202- تغميض العينين في الصلاة
.......وَالصّوَابُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ تَفْتِيحُ الْعَيْنِ لَا يُخِلّ بِالْخُشُوعِ فَهُوَ أَفَضْلُ وَإِنْ كَانَ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُشُوعِ لِمَا فِي قِبْلَتِهِ مِنْ الزّخْرَفَةِ وَالتّزْوِيقِ أَوْ غَيْرِهِ مِمّا يُشَوّشُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ فَهُنَالِكَ لَا يُكْرَهُ التّغْمِيضُ قَطْعًا وَالْقَوْلُ بِاسْتِحْبَابِهِ فِي هَذَا الْحَالِ أَقْرَبُ إلَى أُصُولِ الشّرْعِ وَمَقَاصِدِهِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ وَاَللّهُ أَعْلَمُ .
زاد المعاد 203- كيف يهرب الشيطان عند سماع الاذان ولا يهرب عند الصلاة و سماع القرآن؟
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْحِكْمَة فِي هُرُوب الشَّيْطَان عِنْدَ سَمَاع الْأَذَان وَالْإِقَامَة دُونَ سَمَاع الْقُرْآن وَالذِّكْرِ فِي الصَّلَاة ، فَقِيلَ يَهْرُب حَتَّى لَا يَشْهَد لِلْمُؤَذِّنِ يَوْمَ الْقِيَامَة ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَع مَدَى صَوْت الْمُؤَذِّن جِنّ وَلَا إِنْس إِلَّا شَهِدَ لَهُ كَمَا يَأْتِي بَعْدُ ، وَلَعَلَّ الْبُخَارِيّ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِإِيرَادِهِ الْحَدِيث الْمَذْكُور عَقِبَ هَذَا الْحَدِيث . وَنَقَلَ عِيَاض عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم أَنَّ اللَّفْظ عَامٌّ وَالْمُرَاد بِهِ خَاصٌّ ، وَأَنَّ الَّذِي يَشْهَد مَنْ تَصِحّ مِنْهُ الشَّهَادَة كَمَا سَيَأْتِي الْقَوْل فِيهِ فِي الْبَاب الَّذِي بَعْدَهُ . وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْمُؤْمِنِينَ فَأَمَّا الْكُفَّار فَلَا تُقْبَل لَهُمْ شَهَادَة ، وَرَدّهُ لِمَا جَاءَ مِنْ الْآثَار بِخِلَافِهِ ، وَبَالَغَ الزَّيْنُ بْن الْمُنِير فِي تَقْرِير الْأَوَّل وَهُوَ مَقَامُ اِحْتِمَالٍ ، وَقِيلَ يَهْرُبُ نُفُورًا عَنْ سَمَاع الْأَذَان ثُمَّ يَرْجِع مُوَسْوِسًا لِيُفْسِدَ عَلَى الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ ، فَصَارَ رُجُوعه مِنْ جِنْس فِرَاره ، وَالْجَامِع بَيْنَهُمَا الِاسْتِخْفَاف . وَقِيلَ لِأَنَّ الْأَذَان دُعَاء إِلَى الصَّلَاة الْمُشْتَمِلَة عَلَى السُّجُود الَّذِي أَبَاهُ وَعَصَى بِسَبَبِهِ ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَعُود قَبْلَ السُّجُود ، فَلَوْ كَانَ هَرَبُهُ لِأَجْلِهِ لَمْ يَعُدْ إِلَّا عِنْدَ فَرَاغِهِ ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَهْرُبُ عِنْدَ سَمَاع الدُّعَاء بِذَلِكَ لِيُغَالِط نَفْسه بِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِف أَمْرًا ثُمَّ يَرْجِع لِيُفْسِدَ عَلَى الْمُصَلِّي سَجْدَهُ الَّذِي أَبَاهُ ، وَقِيلَ إِنَّمَا يَهْرُب لِاتِّفَاقِ الْجَمِيع عَلَى الْإِعْلَان بِشَهَادَةِ الْحَقّ وَإِقَامَة الشَّرِيعَة ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الِاتِّفَاق عَلَى ذَلِكَ حَاصِل قَبْلَ الْأَذَان وَبَعْدَهُ مِنْ جَمِيع مَنْ يُصَلِّي ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِعْلَان أَخَصُّ مِنْ الِاتِّفَاق فَإِنَّ الْإِعْلَان الْمُخْتَصّ بِالْأَذَانِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ الْجَهْر بِالتَّكْبِيرِ وَالتِّلَاوَة مَثَلًا ، وَلِهَذَا قَالَ لِعَبْدِ اللَّه بْنِ زَيْد " أَلْقِهِ عَلَى بِلَال فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْك " أَيْ أَقْعَدُ فِي الْمَدّ وَالْإِطَالَة وَالْإِسْمَاع لِيَعُمَّ الصَّوْتُ وَيَطُولَ أَمَدُ التَّأْذِين فَيَكْثُرَ الْجَمْعُ وَيَفُوتُ عَلَى الشَّيْطَان مَقْصُوده مِنْ إِلْهَاءِ الْآدَمِيِّ عَنْ إِقَامَة الصَّلَاة فِي جَمَاعَة أَوْ إِخْرَاجهَا عَنْ وَقْتهَا أَوْ وَقْت فَضِيلَتهَا فَيَفِرَّ حِينَئِذٍ ، وَقَدْ يَيْأَس عَنْ أَنْ يَرُدَّهُمْ عَمَّا أَعْلَنُوا بِهِ ثُمَّ يَرْجِع لِمَا طُبِعَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَذَى وَالْوَسْوَسَة . وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : عَلَى الْأَذَان هَيْبَةٌ يَشْتَدّ اِنْزِعَاجُ الشَّيْطَان بِسَبَبِهَا ، لِأَنَّهُ لَا يَكَاد يَقَعُ فِي الْأَذَان رِيَاء وَلَا غَفْلَةٌ عِنْدَ النُّطْق بِهِ ، بِخِلَافِ الصَّلَاة فَإِنَّ النَّفْس تَحْضُرُ فِيهَا فَيَفْتَحُ لَهَا الشَّيْطَان أَبْوَاب الْوَسْوَسَة . وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ أَبُو عَوَانَةَ " الدَّلِيل عَلَى أَنَّ الْمُؤَذِّن فِي أَذَانه وَإِقَامَته مَنْفِيٌّ عَنْهُ الْوَسْوَسَة وَالرِّيَاء لِتَبَاعُدِ الشَّيْطَان مِنْهُ " وَقِيلَ لِأَنَّ الْأَذَان إِعْلَام بِالصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَفْضَل الْأَعْمَال بِأَلْفَاظٍ هِيَ مِنْ أَفْضَلِ الذِّكْرِ لَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا ، بَلْ تَقَع عَلَى وَفْقِ الْأَمْر ، فَيَفِرَّ مِنْ سَمَاعهَا . وَأَمَّا الصَّلَاة فَلِمَا يَقَعُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاس فِيهَا مِنْ التَّفْرِيطِ فَيَتَمَكَّنُ الْخَبِيثُ مِنْ الْمُفَرِّطِ ، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ وَفَّى بِجَمِيعِ مَا أُمِرَ بِهِ فِيهَا لَمْ يُقَرَّ بِهِ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَهُوَ نَادِر ، وَكَذَا إِذَا اِنْضَمَّ إِلَيْهِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يَكُون أَنْدَرَ ، أَشَارَ إِلَيْهِ اِبْن أَبِي جَمْرَة نَفَعَ اللَّه بِبَرَكَتِهِ .
فتح الباري/ 2/ 110/ الكتب العلمية 204- كيف عبدت الأصنام؟
سئل سفيان بن عيينة كيف عبدت العرب الحجارة والأصنام فقال أصل عبادتهم الحجارة إنهم قالوا البيت حجر فحيث ما نصبنا حجرا فهو بمنزلة البيت ,وقال أبو معشر كان كثير من أهل الهند يعتقد الربوبية ويقرون بأن لله تعالى ملائكة, إلا إنهم يعتقدونه صورة كأحسن الصور ,وأن الملائكة أجسام حسان وإنه سبحانه وتعالى وملائكته محتجبون بالسماء فاتخذوا أصناما على صورة الله سبحانه عندهم وعلى صور الملائكة فعبدوها وقربوا لها لموضع المشابهة على زعمهم وقيل لبعضهم أن الملائكة والكواكب والأفلاك أقرب الأجسام إلى الخالق فعظموها وقربوا لها ثم عملوا الأصنام.
تلبيس إبليس/ 77/ التوفيقية