عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2011, 11:50 PM   #2
إداري
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
افتراضي رد: كلام قيم للإمام الألباني ( الحديث حجة في نفسه ) ، رد على من يقدم على الكتاب والسنة بآراء أو أقيسة مخالفة .

تابع :

الشافعي يثبت العقيدة بخبر الواحد :
فابن عباس مع فقهه وورعه يثبت خبر أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى يكذب به امرءا من المسلمين إذ حدثه أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بما فيه دلالة على أن موسى نبي إسرائيل صاحب الخضر
قلت : وهذا القول من الإمام الشافعي رحمه الله دليل على أنه لا يرى التفريق بين العقيدة والعمل في الاحتجاج بخبر الآحاد لأن كون موسى عليه السلام هو صاحب الخضر عليه السلام هي مسألة علمية وليست حكما عمليا كما هو مبين ويؤيد ذلك أن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى عقد فصلا هاما في " الرسالة " تحت عنوان " الحجة في تثبيت خبر الواحد " وساق تحته أدلة كثيرة من الكتاب والسنة ( ص 401 - 453 ) وهي أدلة مطلقة أو عامة تشمل بإطلاقها وعمومها أن خبر الواحد حجة في العقيدة أيضا وكذلك كلامه عليها عام أيضا وختم هذا البحث بقوله :
وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذه ( 1 ) السبيل . وكذلك حكي لنا عمن حكى لنا عنه أن أهل العلم بالبلدان
وهذا عام أيضا . وكذلك قوله ( ص 457 ) :
_________
( 1 ) خبر لم يزل
[ 61 ]
(1/61)
________________________________________
" ولو جاز لأحد من الناس أن يقول في علم الخاصة : أجمع المسلمون قديما وحديثا على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي ولكن أقول : لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد "
عدم الإحتجاج بحديث الآحاد في العقيدة بدعة محدثة :
وبالجملة فأدلة الكتاب والسنة وعمل الصحابة وأقوال العلماء تدل دلالة قاطعة - على ما شرحنا - من وجوب الأخذ بحديث الآحاد في كل أبواب الشريعة سواء كان في الإعتقاديات أو العمليات وأن التفريق بينهما بدعة لا يعرفها السلف ولذلك قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى ( 3 / 412 ) :
وهذا التفريق باطل بإجماع الأمة فإنها لم تزل تحتج بهذه الأحاديث في الخبريات العلميات ( يعني العقيدة ) كما تحتج بها في الطلبيات العمليات ولا سيما والأحكام العملية تتضمن الخبر عن الله بأنه شرع كذا وأوجبه ورضيه دينا فشرعه ودينه راجع إلى أسمائه وصفاته ولم تزل الصحابة والتابعون وتابعوهم وأهل الحديث والسنة يحتجون بهذه الأخبار في مسائل الصفات والقدر والأسماء والأحكام ولم ينقل عن أحد منهم البتة أنه جوز الاحتجاج بها في مسائل الأحكام دون الأخبار عن الله وأسمائه وصفاته فأين سلف المفرقين بين البابين ؟ نعم
[ 62 ]
سلفهم بعض متأخري المتكلمين الذين لا عناية لهم بما جاء عن الله ورسوله وأصحابه بل يصدون القلوب عن الاهتداء في هذا الباب بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة ويحيلون على آراء المتكلمين وقواعد المتكلفين فهم الذين يعرف عنهم التفريق بين الأمرين . . . وادعوا الإجماع على هذا التفريق ولا يحفظ ما جعلوه إجماعا عن إمام من أئمة المسلمين ولا عن أحد من الصحابة والتابعين . . . فنطالبهم بفرق صحيح بين ما يجوز إثباته بخبر الواحد من الدين وما لا يجوز ولا يجدون إلى الفرق سبيلا إلا بدعاوى باطلة . . . كقول بعضهم : الأصوليات هي المسائل العلميات والفروعيات هي المسائل العملية ( وهذا تفريق باطل أيضا فإن المطلوب من العمليات ) ( 1 ) أمران : العلم والعمل والمطلوب من العلميات العلم والعمل أيضا وهو حب القلب وبغضه وحبه للحق الذي دلت عليه وتضمنته وبغضه للباطل الذي يخالفها فليس العمل مقصورا على عمل الجوارح بل أعمال القلوب أصل لعمل الجوارح وأعمال الجوارح تبع فكل مسألة علمية فإنه يتبعها إيمان القلب وتصديقه وحبه بل هو أصل العمل وهذا مما غفل عنه كثير من المتكلمين في مسائل الإيمان حيث ظنوا أنه مجرد التصديق دون الأعمال
وهذا من أقبح الغلط وأعظمه فإن كثيرا من الكفار كانوا جازمين
_________
( 1 ) الأصل :
والمطلوب منها أمران " ولعل ما أثبتناه أقرب إلى الصواب
[ 63 ]
(1/63)
________________________________________
بصدق النبي صلى الله عليه و سلم غير شاكين فيه غير أنه لم يقترن بذلك التصديق عمل القلب من حب ما جاء به والرضا به وإرادته والموالاة والمعاداة عليه فلا تهمل هذا الموضع فإنه مهم جدا به تعرف حقيقة الإيمان
فالمسائل العلمية عملية والمسائل العملية علمية فإن الشارع لم يكتف من المكلفين في العمليات بمجرد العمل دون العلم ولا في العلميات بمجرد العلم دون العمل "
فتحرر من كلام ابن القيم رحمه الله تعالى أن التفريق المذكور مع كونه باطلا بالإجماع لمخالفته ما جرى عليه السلف وتظاهر الأدلة المتقدمة على مخالفته فهو باطل أيضا من جهة تصور المفرقين عدم وجوب اقتران العلم بالعمل والعمل بالعلم وهذه نقطة هامة جدا تساعد المؤمن على تفهم الموضوع جيدا والإيمان ببطلان التفريق المذكور يقينا
إفادة كثير من أخبار الآحاد العلم واليقين :
ثم إن ما تقدم من البحث وتحقيق القول ببطلان التفريق المذكور إنما هو قائم كله على افتراض صحة القول بأن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن الراجح ولا يفيد اليقين والعلم القاطع فينبغي أن يعلم أن ذلك ليس مسلما على إطلاقه بل فيه تفصيل مذكور في موضعه والذي يهمنا ذكره الآن هو أن خبر الآحاد يفيد العلم واليقين في كثير من
[ 64 ]
(1/64)
________________________________________
الأحيان من ذلك الأحاديث التي تلقتها الأمة بالقبول ومنها ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما مما لم ينتقد عليهما فإنه مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري حاصل به كما جزم به الإمام ابن الصلاح في كتابه " علوم الحديث " ( ص 28 - 29 ) ونصره الحافظ بن كثير في " مختصره " ومن قبله شيخ الإسلام ابن تيمية وتبعه العلامة ابن قيم الجوزية في " مختصر الصواعق " ( 2 / 383 ) ومثل له بعدة أحاديث منها حديث عمر : رضي الله عنه إنما الأعمال بالنيات وحديث : " إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل " وحديث ابن عمر : رضي الله عنه فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الفطر في رمضان على الصغير والكبير والذكر والأنثى وأمثال ذلك قال ابن القيم ( 2 / 373 ) :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير أمة محمد صلى الله عليه و سلم من الأولين والآخرين أما السلف فلم يكن بينهم في ذلك نزاع وأما الخلف فهذا مذهب الفقهاء الكبار من أصحاب الأئمة الأربعة والمسألة منقولة في كتب الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية مثل السرخسي وأبي بكر الرازي من الحنفية والشيخ أبي حامد وأبي الطيب والشيخ أبي إسحاق من الشافعية وابن خويز منداد وغيره من المالكية ومثل القاضي أبي يعلى وابن أبي موسى وأبي الخطاب وغيرهم من الحنبلية ومثل أبي إسحاق الإسفرائيني وابن فورك وأبي إسحاق النظام من المتكلمين وذكره ابن الصلاح وصححه واختاره ولكنه لم
[ 65 ]
يعلم كثرة القائلين به ليتقوى بهم وإنما قاله بموجب الحجة الصحيحة وظن من اعترض عليه من المشايخ الذين لهم علم ودين وليس لهم بهذا الباب خبرة تامة : أن هذا الذي قاله أبو عمرو بن الصلاح انفرد به عن الجمهور وعذرهم أنهم يرجعون في هذه المسائل إلى ما يجدونه من كلام ابن الحاجب وإن ارتفعوا درجة صعدوا إلى السيف الآمدي وإلى ابن الخطيب فإن علا سندهم صعدوا إلى الغزالي والجويني والباقلاني . ( قال ) : وجميع أهل الحديث ما ذكره الشيخ أبو عمرو والحجة على قول الجمهور : أن تلقي الأمة للخبر تصديقا وعملا إجماع منهم والأمة لا تجتمع على ضلالة كما لو اجتمعت على موجب عموم أو مطلق أو اسم حقيقة أو على موجب قياس فإنها لا تجتمع على خطأ وإن كان الواحد منهم لو جرد النظر إليه لم يؤمن عليه الخطأ فإن العصمة تثبت بالنسبة الإجماعية كما أن خبر التواتر يجوز الخطأ والكذب على واحد واحد من المخبرين بمفرده ولا يجوز على المجموع والأمة معصومة من الخطأ في روايتها ورأيها ( قال : ) والآحاد في هذا الباب قد تكون ظنونا بشروطها فإذا قويت صارت علوما وإذا وضعت صارت أوهاما وخيالات فاسدة . ( قال : )
واعلم أن جمهور أحاديث البخاري ومسلم من هذا الباب كما ذكره الشيخ أبو عمرو ومن قبله من العلماء كالحافظ أبي طاهر السلفي وغيره فإن ما تلقاه أهل الحديث وعلماؤه بالقبول والتصديق فهو
[ 66 ]
محصل للعلم مفيد لليقين ولا عبرة بمن عداهم من المتكلمين والأصوليين فإن الاعتبار في الإجماع على كل أمر من الأمور الدينية بأهل العلم به دون غيرهم كما لم يعتبر في الإجماع على الأحكام الشرعية إلا العلماء بها دون المتكلمين والنحاة والأطباء وكذلك لا يعتبر في الإجماع على صدق الحديث وعدم صدقه إلا أهل العلم بالحديث وطرقه وعلله وهم علماء الحديث العالمون بأحوال نبيهم الضابطون لأقواله وأفعاله المعتنون بها أشد من عناية المقلدين لأقوال متبوعيهم فكما أن العلم بالتواتر ينقسم إلى عام وخاص فيتواتر عند الخاصة ما لا يكون معلوما لغيرهم فضلا أن يتواتر عندهم فأهل الحديث لشدة عنايتهم بسنة نبيهم وضبطهم لأقواله وأفعاله وأحواله يعلمون من ذلك علما لا يشكون فيه مما لا شعور لغيرهم به البتة
فساد قياس الخبر الشرعي على الأخبار الأخرى في إفادة العلم :
قال ابن القيم رحمه الله تعالى ( 2 / 368 ) :
وإنما أتي منكر إفادة خبر الواحد العلم من جهة القياس الفاسد فإنه قاس المخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بشرع عام للأمة أو بصفة من صفات الرب تعالى على خبر الشاهد على قضية معينة ويا بعد ما بينهما فإن المخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم لو قدر أنه كذب عمدا أو خطأ ولم يظهر
[ 67 ]
ما يدل على كذبه لزم من ذلك إضلال الخلق إذ الكلام في الخبر الذي تلقته الأمة بالقبول وعملت بموجبه وأثبت به صفات الرب وأفعاله فإن ما يجب قبوله شرعا من الأخبار لا يكون باطلا في نفس الأمر لاسيما إذا قبلته الأمة كلهم وهكذا يجب أن يقال في كل دليل يجب اتباعه شرعا لا يكون إلا حقا فيكون مدلوله ثابتا في نفس الأمر هذا فيما يخبر به عن شرع الرب تعالى وأسمائه وصفاته بخلاف الشهادة المعينة على مشهود عليه معين فهذه قد لا يكون مقتضاها ثابتا في نفس الأمر
وسر المسألة أنه لا يجوز أن يكون الخبر الذي تعبد الله به الأمة وتعرف به إليهم على لسان رسوله صلى الله عليه و سلم في إثبات أسمائه وصفاته كذبا وباطلا في نفس الأمر فإنه من حجج الله على عباده وحجج الله لا تكون كذبا وباطلا بل لا تكون إلا حقا في نفس الأمر ولا يجوز أن تتكافأ أدلة الحق والباطل ولا يجوز أن يكون الكذب على الله وشرعه ودينه مشتبها بالوحي الذي أنزله على رسوله وتعبد به خلقه بحيث لا يتميز هذا عن هذا فإن الفرق بين الحق والباطل والصدق والكذب ووحي الشيطان ووحي الملك عن الله أظهر من أن يشتبه أحدهما بالآخر ألا وقد جعل الله على الحق نورا كنور الشمس يظهر للبصائر المستنيرة وألبس الباطل ظلمة كظلمة الليل
وليس بمستنكر أن يشتبه الليل بالنهار على أعمى البصر كما يشتبه
[ 68 ]
الحق بالباطل على أعمى البصيرة قال معاذ بن جبل في قضيته ( )
تلق الحق مما قاله فإن على الحق نورا " ولكن لما أظلمت القلوب وعميت البصائر بالإعراض عما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم وازدادت الظلمة باكتفائها بآراء الرجال التبس عليها الحق بالباطل فجوزت على أحاديثه صلى الله عليه و سلم الصحيحة التي رواها أعدل الأمة وأصدقها أن تكون كذبا وجوزت على الأحاديث الباطلة المكذوبة المختلقة التي توافق أهواءها أن تكون صدقا فاحتجت بها قال ( 2 / 379 ) :
وإنما المتكلمون أهل ظلم وجهل يقيسون خبر الصديق والفاروق وأبي بن كعب بأخبار آحاد الناس مع ظهور الفرق المبين بين المخبرين فمن أظلم ممن سوى بين خبر الواحد من الصحابة وخبر الواحد من الناس في عدم إفادة العلم ؟ وهذا بمنزلة من سوى بينهم في العلم والدين والفضل . قال ( 2 / 379 ) :
سبب ادعائهم ( عدم إفادة حديث الآحاد العلم ) هو جهلهم بالسنة :
فإذا قالوا : أخباره صلى الله عليه و سلم وأحاديثه الصحيحة لا تفيد العلم فهم مخبرون عن أنفسهم أنهم لم يستفيدوا منها العلم فهم صادقون فيما يخبرون به عن أنفسهم كاذبون في إخبارهم أنها لا تفيد العلم لأهل الحديث والسنة . ( وقال 2 / 432 ) إذ لم يحصل لهم من الطرق التي
[ 69 ]
(1/69)
محب الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس