عرض مشاركة واحدة
قديم 05-23-2011, 12:25 PM   #4
داعية مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المغرب/الدار البيضاء
المشاركات: 443
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أبو عبد البر طارق دامي
افتراضي رد: شرح حديث لا عدوى ولا هامة ولا صفر/ ابن رجب الحنبلي


**عند و جود الأسباب المكروهة فعلى المسلم الانشغال بأعمال البر لدفعها**
لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم عند انعقاد أسباب العذاب السماوية المخوفة كالكسوف بأعمال البر من الصلاة والدعاء والصدقة والعتق حتى يكشف ذلك عن الناس
وهذا كله مما يدل على أن الأسباب المكروهة إذا وجدت فإن المشروع الإشتغال بما يرجى به دفع العذاب المخوف منها من أعمال الطاعات والدعاء وتحقيق التوكل على الله والثقة به
فإن هذه الأسباب كلها مقتضيات لا موجبات ولها موانع تمنعها فأعمال البر والتقوى والدعاء والتوكل من أعظم ما يستدفع به.
**الحكمة في تقدير أسباب العذاب و أسباب الرحمة**
ومن كلام بعض الحكماء المتقدمين: ضجيج الأصوات في هياكل العبادات بأفنان اللغات تحلل ما عقدته الأفلاك الدائرات وهذا على زعمهم واعتقادهم في الأفلاك
وأما اعتقاد المسلمين: فإن الله وحده هو الفاعل لما يشاء
ولكنه يعقد أسبابا للعذاب وأسبابا للرحمة :
فأسباب العذاب يخوف الله بها عباده ليتوبوا إليه ويتضرعوا إليه مثل:
كسوف الشمس والقمر فإنهما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده لينظر من يحدث له توبة فدل على أن كسوفهما سبب يخشى منه وقوع عذاب وقد أمر عائشة رضي الله عنها: أن تستعيذ من شر القمر وقال: هو الغاسق إذا وقب
وقد أمر الله تعالى بالإستعاذة {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق:3] وهو الليل إذا أظلم فإنه ينتشر فيه شياطين الجن والإنس
والإستعاذة من القمر لأنه آية الليل وفيه إشارة إلى أن شر الليل المخوف لا يندفع بإشراق القمر فيه ولا يصير بذلك كالنهار بل يستعاذ منه وإن كان مقمرا.
ومثل اشتداد الرياح فإن الريح كما قاله صلى الله عليه وسلم:
"من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب"
و أمر صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح أن يسأل الله تعالى خيرها وخير ما أرسلت به ويستعاذ به من شرها وشر ما أرسلت به
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ريحا أو غيما تغير وجهه وأقبل وأدبر, فإذا أمطرت سري عنه ويقول:
"قد عذب قوم بالريح" ورأى قوم السحاب فقالوا {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الاحقاف: 24]
وأسباب الرحمة يرجي بها عباده مثل:
الغيم الرطب والريح الطيبة ومثل المطر المعتاد عند الحاجة إليه ولهذا يقال عند نزوله: اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب.
**اتقاء أسباب الضرر بعد انعقادها بأسباب منهي عنها**
وأما من اتقى أسباب الضرر بعد انعقادها بالأسباب المنهي عنها فإنه لا ينفعه ذلك غالبا كمن ردته الطيرة عن حاجته خشية أن يصيبه ما تطير به ,فإنه كثيرا ما يصاب بما خشي منه كما قال ابن مسعود, ودل عليه حديث أنس المتقدم
وكمن اتقى الطاعون الواقع في بلده بالفرار منه فإنه قل أن ينجيه ذلك
وقد فر كثير من المتقدمين والمتأخرين من الطاعون فأصابهم ولم ينفعهم الفرار وقد قال الله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة: 243]
وقد ذكر كثير من السلف: أنهم كانوا قد فروا من الطاعون فأصابهم
وفر بعض المتقدمين من طاعون وقع, فبينما هو يسير بالليل على حمار له إذ سمع قائلا يقول:
لن يسبق الله على حمار ... و لا على ذي منعة مطار
أو يأتي الحتف على مقدار ... قد يصبح الله أمام الساري
فأصابه الطاعون فمات.
__________________
أشكو إلى الله كما قد شكى ... أولاد يعقوب إلى يوسف
قد مسني الضر وأنت الذي ... تعلم حالي وترى موقفي
بضاعتي المزجاة محتاجة ... إلى سماح من كريم وفي
فقد أتى المسكين مستمطرا ... جودك فارحم ذله واعطف
فاوف كيلي وتصدق على ... هذا المقل البائس الأضعف
أبو عبد البر طارق دامي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس