عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2011, 11:51 PM   #3
إداري
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
افتراضي رد: كلام قيم للإمام الألباني ( الحديث حجة في نفسه ) ، رد على من يقدم على الكتاب والسنة بآراء أو أقيسة مخالفة .

تابع :
________________________________________
استفاد بها العلم أهل السنة ما حصل لهم فقولهم : لم نستفد بها العلم لم يلزم منه النفي العام على ذلك ( وهذا ) بمنزلة الاستدلال على أن الواجد للشيء العالم به غير واجد له ولا عالم به فهو كمن يجد من نفسه وجعا أو لذة أو حبا أو بغضا فينتصب له من يستدل على أنه غير وجع ولا متألم ولا محب ولا مبغض ويكثر له من الشبه التي غايتها أني لم أجد ما وجدته ولو كان حقا لاشتركت أنا وأنت فيه وهذا عين الباطل وما أحسن ما قيل :
أقول للائم المهدى ملامته ذق الهوى فإن استطعت الملام لم
فيقال له : اصرف عنايتك إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم واحرص عليه وتتبعه واجمعه و ( الزم ) معرفة أحوال نقلته وسيرتهم وأعرض عما سواه واجعله غاية طلبك ونهاية قصدك بل احرص عليه حرص أتباع المذاهب على معرفة مذاهب أئمتهم بحيث حصل لهم العلم الضروري بأنها مذاهبهم وأقوالهم ولو أنكر ذلك عليهم منكر لسخروا منه وحينئذ تعلم : هل تفيد أخبار رسول الله صلى الله عليه و سلم العلم أو لا تفيده فأما مع إعراضك عنها وعن طلبها فهي لا تفيدك علما ولو قلت : لا تفيدك أيضا ظنا لكنت مخبرا بحصتك ونصيبك منها "
[ 70 ]
(1/70)
________________________________________
مثالان على موقف بعض الفقهاء من الحديث وجهلهم بالسنة :
أقول : وهذه حقيقة يلمسها كل مشتغل بعلم الحديث متتبع لطرقه وألفاظه مطلع على موقف بعض الفقهاء من بعض رواياته وأضرب على ذلك مثلين اثنين أحدهما قديم والآخر حديث :
الأول : قوله صلى الله عليه و سلم : " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " فهو مع كونه صحيحا مخرجا في " الصحيحين " فقد رده الحنفية بدعوى أنه مخالف لظاهر القرآن وهو قوله تعالى : { فاقرأوا ما تيسر منه } فتأولوه لكونه حديث آحاد بزعمهم مع أن أمير المؤمنين في الحديث وهو الإمام البخاري صرح في مطلع كتابه " جزء القراءة " بأنه حديث متواتر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
ترى ألم يكن من الواجب على هؤلاء أن يستفيدوا من علم هذا الإمام المختص بالحديث ويغيروا رأيهم فيه أنه آحاد ويضموه إلى الآية ويخصصوها به ؟ هذا مع العلم بأن الآية الكريمة المذكورة هي في موضوع صلاة الليل وليست في موضوع القراءة المفروضة في الصلاة
والآخر : حديث نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان وهو مروي في " الصحيحين " أيضا فقد سئلت عنه منذ سنين مشيخة الأزهر فأجاب أحدهم في مجلة " الرسالة " بأنه حديث آحاد وأن مدار
[ 71 ]
(1/71)
________________________________________
طرقه على وهب بن منبه وكعب الأحبار
والحقيقة التي يشهد بها أهل الاختصاص والمعرفة بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه حديث متواتر وقد كنت تتبعت أنا شخصيا طرقه إلى النبي صلى الله عليه و سلم فرأيته قد رواه عنه عليه الصلاة و السلام نحو أربعين صحابيا أسانيد عشرين منهم على الأقل صحيحة وبعضها له عند بعضهم أكثر من طريق واحد صحيح في " الصحيحين " و " السنن " و " المسانيد " و " المعاجم " وغيرها من كتب السنة
ومن الغريب أن كل هذه الطرق ليس فيها ذكر مطلقا لوهب وكعب وقد كنت كتبت خلاصة للتتبع المشار إليه في صفحتين أرسلتهما إلى " الرسالة " يومئذ راجيا أن تنشرهما خدمة للعلم ولكن لم يكتب لهما النشر
فهذان المثالان من مئات الأمثلة تبين لنا أن الحديث النبوي لم ينل من أهل العلم العناية الواجبة عليهم على اعتبار أنه الأصل الثاني للشريعة الإسلامية الذي بدونه لا يمكن أبدا أن يفهم الأصل الأول فهما صحيحا كما أراده الله تبارك وتعالى فوقعوا بسبب ذلك في هذا الجهل الفاضح بأحاديث النبي صلى الله عليه و سلم وهذا الانحراف المكشوف عن التصديق بها وهي قطعا مما جاء به عليه السلام والله تعالى يقول :
[ 72 ]
(1/72)
________________________________________
{ وما آتاكم الرسول فخذوه . . } فأخذوا بعضه وتركوا بعضه { فما جزاء من يفعل ذلك إلا . . }
والخلاصة أنه يجب على المسلم أن يؤمن بكل حديث ثبت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم عند أهل العلم به سواء كان في العقائد أو الأحكام وسواء أكان متواترا أم آحادا وسواء أكان الآحاد عنده يفيد القطع واليقين أو الظن الغالب على ما سبق بيانه فالواجب في كل ذلك الإيمان به والتسليم له وبذلك يكون قد حقق في نفسه الاستجابة المأمور بها في قول الله تبارك وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون } وغيرها من الآيات التي سبق ذكرها في مطلع هذه الكلمة التي أرجو الله تعالى أن ينفع بها ويجعلها خالصة لوجهه ناصرة لكتابه خادمة لسنة نبيه صلى الله عليه و سلم تسليما
[ 73 ]
(1/73)
________________________________________
التقليد واتخاذه مذهبا ودينا
حقيقة التقليد والتحذير منه : إن التقليد في اللغة مأخوذ من القلادة التي يقلد الإنسان غيره بها ومنه تقليد الهدي فكأن المقلد جعل ذلك الحكم الذي قلد فيه المجتهد كالقلادة في عنق من قلده . واصطلاحا هو العمل بقول الغير من غير حجة فيخرج العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
والعمل بالإجماع ورجوع العامي إلى المفتي ورجوع القاضي إلى شهادة العدول فإنها قد قامت الحجة في ذلك . وقد أفادنا هذا النص الأصولي أمرين هامين :
[ 75 ]
(1/75)
________________________________________
الأول : أن التقليد ليس بعلم نافع
والآخر : أنه وظيفة العامي الجاهل
ولا بد لبيان حقيقة هذين الأمرين من الوقوف عندهما قليلا والنظرإلى كل منهما على ضوء الكتاب والسنة مستشهدين على ذلك بأقوال الأئمة ثم نتبع ذلك بالنظر في أحوال المتبعين لهم بزعمهم ومدى صحة اتباعهم لأقوالهم . أما أن التقليد ليس بعلم فلأن الله تعالى قد ذمه في غير ما آية في القرآن الكريم ولذلك تتابعت كلمات الأئمة المتقدمين على النهي عنه وقد عقد إمام الأندلس ابن عبد البر رحمه الله تعالى في كتابه الجليل ( جامع بيان العلم وفضله ) بابا خاصا في تحقيق ذلك فقال ما ملخصه ( 2 / 109 - 114 ) : بابفساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والاتباع : قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال : [ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ] وروي عن حذيفة وغيره قالوا : " لم يعبدوهم من دون الله ولكنهم أحلوا لهم وحرموا عليهم فاتبعوهم " وقال عدي بن حاتم : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي عنقي صليب فقال لي : " يا عدي ألق هذا الوثن من عنقك وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة ( براءة ) حتى أتى على هذه الآية :
[ 76 ]
(1/76)
________________________________________
[ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ] قال : قلت : يا رسول الله إنا لم نتخذهم أربابا قال بلى أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه ويحرمون ما أحل الله لكم فتحرمونه ؟ فقلت : بلى فقال : تلك عبادتهم . وقال عز و جل : [ وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها : إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون . قال : أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم ؟ ] فمنعهم الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء فقالوا : [ إنا بما أرسلتم به كافرون ] . وقال جل وعز عائبا لأهل الكفر وذاما لهم : [ ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ؟ قالوا : وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ] . ومثل هذا في القرآن كثير من ذمه تقليد الآباء والرؤساء . وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد ولم يمنعهم كفر أولئك من الاحتجاج بها لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر وإنما وقع التشبيه بين التقليدين ( في كونهما اتباعا ) بغير حجة للمقلد كما لو قلد رجلا فكفر وقلد آخر فأذنب وقلد آخر في مسألة فأخطأ وجهها كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا وإن اختلفت الآثام فيه "
ثم روي عن ابن مسعود أنه كان يقول : " اغد عالما أو متعلما ولا تغد إمعة فيما بين ذلك "
[ 77 ]
(1/77)
________________________________________
ومن طريق أخرى عنه قال : " كنا ندعوا الإمعة في الجاهلية الذي يدعى إلى الطعام فيذهب معه بغيره وهو فيكم اليوم المحقب دينه الرجال " يعني المقلد . وعن ابن عباس قال : " ويل للاتباع من عثرات العالم . قيل : كيف ذلك ؟ قال : يقول العالم شيئا برأيه ثم يجد من هو أعلم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منه فيترك قوله ذلك ثم تمضي الأتباع " ثم قال ابن عبد البر : " وثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " تذهب العلماء ثم تتخذ الناس رؤوسا جهالا يسألون فيفتون بغير علم فيضلون ويضلون " وهذا كله نفي للتقليد وإبطال له لمن فهمه وهدي لرشده . . . . . ولا خلاف بين أئمة الأمصار في فساد التقليد فأغنى ذلك عن الإكثار ونقله ابن القيم في " الإعلام " ( 2 / 294 - 298 )
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى : " لا يجوز الفتوى بالتقليد لأنه ليس بعلم والفتوى بغير علم حرام ولا خلاف بين الناس أن
[ 78 ]
(1/78)
________________________________________
التقليد ليس بعلم وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم " ( الإعلام 1 / 51 ) . وكذلك قال السيوطي : إن المقلد لا يسمى عالما كما نقله أبو الحسن السندي الحنفي في أول حاشيته على ابن ماجه وجزم به الشوكاني في " إرشاد الفحول "
( ص 236 ) فقال : " إن التقليد جهل وليس بعلم " وهذا يتفق مع ما جاء في كتب الحنفية أنه لا يجوز تولية الجاهل على القضاء . ففسر العلامة ابن الهمام ( الجاهل ) بالمقلد
(1/78)
________________________________________
نهي الأئمة عن التقليد :
ومن هنا جاءت أقوال الأئمة المجتهدين تتتابع على النهي الأكيد عن التقليد لهم أو لغيرهم
(1/78)
________________________________________
1 - فقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى : " لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه " . " وفي رواية : حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا "
(1/78)
________________________________________
2 - وقال مالك رحمه الله تعالى : " إنما أنا بشر أخطئ
[ 79 ]
(1/79)
________________________________________
وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه "
(1/79)
________________________________________
3 - وقال الشافعي رحمه الله تعالى : " أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد " . وقال : " كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي " . وقال : " كل ما قلت فكان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلاف قولي مما يصح فحديث النبي أولى فلا تقلدوني "
(1/79)
________________________________________
4 - وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : " لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا "
واشتهر عنهم أنهم قالوا : " إذا صح الحديث فهو مذهبي " . إلى غير ذلك من الأقوال المأثورة عنهم وقد ذكرت نخبة طيبة منها في مقدمة كتابي
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وفيما ذكرناه كفاية
[ 80 ]
(1/80)
________________________________________
العلم هو قول الله ورسوله :
وإذا كان هذا هو شأن التقليد عند العلماء فمعنى ذلك أنه لا يجوز لأهل العلم المتمكنين من معرفة الحق بالدليل أن يتكلموا في الفقه إلا بما جاء في الكتاب والسنة لأن العلم حق العلم إنما هو فيها لا في آراء الرجال ولذلك قال الإمام الشافعي في " الرسالة " ( ص 41 رقم 131 - 132 ) :
فالواجب على العالمين أن لا يقولوا إلا من حيث علموا وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به وأقرب من السلامة له إن شاء الله
وقال في مكان آخر ( ص 39 / 120 ) : " ليس لأحد أبدا أن يقول في شيء حل ولا حرام إلا من جهة العلم وجهة العلم الخبر في الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس "
وقال في مكان آخر ( ص 508 / 1467 - 1468 ) : " ولو قال بلا خبر لازم ولا قياس كان أقرب من الإثم من الذي قال وهو غير عالم . ولم يجعل الله لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول إلا من جهة علم مضى قبله وجهة العلم بعد الكتاب والسنة والإجماع والآثار وما وصفت من القياس عليها "
[ 81 ]
(1/81)
________________________________________
محب الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس