عرض مشاركة واحدة
قديم 06-21-2010, 11:50 AM   #1
إداري
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
Post تحقيق ضوابط سجود السهو في الصلاة

قال الشيخ وليد السعيدان حفظه الله :
لمـقـدمـة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك لـه وأشهد أن محمد اً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً ثم أما بعد :-
فإن باب سجود السهو من الأبواب المهمة العظيمة وذلك لتعلقه بالركن الثاني من أركان الإسلام الذي هو الصلاة تعلق الجابر بالمجبور ، فهو يُعَدُّ جابراً لخلل حصل في الصلاة من زيادة أو نقص أو شك ولصعوبة بعض مسائله وكثرة صوره وفروعه وعدم التعقيد فيه صار هذا الباب المهم من الأبواب التي هجرها الطلاب وزهدوا فيها وخصوصاً الأئمة فكثرت فيه الأخطاء الواضحة والمخالفات البينة ، مما قد يكون مخلاً بالصلاة أصلا من حيث لا يشعر الإنسان ، فكان لزاماً عليهم تعلم مسائل هــذا الباب والحرص التام على السؤال عن ما يشكل فيها وضبط أدلته ضبط حفظ وتطبيق ، والاهتمام بـه اهتماماً بالغاً مقدماً على غيره من المسائل التي لا يحتاج إليها إلا في القليل النادر ، وقد ألقيت في ذلك مؤلفات لكن ينقص بعضها الرجوع للدليل وبعضها تذكر المسائل مجردة عن أصولها ، ولذلك ولغره أحببت أن أشارك في تيسير هذا الباب وضبطه بضوابط هي في اجتهادي موافقة للدليل مع ذكر أدلتها من المنقول والمعقول مع الإجابة عن ما تلزم الإجابة عليه وبيان حال الأدلة صحة وضعفاً ، وأسميته ( تحقيق ضوابط السهو ) ولكن ليعلم الناظر فيه أنه جهد مقل وعمل بشر لا يخلوا من النقص والتقصير والخطأ والزيادة ، فأرجو من الناظر فيه إن وجد زللاً أن يستغفر لصاحبه وأن يبادر بالنصيحة الواجبة بين الأحبة ، فالله اسأل أن ينفع به المسلمين وأن يجعله مرجعاً في هذا الباب المهم وأن يكتبه عملاً صالحاً ينفعني في قبري إنه ولي ذلك والقادر عليه وإلى المقصود والله المستعان وعليه التكلان فأقول :

المسألة الأولى
(كل واجب فإنه يفوت بفوات محله سهواً وسجوده قبل السلام )

وهذا الضابط عام في كل واجبات الصلاة المعروفة عند الفقهاء وهي التكبير غير التحريمية والتسميع والتحميد وتسبيحات الركوع والسجود وسوآل المغفرة بين السجدتين والتشهد الأول وجلسته ، فهذه هي واجبات الصلاة فإذا ترك الإنسان شيئاً من هذه الواجبات فلا يخلو إما أن يكون عمداً أو سهواً فإن كان عمداً فإن صلاته حينئذٍ تبطل ولا يسجد للسهو لأنه لا سجود للسهو في عمد كما سيأتي إن شاء الله تعالى وإن كان تركه سهواُ فلا يخلو إما أن يفوت محله أو لا فإن لم يفت محله فإنه لا تفوت المطالبة به عليه أن يأتي به ولا سجود عليه وأما إن فات محله الذي شرع فيه فإنه حينئذٍ يفوت بفوات محله ولا يشرع للإنسان أن يرجع ليأتي به ، بل يكمل صلاته ويسجد للسهو قبل السلام ، والدليل على هذا الضابط ما رواه الشيخان من حديث عبدالله بن بحينة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين ولم يجلس فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم .ولمسلم (( يكبر في كل سجدةٍ ويسجد وهو جالس وسجد الناس معه فكان ما نسي من الجلوس )) ووجه الاستشهاد وبه من عدة أمور منها :
- أن ترك التشهد الأول وسجد للسهو قبل السلام ، والتشهد الأول واجب ، فقسنا عليه كل واجب في الصلاة .
- أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه نسي التشهد الأول وهو في أثناء الصلاة لأنه لم يسبح به أحد ليس سهواً منهم وإنما لأنهم ظنوا أنه طرأ في الصلاة شيء ، مما يدل على أن التشهد الأول إن فات محله فإنه يفوت بفواته إذا لو كان التشهد المتروك لم يفت بفوات محله لرجع النبي صلى الله عليه وسلم وأتى به لكن لما يرجع إليه مع ذكره له أثناء الصلاة لأنه لم يسبح به أحد دل ذلك على أنه سقط بفوات محله ، وهو واجب فقسنا علسه كل واجب في الصلاة .
- أن الراوي قال (( وسجد الناس من مكان ما نسي من الجلوس )) فدل ذلك على أن هاتين السجدتين إنما هي لترك التشهد الأول وجلسته لا لسهوٍ آخر ، وهما قبل السلام فقلنا ذلك في كل واجب ،والله أعلم .
ومن الأدلة عليه أيضاً حديث المغيرة بن شعبة مرفوعاً (( إذا شك أحدكم فقام في الركعتين فاستتم قائماً فليمض ولا يعود ويسجد سجدتين فإن لم يستتم قائماً ، فليجلس ولا سهو عليه )) رواه أبو داوود وابن ماجة والدار قطني واللفظ له بسند ضعيف ، لأن مداره على جابر الجعف وهو ضعيف جداً لكن تابعه قيس بن الربيع عن المغيرة بن شبيل به ، أخرجه الطحاوي وتابعه أيضاً إبراهيم بن طهمان عن ابن شبيل به ، وإسناده صحيح ، فحديث المغيرة يتقوى بمجموع طرقه ويرتقي إلى مرتبة الصحيح لغيره ، ووجه الاستشهاد به هو أن النبي صلى الله عليه وسلم فصل في نسيان التشهد الأول فكأنه قال : لا يخلو من حالتين :
الأول : إذا استتم قائماً إي أن فات محله ، وأنت تعرف أن محله التشهد الأول ينتهي باستتمام القيام ، فقال (( إن استتم قائماً فليمض ولا يعود )) أي لا يرجع إلى محل التشهد ليأتي به لأنه قد فات محله ففات بفواته فقسنا عليه كل واجب ، إذا فات محله فإنه يفوت بفواته ، ثم قال : (( وليسجد سجدتين )) وظاهره أنه سجود لما ترك من الجلوس .
محب الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس