عرض مشاركة واحدة
قديم 08-19-2011, 05:44 AM   #2
إداري
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
افتراضي رد: وليس مشروعاً من الأمورْ ... غيرَ الذي في شرعنا مذكورْ " درر نفيسه من الشيخ وليد السعيدان حفظه الله "

تابع :
الثاني عشر :- استحب طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى في الوضوء مسح العنق وهو مذهب الحنفية ويستدلون على ذلك بحديث يروونه عن أبي هريرة  ، ولكن هذا الحديث لا يسعفهم في إثبات هذا الاستحباب ، لأنه لا يثبت عن النبي  في ذلك شيء ، قال النووي : بدعة وحديثه موضوع ، وقال ابن تيمية : لم يصح أنه  مسح على عنقه ، ولهذا لم يستحب مسح العنق جمهور من العلماء كمالك والشافعي وأحمد ، وقال ابن القيم : لم يصح فيه حديث البتة ، وبناءً عليه فمسح العنق ليس من السنة بل ما أحراه أن يكون بدعة ، وجميع الواصفين لوضوئه  لم يذكروا أنه مسحها ولا مرة واحدة فلو كان ذلك مشروعاً لفعله  مع أنهم رضي الله عنهم كانوا في مقام التعليم ، فحديث أبي هريرة  لا يثبت ولا يقوى أصلاً على مقابلة هذه الأحاديث الصحيحة الثابتة في الصحيحين أو أحدهما ، فاللهم اغفر للأئمة الحنفية واجزهم خيراً على حرصهم في متابعة السنة ، وهذه هفوة يسيرة في جانب حسناتهم الكثيرة التي لا تعد ، وهو مقصور في كل مذهب ، ألا ترى أن الفرع الذي قبل هذا ـ أعني فرع مخالفة تقليم الأظافر ـ قد قال به بعض الحنابلة ، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا قول الشارع  وعلى كل حال فمسح العنق لا يصح ادعاء استحبابه لأن الاستحباب حكم شرعي والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة والله أعلم .
الثالث عشر :- ذهب بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى استحباب الذكر بين أبعاض الوضوء ويرون في ذلك نقلاً لا أساس له من الصحة ، وبعضهم يجعل ذلك من باب الاستحسان ، ولكن هذا غير مقبول لأن الاستحباب من جملة أحكام الشريعة وقد تقرر لنا أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وهذا النقل المروي في ذلك كذب مختلق وليس للاستحسان مدخل في باب التشريع ، فالاستحباب لا يعرف بالاستحسان وإنما يعرف بالدليل من الكتاب والسنة ، وقد قال النووي عن مرويهم هذا : كذب مختلق ، لم يثبت عن النبي  منها شيء ولا علمه أمته ، وقال الشيخ تقيّ الدين وتلميذه وغيرهما : والأذكار التي تقولها العمة عند كل عضو بدعة لا أصل لها ، لا عن رسول الله  ولا عن صحابته ولا التابعين ولا عن الأئمة الأربعة فحيث لا دليل يثبت هذا الاستحباب فالأصل عدم الاستحباب وحكم الشرع لا يثبت إلا بدليل والله أعلم.
الرابع عشر :- ذهب بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى القول بوجوب الغسل بمجرد انتقال المني عن مكانه ولو لم يخرج واستدلوا على ذلك بأن المني في هذه الحالة قد فارق محله وجانبه فيصدق على صاحبه وصف الجنب لأن المني فارق محله ، وذهب أكثر العلماء بأن مجرد انتقال المني لا يوجب الغسل بل لا بد من خروجه واستدلوا على ذلك بحديث (( إنما الماء من الماء )) وبحديث (( إذا رأت الماء )) وبأن الأصل بقاء الطهارة ، وبأن موجبات الغسل توقيفية ، وبأن الوجوب حكم شرعي والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، ولا نعلم دليلاً لا من القرآن ، ولا من السنة الصحيحة ، ولا من الإجماع ولا من القياس الصحيح ، ولا من قول الصحابة يوجب ذلك ، فهذا الفرع محدثٌ في الشرع وكل إحداث في الدين فهو رد ، وتشريع لم يأذن به الله ، وكل تشريع لم يأذن به الله فهو باطل لا يقبل والأصل براءة الذمة ممن هذا الوجوب والأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل ، وقولهم : إن الإنسان يوصف بالجنابة بمجرد مفارقة منيه محله ، كلام ليس بصحيح لا لغة ولا عرفاً ولا شرعاً ، فضلاً عن كونه قياساً ورأياً في مورد النص ، وقد تقرر أنه لا اجتهاد مع النص وتقرر أن كل قياساً صادم النص فإنه فاسد الاعتبار وبناءً عليه فالصحيح الذي لا شك فيه هو عدم وجوب الغسل بمجرد انتقال المني بل لابد مع انتقاله من خروجه ، هذا هو المعروف بالدليل الأثري والنظري كما ذكرناه لك قبل قليل فهذا الوجوب المذكور لا أصل له في الشرع لأن المتقرر عندنا أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، فرحم الله من ذكره وأدخله في كتب الهداية وعفا عنه وعامله بكرمه ومنِّه وفضله ، والله تعالى أعلى وأعلم.
الخامس عشر:- استحب طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى في الغسل أن يعم بدنه ثلاثاً ، أي إذا أفاض الماء على بدنه أن يكرر هذه الإفاضة ثلاثاً فيعمم بدنه بالماء مرة ثم يعممه ثانية ثم يعممه ثالثة ، وقاسوا ذلك على الوضوء بجامع أن كلاً منها طهارة عن حتى ، ولأنه أبلغ في التطهير ، ولو أرجعنا هذا الفرع إلى قاعدتنا التي نحن بصدد شرحها لوجدنا أن هذا الاستحباب لا دليل عليه البتة لا من القرآن ولا من السنة الصحيحة ، والمتقرر عندنا أن المستحب من أحكام الشريعة والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، أي أن الحكم الشرعي مصدره الشرع فقط وقياسهم هذا يجاب عنه بعدة أمور , منها : أنه قياس مع الفارق ، ومنها : أنه قياس مصادم للنص فإن عائشة ، وميمونة رضي الله عنمها لما ذكرتا للأمة صفة غسل النبي  من الجنابة كما في الصحيحين لم تذكرا التثليث إلا في الإفاضة على الرأس ، وأما في الإفاضة على البدن فذكرتا أنه أفاض على بدنه ، هكذا من غير تحديد ومن المعلوم أن من لوازم هذه الإفاضة المرة الواحدة ويبقى ما زاد على ذلك على العدم وهذا فيه بيان أنه لم يكرر هذه الإفاضة ثلاثاً فاستحباب هؤلاء التثليث في الإفاضة على البدن في الغسل يستند إلى قياس قد صادم نصاً وقد تقرر في الأصول أن القياس المصادم للنص فاسد الاعتبار ، ومنها : أنه قياس في عبادة والمتقرر منعه ، ومنها : أنه اجتهاد في مورد النص والمتقرر أنه لا اجتهاد مع النص ، وبناءً عليه فلا استحباب ، بل السنة الاقتصار على تعميم البدن مرة واحدة فقط والزيادة على ذلك فيها إسراف وغلو ووسوسة وتنطع ، ولو كان ذلك من الخير لأرشدنا إليه من هو أحرص علينا من أنفسنا ، ولا يبعد أن يكون ذلك من البدع لأنه تعبدٌ لله بما لا دليل عليه ، وبالجملة فالاستحباب حكم شرعي والحكم الشرعي وقف على الدليل كما تقرر لنا في هذه القاعدة العظيمة المباركة والله أعلى وأعلم .
السادس عشر :- ذهب بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى أن من آداب الخلاء أن يعتمد المتخلي على رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى واستدلوا على ذلك بحديث سراقة قال : علمنا رسول الله  في الخلاء على اليسرى وننصب الأخرى . ولكن هذا ليس بصحيح لأن هذه المسألة لا يصح فيها شيء عن المعصوم  أي لم يرد في هذا شيء يثبت به حكم الندب ، وما ورد في ذلك فليس بصحيح ولا حسن ولا ضعيف يحتمل التحسين وإثبات الأحكام الشرعية بما لا تقوم به الحجة لا يجوز ، وبناءً عليه فلا ينبغي أن يعد هذا الفعل من جملة مستحبات التخلي لأنه لا دليل يثبت هذا الاستحباب وحيث لا دليل فالأصل العدم . والله ربنا أعلى وأعلم.
السابع عشر :- ذهب طائفة ممن ينتسبون لأهل العلم بأن من السنة في الأذان أن يقول " حي على خير العمل " ويستدلون على ذلك بمرويات لا خطام لها ولا زمام وقد جعل هذا الشعار من أساسات الولاء و البراء عند هذه الطائفة والفصل بيننا كتاب الله تعالى وسنة نبينا  كما قال تعالى  فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً  وقال تعالى  وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ  فرجعنا إلى الكتاب والسنة فلم نجد فيهما لهذه اللفظة ذكراً إلا في المرويات والنقولات التي لا أصل لها ولا تصح نسبتها لمقامه الكريم  ولا عبرة بفعل هؤلاء لها ، فإن الحجة إنما هي فيما صح من الأدلة لا بقول أحد أو مذهبه كائنا من كان فكل حديث يروى في إدخال هذه اللفظة فإنه موضوع أو ضعيف شديد الضعف فالمرويات المنقولة في ذلك لا تصلح أن يثبت بها شيء من الأحكام لأن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وبناءً على ذلك فقولها في الأذان من البدع المحدثة وكل إحداث في الدين فهو رد والله ربنا أعلى وأعلم.
الثامن عشر :- منع قوم من أهل العلم رحمهم الله تعالى أن تقرأ الحائض شيئا من القرآن ومنعهم هذا على وجه التحريم ولما رجعنا إلى أدلة هذا المنع وجدناها لا تصلح أن تكون مستنداً لهذا المنع فإنها ضعيفة كلها ، بل أقول : كل حديث يروى في منع الحائض من قراءة القرآن فهو ضعيف كحديث (( لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن ونحوه )) كل ذلك مما لا تقوم به الحجة والتحريم حكم شرعي والمتقرر عندنا أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها إلى الأدلة الصحيحة الصريحة ، وحيث لم يصح دليل في هذا المنع فالأصل عدمه فالقول الراجح أن الحائض يجوز لها قراءة القرآن لكن من غير أن تمسه ، لأن المس شيء والقراءة شيء آخر ، والكلام في القراءة لا المس وقلنا بالجواز وعلة ذلك عدم الدليل الصحيح الذي ينقلنا من الجواز إلى غيره وقد تقرر أن الأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من المحققين والله أعلم.
التاسع عشر :- ذهب بعض العلماء إلى بطلان الصيام ببلع النخامة ، وعللوا ذلك بعدم مشقة الاحتراز منها ولكن أنت خبير بأن الإبطال حكم شرعي والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وحيث لا دليل يفيد بطلان الصيام ببلعها فالأصل الصحة ، والأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل ، والأصل في العبادات المنعقدة بالدليل الشرعي أنها لا تنقضي إلا بالدليل الشرعي ، وبناءً عليه فالقول الصحيح أن بلع النخامة لا يفسد الصوم ، لكن على الصائم أن يتحفظ منها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً للخروج من الخلاف ، والله تعالى أعلى وأعلم.
العشرون :- ذهب بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى وجوب الكفارة على من أفطر بالأكل والشرب عامداً ذاكراً ، ولا أدري في الحقيقة على أي شيء استند هؤلاء ، وقد بحثت في كتبهم فوجدت أنهم قالوا : لأن الأكل والشرب أصل المفسدات فإذا وجبت في الجماع الذي هو دونه فلأن تجب في الأكل والشرب الذي هو أعلى منه من باب أولى ، وقالوا : إن العلة في إيجاب الكفارة على المجامع هي لأنه انتهك حرمة الصوم الواجب ، فكذلك لو أكل أو شرب عمداً فإنه يكون قد انتهك حرمة الصوم ، ومع اتفاق العلل تتفق الأحكام ، هكذا قالوا رحمهم الله تعالى ولكن قولهم مجانب للصواب ، لأن الصواب أنه لا كفارة إلا على المواقع في نهار رمضان عامداً عالماً بالحكم ، فالجماع لا بد أن يكون مؤثراً في وجوب الكفارة ، لأن النبي  رتب الكفارة على من قال " وقعت على أهلي وأنا صائم " وفي رواية " في رمضان " فأوجب عليه النبي , الكفارة فالكفارة متوجهة لمن قال ذلك ، فدل على ذلك على ارتباطها به ، ولأن الأصل في الذمة البراءة ولا نعمرها بوجوب شيء إلا بدليل صحيح صريح والدليل إنما ورد في حق من وقع على أهله وهو صائم في رمضان ، ولأن الأصل المتقرر عدم الكفارة في مفسد الصوم إلا بدليل ، ولم يرد الدليل إلا في حق المجامع فقط ، وصورة السبب في الكفارة لا بد أن تكون مؤثر في الحكم ، ثم إن قياس الأكل والشرب على الجماع غير صحيح ، والقياس في العبادات ممنوع أصلاً وليس للقائلين وجوب الكفارة على المفطر بغير الجماع دليل صحيح ، والأصل عدم الوجوب لأن الوجوب حكم شرعي والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للدليل الصحيح الصريح ، فالحق الحقيق بالقبول أنه لا تجب الكفارة إلا على من أفطر بالجماع فقط ، وأما من أفطر بغيره فلا نقول بوجوب الكفارة عليه لأنه لا دليل يثبت ذلك ، والله ربنا أعلى وأعلم.
الحادي والعشرون :- ذهب طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى منع بيع المصحف فقالوا (ويحرم بيع المصحف) وهذا التحريم من جملة الأحكام الشرعية وقد تقرر لنا في قاعدتنا أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، ولا نعلم دليلاً يصح في ذلك ، وحيث لا دليل يمنع فالأصل الجواز - وهو الصحيح في هذه المسألة - بل إن بيعه من جملة تعظيمه بما فيه من نشره بين المسلمين ، ولا يزال المسلمون في زماننا وقبل زماننا يتبايعونه فيما بينهم من غير نكير ، وقد تقرر في القواعد أن الأصل أن كل ما صلح بيعه فإنه يجوز بيعه إلا بدليل ، وأعظم ما ينتفع به المسلم كتاب الله تعالى ، فالأصل في البيع الحل ، ومن ادعى أن عينا من الأعيان لا يجوز بيعها فإنه مطالب بالدليل المثبت لذلك وحيث لا دليل يمنع من ذلك فالأصل الجواز ، فالصحيح في هذه المسألة إن شاء الله تعالى هو جواز بيعه تفريعاً على هذه القاعدة المباركة المهمة والتي تعتبر أصلاً من أصول طالب العلم في سيره العلمي والله تعالى أعلى وأعلم.
الثاني والعشرون :- منع بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى البيع بالتقسيط ومنعهم هذا من باب منع التحريم ولكن هيهات يصح هذا المنع فإن المنع من أحكام الشريعة والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وأين الدليل الذي يمنع من هذا النوع من البيوعات؟ ، كيف وقد ورد الدليل أصلاً بالجواز كما في قوله تعالى  وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ  فإنه - أي بيع التقسيط - من جملة هذه البيوع التي تدخل في عموم هذا النص وقد تقرر في الضوابط أن الأصل في البيع الحل والإباحة إلا بدليل وحيث لا دليل يمنع منه فالأصل فيه الجواز ومنعه غير مقبول لأن المنع حكم شرعي ، والحكم الشرعي وقف على الدليل فالصحيح في هذه المسألة هو الجواز والله أعلى وأعلم.
الثالث والعشرون :- منع طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى من رهن المصحف ، وفرعوا ذلك على عدم جواز بيعه ، وقد قدمنا لك أن القول الصحيح جواز بيع المصحف ، وبناءً على ذلك فالضوابط عندنا أن كل ما صح بيعه صح رهنه ، فالصحيح في هذه المسألة هو جواز رهن المصحف لأنه عين يصح بيعها وكل عين صح بيعها صح رهنها ، ولا فرق بين جواز البيع وجواز الرهن ، لكن يشترط أن لا يكون المرتهن كافراً ، لخشية امتهانه للمصحف لحديث:- نهى أن يسافر بالقرآن لأرض العدو مخافة أن تناله أيديهم . حديث صحيح ، أما إذا كان المرتهن مسلماً فإن الصحيح جواز رهن المصحف عنده ، وذلك لعدم وجود الدليل يمنع من رهنه ، المنع حكم شرعي والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وحيث لا دليل يمنع من ذلك فالأصل الجواز والله أعلى وأعلم.
الرابع والعشرون :- منع طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى أن يجمع بين شرطين في البيع, وإنما الجائز شرط واحد فقط ، فلو اشترط أحدهما على الآخر شرطين فإن البيع لا يصح . وهذه مجازفة خطيرة فلا يجوز أن تشترط حمل الحطب وتكسيره ، بل إما حمله فقط أو تكسيره فقط ، ولا تشترط خياطة الثوب وكيه ، بل ليس لك إلا أحدهما فقط ، وهذا مذهب مجانب للصواب ، بل الصحيح في هذه المسألة هو الجواز ، فلأحدهما - أي البائع والمشتري - أن يشترط على الآخر ما شاء من الشروط ، وعلى المانع من ذلك الدليل ، وقد تقرر في القواعد أن الأصل في الشروط الحل والإباحة إلا بدليل ، لعموم قوله  )) المسلمون على شروطهم )) الحديث. وغير ذلك من الأدلة وأما حديث (( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن مائة شرط )) فإن المراد بكتاب الله أي شريعة الله تعالى وحكمه ، ويدل على الحلية في الشروط أيضاً حديث عقبة (( إن أحق ما أوفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج )) وهذا يفيد أن كل شرط فإن حقه الوفاء به لكن أحق شرط يوفى به هو ما كان بسببه استحلال الفرج أي شروط النكاح. فالأصل في الشروط في المعاملات الحل والإباحة ولا يمنع منها إلا ما حرمه النص الصحيح الصريح ، فيجوز لأحد المتعاقدين أن يشترط على الآخر ما شاء من الشروط إلا ما خالف النص فإنه لا يقبل ومن منع من شيء من هذه الشروط فإنه مطالب بالدليل المانع لأن المنع حكم شرعي ، والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وأما حديث (( لا شرطان في البيع )) فقد فسره المحققون بأن المراد بها الشروط التي يؤدي اجتماعها إلى مفسدة كالشرطين في العينة مثلاً ونحو ذلك ، وأما الشروط التي لا يؤدي اجتماعها إلى شيء من الفاسد فإن الشريعة لا تنهى عنها أبداً فقوله ((ولا شرطان في البيع)) إنما يريد به حقيقة بيع العينة وما أشبهها من الشروط التي يؤدي اجتماعها إلى مفاسد خالصة أو راجحة ، والله تعالى أعلى وأعلم.
الخامس والعشرون :- ذهب بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى تحريم لحوم الخيل ، وما ذهبوا إليه غير مقبول ، لأن التحريم من جملة أحكام الشريعة والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، ولابد من اجتماع هذين الشرطين الصحة والصراحة ، وما استدل به المحرمون للخيل لا يخلو من حالين : إما أن يكون صحيحاً ولكنه ليس بصريح وإما العكس ، وهذا لا يفيد إثبات الحكم الشرعي ، فضلاً عن معارضة قولهم هذا لما ثبت به الأدلة الصحيحة الصريحة والقاضية قضاءً جازماً بحلية الخيل ، كحديث أسماء : نحرنا فرساً على عهد رسول الله  , فأكلناه والحديث في الصحيح ، وفي المتفق عليه من حديث جابر  قال : إن النبي  نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل . ولعموم قوله تعالى  وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ  وقوله  هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً  ولأن الأصل المتقرر في القواعد في باب الأطعمة أن الأصل فيها الحل والإباحة إلا ما ورد النص الصحيح الصريح بتحريمة ، فحيث كان الأصل فيها هو الحل فالمتقرر أيضاً أن الأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل ، وحيث لا ناقل في هذه المسألة فالأصل فيها بقاؤها على الإباحة فالراجح المحفوف بالدليل والقاعدة هو القول بجواز لحوم الخيل لأن الأحكام الشرعية من التحريم والكراهة تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، والله أعلى وأعلم.
السادس والعشرون :- أوجب طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى غسل ما صاده الكلب بفمه أي إذا أرسلت كلبك المعلم فصاد لك شيئاً بفمه فالواجب عليك أن تغسل هذا الموضع الذي باشره بفمه ، ولكن هذا الوجوب أين مستنده؟ فإن الواجب من جملة الأحكام الشريعة والمتقرر أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة ، فلا يجوز إثبات شيء منها إلا بالدليل ، وأين الدليل الذي يعقد هذا الوجوب؟ ولا يصح قياسه على ولوغه في الآنية لأن هذا الحكم يخص الآنية ولذلك فلو ولغ على الثوب أو البدن فإنه يكفي في ذلك غسله مرة واحدة فقط ، ولا تقل هذه المسألة لا دليل فيها ، وإنما على عدم وجوبه ، وذلك لقوله تعالى  مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ  فهذه جملة شروط حلية الصيد بالجوارح أن نذكر اسم الله عليه وأن يكون قد أمسك لنا ، فأين بالله عليك ذكر الأمر بالغسل ، فإنه لو كان واجباً لبينه ربنا لنا ، لأن المتقرر بالاتفاق أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، ويوضح هذا حديث عدي بن حاتم  قال : قال لي رسول الله  (( إذا أرسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله ، فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه ، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله ، وإن أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه ، فإن وجدت مع كلبك كلباً آخر وقد قتل فلا تأكل فإنك لا تدري أيهما قتل ، وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت ، وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل )) متفقٌ عليه ، وفي لفظ لهما : قال قلت يا رسول الله إنا نرسل الكلاب المعلمة فقال (( كل ما أمسكن عليك )) قلت وإن قتلن؟ قال (( وإن قتلن )) قلت : إنا نرمي بالمعراض! قال (( كُلْ ما خرق ، وما أصاب بعرضة فلا تأكل فإنه وقيذ )) ولهما من حديث أبي ثعلبة أن النبي  قال (( وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله فكل ، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل )) وهذه الأحاديث نص في محل النزاع لأن النبي  كان في مقام التعليم لمن كثر صيده بالكلب والمعراض فبين له جميع ما يتعلق بذلك ووضح له أحوال المصيد بالكلب والمعراض الذي صاده الكلب بفمه فلو كان ذلك واجباً لأمرهم به فلما لم يأمرهم به دل على أنه ليس بواجب لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، والله أعلى وأعلم.
السابع والعشرون :- كرَّه قوم من أهل العلم رحمهم الله تعالى أكل لحوم البقر ، واستدلوا على ذلك بحديث (( لحوم البقر داء ، وسمنها ولبنها دواء )) والعجب من المستدل بهذا الحديث ، فإن مثل هذا الحديث لا يستحق أن يستدل به لأنه ضعيف بمرة ، بل وقد حكم عليه طائفة من العلماء بأنه موضوع وما أحراه بذلك ، ولا أعلم أحداً صححه من المتقدمين إلا الحاكم عفا الله عنه وغفر لنا وله ، وأنت خبير بعظيم تساهله في التصحيح فإذا انفرد بتصحيح شيء من الأحاديث فقف واحذر حتى تتبين الأمر بنفسك فإنه لا يعتمد على تصحيحه ، وهذا الحديث مع شدة ضعفه فإنه مخالف للأدلة الصحيحة الصريحة في جواز لحوم البقر ، قال تعالى  وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ  ولحم البقر داخل في هذا الحل، وقال تعالى  هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً  وقد روى مسلم في صحيحه من حديث جابر  أنه قال: ذبح رسول الله  عن عائشة بقرة يوم النحر . وعنه  قال: نحر النبي  عن نسائه بقرة في حجته . رواه مسلم. وله أيضاً عن جابر  قال: نحرنا مع رسول الله  عام الحديبية البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة . وعن جابر  قال : قال رسول الله  (( البقرة عن سبعة و الجزور عن سبعة )) رواه مسلم وأبو داود واللفظ له ، فهذه الأحاديث تفيد إفادة صريحة حلية لحوم البقر بلا كراهة ، وحيث إن الكراهة من أحكام الشريعة فإنها لا تقبل إلا بدليل وحيث لا دليل يصح في هذه الكراهة فالأصل عدمها لأن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة فالحق في هذه المسألة هو حل لحوم الأبقار بلا كراهة ، والله ربنا أعلى وأعلم.
الثامن والعشرون :- كل البدع المنتشرة في العالم الإسلامي والعربي فإنها تدخل تحت هذه القاعدة العظيمة المباركة لأن من يفعل هذه البدع قولية كانت أم فعلية ، إنما يفعلها لأنه يعتقد أنها مستحبة أو واجبة ، وهذا الاستحباب والوجوب من أحكام الشريعة والحكم الشرعي يفتقر في ثبوته للدليل الصريح ، وقد تقرر في القواعد أن الأصل في التعبدات الحظر والتوقيف وتقرر في القواعد أيضاً أن كل إحداث في الدين فهو رد ، ويجمع ذلك حديث (( من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد )) وفي رواية (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) فالاحتفال بالمولد النبوي ليس من الشريعة في صدر ولا ورد لعدم الدليل ، والطواف حول القبور والذبح عندها وقراءة القرآن في المقابر والعكوف عند القبور الليالي وذوات العدد ورفعها والكتابة عليها وتجصيصها وسترها بالحرير أو الخرق وكتابة القرآن عليها ، وقراءة الفاتحة عند ذكر أصحابها وكذلك الأذكار الجماعية التي تفعل عقب الصلوات وغيرها ، وكذلك تخصيص زمان أو مكان بذكر أو تعبد لا دليل عليه ، وكبدع الصوفية على مختلف أنواعها وتعدد أشكالها وكبدع الموالد جميعها سواءً موالد الأنبياء ، أو الأولياء كل ذلك من البدع المحدثة والجرائم المنكرة التي ما أنزل الله بها من سلطان فضلاً عن الأدلة الواردة في تحريم هذه الأشياء على وجه العموم والخصوص ، وكقراءة الفاتحة في افتتاح الخطوبة ، وكقراءة القرآن في مكبر الصوت على الملأ قبل دخول الخطيب ، وكصلاة ركعتين بين الخطبتين أي حال جلوس الخطيب بعد الأولى ، وكالصلاة الرغائب والألفية وكصلاة ركعتين عقب السعي قياساً على الطواف ، وكالأذان والإقامة للعيدين ، وكرفع اليدين عند الدعاء على المنبر يوم الجمعة إلا في دعاء الاستسقاء ، وكالتمسح بأستار الكعبة أو بمقام إبراهيم أو بأي شيء من المساجد الثلاثة إلا ما ورد في الركنين اليمانيين من مشروعية المسح باليد ، وكتقبيل الركن اليماني أو الإشارة له لأنه لم يرد إلا المسح فقط ، وكاعتياد الصلاة على النبي  قبل الأذان ، وكاعتياد الاستعاذة بعد كل تثاؤب ، وكاعتياد قول " صدق الله العظيم " عقب ختم كل قراءة ، وكرفع اليدين على هيئة الدعاء عقب الرفع من الركوع ، وكاعتياد السلام بالمصافحة بعد الصلاة على من في المسجد وكأعياد الميلاد ، وغير ذلك مما يعسر حصره ، وإنما المقصود مجرد التفريغ ، ولعل هذا كافٍ في التفريغ على هذه القاعدة المهمة . والله ربنا أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
{المسألة السابعة} ومن الأصول المفرعة على قاعدة الأصل في العبادات ما نص عليه علماء الإسلام بقولهم :- ( كل إحداث في الدين فهو رد ) وقد شرحناها في كتابنا الذي أسميناه ( نصر الشرعة بقمع البدعة ) فارجع إليه إن شئت معرفة تفاصيل هذه القاعدة الكبيرة العظيمة ، وأنا أذكر لك بعض فروعها ، ليتضح لك مجال تطبيقها ، فأقول :-
الأول :- قال الشيخ محمد رحمه الله تعالى ( بعض الناس إذا خرجوا في استراحة أو نزهة اجتمعوا جميعا ثم خطوا عليهم خطا ثم قرأ عليهم كبيرهم من أب أو أخ أو غيرهما آية الكرسي ، وهذا بدعة لم يكن معروفاً في عهد السلف الصالح والذي يشرع أن كل واحد منهم يقرأ آية الكرسي لأن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح فالسنة أن يعلموا ويقال كل واحد منكم يقرأ آية الكرسي )ا.هـ .
الثاني :- وسئلت اللجنة الدائمة عن حكم اجتماع الطلاب أو الطالبات في الطابور الصباحي وقراءة سورة الفاتحة جماعة بصوت واحد فأجابوا بقولهم ( لا يجوز اتخاذ ما ذكر من قراءة الطلاب أو الطالبات سورة الفاتحة عادة في طابور الصباح بالمدارس ، بل هو بدعة محدثة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه البخاري ومسلم ، ولا مانع من تنويع ما يلقى عند الطابور ، فمرة تقرأ آيات ومرة الفاتحة وتارة أحاديث صحيحة وتارة حكم وأمثال ليس فيها محظور شرعي وتارة أناشيد إسلامية )ا.هـ . وقال أصحاب الفضيلة أيضاً ( التزام قراءة القرآن جماعة بصوت واحد بعد كل من صلاة الصبح والمغرب أو غيرهما بدعة ، وكذا التزام الدعاء جماعة بعد الصلاة ، أما إذا قرأ كل واحد لنفسه أو تدارسوا القرآن جميعاً كلما فرغ واحد قرأ الآخر واستمعوا له فهذا من أفضل القرب لقول النبي صلى الله عليه وسلم (( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده )) ا.هـ .
الثالث :- وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله تعالى عن السلام بهذا اللفظ :- السلام التام بوجود مولانا الإمام ، فما الحكم في هذا القول فأجاب رحمه الله تعالى بقوله ( هذه التحية مبتدعة وفيها تغيير للتحية المشروعة وفيها تعظيم لمولاهم واعتقاد أن تمام السلامة متوقف على وجوده مع أن السلام اسم من أسماء الله تعالى ، ومنه السلام وأيضاً وصفه بالمولى ، والله هو المولى كما قال تعالى  ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ  ا.هـ .
الرابع :- وسئل الشيخ عبد العزيز رحمه الله تعالى عن ما اعتاد بعض الناس من تقبيل اليد بعد السلام أو وضعها على الصدر من باب زيادة التودد فهل ذلك جائز ؟ فأجاب بقوله ( ليس لهذا العمل أصل فيما نعلم من الشريعة الإسلامية ولا يشرع تقبيل اليد أو وضعها على الصدر بعد المصافحة ، بل هو بدعة إذا اعتقد صاحبه التقرب إلى الله سبحانه )ا.هـ.
الخامس :- وسئل الشيخ محمد رحمه الله تعالى عن مصافحة الداخل على الجالسين وهل له دليل من الكتاب أو السنة ؟ فأجاب بقوله ( لا أعلم فيها شيئاً من السنة ولهذا لا ينبغي أن تفعل ، بعض الناس الآن إذا دخل المجلس بدأ بالمصافحة من أول واحد إلى آخر واحد وهذا ليس بمشروع فيما أعلم ، وإنما المصافحة عند التلاقي ، أما الدخول إلى المجالس فإنه ليس من منهج الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه أن يفعلوا ذلك ، وإنما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي ويجلس حيث انتهى به المجلس ، ولم نسمع أيضاً أنه إذا جلس حيث انتهى به المجلس أنهم يقومون ويصافحونه ، فالمصافحة على هذا الوجه ليست بمشروعة ، وقد سألت عنه من نعتمدهم من مشايخنا فقالها :- لا نعلم لها أصلاً في السنة ) ا.هـ .
السادس :- وسئل الشيخ محمد رحمه الله تعالى عن حكم الحلف على المصحف لتأكيد اليمين ؟ فأجاب بقوله (الحلف على المصحف لتأكيد اليمين لا أعلم لها أصلا من السنة ، فليست بمشروعة) ا.هـ . قلت :- ولا بد أن تفرق بارك الله فيك بين مسألة الحلف بالمصحف وبين الحلف على المصحف ، فأما الأولى فالصحيح جوازها باعتبار أن ما في المصحف كلام الله تعالى وكلامه صفة من صفاته والحلف بالصفة جائز ، وأما الحلف على المصحف فهي أن يجعل في يده أو على قلبه أو فوق رأسه ويقول :- أقسم بالله على كتاب الله أنه كذا وكذا ، وهذا لا أصل له في الشرع ولا نعلمه ثابتاً من عمل الصحابة ولا عن أحد من السلف الصالح ، وقد تقرر في ضوابط باب اليمين أن تأكيد اليمين توقيف أي لا يجوز تأكيدها والتغليظ فيها إلا بما ورد به الشرع وكل إحداث في الدين وهو رد .
السابع :- وسئل الشيخ محمد رحمه الله تعالى عن حكم ختم المجلس دائماً بسورة العصر فقال ((ختم المجلس بسورة العصر فإن ذلك بدعة لا أصل له ) ا.هـ . قلت :- أما قراءة سورة العصر فإنه مشروع على وجه الإطلاق من غير تحديد أفضلية قراءتها بزمان ولا مكان ، ومن قيدها بزمان معين أو مكان معين فإنه مطالب بالدليل لأن شرعية الأصل لا تستلزم شرعية الوصف ولأن الأصل في التعبد الوقف ، فاعتقاد فضيلة قراءة السورة في خاتمة كل مجلس محدث في الدين في الدين وبدعة والمتقرر أن كل إحداث في الدين فهو رد .
الثامن :- وسئل الشيخ محمد رحمه الله تعالى عن حكم ما يفعله بعض القراء من فصلهم بين السورتين بالتكبير من سورة الضحى إلى آخر القرآن فأجاب بقوله (( هذا خلاف ما فعل الصحابة رضي الله عنهم من فصلهم بين كل سورة وأخرى ببسم الله الرحمن الرحيم ، وخلاف ما كان عليه العلم من أنه لا يفصل بالتكبير في جميع سورة القرآن ، غاية ما هناك أن بعض القراء استحب أن يكبر الإنسان عند ختم كل سورة من الضحى إلى آخر القرآن مع البسملة بين كل سورتين والصواب أنه ليس بسنة لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فالمشروع أن تفصل بين كل سورة وأخرى بالبسملة ، بسم الله الرحمن الرحيم ، إلا في سورة براءة فإنه ليس بينه وبين الأنفال بسملة ) ا.هـ . قلت :- وقد حكم ببدعية ذلك أبو العباس ابن تيمية وغيره من المحققين وأبطل أبو العباس المرويات في ذلك والله أعلم .
التاسع :- قال الشيخ علي محفوظ رحمه الله تعالى في بيان بعض البدع في يوم الجمعة ( فمن البدع المكروهة اجتماع كثير من العامة ليلة الجمعة في بعض المساجد أو المساكن يذكرون الله تعالى وربما استغرقوا معظم الليل وقد نهى الشارع عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام من بين سائر الليالي ، ومثل القيام غيره مما يتحقق به أحياء الليلة فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين سائر الليالي ، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين سائر الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم )) وهذا صريح في النهي فإن عرض الشارع الاستعداد براحة الجسم في هذه الليلة إلى وظائف اليوم وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى التكاسل عن صلاة الغداة ، وأفحش من هذا ما اعتاده غالب الناس من السهر المفرط في هذه الليلة بالاشتغال باللهو واللعب والمزاح وترويح النفس بما تهواه ، اعتماداً منهم على أنه يوم بطالة وراحة فليسوا مكلفين بشيء من أعمالهم ، وفاتهم أنه يوم شغب بالله يقوم العبد بوظائفه وهي أولى بالاهتمام والعناية . ومن البدع : ما اعتاده بعض العامة من إفراد يومها بصيام وهو بدعة مكروهة للحديث السابق ولأنه اعتبر يوم عيد والعيد لا يصام مخالفة لليهود فإنهم يفردون يوم عيدهم بالصوم فنهى عن التشبه بهم في ذلك وأذن فيه إذا وصل بصيام قبله أو بعده كما خولفوا في يوم عاشوراء بصيام يوم قبله أو بعده والله تعالى أعلم بأسرار ما شرع, ومن البدع : المتعلقة بيوم الجمعة توهم كثير من العامة أنه إذا جاء فيه أحد العيدين كان شؤم على السلطان بموت أو غيره وهذا لا أصل له ولا تؤيده عادة معقولة , كيف وفي الحديث الشريف عن زيد بن أرقم قال:- اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم واحد فصلى العيد في أول النهار وقال (( يا أيها الناس هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان من أحب أن يشهد معنا الجمعة فليفعل ومن أحب أن ينصرف فليفعل )) رواه أبوا داود والحاكم وصحيح إسناده فاليوم الذي يجتمع فيه للناس عيدان كيف يكون شؤماً عليهم بشر يصل إلى سلطانهم . وأي مناسبة بين اجتماع العيدين وضرر بعض عباد الله تعالى , ومن البدع : تهافت الناس على زيارة موتاهم يوم الجمعة فإن فيها من المخازي والمنكرات ما يبرأ من الدين وتتألم منه الإنسانية ويؤذي الموتى في قبورهم كما سبق في بدع المقابر والأضرحة, نعم, تكون سنة إن خلت عن المحظورات فقد أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة غفر له وكتب باراً )) وعن محمد بن واسع قال: بلغني بأن الموتى يعلمون زوارهم يوم الجمعة ويماً قبله ويماً بعده رواه البيهقي في الشعب . ومن هنا اعتاد بعض الناس زيارة موتاهم يوم الخميس ، ولكن أنى تخلو عن المنكرات اليوم وقد ضجت منها الأرض والسموات , ومن المنكرات : تخطي الرقاب يوم الجمعة مع استكمال الصفوف وخلوها عن الفرج أصلاً فذلك منهي عنه حيث لا تقصير من القوم في تكميل الصفوف , عن عبد الله ابن بسر رضي الله عنهما:- جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال (( اجلس فقد آذيت )) رواه أبو داود والنسائي وزاد أحمد (( وآنيت )) أي تأخرت وعن الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه وكان من أصحاب النبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( إن الذي يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة ويفرق بين الاثنين بعد خروج الإمام كجار قصبه في النار )) رواه أحمد والطبراني في الكبير , والقصب بضم القاف وسكون الصاد المهملة واحد الأقصاب وهي الإمعاء كما في القاموس وغيره , وقد فرق الإمام النووي بين التخطي وبين التفريق بين الاثنين وجعل ابن قدامة في المغني التخطي هو التفريق , قال العراقي : والظاهر الأول لأن التفريق يحصل بالجلوس بينهما وإن لم يتخط , ومنها : المرور بين يدي المصلي عند فراغ الإمام من الصلاة فهذا كالذي قبله كثيراً يقع من العامة فينبغي تحذيرهم منه بذكر الأحاديث الواردة فيه فعن عبد الله بن الحارث الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً من أن يمر بين يديه )) قال الراوي : لا أدري قال أربعين يوماً أو شهراًً أو سنة . متفق عليه , يعني لو علم المار مقدار الإثم الذي يلحقه من مروره بين يدي المصلي لاختار أن يقف المدة المذكورة حتى لا يلحقه ذلك الإثم والحديث يدل على أن المرور بين يدي المصلي من الكبائر الموجبة للنار وظاهره عدم الفرق بين صلاة الفريضة والنافلة وفيه إبهام ما على المار من الإثم , ومنها : قول بعض العامة عقب الفراغ من صلاة الجمعة مع رفع الصوت ( الفاتحة ) لسيدي أحمد البدوي أو سيدي إبراهيم الدسوقي مثلاً فهذا لا أصل له مع ما فيه من رفع الصوت في المسجد لغير حاجة شرعية , ومن البدع : إهمال الناس تطييب المسجد بنحو البخور يوم الجمعة وأنه سنة ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم (( جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم ورفع أصواتكم وسلاحكم وجمروها في كل جمعة )) رواه ابن ماجه والطبراني والكبير ( وجمروها ) أي بخروها وزناً ومعنى وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه كان يجمر المسجد في كل جمعة . وبالله التوفيق ) قلت : ولي مؤاخذة على حديث " جنبوا مساجدكم " هذا الذي ذكره الشيخ فإنه حديث لا يثبت والله أعلم .
العاشر :- وسئل الشيخ ابن باز عن حكم التلفظ بالنية قبل الوضوء ؟ فأجاب بقوله ( حكم ذلك أنه بدعة لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه فوجب تركه , والنية محلها القلب فلا حاجة مطلقاً إلى التلفظ والله ولي التوفيق ) ا.هـ .
الحادي عشر :- وقالت اللجنة الدائمة ( لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء أثناء الوضوء عند غسل الأعضاء أو مسحها , وما ذكر من الأدعية في ذلك مبتدع لا أصل له وإنما المعروف شرعاً التسمية في أوله والنطق بالشهادتين بعده وقول " اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المطهرين " بعد الشهادتين ) ا.هـ . وقال الشيخ صالح الفواز لما سئل عن الدعاء في ثنايا الوضوء : ( لا يقال هذا الدعاء عند غسل الوجه لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) ويقول (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند غسل وجهه إنما كان يقول عند بداية الوضوء ( بسم الله ) وعند نهايته : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , والحكمة في ذلك والله أعلم أنه يجمع بين الطهورين , الطهور بالماء من الحدث الأصغر والأكبر وهي الطهارة من الحدث الحسي وذلك بالماء ويأتي بالشهادتين للطهارة من الشرك فيجمع إذاً بين الطهارتين الطهارة من الحدث والطهارة من الشرك هذه هي الحكمة والله أعلم , أما ما عدا ذلك فلا يقال أدعية أثناء الوضوء لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ) ا.هـ .
الثاني عشر :- وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى ( مسح الرقبة أثناء الوضوء بدعة ومسح أعضاء الوضوء أكثر من ثلاث مرات إسراف ) ا.هـ .
الثالث عشر :- سئل الشيخ ابن جبرين عن حكم وضع الحروز والتمائم للحيوانات ؟ فأجاب بقوله ( نعم بدعة ووسيلة إلى الشرك لقوله صلى الله عليه وسلم (( لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر إلا قطعت )) ولقوله (( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له )) وقوله (( من تعلق تميمة شيئاً وكل إليه )) وقوله (( من تعلق تميمة فقد أشرك )) فهذه أدلة تدل على أن الحروز التي تعلق في الرقاب على الدواب لاعتقاد أنها تدفع الضرر أو ترفعه فهي حرام لأنها شرك أو وسيلة من وسائله ) ا.هـ .
الرابع عشر :- قال الشيخ محمد بن عثيمين ( النطق بالنية عند إرادة الطواف , تجد الحاج يقف مستقبلاً الحجر إذا أراد الطواف فيقول : اللهم إني نويت أطوف سبعة أشواط للعمرة , أو اللهم إني نويت أن أطوف سبعة أشواط للحج , أو اللهم أني نويت أن أطوف سبعة أشواط تقرباً إليك والتلفظ بالنية بدعة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولم يأمر أمته به , وكل من تعبد لله بأمر لم يتعبد به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأمر أمته به فقد ابتدع في دين الله ما ليس منه فالتلفظ بالنية عند الطواف خطأ وبدعة , وكما أنه خطأ من ناحية الشرع فهو خطأ من ناحية العقل , فما الداعي إلى أن تتلفظ بالنية مع أن النية بينك وبين ربك , الله سبحانه وتعالى عالم بما في الصدور وعالم بأنك سوف تطوف هذا لطواف , وإذا كان الله سبحانه وتعالى عالماً بذلك فلا حاجة أن يظهر هذا لعباد الله , فإن قلت : أنا أقوله بلساني ليطابق ما في قلبي , قلنا : العبادات لا تثبت بالأقيسة والنبي صلى الله عليه وسلم قد طاف قبلك ولم يتكلم بالنية عند طوافه والصحابة رضي الله عنهم قد طافوا قبلك ولم يتكلموا بالنية عند طوافهم ولا عند غيره من العبادات فهذا خطأ ) ا.هـ .
الخامس عشر :- سئلت اللجنة الدائمة أن بعض الناس في بعض البلاد إذا حج لهم حاج غسلوا سريره الذي ينام عليه وفرشوا عليه فراشاً وعطروه ووضعوا في جوانبه فلوساً وقوارير عطر ويمنعون من الجلوس عليه إلى أن يأتي الحاج فما حكم ذلك فأجابوا بقولهم ( ما ذكرته من عمل أهل الحاج لمن عزم الحج منهم من وضع سرير ونحوه وغسله وفرشه وتعطيره ثم منع الناس من الجلوس عليه حتى يرجع الحاج ويجلس عليه ثم الإذن بالجلوس عليه لمن شاء , هذا من البدع المحدثة والتشريع الذي لم يأمر به الله تعالى وقد قال الله تعالى  أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ  وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على صحته , وقال (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) رواه مسلم وعلى هذا فيجب على من يعمل ما ذكرت أن يتركه لأنه منكر وأن يتوب إلى الله مما سلف ) ا.هـ .
السادس عشر :- وسئل الشيخ محمد رحمه الله تعالى عن وضع المصحف عند الرأس أثناء النوم بقصد الاطمئنان فيه فقال رحمه الله تعالى ( الخوف الحقيقي من الله تعالى لابد أن يثمر ثمرته وهو القيام بطاعة الله تعالى واجتناب معصيته كما أن الخائف من الأسد مثلاً يسعى بالوسائل التي تحميه من ذلك الأسد فالخائف من النار لابد أن يسعى إذا كان خوفه حقيقياً صادقاً في الأسباب التي تنجيه من النار , وتبعده عنها , وأما ما يصنعه هذا الملتزم من كونه يضع المصحف عند رأسه فهذا من البدع لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه فيما أعلم وإذا كان كذلك فلا يتخذ هذا وسيلة للاطمئنان , بل يمرن الإنسان نفسه على أن يطمئن بقراءة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أو من الدعاء عند نومه , وهذا أمر معروف مذكور بالكتب التي تعنى بهذه الأمور ) ا.هـ.
السابع عشر :- وسئلت اللجنة الدائمة عن حكم الوليمة والاحتفال بمناسبة ختم القرآن الكريم ؟ فقالوا ( تشرع الوليمة للزواج إذا دخل بزوجته لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن ابن عوف لما أعلمه بأنه بنى بزوجته (( أولم ولو بشاة )) ولفعله صلى الله عليه وسلم , أما الوليمة أو الاحتفال بمناسبة ختم القرآن فلم يعرف عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم , ولو فعلوه لنقل إلينا كسائر أحكام الشريعة فكانت الوليمة أو الاحتفال من أجل ختم القرآن بدعة محدثة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) وقال (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) ا.هـ .
الثامن عشر :- وقالت اللجنة الدائمة ( ليس من السنة وضع اليد فوق الرأس بعد السلام من الصلاة , وإنما فعل ذلك من البدع المحدثة , وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) ا.هـ .
التاسع عشر :- وقالت اللجنة الدائمة ( لم يثبت في الشرع نشيد قبل الأذان لصلاة الجمعة , بل هو بدعة ولا يختص يوم الجمعة بتلاوة القرآن في المكبر أو غيره , لا قبل الأذان لها ولا بعد الصلاة وليس تلاوته شعاراً إسلامياً ليوم الجمعة , بل تلاوته مشروعة كل يوم فتخصيصه بيوم الجمعة بدعة والسنة الثابتة الاقتصار على الأذان لها ) ا.هـ .
العشرون :- وقالت اللجنة الدائمة ( ليست قراءة الصمدية أو غيرها من القرآن أو الأذكار قبل البدء في الخطبة للجمعة واجبة ولا مستحبة , بل هي بدعة , وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) رواه البخاري ومسلم ) ا.هـ .
الحادي والعشرون :- وقالت اللجنة الدائمة ( المصافحة عقب الصلاة الفريضة بصفة دائمة لا نعلم لها أصلاً , بل هي بدعة , وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) وفي رواية (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) ا.هـ .
الثاني والعشرون :- وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله تعالى ( اعتاد بعض الجهلة المصافحة بعد التسليم من صلاة الجمعة مباشرة وقبل الأذكار ثم يقول ( تقبل الله ) فيرد عليه الثاني بقوله ( منا ومنك ) أو يقول الأول ( حرماً ) ويرد الثاني بقوله ( جمعاً ) وكل هذا لا أصل له , بل السنة عقب السلام البدء بالاستغفار ثم بالأذكار الواردة بعده , ثم التسبيح والتحميد والتكبير ) ا.هـ .
الثالث والعشرون :- وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ( لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول للناس عند تسوية الصفوف " صلوا صلاة مودع " بل كان يأمرهم أن يستووا وأن يقيموا صفوفهم ويبين لهم أن تسوية الصف من تمام الصلاة , وأما " صلوا صلاة مودع " فلم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم , لكن وردت عن بعض العلماء فيما كتبوا أنه ينبغي للإنسان أن يتقن صلاته حتى كأنه يصلي صلاة مودع لأن من يصلي صلاة مودع سوف يتقنها إذ أنه لا يدري هل يعود للصلاة مرة أخرى أو لا يعود , وأما أن يقولها الإمام فهذا من البدع وننصح الأئمة بعدم ذكر هذا القول لأنه من البدع ) ا.هـ .
الرابع والعشرون :- وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح بصفة دائمة لا بالدعاء المشهور " اللهم أهدنا فيمن هديت ... الخ " ولا بغيره وإنما كان يقنت في النوازل أي إذا انزل بالمسلمين نازلة من أعداء الإسلام قنت مدة معينة يدعو عليهم ويدعو للمسلمين هكذا جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وثبت من حديث سعد بن طارق الأشجعي أنه قال لأبيه : يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعثمان وعلي رضي الله عنهم , أفكانوا يقنتون في الفجر ؟ فقال : أي بني محدث. خرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وجماعة بإسناد صحيح , أما ما ورد من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا فهو حديث ضعيف عند أئمة الحديث ) ا.هـ .
الخامس والعشرون :- وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى عن حكم قول : إن الله مع الصابرين إذا دخل الإنسان والإمام راكع حتى يطيل الإمام الركعة ليدركها الداخل فأجاب بقوله : ( هذا لا أصل له ولم يكن في عهد الصحابة رضي الله عنهم ولا من هديهم وفيه تشويش على المصلين الذين مع الإمام , والتشويش على المصلين منهي عنه لأنه يلهيهم ) ا.هـ .
السادس والعشرون :- وقالت اللجنة الدائمة ( الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يقرأ في صلاته لا في الفاتحة ولا في غيرها بكلمة من القرآن بقراءتين مختلفتين فيما نعلم , ولم ينقل ذلك عن خلفائه الراشدين ولا عن أحد من صحابته رضوان الله عليه أجمعين ولا ينبغي فعل ذلك ومن فعله واستمر عليه فقد ابتدع في الدين ما لم يشرعه الله ولا رسوله وخالف بفعله هذا قوله عليه الصلاة والسلام (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) وفي رواية (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) أما الصلاة فصحيحة ) ا.هـ .
السابع والعشرون :- وقال الشيخ الفوزان حفظه الله تعالى وقد سئل عن قراءة أسماء الله الحسنى بعد الصلوات وترديد ( يا لطيف ) مائة وتسعة وعشرين مرة فأجاب بقوله ( هذا من البدع, قراءة أسماء الله الحسنى بعد الصلوات واعتياد هذا وترديد كلمة يا لطيف بعدد معين وبصفة معينة كل هذا من البدع المحدثة في الإسلام وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وترديد كلمة يا لطيف بصوت مرتفع وما أشبه ذلك من الأوراد التي ليس لها دليل من الكتاب والسنة ولا من هدي السلف الصالح فهي بدع يجب تركها والابتعاد عنها والتحذير منها , أما أسماء الله الحسنى فالله سبحانه يقول " ولله الأسماء الحسنى " فدعاء الله بأسمائه وصفاته والتوسل إليه بذلك هذا شيء مشروع , لكن لا يجعل هذا في وقت معين أو بعد فريضة إلا بدليل يدل على ذلك ولا دليل يدل على التخصيص ) ا.هـ .
الثامن والعشرون :- وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ( قراءة سورة ( يس ) على قبر الميت بدعة لا أصل لها وكذلك قراءة القرآن بعد الدفن ليست بسنة بل هي بدعة وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال (( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل )) ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ على القبر ولا أمر به ) ا.هـ . وقال الشيخ ابن باز ( لا تشرع قراءة سورة ( يس ) ولا غيرها من القرآن على القبر بعد الدفن ولا عند الدفن ولا تشرع القراءة في القبور لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ولا خلفاؤه الراشدون , بل كل ذلك بدعة ) ا.هـ .
التاسع والعشرون :- وقالت اللجنة الدائمة ( أما وضع الحناء مع الميت في القبر فلا نعلم له أصلاً في الشرع المطهر بل الواجب تركه ) ا.هـ .
الثلاثون :- وقالت اللجنة ( قراءة الفاتحة بعد الدعاء أو بعد قراءة القرآن أو قبل الزواج بدعة لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من صحابته رضي الله عنهم ) ا.هـ .
الحادي والثلاثون :- وسئلت اللجنة الدائمة عن حكم قراءة القرآن قبل صلاة الفجر والاجتماع على بعض الأدعية قبل الأذان فأجابوا بقولهم ( الاستمرار على ما ذكر من قراءة القرآن الكريم ثم بعض الأدعية قبل أذان صلاة الفجر ليس من السنة بل هو بدعة ) ا.هـ . والله ربنا أعلى وأعلم .
{المسألة الثامنة} وبما أننا نتلكم عن تقرير أن الأصل في العبادة الوقف على الأدلة ، وأن سبب الوقوع في الخرافات والبدع هو مخالفة منهج أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى في تقرير هذا الباب ، فأنا أحب أن أسوق لك جملا من القواعد بلا إطالة ، ولكن أنشدك الله تعالى أن تستشرحها عند من يفهمها ، فإنها برد اليقين في باب معرفة السنة من البدعة ، فأقول وبالله تعالى التوفيق ، ومنه أستمد العون والفضل :-
القاعدة الأولى : (لا يستدل على شرعية الوصف بشرعية الأصل ) وقد شرحنا هذه القاعدة في رسالة مستقلة , أي أنه لا بد للوصف الزائد على الأصل من دليل خاص ولا يحق لأحد أن يعمل العبادات على الوصف المخترع الذي لا دليل عليه , بل هذا الوصف يتطلب دليلا زائدا على مجرد دليل الأصل , فالدليل الذي يثبته الأصل شيء , والوصف الزائد شيء آخر والعبادة لا بد أن تكون مشروعة بأصلها وبوصفها والله أعلم .
القاعدة الثانية : (كل فهم في مسائل الاعتقاد يخالف فهم السلف فهو باطل ) ولنا فيها رسالة مفردة ، وذلك أن الحق في مسائل الاعتقاد إنما هو ما قرره السلف رحمهم الله تعالى فأي مذهب يخالف مذهبهم فهو باطل مردود على صاحبه , وذلك لأن السلف في مسائل الاعتقاد ساروا على ما سار عليه الدليل وقالوا بمقتضاه , ومن خالفهم فإنما قال بغير مقتضى الدليل فقوله مردود عليه فالحق في باب الصفات هو بعينه ما قاله السلف الصالح وأما مذهب الممثلة والمعطلة والمفوضة فهو باطل والحق في باب القدر هو بعينه ما قاله السلف الصالح وأما مذهب القدرية والجبرية فباطل والحق في باب مرتكب الكبيرة هو بعينه ما قاله السلف وأما مذهب المرجئة والوعيدية فهو باطل والحق في باب الصحابة وآل البيت هو بعينه ما قاله السلف وأما مذهب الرافضة والخوارج فباطل وهكذا في مسائل الاعتقاد , فأي فهم يخالف فهم السلف فإنه بدعة ومحدثة في الدين وكل إحداث في الدين فهو رد .
القاعدة الثالثة : كل تعبد قولي أو فعلي لا يعرف عن السلف فهو بدعة , وسيأتي أن سائر البدع والمحدثات إنما هي مما لا يعرف عن السلف وسيكون من أجوبتنا على فاعليها أن هذا فعل لا يعرف عن أحد من السلف ونعني بهم الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة الدين المعتد بأقوالهم في الأمة .
القاعدة الرابعة : كل فعل توفر سببه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فإن المشروع تركه , وهي من الردود القوية على أهل البدع .
القاعدة الخامسة : لا مدخل للعادات والتقاليد والرؤى والمنامات والاستحسانات وآراء الرجال في التشريع لأن التشريع وقف على النص ولا شأن لهذه الأشياء في إثباته فانتبه لهذا .
القاعدة السادسة : الشريعة كاملة , وهذا مأخوذ من قوله تعالى  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ  .
القاعدة السابعة : الدين مبناه على الهدى والإتباع , لا على الهوى والابتداع وهذا واضح ومسلم به ولا أظن مسلما ينازع فيه .
القاعدة الثامنة : كل بدعة ضلالة , وهذا مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم (( وكل بدعة ضلالة )) كما سيأتي سياقه إن شاء الله تعالى والله المستعان على توضيح ذلك .
القاعدة التاسعة : الابتداع تنقص في الدين , أي أن المبتدع المحدث في الدين قولا أو فعلا هو في حقيقته يدعي أن الدين كان ناقصا حتى أكمله ببدعته هذه , وهذا وإن لم يقله بلسان مقاله لكن قاله بلسان حاله .
القاعدة العاشرة : اقتصاد في سبيل وسنة خير من اجتهاد في مخالفة وبدعة , وقد نص السلف على هذا , فهو من جملة أصولهم , أي أن مشروعية الأعمال لا تعرف بكثرتها ولا باجتهاد أصحابها ولا بمشقتها على النفوس وإنما تعرف مشروعيتها بموافقتها للنص الصحيح الصريح , فلأن يقتصر الإنسان على ما هو مشروع له وإن كان قليلا خير له من أن يتعب نفسه ويشق عليها بفعل أمور لا خطام لها ولا زمام , ولا برهان عليها وإنما هو التخرص والهوى , نعوذ بالله من ذلك .
القاعدة الحادية عشرة : الدين مبناه على الوسطية فلا إفراط ولا تفريط , وذلك لأن الحق وسط بين طرفين وهدى بين ضلالتين كما قال السلف رضي الله عنهم , فالبدعة لا تأتي إلا بمخالفة منهج الوسطية إما إلى إفراط وإما إلى تفريط وأما الحق فهو طريق الوسطية , الذي هو طريق الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا, جعلنا الله وإياك منهم بمنه وكرمه .
القاعدة الثانية عشرة : الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك , هكذا قال السلف رضوان الله عليهم , فالحق لا يعرف بكثرة ولا قلة وإنما يعرف بموافقة الدليل فما وافق الدليل فهو الحق ولربما يكون الواحد أمة كاملة لأنه موافق للحق كما قال تعالى  إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً  فلأنه صاحب الحق في زمانه صار هو الأمة وحده , فلا تغتر بكثرة المحدثين وإنما العبرة بموافقة عملهم لمقتضى النص من الكتاب أو السنة الصحيحة .
القاعدة الثالثة عشرة : ما لا دليل عليه من التعبدات فهو باطل وهو مضمون القواعد السابقة ولكن صغناها بعبارة أخرى من باب التوسع في التقعيد والتأصيل , أي أنه يستدل على بطلان ما يدعى أنه عبادة بأنه لا دليل عليه .
القاعدة الرابعة عشرة : الإحداث في الدين مبني على إتباع الهوى والمتشابهات وموروثات الآباء والأسلاف . على غرار قوله تعالى  {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ  وقوله  فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ  .
القاعدة الخامسة عشرة : الإحداث في الدين يتضمن القدح في النبي  ولو تفكر المبدع في هذا لوجد أنه صحيح وحق .
القاعدة السادسة عشرة : كلما ازداد نور النبوة وأشرق كلما قل الإحداث واحترق والعكس بالعكس ولذلك لا تجد كثرة المحدثات إلا حينما يضعف العلم بالدليل .والله ربنا أعلى وأعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
محب الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس