محب الدعوة
07-24-2017, 03:38 PM
الجامع في القرآن
تأليف أبو البراء
سورة الفاتحة
بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) .
سورة الفاتحة سورة مكية هذا ما عليه أكثر أهل العلم :
وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره قال مجاهد فاتحة الكتاب مدنية قال في أيسر التفاسير المكي من السور ما نزل بمكة والمدني منه ما نزل بالمدينة والسور المكية غالبها يدور على بيان العقيدة وتقريرها والاحتجاج بها وضرب المثل لبيانها وتثبيتها وأعظم أركان العقيدة توحيد الله تعالى في عبادته وإثبات نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقرير مبدأ المعاد والدار الآخرة والسور المدنية يكثر فيها التشريع وبيان الأحكام من حلال وحرام انتهى
وقال الشيخ ابن عثيمين في أصول التفسير المكي ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة والمدني ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة انتهى
قال في الجامع الوجيز سورة الفاتحة سورة مكية وقيل مدنية تسمى الفاتحة لافتتاح القرآن بها تلاوة وكتابة وافتتاح القراءة بها في الصلوات وتسمى أم الكتاب لاشتمالها على معاني الثناء على عز وجل بأسمائة الحسنى وصفاته العليا والتوحيد والتعبد بأمره ونهيه والاستعانة به والتوكل عليه وطلب الهداية والتوفيق منه وتسمى السبع المثاني لكونها سبع آيات تثنى في الصلاة أي تعاد وتكرر وصح تسميتها بسورة الحمد والصلاة والشفاء والواقية والكافية وأم القرآن انتهى
قال ابن كثير ويقال لها الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم عن ربه ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي .. الحديث فسميت الفاتحة صلاة لأنها شرط فيها وروى الشعبي عن ابن عباس أنه سماها أساس القرآن وسماها سفيان بن عيينة بالواقية وسماها يحيى ابن كثير الكافية لأنها تكفي عما عداها ولا يكفي ما سواها عنها وسميت أم الكتاب لأنه يبدأ بكتابتها في المصاحف ويبدأ بقراءتها في الصلاة وقيل سميت بذلك لرجوع معاني القرآن كله إلى ما تضمنته قال ابن جرير والعرب تسمي كل جامع أمر أو مقدم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه هو لها إمام جامع انتهى
بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
قال الإمام أبو داود حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ قُتَيْبَةُ فِيهِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى تَنَزَّلَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ السَّرْحِ . قال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود الأم (إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم والذهبي
قال ابن كثير افتتح بها الصحابة كتاب الله واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل قلت واتفقوا على أنها لا يستفتح بها سورة التوبة واختلفوا هل هي من الفاتحة أم آية مستقلة على أقوال :
قال ابن عثيمين في هذا خلاف بين العلماء فمنهم من يقول إنها آية من الفاتحة ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة لأنها من الفاتحة ومنهم من يقول إنها ليست من الفاتحة ولكنها آية مستقلة من كتاب الله وهذا هو الحق ودليل هذا النص فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين إذا قال الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي ... الحديث قلت ابتدأ الرسول صلى الله عليه وسلم الفاتحة بالحمد لله رب الله العالمين ولو كانت البسملة منها لابتدأ بها قال ابن عثيمين وهذا كالنص على أن البسملة ليست من الفاتحة وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكانوا لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها . والمراد لا يجهرون والتمييز بينها وبين الفاتحة في الجهر وعدمه يدل على أنها ليست منها
.....
(بسم الله ) قال ابن عثيمين : الجار والمجرور متعلق بمحذوف وهذا المحذوف يقدَّر فعلا متأخرا مناسبا ( الله ) اسم الله رب العالمين لا يسمى به غيره وهو أصل الأسماء ولهذا تأتي الأسماء تابعة له قال بعضهم: معنى قوله بِسْمِ اللَّهِ، يعني: بدأت بعون الله وتوفيقه وبركته، وهذا تعليم من الله تعالى لعباده، ليذكروا اسم الله تعالى عند افتتاح القراءة وغيرها، حتى يكون الافتتاح ببركة اسم الله تعالى. أنظر تفسير السمرقندي وقوله اللَّهِ هو اسم موضوع ليس له اشتقاق، وهو أجلّ من أن يذكر له الاشتقاق، وهو قول الكسائي. قال أبو الليث رحمه الله: هكذا سمعت أبا جعفر يقول: روي عن محمد بن الحسن أنه قال: هو اسم موضوع ليس له اشتقاق. وروي عن الضحاك أنه قال: إنّما سمي اللَّهِ إلها، لأن الخلق يولهون إليه في قضاء حوائجهم، ويتضرعون إليه عند شدائدهم. وذكر عن الخليل بن أحمد البصري أنه قال: لأن الخلق يألهون إليه، بنصب اللام، ويألهون بكسر اللام أيضا، وهما لغتان وقيل أيضا: إنه اشتق من الارتفاع.
وكانت العرب تقول للشيء المرتفع «لاه» ، وكانوا يقولون إذا طلعت الشمس: طلعت لاهة، غربت لاهة وقيل أيضا: إنما سمي اللَّهِ، لأنه لا تدركه الأبصار، «ولاه» معناه احتجب كما قال القائل:
لاه ربّي عن الخلائق طرّا ... خالق الخلق لا يرى ويرانا
قلت أما رؤية الله في الآخرة فهذا ثابت في النصوص الصحيحة كما هو مذهب أهل السنة .
وقيل أيضا: سمي اللَّهِ لأنه يوله قلوب العباد بحبه. أنظر تفسير السمرقندي
( الرحمن ) : قال الجزائري في أيسر التفاسير اسم من أسماء الله تعالى مشتق من الرحمة دال على كثرتها فيه تعالى قال ابن عثيمين أي ذو الرحمة الواسعة ولهذا جاء على وزن فعلان الذي يدل على السعة وقال السمرقندي في تفسيره وما كان في لغة العرب على ميزان «فعلان» يراد به المبالغة في وصفه، كما يقال: شبعان، وغضبان، إذا امتلأ غضبا. فلهذا سمى نفسه رحمانا، لأن رحمته وسعت كل شيء، فلا يجوز أن يقال لغير الله تعالى «الرحمن» ، لأن هذا الوصف لا يوجد في غيره.
وقال في الجامع الوجيز ذو الرحمة التي وسعت كل شيء لعمومها في الدارين جميع خلقه وهو اسم له تعالى لم يسم به غيره ، ( الرحيم ) قال ابن عثيمين أي الموصل للرحمة من يشاء من عباده ولهذا جاءت على وزن فعيل الدال على وقوع الفعل وقال في الجامع الوجيز من يرحم غيره بالفعل .
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)
قال السعدي هو الثناء على الله بصفات الكمال وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل فله الحمد الكامل بجميع الوجوه قال مقاتل في تفسيره يعني الشكر لله رب العالمين قال في أيسر التفاسير يخبر تعالى أن جميع أنواع المحامد من صفات الجلال والكمال هي له وحده دون سواه وأن علينا أنحمده ونثني عليه بذلك لأن اللفظ خبر ومعناه الإنشاء أي قولوا الحمد لله ، قال ابن كثير قال ابن عباس الحمد لله كلمة الشكر قال كعب الأحبار الحمد لله ثناء على الله قال الضحاك الحمد لله رداء الرحمن قال السمرقندي وروي عن ابن عباس أنه قال: الحمد لله كلمة كل شاكر، وذلك إن آدم عليه السلام، قال حين عطس: الحمد لله فقال الله تعالى: يرحمك الله، فسبقت رحمته غضبه. وقال الله تعالى لنوح: فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [المؤمنون: 28] وقال إبراهيم- عليه السلام-: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ [إبراهيم: 39] وقال في قصة داود وسليمان: وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ [النمل: 15] وقال لمحمد- عليه السلام-: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً [الإسراء: 111] وقال أهل الجنة:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ [فاطر: 34] فهي كلمة كل شاكر. قال ابن عثيمين وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم ، والرب هو من اجتمع فيه ثلاثة أوصاف الخلق والملك والتدبير فهو الخالق المالك لك شيء المدبر لجميع الأمور والعالمين كل ما سوى الله فهو من العالم وصفوا بذلك لأنهم علم على خالقهم سبحانه ففي كل شيء من المخلوقات آية تدل على الخالق على قدرته وحكمته ورحمته وعزته وغير ذلك من معاني الربوبية وقال في الجامع الوجيز والرب المعبود بحق وفيه معنى التربية والعناية وهو اسم من أسماء الله تعالى وصفة لذاته لا يستعمل لغيره إلا مضافاً كقولك رب البيت ويقال لمن ملك شيئا ربّه وفي الحديث عند مسلم هل لك من نعمة ترُبُّها عليه أي تحفظها وتربيها عنده
قال الألبيري المعروف بابن أبي زَمَنين في تفسيره قَوْله: {الْحَمد لله} حمد نَفسه، وَأمر الْعباد أَن يحمدوه، وَالْحَمْد: شكر النِّعْمَة. {رَبِّ الْعَالمين} الْعَالمُونَ: الْخلق.
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)
تقدم تفسيرهما ونزيد هنا قال ابن عثيمين الرحمن هو ذو الرحمة الواسعة والرحيم هو ذو الرحمة الواصلة فالرحمن صفة والرحيم فعله ولو أنه جيء بالرحمن وحده أو بالرحيم وحده لشمل الوصف والفعل لكن إذا اقترنا فُسر الرحمن بالوصف والرحيم بالفعل ومن فوائد الآية إثبات هذين الاسمين الكريمين الرحمن الرحيم لله عز وجل وإثبات ما تضمناه من الرحمة التي هي الوصف والرحمة التي هي الفعل ومن الفوائد أيضا أن ربوبية الله عز وجل مبنية على الرحمة الواسعة للخلق الواصلة لأنه تعالى لما قال رب العالمين كأن سائلا يسأل ما نوع هذه الربوبية ؟ هل هي ربوبية أخذ وانتقام أو ربوبية رحمة وإنعام قال تعالى الرحمن الرحيم
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
القراءات العشر المتواترة الواردة في الآية
قرأ الأئمة ( عاصم و الكسائي ويعقوب وخلف في اختياره) ( مالك ) قرأ باقي الأئمة ( مَلِك )
قال عبدالرزاق في تفسيره أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] قَالَ: «يَوْمَ يَدِينُ اللَّهُ الْعِبَادَ بِأَعْمَالِهِمْ»
قال في الجامع الوجيز أي صاحب الملك والجزاء والقضاء والحساب والمتصرف فيه بالأمر والنهي دون سواه وتخصيص يوم الدين لا ينفيه عما سواه قال ابن عثيمين الدين هنا بمعنى الجزاء ، قلت والله سبحانه مالك يوم الدين وغيره لكن تخصيص يوم الدين هنا لأنه ليس هناك مالك في ذلك اليوم إلا الله أما في الدنيا فهناك ملك ومالك ملكهم الله ملكا وقتيا قال ابن كثير وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه لأنه تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هناك شيئا ولا يتكلم أحد إلا بإذنه وقال ابن كثير أيضا وحكى ابن جرير عن بعضهم أنه ذهب إلى أن تفسير مالك يوم الدين أنه القادر على إقامته ثم شرع يضعفه والظاهر أنه لا منافاة بين هذا الوقول وما تقدم وأن كلا من القائلين بهذا وبما قبله يعترف بصحة القول الآخر ولا ينكره ولكن السياق أدل على المعنى الأول من هذا كما قال تعالى الملك يؤمئذ الحق للرحمن . والقول الثاني يشبه قوله ويوم يقول كن فيكون قال ابن عثيمين من فوائد الآية إثبات ملك الله عز وجل وملكوته يوم الدين لأن في ذلك اليوم تتلاشى جميع الملكيات والملوك ومن فوائد الآية حث الإنسان على أن يعمل لذلك اليوم الذي يُدان فيه العاملون .
القراءات
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)
قرأ الأئمة ( قنبل ورويس ) ( السراط )
وقرأ الأئمة خلف عن حمزة حيث وقع وخلاد في هذا الموضع فقط ( بإشمام الصاد زاياً بحيث تنطق كما ينطق بعض العوام الظاء .
وقرأ الأئمة الباقون ( الصراط )
تأليف أبو البراء
سورة الفاتحة
بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) .
سورة الفاتحة سورة مكية هذا ما عليه أكثر أهل العلم :
وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره قال مجاهد فاتحة الكتاب مدنية قال في أيسر التفاسير المكي من السور ما نزل بمكة والمدني منه ما نزل بالمدينة والسور المكية غالبها يدور على بيان العقيدة وتقريرها والاحتجاج بها وضرب المثل لبيانها وتثبيتها وأعظم أركان العقيدة توحيد الله تعالى في عبادته وإثبات نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقرير مبدأ المعاد والدار الآخرة والسور المدنية يكثر فيها التشريع وبيان الأحكام من حلال وحرام انتهى
وقال الشيخ ابن عثيمين في أصول التفسير المكي ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة والمدني ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة انتهى
قال في الجامع الوجيز سورة الفاتحة سورة مكية وقيل مدنية تسمى الفاتحة لافتتاح القرآن بها تلاوة وكتابة وافتتاح القراءة بها في الصلوات وتسمى أم الكتاب لاشتمالها على معاني الثناء على عز وجل بأسمائة الحسنى وصفاته العليا والتوحيد والتعبد بأمره ونهيه والاستعانة به والتوكل عليه وطلب الهداية والتوفيق منه وتسمى السبع المثاني لكونها سبع آيات تثنى في الصلاة أي تعاد وتكرر وصح تسميتها بسورة الحمد والصلاة والشفاء والواقية والكافية وأم القرآن انتهى
قال ابن كثير ويقال لها الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم عن ربه ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي .. الحديث فسميت الفاتحة صلاة لأنها شرط فيها وروى الشعبي عن ابن عباس أنه سماها أساس القرآن وسماها سفيان بن عيينة بالواقية وسماها يحيى ابن كثير الكافية لأنها تكفي عما عداها ولا يكفي ما سواها عنها وسميت أم الكتاب لأنه يبدأ بكتابتها في المصاحف ويبدأ بقراءتها في الصلاة وقيل سميت بذلك لرجوع معاني القرآن كله إلى ما تضمنته قال ابن جرير والعرب تسمي كل جامع أمر أو مقدم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه هو لها إمام جامع انتهى
بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
قال الإمام أبو داود حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ قُتَيْبَةُ فِيهِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى تَنَزَّلَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ السَّرْحِ . قال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود الأم (إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم والذهبي
قال ابن كثير افتتح بها الصحابة كتاب الله واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل قلت واتفقوا على أنها لا يستفتح بها سورة التوبة واختلفوا هل هي من الفاتحة أم آية مستقلة على أقوال :
قال ابن عثيمين في هذا خلاف بين العلماء فمنهم من يقول إنها آية من الفاتحة ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة لأنها من الفاتحة ومنهم من يقول إنها ليست من الفاتحة ولكنها آية مستقلة من كتاب الله وهذا هو الحق ودليل هذا النص فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين إذا قال الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي ... الحديث قلت ابتدأ الرسول صلى الله عليه وسلم الفاتحة بالحمد لله رب الله العالمين ولو كانت البسملة منها لابتدأ بها قال ابن عثيمين وهذا كالنص على أن البسملة ليست من الفاتحة وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكانوا لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها . والمراد لا يجهرون والتمييز بينها وبين الفاتحة في الجهر وعدمه يدل على أنها ليست منها
.....
(بسم الله ) قال ابن عثيمين : الجار والمجرور متعلق بمحذوف وهذا المحذوف يقدَّر فعلا متأخرا مناسبا ( الله ) اسم الله رب العالمين لا يسمى به غيره وهو أصل الأسماء ولهذا تأتي الأسماء تابعة له قال بعضهم: معنى قوله بِسْمِ اللَّهِ، يعني: بدأت بعون الله وتوفيقه وبركته، وهذا تعليم من الله تعالى لعباده، ليذكروا اسم الله تعالى عند افتتاح القراءة وغيرها، حتى يكون الافتتاح ببركة اسم الله تعالى. أنظر تفسير السمرقندي وقوله اللَّهِ هو اسم موضوع ليس له اشتقاق، وهو أجلّ من أن يذكر له الاشتقاق، وهو قول الكسائي. قال أبو الليث رحمه الله: هكذا سمعت أبا جعفر يقول: روي عن محمد بن الحسن أنه قال: هو اسم موضوع ليس له اشتقاق. وروي عن الضحاك أنه قال: إنّما سمي اللَّهِ إلها، لأن الخلق يولهون إليه في قضاء حوائجهم، ويتضرعون إليه عند شدائدهم. وذكر عن الخليل بن أحمد البصري أنه قال: لأن الخلق يألهون إليه، بنصب اللام، ويألهون بكسر اللام أيضا، وهما لغتان وقيل أيضا: إنه اشتق من الارتفاع.
وكانت العرب تقول للشيء المرتفع «لاه» ، وكانوا يقولون إذا طلعت الشمس: طلعت لاهة، غربت لاهة وقيل أيضا: إنما سمي اللَّهِ، لأنه لا تدركه الأبصار، «ولاه» معناه احتجب كما قال القائل:
لاه ربّي عن الخلائق طرّا ... خالق الخلق لا يرى ويرانا
قلت أما رؤية الله في الآخرة فهذا ثابت في النصوص الصحيحة كما هو مذهب أهل السنة .
وقيل أيضا: سمي اللَّهِ لأنه يوله قلوب العباد بحبه. أنظر تفسير السمرقندي
( الرحمن ) : قال الجزائري في أيسر التفاسير اسم من أسماء الله تعالى مشتق من الرحمة دال على كثرتها فيه تعالى قال ابن عثيمين أي ذو الرحمة الواسعة ولهذا جاء على وزن فعلان الذي يدل على السعة وقال السمرقندي في تفسيره وما كان في لغة العرب على ميزان «فعلان» يراد به المبالغة في وصفه، كما يقال: شبعان، وغضبان، إذا امتلأ غضبا. فلهذا سمى نفسه رحمانا، لأن رحمته وسعت كل شيء، فلا يجوز أن يقال لغير الله تعالى «الرحمن» ، لأن هذا الوصف لا يوجد في غيره.
وقال في الجامع الوجيز ذو الرحمة التي وسعت كل شيء لعمومها في الدارين جميع خلقه وهو اسم له تعالى لم يسم به غيره ، ( الرحيم ) قال ابن عثيمين أي الموصل للرحمة من يشاء من عباده ولهذا جاءت على وزن فعيل الدال على وقوع الفعل وقال في الجامع الوجيز من يرحم غيره بالفعل .
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)
قال السعدي هو الثناء على الله بصفات الكمال وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل فله الحمد الكامل بجميع الوجوه قال مقاتل في تفسيره يعني الشكر لله رب العالمين قال في أيسر التفاسير يخبر تعالى أن جميع أنواع المحامد من صفات الجلال والكمال هي له وحده دون سواه وأن علينا أنحمده ونثني عليه بذلك لأن اللفظ خبر ومعناه الإنشاء أي قولوا الحمد لله ، قال ابن كثير قال ابن عباس الحمد لله كلمة الشكر قال كعب الأحبار الحمد لله ثناء على الله قال الضحاك الحمد لله رداء الرحمن قال السمرقندي وروي عن ابن عباس أنه قال: الحمد لله كلمة كل شاكر، وذلك إن آدم عليه السلام، قال حين عطس: الحمد لله فقال الله تعالى: يرحمك الله، فسبقت رحمته غضبه. وقال الله تعالى لنوح: فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [المؤمنون: 28] وقال إبراهيم- عليه السلام-: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ [إبراهيم: 39] وقال في قصة داود وسليمان: وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ [النمل: 15] وقال لمحمد- عليه السلام-: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً [الإسراء: 111] وقال أهل الجنة:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ [فاطر: 34] فهي كلمة كل شاكر. قال ابن عثيمين وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم ، والرب هو من اجتمع فيه ثلاثة أوصاف الخلق والملك والتدبير فهو الخالق المالك لك شيء المدبر لجميع الأمور والعالمين كل ما سوى الله فهو من العالم وصفوا بذلك لأنهم علم على خالقهم سبحانه ففي كل شيء من المخلوقات آية تدل على الخالق على قدرته وحكمته ورحمته وعزته وغير ذلك من معاني الربوبية وقال في الجامع الوجيز والرب المعبود بحق وفيه معنى التربية والعناية وهو اسم من أسماء الله تعالى وصفة لذاته لا يستعمل لغيره إلا مضافاً كقولك رب البيت ويقال لمن ملك شيئا ربّه وفي الحديث عند مسلم هل لك من نعمة ترُبُّها عليه أي تحفظها وتربيها عنده
قال الألبيري المعروف بابن أبي زَمَنين في تفسيره قَوْله: {الْحَمد لله} حمد نَفسه، وَأمر الْعباد أَن يحمدوه، وَالْحَمْد: شكر النِّعْمَة. {رَبِّ الْعَالمين} الْعَالمُونَ: الْخلق.
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)
تقدم تفسيرهما ونزيد هنا قال ابن عثيمين الرحمن هو ذو الرحمة الواسعة والرحيم هو ذو الرحمة الواصلة فالرحمن صفة والرحيم فعله ولو أنه جيء بالرحمن وحده أو بالرحيم وحده لشمل الوصف والفعل لكن إذا اقترنا فُسر الرحمن بالوصف والرحيم بالفعل ومن فوائد الآية إثبات هذين الاسمين الكريمين الرحمن الرحيم لله عز وجل وإثبات ما تضمناه من الرحمة التي هي الوصف والرحمة التي هي الفعل ومن الفوائد أيضا أن ربوبية الله عز وجل مبنية على الرحمة الواسعة للخلق الواصلة لأنه تعالى لما قال رب العالمين كأن سائلا يسأل ما نوع هذه الربوبية ؟ هل هي ربوبية أخذ وانتقام أو ربوبية رحمة وإنعام قال تعالى الرحمن الرحيم
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
القراءات العشر المتواترة الواردة في الآية
قرأ الأئمة ( عاصم و الكسائي ويعقوب وخلف في اختياره) ( مالك ) قرأ باقي الأئمة ( مَلِك )
قال عبدالرزاق في تفسيره أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] قَالَ: «يَوْمَ يَدِينُ اللَّهُ الْعِبَادَ بِأَعْمَالِهِمْ»
قال في الجامع الوجيز أي صاحب الملك والجزاء والقضاء والحساب والمتصرف فيه بالأمر والنهي دون سواه وتخصيص يوم الدين لا ينفيه عما سواه قال ابن عثيمين الدين هنا بمعنى الجزاء ، قلت والله سبحانه مالك يوم الدين وغيره لكن تخصيص يوم الدين هنا لأنه ليس هناك مالك في ذلك اليوم إلا الله أما في الدنيا فهناك ملك ومالك ملكهم الله ملكا وقتيا قال ابن كثير وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه لأنه تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هناك شيئا ولا يتكلم أحد إلا بإذنه وقال ابن كثير أيضا وحكى ابن جرير عن بعضهم أنه ذهب إلى أن تفسير مالك يوم الدين أنه القادر على إقامته ثم شرع يضعفه والظاهر أنه لا منافاة بين هذا الوقول وما تقدم وأن كلا من القائلين بهذا وبما قبله يعترف بصحة القول الآخر ولا ينكره ولكن السياق أدل على المعنى الأول من هذا كما قال تعالى الملك يؤمئذ الحق للرحمن . والقول الثاني يشبه قوله ويوم يقول كن فيكون قال ابن عثيمين من فوائد الآية إثبات ملك الله عز وجل وملكوته يوم الدين لأن في ذلك اليوم تتلاشى جميع الملكيات والملوك ومن فوائد الآية حث الإنسان على أن يعمل لذلك اليوم الذي يُدان فيه العاملون .
القراءات
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)
قرأ الأئمة ( قنبل ورويس ) ( السراط )
وقرأ الأئمة خلف عن حمزة حيث وقع وخلاد في هذا الموضع فقط ( بإشمام الصاد زاياً بحيث تنطق كما ينطق بعض العوام الظاء .
وقرأ الأئمة الباقون ( الصراط )