدسياً يقول أن الله يخبر جبريل عليه السلام عندما يدعو عبد والله يحب هذا العبد يؤخر الإجابة حتى يسمع الدعاء أكثر وأكثر وإن كان لا يحبه يلبي له دعاءه حتى لا يسمع صوته ؟ هل هذا في كل حال أم هناك استثناء ( هل إجابة الدعاء من أول مرة دليل على عدم حب الله للعبد ) والموقف هكذا : أذنبت ثم تبت إلى الله وأرسل رسائل عبر الإنترنت في العقيدة والفقه والتذكير بالإسلام والمواعظ وأحافظ على الأذكار دائماً بفضل الله وأدعو لنفسي وللآخرين ولاحظت أن الدعاء يستجاب لي فوراً ولكن أشعر بالخوف أن يكون الله غاضب علي وهو يستجيب لي لأنه لا يريد أن يسمع صوتي هذا الموضوع يقلقني جداً .
الحمد لله
أولاً :
ورد الترغيب في الشرع في الإكثار من الدعاء ، وعدم الاستعجال ، وذلك لأن الدعاء عبادة عظيمة محبوبة لله تعالى ، بل ورد الترهيب من ترك الدعاء ؛ لأن تركه يدل على الاستكبار .
قال الله تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } غافر / 60 .
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي " .
رواه البخاري ( 5981 ) ومسلم ( 2735 ) .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها قالوا إذاً نكثر ؟ قال : الله أكثر " .
رواه الترمذي ( 3573 ) .
والحديث : صححه الترمذي وغيره .
ثانياً :
وأما الحديث الذي ذكره السائل فهو حديث ضعيف جدّاً وهو مرويٌّ من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن العبد يدعو الله وهو يحبه فيقول الله عز وجل : يا جبريل اقض لعبدي هذا حاجته وأخِّرها فإني أحب أن اسمع صوته ، وإن العبد ليدعو الله وهو يبغضه فيقول الله عز وجل : يا جبريل اقض لعبدي هذا حاجته وعجلها فإني أكره أن اسمع صوته " .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 8 / 216 ) ، وفيه إسحق بن عبد الله بن أبي فروة ، وهو متروك كما في " مجمع الزوائد " ( 10 / 151 ) .
وإذا تبين أن الحديث ضعيف جدّاً فلا يصلح للاحتجاج به .
ثالثاً :
لا شك أن العبد إذا وجد من نفسه أن الله يستجيب له فهي نعمة عظيمة تستوجب الشكر والحمد وملازمة الأعمال الصالحة وتقوى الله ؛ فهي من أعظم أسباب استجابة الله لعبده وهي نعمة إذا صحت يغبط عليها السائل ، فكل مسلم يتمنى أن يكون دعاؤه مستجاباً ، وهذا – إن شاء الله- دليل صلاح الرجل وصدقه وإخلاصه فعليه أن يداوم على تقوى الله والأعمال الصالحة واجتناب المحرمات فبهذا تحفظ النعم ، قال الله تعالى : ( لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ) إبراهيم / 7
رابعاً :
ما ذكره السائل من نشره للخير والدعوة إلى الله : فيه خير له إن شاء الله في الدنيا والآخرة وهي من أنواع البر التي تنفعه في الدنيا والآخرة فنسأل الله له التوفيق وأن يسدد خطاه وأن يعينه على ذلك وأن يجزيه خير الجزاء .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الدعاء لله وحده
ما حكم دعاء غير الله ؟.
الحمد لله
الله سبحانه وتعالى قريب من عباده يرى مكانهم ويعلم أحوالهم ويسمع كلامهم ويستجيب دعائهم ولا يخفى عليه شيء من أمرهم كما قال سبحانه : ( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ) آل عمران/5 .
والله وحده هو الذي خلقنا و رزقنا بيده الملك و هو على كل شيء قدير ( لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير ) المائدة/120 .
والله وحده بيده الخير فإذا دعا إلى شيء في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فينبغي الامتثال لذلك والاستجابة له : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحيكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ) الأنفال/24 .
والله على كل شيء قدير يسمع دعاء عباده .. ويستجيب لهم في كل زمان ومكان على اختلاف حاجاتهم ولغاتهم كما قال سبحانه : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) البقرة/186 .
وقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوه سراً بخضوع وتذلل كما قال سبحانه : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ) الأعراف/55 .
والله سبحانه له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير تسبح له السماوات والأرض وما فيهن كما قال سبحانه ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً ) الإسراء/44 .
وقد وعد الله من استكبر عن عبادته ودعائه بنار جهنم فقال تعالى : ( إن الذي يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) غافر/60 .
ودعاء الله يكون بما شرعه الله ورسوله ومن ذلك دعاء الله بأسمائه الحسنى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) الأعراف/180 .
فنقول يا رحمن ارحمنا يا غفور اغفر لنا يا رزاق ارزقنا وهكذا .
وإذا دعا العبد فإما أن يعطيه الله ما سأل أو يصرف عنه سوءاً أعظم مما طلب .. أو يدخر له سؤاله في الآخرة ذلك أن الله أمر بالدعاء ووعد بالإجابة فقال ..( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) غافر/60 .
وقد أمرنا الله بعبادته وحده .. وحذرنا من عبادة الشيطان فقال :( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين - وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) يس/60 - 61 .
ودعوة غير الله في قضاء الحاجات وتفريج الكربات وشفاء الأمراض لوث عقلي سببه عمى البصيرة ..( قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ) الأنعام/71 .
وإن دعاء من لا ينفع ولا يضر ولا يأمر ولا ينهي ولا يسمع ولا يستجيب , من الأنبياء والرسل أو الجن والملائكة ..أو الكواكب والنجوم أو الأشجار والأحجار أو الأموات ..كل ذلك ظلم عظيم ، وضلال عن الصراط المستقيم , وشرك بالله العظيم ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين ) يونس/106 .
وقال سبحانه : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) الأحقاف/5 .
ودعاء غير الله شرك والشرك ذنب عظيم بل هو أعظم الذنوب وكل ذنب يغفره الله لمن يشاء إلا الشرك كما قال سبحانه : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) النساء/48 .
ويوم القيامة يجمع الله المشركين وكل من عبدوه من دون الله فيتبرأ المعبودون من دون الله ممن عبدهم , ويكفرون بشركهم كما قال سبحانه : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ، يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) فاطر/13-15 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري .
متى نرفع اليدين بالدعاء ومتى ندعو دون رفع
السؤال : يتطرق سؤالي هذا إلى أحد أجوبتك السابقة، حيث قلت بأن رفع اليدين عند الدعاء بعد صلاة الفريضة أو بعد صلاة الجمعة هو بدعة . هلا قلت لي متى يكون من الجيد رفع اليدين حال الدعاء ؟ وهل يمكنني رفعهما بعد صلاة النافلة ؟.
الجواب :
الحمد لله
مما ينبغي علمه أن الدعاء عبادة ، وكل عبادة لا نفعلها إلا بدليل ، والأصل في رفع اليدين أنه مع الدعاء إلا إذا كان الدعاء داخل عبادة أخرى فيعتبر الرفع حينذاك فعلا زائدا في تلك العبادة . ومثال ذلك : الصلاة
والخطبة ، والطواف ، والسعي ونحوها . فالصلاة فيها دعاء عند الاستفتاح ، وفي الركوع ، والرفع منه وفي السجدتين ، والجلوس بينهما ، ولكن من رفع يديه في هذه المواضع فيعتبر قد جاء ببدعة ، وهكذا رفع اليدين في الدعاء على المنبر إلا في حال الاستسقاء . ومثله الدعاء حال الطواف والسعي .
وما دلّ الدليل على جواز الرفع فيه فهذا لا شك فيه ، ومالم يرد فيه دليل ولم يكن داخل عبادة أخرى فهو دعاء مطلق ، فهذا لا بأس برفع اليدين فيه . وقد جاء قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ذكره للرجل يمدّ يديه إلى السماء : يا رب ، يا رب ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب له ؟
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يستحي من عبده أن يرفع يديه فيردهما صفرا " وغيره من الأحاديث .
وأما رفعهما بعد صلاة النافلة فإن كان ذلك من غير المعتاد كان يعرض للمرء عارض أن يدعو الله في تلك اللحظة فلا بأس . وإن كان يعتاد الدعاء والرفع بعد الفريضة فليس هناك دليل واضح يدلّ عليه .
الشيخ سعد الحميد .
حكم الدعاء باللغة الانجليزية
السؤال : هل يجوز الدعاء باللغة الإنجليزية ؟.
الجواب :
الحمد لله
الدعاء في اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات جائز خارج الصلاة ، وأما الصلاة فلا يجوز شيء منها بغير العربية عند جمهور العلماء
على أن التزام المسلم باللغة العربية في سائر أحواله لا سيما في عباداته - وَالدعاء هو العبادة - لا شك أنه أولى وأفضل .
الشيخ عبد الكريم الخضير .
هل يدعو العبد ربه مع أن الله يعلم حاجته
يردد البعض حديث لفظه : ( علمه بحالي يغني عن سؤالي ) ويستدلون به على أنه لا حاجة للإنسان أن يدعو الله ، لأن الله يعلم حاجة الإنسان ، فما صحة هذا الكلام ؟.
الحمد لله
هذا القول قول باطل ، لأنه مناف للإيمان بالقدر ، وتعطيل للأسباب ، وترك لعبادة هي أكرم العبادات على الله عز وجل .
فالدعاء أمره عظيم وشأنه جليل ، فبه يرد القدر ، وبه يرفع البلاء ، فهو ينفع مما نزل ومما لم ينزل .
قال عليه الصلاة والسلام : ( ولا يرد القدر إلا الدعاء ) أخرجه أحمد 5/277 ، وابن ماجه ( 90 ) ، والترمذي ( 139 ) وحسنه الألباني في صحيح الجامع ( 7687 ) وانظر الصحيحة ( 145 ) .
وقال : ( من فُتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة ، وما سُئل الله شيئاً يعطى أحب من أن يسأل الله العافية ، إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، فعليكم عباد الله بالدعاء ).أخرجه الترمذي ( 3548 ) .
وقال : ( لا يغني حذر من قدر ، وإن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، وإن الدعاء ليلقى البلاء فيعتلجان إلى يوم القيامة ) أخرجه الطبراني 2/800(33) ، وقال الألباني في صحيح الجامع (7739 ) حسن .
وربما استشهد بعض من يترك الدعاء كبعض الصوفية بحديث : ( حسبي من سؤالي علمه بحالي ) ، وهذا الحديث باطل لا أصل له ، تكلم عليه العلماء ، وبينوا بطلانه .
فقد ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء مشيراً إلى ضعفه فقال : ( وروي عن أبي بن كعب أن إبراهيم قال حين أوثقوه ليلقوه في النار : ( لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين ، لك الحمد ، ولك الملك ، لا شريك لك ، ثم رموا به في المنجنيق إلى النار ، واستقبله جبريل فقال : يا إبراهيم ، لك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا ، فقال جبريل : فاسأل ربك ، فقال إبراهيم : حسبي من سؤالي علمه بحالي ) تفسير البغوي معالم التنزيل 5/347
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الحديث : ( وأما قوله : حسبي من سؤالي علمه بحالي فكلام باطل ، خلاف ما ذكره الله عن إبراهيم الخليل وغيره من الأنبياء ، من دعائهم لله ، ومسألتهم إياه ، وهو خلاف ما أمر الله به عباده من سؤالهم له صلاح الدنيا والآخرة ). مجموع الفتاوى 8/539
وقال الشيخ الألباني عن هذا الحديث : ( لا أصل له ، أورده بعضهم من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو من الإسرائيليات ، ولا أصل له في المرفوع ) سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/28(21)
وقال بعد ذلك عن الحديث : ( وقد أخذ هذا المعنى بعض من صنف في الحكمة على الطريقة الصوفية فقال : سؤالك منه - يعني الله تعالى - اتهام له ) سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/29
ثم قال رحمه الله تعليقاً على تلك المقولة : ( هذه ضلالة كبرى ، فهل كان الأنبياء صلوات الله عليهم متهمين لربهم حين سألوه مختلف الأسئلة ؟ ) سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/29
من كتاب الإيمان بالقضاء والقدر لـ محمد بن إبراهيم الحمد ص 145.
ما هو شروط الدعاء لكي يكون الدعاء مستجاباً مقبولاً عند الله
ما هي شروط الدعاء لكي يكون الدعاء مستجاباً مقبولاً عند الله ؟.
الحمد لله
شروط الدعاء كثيرة ، منها :
1. " ألا يدعوَ إلا الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس : " إذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله " . رواه الترمذي (2516) . وصححه الألباني في صحيح الجامع .
وهذا هو معنى قوله تعالى : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) الجـن/18 ، وهذا الشرط أعظم شروط الدعاء وبدونه لا يقبل دعاء ولا يرفع عمل ، ومن الناس - من يدعو الأموات ويجعلونهم وسائط بينهم وبين الله ، زاعمين أن هؤلاء الصالحين يقربونهم إلى الله ويتوسطون لهم عنده سبحانه وأنهم مذنبون لا جاه لهم عند الله فلذلك يجعلون تلك الوسائط فيدعونها من دون الله , والله سبحانه وتعالى يقول: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) البقرة/186
2. أن يتوسل إلى الله بأحد أنواع التوسل المشروع .
3. تجنب الاستعجال، فإنه من آفات الدعاء التي تمنع قبول الدعاء وفي الحديث: " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي". رواه البخاري (6340) ومسلم (2735)
وفي صحيح مسلم (2736) : " لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يتعجل . قيل يا رسول الله ، ما الاستعجال ؟ قال : يقول : قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء "
4. أن لا يكون الدعاء فيه إثم ولا قطيعة كما في الحديث السابق : "يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم "
5. حسن الظن بالله قال صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي " رواه البخاري (7405) ومسلم (4675) وفي حديث أبي هريرة : " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة " رواه الترمذي , وحسنه الألباني في صحيح الجامع (245).
فمن ظن بربه خيراً أفاض الله عليه جزيل خيراته , وأسبل عليه جميل تفضلاته , ونثر عليه محاسن كراماته وسو ابغ أعطياته .
6. حضور القلب فيكون الداعي حاضر القلب مستشعراً عظمة من يدعوه ، قال صلى الله عليه وسلم : " واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب لاهٍ " رواه الترمذي (3479) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (245).
7. إطابة المأكل ، قال سبحانه وتعالى : ( إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) ، وقد استبعد النبي صلى الله عليه وسلم الاستجابة لمن أكل وشرب ولبس الحرام ففي الحديث : "ذكر صلى الله علبيه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُذيَ بالحرام فأني يستجاب لذلك " رواه مسلم (1015)
قال ابن القيم: "وكذلك أكل الحرام يبطل قوته – يعني الدعاء – ويضعفها".
8. تجنب الاعتداء في الدعاء فإنه سبحانه وتعالى لا يحب الاعتداء في الدعاء قال سبحانه :" ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) الأعراف/55 ، راجع السؤال رقم (41017)
9. ألا ينشغل بالدعاء عن أمر واجب مثل فريضة حاضرة أو يترك القيام بحق والد بحجة الدعاء. ولعل في قصة جريج العابد ما يشير إلى ذلك لما ترك إجابة نداء أمه وأقبل على صلاته فدعت عليه فابتلاه الله .
قال النووي رحمه : " قال العلماء : هذا دليل على أنه كان الصواب في حقه إجابتها لأنه كان في صلاة نفل والاستمرار فيها تطوع لا واجب وإجابة الأم وبرها واجب وعقوقها حرام ..." صحيح مسلم بشرح النووي (16/82).
للاستزادة ينظر كتاب الدعاء لمحمد بن إبراهيم الحمد .
الإسلام سؤال وجواب
حكم الدعاء بغير العربية في الصلاة
هل يمكن أن ندعو بغير العربية في الصلاة بعد التشهد والدعاء موجود في السنة ؟ هل يمكن أن ندعو بدعاء يوجد في القرآن ولا يوجد في السنة ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا كان المصلي يُحسن الدعاء باللغة العربية فلا يجوز له الدعاء بغيرها .
لكن إن كان المصلِّي عاجزاً عن الدعاء بالعربية : فلا مانع من الدعاء بلغته ، على أن يتعلم اللغة العربية أثناء ذلك .
وأما الدعاء بغير العربية خارج الصلاة : فلا بأس به ، ولا حرج فيه لاسيما إذا كان حضور قلب الداعي فيه أعظم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
والدعاء يجوز بالعربية ، وبغير العربية ، والله سبحانه يعلم قصد الداعي ومراده ، وإن لم يقوِّم لسانه ، فإنَّه يعلم ضجيج الأصوات ، باختلاف اللغات على تنوع الحاجات ...
" مجموع الفتاوى " ( 22 / 488 – 489 ) .
وانظر الجواب على السؤالين : ( 3471 ) و ( 11588 ) .
ثانياً :
لا مانع من الدعاء بالأدعية الواردة في القرآن حتى لو لم ترد في السنَّة ، وفي كلٍّ خير وهدى ورشاد ، وأكثر دعاء الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام عرفناه من القرآن ، ولا شك أن أدعيتهم – عليهم الصلاة والسلام – أبلغ الأدعية وأعظمها معانٍ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
وينبغي للخلق أنْ يدْعوا بالأدعية الشرعيَّة التي جاء بها الكتاب والسنة ؛ فإنَّ ذلك لا ريب في فضله وحُسنه وأنَّه الصراط المستقيم ، وقد ذكر علماءُ الإسلام وأئمَّة الدين الأدعيةَ الشرعيَّة ، وأعرضوا عن الأدعية البدعية فينبغي اتباع ذلك.
" مجموع الفتاوى " ( 1 / 346 و 348 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
رفع اليدين عند الدعاء للسفر
هل رفع اليدين في الدعاء مشروع ، وخاصة في السفر بالطائرة أو السيارة أو القطار وغيرها ؟.
الحمد لله
رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة في أي مكان ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( إن ربكم حييّ ستير ، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله ) البقرة / 172 ، وقال سبحانه : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً ) المؤمنون / 51 ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب له ؟ ) رواه مسلم في صحيحه .
فجعل من أسباب الإجابة رفع اليدين ، ومن أسباب المنع وعدم الإجابة أكل الحرام والتغذي بالحرام .
فدل على أن رفع اليدين من أسباب الإجابة ، سواء في الطائرة أو في القطار أو في السيارة أو في المراكب الفضائية أو في غير ذلك ، إذا دعا ورفع يديه . فهذا من أسباب الإجابة إلا في المواضع التي لم يرفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم فلا نرفع فيها ، مثل خطبة الجمعة ، فلم يرفع فيها يديه ، إلا إذا استسقى فهو يرفع يديه فيها .
كذلك بين السجدتين وقبل السلام في آخر التشهد لم يكن يرفع يديه صلى الله عليه وسلم فلا نرفع أيدينا في هذه المواطن التي لم يرفع فيها صلى الله عليه وسلم .
لأن فعله حجة وتركه حجة ، وهكذا بعد السلام من الصلوات الخمس . كان صلى الله عليه وسلم يأتي بالأذكار الشرعية ولا يرفع يديه ، فلا نرفع في ذلك أيدينا إقتداء به صلى الله عليه وسلم أما المواضع التي رفع صلى الله عليه وسلم فيها يديه فالسنة فيها رفع اليدين تأسياً به صلى الله عليه وسلم ولأن ذلك من أسباب الإجابة ، وهكذا المواضع التي يدعو فيها المسلم ربه ولم يرد فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم رفع ولا ترك فإنا نرفع فيها للأحاديث الدالة على أن الرفع من أسباب الإجابة كما تقدم .
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 124
ما حكم الدعاء باللهجة العامية ؟
ما حكم الدعاء باللهجة العامية ؟.
الحمد لله
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية :
عن رجلٍ دعا دعاءً ملحوناً ، فقال له رجل : ما يقبل الله دعاءً ملحوناً ؟
فأجاب :
من قال هذا القول فهو آثمٌ مخالفٌ للكتاب والسنَّة ولما كان عليه السلف ، وأمَّا مَن دعا الله مخلصاً له الدين بدعاءٍ جائزٍ سمعه الله وأجاب دعاه ، سواء كان معرباً أو ملحوناً ، والكلام المذكور لا أصل له ، بل ينبغي للداعي إذا لم يكن عادته الإعراب أن لا يتكلف الإعراب ، قال بعض السلف : إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع ، وهذا كما يكره تكلف السجع في الدعاء ، فإذا وقع بغير تكلفٍ : فلا بأس به ، فإنَّ أصل الدعاء مِن القلب ، واللسان تابعٌ للقلب ، ومَن جعل همَّته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه ، ولهذا يدعو المضطر بقلبه دعاء يفتح عليه ، لا يحضره قبل ذلك ، وهذا أمرٌ يجده كلُّ مؤمنٍ في قلبه ، والدعاء يجوز بالعربيَّة وبغير العربيَّة ، والله سبحانه يعلم قصد الداعي ومراده ، وإن لم يقوِّم لسانه فإنه يعلم ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تنوع الحاجات.
" الفتاوى الكبرى " ( 2 / 424 ، 425 ).
افتتاح الدعاء وختمه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
قبل الدعاء ، أقوم بالثناء على الله وأسأله المغفرة ثم أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم . وبعد الانتهاء من الدعاء، فأنا أعود وأسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم أثني على الله . فهل عملي صحيح، أم أن فيه شيئاً من البدعة ؟
الحمد لله
أما بعد : فيستحب للداعي أن يبدأ دعاءه بالثناء على الله تعالى وحمده ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو بما شاء ، لما روى أبو داود (1481 ) والترمذي (3477) عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عجل هذا "ثم دعاه فقال له أو لغيره : "إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو بعد بما شاء ". والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود (1314).
وروى البيهقي في شعب الإيمان عن علي رضي الله عنه قال " كل دعاء محجوب حتى يصلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم " ورواه بقي بن مخلد عن علي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم . والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4523
وقال عمر رضي الله عنه : "إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم " رواه الترمذي ( 486) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (403).
قال الإمام النووي رحمه الله في الأذكار ص 176 : ( أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء عليه ، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك تختم الدعاء بهما، والآثار في هذا الباب كثيرة مرفوعة ).
واعلم بأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لها ثلاث مراتب :
" إحداها : أن يُصلى عليه قبل الدعاء ، وبعد حمد الله تعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليُصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بعد بما شاء " رواه الترمذي 3477 وصححه الألباني في صحيح أبي داوود 1314.
والمرتبة الثانية : أن يُصلى عليه في أول الدعاء وأوسطه وآخره .
والمرتبة الثالثة : أن يصلى عليه في أوله وآخره ، ويجعل حاجته متوسطة بينهما "انتهى كلام ابن القيم بتصرف من كتاب جلاء الأفهام ص 531
وعلى هذا فعملك صحيح موافق للسنة .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
أماكن وأوقات إجابة الدعاء
ما هي الأوقات والأماكن والأحوال التي يستجاب فيها الدعاء ؟ وما المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم : دبر الصلوات المكتوبات وهل دعاء الوالد لولده مستجاب أم أن الإجابة في دعائه عليه أرجو بيان كل ذلك .
الحمد لله
أوقات الدعاء المستجاب وأماكنه كثيرة جداً وهذه جملة منها :
1. ليلة القدر فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة لما قالت له : أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟
قال : قولي " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ".
2. الدعاء في جوف الليل وهو وقت السحر ووقت النزول الإلهي فإنه سبحانه يتفضل على عباده فينزل ليقضي حاجاتهم ويفرج كرباتهم فيقول : " من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له" رواه البخاري (1145)
3. دبر الصلوات المكتوبات وفي حديث أبي أمامة " قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال جوف الليل الآخر ، ودبر الصلوات المكتوبات" رواه الترمذي (3499) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وقد اختلف في دبر الصلوات - هل هو قبل السلام أو بعده ؟.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أنه قبل السلام ، قال ابن تيمية : " دبر كل شيء منه كدبر الحيوان " زاد المعاد(1/305) ، وقال الشيخ ابن عثمين : " ما ورد من الدعاء مقيداً بدبر الصلاة فهو قبل السلام وما ورد من الذكر مقيداً بدبر الصلاة ، فهو بعد الصلاة ؛ لقوله تعالى : " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم" انظر كتاب الدعاء للشيخ محمد الحمد ص (54).
4. بين الأذان والإقامة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة ) رواه أبو داود (521) والترمذي (212) وانظر صحيح الجامع (2408) .
5. عند النداء للصلوات المكتوبة وعند التحام الصفوف في المعركة كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً : " ثنتان لا تردان ، أو قلما تردان الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضاً " رواه أبو داود وهو صحيح انظر صحيح الجامع (3079 )
6. عند نزول الغيث كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ثنتان ما تردان : ( الدعاء عند النداء وتحت المطر ) رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع (3078 ).
7. في ساعة من الليل كما قال عليه الصلاة والسلام :" إن في الليل ساعة لا يوافقها مسلم يسأل خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة" رواه مسلم ( 757).
8. ساعة يوم الجمعة .
فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال : ( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه ) وأشار بيده يقللها . رواه البخاري (935) ومسلم (852).
انظر سؤال رقم ( 21748 )
9. عند شرب زمزم فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما ماء زمزم لما شرب له " رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع " (5502)
10. في السجود قال صلى الله عليه وسلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " رواه مسلم (482).
11. عند سماع صياح الديكة لحديث : " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله ، فإنها رأت ملكاً " رواه البخاري (2304) ومسلم (2729).
12. عند الدعاء بـ" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم : أنه قال : " دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له " رواه الترمذي وصححه في صحيح الجامع (3383) قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : ( وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ).
قال رحمه الله : في هذه الآية شرط الله لمن دعاه أن يجيبه كما أجابه وينجيه كما نجاه وهو قوله: ( وكذلك ننجي المؤمنين ) الجامع لأحكام القرآن (11/334).
13. إذا وقعت عليه مصيبة فدعا بـ "إنا لله إنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها " فقد أخرج مسلم في صحيحه (918) عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها " رواه مسلم (918).
14. دعاء الناس بعد قبض روح الميت ففي الحديث أن النبي صلى الله دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال : " إن الروح إذا قبض تبعه البصر ، فضج ناس من أهله فقال : لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " رواه مسلم (2732).
15. الدعاء عند المريض : فقد أخرج مسلم (919) عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : قال صلى الله عليه وسلم : " إذا حضرتم المريض فقولوا خيراً فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون .. قالت : فلما مات أبو سلمة أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إن أبا سلمة قد مات، فقال لي : قولي : اللهم اغفر لي وله وأعقبني منه عقبى حسنة " قالت : فقلت فأعقبني الله من هو خير لي منه ، محمداً صلى الله عليه وسلم ".
16. دعوة المظلوم وفي الحديث : " واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " رواه البخاري (469) ومسلم (19) وقال عليه الصلاة والسلام : " دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ؛ ففجوره على نفسه " رواه أحمد وانظر صحيح الجامع (3382).
17. دعاء الوالد لولده – أي : لنفعه - ودعاء الصائم في يوم صيامه ودعوة المسافر فقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد لولده ، ودعوة الصائم ودعوة المسافر " رواه البيهقي وهو في صحيح الجامع (2032) وفي الصحيحة (1797).
18. دعوة الوالد على ولده – أي : لضرره - ففي الحديث الصحيح : " ثلاث دعوات مستجابات : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده " رواه الترمذي (1905) وانظر صحيح الأدب المفرد (372)
19. دعاء الولد الصالح لوالديه كما ورد في الحديث الذي أخرجه مسلم (1631) : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به )
20. الدعاء بعد زوال الشمس قبل الظهر فعن عبد الله بن السائب – رضي الله عنه أن رسول الله كان يصلي أربعاً بعد أن تزول الشمس قبل الظهر وقال : " إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح " رواه الترمذي وهو صحيح الإسناد انظر تخريج المشكاة (1/337) .
21. الدعاء عند الاستيقاظ من الليل وقول الدعاء الوارد في ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم : " من تعارّ ( أي : استيقظ ) من الليل فقال : " لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال : اللهم اغفر لي – أو دعا – استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته " رواه البخاري (1154) .
الإسلام سؤال وجواب