قال الشيخ الخثلان حفظه الله :
يثير بعض الناس أمرا متعلقا بالاعتماد على الحساب، يقولون: أنتم تعتمدون على الحساب في أوقات الصلوات، فلماذا لا تعتمدون على الحساب في إثبات دخول الشهر؟ وأقول: هذا الإيراد ذكره القرافي -رحمه الله- في كتابه الفروق، في الفرق الثاني والمائة، كتاب الفروق كتاب قيم، ذكر هذا الإيراد في كتابه الفروق في الفرق الثاني والمائة، قال الفرق الثاني والمائة بين قاعدة أوقات الصلوات يجوز إثباتها بالحساب والآلات وكل ما دل عليها، وبين قاعدة الأهلة في الرمضانات لا يجوز إثباتها بالحساب .
ثم بين -رحمه الله- هذا الفرق، وقال: إن الله تعالى جعل أسبابا لوجوب الصلوات، فمتى علم السبب بأي طريق لزم الحكم، فجعل نصب، قال: إن الله تعالى نصب زوال الشمس سببا لوجوب صلاة الظهر، فمتى ما علم زوال الشمس بأي طريق فحينئذ لزم الحكم، وهكذا بالنسبة لوقت العصر والمغرب والعشاء والفجر، فمتى ما علمت هذه الأسباب التي نصبها الشارع لزم الحكم، إذا علمنا زوال الشمس بأي طريق لزم الحكم، علمنا أن يصبح طول ظل كل شيء مثله بعد ظل الزوال بأي طريق لزم الحكم، وهكذا، فجعل لأوقات الصلوات أسباب، متى ما علم هذا السبب لزم الحكم، فيمكن أن نعرف هذا السبب عن طريق الحساب الفلكي .
قال: وأما بالنسبة للأهلة، فلم ينصب صاحب الشرع خروجها خروج الشمس من الشعاع سببا للصوم، خروجها يعني خروج الأهلة من الشعاع، يعني من شعاع الشمس، سببا للصوم، بل رؤية الهلال خارجا من شعاع الشمس هو السبب، فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي، قال: فصاحب الشرع لم ينصب نفس خروج الهلال عن شعاع الشمس سببا للصوم .
خلاصة هذا الكلام نقول إن الشارع في أوقات الصلوات نصب أسبابا لدخول الوقت، فمتى علم هذا السبب بأي طريق دخل الوقت، ويمكن أن نعرف هذا السبب عن طريق الحساب الفلكي، أما بالنسبة لدخول الشهر، فقد جعل الشارع المعول عليه في ذلك هو الرؤية، ولم يجعل المعول عليه في ذلك هو الحساب، أو خروج الهلال كما ذكر من شعاع الشمس، وإنما المعول عليه الرؤيا .
فنجد أنه في دخول الشهر قال:
صوموا لرؤيته
ولم يقل لخروج الهلال من الشعاع، وإنما قال صوموا لرؤيته، بينما في وقت صلاة الظهر قال:
أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ
يعني لزوال الشمس، فهذا هو الفرق، وبذلك نعرف أنه لا يصح هذا القياس، لا يصح قياس إثبات دخول الشهر على أوقات الصلوات في الاعتماد على الحساب، هذا ما يتعلق ببحث هذه المسألة .