عرض مشاركة واحدة
قديم 05-21-2011, 05:22 PM   #2
داعية مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المغرب/الدار البيضاء
المشاركات: 443
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أبو عبد البر طارق دامي
افتراضي رد: شرح حديث لا عدوى ولا هامة ولا صفر/ ابن رجب الحنبلي

الأسباب نوعان : أسباب الخير و اسباب الشر

**أسباب الخير**
قال ابن رجب:
و الأسباب نوعان:
أحدهما : أسباب الخير: فالمشروع أنه يفرح بها ويستبشر ولا يسكن إليها بل إلى خالقها ومسببها, وذلك هو تحقيق التوكل على الله والإيمان به كما قال تعالى في الإمداد بالملائكة: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [لأنفال: 10]
ومن هذا الباب الإستبشار بالفال: وهو الكلمة الصالحة يسمعها طالب الحاجة

وأكثر الناس يركن بقلبه إلى الأسباب وينسى المسبب لها ,
وقل من فعل ذلك إلا وكل إليها وخذل
فإن جميع النعم من الله وفضله كما قال تعالى:
{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النساء: 79]
{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53].
لا نلت خيرا ما بقيت ....ولا عداني الدهر شر
إن كنت أعلم أن... غير الله ينفع أو يضر
ولا تضاف النعم إلى الأسباب بل إلى مسببها ومقدرها
كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه صلى بهم الصبح في أثر سماء ثم قال:
"أتدرون ما قال ربكم الليلة؟ قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر
فأما المؤمن فقال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب
وأما الكافر فقال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب"
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر"
وهذا مما يدل على أن المراد نفي تأثير هذه الأسباب بنفسها من غير اعتقاد أنها بتقدير الله وقضائه
فمن أضاف شيئا من النعم إلى غير الله مع اعتقاده أنه ليس من الله فهو مشرك حقيقة ومع اعتقاد أنه من الله فهو نوع شرك خفي.
**أسباب الشر**
النوع الثاني: أسباب الشر:
فلا تضاف إلا إلى الذنوب لأن جميع المصائب إنما هي بسبب الذنوب كما قال تعالى:
{وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79]
وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30]
فلا تضاف إلى شيء من الأسباب سوى الذنوب, كالعدوى أو غيرها, والمشروع اجتناب ما ظهر منها واتقاؤه بقدر ما وردت به الشريعة مثل: اتقاء المجذوم والمريض
والقدوم على مكان الطاعون
وأما ما خفي منها فلا يشرع اتقاؤه واجتنابه فإن ذلك من الطيرة المنهي عنها.
والطيرة من أعمال أهل الشرك والكفر
وقد حكاها الله تعالى في كتابه عن قوم فرعون وقوم صالح وأصحاب القرية التي جاءها المرسلون
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا طيرة"
وفي حديث: "من ردته الطيرة فقد قارف الشرك"
وفي حديث ابن مسعود المرفوع: "الطيرة من الشرك وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل"
**لا يجوز البحث عن أسباب الشر**
والبحث عن أسباب الشر من النظر في النجوم ونحوها من الطيرة المنهي عنها
والباحثون عن ذلك غالبا لا يشتغلون بما يدفع البلاء من الطاعات بل يأمرون بلزوم المنزل وترك الحركة
وهذا لا يمنع نفوذ القضاء والقدر
ومنهم من يشتغل بالمعاصي وهذا مما يقوي وقوع البلاء ونفوذه
والذي جاءت به الشريعة هو ترك البحث عن ذلك والإعراض عنه والإشتغال بما يدفع البلاء من الدعاء والذكر والصدقة وتحقيق التوكل على الله عز وجل والإيمان بقضائه وقدره.
**كيف تدفع الطيرة**
وفي مسند ابن وهب أن عبد الله بن عمرو بن العاص التقى هو وكعب فقال عبد الله لكعب علم النجوم؟
فقال كعب: لا خير فيه
قال عبد الله: لم ؟
قال ترى فيه ما تكره يريد الطيرة
فقال كعب: فإن مضى وقال: اللهم لا خير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا رب غيرك
فقال عبد الله: ولا حول ولا قوة إلا بك
فقال كعب: جاء بها عبد الله والذي نفسي بيده: إنها لرأس التوكل وكنز العبد في الجنة ولا يقولهن عبد عند ذلك ثم يمضي إلا لم يضره شيء
قال عبد الله: أرأيت إن لم يمض وقعد؟
قال: طعم قلبه طعم الإشراك.
وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر مرفوعا:
" من رجعته الطيرة من حاجته فقد أشرك وكفارة ذلك أن يقول أحدهم:
اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك"
وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث عروة بن عامر القرشي قال:
ذكرت الطيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
"أحسنها الفال ولا ترد مسلما فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل:
اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك"
وخرجه أبو القاسم البغوي وعنده: "ولا تضر مسلما"
وفي صحيح ابن حبان عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طيرة والطيرة على من تطير"
وقال النخعي قال عبد الله بن مسعود:
لا تضر الطيرة إلا من تطير.
و معنى هذا أن من تطير تطيرا منهيا عنه ,وهو أن يعتمد على ما يسمعه أو يراه مما يتطير به حتى يمنعه مما يريد من حاجته فإنه قد يصيبه ما يكرهه
فأما من توكل على الله ووثق به بحيث علق قلبه بالله خوفا ورجاء وقطعه عن الإلتفات إلى هذه الأسباب المخوفة وقال ما أمر به من هذه الكلمات ومضى فإنه لا يضره ذلك.
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع نعق الغراب قال: "اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك"
__________________
أشكو إلى الله كما قد شكى ... أولاد يعقوب إلى يوسف
قد مسني الضر وأنت الذي ... تعلم حالي وترى موقفي
بضاعتي المزجاة محتاجة ... إلى سماح من كريم وفي
فقد أتى المسكين مستمطرا ... جودك فارحم ذله واعطف
فاوف كيلي وتصدق على ... هذا المقل البائس الأضعف
أبو عبد البر طارق دامي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس