عرض مشاركة واحدة
قديم 04-19-2011, 06:32 PM   #126
داعية مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المغرب/الدار البيضاء
المشاركات: 443
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أبو عبد البر طارق دامي
افتراضي رد: في كل مرة ثلاث فوائد

357- التحفظ من حركة اللسان أصعب من التورع عن الحرام


قال ابن القيم :

ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والإحتراز من أكل الحرام ، والظلم ، والزنا والسرقة ، وشرب الخمر ، ومن النظر المحرم ، وغيرذلك , ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه ، حتى يري الرجل يشار إليه بالدين ، والزهد ، والعبادة ، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقى لها بالا ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد ما بين المشرق والمغرب .

وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري فى أعراض الأحياء والأموات ولا يبالى مايقول
وإذا أردت أن تعرف ذلك فأنظر إلى ما رواه مسلم فى صحيحه من حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال رجل : والله لا يغفر الله لفلان ، فقال الله عز وجل : من ذا الذي يتألى علىّ أني لا أغفر لفلان ؟ ، قد غفرت له وأحبطت عملك ) .
فهذا العابد الذي قد عبد الله ما شاء أن يعبده أحبطت هذه الكلمة الواحدة عمله كله .

الداء و الدواء/ علي حسن/ 244/ دار ابن الجوزي

358- هل يكتب علينا كل ما نقوله؟

قال ابن رجب:
واختلفوا : هل يكتب كل ما يتكلم به ، أو لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب ؟ على قولين مشهورين . وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر حتى إنه ليكتب قوله : أكلت وشربت ذهبت وجئت ، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر ما كان فيه من خير أو شر ، وألقى سائره ، فذلك قوله تعالى : يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب [ الرعد : 39 ] .

وعن يحيى بن أبي كثير ، قال : ركب رجل الحمار ، فعثر به ، فقال : تعس الحمار ، فقال صاحب اليمين : ما هي حسنة أكتبها ، وقال صاحب الشمال : ما هي سيئة فأكتبها ، فأوحى الله إلى صاحب الشمال : ما ترك صاحب اليمين من شيء ، فاكتبه ، فأثبت في السيئات " تعس الحمار " .

وظاهر هذا أن ما ليس بحسنة ، فهو سيئة ، وإن كان لا يعاقب عليها ، فإن بعض السيئات قد لا يعاقب عليها ، وقد تقع مكفرة باجتناب الكبائر ، ولكن زمانها قد خسره صاحبها حيث ذهبت باطلا ، فيحصل له بذلك حسرة في القيامة وأسف عليه ، وهو نوع عقوبة .

وخرج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه ، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار ، وكان لهم حسرة .

جامع العلوم و الحكم/ 150/ شرح من كان يؤمن بالله و اليوم اللآخر..الحديث

359- ما الأفضل السكوت أو الكلام ؟


وأيسر حركات الجوارح حركة اللسان وهي أضرها على العبد .

واختلف السلف والخلف هل يكتب جميع ما يلفظ به أو الخير والشر فقط ؟ على قولين أظهرهما الأول .

وقال بعض السلف : كل كلام ابن آدم عليه لا له ، إلا ما كان من الله وما والاه ،
وكان الصديق - رضي الله عنه - يمسك على لسانه ويقول : هذا أوردني الموارد ،
والكلام أسيرك ، فإذا خرج من فيك صرت أنت أسيره ، والله عند لسان كل قائل : ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد .

وفي اللسان آفتان عظيمتان ، إن خلص العبد من إحداهما لم يخلص من الأخرى :
آفة الكلام ،
وآفة السكوت ،
وقد يكون كل منهما أعظم إثما من الأخرى في وقتها ، فالساكت عن الحق شيطان أخرس ، عاص لله ، مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه ،
والمتكلم بالباطل شيطان ناطق ، عاص لله ،
وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته فهم بين هذين النوعين ، وأهل الوسط - وهم أهل الصراط المستقيم - كفوا ألسنتهم عن الباطل ، وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة ، فلا ترى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة ، فضلا أن تضره في آخرته ، وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال ، فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها ، ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به .

الداء و الدواء/ علي حسن/ 248/ دار ابن الجوزي
أبو عبد البر طارق دامي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس