عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2018, 08:22 AM   #3
إداري
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
افتراضي رد: قصة واقعة في استجابة الدعاء بصالح العمل

قال العابري من ملتقى أهل الحديث متحدثا عن فوائد قيمة استنبطها من هذا الحديث ، حيث قال شكر الله له : إن الحمد لله، نحمده،ونستعينه،ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا،ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد : فهذه فوائد قيدتها،حول حديث النفر الثلاثة الذين دخلوا الغار فانطبقت عليهم الصخرة فدعو الله بصالح أعمالهم... ،جمعتها تذكرة لنفسي ولمن كان على شاكلتي،أشار بها علي من إشارته حكم،وأمره غُنم ،وقد سلكت فيها مسلكاً وعراً،وارتقيت مرتقاً صعباً لست و الله من أربابه!! ، حيث أني لم أنقل فيها شيئاً عن أحد من أهل العلم ، وإنما هي نتاج أفكاري وخاطري المكدود ،مع ضعف الآلة وقلة الدراية، وإنما حرصت على ذلك تنميةً لملكة الاستنباط، وتمرسا ودربة ً في هذا الباب الذي يتفاوت الناس فيه تفاوتاً بيناً . فما كان فيها من عبرة وفائدة فالحمد لله على فضله وإحسانه ، وإن كانت الأخرى فإن النصح والتصويب هو أعظم ما يُهدى إلي ويطيب به قلبي ، والحمد لله الذي بنعمته تمم الصالحات ، وهذا أوان الشروع في المقصود : عن أبي عبد الرحمان عبدِ الله بنِ عمرَ بن الخطابِ رضيَ اللهُ عنهما ، قَالَ : سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : (( انطَلَقَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ المَبيتُ إِلى غَارٍ فَدَخلُوهُ، فانْحَدرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ ، فَقالُوا : إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أنْ تَدْعُوا اللهَ بصَالِحِ أعْمَالِكُمْ . قَالَ رجلٌ مِنْهُمْ : اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوانِ شَيْخَانِ كبيرانِ ، وكُنْتُ لا أغْبِقُ قَبْلَهُمَا أهْلاً ولاَ مالاً ، فَنَأَى بِي طَلَب الشَّجَرِ يَوْماً فلم أَرِحْ عَلَيْهمَا حَتَّى نَامَا ، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُما نَائِمَينِ ، فَكَرِهْتُ أنْ أُوقِظَهُمَا وَأَنْ أغْبِقَ قَبْلَهُمَا أهْلاً أو مالاً ، فَلَبَثْتُ - والْقَدَحُ عَلَى يَدِي - أنتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُما حَتَّى بَرِقَ الفَجْرُ والصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَميَّ ، فاسْتَيْقَظَا فَشَرِبا غَبُوقَهُما . اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاء وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ ، فانْفَرَجَتْ شَيْئاً لا يَسْتَطيعُونَ الخُروجَ مِنْهُ . قَالَ الآخر : اللَّهُمَّ إنَّهُ كانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمّ ، كَانَتْ أَحَبَّ النّاسِ إليَّ - وفي رواية : كُنْتُ أُحِبُّها كأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النساءَ - فأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسِهَا فامْتَنَعَتْ منِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بها سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ فَجَاءتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمئةَ دينَارٍ عَلَى أنْ تُخَلِّيَ بَيْني وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَفعَلَتْ ، حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا - وفي رواية : فَلَمَّا قَعَدْتُ بَينَ رِجْلَيْهَا ، قالتْ : اتَّقِ اللهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إلاّ بِحَقِّهِ، فَانصَرَفْتُ عَنْهَا وَهيَ أَحَبُّ النَّاسِ إليَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أعْطَيتُها . اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابْتِغاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فيهِ ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا . وَقَالَ الثَّالِثُ : اللَّهُمَّ اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ وأَعْطَيْتُهُمْ أجْرَهُمْ غيرَ رَجُل واحدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهبَ، فَثمَّرْتُ أجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنهُ الأمْوَالُ، فَجَاءنِي بَعدَ حِينٍ ، فَقالَ : يَا عبدَ اللهِ ، أَدِّ إِلَيَّ أجْرِي ، فَقُلْتُ : كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أجْرِكَ : مِنَ الإبلِ وَالبَقَرِ والْغَنَمِ والرَّقيقِ ، فقالَ : يَا عبدَ اللهِ ، لاَ تَسْتَهْزِىءْ بي ! فَقُلْتُ : لاَ أسْتَهْزِئ بِكَ ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فاسْتَاقَهُ فَلَمْ يتْرُكْ مِنهُ شَيئاً . الَّلهُمَّ إنْ كُنتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحنُ فِيهِ ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ )) مُتَّفَقٌ عليهِ . الفوائد : (1) فيه جواز توسل المرء بعمله الصالح ، وأن هذا من التوسل الشرعي . (2) من تعرف على الله في الرخاء يعرفه في الشدة . (3) أن الابتلاء بالشدائد من سنة الله تعالى في عباده المؤمنين . (4) أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يخالف شرعنا . (5) أن القصص الحق يعد من أساليب التعليم النبوي . (6) فضل الدعاء وأنه من العبادات العظيمة . (7) لا ينجي حذر من قدر ، فهؤلاء الثلاثة دخلوا الغار لكي يأمنوا من طوارق الليل البهيم ، ويرتاحوا من وعثاء الطريق ، فأتاهم الأمر من حيث لم يحتسبوا . (8) امتن الله على عباده بخلق هذه الجبال ، وما فيها من منافع عظيمة للخلق ، ومن ذلك ما يوجد بها من هذه المغارات التي كان الناس ينزلونها للراحة والنوم ، أو التخفي من الأعداء كما في قصة هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة . (9) الإخلاص والصدق مع الله له عواقبه الحميدة . (10) المؤمن لا يعلق قلبه إلا بالله ، فهؤلاء تبرؤ من الحول والقوة ، بل حتى لم يحاولوا دفع الصخرة ويتكلوا على قوتهم ، أو يصرخوا ويستنجدوا بمن عساه يمر ، بل تعلقوا بالله وحده ، وأنزلوا حاجتهم به سبحانه . (11) على العبد أن يجتهد في إصلاح عمله ، وإيقاعه على الوجه الشرعي ، فهذا الذي ينفع بإذن الله . (12) تحويل هذه الصخرة العظيمة من مكان إلى آخر يدل على قدرة الله الباهرة . (13) من الحجارة والصخور من يهبط من خشية الله ، ويستجيب لأمره سبحانه ، فوا عجباً ممن بلغ في قسوة القلب والمشاقة لربه مبلغاً لم تصل إليه حتى الصخور الصماء!!. (14) فيه الرد على المستغيثين بغير الله من عباد القبور والأموات الذين يعظم شركهم عند الشدائد . (15) حسن ظن المؤمن بربه ، خصوصاً في مواطن الشدة . (16) فيه سلوة لأهل البلاء ، وأن لا يقنطوا من رحمة الله فإن فرج الله قريب . (17) فضل الرفقة الصالحة حيث اتفقت كلمتهم على دعاء الله ، وذكَّر بعضهم بعضاً في هذه المحنة . (18) لا بأس أن يخبر المؤمن بعمله الصالح إذا كان هناك مصلحة وفائدة . (19) إظهار الذل والفاقة عند دعاء الله يعد من أسباب إجابة الدعاء . (20) أن بر الوالدين يعد من أزكى الأعمال ، وأجل القربات . (21) يتعين حق الوالدين ويتأكد في مرحلة الكبر والشيخوخة لضعفهما وحاجتهما إلى من يقوم عليهما . (22) الأب والأم يجمعان في كلمة واحدة وهي ( الأبوان ) وهذا من باب التغليب كما يقال ( القمران ) ، ( العمران ) وهذا من لطائف اللغة وجمالها . (23) أن الرقيق ( العبيد والإماء ) يعدون من جملة المال الذي يملكه المرء ويتصرف فيه. (24) أن من بر الوالدين أن لا يتقدم عليهما في تناول الطعام . (25) نفقة الوالدين عند حاجتهما تكون في مال الولد فهي واجبة عليه . (26) حق الوالدين مقدم على حق الأولاد وحق الزوجة . (27) ومن بر الوالدين عدم إيقاظهما من النوم لما في ذلك الأذى وقطع الراحة عليهما . (28) فيه الحث على طلب الزرق والعمل المباح ، وهذا لا ينافي التوكل . (29) نفقة الدواب و إعلافها أمانة في عنق مالكها ، فلا يجوز له التفريط في ذلك . (30) عندما يعتاد الوالدان من ولدهما عادة حسنة ، فلا ينبغي له أن يخل بها أو يقصر فيها . (31) من عُرف ببر والديه ، والقيام عليهما ، ثم شغلته بعض العوائق التي لا يمكن دفعها ؛ فحصل منه نوع قصور في حق والديه ، وكان من نيته عدم الإخلال بحقهما ، فيرجى أن يعفى عن ذلك وأنه لا أثم عليه . (32) على المرء أن يبتغي في بره بوالديه وجه الله تعالى ، وليس على سبيل العرف والعادة ، أو خشية من كلام الناس . (33) على المسلم أن يحرص في بره مع والديه أن يصل إلى الكمال ، والمراتب العالية ، وينافس فيها ، حتى ولو رضي الوالدان منه بأقل مما يسعى إليه ويطمح في تحقيقه. (34) حرمان الأولاد من بعض أنواع الطعام لمصلحة راجحة – إذا لم يلحقهم بذلك ضرر – لا يعد من التفريط المذموم أو التقصير في النفقة . (35) بر الوالدين يحتاج إلى صبر و مصابرة ، فالنفوس الضعاف لا تطيقه . (36) من أساليب الدعاء الشرعية أن يصف العبد حالته وضعفه ، ويشكوا ذلك إلى الله تعالى . (37) إجابة الدعاء قد تتأخر لحكمة أرادها الله تعالى . (38) وجود أهل الصلاح والخير فيمن سبق من الأمم . (39) بر الوالدين مما تدعو إليه الفطر السليمة ، والأديان السماوية . (40) تعلق القلب بالنساء ، والهيام في الغرام والحب المحرم ؛ يوقع العبد في المنكرات العظيمة . (41) الشيطان يتدرج مع العبد حتى يوقعه في ورطات الأمور ،وعظائم الجرائم ، لذلك أمرنا ؛ أن لا نقرب الفواحش فضلاً عن أن نقع فيها . (42) الطعنة النجلاء ، وخيانة الأعراض قد تحصل من أقرب الناس ، لذلك سدت الشريعة كل المداخل التي قد تؤدي إلى هذه المصيبة العظمى . (43) لا يجوز التساهل فيما قد يحصل من بعض القرابات من علاقات محرمة ، أو أن تكسى لباس البراءة ، والحب العفيف !! ، فكم حصل من جراء ذلك من ويلات . (44) ضعف المرء أمام شهوات النفس ، وإغراءات الشيطان ، حتى تجعله أحياناً يقدم على ما فيه دناءة وخسة ، ومنافة للمروءة – مع جرمه وشدة حرمته - حتى ولو كان هذا مع ابنة العم ، نسأل الله العافية والسلامة . (45) الفقر والحاجة – مع ضعف الإيمان – قد تدفع المرء للوقوع في المحرمات ، وهل قامت سوق المومسات اليوم إلا بسبب الإغراءات المالية ، واستغلال فقر الناس ، مع ضعف الوازع الديني ، فنعوذ بالله من الفقر . (46) حرص الشيطان على أن يغلق على العبد أبواب الخير ، ويحول بينه وبينها ، فهذا الرجل بدلاً من أن يخطب ابنة عمه ويتزوجها ، راح يراودها عن نفسها . (47) فيه دليل على أن الوقوع في الفاحشة هو النتيجة الحتمية للحب المحرم ، وهو الترجمة الحقيقة لما في القلوب ، والفرج يصدق ذلك ويكذبه . (48) من تعلق قلبه بغير الله فإنه يبتلى بالتعلق بغيره ، فيذوق مرارة الرق والذل لغير الله ، فتعس عبد الدينار تعس عبد الخميلة : هربوا من الرق الذي خلقوا له فبلوا برق النفس والشيطان . (49) آثار المنكر وثماره المرة قد لا تظهر في حينها ، بل قد تتأخر سنوات ، فعلينا أن نحكم الأصول الشرعية والقواعد المرعية ، وأن نحذر من خطط أهل الباطل المرحلية . (50) ترك المعاصي خوفاً من الله ، وتعظيماً لحرماته ، هذا من الطاعات العظيمة . (51) خطورة الاستماع إلى المنكر والباطل وتعريض المرء نفسه للفتن ، فإنها قد تؤثر ولو بعد حين . (52) ضعف المرأة ، خصوصاً عند غياب الرقيب ، وتفريط الولي لها . (53) كانت و لازالت المرأة هي قطب رحى الفتن والشهوات ، و ما راجت قنوات الخنا والفساد اليوم إلا بسبب التفنن في عرض فتن النساء في مظاهر من العري القذر ، والتفسخ الأخلاقي المنحط ، حتى وصلوا إلى دركات مظلمة تترفع عنها حتى البهائم . (54) على العبد أن لا يتقاعس عن واجب النصيحة ، والتذكير بتقوى الله ، حتى ولو صدر منه تقصير وخطأ . (55) رب كلمة قالها المرء بصدق وإخلاص غيرت مجرى حياة عبد كان غارقاً في الآثام ، وجعلته – بعد توفيق الله – من أهل الصلاح والاستقامة . (56) فيه استحباب التكنية عن الأمور المستقبحة بما يفهم منه المراد ، حتى يعود المرء نفسه على عفة اللسان وطهارته . (57) شرف المرأة في عرضها – بعد تمسكها بدينها – لذلك كان حفظ الأعراض من الضروريات التي جاء بها الشرع ، فعلى المرأة أن لا تفرط في هذا العز المكين . (58) تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية ، لما في ذلك من المفاسد العظيمة . (59) الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل . (60) ترك المعصية بعد القدرة عليها خوفاً من الله ، وحياء منه ؛ هو الذي يؤجر عليه العبد ، أما من ترك المعصية لعدم قدرته عليها ، أو خوفاً من الخلق فهذا ليس مما نحن بصدده . (61) انظر كيف تغير التقوى النفوس ، وتداوي عللها ، بل ترتقي بها في مدارج الكمال والمعالي ، فهذا الرجل لم يمتنع عن المرأة بعد أن ذكّرته بالله فحسب ، بل ترك لها المال الذي كان يضغط عليها به . (62) من شروط قبول التوبة ؛ ترك الذنب مباشرة ، والإقلاع عنه . (63) يا سبحان الله العظيم ، هذا المال الذي طالما أغرى به هذا الرجل هذه المرأة ، حتى بقيت كلماته في نفسها لسنوات ، ثم جاءت تطلب هذا المال ، وقد تنازلت عن أعز ما تملك ، ثم لما تذكر الرجل ربه ، وآب إلى رشده ؛ هان عليه هذا المال في جنب الله ، وترك لها ، فالمال قد يكون وسيلة في الخير ، كما أنه قد يكون وسيلة في الشر،وله آثاره الوخيمة . (64) من ترك شيئاً لله عوض الله خيراً منه . (65) لا أنجع و لا أنفع للنفوس المريضة المثقلة بالذنوب والمعاصي من تقوى الله عز وجل ، والرجوع إليه ، فهي الترياق المجرب ، والدواء النافع بإذن الله تعالى . (66) التوبة قد تنزل على قلب العبد ، وتفتح أبوابه لها ؛ في لحظة لم تخطر له على بال ، فقد يروم فعل معصية في مكان ما ، ثم يصرفه الله عنها ، وييسر له أسباب التوبة بعد ذلك ، فكلمة واحدة جعلت هذا الرجل يقلع عن هذا الذنب الذي سعى إليه منذ سنوات ، و أين ؟ وهو جالس منها مجلس الرجل من زوجته ، فسبحان من قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء . (67) يجب على المصلح والداعي إلى الله أن لا يقنط ، وأن لا يدخله اليأس من انتشار المعاصي في الناس ، وأن لا يتعجل في الحكم عليهم بالهلاك ، لأن الله سبحانه قد يمن عليهم بالتوبة ، ويأتي بهم . (68) ومن فوائد هذا الحديث جواز الإجارة ، وأنها من المعاملات المباحة . (69) لا بد من إعطاء العمال أجرهم ، و لا تحل مماطلتهم به. (70) حفظ الحقوق ، وردها إلى أهلها ، يعد من حفظ الأمانة التي كلفنا بحملها وأداها . (71) ترك العامل حقه ، وعدم أخده ماله من أُجرة لا يعني تنازله عن حقه ، وتبرعه بالعمل ، إلا إذا ثبت يقيناً أنه أراد ذلك . (72) إذا اجتهد رب العمل في إنصاف العمال وإعطائهم حقوقهم ، ثم ترك أحدهم حقه ، أو هرب من العمل ، فلا يلحقه بذلك إثم و لا عيب . (73) المؤمن الصادق المتقي هو الذي يؤدي للناس ما لهم من حقوق ولا يخونهم . (74) الأخوة الإيمانية توجب للعبد أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، فهذا الرجل رأى من المصلحة تنمية أجر هذا العامل وله فيه خير ، فقام بذلك كما لو كان له . (75) على العبد إذا عمل المعروف والإحسان ألا ينتظر من الناس جزاءً أو شكورا ، بل يرجو ما عند الله ، فهذا الرجل قد تعب في حفظ هذا العامل وتنميته ، ثم لما جاء العامل أخذه كله ، ولم يترك له شيئاً ، بل حتى لم يقل له كلمة ثناء أو شكر . (76) الأصل أنه لا يجوز التصرف في مال الغير ، لكن إن تُصرف فيه لمصلحة راجحة فإن هذا موقوف على إجازة مالكه . (77) من أعظم ما يعين العبد على النجاة والسلامة من فتنة المال وهضم حقوق الغير ، مراقبة الله وتقواه ، وإلا فهذا العامل جاء فقط يطلب أجرته المحددة ، ولو دفع له صاحب العمل هذا المقدار لقنع واكتفى ، لكن مراقبة الله وخوفه جعلته يخلي بينه وبين هذا المال العظيم ، فما أصعب هذا الأمر وأشده على ضعاف الإيمان . (78) فيه أن الإبل والبقر والغنم من جملة الأموال . (79) جواز العمل في التجارة المباحة ، واستثمار الأموال بالطرق الشرعية . (80) بركة التجارة الصادقة حيث تضاعفت هذه الأجُرة إلى أضعاف كثيرة . (81) لم يذكر في الخبر نوع هذه التجارة مما يدل على أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة . (82) ما ينمو ويزيد من أموال الأمانات له حكم الأصل . (83) دل الخبر على أن مسألة الرق موجودة في الأمم السابقة . (84) التعامل بالدينار والدرهم ؛ يسفر عن أخلاق الرجال ، فقد تحمد رجلاً في ظاهره ، ثم لما تتعامل معه في الأموال تنفض يديك منه . (85) فيه التصديق بكرامات الأولياء وهذا من معتقد أهل السنة والجماعة . (86) لم يذكر في الخبر أسماء هؤلاء النفر لأنه ليس هناك كبير فائدة في معرفة ذلك فالعبرة فيما وقع منهم من أحوال وأفعال ، فعلى الداعي إلى الله أن يعظ الناس بما يفيدهم وينفعهم ، ويعرض عما لا طائل تحته . (87) في هذه الشدة ذكر كل واحد منهم عملاً صالحاً واكتفى به ، مما يدل أن المؤمن قد تكون له خبيئة من الأعمال الصالحة هي من أرجى أعماله عند الله تعالى ، وإن كان له غيرها . (88) المقصود من سرد هذه القصة هو أخذ العظة والعبرة . (89) في هذا الخبر دليل على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم حيث أخبر عن أمر مضى بوحي من الله تعالى . (90) كم في ثنايا المحن من المنح ، فهذه الكربة التي مرت بهؤلاء النفر صارت عظة للأمم من بعدهم ، يقتدي بهم أهل الإيمان في صالح أعمالهم . (91) في هذا الحديث لفتة إلى أن حق الوالدين مقدم على غيره ، ثم يأتي حق القرابات، ثم يأتي حق سائر الناس ، وهكذا جاء الحديث عندما ذكر كل رجل منهم قصته ، والله أعلم . هذا ما ظهر لي من الفوائد والعبر حول هذا الحديث العظيم ، فما كان منها من حق و صواب فمن الله الوهاب ، وما كان فيها من خطأ ووهم ونسيان فمن نفسي والشيطان ، واستغفر الله منه وأتوب إليه ، والحمد لله أولاً وأخيراً ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
محب الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس