عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2010, 03:05 PM   #6
إداري
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
افتراضي رد: ضوابط الصيام الفقهية للشيخ وليد السعيدان حفظه الله

ومن المسائل أيضا :نص علماؤنا – رحمهم الله – على أن من آخر قضاء رمضان إلى أن أدركه رمضان آخر بلا عذر لهذا التأخير أن عليه القضاء والكفارة فيطعم عن كل يوم مسكيناً واستدلوا على ذلك بأنه مذهب ابن عباس وأبي هريرة وابن عمر ولا يعرف كلهم مخالف من الصحابة فكان إجماعاً وقولهم أحب إلينا من قول غيرهم فدليل الكفارة مذهب الصحابي والله أعلم .
ومن المسائل أيضاً : ما الحكم إذا طلع الفجر الثاني وهو لا يزال في جماعة ؟ أقول : لا شك أن يجب عليه النزع لكن هل تجب عليه كفارة بالنزع أم لا ؟ أقول : من عجائب المذهب أنهم قالوا نعم عليه كفارة بالنزع لأنه تحصل بن اللذة والحرارة الحاصلة بالجماع ، وهذا هو المشهور عندنا في المذهب والراوية الثانية : إنما يجب عليه قضاء ذلك اليوم لا تلزمه الكفارة والرواية الثالثة : لا يجب عليه القضاء ولا الكفارة وصومه صحيح لا غبار عليه تقبل الله منا ومنه ، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وهو قول طوائف من السلف كسعيد بن جبير ومجاهد والحسن وإسحاق وداود وأصحابه واختباره الإمام الفحل التحرير فارس المنقول والمعقول أبو العباس بن تيمية – رحمه الله – وتلميذه الإمام الثاني ابن القيم الجوزية – رحم الله الجميع – وقال : وهو الأشبه بأصول الشريعة ودلالة الكتاب والسنة وهو قياس أصول أحمد وغيره إهـ وهو الأقرب إن شاء الله تعالى وذلك لأن نزعه هذا لا يريد به التلذذ وإنما يراد به التخلص ولا يتحقق التخلص إلا بالنزع وقد تقرر في القواعد أن مباشرة الحرام للتخلص منه جائز وإنما الحديث فيه ( وقعت على امرأتي ) و ( وطئت امرأتي ) و ( أصبت أهلي ) وهذه ألفاظ تغير وقوع الجماع المعهود ، وهذا نزع للتخلص ، ونقول أيضاً : إنه وإن سلمنا أن حركة النزع فيها مفسدة إلا أنها مغمورة في مصلحة إقلاعه وتخلصه من هذا المحرم ولا طريق له للتخلص إلا ذلك ، فلا اعتباره بهذه المفسدة اليسير ولا نرتب عليها حكماً، ولأنه لم يفرط بهذا الجماع لأنه أبتداه في وقت يحل له ابتداؤه فيه لقوله تعالى : ( فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) فأبان الله تعالى الأكل والشرب والجماع إلى هذا التبين ، ومن فعل ما أبيح له لم يكون مفرطاً ، ومن لم يفرط لا موآخذة عليه ، ثم نقول : أيها الأصحاب أعطونا حلاً لهذه المشكلة التي وقع فيها الرجل فإنه إن لم ينزع وجبت عليه الكفارة لأنه جماع في نهار رمضان باختيار ، وإذا نزع وجبت عليه الكفارة أيضاً لأنه يتلذذ بهذا النزع ، فبالله عليكم ما هو الحل في هذه المشكلة ؟ أقول : الحل فيها أن يؤمر بالنزع ولا شيء عليه والله أعلم .
ومن المسائل أيضاً : ما الحكم لو تساحقت امرأتان فأنزلتا فهل تلزمهما كفارة كالرجل مع زوجته أم لا ؟ أقول : وفيه خلاف بين العلماء على توليهما روايتان في مذهب الأصحاب – رحمهم الله – تعالى فقيل أن الإنزال بالمساحقة كالجماع ، فعليهما القضاء والكفارة ، والرواية الثانية : إنما عليهما الإثم والقضاء دون الكفارة لأن الأصل عدم الكفارة في مفسد الصوم إلا بدليل ولا دليل يدل على وجوبها بالمساحقة وإنما هي في الجماع الذي فيه إيلاج وهذا قول الجمهور ، وهذا القول هو الأقرب إن شاء الله تعالى لأن الحديث فيه ( وقعت ) و ( أتيت ) و ( وطئت ) و ( أصبت ) وهي ألفاظ تدل على حقيقة الجماع والمساحقة وأما القضاء فأقول : فإنه لا قضاء عليه ليس من باب إسقاط التخفيف وإنما من باب إسقاط الحرمان ، فإنه لا يجزئه عن ذلك اليوم شيء من الأيام لكن عليه التوبة والندم والعزم على عدم العودة والإكثار من الصوم في حديث القيء ( ومن استقاء عمداً فليقضي )(1) فأقول نعم هو كذلك لكن قوله عمداً منزل على الحاجة لأن الإنسان إنما يتقيأ لعذر كالمريض يتداوى بالقيء أو يتقيأ لأنه أكل ما فيه شبهة كما تقيأ أبو بكر الصديق -  - لما أكل من كسب المتكهن جاهلاً بحاله ، وإذا كان المتقيء معذوراً كان ما فعله جائزاً وصار من جملة المرض الذين يقضون ولم يكن من أهل الكبائر الذين أفطروا بغير عذر أفاد : شيخ الإسلام أبو العباس قدس الله روحه في عليين والله أعلـم .
ومن المسائل أيضاً : ذكر بعض أهل العلم – رحمهم الله – أن من سافر وجامع فلا شيء عليه ، وهو كلام صحيح لا شك فيه وذلك لأن صوم المسافر لا يلزم المضي فيه ، أي أن له قطعه ولا شيء عليه وإنما عليه القضاء فقط لقوله تعالى: ( فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر ) فأشبه التطوع بجامع عدم لزوم الزوجة المضي في كل إذا جامع في نهار رمضان وهو مسافر فإنه يكن قد استحل حرمة رمضان بمسوغ شرعي ومن استحل حرمة رمضان بمسوغ شرعي فلا شيء عليه إلا القضاء ، وقال البعض : بل الأفضل أن يفطر بغيره إذا أراد الفطر وجعلا الفطر بالجماع مكروها ، ولكنه قد تقرر في القواعد أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة والكراهة حكم شرعي فأين الدليل الدال على الكراهة ، فإنه لا دليل نعلمه يفيد الكراهة ولأنه قد تقرر في الضوابط أن من جازله الفطر في رمضان أفطر على ما شاء ، وهذا يفيد أن القول الصحيح أن من جامع مع من سفر فلا شيء عليه ولم يقع في أمر مكروه والله تعالى أعلم .
ومن المسائل أيضا : الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفاً على ولديهما فإنهما يقضيان لكن هل يكفران أم لا ؟ فيه خلاف فقيل نعم ، وقيل لا ، والأصل عدم الكفارة في مفسدات الصوم إلا بدليل ولا أعلم دليلاً من القرآن ولا من السنة المرفوعة الصحيحة ثبتت الكفارة في حقهما ولكن ثبت ذلك عن ابن عباس وجمع من الصحابة ولا يعرف لهم مخالف وقد تقرر في الأصول أن مذهب الصحابي حجة بشرطه ، فنقول بما قاله ابن عباس والله أعلم .
ومن المسائل أيضا : إعلم أن المشهور من المذهب أن الكفارة في الجماع لازمة ولو وقع الجماع عن نسيان أو إكراه أو جهل واستدلوا على ذلك بأنه  لم يستفصل الأعرابي المجامع عن شيء فلم يقل له لعلك نسيت أولعلك كنت جاهلاً أو نحو ذلك ، فلم يستفصل منه وقد تقرر في القواعد أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال منزل منزلة العموم في المقال.
والرواية الثانية : أنه لا إثم عليه ولا قضاء ولا كفارة ، وهو الصواب إن شاء الله تعالى واختاره الشيخ تقي الدين قدس الله روحه في الفردوس الأعلى . وذلك لأن قاعدة الشريعة العامة أنه لا يؤثر فعل المنهي عنه إلا بعلم وذكر وإرادة والنسيان متصور ، والجهل متصور وكذلك الإكراه متصور في حق الرجل وليس الانتشار دليلاً على وجود الإرادة فإنه يحصل في حال النوم حتى يحتلم النائم والإنسان لا يشعر به ولا يريده ، وقد يكون الإكراه على الجماع بالقتل بأن يقال : جامع زوجتك وإلا قتلناك هم قادرون على إنفاذ ما هددوا به وعلى كل حال فإنه قد ثبت بالكتاب والسنة أن من فعل محظوراً مخطئاً أو ناسياً أو مكرهاً أن الله لا يؤآخذه بذلك وحينئذ يكون بمنزلة من لم يفعله فلا يكون عليه إثم ومن لا إثم عليه لا يكون عاصياً ولا مرتكباً لما نهي عنه ومثل هذا لا تبطل عبادته والله تعالى أعلى وأعلم .
ومن المسائل أيضاً : قرر بعض أهل العلم أن من قبّل فأنزل أو جامع دون الفرج فأنزل أن عليه الكفارة ، فأقول : قد تقرر أن الأصل عدم الكفارة في مفسد الصوم إلا بدليل وأين الدليل الدال على وجوب الكفارة في ذلك فحيث لا دليل فالأصل هو عدم الكفارة ، وهذا هو الأرجح وهو المشهور من المذهب والله أعلم .
ومن المسائل أيضاً : أن من أفطر أياماً من رمضان لعذر فإنه يقضيها في أيام أخر فما الحكم لو جامع في نهار القضاء فهل تلزمه الكفارة كالمجامع في نهار رمضان أم لا ؟ أقول فيه خلاف فقيل : نعم تلزمه الكفارة وقيل لا وهو الراجح وذلك لأن الأصل عدم الكفارة في مفسد الصوم إلا بدليل والدليل دل على وجوب الكفارة على المجامع في نهار رمضان لحرمة الشهر وذلك لأن المجامع قال : ( وقعت على أهلي في رمضان )(1) وغير رمضان لا يساويه في الحرمة فلا يشترك معه في الحكم وحينئذ فنقول : فسد صومه وعليه الإثم ولا يزال وجوب القضاء في ذمته ، أما فساد الصوم فلأنه أفسده بالجماع ، وأما الإثم فلأنه قطع الصوم الواجب بلا مسوغ شرعي وأما عدم براءة الذمة فلأنه لم يأتي بالصوم الصحيح الذي به تحصل براءة الذمة ومثال ذلك الجماع في صيام الكفارة أو النذر أيضاً لا كفارة في ذلك لأن الكفارة إنما كانت لأجل هتك حرمة شهر رمضان وغيره لايساوي وهذا هو المشهور من المذهب والله ربنا أعلى وأعلم . فهذه بعض المسائل على هذا الضابط المهم في كتاب الصيام عسى الله أن ينفعنا وإياك بها آمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
محب الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس