عرض مشاركة واحدة
قديم 10-30-2011, 08:28 AM   #7
إداري
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
افتراضي رد: تبصير الناسك بأحكام المناسك ( تشمل عامة أحكام الحج مختصرة محررة ) للشيخ وليد السعيدان

مسألة :- واعلم رحمك الله تعالى أن من جامع ناسياً فلا شيء عليه في أصح قولي أهل العلم رحمهم الله تعالى وذلك لأن النسيان من موانع التكليف وقد تجاوز الله عن هذه الأمة النسيان, وقد تقدم لنا أن محظورات الإحرام لا يترتب أثرها إلا بذكر وعلم وإرادة واختاره الشافعي في الجديد ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحم الله الجميع رحمة واسعة . واختاره صاحب الفائق واستظهره ابن مفلح في الفروع . واعلم رحمك الله تعالى أن الجماع المفسد للحج هو التقاء الختانين الموجب للحد والغسل واعلم أرشدك الله لطاعته أن الإتيان في الدبر كالجماع في إفساد الحج كما هو قول جماهير أهل العلم رحم الله الجميع رحمة واسعة, وهو الحق بلا ريب, واعلم أيضاً أن الأظهر أن الزنا والعياذ بالله تعالى يعطى حكم جماع الزوجة في ذلك, أي أنه إذا حصل قبل الوقوف بعرفة فإنه يفسد الحج, واعلم أيضاً أن الصحيح في تفريق الزوجين ليس في السنة كلها وإنما هو في حجة القضاء فقط, واعلم أيضاً أن الأظهر أن التفريق يبدأ من حيث الإحرام كما هو مذهب مالك ورواية عن الإمام أحمد, واعلم أن التفريق هذا من الأمور المستحبة على القول الصحيح لأنه من باب الاحتياط وقد قال به عمر بن الخطاب وعثمان وابن عباس وسعيد بن المسيب والثوري وإسحاق وابن المنذر وعطاء والنخعي وأصحاب الرأي وغيرهم, فليس هو بدعاً من القول كما سمعته من بعض الطلبة – هداه الله تعالى ووفقه لكل خير – واعلم رحمك الله تعالى أن الصحيح المُكْرِهَة على الجماع أنه لاشيء عليها والإثم والتبعة على من أكرهها, ذلك لأن الإكراه من موانع التكليف وقد تقرر في القاعدة السابقة أن محظورات الإحرام لا تؤثر إلا بذكرٍ وعلمٍ وإرادة . وأما إذا كانت مطاوعة عالمة فالأظهر أن كل واحدٍ منهما عليه ما يلزم المجامع, فحجه فاسد وحجها فاسد وعليه القضاء وعليها القضاء وعليه المضي فيه وعليها المضي فيه وعليه بدنة وعليها بدنة أخرى, هذا هو الراجح وهو مذهب مالك وأحد قولي الشافعي وبه قال النخعي والله تعالى أعلى وأعلم .
مسألة :- اعلم رحمك الله تعالى أن مقارفة هذه المحظورات بالشروط السابقة لها آثار تترتب عليها, فجميعها تتفق في أن مقارفتها من الذنوب التي توجب التوبة والاستغفار والندم على هذه المقارفة والعزم على عدم العودة إلى مثل هذه المقارفة, ولكن هناك آثار أخرى تختلف بين محظور ومحظور, فأما حلق الرأس وتغطية الرأس ولبس المخيط فإن العبد إذا قارفها عالماً ذاكراً مريداً فإن فيها فدية الأذى والمراد بها ذبح شاة, أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع, والأصل في ذلك قوله تعالى  فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك  وفي الصحيحين من حديث كعب بن عجرة  أنه قال:- حملت إلى رسول الله  والقمل يتناثر على وجهي فقال (( ماكنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى أتجد شاة؟ )) فقلت:- لا, فقال (( صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع))"متفق عليه" والحديث له ألفاظ في الصحيحين هذا مؤداها, وبناءً عليه فقد قرر أهل العلم رحمهم الله تعالى هذا الضابط الذي يقول:- فدية الأذى على التخيير بين الذبح والصيام والإطعام, كذا قالوا, رفع الله نزلهم في الفردوس الأعلى, وهذا هو المذهب وعليه الأصحاب أن من فعل محظوراً من هذه المحظورات الثلاثة من الحلق أو تغطية الرأس أو لبس المخيط بالشروط السابقة فإنه مخير بين هذه الخصال الثلاث, وليس هو مذهب الأصحاب فقط بل هو قول الجمهور, والجامع في هذه الثلاثة أنها مما يحصل بها الترفة, فلما اتفقت في العلة اتفقت في الحكم لأن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات ولا تجمع بين المختلفات ويلحق بهذه الثلاثة أيضاً الطيب وتقليم الأظافر, فصارت خمسة أشياء, فمن حلق رأسه فعليه فدية الأذى بالتخيير بين هذه الخصال الثلاث, ومن غطى رأسه فعليه فدية الأذى بالتخيير بين هذه الأشياء الثلاثة ومن لبس المخيط فعليه فدية الأذى بالتخيير بين هذه الخصال الثلاث ومن تطيب فعليه فدية الأذى بالتخيير بين هذه الخصال الثلاث ومن قلَّم أظافره فعليه فدية الأذى بالتخيير بين هذه الخصال الثلاث فهذه المحظورات الخمسة تجب فيها التوبة ويجب فيها فدية الأذى بالتخيير بين هذه الخصال الثلاث, وأما الصيام فله أن يصوم في أي مكان شاء وهذا بإجماع أهل العلم - أعني في الصيام في أي مكان- أفاده الشيخ الشنقيطي وبناءً عليه فلا يشترط أن يكون بمكة بل لو صام بعد رجوعه إلى بلده جاز لكن الأفضل له التعجل بها لأن النبي  أخرج هذه الكفارات بصيغة الأمر فقال (( اذبح شاة )) وقال (( صم ثلاثة أيام )) وقال (( أطعم ستة مساكين )) وقد تقرر في الأصول أن المجرد عن القرينة يفيد الفورية، ولأن الإنسان لا يدري ما يعرض له, ولأن هذا من المسارعة في تبرئة الذمة, ولأنه من تعظيم شعائر الله تعالى, ولأنها تتعلق بمحظور فعل في الحج فناسب أن تكون في أزمانه ومكانه وهذا من باب الأفضل لكن لو أخره إلى الرجوع إلى بلده فلا حرج في أصح قولي أهل العلم, وأما الإطعام فيكون من معتاد قوت البلد, بل الأفضل له في الإطعام أن يطعم مأكولاً جاهزاً مع أدمه واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى, وقال:- وهو أفضل من أن يعطيه قمحاً أو شعيراً وكذلك في سائر الكفارات إذا أعطاه مما يقتات به مع أدمه فهو أفضل من أن يعطيه حباً مجرداً ا.هـ. والقاعدة المعتمدة في ذلك العرف وقد تقرر في القواعد أن العادة محكمة, فيطعم كل مما يطعمون أهليهم, وبه تعلم أن ماورد في بعض روايات حديث كعب بن عجرة من أمره  له أن يطعم فرقاً بين ستة وفي بعضها بتمر إنما هو جار على العرف المعتمد عندهم في زمنهم لأن التمر هو معتاد قوتهم, أفاده شيخ الإسلام ابن تيمية رفع الله نزله وأعلا درجته, وجزاه الله تعالى خير ما جزى عالماً عن أمته, والأظهر عندي والله تعالى أعلى وأعلم أن الإطعام لا يلزم فيه أن يكون لمساكين الحرم بل لو أطعم غير مساكين الحرم فلا بأس إن شاء الله تعالى وكذلك الذبح لا يلزم أن يكون في الحرم, وبرهان ذلك أن حديث الفدية إنما ورد فيه (( النسك شاة أو صم ثلاثة أيامٍ أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع )) فنسك الشاة ورد مطلقاً والصوم ورد مطلقاً والإطعام ورد مطلقاً وقد تقرر في الأصول أن الأصل هو بقاء المطلق على إطلاقه ولا يقيد إلا بدليل, وتقرر أيضاً أن الأصل عدم القيد والأصل هو البقاء على هذا الأصل حتى يرد الناقل ولا أعلم دليلاً من الكتاب ولا من السنة ولا من الإجماع ولا من القياس المعتبر الصحيح يوجب أن يكون هذا الذبح وهذا الإطعام في الحرم لأن هذا قيد والأصل فيه العدم, ولأنه شرط والأصل في الاشتراط التوقيف ولأنه إثبات لحكم شرعي والأصل أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للدليل الصحيح الصريح, واختار هذا القول الشيخ الشنقيطي, وأما الصيام فقد ذكرت لك أن العلماء أجمعوا على جوازه في كل مكان, وبناءً عليه فأقول اختصاراً:- الصيام جائز في كل مكان بالإجماع والأظهر أن النسك والصدقة كذلك, وهذا هو الأوسع على الناس والله أعلم .
مسألة :- وأما الصيد فالواجب فيه هو ما ذكره الله تعالى بقوله  ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدلٍ منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مسكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره ... الآية  قال الناظم :-
وهذه الخصال قُرنت بـ(أو) وقد تقرر في حروف المعاني أنها للتخيير وهذا أحد معانيها وبناءً عليه فقد قرر الفقهاء هذا الضابط ( فدية الصيد على التخيير بين ذبح المثل أو الإطعام أو الصيام ) وهذه المثلية المذكورة في الآية نوعان:- نوع قد ورد فيه الأثر المرفوع أو الموقوف, فهذا النوع لا ينبغي لنا تجاوزه, ولا خيار لنا في تغييره أو تبديله ونوع لا نص فيه ولا أثر فهذا يرجع فيه إلى حكم العدلين العارفين بما يماثله من النعم والمراد بالنعم أي الإبل والبقر والغنم, هذا إن أراد أن يذبح المثل من النعم, وأما إذا شاء الإطعام, فيكون هذا الإطعام مقدراً بقيمة هذا المثل لا بقيمة الصيد, ويكون تقديره بمحل التلف أو ما قاربه كذا نص عليه الفقهاء ذلك لأن قيمة هذه الأنعام تختلف من محل إلى محل, فإذا عرف قيمة المثل فإنه يشتري به طعاماً ويطعمه المساكين, لكل مسكين نصف صاع, فإن لم يرد ذبح المثل ولا الإطعام وأراد الصيام, فله ذلك لكن لابد من معرفة قيمة المثل, ثم تقديرها بالدراهم ثم ننظر كم يشترى بهذه الدراهم من صاع؟ ثم يصوم عن كل نصف صاع يوماً, فهذا هو المراد بقوله تعالى  أو عدل ذلك صياماً  فإذا كانت دراهم المثل يشترى بها ستة عشر صاعاً فعليه أن يصوم اثنين وثلاثين يوماً, وإذا كانت دراهم المثل يشترى بها خمسين صاعاً فعليه أن يصوم مئة يوم لأن الصاع الواحد بيومين, وعلى ذلك فقس والأصح أنه يصوم عن كل نصف صاع يوماًَ ولو بلغت الأيام بالمئتين, ولا كلفة في ذلك لأن الفدية هذه مبناها على التخيير في أصح قولي أهل العلم رحمهم الله تعالى, واعلم رحمك الله تعالى أن هذا الذبح لا يكون إلا في الحرم وذلك لأمرين:- أحدها:- أن الله تعالى سماه هدياً ومن المتقرر أنه لا هدي إلا في الحرم, الثاني:- أن الله تعالى قال  بالغ الكعبة  وهذا واضح . واعلم رحمك الله تعالى أن أنه إن أراد الإطعام أو الصيام فإنني لا أعلم دليلاً تطمئن النفس إليه في لزوم أن يكونوا من مساكين الحرم, أو أن يصوم عدداً من أيام الكفارة في الحرم, وحيث لا دليل يوجب ذلك فلو أطعم غير مساكين الحرم فلا بأس إن شاء الله تعالى, ومن قال غير ذلك فليتحفنا بالدليل الموجب لذلك فإن رأيناه صالحاً للاعتماد قلنا به وتركنا ما رجحناه هنا ولا نتأخر في ذلك طرفة عين إن شاء الله تعالى فإن الحق ضالتنا والله المستعان والله أعلى وأعلم .
مسألة :- وأما عقد النكاح فلا فدية فيه, لأنه لم ينص عليه في الأدلة بفدية, ولكن قدمنا لك سابقاً أن العقد فاسد والله أعلم .
مسألة :- وأما الجماع فقد قدمنا لك أنه إن كان قبل الوقوف بعرفة فإنه يفسد الحج بالإجماع ويوجب البدنة, وعلى ذلك نص كثير من الصحابة وكذلك القول الراجح فيما إذا حصل الجماع قبل التحلل الأول فإنه يفسد الحج وهو قول الجمهور والمفتى به عندنا ويوجب البدنة أيضاً, وأما إذا حصل الجماع بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني فإنه لا يفسد الحج على الصحيح وفديته شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة, قال ابن باز رحمه الله تعالى:- من جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني فعليه وعلى زوجته إن كانت مطاوعة شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة ومن عجز عنها صام عشرة أيام ا.هـ. والله أعلم .
مسألة :- وأما المباشرة دون الفرج فإن المحرم إذا باشر دون الفرج فأنزل في حجه لا يفسد لعدم الدليل وهو مذهب الجمهور وعليه بهذا الإنزال بدنة وهو مذهب الجمهور أيضاً, وأما إذا لم ينزل فعليه حينئذٍ فدية أذى, وهو مذهب الجمهور والله تعالى أعلى وأعلم.
مسألة :- هذه بعض الترجيحات في بعض المسائل الخلافية التي تخص هذه المحظورات فأقول:- الراجح أنه يجوز للمحرم لبس الهميان وهو الحزام الذي يشده على وسطه لحفظ النفقة لأنه ليس من المخيط ولم يرد في شأن تحريمه نص والأصل عدم التحريم والراجح أن من كرر شيئاً من هذه المحظورات قبل إخراج الفدية في الفعل الأول أجزأ عن الجميع كفارة واحدة لأن المتقرر أن من كرر محظوراً من جنس واحد وموجبه واحد أجزأ عن الجميع فعل واحد مالم يخرج موجب الأول. وهذا يدخل تحت قاعدة تداخل الكفارات, والراجح أن المحرم يجوز له أن يغتسل أثناء الإحرام وله أن يبدل ثياب إحرامه بثيابٍ جديدة ففي حديث عبدالله بن حنين عن (( عبدالله بن عباس رضي الله عنهما والمسور بن مخرمة أنهما اختلفا بالأبواء فقال ابن عباس:- يغسل المحرم رأسه وقال المسور لا يغسل المحرم رأسه فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري أسأله عن ذلك فوجدته يغسل رأسه بين القرنين وهو يستتر بثوبٍ قال:- فسلمت عليه فقال:- من هذا؟ فقلت:- أنا عبدالله بن حنين أرسلني إليك ابن عباس أسألك كيف كان رسول الله يغسل رأسه وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال لإنسان يصب, فصب على رأسه بيديه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ثم قال:- هكذا رأيت رسول الله  يفعل ))"متفق عليه" وقد تقرر لنا سابقاً أن محظورات الإحرام على التوقيف ولم يرد دليل صحيح في المنع من اغتسال المحرم,والأصل العدم, والراجح أن المحرم يجوز له الاحتجام, ولو كان في رأسه ولو أدَّى ذلك إلى إزالة بعض الشعر عن مكان الحجامة, برهان ذلك مارواه البخاري ومسلم عن أبي بحينة (( أن النبي  احتجم بطريق مكة وهو محرم وسط رأسه )) وفيهما من حديث ابن عباس (( أن النبي  احتجم وهو محرم )) والراجح أنه يجوز له استعمال الحناء في رأسه وبدنة لأنه ليس من الطيب, والراجح جواز استعمال الصابون المعطر لأنه ليس طيباً ولا يسمى مستعمله متطيباً وإنما فيه رائحة حسنة فلا يضره إن شاء الله تعالى وإن تركه تورعاً فقد أحسن والراجح أنه يجوز له عقد الرداء ولا فدية في ذلك والراجح أنه يجوز له لبس الساعة والخاتم والمرآة في عينيه والسماعة في أذنيه, ويجوز له لبس تركيبة الأسنان في فمه لعدم الدليل المانع, والأصل عدم التحريم, والراجح أن قتل الصيد لا فدية فيه إلا بالتعمد لقوله تعالى  فمن قتله منكم متعمداً  وهذا الشرط لا ينبغي إهماله وكل قياس يخالفه فهو باطل لأن المتقرر أن القياس المصادم لنص فاسد الاعتبار, والراجح أنه إن صال عليه صيد ولم يندفع إلا بقتله فله أن يقتله مجاناً أي لا شيء عليه لأن المتقرر أن من أتلف شيئاً لدفع ضرره لم يضمنه. والراجح أنه لو نبتت شعرة في جفنه واسترسلت على عينه فآذته فله نزعها ولا شيء عليه, والراجح أنه لو انقشرت جلدة من جسده وعليها شعر فله قلعها واستئصالها ولا شيء عليه لأنه لم يقصد إزالة ما عليها من الشعر وإنما زال الشعر معها تبعاً وقد تقرر أن التابع تابع, والراجح أن ما باشر المحرم صيده فإنه لا يجوز لغيره أكله لأنه بمنزلة الميتة, والراجح أن المحرم لا يجوز له تغطية وجهه لأنه قد ورد في بعض الروايات من سقط عن راحلته فوقصته فمات (( ولا تخمروا وجهه ولا رأسه )) وهي زيادة من ثقة وردت من طريق صحيح لم يخالف بها الثقات وقد تقرر في القواعد أن الزيادة من الثقة مقبولة مالم يخالف الثقات, والذين لم يذكرونها من الثقات لم يحفظوها ومن ذكرها فقد حفظها وقد تقرر في الأصول أن من حفظ حجة على من لم يحفظ. والراجح أنه لا يلزم التتابع في صيام فدية الأذى ولا في فدية صيام الصيد إن اختار الصيام لعدم الدليل, ولأن الصيام ورد مطلقاً والأصل بقاء المطلق على إطلاقه ولا يقيد إلا بدليل, والراجح أنه لا يجوز في فدية الصيد إخراج قيمة المثل هكذا نقوداً بل لابد من الإطعام لأن النص يقول: أو كفارة طعام مساكين  ولا يجوز مجاوزة المنصوص إلى غيره بالقياسات التي ماأنزل الله بها من سلطان, والراجح أنه لا يفسد حج من أكرهت على الجماع, والراجح أن من قطع شجر الحرم عالماً ذاكراً فإنه آثم تجب عليه التوبة ولكن لا فدية في ذلك, والراجح أن فدية الحلق والتقليم لا تجب إلا إذا أخذ الأكثر منه أي إذا حلق أكثر رأسه أو قلًَّم أكثر أظافره وجبت الفدية وأما إذا أخذ شعرة أو شعرتين أو ثلاث, أو قلَّم ظفراً أو ظفرين أو ثلاثة فلا يظهر لي إيجاب شيء عليه لاسيما وقد ثبت أنه  احتجم في وسط رأسه ومن لوازمها أخذ شيء من الشعر لكنه جزء يسير لا يحصل به الترفه وإزالة الأذى, فالأقرب في ذلك تقييده بالأكثر, والراجح أن من احتاج إلى الحلق أو تغطية الرأس أو تقليم الأظافر فله ذلك ولكن عليه الفدية اللازمة ومجرد الحاجة لها لا تسقطها لحديث كعب بن عجرة فإنه كان محتاجاً لحلق رأسه ومع ذلك فقد أوجب عليه النبي  الفدية, ولو كانت تسقط بالحاجة لسقطت عن كعب, والراجح جواز إخراج الفدية بعد تحقق سببها وقبل شرط وجوبها, ونعني بالسبب أي إذا تحققت الحاجة الداعية لها, ونعني بشرط وجوبها أي فعل المحظور, فمن احتاج إلى حلق رأسه فيجوز له إخراج الفدية قبل الحلق ومن احتاج إلى تغطية رأسه فيجوز له إخراج الفدية قبل التغطية وذلك لأن المتقرر في القواعد أن العبادة إذا كان لها سبب وجوب وشرط وجوب, فإنه يجوز فعلها بعد سبب وجوبها وقبل شرط الوجوب وقد شرحنا هذه القاعدة في تلقيح الأفهام . والحق أنه يجوز للمحرم أن يظلل رأسه بعصا فيها ثوب أو بالمظلة المعروفة اليوم, أو يضع الثوب على يديه ويرفعهما عالياً حتى تظلل رأسه عن حرارة الشمس, هذا كله جائز على الراجح ولا فدية فيه وقد ثبت أنه  ظلل عليه بثوب يقيه الحر وهو يرمي جمرة العقبة, وأما الاستظلال بالخباء والقبة المضروبة والفسطاط ونحوها فهذا لا خلاف بين أهل العلم فيه. والراجح المحرم إذا حمل متاعه على رأسه فلا شيء عليه, مالم يقصد حقيقة التغطية لأن الأمور بمقاصدها, والله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, والراجح أن العصفر ليس بطيب, والراجح جواز نظر المحرم في المرآة, ومن منعه فلا حُجة معه والله يغفر له, والراجح أنه يجوز للمحرم مشط شعره وتسريحه إذ لا دليل يمنع, وإن سقط منه شيء فهو شعر ميت لا حكم له, والراجح أن من قتل القمل لا شيء فيه لعدم الدليل, والعجب ممن أوجب فيه شيئاً, بل لو قصد أخذها وقتلها فلا شيء عليه وأما حديث كعب فإن القمل في رأسه كان كثيراً جداً بحيث لا يذهب ضرره إلا بالحلق بدليل قوله (( حملت إلى رسول الله )) وهذا يدل على أنه مرض من هذا القمل لكثرته, ويؤيد هذا قوله (( وكان القمل يتناثر على وجهي )) وكذلك قوله  له (( ماكنت أرى الجهد بلغ بك ماأرى )) فهذا دليل على كثرته, وبالجملة فإنه لا دليل يصح في أن من قتل قملة أو عدداً من القمل فعليه كذا وكذا, هذا مالا دليل عليه, فإن قلت:- ألم يوجب النبي  على كعب أن يفدي لما أزال القمل؟ فأقول:- نعم أوجب عليه الفدية لكن العلة ليست هي ذهاب القمل وإنما لأنه حلق الشعر فلا تخلط بين الأمرين, والراجح أن المحرم يجوز له الفصد وربط الجرح وقلع الضرس والختان وقطع العضو ووضع الجبيرة على المحل المحتاج لها ولا شيء في هذا, لعدم المانع وقد قدمنا أن محظورات الإحرام توقيفية, وأما تضميد العين بالصبر الذي لا طيب فيه للحاجة الداعية لذلك فلا خلاف بين أهل العلم في جوازه. وأنه لا فدية فيه, وكذلك قد أجمعوا على إنه إن دعته الضرورة إلى تضميد العين ونحوها بما فيه طيب أن ذلك جائز وعليه الفدية. وأجمع أهل العلم على جواز الاستياك للمحرم وإن خرج بسببه دم من فمه فلا شيء عليه, والراجح أن النعناع ليس من الطيب, والراجح أن المحرم يجوز له استعمال العصفر لأنه ليس من الطيب, والأقرب إن شاء الله تعالى أن إتلاف البيض فيه القيمة أي قيمة البيض, واختاره الشنقيطي, وهو قول أكثر العلماء وسيأتي كثير من الترجيحات إن شاء الله تعالى في أثناء المسائل الآتية بإذن الله تعالى.
مسألة :- اعلم رحمك الله تعالى أن التلبية في المناسك سنة مؤكدة, وتبدأ من حين الإهلال بالحج أو العمرة, ويسن أن يرفع بها الرجل صوته وأما المرأة فبقدر ماتسمعها من بجوارها ويسن الإكثار منها في كل أحوال الحاج قائماً وقاعداً وعلى جنبٍ وماشياً وعند لقاء الأصحاب وتفرقهم وفي الصعود والنزول وغير ذلك, وصفتها أن يقول ( لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ) لحديث جابر في صفة حج  , وقد أجمع المسلمون على لفظ التلبية المذكور, ولكن اختلفوا في الزيادة عليه بألفاظ فيها تعظيم الله ودعاؤه. والراجح من هذا الخلاف أن الأفضل الاقتصار على ذلك والاقتداء بالنبي  لأن الله تعالى يقول  لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة  وقال عليه الصلاة والسلام (( لتأخذوا عني مناسككم )) وإن زاد أحياناً على ذلك فلا بأس ودليل ذلك مافي الصحيحين من حديث سالم عن حمزة ابني عبدالله بن عمر  وكذلك عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر أنهم لما ذكروا التلبية باللفظ السابق قالوا:- وكان عبدالله بن عمر يقول (( لبيك لبيك, لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل )) وفي الصحيح أيضاً أن ابن عمر قال:- كان عمر بن الخطاب يهل بإهلال النبي  من هؤلاء الكلمات ويقول (( لبيك اللهم لبيك, لبيك وسعديك والخير في يديك لبيك والرغباء إليك والعمل )) وقال أبو داود في سننه:- حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا جعفر قال حدثنا أبي عن جابر بن عبدالله قال (( أهلَّ رسول الله  - فذكر التلبية مثل حديث ابن عمر - قال:- والناس يزيدون ( ذا المعارج ) والنبي  يسمع فلا يقول شيئاً ))"حديث صحيح" وروى عنه  أنه قال في تلبيته (( لبيك إله الحق )) كما روى أحمد والنسائي وابن خزيمة وابن حبان من طريق عبدالعزيز بن أبي سلمة عن عبدالله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة به, وقلنا:- إن الرجل يرفع صوته بها لما رواه أبو داود في سننه قال:- حدثنا القعبني عن مالك عن عبدالله بن أبي بكر عن محمد بن عمرو بن حزم عن عبدالملك بن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام عن خلاد بن السائب الأنصاري عن أبيه أن رسول الله  قال (( أتاني جبريل  فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال )) أو قال (( بالتلبية )) يريد أحدهما"حديث صحيح" واعلم أنه لا تشرع التلبية لغير المحرمين, كما يفعله بعض أهل البلاد, ذلك لأن هذه عبادة مؤقتة بوقت ولا دليل يفيد مشروعيتها لأهل الأمصار والأصل في العبادات التوقيف, فأما المتمتع فيستمر في التلبية إلى أن يبدأ في الطواف فإذا فرغ من عمرته وحل, فلا تلبية حتى يعود فيحرم بالحج ويستمر في التلبية حتى يرمي جمرة العقبة, وأما المفرد والقارن فيستمران في التلبية إلى رمي الجمرة, فإذا بدأ في الرمي فإنه يقطع التلبية ودليل ذلك ماثبت في صحيح مسلم من حديث الفضل بن العباس رضي الله عنهما وكان رديف النبي  في حجة الوداع من مزدلفة إلى منى قال (( إن رسول الله  لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة )) وفي لفظ لمسلم (( لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة )) وأيضاً لأنه حال رمي الجمرة سيكون منشغلاً بالتكبير مع كل حصاة. وقد اتفق أهل العلم رحمهم الله تعالى على مشروعية التلبية في المسجد الحرام ومسجد الخيف بمنى ومسجد نمرة بقرب عرفات, لأن هذه هي مواضع المناسك. فلا بد من أن تعمر بالتلبية.
مسألة :- وهي أم المسائل في هذه الكتابة وهي سياق حجة النبي  كما رواها جابر ابن عبدالله رضي الله عنهما أنقلها لك بلفظها من صحيح مسلم ثم أذكر بعدها بعض ما استخرجه أهل العلم منها من فوائد فأقول:- قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه:- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعاً عن حاتم, قال أبو بكر حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال:- دخلنا على جابر ابن عبدالله رضي الله عنهما فسأل القوم حتى انتهى إلي, فقلت:- أنا محمد بن علي بن الحسين فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى ثم نزع زري الأسفل ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذٍ غلام شاب فقال:- مرحباً بك ياابن أخي, سل عما شئت, فسألته وهو أعمى وحضر وقت الصلاة فقام في نساجه ملتحفاً بها كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها ورداؤه إلى جنبه على المشجب فصلى بنا فقلت:- أخبرني عن حجة رسول الله  فقال بيده فعقد تسعاً فقال:- إن رسول الله  مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله  حاج, فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله  ويعمل مثل عمله فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر رضي الله عنهما فأرسلت إلى رسول الله  نحيف الأصنع؟ قال (( اغتسلي واستثفري بثوبٍ وأحرمي )) فصلى رسول الله  في المسجد ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماشٍ وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله  بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله, وما عمل به من شيء عملنا به, فأهلَّ بالتوحيد لبيك اللهم لبيك, لبيك لاشريك لك لبيك, إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك, وأهل الناس بهذا يهلون به فلم يرد رسول الله  عليهم شيئاً منه, ولزم رسول الله  تلبيته, قال جابر:- لسنا ننوي إلا الحج, لسنا نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت واستلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً ثم نفذ إلى مقام إبراهيم  فقرأ  واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى  فجعل المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول – ولا أعلمه إلا ذكره عن النبي  كان يقرأ في الركعتين  قل هو الله أحد  و  قل ياأيها الكافرون  ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنى من الصفا قرأ  إن الصفا والمروة من شعائر الله  أبدأ بما بدأ الله به, فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال (( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده )) ثم دعا بين ذلك, قال مثل هذا ثلاث مرات, ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل الصفا حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال (( لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة )) فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبدٍ؟ فشبك رسول الله  أصابعه واحدة في الأخرى وقال (( دخلت العمرة في الحج )) مرتين لا بل لأبدٍ أبدٍ وقدم علي من اليمن ببدن النبي  فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت:- إن أبي أمرني بهذا, قال:- فكان علي يقول بالعرق:- فذهبت إلى رسول الله  محرشاً على فاطمة للذي صنعت ومستفتياً لرسول الله  فيما ذكرت عنه فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال (( صدقت صدقت ماذا قلت حين فرضت الحج؟)) قال:- قلت:- اللهم إني أهل بما أهل به رسولك, قال (( فإن معي الهدي فلا تحل )) قال فكان جماعة الهدي الذي قدم علي من اليمن والذي أتى به النبي  مئة, فحلُّ الناس كلهم وقصروا إلا النبي  ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله  فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله  ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت تصنع في الجاهلية, فأجاز رسول الله  حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال (( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وأول دم أضعه دم ابن ربيعة بن الحارث – كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل – وربا الجاهلية موضوع وأول رباً أضعه ربا عباس بن عبدالمطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح, ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركن فيكم مالن تضلوا بعده, إن اعتصمتم به:- كتاب الله, وأنتم تسألون عني, فما أنتم قائلون؟ )) قالوا:- نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس (( اللهم اشهد اللهم اشهد )) ثلاث مرات ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئاً ثم ركب رسول الله  حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل جبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص, وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله  وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلاً من الحبال أرضى لها قليلاً حتى تصعد, حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذانٍ واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئاً ثم اضطجع رسول الله  حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بإذان وإقامة حتى ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن العباس وكان رجل حسن الشعر أبيض وسيماً فلما دفع رسول الله  مرت به ظعن فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله  يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله  يده إلى الشق الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق الآخر, حتى أتى بطن محسر فحرك قليلاً ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها, مثل حصى الحذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثاً وستين بيده فأعطى علياً فنحر الباقي وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله  فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبدالمطلب يسقون على زمزم فقال (( انزعوا بني عبدالمطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلواً فشرب منه )) ا.هـ. سياقه من الصحيح بلفظه وهذا الحديث العظيم في من المسائل والفوائد ما يفوق الحصر ومن باب الفائدة نذكر لك بعضاً منها على هيئة فروع فأقول:-
الفرع الأول :- أن حجته  كانت في السنة العاشرة وهذا بالإجماع, والصحيح أن فرض الحج في السنة التاسعة أو العاشرة, واختاره ابن القيم رحمه الله تعالى وغيره من المحققين .
الثاني :- أن ميقات أهل المدينة ذو الحليفة .
الثالث :- أن فرض الجاهل أن يسأل أهل العلم .
الرابع :- جواز الإرسال في الاستفتاء .
الخامس :- احتفاء العالم بالطلبة والترحيب بهم ومؤآنستهم .
السادس :- حرص الصحابة  على طلب العلم .
السابع :- حرص نساء الصحابة على طلب العلم .
الثامن :- أن مجرد حمل المرأة لا يسوغ لها تأخير الحج, إن كانت لا تجد معه ألآماً عن أداء النسك.
التاسع :- أن تعريف المرأة باسمها لا يعيب فيه كما هو المشهور عندنا في عرفنا, بل إن عندنا قد تصل الحال إلى المقاتلة, وهذا جهل نعوذ بالله من الجهل .
العاشر :- أن إحرام النفساء صحيح منعقد .
الحادي عشر :- أن إحرام الحائض صحيح منعقد لأن حدثها أخف من النفاس فانعقاده من باب أولى .
الثاني عشر :- أن إحرام الجنب ينعقد من باب أولى .
الثالث عشر :- أن الإحرام ليس من شروطه الطهارة .
الرابع عشر :- مشروعية الاغتسال للإحرام ولو للحائض والنفساء .
الخامس عشر :- وجوب التحفظ من دم النفاس والحيض لأنه نجس .
السادس عشر :- مشروعية الإحرام عقيب الصلاة, والمقصود صلاة فرض أو سنة راتبة أو سنة لها سبب وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه .
السابع عشر :- سنية تسمية الدابة .
الثامن عشر :- الذي يظهر والله أعلم أن الركوب والمشي لا يظهر بينهما تفضيل وإنما التفضيل هو أن تؤتى المناسك كما جاءت عن النبي  على الوجه المشروع فإن كان الركوب أسمح للإنسان فيركب وإن كان المشي أسمح للإنسان فيمشي لا يأخر نسكاً عن وقته الأفضل إلى وقته المفضول بحجة أن المشي أفضل أو بحجة أن الركوب أفضل وإنما يبقى على الأصل والله أعلـم .
التاسع عشر :- كمال اقتداء الصحابة بالنبي  , بل نشهد الله تعالى أنهم أكمل الأمة اقتداء وأتمها اتباعاً .
العشرون :- فيه الحرص على مخالفة ماكان عليه المشركون من العادات والعبادات .
الحادي والعشرون :- فيه جواز الزيادة على التلبية الواردة ببعض عبارات الثناء والتعظيم والتقديس .
الثاني والعشرون :- أن التلبية من خصائص الإحرام .
الثالث والعشرون :- قوله ( لسنا نعرف العمرة ) لا يقصد به أنهم لا يعرفون العمرة مطلقاً وإنما لا يعرفونها في أشهر الحج, لأنها أي العمرة في أشهر الحج كانت من عظائم الأمور وكبائر المنكرات عند الجاهلية .
الرابع والعشرون :- فيه الدليل على أن الإقرار الصادر منه  حجة لأن جابراً استدل على جواز إهلال الناس بما يهلون به بقوله ( فلم يرد رسول الله  عليهم شيئاً منه ) .
الخامس والعشرون :- قوله ( لسنا ننوي الحج ) فيه دليل على أن النية شرط, وهذا لا نعلم فيه خلاف .
السادس والعشرون :- إذا أطلق أهل العلم لفظة ( الركن ) فإنهم يريدون به الحجر الأسود باتفاقهم .
السابع والعشرون :- فيه دليل على أن السنة الابتداء بالنسك حال الوصول إلى البيت .
الثامن والعشرون :- فيه سنية استلام الركن قبل البدء بالطواف .
التاسع والعشرون :- فيه أن الطواف سبع طوافات .
الثلاثون :- فيه أن السنة في الأشواط الثلاثة الأُوَل الرمل,وهو سرعة الخطا مع تقاربيها.
الحادي والثلاثون :- فيه أن السنة في الأشواط الأربعة الأخيرة المشي فمن فاته الرحل في الثلاثة الأول فلا قضاء فيما بقي لأنه سنة فات محلها ولأن القضاء لا بد فيه من جديد كما تقرر في الأصول ولأنه بذلك سيضيع السنتين جميعاً .
الثاني والثلاثون :- فيه أن الرمل إنما يكون في الطواف الأول فقط أي طواف العمرة بالنسبة للقارن وطواف القدوم بالنسبة للمفرد والقارن, وأما طواف الإفاضة والوداع فلا رمل فيها على القول الصحيح .
الثالث والثلاثون :- ذكر النووي رحمه الله تعالى أن الإنسان إذا طاف بالبيت في غير نسك أي ليس حاجاً ولا معتمراً فإنه لا يرمل بلا خلاف .
الرابع والثلاثون :- قال أهل العلم وكل طواف يسن فيه الرمل فيسن فيه الاضطباع أي أنه لا اضطباع إلا في طواف القدوم أو طواف العمرة فقط, أما سائر أنواع الطواف الأخرى فإنه لا اضطباع فيها والله أعلم .
الخامس والثلاثون :- ليس المراد بقوله ( استلم الركن ) أي وضع يده عليه فقط فإن هذا ليس باستلام له شرعاً بل المراد باستلامه مسحه باليد, وهذا المسح سنة في كل طواف .
السادس والثلاثون :- فيه مشروعية ركعتي الطواف وهذا إجماع من أهل العلم رحمهم الله تعالى, وإنما الخلاف حصل هل هما سنة أم واجبة؟ على أقوال والأقرب أنهما سنة وهو قول الجمهور .
السابع والثلاثون :- فيه مشروعية قراءة هذه الآية أعني قوله تعالى  واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى  عند الإقبال للصلاة خلف المقام .
الثامن والثلاثون :- فيه إشعار القلب بالفعل المراد لاستحضار نيته وليكون دائماً في عبـادة .
التاسع والثلاثون :- فيه مشروعية قراءة سورتي الإخلاص والكافرون في هاتين الركعتين.
الأربعون :- فيه استحباب استلام الحجر بعد فراغه من ركعتي الطواف .
الحادي والأربعون :- اتفق أهل العلم على أن هذا الاستلام سنة فلو تركه فلا شيء عليه. قاله النووي .
الثاني والأربعون :- فيه أن السعي مبدؤه من الصفا ولا عبرة بغير ذلك .
الثالث والأربعون :- فيه استحباب قراءة قوله تعالى  إن الصفا والمروة من شعائر الله  عند البدء في السعي أي عند الإقبال على الصفا .
الرابع والأربعون :- فيه مشروعية رفع الصوت بالعلم والذكر لتعليم الجاهل .
الخامس والأربعون :- فيه استحباب المبادرة بالسعي عقيب الطواف .
السادس والأربعون :- فيه استحباب البداءة بما بدأ الله به, وأن ما بدأ به في القرآن فإن له مزية على ما بعده .
السابع والأربعون :- فيه مشروعية صعود الصفا إلى رؤية البيت .
الثامن والأربعون :- فيه استحباب توجه الداعي إلى القبلة لأنها أشرف الجهات .
التاسع والأربعون :- فيه مشروعية البداءة بالحمد والثناء على الله تعالى قبل الدعاء وفي أثنائه وفي خاتمته. وكثير من الداعين يغفل عن هذا .
الخمسون :- فيه استحباب إطالة الوقوف والدعاء في هذا الموضع .
الحادي والخمسون :- فيه بيان عظمة قدرة الله تعالى وكمال قوته .
الثاني والخمسون :- فيه مشروعية الإسراع بين العلمين في كل سعيه .
الثالث والخمسون :- فيه أن العبد متعبد بالمتابعة وتنفيذ الأمر من غير تعليق ذلك بمعرفة الحكمة, بل المعتمد من الحكمة أنه ثابت في الشرع, فلا يجوز تعليق الائتمار بأمرٍ أو الانتهاء عن النهي بمعرفة الحكمة فإن أسرار الشريعة وغاياتها وحكمها أعمق من أن يعرفها كل أحد على وجه التفصيل .
الرابع والخمسون :- فيه أنه يسن أن يفعل على المروة من الذكر والدعاء والتكرار وطول الوقوف كما فعل على الصفا, إلا قراءة الآية .
الخامس والخمسون :- فيه دليل على أن الذهاب من الصفا إلى المروة سعية والرجوع من المروة إلى الصفا سعية ثانية, خلافاً لمذهب بعض أهل العلم عفا الله عنهم وغفر لهم وأجزل لهم الأجر والمثوبة .
السادس والخمسون :- فيه استحباب فسخ القِران والإفراد إلى تمتع إذا لم يسق الهدي .
السابع والخمسون :- فيه أن مألوفات النفوس يصعب التخلص منها بل لا يكاد يتخلص منها إلا أصحاب الهمم العالية والنفوس السامية والعزائم الكبيرة .
الثامن والخمسون :- فيه استحباب بيان العلة المانعة من عدم الامتثال حتى لا يقال لك:- كيف تأمر ولا تأتمر. فانتبه لهذا .
التاسع والخمسون :- فيه إنكار الرجل على زوجته إذا رأى منها ما يوجب الإنكار ولا تحمله عاطفة الزوجية والمحبة على تقديم شهوتها وهواها على طاعة ربه ومولاه .
الستون :- فيه جواز رفع الأمر المراد إنكاره باسم الفاعل إلى السلطان ليتولى هو إنكاره وأن هذا ليس من الغيبة .
الحادي والستون :- فيه أن مثل هذه الخلافات الزوجية لا يسلم منها بيت. والعاقل هو الذي يعرف كيف يتعامل معها .
الثاني والستون :- فيه مشروعية تجمل المرأة لزوجها لا سيما إذا كان قادماً من سفر لأن هذا يحصل به كمال الاستمتاع .
الثالث والستون :- فيه جواز تكرار الكلمة الواحدة للتأكيد .
الرابع والستون :- فيه أن الإحرام المطلق, يصح وينعقد ولصاحبه أن يصرفه لأي نسك شاء, وكذلك يجوز للمحرم أن يقول:- أحرمت بما أحرم به فلان, لفعل علي .
الخامس والستون :- قوله ( فحل الناس وقصروا ) فيه أن التحلل من عمرة التمتع يستحب أن يكون بالتقصير ويترك الحلق إلى يوم النحر .
السادس والستون :- فيه مشروعية الإحرام لمن حل في يوم التروية .
السابع والستون :- أن هذا الإحرام يكون في مكانه الذي قد كان نازلاً فيه .
الثامن والستون :- فيه مشروعية فعل هذه الصلوات في منى أعني بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر .
التاسع والستون :- فيه مشروعية المبيت هذه الليلة في منى وهذا المبيت ليس من الأركان ولا من الواجبات بل هو من السنن. فلو تركه فلا دم عليه .
السبعون :- فيه استحباب عدم الخروج من منى إلى عرفات إلا بعد طلوع الشمس وهذا متفق عليه بين أهل العلم , لكن لو ذهبوا إلى عرفات قبل الفجر أو بعده وقبل طلوع الشمس فلا شيء عليهم ولكنه خالفوا الأفضل .
الحادي والسبعون :- فيه استحباب النزول بنمرة .
الثاني والسبعون :- فيه استحباب عدم دخول عرفات إلا بعد زوال الشمس وهذا إذا لم يكن الأيسر لهم الدخول قبل ذلك .
الثالث والسبعون :- فيه جواز استظلال المحرم بقبة ونحوها .
الرابع والسبعون :-فيه أن نمرة ليست من عرفات لأن النبي  أمر بضرب القبة فيها وهي نوع بناء وحجز, وهذا شيء لم يفعله في منى ولا في عرفات ولا في مزدلفة, فأمره بضرب القبة بنمرة دليل على أنها ليست من عرفات .
الخامس والسبعون :- فيه جواز استخدام الأحرار برضاهم .
السادس والسبعون :- فيه جواز تقدم المفضول على الفاضل إذا كان سعياً في خدمة الفاضل .
السابع والسبعون :- مخالفة النبي  لعادة قومه ومجاورة مزدلفة إلى عرفات فيها فائدة عظيمة وهي أن عادات القوم والأقارب والأرحام إذا كانت مخالفة للمشروع فلا ينبغي مجاملتهم على حساب الدين, بل الدين مقدم على كل شيء ولو كان في ذلك غضبهم ونفورهم فرضى الله مقدم على كل رضى وطاعته مقدمة على كل طاعة .
الثامن والسبعون :- فيه مشروعية خطبة الإمام أو نائبه بعرفات بعد زوال الشمس .
التاسع والسبعون :- فيه استحباب صلاة الظهر والعصر بعرفة بعد الخطبة جمعاً وقصراً في وقت الظهر .
الثمانون :- فيه أن أهل مكة ممن حج منهم يقصرون ويجمعون في عرفات لأنه لم يثبت عنه  أنه أمرهم بالإتمام كما أمرهم بذلك عام الفتح .
الحادي والثمانون :- فيه التأكيد على استغلال أوقات الوقوف بالإكثار من الدعاء والذكر بأنواعه .
الثاني والثمانون :- فيه استحباب رفع اليدين في الدعاء .
الثالث والثمانون :- فيه بيان عظم أمر الدماء والأعراض والأموال وأن الأصل فيها التحريم الأكيد القاطع .
الرابع والثمانون :- فيه دليل على تحريم الربا وهذا بالإجماع .
الخامس والثمانون :- فيه استحباب العفو عن الجاني .
السادس والثمانون :- فيه الشهادة بكمال البلاغ, ونحن نشهد الله تعالى أنه  قد بلغ البلاغ المبين .
السابع والثمانون :- فيه دليل على إثبات صفة العلو لله تعالى .
الثامن والثمانون :- فيه جواز الإشارة الحسية للعلو لأنه الجهة التي فيها الرب جل وعلا.
التاسع والثمانون :- فيه جواز كلام المأموم إذا أراد الخطيب منه ذلك .
التسعون :- استحباب تخفيف هذه الخطبة ليتفرغ الناس للدعاء .
الحادي والتسعون :- فيه التأكيد على حق الزوجة والزوج .
الثاني والتسعون :- فيه جواز ضرب الزوجة إذا جاءت بما يوجب ذلك ضرباً غير مبرح لأن المقصود منه التأديب لا التعذيب .
الثالث والتسعون :- فيه أنه لا يجوز للزوجة أن تدخل في بيت زوجها من لا يرضاه ولو كان أقرب قريب لأن حقه أعظم .
الرابع والتسعون :- فيه اعتماد العرف في نفقة الزوجة وكسوتها ومسكنها .
الخامس والتسعون :- فيه جواز تسمية الأصبع المسبحة بالسبابة .
السادس والتسعون :- فيه أن الصلاة المجموعة لا يؤذن لها إلا في الأولى فقط وأما الإقامة ففي كل صلاة على حدة .
السابع والتسعون :- فيه أن المسافر تسقط عنه الرواتب إلا راتبة الفجر والوتر .
الثامن والتسعون :- فيه استحباب الوقوف في الموقف الذي وقف فيه رسول الله  إن تيسر له ذلك بلا مزاحمة ولا أذى .
التاسع والتسعون :- فيه عدم مشروعية صعود الجبل كما هو الحاصل اليوم من كثير من الحجاج هداه الله تعالى .
المئة :- فيه أن الوقوف راكباً أفضل لفعله  مع أنه أشق لكنه فعله مما يدل على أنه قصده بعينه. وركوب السيارة هذه الأزمنة منزل منزلة ركوب الدابة .
الواحد بعد المئة :- فيه أن تسمية جبل عرفات بجبل الرحمة تسمية حادثة لا أصل لها وهي تشعر بشي من القدسية لهذا الجبل بخصوصه وسد الذرائع مطلوب, وإنما يقال له جبل إلال على وزن بلال أو يقال له جبل عرفات .
الثاني بعد المئة :- فيه وجوب الوقوف إلى غروب الشمس وسيأتي .
الثالث بعد المئة :- فيه جواز الإرداف على الدابة .
الرابع بعد المئة . فيه استحباب الدفع من عرفات بسكينة ومهل .
الخامس بعد المئة :- ينبغي لأهل العلم توجيه الناس برفع الصوت في مكبرات الصوت بقولهم ( أيها الناس السكينة السكينة ) .
السادس بعد المئة :- فيه بيان كمال شفقته  على أمته .
السابع بعد المئة :- فيه أن العالم إذا وجه أحداً واستعمل في التوجيه يده أن تكون هي يده اليمنى .
الثامن بعد المئة :- فيه أن من وجد فجوة في الطريق فله الإسراع فيها. وأن مزاحمة الناس وإزعاجهم بمنبه السيارة ليس من الشريعة في شيء, لأنه مخالف للسكينة المأمور بها.
التاسع بعد المائة :- فيه اهتمامه  بأمر الدابة ورحمتها فلم يشغله أمر الناس عن الدابة التي يركبها. وهذا من محاسن الإسلام, وهو من جملة حقوق الحيوان التي جاءت بها الشريعة على أكمل الوجوه وأتم تشريع .
العاشر بعد المئة :- فيه استحباب تأخير الصلاة أي صلاة المغرب والعشاء إلى الوصول إلى مزدلفة إن لم يؤد ذلك إلى إخراج العشاء عن وقتها المختار .
الحادي عشر بعد المئة :- فيه استحباب المبادرة بالصلاة قبل حط الرحل .
الثاني عشر بعد المئة :- فيه استحباب جمع المغرب مع العشاء تأخيراً في المزدلفة بقصر العشاء .
الثالث عشر بعد المئة :- فيه استحباب الاضطجاع بعد الصلاة للراحة والنوم استعداداً للأعمال القادمة في اليوم العاشر لأن أكثر أعمال الحج فيه, ولذلك فهو الحج الأكبر على القول الصحيح .
الرابع عشر بعد المئة :- فيه أن المبيت بمزدلفة بعد عرفات من النسك والصحيح أنه من واجبات الحج لا من أركانه .
الخامس عشر بعد المئة :- فيه استحباب التبكير بصلاة الفجر بعد تبين الصبح مباشرة للتفرغ للدعاء في المشعر الحرام .
السادس عشر بعد المئة :- فيه استحباب المبادرة بالخروج من مزدلفة لرمي الجمرة بعد تبين الصبح جداً وقبل طلوع الشمس مخالفة لسنة المشركين .
السابع عشر بعد المئة :- فيه استحباب البقاء قبل ذلك عند المشعر الحرام للدعاء والتهليل والتوحيد والتكبير ونحو ذلك .
الثامن عشر بعد المئة :- فيه وجوب إنكار المنكر لأن النبي  صرف وجه الفضل عن النظر إلى النساء .
التاسع عشر بعد المئة :- فيه وجوب غض البصر عن النظر للنساء الأجانب .
العشرون بعد المئة :- فيه بيان أهمية الترفق في الإنكار وعدم التعنيف إذا كان سيزول المنكر بالأيسر .
الحادي والعشرون بعد المئة :- فيه أن الرجل وإن بلغ في الدين ما بلغ فإنه لا يأمن من الفتنة بالنساء. ولا يزكي نفسه بأنه قد بلغ مرحلة لاخوف عليه معها من النساء .
الثاني والعشرون بعد المئة :- فيه استحباب تحريك الراحلة قليلاً والإسراع بالمشي إذا أتى بطن محسر .
الثالث والعشرون بعد المئة :- فيه أنه لا يرمى يوم النحر إلا جمرة العقبة فقط وهي آخر الجمرات في منى .
الرابع والعشرون بعد المئة :- فيه أنها لا ترمى إلا بسبع حصيات فقط, وهكذا هو شأن الرمي كله .
الخامس والعشرون بعد المئة :- فيه أن الرمي يكون بالحصى الصغار المقدرة بمثل حصى الحذف .
السادس والعشرون بعد المئة :- فيه أنه لا يرمى بغير ذلك فلا يرمى بالحصى الكبار جداً ولا بالنعال أو الزجاج ونحو ذلك .
السابع والعشرون بعد المئة :- فيه استحباب التكبير مع كل حصاة .
الثامن والعشرون بعد المئة :- فيه أن رمي جمرة العقبة يكون من بطن الوادي وهذا الأفضل وعليه المحققون وسيأتي بيان ذلك بأوسع من ذلك إن شاء الله تعالى .
التاسع والعشرون بعد المئة :- فيه أن رمي الجمرة من مناسك الحج, والصحيح أنها من واجباته لا من أركانه .
الثلاثون بعد المئة :- فيه استحباب النحر بعد الرمي مباشرة, وهذا ليس على الوجوب كما سيأتي بيان ذلك بأدلته إن شاء الله تعالى .
الحادي والثلاثون بعد المئة :- فيه استحباب تولي الإنسان ذبح هديه بنفسه .
الثاني والثلاثون بعد المئة :- اقتصار النبي  على نحر ثلاثٍ وستين بدنة فقط فيه إشارة إلى عمره عليه الصلاة والسلام .
الثالث والثلاثون بعد المئة :- فيه أن السنة في الإبل النحر وهو طعنها في أصل عنقها في لبتها .
الرابع والثلاثون بعد المئة :- فيه استحباب الأكل من الهدي ولو أن يأخذ منه بضعة يسيرة .
الخامس والثلاثون بعد المئة :- أجمع أهل العلم على أن الأكل من الهدي والأضحية سنة وليس بواجب, حكاه النووي في شرح مسلم .
السادس والثلاثون بعد المئة :- فيه دليل على أن طواف الإفاضة من النسك وقد قدمنا لك أنه من جملة أركان الحج .
السابع والثلاثون بعد المئة :- أجمع أهل العلم على أن طواف الإفاضة لا رمل فيه ولا اضطباع. حكاه النووي في شرح مسلم .
الثامن والثلاثون بعد المئة :- في حديث جابر هنا أنه  صلى الظهر بمكة أي صلاة الظهر يوم النحر, وفي حديث ابن عمر في الصحيح أيضاً أنه صلى الظهر يوم النحر بمنى وفيه شيء من التعارض ولكن يزول هذا الإشكال إذا علمت أن الصلاة التي أوقعها رسول الله  بمكة كانت هي الظهر فريضة, وبعد الصلاة رجع إلى منى فلما علم الصحابة الذين كانوا بمنى أنه قادم إليهم ولم يصلوا بعد أحبوا أن يدركوا فضل الصلاة خلفه, فانتظروه فلما جاءهم وجدهم لم يصلوا فصلى بهم الظهر معادة نافلة, وصلوا خلفه, فكانت صلاة الظهر الأولى التي أثبتها جابر كانت هي الفريضة وكانت صلاة الظهر الثانية التي أثبتها ابن عمر كانت نافلة وهذا جمع حسن لا تكلف فيه وقد تقرر في القواعد أن الجمع بين الأدلة واجب ما أمكن وتقرر أيضاً أن إعمال الكلام أولى من إهماله والله أعلم .
التاسع والثلاثون بعد المئة :- فيه استحباب إيقاع طواف الإفاضة قبل الظهر من يوم النحر وهذا لمن أراد كمال الاتباع, مع القدرة والإمكان ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
الأربعون بعد المئة :- فيه مشروعية ترك الفعل إذا كان من لوازم فعله اعتقاد ماليس بشرع, من باب سد الذرائع فإنه  كان بوده أن ينزع من بني عبدالمطلب لسقاية الناس لكن خشي أن يعتقد الناس أن هذا النزع من جملة المناسك فيكثر الناس عليهم وتذهب فضيلة بني عبدالمطلب, وهذا يحتاج إلى استدلال وتفريع طويل لعل الله تعالى ييسر لعده الضعيف الكتابة فيه بحوله وقوته جل وعلا .
الحادي والأربعون بعد المئة :- فيه فضيلة السقيا وأنها من أبواب الخير العظيمة والتي يترتب عليها الأجور الكبيرة .
الثاني والأربعون بعد المئة :- فيه فضيلة جابر بن عبدالله  وشدة حفظه وتمكنه من العلم.
الثالث والأربعون بعد المئة :- فيه جواز الإنابة في ذبح الهدي .
فهذه بعض الفوائد والفروع المتعلقة بحديث جابر  ولعل فيها كفاية إن شاء الله تعالى والله تعالى أعلى وأعلم .
محب الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس