عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2011, 11:48 PM   #1
إداري
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
Lightbulb كلام قيم للإمام الألباني ( الحديث حجة في نفسه ) ، رد على من يقدم على الكتاب والسنة آراء أو أقيسة مخالفة .

http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة



[ الحديث حجة بنفسه - الألباني ]
الكتاب : الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني
عدد الأجزاء : 1
الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام
تأليف
محمد ناصر الدين الألباني
(1/1)
________________________________________
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } { يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } . { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " }
(1/1)
________________________________________
الفصل الأول
وجوب الرجوع إلى السنة وتحريم مخالفتها
أيها الإخوان الكرام : إن من المتفق عليه بين المسلمين الأولين كافة أن السنة النبوية - على صاحبها أفضل الصلاة والسلام - هي المرجع الثاني والأخير في الشرع الإسلامي في كل نواحي الحياة من أمور غيبية اعتقادية - أو أحكام عملية أو سياسية أو تربوية وأنه لا يجوز مخالفتها في شيء من ذلك لرأي أو اجتهاد أو قياس كما قال الإمام الشافعي رحمه الله في آخر " الرسالة " : " لا يحل القياس والخبر موجود " ومثله ما اشتهر عند المتأخرين من علماء الأصول : " إذا ورد الأثر بطل النظر " " لا اجتهاد في مورد النص " ومستندهم في ذلك الكتاب الكريم والسنة المطهرة
(1/1)
________________________________________
القرآن يأمر بالاحتكام إلى سنة الرسول صلى الله عليه و سلم
أما الكتاب ففيه آيات كثير أجتزئ بذكر بعضها في هذه المقدمة على سبيل الذكرى { فإن الذكرى تنفع المؤمنين }
[ 27 ]
(1/27)
________________________________________
1 - قال تعالى : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا } ( الأحزاب : 36 )
(1/27)
________________________________________
2 - وقال عز و جل : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم } ( الحجرات : 1 )
(1/27)
________________________________________
3 - وقال : { قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين } ( آل عمران : 32 )
(1/27)
________________________________________
4 - وقال عز من قائل : { وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا . من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا } ( النساء : 80 )
(1/27)
________________________________________
5 - وقال : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } ( النساء : 59 )
(1/27)
________________________________________
6 - وقال : { وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين } ( الأنفال : 46 )
(1/27)
________________________________________
7 - وقال : { وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين } ( المائدة : 92 )
(1/27)
________________________________________
8 - وقال : { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد
[ 28 ]
(1/28)
________________________________________
يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } ( النور : 63 )
(1/28)
________________________________________
9 - وقال : { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعملوا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون } ( الأنفال : 24 )
(1/28)
________________________________________
10 - وقال : { ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم . ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين } ( النساء 13 - 14 )
(1/28)
________________________________________
11 - وقال : { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا . وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا } ( النساء : 60 - 61 )
(1/28)
________________________________________
12 - وقال سبحانه : { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون } ( النور : 52 )
(1/28)
________________________________________
13 - وقال : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا
[ 29 ]
(1/29)
________________________________________
الله إن الله شديد العقاب } ( الحشر : 7 )
(1/29)
________________________________________
14 - وقال تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا } ( الأحزاب : 21 )
(1/29)
________________________________________
15 - وقال : { والنجم إذا هوى . ما ضل صاحبكم وما غوى . وما ينطق عن الهوى . إن هو إلا وحي يوحى } ( النجم : 1 - 4 )
(1/29)
________________________________________
16 - وقال تبارك وتعالى : { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون } ( النحل : 44 )
إلى غير ذلك من الآيات المباركات
(1/29)
________________________________________
الأحاديث الداعية إلى اتباع النبي صلى الله عليه و سلم في كل شيء :
وأما السنة ففيها الكثير الطيب مما يوجب علينا اتباعه عليه الصلاة و السلام اتباعا عاما في كل شيء من أمور ديننا وإليكم النصوص الثابتة منها :
(1/29)
________________________________________
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ) قالوا : ومن يأبى ؟ قال : ( من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) . أخرجه البخاري في " صحيحه كتاب الاعتصام "
[ 30 ]
(1/30)
________________________________________
2 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال :
( جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه و سلم وهو نائم فقال بعضهم : إنه نائم وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا : إن لصاحبكم هذا مثلا فاضربوا له مثلا فقالوا : مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيه مأدبة وبعث داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة فقالوا : أولوها يفقهها فقال بعضهم : إنه نائم وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا فالدار الجنة والداعي محمد صلى الله عليه و سلم فمن أطاع محمدا صلى الله عليه و سلم فقد أطاع الله ومن عصى محمدا صلى الله عليه و سلم فقد عصى الله ومحمد صلى الله عليه و سلم فرق ( 1 ) بين الناس ) أخرجه البخاري أيضا
(1/30)
________________________________________
3 - عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوما فقال : يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجاء النجاء فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا فانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذلك
_________
( 1 ) أي يفرق بين المؤمنين والكافرين بتصديق الأولين إياه وتكذيب الآخرين له
[ 31 ]
(1/31)
________________________________________
مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق ) أخرجه البخاري ومسلم
(1/31)
________________________________________
4 - عن أبي رافع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ( وإلا فلا ) . رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجة والطحاوي وغيرهم بسند صحيح
(1/31)
________________________________________
5 - عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول : عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه ( 1 ) فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه ) . رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه وأحمد بسند صحيح
_________
( 1 ) أي يضيفوه
[ 32 ]
(1/32)
________________________________________
6 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهم ( ما تمسكتم بهما ) كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض ) . أخرجه مالك مرسلا والحاكم مسندا وصححه
ما تدل عليه النصوص السابقة :
وفي هذه النصوص من الآيات والأحاديث أمور هامة جدا يمكن إجمالها فيما يلي :
(1/32)
________________________________________
1 - أنه لا فرق بين قضاء الله وقضاء رسوله وأن كلا منهما ليس للمؤمن الخيرة في أن يخالفهما وأن عصيان الرسول صلى الله عليه و سلم كعصيان الله تعالى وأنه ضلال مبين
(1/32)
________________________________________
2 - أنه لا يجوز التقدم بين يدي الرسول صلى الله عليه و سلم كما لا يجوز التقدم بين يدي الله تعالى وهو كناية عن عدم جواز مخالفة سنته صلى الله عليه و سلم قال الإمام ابن القيم في " إعلام الموقعين " ( 1 / 58 ) : " أي لا تقولوا حتى يقول وتأمروا حتى يأمر ولا تفتوا حتى يفتي ولا تقطعوا أمرا حتى يكون هو الذي يحكم فيه ويمضي "
(1/32)
________________________________________
3 - أن المطيع للرسول صلى الله عليه و سلم مطيع لله تعالى
(1/32)
________________________________________
4 - أن التولي عن طاعة الرسول صلى الله عليه و سلم إنما هو من شأن الكافرين
[ 33 ]
(1/33)
________________________________________
5 - وجوب الرد والرجوع عند التنازع والاختلاف في شيء من أمور الدين إلى الله وإلى الرسول صلى الله عليه و سلم قال ابن القيم ( 1 / 54 ) :
فأمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله وأعاد الفعل ( يعني قوله : وأطيعوا الرسول ) إعلاما بأن طاعته تجب استقلالا من غير عرض ما أمر به على الكتاب بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقا سواء كان ما أمر به في الكتاب أو لم يكن فيه فإنه
أوتي الكتاب ومثله معه " ولم يأمر بطاعة أولي الأمر استقلالا بل حذف الفعل وجعل طاعتهم في ضمن طاعة الرسول "
ومن المتفق عليه عند العلماء أن الرد إلى الله إنما هو الرد إلى كتابه والرد إلى الرسول هو الرد إليه في حياته وإلى سنته بعد وفاته وأن ذلك من شروط الإيمان
(1/33)
________________________________________
6 - أن الرضى بالتنازع بترك الرجوع إلى السنة للخلاص من هذا التنازع سبب هام في نظر الشرع لإخفاق المسلمين في جميع جهودهم ولذهاب قوتهم وشوكتهم
(1/33)
________________________________________
7 - التحذير من مخالفة الرسول صلى الله عليه و سلم لما لها من العاقبة السيئة في الدنيا والآخرة
(1/33)
________________________________________
8 - استحقاق المخالفين لأمره صلى الله عليه و سلم الفتنة في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة
(1/33)
________________________________________
9 - وجوب الاستجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه و سلم وأمره وأنها سبب الحياة الطيبة والسعادة في الدنيا والآخرة
[ 34 ]
(1/34)
________________________________________
10 - أن طاعة النبي صلى الله عليه و سلم سبب لدخول الجنة والفوز العظيم وأن معصيته وتجاوز حدوده سبب لدخول النار والعذاب المهين
(1/34)
________________________________________
11 - أن من صفات المنافقين الذين يتظاهرون بالإسلام ويبطنون الكفر أنهم إذا دعوا إلى أن يتحاكموا إلى الرسول صلى الله عليه و سلم وإلى سنته لا يستجيبون لذلك بل يصدون عنه صدودا
(1/34)
________________________________________
12 - وأن المؤمنين على خلاف المنافقين فإنهم إذا دعوا إلى التحاكم إلى الرسول صلى الله عليه و سلم بادروا إلى الاستجابة لذلك وقالوا بلسان حالهم ومقالهم : " سمعنا وأطعنا " وأنهم بذلك يصيرون مفلحين ويكونون من الفائزين بجنات النعيم
(1/34)
________________________________________
13 - كل ما أمرنا به الرسول صلى الله عليه و سلم يجب علينا اتباعه فيه كما يجب علينا أن ننتهي عن كل ما نهانا عنه
(1/34)
________________________________________
14 - أنه صلى الله عليه و سلم أسوتنا وقدوتنا في كل أمور ديننا إذا كنا ممن يرجو الله واليوم الآخر
(1/34)
________________________________________
15 - وأن كل ما نطق به رسول الله صلى الله عليه و سلم مما له صلة بالدين والأمور الغيبية التي لا تعرف بالعقل ولا بالتجربة فهو وحي من الله إليه . لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
(1/34)
________________________________________
16 - وأن سنته صلى الله عليه و سلم هي بيان لما أنزل إليه من القرآن
(1/34)
________________________________________
17 - وأن القرآن لا يغني عن السنة بل هي مثله في وجوب الطاعة والاتباع وأن المستغني به عنها مخالف للرسول عليه الصلاة و السلام غير مطيع له فهو بذلك مخالف لما سبق من الآيات
[ 35 ]
(1/35)
________________________________________
18 - أن ما حرم رسول الله صلى الله عليه و سلم مثل ما حرم الله وكذلك كل شيء جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم مما ليس في القرآن فهو مثل ما لو جاء في القرآن لعموم قوله : ( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه )
(1/35)
________________________________________
19 - أن العصمة من الانحراف والضلال إنما هو التمسك بالكتاب والسنة وأن ذلك حكم مستمر إلى يوم القيامة فلا يجوز التفريق بين كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم تسليما كثيرا
لزوم اتباع السنة على كل جيل في العقائد والأحكام :
أيها الأخوة الكرام هذه النصوص المتقدمة من الكتاب والسنة كما أنها دلت دلالة قاطعة على وجوب اتباع السنة اتباعا مطلقا في كل ما جاء به النبي صلى الله عليه و سلم وأن من لم يرض بالتحاكم إليها والخضوع لها فليس مؤمنا فإني أريد أن ألفت نظركم إلى أنها تدل بعموماتها وإطلاقاتها على أمرين آخرين هامين أيضا :
الأول : أنها تشمل كل من بلغته الدعوة إلى يوم القيامة وذلك صريح في قوله تعالى : { لأنذركم به ومن بلغ } وقوله : { وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا } وفسره صلى الله عليه و سلم بقوله في حديث :
( وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة ) متفق عليه وقوله : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي رجل من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي إلا كان من أهل النار ) رواه مسلم وابن منده وغيرهما ( الصحيحة 157 )
[ 36 ]
(1/36)
________________________________________
والثاني : أنها تشمل كل أمر من أمور الدين لا فرق بين ما كان منه عقيدة علمية أو حكما عمليا أو غير ذلك فكما كان يجب على كل صحابي أن يؤمن بذلك كله حين يبلغه من النبي صلى الله عليه و سلم أو من صحابي آخر عنه كان يجب كذلك على التابعي حين يبلغه عن الصحابي فكما كان لا يجوز للصحابي مثلا أن يرد حديث النبي صلى الله عليه و سلم إذا كان في العقيدة بحجة أنه خبر آحاد سمعه عن صحابي مثله عنه صلى الله عليه و سلم فكذلك لا يجوز لمن بعده أن يرده بالحجة نفسها مادام أن المخبر به ثقة عنده وهكذا ينبغي أن يستمر الأمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وقد كان الأمر كذلك في عهد التابعين والأئمة المجتهدين كما سيأتي النص بذلك عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى
تحكم الخلف بالسنة بدل التحاكم إليها :
ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا السنة النبوية وأهملوها بسبب أصول تبناها بعض علماء الكلام وقواعد زعمها بعض علماء الأصول والفقهاء المقلدين كان من نتائجها الإهمال المذكور الذي أدى بدوره إلى الشك في قسم كبير منها ورد قسم آخر منها لمخالفتها لتلك الأصول والقواعد فتبدلت الآية عند هؤلاء فبدل أن يرجعوا بها إلى السنة ويتحاكموا إليها فقد قلبوا الأمر ورجعوا بالسنة إلى قواعدهم وأصولهم فما كان منها موافقا لقواعدهم قبلوه وإلا رفضوه وبذلك
[ 37 ]
(1/37)
________________________________________
انقطعت الصلة التامة بين المسلم وبين النبي صلى الله عليه و سلم وخاصة عند المتأخرين منهم فعادوا جاهلين بالنبي صلى الله عليه و سلم وعقيدته وسيرته وعبادته وصيامه وقيامه وحجه وأحكامه وفتاويه فإذا سئلوا عن شيء من ذلك أجابوك إما بحديث ضعيف أو لا أصل له أو بما في المذهب الفلاني فإذا اتفق أنه مخالف للحديث الصحيح وذكروا به لا يذكرون ولا يقبلون الرجوع إليه لشبهات لا مجال لذكرها الآن وكل ذلك سببه تلك الأصول والقواعد المشار إليها وسيأتي قريبا ذكر بعضها إن شاء الله تعالى
ولقد عم هذا الوباء وطم كل البلاد الإسلامية والمجلات العلمية والكتب الدينية إلا نادرا فلا تجد من يفتي فيها على الكتاب والسنة إلا أفرادا قليلين غرباء بل جماهيرهم يعتمدون فيها على مذهب من المذاهب الأربعة وقد يتعدونها إلى غيرها إذا وجدوا في ذلك مصلحة - كما زعموا - وأما السنة فقد أصبحت عندهم نسيا منسيا إلا إذا اقتضت المصلحة عندهم الأخذ بها كما فعل بعضهم بالنسبة لحديث ابن عباس في الطلاق بلفظ ثلاث وأنه كان على عهد النبي صلى الله عليه و سلم طلقة واحدة فقد أنزلوها منزلة بعض المذاهب المرجوحة وكانوا قبل أن يتبنوه يحاربونه ويحاربون الداعي إليه
[ 38 ]
(1/38)
________________________________________
غربة السنة عند المتأخرين :
وإن مما يدل على غربة السنة في هذا الزمان وجهل أهل العلم والفتوى بها جواب إحدى المجلات الإسلامية السيارة عن سؤال : " هل تبعث الحيوانات . . . " ونصه :
قال الإمام الآلوسي في تفسيره :
ليس في هذا الباب - يعني بعض الحيوانات - نص من كتاب أو سنة يعول عليه يدل على حشر غير الثقلين من الوحوش والطيور "
هذا كل ما اعتمده المجيب وهو شيء عجيب يدلكم على مبلغ إهمال أهل العلم - فضلا عن غيرهم لعلم السنة فقد ثبت فيها أكثر من حديث واحد يصرح بأن الحيوانات تحشر ويقتص لبعضها من بعض من ذلك حديث مسلم في " صحيحه " : ( لتؤدون الحقوق إلى أهلها حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ) . وثبت عن ابن عمرو وغيره أن الكافر حين يرى هذا القصاص يقول : ( ياليتني كنت ترابا )
(1/38)
________________________________________
أصول الخلف التي تركت السنة بسببها :
فما هي تلك الأصول والقواعد التي أقامها الخلف حتى صرفتهم عن السنة دراسة واتباعا ؟ وجوابا عن ذلك أقول :
يمكن حصرها في الأمور الآتية :
[ 39 ]
(1/39)
________________________________________
الأول : قول بعض علماء الكلام : إن حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة وصرح بعض الدعاة الإسلاميين اليوم بأنه لا يجوز أخذ العقيدة منه بل يحرم
الثاني : بعض القواعد التي تبنتها بعض المذاهب المتبعة في " أصولها " يحضرني الآن منها ما يلي :
أ - تقديم القياس على خبر الآحاد . ( الإعلام 1 / 327 و 300 شرح المنار ص 623 )
ب - رد خبر الآحاد إذا خالف الأصول . ( الإعلام 1 / 329 ، شرح المنار ص 646 )
ج - رد الحديث المتضمن حكما زائدا على نص القرآن بدعوى أن ذلك نسخ له والسنة لا تنسخ القرآن ( شرح المنار ص 647 ، الأحكام 2 / 66 )
د - تقديم العام على الخاص عند التعارض أو عدم جواز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد
( شرح المنار ص 289 - 294 ، إرشاد الفحول 138 - 139 - 143 - 144 )
ه - تقديم أهل المدينة على الحديث الصحيح
الثالث : التقليد واتخاذه مذهبا ودينا
[ 40 ]
(1/40)
________________________________________
الفصل الثاني
بطلان تقديم القياس وغيره على الحديث
إن رد الحديث الصحيح بالقياس أو غيره من القواعد التي سبق ذكرها مثل رده بمخالفة أهل المدينة له لهو مخالفة صريحة لتلك الآيات والأحاديث المتقدمة القاضية بوجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة عند الاختلاف والتنازع ومما لا شك فيه عند أهل العلم أن رد الحديث لمثل ما ذكرنا من القواعد ليس مما اتفق عليه أهل العلم كلهم بل إن جماهير العلماء يخالفون تلك القواعد ويقدمون عليها الحديث الصحيح اتباعا للكتاب والسنة كيف لا مع أن الواجب العمل بالحديث ولو مع ظن الاتفاق على خلافه أو عدم العلم بمن عمل به قال الإمام الشافعي في " الرسالة " ( ص 463 / 464 ) : " ويجب أن يقبل الخبر في الوقت الذي ثبت فيه وإن لم يمض عمل من الأئمة بمثل الخبر " . وقد قال العلامة ابن القيم في " إعلام الموقعين " ( 1 / 32 - 33 ) :
ولم يكن الإمام أحمد رحمه الله تعالى يقدم على الحديث الصحيح عملا ولا رأيا ولا قياسا ولا قول صاحب ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعا ويقدمونه على الحديث الصحيح
[ 41 ]
وقد كذب أحمد من ادعى هذا الإجماع ولم يسغ تقديمه على الحديث الثابت وكذلك الشافعي أيضا نص في
رسالته الجديدة " على أن ما لا يعلم فيه بخلاف لا يقال له إجماع . . . ونصوص رسول الله صلى الله عليه و سلم أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها ما توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف ولو ساغ لتعطلت النصوص وساغ لكل من لم يعلم مخالفا في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص "
وقال ابن القيم أيضا ( 3 / 464 - 465 ) :
وقد كان السلف الطيب يشتد نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم برأي أو قياس أو استحسان أو قول أحد من الناس كائنا من كان ويهجرون فاعل ذلك وينكرون على من ضرب له الأمثال ولا يسوغون غير الانقياد له صلى الله عليه و سلم والتسليم والتلقي بالسمع والطاعة ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل أو قياس أو يوافق قول فلان وفلان بل كانوا عاملين بقوله تعالى : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } وأمثاله ( مما تقدم ) فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم : ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : كذا وكذا يقول : من قال بهذا ؟ دفعا في صدر الحديث ويجعل جهله بالقائل حجة له في مخالفته وترك العمل به ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم
[ 42 ]
الباطل وأنه لا يحل له دفع سنن رسول الله صلى الله عليه و سلم بمثل هذا الجهل وأقبح من ذلك عذره في جهله إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة وهذا سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم وأقبح من ذلك عذره في دعوى هذا الإجماع وهو جهله وعدم علمه بمن قال بالحديث فعاد الأمر إلى تقديم جهله على السنة والله المستعان
قلت : وإذا كان هذا حال من يخالف السنة وهو يظن أن العلماء اتفقوا على خلافها فكيف يكون حال من يخالفها إذا كان يعلم أن كثيرا من العلماء قد قالوا بها وأن من خالفها لا حجة له إلا من مثل تلك القواعد المشار إليها أو التقليد على ما سيأتي في الفصل الرابع
سبب الخطأ في تقديم القياس وأصولهم على الحديث :
ومنشأ الخطأ في تقديمهم القواعد المشار إليها على السنة في نظري إنما هو نظرتهم إلى السنة أنها في مرتبة دون المرتبة التي أنزلها الله تبارك وتعالى فيها من جهة وفي شكهم في ثبوتها من جهة أخرى
وإلا كيف جاز لهم تقديم القياس عليها علما بأن القياس قائم على الرأي والاجتهاد وهو معرض للخطأ كما هو معلوم ولذلك لا يصار إليه إلا عند الضرورة كما تقدم في كلمة الشافعي رحمه الله :
لا يحل القياس والخبر موجود
وكيف جاز لهم تقديم عمل أهل بعض البلاد عليها وهم يعلمون أنهم
[ 43 ]
(1/43)
________________________________________
مأمورون بالتحاكم إليها عند التنازع كما سلف ؟ وما أحسن قول الإمام السبكي في صدد المتمذهب بمذهب يجد حديثا لم يأخذ به مذهبه ولا علم قائلا به من غير مذهبه :
والأولى عندي اتباع الحديث وليفرض الإنسان نفسه بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم وقد سمع ذلك منه أيسعه التأخر عن العمل به ؟ لا والله وكل أحد مكلف بحسب فهمه
قلت : وهذا يؤيد ما ذكرنا من أن الشك في ثبوت السنة هو مما رماهم في ذاك الخطأ وإلا فلو كانوا على علم بها وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد قالها لم يتفوهوا بتلك القواعد فضلا عن أن يطبقوها وأن يخالفوا بها مئات الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه و سلم ولا مستند لهم في ذلك إلا الرأي والقياس واتباع عمل طائفة من الناس كما ذكرنا وإنما العمل الصحيح ما وافق السنة والزيادة على ذلك زيادة في الدين والنقص منه نقص في الدين قال ابن القيم ( 1 / 299 ) مفسرا للزيادة والنقص المذكورين :
فالأول القياس والثاني التخصيص الباطل وكلاهما ليس من الدين ومن لم يقف مع النصوص فإنه تارة يزيد في النص ما ليس منه ويقول هذا قياس ومرة ينقص منه بعض ما يقتضيه ويخرجه
[ 44 ]
عن حكمه ويقول : هذا تخصيص ومرة يترك النص جملة ويقول : ليس العمل عليه أو يقول : هذا خلاف القياس أو خلاف الأصول . ( قال ) : ونحن نرى أنه كلما اشتد توغل الرجل في القياس اشتدت مخالفته للسنن ولا نرى خلاف السنن والآثار عند أصحاب الرأي والقياس فلله كم من سنة صحيحة صريحة قد عطلت به وكم من أثر درس حكمه بسببه فالسنن والآثار عند الآرائيين والقياسيين خاوية على عروشها معطلة أحكامها معزولة عن سلطانها وولايتها لها الاسم ولغيرها الحكم لها السكة والخطبة ولغيرها الأمر والنهي وإلا فلماذا ترك
أمثلة من الأحاديث الصحيحة التي خولفت بتلك القواعد :
(1/44)
________________________________________
1 - حديث قسم الابتداء وأن للزوجة حق العقد سبع ليال إن كانت بكرا أو ثلاثا إن كانت ثيبا ثم يقسم بالسوية ؟
(1/44)
________________________________________
2 - وحديث تغريب الزاني غير المحصن
(1/44)
________________________________________
3 - وحديث الاشتراط في الحج وجواز التحلل بالشرط
(1/44)
________________________________________
4 - وحديث المسح على الجوربين
(1/44)
________________________________________
5 - وحديث أبي هريرة ومعاوية بن الحكم السلمي في أن كلام الناسي والجاهل لا يبطل الصلاة
(1/44)
________________________________________
6 - وحديث إتمام صلاة الصبح لمن طلعت عليه الشمس وقد صلى منها ركعة
[ 45 ]
(1/45)
________________________________________
7 - وحديث إتمام الصوم لمن أكل ناسيا
(1/45)
________________________________________
8 - وحديث الصوم عن الميت
(1/45)
________________________________________
9 - وحديث الحج عن المريض الميئوس من برئه
(1/45)
________________________________________
10 - وحديث القضاء بالشاهد مع اليمين
(1/45)
________________________________________
11 - وحديث قطع يد السارق في ربع دينار
(1/45)
________________________________________
12 - وحديث من تزوج امرأة أبيه ضرب عنقه ويأخذ ماله
(1/45)
________________________________________
13 - وحديث ( لا يقتل مؤمن بكافر )
(1/45)
________________________________________
14 - وحديث ( لعن الله المحلل والمحلل له )
(1/45)
________________________________________
15 - وحديث ( لا نكاح إلا بولي )
(1/45)
________________________________________
16 - وحديث المطلقة ثلاثا لا سكنى لها ولا نفقة
(1/45)
________________________________________
17 - وحديث ( أصدقها ولو خاتما من حديد )
(1/45)
________________________________________
18 - وحديث إباحة لحوم الخيل
(1/45)
________________________________________
19 - وحديث ( كل مسكر حرام )
(1/45)
________________________________________
20 - وحديث : ( ليس فيما دون الخمس أوسق صدقة )
(1/45)
________________________________________
21 - وحديث المزارعة والمساقاة
(1/45)
________________________________________
22 - حديث ذكاة ( 1 ) الجنين وذكاة أمه
(1/45)
________________________________________
23 - وحديث ( الرهن مركوب ومحلوب )
(1/45)
________________________________________
24 - وحديث النهي عن تخليل الخمر
(1/45)
________________________________________
25 - وحديث ( لا تحرم المصة والمصتان )
_________
( 1 ) الذكاة : هي الذبح الشرعي
[ 46 ]
(1/46)
________________________________________
26 - وحديث ( أنت ومالك لأبيك )
(1/46)
________________________________________
27 - وحديث الوضوء من لحوم الإبل
(1/46)
________________________________________
28 - وأحاديث المسح على العمامة
(1/46)
________________________________________
29 - وحديث الأمر بإعادة الصلاة لمن صلى خلف الصف وحده
(1/46)
________________________________________
30 - وحديث من دخل والإمام يخطب يوم الجمعة يصلي تحية المسجد
(1/46)
________________________________________
31 - وحديث الصلاة على الغائب
(1/46)
________________________________________
32 - وحديث الجهر بآمين في الصلاة
(1/46)
________________________________________
33 - وحديث جواز رجوع الأب فيما وهب لولده ولا يرجع غيره
(1/46)
________________________________________
34 - وحديث الخروج إلى العيد من الغد إذا علم بالعيد بعد الزوال
(1/46)
________________________________________
35 - وحديث نضح بول الرضيع الذي لم يأكل الطعام
(1/46)
________________________________________
36 - وحديث الصلاة على القبر
(1/46)
________________________________________
37 - وحديث بيع جابر بعيره واشتراط ظهره ( 1 )
(1/46)
________________________________________
38 - وحديث النهي عن جلود السباع
(1/46)
________________________________________
39 - وحديث لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره
(1/46)
________________________________________
40 - وحديث إذا أسلم وتحته أختان اختار أيتهما شاء
(1/46)
________________________________________
41 - وحديث الوتر على الراحلة
(1/46)
________________________________________
42 - وحديث ( كل ذي ناب من السباع حرام )
(1/46)
________________________________________
43 - وحديث : من السنة وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة ( 2 )
_________
( 1 ) أي ركوبه إلى المدينة وكان ذلك أثناء العودة من غزوة خيبر
( 2 ) يخالف في ذلك المالكية الذين يرون إرسال اليدين
[ 47 ]
(1/47)
________________________________________
44 - وحديث لا تجزيء صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في ركوعه وسجوده
(1/47)
________________________________________
45 - وأحاديث رفع اليدين في الصلاة عند الركوع والرفع منه
(1/47)
________________________________________
46 - وأحاديث الاستفتاح في الصلاة
(1/47)
________________________________________
47 - وحديث : ( تحريمها التكبير وتحلها التسليم )
(1/47)
________________________________________
48 - وحديث حمل الصبية في الصلاة
(1/47)
________________________________________
49 - وأحاديث العقيقة
(1/47)
________________________________________
50 - وحديث : ( لو أن رجلا اطلع عليك بغير إذنك )
(1/47)
________________________________________
51 - وحديث أن بلالا يؤذن بليل
(1/47)
________________________________________
52 - وحديث النهي عن صوم يوم الجمعة
(1/47)
________________________________________
53 - وحديث صلاة الكسوف والاستسقاء
(1/47)
________________________________________
54 - وحديث عسب الفحل
(1/47)
________________________________________
55 - وحديث المحرم إذا مات لم يخمر رأسه لم يقرب طيبا )
قلت : هذه الأحاديث كلها أو جلها إلى أضعافها تركت من أجل القياس أو القواعد التي سبق ذكرها بعضها عزاها ابن حزم للتاركين للسنة من أجل عمل المدينة وإليكم أمثلة أخرى من مخالفة هؤلاء للسنة فمن ذلك مخالفتهم ل :
(1/47)
________________________________________
1 - حديث قراءته صلى الله عليه و سلم ( بالطور ) في المغرب و ( المرسلات ) في آخر عمره صلى الله عليه و سلم
[ 48 ]
(1/48)
________________________________________
2 - تأمينه صلى الله عليه و سلم بعد الفاتحة
(1/48)
________________________________________
3 - سجوده صلى الله عليه و سلم في { إذا السماء انشقت }
(1/48)
________________________________________
4 - صلاته صلى الله عليه و سلم بالناس جالسا وهم جلوس وراءه . فقالوا : صلاة من صلى كذلك باطلة
(1/48)
________________________________________
5 - حديث أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه ابتدأ بالناس الصلاة فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فدخل فجلس إلى جنب أبي بكر رضي الله عنه فأتم عليه السلام الصلاة بالناس . فقالوا : ليس عليه العمل ومن صلى هكذا بطلت صلاته
(1/48)
________________________________________
6 - حديث جمع بين الظهر والعصر ( يعني في المدينة ) في غير خوف ولا سفر ( 1 )
(1/48)
________________________________________
7 - حديث أنه أتى بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه ونضحه ولم يغسله
(1/48)
________________________________________
8 - وحديث أنه عليه السلام كان يقرأ في صلاة العيد بسورة ( ق ) و ( اقتربت الساعة )
(1/48)
________________________________________
9 - حديث أنه عليه السلام صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد
(1/48)
________________________________________
10 - حديث أنه عليه السلام رجم يهوديين زنيا . فقالوا : لا يجوز رجمهم
(1/48)
________________________________________
11 - حديث أنه صلى الله عليه و سلم احتجم وهو محرم
_________
( 1 ) هذا حين وجود الحرج كما يدل عليه جواب ابن عباس رضي الله عنهما لمن سأله : ما أراد بذلك ؟ فقال : أن لا يحرج أمته
[ 49 ]
(1/49)
________________________________________
12 - حديث تطيبه صلى الله عليه و سلم لحله قبل أن يطوف بالبيت ( 1 )
(1/49)
________________________________________
13 - أحاديث التسليمتين في الصلاة
إلى غير ذلك من الأحاديث التي خالفوا فيها أوامره صلى الله عليه و سلم التي لو تتبعها المتتبع لربما بلغت الألوف كما قال ابن حزم رحمه الله تعالى
وقد درسنا مسألة تقديم القياس وغيره على الحديث فيما مضى فلندرس الآن الأمرين الآخرين على ضوء الكتاب والسنة والنصوص المتقدمة لنتبين منها حقيقتها في فصلين اثنين
_________
( 1 ) ابن حزم في " الإحكام في أصول الأحكام " ( 2 / 100 ، 105 )
[ 50 ]
(1/50)
________________________________________
الفصل الثالث
حديث الآحاد حجة في العقائد والأحكام
إن القائلين بأن حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة يقولون في الوقت نفسه بأن الأحكام الشرعية ثبتت بحديث الآحاد وهم بهذا قد فرقوا بين العقائد والأحكام فهل تجد هذا التفريق في النصوص المتقدمة من الكتاب والسنة كلا وألف كلا بل هي بعمومها وإطلاقاتها تشمل العقائد أيضا وتوجب اتباعه صلى الله عليه و سلم فيها لأنها بلا شك مما يشمله قوله ( أمرا ) في آية { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } وهكذا أمره تعالى بإطاعة نبيه صلى الله عليه و سلم والنهي عن عصيانه والتحذير من مخالفته وثناوه على المؤمنين الذين يقولون عندما يدعون للتحاكم إلى الله ورسوله : سمعنا وأطعنا كل ذاك يدل على وجوب طاعته واتباعه صلى الله عليه و سلم في العقائد والأحكام . وقوله تعالى { وما آتاكم الرسول فخذوه } فإنه ( ما ) من ألفاظ العموم والشمول كما هو معلوم . وأنت لو سألت هؤلاء القائلين بوجوب الأخذ بحديث الآحاد في الأحكام عن الدليل عليه لاحتجوا بهذه الآيات السابقة وغيرها مما لم نذكره اختصارا وقد استوعبها الإمام
[ 51 ]
(1/51)
________________________________________
الشافعي رحمه الله تعالى في كتابه " الرسالة " فليراجعها من شاء فما الذي حملهم على استثناء العقيدة من وجوب الأخذ بها وهي داخلة في عموم الآيات ؟ إن تخصيصها بالأحكام دون العقائد تخصيص بدون مخصص وذلك باطل وما لزم منه باطل فهو باطل
شبهة وجوابها
لقد عرضت لهم شبهة ثم صارت لديهم عقيدة وهي أن حديث الآحاد لا يفيد إلا الظن ويعنون به الظن الراجح طبعا والظن الراجح يجب العمل به في الأحكام اتفاقا ولا يجوز الأخذ به عندهم في الأخبار الغيبية والمسائل العلمية وهي المراد بالعقيدة ونحن لو سلمنا لهم جدلا بقولهم : ( إن حديث الآحاد لا يفيد إلا الظن ) على إطلاقه فإنا نسألهم : من أين لكم هذا التفريق وما الدليل على أنه لا يجوز الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة ؟
لقد رأينا بعض المعاصرين يستدلون على ذلك بقوله تعالى في المشركين : { إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس } وبقوله سبحانه : { إن الظن لا يغني من الحق شيئا } ونحو ذلك من الآيات التي يذم الله تعالى فيها المشركين على اتباعهم الظن . وفات هؤلاء المستدلين أن الظن المذكور في هذه الآيات ليس المراد به الظن الغالب الذي يفيده خبر الآحاد والواجب الأخذ به اتفاقا وإنما هو الشك
[ 52 ]
(1/52)
________________________________________
الذي هو الخرص فقد جاء في " النهاية " و " اللسان " وغيرها من كتب اللغة : " الظن : الشك يعرض لك في الشيء فتحققه وتحكم عليه "
فهذا هو الظن الذي نعاه الله تعالى على المشركين ومما يؤيد ذلك قوله تعالى فيهم : { إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون } فجعل الظن هو الخرص الذي هو مجرد الحزر والتخمين
ولو كان الظن المنعي على المشركين في هذه الآيات هو الظن الغالب كما زعم أولئك المستدلون لم يجز الأخذ به في الأحكام أيضا وذلك لسببين أثنين :
الأول : أن الله أنكره عليهم إنكارا مطلقا ولم يخصه بالعقيدة دون الأحكام
والآخر : أنه تعالى صرح في بعض الآيات أن الظن الذي أنكره على المشركين يشمل القول به في الأحكام أيضا فاسمع إلى قوله تعالى الصريح في ذلك : { سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ( فهذه عقيدة ) ولا حرمنا من شيء ( وهذا حكم ) كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل : هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ؟ إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون } ويفسرها قوله تعالى : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } فثبت مما تقدم أن الظن الذي لا يجوز الأخذ به إنما هو
[ 53 ]
(1/53)
________________________________________
الظن اللغوي المرادف للخرص والتخمين والقول بغير علم وأنه يحرم الحكم به في الأحكام كما يحرم الأخذ به في العقائد ولا فرق
وإذ كان الأمر كذلك فقد سلم لنا القول المتقدم : إن كل الآيات والأحاديث المتقدمة الدالة على وجوب الأخذ بحديث الآحاد في الأحكام تدل أيضا بعمومها وشمولها على وجوب الأخذ به في العقائد أيضا والحق أن التفريق بين العقيدة والأحكام في وجوب الأخذ فيها بحديث الآحاد فلسفة دخيلة في الإسلام لا يعرفها السلف الصالح ولا الأئمة الأربعة الذين يقلدهم جماهير المسلمين في كل العصر الحاضر
بناؤهم عقيدة ( عدم الأخذ بحديث الآحاد ) على الوهم والخيال :
وإن من أعجب ما يسمعه المسلم العاقل اليوم هو هذه الكلمة التي يرددها كثير من الخطباء والكتاب كلما ضعف إيمانهم عن التصديق بحديث حتى ولو كان متواترا عند أهل العلم بالحديث كحديث نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان فإنهم يتسترون بقولهم : " حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة " وموضع العجب أن قولهم هذا هو نفسه عقيدة كما قلت مرة لبعض من ناظرتهم في هذه المسألة وبناء على ذلك فعليهم أن يأتوا بالدليل القاطع على صحة هذا القول وإلا فهم متناقضون فيه وهيهات هيهات فإنهم لا دليل لهم إلا مجرد
[ 54 ]
(1/54)
________________________________________
الدعوى ومثل ذلك مردود في الأحكام فكيف في العقيدة ؟ وبعبارة أخرى : لقد فروا من القول بالظن الراجح في العقيدة فوقعوا فيما هو أسوأ منه وهو قولهم بالظن المرجوح فيها ( فاعتبروا يا أولى الأبصار ) وما ذلك إلا بسبب البعد عن التفقه بالكتاب والسنة والاهتداء بنورهما مباشرة والانشغال عنه بآراء الرجال
الأدلة على وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة :
إن هناك أدلة أخرى أخص في الدلالة مما سبق على وجوب الأخذ بخبر الواحد في العقيدة أرى أنه لا بد من التعرض لذكر بعضها وبيان وجه دلالتها
الدليل الأول : قوله تعالى : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون }
فقد حض الله تبارك وتعالى المؤمنين على أن ينفر طائفة منهم إلى النبي صلى الله عليه و سلم ليتعلموا منه دينهم ويتفقهوا فيه . ولا شك أن ذلك ليس خاصا بما يسمى بالفروع والأحكام بل هو أعم . بل المقطوع به أن يبدأ المعلم بما هو الأهم فالأهم تعليما وتعلما ومما لا ريب فيه أن العقائد أهم من الأحكام ومن أجل ذلك زعم الزاعمون أن العقائد لا تثبت
[ 55 ]
(1/55)
________________________________________
بحديث الآحاد فيبطل ذلك عليهم هذه الآية الكريمة فإن الله تعالى كم حض فيها الطائفة على التعلم والتفقه عقيدة وأحكاما حضهم على أن ينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم بما تعلموه من العقائد والأحكام و ( الطائفة ) في لغة العرب تقع على الواحد فما فوق . فلولا أن الحجة تقوم بحديث الآحاد عقيدة وحكما لما حض الله تعالى الطائفة على التبليغ حضا عاما معللا ذلك بقوله : { لعلهم يحذرون } الصريح في أن العلم يحصل بإنذار الطائفة فإنه كقوله تعالى في آياته الشرعية والكونية : { لعلهم يتفكرون } { لعلهم يعقلون } { لعلهم يهتدون } فالآية نص في أن خبر الآحاد حجة في التبليغ عقيدة وأحكاما
الدليل الثاني : قوله تعالى : { ولا تقف ما ليس لك به علم } أي لا تتبعه ولا تعمل به ومن المعلوم أن المسلمين لم يزالوا من عهد الصحابة يقفون أخبار الآحاد ويعملون بها ويثبتون بها الأمور الغيبية والحقائق الإعتقادية مثل بدء الخلق وأشراط الساعة بل ويثبتون بها لله تعالى الصفات فلو كانت لا تفيد علما ولا تثبت عقيدة لكان الصحابة والتابعون وتابعوهم وأئمة الإسلام كلهم قد قفوا ما ليس لهم به علم كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في ( مختصر الصواعق - 2 / 396 ) وهذا مما لا يقوله مسلم
[ 56 ]
(1/56)
________________________________________
الدليل الثالث : قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } وفي القراءة الأخرى { فتثبتوا } فإنها تدل على أن العدل إذا جاء بخبر ما فالحجة قائمة به وأنه لا يجب التثبت بل يؤخذ به حالا ولذلك قال ابن القيم رحمه الله في " الإعلام " ( 2 / 394 ) :
وهذا يدل على الجزم بقبول خبر الواحد وأنه لا يحتاج إلى التثبت ولو كان خبره لا يفيد العلم لأمر بالتثبت حتى يحصل العلم . ومما يدل عليه أيضا أن السلف الصالح وأئمة الإسلام لم يزالوا يقولون : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذا وفعل كذا وأمر بكذا ونهى عن كذا وهذا معلوم في كلامهم بالضرورة وفي
صحيح البخاري " : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في عدة مواضع وكثير من أحاديث الصحابة يقول فيها أحدهم : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وإنما سمعه من صحابي غيره وهذه شهادة من القائل وجزم على رسول الله صلى الله عليه و سلم بما نسب إليه من قول أو فعل فلو كان خبر الواحد لا يفيد العلم لكان شاهدا على رسول الله صلى الله عليه و سلم بغير علم "
الدليل الرابع : سنة النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه تدل على الأخذ بخبر الآحاد :
إن السنة العملية التي جرى عليها النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه في حياته وبعد وفاته تدل أيضا دلالة قاطعة على عدم التفريق بين حديث الآحاد في العقيدة والأحكام وأنه حجة قائمة في كل ذلك وأنا ذاكر الآن بإذن الله
[ 57 ]
(1/57)
________________________________________
بعض ما وقفت عليه من الأحاديث الصحيحة قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في " صحيحه " - 8 / 132 ) :
باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام وقول الله تعالى : { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } ويسمى الرجل طائفة لقوله تعالى : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } فلو اقتتل رجلان دخلا في معنى الآية وقوله تعالى : { إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } وكيف بعث النبي صلى الله عليه و سلم أمراءه واحدا بعد واحد فإن سها أحد منهم رد إلى السنة
ثم ساق الإمام البخاري أحاديث مستدلا بها على ما ذكر من إجازة خبر الواحد والمراد بها جواز العمل والقول بأنه حجة فأسوق بعضا منها :
الأول : عن مالك بن الحويرث قال :
أتينا النبي صلى الله عليه و سلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده نحوا من عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم رحيما رفيقا فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه قال : ( ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وصلوا كما رأيتموني أصلي )
[ 58 ]
(1/58)
________________________________________
فقد أمر صلى الله عليه و سلم كل واحد من هؤلاء الشببة أن يعلم كل واحد منهم أهله والتعليم يعم العقيدة بل هي أول ما يدخل في العموم فلو لم يكن خبر الآحاد تقوم به الحجة لم يكن لهذا الأمر معنى
الثاني : عن أنس بن مالك : أن أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام . قال : فأخذ بيد أبي عبيدة فقال : ( هذا أمين هذه الأمة ) أخرجه مسلم ( 7 / 29 ) ورواه البخاري مختصرا
قلت : فلو لم تقم الحجة بخبر الواحد لم يبعث إليهم أبا عبيدة وحده وكذلك يقال في بعثه صلى الله عليه و سلم إليهم في نوبات مختلفة أو إلى بلاد منها متفرقة غيره من الصحابة رضي الله عنهم كعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري وأحاديثهم في " الصحيحين " وغيرهما ومما لا ريب فيه أن هؤلاء كانوا يعلمون الذين أرسلوا إليهم العقائد في جملة ما يعلمونهم فلو لم تكن الحجة قائمة بهم عليهم لم يبعثهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أفردا لأنه عبث يتنزه عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم وهذا معنى قول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في " الرسالة " ( ص 412 ) :
وهو صلى الله عليه و سلم لا يبعث بأمره إلا والحجة للمبعوث إليهم وعليهم قائمة بقبول خبره عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد كان قادرا على أن يبعث إليهم فيشافههم أو يبعث إليهم عددا فبعث واحدا يعرفونه بالصدق
[ 59 ]
(1/59)
________________________________________
الثالث : عن عبد الله بن عمر قال :
بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة
رواه البخاري ومسلم
فهذا نص على أن الصحابة رضي الله عنهم قبلوا خبر الواحد في نسخ ما كان مقطوعا عندهم من وجوب استقبال بيت المقدس فتركوا ذلك واستقبلوا الكعبة لخبره فلولا أنه حجة عندهم ما خالفوا به المقطوع عندهم من القبلة الأولى . قال ابن القيم :
ولم ينكر عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بل شكروا على ذلك
الرابع : عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى نبي إسرائيل فقال ابن عباس : كذب عدو الله أخبرني أبي بن كعب قال : خطبنا رسول الله ثم ذكر حديث موسى والخضر بشيء يدل على أن موسى عليه السلام صاحب الخضر . أخرجه الشيخان مطولا والشافعي هكذا مختصرا وقال ( 442 / 1219 ) :
[ 60 ]
(1/60)
________________________________________
محب الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس