محب الدعوة
02-03-2015, 11:52 AM
سمعت أحدَهم يشتكي من حضوره أَحدَ المجالس التي يرتادها؛ بسبب ما يعانيه من تسلط أحد رواد ذلك المجلس، بحيث يكثر من التعليق عليه، والتندر والسخرية به.
وكان صاحبنا لا يدري أين يذهب إذا فارق مجلسه الآنف الذكر؛ فصار -كما يقول أبو فراس-:
وقال أصيحابي الفرار أو الردى
فقلت هما أمران أحلاهما مُرُّ
وأصبح ذلك بالنسبة له بمثابة الطعام الذي لا يتلذذ به، ولا يستغني عنه، بل يتضرر من جرائه؛ إذ يصيبه فور انفضاض ذلك السامر ما يصيبه من الغم، والكدر بسبب ما يلقاه من سخرية وتندر.
وفي يوم من الأيام وقف صاحبنا مع نفسه، وقال: (ما الذي يُرَغِّبني في ذلك المجلس؟ وما الذي يصبِّرني على ما ألقاه من هوانٍ وخسف؟ وما الذي يمنعني من مقاطعته؟ وهل ضاقت الدنيا علي؟ أليس في الناس أبدال، وفي الترك راحة؟).
وبعد أخذٍ وردٍّ قرر ترك مجلسه، وقال: (سأقاطعه ولو اضطررت إلى أن أبكي مدة جلوسهم حتى ينتهي وقت مجلسهم).
ثم ترك المجلس، واستأنف حياة جديدة، وأصحاباً آخرين، ووضع عن كاهله أعباءً كان ينوء بحملها.
يقال هذا لما يُرى من حال كثيرين ممن يتأذون من مصاحبة بعض الناس أو مجالستهم، وهم لا يَلْقَونَ منهم إلا العنتَ، والضيق، والإهانة، والموافقة على الأخطاء، والرعونات.
ويقال –أيضاً- لما يُرى من بعض الناس الذين لا تسلم من شرهم، ولا رشق نبالهم، ولا إساءاتهم المتكررة، وإدخالِهِمُ الهمَّ على قلبك.
فإذا كنت غير محتاج لصحبة هؤلاء، ولا معاشرتهم، فما الذي يحدوك إلى ذلك؟ وما الذي يمنعك من البعد عنهم؟
وهل أنت حَفِيٌّ بتعذيب نفسك وإرهاقها؟
فاللائق بك -في مثل تلك الأحوال- أن تنأى عن هؤلاء، وأن تستحضر قول الحكيم العربي:
إن السلامةَ مِنْ سلمى وجارتها
ألا تَمُّر بواديها على حالِ
وهكذا الحال بالنسبة للأماكن، والمنتديات التي تثار فيها الشهوات والشبهات، وتوصل إلى ظلمة القلب، وسوء المنقلب.
وكذلك الجدال العقيم الذي يورث العداوات، ويفرق القلوب؛ فإن السلامة من ذلك وما جرى مجراه ألا تمر على سلمى وواديها.
كتبه الشيخ محمد الحمد ..
وكان صاحبنا لا يدري أين يذهب إذا فارق مجلسه الآنف الذكر؛ فصار -كما يقول أبو فراس-:
وقال أصيحابي الفرار أو الردى
فقلت هما أمران أحلاهما مُرُّ
وأصبح ذلك بالنسبة له بمثابة الطعام الذي لا يتلذذ به، ولا يستغني عنه، بل يتضرر من جرائه؛ إذ يصيبه فور انفضاض ذلك السامر ما يصيبه من الغم، والكدر بسبب ما يلقاه من سخرية وتندر.
وفي يوم من الأيام وقف صاحبنا مع نفسه، وقال: (ما الذي يُرَغِّبني في ذلك المجلس؟ وما الذي يصبِّرني على ما ألقاه من هوانٍ وخسف؟ وما الذي يمنعني من مقاطعته؟ وهل ضاقت الدنيا علي؟ أليس في الناس أبدال، وفي الترك راحة؟).
وبعد أخذٍ وردٍّ قرر ترك مجلسه، وقال: (سأقاطعه ولو اضطررت إلى أن أبكي مدة جلوسهم حتى ينتهي وقت مجلسهم).
ثم ترك المجلس، واستأنف حياة جديدة، وأصحاباً آخرين، ووضع عن كاهله أعباءً كان ينوء بحملها.
يقال هذا لما يُرى من حال كثيرين ممن يتأذون من مصاحبة بعض الناس أو مجالستهم، وهم لا يَلْقَونَ منهم إلا العنتَ، والضيق، والإهانة، والموافقة على الأخطاء، والرعونات.
ويقال –أيضاً- لما يُرى من بعض الناس الذين لا تسلم من شرهم، ولا رشق نبالهم، ولا إساءاتهم المتكررة، وإدخالِهِمُ الهمَّ على قلبك.
فإذا كنت غير محتاج لصحبة هؤلاء، ولا معاشرتهم، فما الذي يحدوك إلى ذلك؟ وما الذي يمنعك من البعد عنهم؟
وهل أنت حَفِيٌّ بتعذيب نفسك وإرهاقها؟
فاللائق بك -في مثل تلك الأحوال- أن تنأى عن هؤلاء، وأن تستحضر قول الحكيم العربي:
إن السلامةَ مِنْ سلمى وجارتها
ألا تَمُّر بواديها على حالِ
وهكذا الحال بالنسبة للأماكن، والمنتديات التي تثار فيها الشهوات والشبهات، وتوصل إلى ظلمة القلب، وسوء المنقلب.
وكذلك الجدال العقيم الذي يورث العداوات، ويفرق القلوب؛ فإن السلامة من ذلك وما جرى مجراه ألا تمر على سلمى وواديها.
كتبه الشيخ محمد الحمد ..