لا شك أن مسألة الأخذ بالأسباب أمر مشروع ، لكن كأن البعض حينما تأتي مسألة الدعاء ، يضف إليها مسألة وجوب الأخذ بالأسباب الحسية ، وعنده إذا لم تقم بالسبب الحسي لن تنال مرادك ؟ يعني إذا دعوت لن تنال مرادك إلا إذا فعلت السبب ؟
ثم يستدل بحديث لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا .

ثم يقول لا حظ أن الطير هنا بذلت جهدا وسببا تغدو وتروح ولم تجلس فقط

وكلامه جميل جدا بلا شك لأنه أمر مشروع وهي بذل أسباب أخرى

لكن ألا نقول أن الدعاء هو سبب بذاته
فإن قال لا

نقول كيف تجيب عن هذه النصوص التي تنص على أن الدعاء بذاته إن استجيب لك فستنال مرادك ، وأن التقوى بذاتها سبب في تيسر الأمور .

مثال
عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِيَّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي ، فَقَالَ : " إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَافِيَكِ " ، فَقَالَتْ : أَصْبِرُ ، قَالَتْ : إِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّهَ أَلا أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا " . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

فقوله صلى الله عليه وسلم إن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك ..
دليل على أن الدعاء بذاته سبب في الشفاء ونيل المراد وتيسر الأمور والنجاة من المكروب وإن لم تفعل سبب بذاته ، فهنا نص على الدعاء فقط ولم ينص على بذل أسباب التطبب وإن كان الأمر مشروع بلا أدنى شك ، لكن المقصد أن الدعاء سبب بذاته .


حدثنا أبو بكر بن عياش عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن # أبي هريرة # قال : أصاب رجلا حاجة فخرج إلى البرية , فقالت امرأته : اللهم ارزقنا ما نعتجن و ما نختبز , فجاء الرجل و الجفنة ملأى عجينا , و في التنور حبوب الشواء , و الرحى تطحن , فقال : من أين هذا ? قالت : من رزق الله , فكنس ما حول الرحى , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو تركها لدارت أو طحنت إلى يوم القيامة “
أنظر سلسلة الألباني الصحيحة ...


مدارسة فقط ، وتساؤل دائما يتردد في ذهني