عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2011, 10:21 AM   #2
إداري
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
افتراضي رد: (ضوابط تعبير الرؤيا ) للشيخ عبد الله الطيار ..

تابع كلام الشيخ حفظه الله :
رابعاً : رؤيا الفساق:
ورؤياهم يقل فيها الصدق ويكثر فيها الأضغاث الذي هو من تلاعب الشيطان.

خامساً: رؤيا الكفار:
وهي التي يندر فيها الصدق وذلك لخبثهم وكفرهم بالله ورسله وغالبها من الشيطان لكن قد يرون رؤيا صادقة لكن هل هي من الوحي أو نقول بأنها جزء من ست وأربعين جزءاً من النبوة: أجاب الإمام القرطبي عن ذلك فقال: وإن قيل: (إذا كانت الرؤيا الصادقة جزءاً من النبوة فكيف يكون الكافر والكاذب والمخلط أهلالها.
فالجواب أن الكافر والفاجر والفاسق والكاذب وإن صدقت رؤياهم في بعض الأوقات لا تكون من الوحي ولا من النبوة إذ ليس كل من صدق في حديث عن غيب يكون خبره ذلك نبوة وقد تقدم في (الأنعام) أن الكاهن وغيره قد يخبر بكلمة الحق فيصدق، لكن ذلك على الندور والقلة وكذلك رؤيا هؤلاء ( ).


العلامات التي يستدل بها
على معرفة الرؤيا

أولاً : علامات الرؤيا الصالحة :
1- أن تكون خالصة من الأضغاث والأوهام المفزعة المقلقة.
2- أن تكون مما يصلح إدراكه في اليقظة فلا يرى في المنام أمراً يجمع بين متضادين كأن يرى إنساناً قائماً جالساً.
3- أن لا يكون الإنسان نائماً وباله مشغول بأمر ما فإن الغالب على مثل هذه الرؤيا أن تكون رؤيا تحديث الإنسان بما يقع في نفسه كأن يكون عطشاناً فيرى في المنام أنه شرب أو جوعاناً فيرى أنه يأكل وغير ذلك.
4- أن تكون هذه الرؤيا قابلة للتأويل وموافقة لما في اللوح المحفوظ فإن كانت رؤيا تارة يرى فيها كذا وتارة يرى فيها كذا وهكذاا فهذه لا تسمى رؤيا صالحة صادقة لأن كون الرؤيا صالحة لابد من تناسقها وترتيبها على الوجه الذي يمكن تأويلها به.

ثانياً : أما عن الرؤيا التي هي من عمل الشيطان فهي بخلاف ما ذكرناه تماماً فإن اشتملت على تحزين وأوهام وخوف وغيره فلا ينظر إليها لكونها من عمل الشيطان.
قال العلاَّمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله:
والفرق بين الأحلام التي هي أضغاث أحلام لا تأويل لها مثل ما يراه من يفكر ويطيل تأمله لبعض الأمور فإن كثيراً ما يرى في منامه من جنس ما يفكر في يقظته فهذا النوع الغالب عليه أنه أضغاث أحلام لا تعبير له.
وكذلك نوع آخر ما يلقيه الشيطان على روح النائم من المرائي الكاذبة والمعاني المتخبطة فهذه أيضاً لا تعبير لها ولا ينبغي للعامل أن يشغل بها فكره، بل ينبغي له أن يلهى عنها وأما الرؤيا الصحيحة فهي إلهامات يلهمها الله للروح عند تجردها عن البدن وقت النوم أو أمثال مضروبة يضربها الملك للإنسان ليفهم بها ما يناسبها وقد يرى الشيء على حقيقته ويكون تعبيره هو ما رآه في منامه( ).



ضـوابط تعـبـيـر الرؤى

تمهيـد :
إن مما يؤسف له في هذه الأزمنة المتأخرة أن كثر المعبرون للرؤى ولا نعني بذلك أهل الخبرة بالتعبير والتأويل ولكن نعني من تجرأ عليها بدون وعي ولا إدراك وظن أن الأمر سهل ونسي أنها ما دامت جزءاً من النبوة فلا يجوز التجرؤ عليها وعلى تأويلها إلا بالعلم وقوة الإدراك فكم سمعنا عن أناس عبروا الرؤيا بأمور غير صحيحة فأفسدت على الرائي أمور دنياه فقطعت الرحم المأمور بإيصالها وتشتت الأسر المأمور باجتماعها كل ذلك بسبب تعبير خاطىء.
ولما كانت الرؤيا تأخذ جانباً كبيراً من جوانب حياة بعض الناس كان ولابد من وضع ضوابط للتعبير وقبل أن ندخل في بيان ضوابط تعبير الرؤيا نتساءل فيما بيننا لماذا تجرأ البعض على التعبير دون علم؟ هذا سؤال ينبغي أن نجيب عليه نظراً لخطورة هذا الأمر وكثرة من يقع فيه.

فـمـن الأسـباب :
1- ضعف الوازع الديني:
إن الوازع الديني هو المحرك للقلوب وهو العاصم لها بعد توفيق الله من الوقوع فيما لا ينبغي، فلو أن كل عاص تذكر أن دينه لا يسمح له أن يتقول على الله بلا علم ماتجرأ على ذلك بل تحرى ما يصلحه في أمور دينه ودنياه.

2- الغفلة عن الآخرة:
فإن أهل التأويل المتطفلين أي الذين لا يعبثون ولا يقدرون الأمور تقديرها هم في الحقيقة غافلون عن الآخرة ووقوفهم بين يدي الله تعالى.
فقد تكون الرؤيا بمثابة دعوة إلى استقامة أو دعوة إلى أن يتخلص صاحبها من أمور منكرة هو واقع فيها فإذا بالمعبر لها يعبرها بطريقة خطأ فما كان من الرائي إلا أن بقي على ما هو عليه وبالتالي لا يستقيم على طاعة ولا يقلع عن معصية وهنا يكون المعبر سبباً في هلاكه وعذابه يوم القيامة وهنا سيسأل المعبر عن تعبيره الخاطىء ما دام أنه ليس أهلاً للتعبير.
ومن الأسباب أيضاً:

3- حُـب الشهرة :
وهذه أعظم آفة يصاب بها بعض معبري زماننا وذلك لكثرة الرؤى في هذه الأزمنة.

4- قـلـة العـلـم :
ونعني بالعلم هنا العلم الشرعي الموصل إلى معرفة الرب سبحانه ومعرفة شرعه. فلو علم هؤلاء حقيقة المعبود وحقيقة شرعه ما تجرؤوا على ذلك.
قال تعالى: ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) ( ).
وخلاصة هذا الأمر أني أذكِّر إخواني بما قاله الإمام مالك في ذلك حين سُئل:
قيل لمالك: أيعبر الرؤيا كل أحد؟ فقال أبالنبوة يلعب؟
وقال مالك : لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها فإن رأى خيراً أخبره وإن رأى مكروهاً فليقل خيراً أو ليصمت، فقيل هل يعبرها على الخير وهي عنده على المكروه لقول من قال إنها على ما تأولت عليه؟ فقال: لا ثم قال: الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة( ).
الضوابط المعتبرة في تعبير الرؤيا:
إن من محاسن شريعتنا أنها جعلت لكل ما فيه صلاح لأفرادها ومجتمعاتها ضوابط لكي لا ينحرف أفرادها عن الطريق المستقيم حفاظاً على كيان الأفراد والمجتمعات، ولما كانت الرؤيا منزلتها عظيمة في ديننا كان ولابد من وجود ضوابط معتبرة لكي يهتدي بها أصحابها عند إرادة تعبير رؤياهم، وهذه الضوابط لا شك أنها تخدم المعبر قبل أن تخدم صاحب الرؤيا لأن الخطر الأعظم ليس في حق الرائي وإنما في حق صاحب التأويل وقد ذكرنا ذلك آنفاً، فما هي الضوابط المعتبرة إذاً لكي يسلم الأفراد وتسلم المجتمعات ممن يقومون بتأويل الرؤيا دون علم ولا إدراك؟
نقول وبالله التوفيق: هناك ضوابط معتبرة لصاحب الرؤيا وضوابط معتبرة للمعبر أما الضوابط المعتبرة في صاحب الرؤيا:
1- إذا أراد أن تصدق رؤياه فليكن الصدق خلقه وليحذر الكذب والغيبة والنميمة.
2- يستحب أن ينام على وضوء لتكون رؤياه صالحة.
3- التزام العفة فإن غير العفيف يرى الرؤيا ولا يذكر شيئاً منها لضعف نيته وكثرة ذنوبه ومعاصيه.
4- أن لا يقصها على جاهل أو عدو فإن الرؤيا على رجل طائر ما لم يحدث بها فإذا حدث بها وقعت.
5- أن لا يقصها على معبر وفي بلده أو في وطنه من هو أحذق منه في التعبير ألا ترى ما جاء في ملك مصر حين رأى ما رأى فقص رؤياه على معبري بلده فقالوا له أضغاث أحلام فسأل عنها يوسف فعبرها له.
6- أن يحترز من الكذب في رؤياه قال صلى الله عليه وسلم (من كذب في الرؤيا كلف يوم القيامة عقد شعيرتين، ومن كذب على يمينه لا يجد رائحة الجنة وإن أعظم الفرية أن يفترى الرجل على عينيه يقول رأيت ولم ير شيئاً).

أما الضوابط المعتبرة في حق المعبر:
1- أن يكون عالماً حاذقاً بعلم تأويل الرؤى.
2- أن لا يؤولها إلا بعلم وإدراك.
3- إذا قصت عليه الرؤيا أن يقول خيراً أو يقول خيراً تلقاه وشراً تتوقاه.
4- أن يكتم على الناس عوراتهم فلا يذهب فيقول فلان رأى كذا أو كذا مما فيه كشف لعوراته ونحوه.
5- أن لا يعبر الرؤيا إلا بعد أن يتعرف ويميز كل جنس وما يليق به.
6- أن يكون فطناً ذكياً تقياً نقياً من الفواحش عالماً بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولغة العرب وأمثالها وما يجري على ألسنة الناس.
7- أن لا يعبر الرؤيا وقت الاضطرار.
8- أن يعبر الرؤيا على مقادير الناس ومذاهبهم وأديانهم وبلدانهم مع الاستعانة بالله سبحانه وتعالى وسؤاله التوفيق والسداد في تعبيره للرؤيا.
9- إذا لم يمكنه تأويلها فإن الأولى أن يحيلها على من هو أعلم منه بالتأويل ولا يتحرج في ذلك.
10- إذا كانت الرؤيا فيها شيء يكرهه صاحبها فإنه يصمت أو ليقل خيراً وذلك بأن يدعو صاحبها إلى التزام تقوى الله ويذكره بوقوفه بين يديه وينصح له وغير ذلك مما فيه مصلحة.
11- أن ينوي بتعبيره التقرب إلى الله بذلك لأن هذا كان مسلكاً من مسالك الأنبياء يعني مسلك التعبير فإن نواه على أنه قربة إلى الله أُجر على ذلك.
12- أن لا يعبر الرؤيا حتى يعرف لمن هي ولا يعبرها على المكروه وهي عنده على الخير ولا على الخير وهي عنده على المكروه.

أما عن تعبير الرؤيا وطريقة ذلك، فاعلم أن تأويلها ينقسم إلى أقسام قال ذلك الإمام البغوي رحمه الله:
الأول : قد تكون بدلالة القرآن كتأويل الحبل بالعهد كقوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً).
الثاني: قد تكون بدلالة السنة كتعبير القوارير بالنساء كقوله صلى الله عليه وسلم : (يا أنجشة رويدك سوقاً بالقوارير).
الثالث: قد تكون بالأمثال السائرة بين الناس. كالصائغ يعبر بالكذاب لقولهم: أكذب الناس الصواغون.
الرابع: قد يكون مستنداً إلى الأسماء والمعاني: (أي التفاءل فيها) كمن رأى رجلاً يسمى راشداً فيعبر بالرشد وسالماً يعبر بالسلامة.
الخامس: أنه قد يكون التأويل بالضد والقلب كالخوف في النوم يعبر بالأمن والأمن يعبر بالخوف والضحك بالحزن وهكذا( ).
وهنا أختم هذه الضوابط بما قاله العلاّمة ابن سعدي – رحمه الله – في ذكره للفوائد من سورة يوسف عليه السلام.
ومنها أن علم التعبير من العلوم الشرعية وأنه يثاب الإنسان على تعلمه وتعليمه وأن تعبير الرؤيا داخل في الفتوى لقوله للفتيين (قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ).
وقال الملك (أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي) وقال الفتى ليوسف (أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ) فلا يجوز الإقدام على تعبير الرؤيا من غير علم( ).
قلت: وإذا كان علم التأويل نوعاً من الإفتاء فليعلم المعبر أنه يوقع إمضاء الله على إفتائه كما قال ذلك الإمام أحمد – رحمه الله -.
الآثار السلبية لبعض الـمعبرين - من غير الـمجيدين -:
ذكرنا فيما سبق خطورة تأويل الرؤيا على غير مرادها وذكرنا بعض الأسباب التي أدت إلى التجرؤ عليها لكن هل هناك آثار سلبية يؤدي إليها هذا التعبير الخاطيء.

نعم هناك سلبيات كثيرة تحدث من جراء التعبير الخاطيء للرؤيا منها:

1- أن بعض الناس يضعف توكلهم على الله تعالى وذلك باعتمادهم على رؤياهم فقد يحدث للإنسان أن يرى رؤيا فتفسر له على حصول شيء له فينظر هذا الشيء دون الأخذ بأسباب تحصيله إن كان خيراً أو الأخذ بأسباب اجتنابه إن كان شراً وهذا أمر مشاهد ومن هنا يضعف التوكل.
2- ومن الآثار السلبية للرؤيا إثارة الخوف والفزع عند الناس. مما تجده عند تعبير الرؤيا وذلك إذا عبرت من حاذق تجد أن من عبرت له يصاب بخوف ورعب من هذا التعبير ونحوه فلو سكت المعبر عن تعبيره أخذاً بأسباب السلامة له ولصاحبها لكان أولى وأسلم.
3- ومن الآثار السلبية أيضاً الاعتماد عليها الذي يؤدي إلى الكسل والبطالة عند كثير من الناس فتراهم إذا وجدوا شيئاً فيه خير لهم اعتمدوا عليه مما يؤدي إلى ركونهم إلى هذه الرؤيا وبالتالي يحدث الكسل والبطالة.
4- ومن الآثار السلبية لبعض المعبرين غير المجيدين: ظلم الآخرين والاعتداء عليهم. فقد يرى بعض الناس رؤيا ثم تعبر له بطريق الخطأ فيقال له هناك بعض الناس عدو لك فإما أنه يخبره به أو يصفه له وبالتالي يحدث هنا الظلم للآخرين الذي يترتب عليه الاعتداء عليهم إما بالضرب أو السب أو ذكرهم بما لم يكن فيهم ونحوه.
5- ومن الآثار السلبية أيضاً تخريب البيوت وهذا أمر مشاهد ومعروف فقد يرى بعض الناس أمراً ما فيعبر له على أن زوجته أو أحد أقاربه يقولون في حقك كذا أو أن زوجتك يحصل منها كذا مما يكرهه هو وبالتالي يحدث أشياء تؤدي إلى خراب هذا البيت أو قطع صلة رحم.
6- ومن الآثار السلبية أيضاً تساهل كثير من النساء في الكلمات دون حاجة تذكر وهذا مما يعاني منه الكثير وهذا ناتج بلا شك عن الجهل بأحكام الرؤيا وتعبيرها.
7- ومنها أيضاً أن بعض الناس قد يصاب بأمر ما فيري رؤيا فيعبرها له فلان من الناس الذي هو غير مجيد لها فيقول له إن فلاناً من الناس هو الذي أصابك بهذا السحر أو العين وما شابه ذلك وهذا من أعظم الأمور خطراً فإنه يوقع العداوة والبغضاء بين العشائر والقبائل ويترتب عليه أيضاً أمور لا ينبغي ذكرها وهذا بلا شك ناتج عن جهل المعبر لهذه الرؤيا.

الفوائد المستنبطة من رؤيا يوسف عليه السلام

قال الله تعالى: ( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )( ).

الفوائد الـمستنبطة:

الفائدة الأولى:
مشروعية قص الرؤيا على أهل العلم والفضل فيعقوب نبي وهو من أهل العلم والفضل ولذا قصها يوسف عليه ولعلمه بتأويله لها.

الفائدة الثانية:
معرفة يعقوب عليه السلام برؤيا يوسف وغايتها وما تؤول إليه ووسائلها التي تتقدم عليها ففسر الشمس والقمر بأبيه وأمه والأحد عشر كوكباً بإخوته وأن الحال سيكون بأن الجميع سيسجد له.

الفائدة الثالثة:
حصول المكانة العظيمة ليوسف عند أبويه عند رؤياه التي قصها عليه ولذا تراه كان معظماً تعظيماً بليغاً عندهم.

الفائدة الرابعة:
أن حصول الرؤيا الصالحة لا تكون لكل البشر فلا تحصل لأهل العلوم الفاسدة والأعمال الخبيثة الذين ينشرون الرذيلة في المجتمعات بل لا تكون إلا لأهل الاجتباء من الله فلا تحصل إلا لأهل العلوم النافعة والأعمال الصالحة والأخلاق الجميلة. ولذا قال يعقوب ليوسف : (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ).

الفائدة الخامسة :
أن من علم أن المكاره والمشقات تفضي إلى الخير والراحات تسلى وهانت عليه مشقتها وسهلت عليه وطأتها وحصل بذلك من اللطف والروح شيء عظيم وهذا من جملة اللطف الذي أشـار إليه يوسف في قوله: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ)( ).
فيوسف عليه السلام عند تفسير رؤيا أبيه له علم أنه ستكون له مكانة عظيمة ولكن لا يكون ذلك إلا بعد حصول مكروه له فيجب عليه أن يصبر فكأن يعقوب بذلك يريد أن يسهل على ابنه وطأة ما يحصل له وهكذاا ينبغي لكل معبر أنه إذا عبر لإنسان رؤياه وكان مآلها إلى خير لكن بعد حصول مكروه للرائي فإنه يدعو الرائي إلى الاستعداد ولمقابلة ما يحدث له.

الفائدة السادسة:
البشارة العظيمة ليعقوب وأم يوسف وأخوته بحصول الرفعة والصلاح والخير.

الفائدة السابعة:
أنه يتعين على الإنسان أن يعدل بين أولاده وينبغي له إذا كان يحب أحدهم أكثر من غيره أن يخفي ذلك ما أمكنه وأن لا يفضله بما يقتضيه الحب من إيثار بشيء من الأشياء فإنه أقرب إلى صلاح الأولاد وبرهم له واتفاقهم فيما بينهم.
ولهذا لـما ظهر لأخوة يوسف من محبة يعقوب الشديدة ليوسف وعدم صبره عنه وانشغاله به عنهم سعوا في أمر وخيم وهو التفريق بينه وبين أبيه.

الفائدة الثامنة:
في قوله تعالى:(لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) ( ). ففيها الآتـي:
1- أن الأصل أن لا تقص الرؤيا إلا على شفيق أو ناصح ولا تقص إلا على من يحسن تأويلها.
2- أن يحذر المسلم أخاه المسلم وإن كان أخاه في النسب مما يخاف عليه.
3- جواز ترك إظهار النعمة عند من يخشى غائلته حسداً وكيداً.
4- فيها أيضاً دليل واضح على معرفة يعقوب بتأويل الرؤيا فإنه علم من تأويلها أنه سيظهر عليهم.
5- أنه يجوز ذكر الإنسان بما يكره على وجه النصيحة لغيره وهذا لقوله تعالى:(فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً)( ).

الفائدة التاسعة :
في قول إخوة يوسف لأبيهم: (يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ) ( ).
أن العبرة في حال العبد بكمال النهاية لا بنقص البداية فإن أولاد يعقوب جرى منهم ما جرى في أول الأمر مما هو أكبر أسباب النقص واللوم ثم انتهى أمرهم إلى التوبة النصوح والسماح من يوسف ومن أبيهم الدعاء لهم بالـمغفرة.

الفوائد الـمتسنبطة من رؤيا ملك مصر

قال الله تعالى:(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ * قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ) ( ).

الفائدة الأولى:
أن مكانة الرؤيا عظيمة في نفوس أصحابها فكان ولابد من عرضها على أهل تأويلها ولذا أرسل الملك إلى أهل العلم منهم والبصر بالكهانة والنجامة والعرافة والسحر وأشراف قومه وقص عليهم رؤياه ( ).

الفائدة الثانية :
أن هذه الآيات أصل في صحة رؤيا الكافر وأنها تخرج على حسب ما رأى لا سيما إذا تعلقت بمؤمن فكيف إذا كانت آية لنبي، ومعجزة لرسول وتصديقاً لمصطفى التبليغ ( ).

الفائدة الثالثة :
قال الإمام القرطبي: في الآية دليل على بطلان قول من يقول: إن الرؤيا على أول ما تعبر لأن القوم قالوا:(أَضْغَاثُ أَحْلامٍ) ولم تقع كذلك فإن يوسف فسرها على سني الجدب والخصب، فكان كما عبر وفيها دليل على فساد أن الرؤيا على رجل طائر فإذا عبرت وقعت)( ).
قلت : وكلام الإمام القرطبي رحمه الله فيه نظر لأن الذي قال بأن الرؤيا على رجل طائر فإذا عبرت وقعت هو النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد روى أحمد وأبوداود وابن ماجة عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت) قال الراوي وأحسبه قال: (لا يقصها إلا على واد يعني محب أو ذي رأي) ( ).

الفائدة الرابعة :
قوة يوسف عليه السلام في تعبير الرؤيا فلما عجز الناس عن تفسير رؤيا الملك للبقرات والسنبلات بالسنين الخصبة والسنين الجدبة.
ووجه المناسبة أن الملك به ترتبط أحوال الرعية ومصالحها وبصلاحه تصلح وبفساده تفسد.
وكذلك السنون بها صلاح أحوال الرعية واستقامة أمر الناس أو عدمه. وأما البقر فإنها تحرث الأرض عليها ويستقي عليها الماء. وإذا أخصبت السنة سمنت وإذا أجدبت صارت عجافاً.
وكذلك السنابل في الخصب، تكثر وتخضر وفي الجدب تقل وتيبس وهي أفضل غلال الأرض.

الفائدة الخامسة :
أنه ينبغي للمسؤول أن يدل السائل على أمر ينفعه مما يتعلق بسؤاله ويرشده إلى الطريقة التي ينتفع بها في دينه ودنياه فإن هذا من كمال نصحه وفطنته وحسن إرشاده، فإن يوسف لم يقتصر على تعبير رؤيا الملك بل دلهم – مع ذلك – على ما يضعون في تلك السنين المخصبات من كثرة الزرع وكثرة جبايته ( ).


الأصول المتبعة في رؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام

كثيراً ما نسمع أن بعض الناس رأى النبي صلى الله عليه وسلم وكل هذا لا شك حق ولكن تُرى هل الأمر على إطلاقه بمعنى هل كل من رأى رؤيا وزعم فيها أنه النبي صلى الله عليه وسلم نصدقه ابتداءً دون وضع ضوابط لزعمه.
لا شك أنه لابد من وجود ضوابط معتبرة وهذه الضوابط وضعها النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد جاء في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) ( ).
وله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل بي الشيطان) ( ).
ولمسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رآني في المنام فقد رآني، فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتشبه بي) ( ).

من نظر إلى هذه الأحاديث وجد أنها جاءت بعدة أمور:

الأمـر الأول:
ثبوت رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فإذا جاء إليك أحد فقال لك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم لا تكذبه.

الأمـر الثاني:
أن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم ليست مقصورة على أهل الصلاح بل العصاة كذلك يرونه وذلك لأن الأحاديث لم تخصص بل جاءت عامة ولذا قال الإمام النووي ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم تكون للصالحين وغيرهم.

الأمـر الثالث:
أن الشيطان لا يمكنه أن يتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا من تمام حفظ الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم.

الأمـر الرابع:
أنه ينبغي معرفة صفة النبي صلى الله عليه وسلم الخَلْقية لكي تعرف هل هو أم لا لأن الشيطان يستطيع أن يكذب ولكنه لا يستطيع أن يتمثل بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا جاء الرجل وقال إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فنقول له نعم لكن صف لنا ما رأيت فإن قال رأيت رجلاً طويلاً يلبس عمامة كبيرة وثوباً يجرجر على الأرض ليس له لحية وبيده مسبحة طويلة فنقول له هذه ليست رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم بل هذا شيطان لأن الشيطان يستطيع أن يأتي بهيئته التي جاءت بها نصوص السُنة المعروفة من كونه صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ولحيته كانت كذا وثوبه كان كذا فإن جاءت بخلاف ذلك فأعلم أنها ليست برؤيا النبي صلى الله عليه وسلم.

قال في فتح المنعم( ):
(لكن لابد من معرفة صفاته صلى الله عليه وسلم لأن الشيطان يلبس على ابن آدم بكل طريقة وفي كل مجال، فقد يخيل للشخص أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو لم يره بل من تلبيس الشيطان، ولا يفيد قول المثال المرئي : أنا رسول الله، ولا قول من حضر معه: هذا رسول الله لأن الشيطان يكذب لنفسه ويكذب لغيره وقد ضل في هذا الشأن خلق كثير من الصوفية ونحوهم والعياذ بالله.

وسنذكر هنا بعض صفاته صلى الله عليه وسلم الخلقية لكي يتعرف من رآه في منامه هل رآه حقاً أم هو من تلبيس الشيطان له:

1- كان صلى الله عليه وسلم ربعة من الرجال (يعني مربوعاً وهو ما بين الطويل والقصير).
2- بعيد ما بين المنكبين.
3- ليس بالطويل البائن ولا بالقصير.
4- ولا بالأبيض الأمهق ولا الآدم (والمعنى أنه ليس كريه البياض كلون الجص ولا شديد السمرة ولكن هو بين ذلك).
5- أزهر اللون، مشرباً بحمرة في بياض ساطع كأن وجهه القمر حسناً.
6- ضخم الكراديس: أي ضخم رؤوس العظام أو ملتقى كل عظمين ضخمين كالركبتين.
7- أوطف الأشغار والمعنى طويل أهداب العينين.
8- أدعج العينين: أي شديد سواد العينين.
9- واسع الفم مفلج الأسنان براق الثنايا.
10- حسن الأنف.
11- ضخم اليدين.
12- كث اللحية واسعها.
13- أسود الشعر ليس بالجعد القطط ولا بالسبط له شعر يبلغ شحمه أذنيه، لم يبلغ شيب رأسه ولحيته عشرون شيبة.

هل ينبني على الرؤيا حكم شرعي؟

سؤال قد لا يرد على عقول أهل البصيرة والالتزام إذ كيف يسوغ لأحد من البشر أن يجعل أحكام الشريعة مصدرها الرؤى والأحلام، ولكن حين تقرأ كتب الأولين تجد أن هناك من ضل في هذا الجانب وبخاصة غلاة الصوفية الذين يرتكبون المحرمات ويتركون الواجبات بحجة رؤياهم التي هي بلا شك وحي من الشيطان وليست بوحي من الرحمن فلا تستغرب من قوم يقولون (حدثني قلبي عن ربي أن أفعل كذا) أو يقول (أخذتم علمكم عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت) يعنون أن علمهم جاء عن طريق الإلهام الرباني الذي قذفه الله في قلوبهم ولذا تراهم لا يبالون بفعل محرَّم أو ترك واجب هذا فضلاً عن شركهم وكفرهم القولي والعقدي.
قال الإمام الشاطبي رحمه الله في الاعتصام في رده عليهم:
فلربما قال بعضهم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال لي كذا وأمرني بكذا فيعمل بها معرضاً عن الحدود الموضوعة في الشريعة وهو خطأ لأن الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعاً على أي حال إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية، فإن سوغتها عمل بمقتضاها وإلا وجب تركها والإعراض عنها... إلى أن قال رحمه الله فلا يستدل بالرؤيا في الأحكام إلا ضعيف الـمُنَّـة أي ضعيف القوة ( ).

وخلاصة القول في ذلك أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يثبت بالرؤيا حكم شرعي حتى ولو رأى النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد يقول قائل: أنا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأمرني بكذا وهو حكم يخالف الشريعة فهذا مردود وبلا شك لأن الشرع الذي شرعه الله لنا على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد كمله الله تعالى قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ). ( ).
لكن هناك أمر مهم وهو أن الرؤيا قد يستأنس بها في بعض الأحكام الشرعية فقد يُفتي بعض الناس بحكم شرعي في مسألة ما ثم يرى في رؤياه صحة قول المفتي الذي أفتاه فهنا نقول بأنه يستأنس بهذه الرؤيا في صحة قول من أفتى وهذا قد حصل.

السـؤال عن الرؤيا

مما لا شك فيه أنه يستحب السؤال عن الرؤيا وعن تعبيرها لكي يستفاد بها أما الغفلة عنها وتركها فهذا ليس من هدي سلف الأمة.
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل أصحابه عن الرؤيا فمن كان منهم قد رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم فيعبرها له وكذا نبينا صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى رؤيا قصها وعبرها لأصحابه وهكذاا كان هديه صلوات الله وسلامه عليه وكذا هدي أصحابه فعلم من هديهم أنه يستحب السؤال عن الرؤيا وقصها للاستفادة منها.
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني مما يكثر أن يقول لأصحابه: هل رأى أحدُ منكم رؤيا؟ قال فيقص عليه ما شاء أن يقص) وذكر الحديث بطوله في البخاري ( ).
لكن ما ذكرناه ليس على إطلاقه بمعنى أنه ليس كل ما يرى في المنام يطلب الإنسان تعبيره فقد ذكرنا فيما سبق أن الأضغاث لا يقصها الإنسان على أحد لكي يعبرها له ولا يلتفت لها وهذا مما نعاني منه كثيراً وبخاصة من النساء هداهن الله.
وخلاصة الأمر: أن من رأى رؤيا صالحة شرع له أن يسأل عنها لكي يستفيد منها ولا يسأل عنها إلا من توفرت فيه الشروط المعتبرة في المعبر التي مر ذكرها أما الرؤيا غير الصالحة التي هي من الشيطان فلا يلتفت إليها ولا يقصها على أحد.


أوقـات تعبيـر الرؤيـا
ذهب ابن سيرين إلى القول بأن الرؤيا لا تعبر في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها وهي بعد صلاة الصبح والعصر وقبل الزوال وهذا مـما ليس له دليل بل جاء في صحيح البخاري ما يبطل هذه الدعوى يعني دعوى النهي عن تعبير الرؤيا في أوقات النهي.
قال الإمام البخاري رحمه الله : باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح وذكر حديث سمرة بن جندب السابق: قال ابن حجر رحمه الله: فيه إشارة إلى ضعف ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن سعيد بن عبد الرحمن عن بعض علمائهم قال: لا تقصص رؤياك على امرأة ولا تخبر بها حتى تطلع الشمس وفيه إشارة إلى الرد على من قال من أهل التعبير أن المستحب أن يكون تعبيرها من بعد طلوع الشمس إلى الرابعة ومن العصر إلى قبل الغروب فإن الحديث دال على استحباب التعبير قبل طلوع الشمس ولا يخالف قولهم بكراهة تعبيرها في أوقات كراهة الصلاة ( ).

أما عن الحكمة من تعبيرها بعد صلاة الصبح:
قال ابن حجر رحمه الله: قال المهلب: تعبير الرؤيا عند صلاة الصبح أولى من غيره من الأوقات لحفظ صاحبها لها ولقرب عهده بها وقبل ما يعرض له نسيانها ولحضور ذهن العابر وقلة شغله بالفكرة فيما يتعلق بمعاشه وليعرف الرائي ما يعرف له بسبب رؤياه فيستبشر بالخير ويحذر من الشر ويتأهب لذلك فربما كان في الرؤيا تحذير عن معصية فيكف عنها وربما كانت إنذاراً لأمر فيكون له مترقباً قال فهذه عدة فوائد لتعبير الرؤيا أول النهار انتهى ملخص ( ).

التواطؤ على الرؤيـا

إذا توافق جماعة على رؤيا ما فهذا يسمى تواطؤاً حتى وإن اختلفت عبارتهم، والتواطؤ على الرؤيا يدل على صدقها وصحتها.
قال ابن حجر رحمه الله عند شرحه لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن أناساً أروا ليلة القدر في السبع الأواخر...) الحديث.
قال رحمه الله:
ويستفاد من الحديث أن توافق جماعة على رؤيا واحدة دال على صدقها وصحتها كما تستفاد قوة الخبر من التوارد على الأخبار من جماعة ( ).

هل يلزم وقوع الرؤيا بعد تعبيرها مباشرة ؟

بعض الناس ينتظر حصول ما رآه بعد تعبير المعبر له رؤياه وهذا مما لا شك فيه أمر غير صحيح لأن حصول مقصود الرؤيا قد يتأخر سنة أو ثلاثاً أو أكثر ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رؤياه لفتح مكة قبل أن يفتحها بعام بل ألا ترى أن يوسف عليه السلام لم تحصل له رؤياه إلا بعد أكثر من ثلاثين عاماً فحصول أمر كوني قدري يحصل بتقدير الله سبحانه وتعالى له في وقته الذي هو مكتوب عنده في لوحه المحفوظ.
والاستعجال بوقوعها أمر غير مطلوب ولكن ينبغي للإنسان أن يهيىء نفسه لحصول رؤياه إن كان فيها بشرى ينتظرها وإن كان فيها إنذار فليستعد له.
محب الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس