| |||||
|
04-25-2011, 05:25 PM | #1 |
داعية مميز | سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على رسول الله و على صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فهذه مواعظ قصيرة جعلتها عونا لنفسي و إخواني للتزود ليوم الميعاد و الإستعداد, و التأهب للموت قبل الفوت, فلعلها توقظ راقدا أو تنبه غافلا , وهي عبارة عن: آيات قرآنية أحاديث أقوال و مواقف السلف قصص وقد أهمل في بعض الأحيان المصادر و الأشخاص , لمصلحة رأيتها ولأن المقام مقام وعظ و ليس تأصيل المسائل. ما كل من وصف الدواء يستعمله ... ولا كل من وصف التقى ذو تقى وصفت التقى حتى كأني ذو تقى ... وريح الخطايا من ثيابي تعبق فوائد مجالس التذكير كانت مجالس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه عامتها مجالس تذكير بالله وترغيب وترهيب إما بتلاوة القرآن أو بما آتاه الله من الحكمة والموعظة الحسنة وتعليم ما ينفع في الدين كما أمره الله تعالى في كتابه أن يذكر ويعظ ويقص وأن يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ,وأن يبشر وينذر وسماه الله {مُبَشِّراً وَنَذِيراً ، وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ} [الأحزاب: 45, 46] والتبشير والإنذار: هو الترغيب والترهيب فلذلك كانت تلك المجالس توجب لأصحابه رقة القلب والزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة. حال الناس مع المواعظ قال ابن رجب: يعد سماع الموعظة ينقسم الناس إلى عدة أقسام: فمنهم من يرجع إلى هواه فلا يتعلق بشيء مما سمعه في مجلس الذكر ولا يزداد هدى ولا يرتدع عن ردىء ,وهؤلاء شر الأقسام ويكون ما سمعوه حجة عليهم فتزداد به عقوبتهم وهؤلاء الظالمين لأنفسهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [النحل:108]. ومنهم من ينتفع بما سمعه وهم على أقسام: فمنهم من يرده ما سمعه عن المحرمات ويوجب له التزام الواجبات "وهؤلاء المقتصدون أصحاب اليمين" ومنهم من يرتقي عن ذلك إلى التشمير في نوافل الطاعات والتورع عن دقائق المكروهات ويشتاق إلى إتباع آثار من سلف من السادات "وهؤلاء السابقون المقربون". أقسام الناس في استحضار و الأنتفاع مما سمعوه في مجالس الذكر و ينقسم المنتفعون بسماع مجلس الذكر في استحضار ما سمعوه في المجلس والغفلة عنه إلى ثلاثة أقسام: فقسم يرجعون إلى مصالح دنياهم المباحة فيشتغلون بها فتذهل بذلك قلوبهم عما كانوا يجدونه في مجلس الذكر من استحضار عظمة الله وجلاله وكبريائه ووعده ووعيده وثوابه وعقابه وهذا هو الذي شكاه الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وخشوا لكمال معرفتهم وشدة خوفهم أن يكون نفاقا فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس نفاق. وقسم آخر يستمرون على استحضار حال مجلس سماع الذكر فلا يزال تذكر ذلك بقلوبهم ملازما لهم وهؤلاء على قسمين: أحدهما : من يشغله ذلك عن مصالح دنياه المباحة فينقطع عن الخلق فلا يقوى على مخالطتهم ولا القيام بوفاء حقوقهم وكان كثير من السلف على هذه الحال فمنهم من كان لا يضحك أبدا ومنهم من كان يقول: لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة لفسد. والثاني: من يستحضر ذكر الله وعظمته وثوابه وعقابه بقلبه ويدخل ببدنه في مصالح دنياه من اكتساب الحلال والقيام على العيال ويخالط الخلق فيما يوصل إليهم به النفع مما هو عبادة في نفسه كتعلم العلم والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهؤلاء أشرف القسمين وهم خلفاء الرسل. أشياء أخرى تزهد في الدنيا قال القرطبي في التذكرة: قال العلماء رحمة الله عليهم : ليس للقلوب أنفع من زيارة القبور و خاصة إن كانت قاسية فعلى أصحابها أن يعالجوها بأربعة أمور : أحدها : الإقلاع عما هي عليه بحضور مجالس العلم بالوعظ و التذكر ، و التخويف و الترغيب ، و أخبار الصالحين . فإن ذلك مما يلين القلوب و ينجع فيها . الثاني : ذكر الموت من ذكر هادم اللذات و مفرق الجماعات و ميتم البنين و البنات كما تقدم في الباب قبل ، يروى أن امرأة شكت إلى عائشة رضي الله عنها قساوة قلبها . فقالت لها : أكثري من ذكر الموت يرق قلبك . ففعلت ذلك فرق قلبها . فجاءت تشكر عائشة رضي الله عنها . قال العلماء : تذكر الموت يردع عن المعاصي ، و يلين القلب القاسي ، و يذهب الفرح بالدنيا و يهون المصائب فيها . الثالث : مشاهدة المحتضرين ، فإن في النظر إلى الميت و مشاهدة سكراته ، و نزعاته ، و تأمل صورته بعد مماته ، ما يقطع عن النفوس لذاتها ، و يطرد عن القلوب مسراتها ، و يمنع الأجفان من النوم ، و الأبدان من الراحة ، ويبعث على العمل ، و يزيد في الاجتهاد و التعب . يروى أن الحسن البصري دخل على مريض يعوده فوجده في سكرات الموت فنظر إلى كربه ، و شدة ما نزل به ، فرجع إلى أهله ، بغير اللون الذي خرج به من عندهم فقالوا له : الطعام يرحمك الله فقال : يا أهلاه عليكم بطعامكم و شرابكم . فو الله لقد رأيت مصرعاً لا أزال أعمل له حتى ألقاه . |
04-25-2011, 05:41 PM | #2 |
داعية مميز | رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب حسن خاتمة قال ابن رجب/ لطائف المعارف: ذكر ابن أبي الدنيا بإسناد له أن رجلا من ملوك البصرة كان قد تنسك ,ثم مال إلى الدنيا والشيطان فبنى دارا وشيدها وأمر بها ففرشت له ونجدت ,واتخذ مأدبة, وصنع طعاما ودعا الناس فجعلوا يدخلون فيأكلون ويشربون وينظرون إلى بنائه ويعجبون منه ويدعون له ويتفرقون, فمكث بذلك أياما حتى فرغ من أمر الناس, ثم جلس في نفر من خاصة إخوانه, فقال: قد ترون سروري بداري هذه وقد حدثت نفسي أن أتخذ لكل واحد من ولدي مثلها فأقيموا عندي أياما أستمتع بحديثكم وأشاوركم فيما أريد من هذا لولدي ,فأقاموا عنده أياما يلهون ويلعبون ويشاورهم كيف يبني لولده وكيف يريد أن يصنع, فبينما هم ذات ليلة في لهوهم إذا سمعوا قائلا يقول: من أقاصي الدار: يا أيها الباني الناسي منيته ... لا تأمنن فإن الموت مكتوب على الخلائق إن سروا وإن فرحوا ... فالموت حتف لذي الآمال منصوب لا تبنين ديارا لست تسكنها ... وراجع النسك كيما يغفر الحُوب قال: ففزع لذلك وفزع أصحابه فزعا شديدا وراعهم ما سمعوا من ذلك. فقال لأصحابه: هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم . قال: فهل تجدون ما أجد؟ قالوا: وما تجد؟ قال: أجد والله مسكة على قلبي ما أراها إلا علة الموت. قالوا: كلا بل البقاء والعافية. قال: فبكى وقال: أنتم أخلائي وإخواني فما لي عندكم. قالوا: مرنا بما أحببت . قال: فأمر بالشراب فأهريق وبالملاهي فأخرجت ثم قال: اللهم إني أشهدك ومن حضر من عبادك أني تائب إليك من جميع ذنوبي نادم على ما فرطت أيام مهلتي, وإياك أسأل إن أقلتني أن تتم علي نعمتك بالإنابة إلى طاعتك, وإن أنت قبضتني إليك أن تغفر لي ذنوبي تفضلا منك علي. واشتد به الأمر فلم يزل يقول: الموت والله! الموت والله ! حتى خرجت روحه . وكان الفقهاء يرون أنه مات على توبته. |
04-25-2011, 06:09 PM | #3 |
داعية مميز | رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب يا مخنث العزم يا مخنت العزم أين أنت؟؟!! والطريق طريق تعب فيه آدم , وناح لاجله نوح , ورمى في النار الخليل , واضجع للذبح اسماعيل, وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين , ونشر بالمنشار زكريا , وذبح السيد الحصور يحيى , وقاسى الضر أيوب, وزاد على المقدار بكاء داود , وسار مع الوحش عيسي , وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد بينما تزهو انت باللهو واللعب فدارها بالحزن ان مزارها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال الحرب قائمة وانت اعزل في النظارة فإن حركت ركابك فللهزيمة. من لم يباشر حر الهجير في طلاب المجد لم يقِل في ظلال الشرف تقول سليمى لو أقمت بأرضنا ... ولم تدر أني للمقام أطوف قيل لبعض العباد الى كم تتعب نفسك فقال راحتها اريد فوائد الفوائد/ ابن القيم/ علي حسن/486 |
04-25-2011, 08:15 PM | #4 |
داعية مميز | رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب كيف إذا نجا الموعوظ و هلك الواعظ!!! قال ابن الجوزي: ولقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مائتي ألف، وأسلم علي يدي أكثر من مائتي نفس، وكم سالت عين متجبر بوعظي لم تكن تسيل، ويحق لمن تلمح هذا الإنعام أن يرجو التمام. وربما لاحت أسباب الخوف بنظري إلى تقصيري وزللي. ولقد جلست يومًا، فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف، ما فيهم إلا من قد رق قلبه، أو دمعت عينه، فقلت لنفسي: كيف بك إن نجوا وهلكت؟! فصحت بلسان وجدي: إلهي وسيدي! إن قضيت علي بالعذاب غدًا، فلا تعلمهم بعذابي، صيانة لكرمك، لا لأجلي، لئلا يقولوا: عذب من دل عليه. إلهي! قد قيل لنبيك صلى الله عليه وسلم: اقتل ابن أُبَيٍّ المنافق! فقال: "لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه". إلهي! فاحفظ حسن عقائدهم فِيَ بكرمك أن تعلمهم بعذاب الدليل عليك. حاشاك والله يا رب من تكدير الصافي. لا تبر عودًا أنت ريشته ... حاشا لباني الجود أن ينقضا صيد الخاطر |
04-25-2011, 11:26 PM | #5 |
إداري تاريخ التسجيل: Jun 2010 المشاركات: 1,222 | رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب شكر الله لك جهودك الطيبة أخي الفاضل الكريم أبو عبد البر .. على قول ابن الجوزي رحمه الله ، أذكر أن رجل واحد من أهل زماننا أسلم على يديه الملايين أظنها 7 ملايين أو ما يقاربها !! ، وهو الشيخ عبد الرحمن السميط كويتي الجنسية كان يذهب إلى أفريقيا للدعوة ووجد أرضا خصبة ، فبذل الجهد وصدق مع الله نحسبه كذلك ، فوجد ثمرة عظيمة بهذا العدد الضخم والسنوات قادمة كم سيسلم بسبب هؤلاء وأجرهم يعود إليه ، فما أرفع همته وما أصبره ، تُرى لو كان عندنا العشرات مثل الشيخ السميط كم سيسلم من الناس ! . |
04-29-2011, 09:35 PM | #6 | |
داعية مميز | رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب اقتباس:
يارجال الليل جدوا ... رب داع لا يرد قال الله تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ قال صلى الله عليه وسلم: " يَا عَبْدَ اللَّهِ , لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ , كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ أَقْرَبُ ما يكون الرَّبُّ من العبد فى جَوْف اللَّيْلِ الآخِرِ فإن استطعت أن تكون ممن يَذْكُرُ الله فى تلك الساعة فكن كان أبو ذر رضي الله عنه يقول للناس: أرأيتم لو أن أحدكم أراد سفرا أليس يتخذ من الزاد ما يصلحه ويبلغه؟ قالوا: بلى قال: فسفر طريق القيامة أبعد فخذوا له ما يصلحكم. حجوا حجة لعظائم الأمور صوموا يوما شديدا حره لحر يوم النشور صلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور تصدقوا بصدقة لشر يوم عسير أين رجال الليل أين الحسن وسفيان يارجال الليل جدوا ... رب داع لا يرد ما يقوم الليل إلا ... من له عزم وجد ليس شيء كصلاة ... الليل للقبر يعد قال ثابت: كابدت قيام الليل عشرين سنة وتنعمت به عشرين سنة أخرى. لو أنك أبصرت أهل الهوى ... إذا غارت الأنجم الطلع فهذا ينوح على ذنبه ... وهذا يصلي وذا يركع من لم يشاركهم في هواهم ويذوق حلاوة نجواهم لم يدر ما الذي أبكاهم من لم يشاهد جمال يوسف لم يدر ما الذي آلم قلب يعقوب. من لم يبت والحب حشو فؤاده ... لم يدر كيف تفتت الأكباد كان أبو سليمان يقول: أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا وسط الليل للمحبين للخلوة بمناجاة حبيبهم والسحر للمذنبين للإستغفار من ذنوبهم فوسط الليل خاص لخلوة الخواص والسحر عام لرفع قصص الجميع وبروز التواقيع لأهلها بقضاء الحوائج فمن عجز عن مسابقة المحبين في ميدان مضمارهم فلا يعجز عن مشاركة المذنبين في استغفارهم واعتذارهم صحائف التائبين خدودهم ومدادهم دموعهم قال بعضهم: إذا بكى الخائفون فقد كاتبوا الله بدموعهم رسائل الأسحار تحمل ولا يدري بها الفلك وأجوبتها ترد إلى الأسرار ولا يعلم بها الملك. لا تزال القصص تستعرض ويوقع بقضاء حوائج أهلها إلى أن يطلع الفجر ينزل الله كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له هل من داع فأجيب دعوته إلى أن ينفجر الفجر فلذلك كانوا يفضلون صلاة آخر الليل على أوله. نحن الذين إذا أتانا سائل ... نوليه إحسانا وحسن تكرم ونقول في الأسحار هل من تائب ... مستغفر لينال خير المغنم الغنيمة تقسم على كل من حضر الوقعة فيعطي منها الرجالة والأجراء والغلمان مع الأمراء والأبطال والشجعان والفرسان. فما يطلع فجر الأجر إلا وقد حاز القوم الغنيمة وفازوا بالفخر وحمدوا عند الصباح السرى وما عند أهل الغفلة والنوم خبر مما جرى. كان بعض الصالحين يقوم الليل فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته يا أيها الركب المعرسون أكل هذا الليل ترقدون ألا تقومون فترحلون فإذا سمع الناس.صوته وثبوا من فرشهم فيسمع من هنا باك ومن هنا داع ومن هنا نال ومن هنا متوضىء فإذا طلع الفجر نادى بأعلى صوته عند الصباح يحمد القوم السرى. يا نفس قومي فقد نام الورى ... إن تصنعي الخير فذو العرش يرى وأنت يا عين دعي عنك الكرى ... عند الصباح يحمد القوم السرى يا قوام الليل اشفعوا في النوام يا أحياء القلوب ترحموا على الأموات قيل لابن مسعود رضي الله عنه: ما نستطيع قيام الليل؟ قال: أقعدتكم ذنوبكم وقيل للحسن: قد أعجزنا قيام الليل؟ قال: قيدتكم خطاياكم وقال الفضيل بن عياض: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم كبلتك خطيئتك ورأى بعضهم حوراء في نومه فقال لها: زوجيني نفسك قالت: اخطبني إلى ربي وأمهرني قال: ما مهرك؟ قالت: طول التهجد كانت امرأة حبيب توقظه بالليل وتقول ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد وزادنا قليل وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا ونحن قد بقينا. يا راقد الليل كم ترقد ... قم يا حبيبي قد دنا الموعد وخذ من الليل وأوقاته ... وردا إذا ما هجع الرقد من نام حتى ينقضي ليله ... لم يبلغ المنزل أو يجهد قل لأولي الألباب أهل التقى ... قنطرة العرض لكم موعد | |
04-30-2011, 08:51 PM | #7 |
داعية مميز | رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب التوبة... التوبة قال تعالى: لطائف المعارف بتصرف حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ الناس في التوبة على أقسام: فمنهم: من لا يوفق لتوبة نصوح بل ييسر له عمل السيئات من أول عمره إلى آخره حتى يموت مصرا علها وهذه حالة الأشقياء. وأقبح من ذلك: من يسر له في أول عمره عمل الطاعات ثم ختم له بعمل سيء حتى مات عليه كما في الحديث الصحيح: "إن أحدكم ليعمل عمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها" ما أصعب الإنتقال من البصر إلى العمى وأصعب منه الضلالة بعد الهدى والمعصية بعد التقى كم من وجوه خاشعة وقع على قصص أعمالها {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ،تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً} كم من شارف مركبه ساحل النجاة فلما هم أن يرقى لعب به موج الهوى فغرق الخلق كلهم تحت هذا الخطر قلوب العباد بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء قال بعضهم: ما العجب ممن هلك كيف هلك إنما العجب ممن نجا كيف نجا. وقسم يفني عمره في الغفلة والبطالة ثم يوفق لعمل صالح فيموت عليه وهذه حالة من عمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها. الأعمال بالخواتيم وأشرف الأقسام وأرفعها: وهو من يفني عمره في الطاعة ثم ينبه على قرب الأجل ليجد في التزود ويتهيأ للرحيل بعمل يصلح للقاء يكون خاتمه للعمل كان السلف الصالح مع اجتهادهم في صحة الأعمال يجددون التوبة والإستغفار عند الموت ويختمون أعمالهم بالإستغفار وكلمة التوحيد. لما احتضر العلاء بن زياد بكى فقيل له: ما يبكيك؟ قال: كنت والله أحب أن أستقبل الموت بتوبة قالوا: فافعل رحمك الله فدعا بطهور فتطهر ثم دعا بثوب جديد فلبسه ثم استقبل القبلة فأومأ برأسه مرتين أو نحو ذلك ثم اضطجع ومات. ولما احتضر عامر بن عبد الله بكى وقال: لمثل هذا الصراع فليعمل العاملون: اللهم إني أستغفرك من تقصيري وتفريطي وأتوب إليك من جميع ذنوبي لا إله إلا الله ثم لم يزل يرددها حتى مات رحمه الله وقال عمرو بن العاص رحمه الله عند موته: اللهم أمرتنا فعصينا ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا إلا عفوك لا إله إلا الله ثم رددها حتى مات وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله عند موته: أجلسوني فأجلسوه فقال: أنا الذي أمرتني فقصرت ونهيتني فعصيت ولكن لا إله إلا الله ثم رفع رأسه فأحد النظر فقالوا: إنك تنظر نظرا شديدا يا أمير المؤمنين فقال: أتاني حضرة ما هم بإنس ولا جن ثم قبض رحمة الله عليه وسمعوا تاليا يتلو: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص:83]. يا غافل القلب عن ذكر المنيات ... عما قليل ستثوى بين أموات فاذكر محلك من قبل الحلول به ... وتب إلى الله من لهو ولذات إن الحمام له وقت إلى أجل ... فاذكر مصائب أيام وساعات لا تطمئن إلى الدنيا وزينتها ... قد حان للموت يا ذا اللب أن يأتي التوبة التوبة قبل أن يصل إليكم من الموت النوبة فيحصل المفرط على الندم والخيبة والإنابة الإنابة قبل غلق باب الإجابة الإفاقة الإفاقة فقد قرب وقت الفاقة ما أحسن قلق التواب ما أحلى قدوم الغياب ما أجمل وقوفهم بالباب. أسأت ولم أحسن وجئتك هاربا ... وإني لعبد من مواليه مهرب يؤمل غفرانا فإن خاب ظنه ... فما أحد منه على الأرض أخيب ... من نزل به الشيب فهو بمنزلة الحامل التي تمت شهور حملها فما تنتظر إلا الولادة كذلك صاحب الشيب لا ينتظر إلا الموت فقبيح منه الإصرار على الذنب. أي شيء تريد مني الذنوب ... شغفت بي فليس عني تغيب ما يضر الذنوب لو أعتقتني ... رحمة بي فقد علاني المشيب ولكن توبة الشاب أحسن وأفضل في حديث مرفوع خرجه ابن أبي الدنيا: "إن الله يحب الشاب التائب" قال عمير بن هانيء: تقول التوبة للشاب: أهلا ومرحبا وتقول للشيخ: نقبلك على ما كان منك الشاب ترك المعصية مع قوة الداعي إليها والشيخ قد ضعفت شهوته وقل داعيه فلا يستويان فيا أيها العاصي وكلنا ذلك لا تقنط من رحمة الله بسوء أعمالك فكم يعتق من النار في هذه الأيام من أمثالك فأحسن الظن بمولاك وتب إليه فإنه لا يهلك على الله هالك. |
05-02-2011, 09:58 PM | #8 |
داعية مميز | رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب اذكروا هادم اللذات و مفرق الجماعات قال الله تعالى : كل نفس ذائقة الموت و قال صلى الله عليه وسلم أكثروا من ذكر هادم اللذات قال القرطبي في هذا الحديث كلام مختصر و جيز قد جمع التذكرة و أبلغ في الموعظة فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة ، و منعه من تمنيها في المستقبل و زهده فيما كان منها يؤمل ، و لكن النفوس الراكدة ، و القلوب الغافلة تحتاج إلى تطويل الوعاظ ، و تزويق الألفاظ ، و إلا ففي قوله عليه الصلاة و السلام : أكثروا ذكر هادم اللذات مع قوله تعالى : كل نفس ذائقة الموت و قال الدقاق : من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء : تعجيل التوبة و قناعة القلب ، و نشاط العبادة . و من نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء : تسويف التوبة ، و ترك الرضى بالكفاف ، و التكاسل في العبادة ، فتفكر يا مغرور في الموت و سكرته ، و صعوبة كأسه و مرارته ، فيما للموت من وعد ما أصدقه ، و من حاكم ما أعدله ، كفى بالموت مقرحاً للقلوب ، و مبكياً للعيون ،و مفرقاً للجماعات ، و هادماً للذات ، و قاطعاً للأمنيات ، فهل تفكرت يا ابن آدم في يوم مصرعك ، و انتقالك من موضعك ، و إذا نقلت من سعة إلى ضيق ، و خانك الصاحب و الرفيق ، و هجرك الأخ و الصديق ، و أخذت من فراشك و غطائك إلى غرر ، و غطوك من بعد لين لحافك بتراب و مدر ، فيا جامع المال ، و المجتهد في البنيان ليس لك و الله من مالك إلا الأكفان ، بل هي و الله للخراب و الذهاب و جسمك للتراب و المآب . فأين الذي جمعته من المال ؟ فهل أنقذك من الأهوال ؟ كلا بل تركته إلى من لا يحمدك ، و قدمت بأوزارك على من لا يعذرك . أفلا تعتبر بمن صار تحت التراب ، و انقطع عن الأهل و الأحباب ، بعد أن قاد الجيوش و العساكر ، و نافس الأصحاب و العشائر ، و جمع الأموال و الذخائر ، فجاءه الموت على وقت لم يحتسبه ، و هول لم يرتقبه . وتأمل حال من مضى من إخوانك ، و درج من أقرانك ، الذين بلغوا الآمال و جمعوا الأموال . كيف انقطعت آمالهم ، و لم تغن عنهم أموالهم ، و محا التراب محاسن وجوههم ، و افترقت في القبور أجزاؤهم ، و ترمل بعدهم نساؤهم ، و شمل ذل اليتم أولادهم ، و اقتسم غيرهم طريقهم و بلادهم . وتذكر ترددهم في المآرب ، و حرصهم على نيل المطالب ، و انخداعهم لمؤاتاة الأسباب ، و ركونهم إلى الصحة و الشباب ، و اعلم أن ميلك إلى اللهو و اللعب كميلهم ، و غفلتك عما بين يديك من الموت الفظيع و الهلاك السريع كغفلتهم ، و أنك لا بد صائر إلى مصيرهم ، و استحضر بقلبك ذكر من كان متردداً في أغراضه ، و كيف تهدمت رجلاه . و كان يتلذذ بالنظر إلى ما حوله و قد سالت عيناه ، و يصول ببلاغة نطقه ، و قد أكل الدود لسانه ، و يضحك لمؤاتاة دهره و قد أبلى التراب أسنانه ، و تتحقق أن حالك كحاله ، و مآلك كمآله ، فدع عنك جميع الأغيار الدنيوية ، و اقبل على الأعمار الأخروية ، و ازهد في دنياك ، و اقبل على طاعة مولاك . التذكرة/ القرطبي/بتصرف |
05-03-2011, 09:12 PM | #9 |
داعية مميز | رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب أخبار المحتضرين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لما طعن عمر قيل له : أبشر بالجنة ، فقال : « والله لو كان لي الدنيا وما فيها لافتديت به من هول ما أمامي قبل أن أعلم ما الخبر » و دخل عليه رجل شاب فقال : يا أمير المؤمنين ، أسلمت حين كفر الناس ، و جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حين خذله الناس ، و قتلت شهيدا و لم يختلف عليك اثنان ، و توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو عنك راض . فقال له : أعد مقالتك فأعاد عليه ، فقال : المغرور من غررتموه ، و الله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع . و قال عبد الله بن عمر : كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه . فقال : ضع رأسي على الأرض . فقلت : ما عليك كان على الأرض أو كان على فخذي ؟! فقال : لا أم لك ، ضعه على الأرض . فقال عبد الله : فوضعته على الأرض . فقال : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عز و جل أبو الدرداء رضي الله عنه أن أبا الدرداء لما نزل به الموت ، دعا أم الدرداء ، فضمها إليه وبكى وقال : يا أم الدرداء ، قد ترين ما قد نزل من الموت ، أنه والله قد نزل بي أمر لم ينزل بي قط أمر أشد منه ، وإن كان لي عند الله خير فهو أهون ما بعده ، وإن تكن الأخرى فوالله ما هو فيما بعده إلا كحلاب ناقة . قال : ثم بكى ، ثم قال : يا أم الدرداء ، اعملي لمثل مصرعي هذا ، يا أم الدرداء اعملي لمثل ساعتي هذه . ثم دعا ابنه بلالا فقال : ويحك يا بلال اعمل لساعة الموت ، اعمل لمثل مصرع أبيك ، واذكر به صرعتك وساعتك فكأن قد .. ثم قبض معاذ بن جبل رضي الله عنه أن معاذ بن جبل لما حضره الموت قال : انظروا أصبحنا ؟ قال : فقيل : لم نصبح . حتى أتي فقيل له : قد أصبحت . قال : أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار . مرحبا بالموت . مرحبا ، زائر مغب حبيب جاء على فاقة . اللهم إنك تعلم أني كنت أخافك ، فأنا اليوم أرجوك . إني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكري الأنهار ، ولا لغرس الشجر ، ولكن لظمإ الهواجر ، ومكابدة الساعات ، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر احذر سوء الخاتمة حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن العباس ، عن العباس بن طالب قال : قال الربيع بن برة : « رأيت بالأهواز رجلا يقال له وهو في الموت : يا فلان ، قل لا إله إلا الله . قال : ده دوازده ، ده شازده ، ده جهارده قال : ورأيت بالشام رجلا يقال له وهو في الموت : قل لا إله إلا الله . فقال : اشرب واسقه وقد قيل لرجل ها هنا بالمعرة : قل لا إله إلا الله ، فقال : يا رب قائلة يوما وقد لغبت=== كيف الطريق إلى حمام منجاب » أخبار المحتضرين ابن أبي الدنيا و ينظر القصص الأخيرة في التذكر للقرطبي فقد ذكر أسبابها |
05-05-2011, 09:21 PM | #10 |
داعية مميز | رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب النظر في عواقب الأمور من عاين بعين بصيرته تناهي الأمور في بداياتها نال خيرها، ونجا من شرها، ومن لم ير العواقب، غلب عليه الحس، فعاد عليه بالألم ما طلب منه السلامة، وبالنصب ما رجا منه الراحة. وبيان هذا في المستقبل يتبين بذكر الماضي، وهو أنك لا تخلو أن تكون عصيت الله في عمرك، أو أطعته، فأين لذة معصيتك؟! وأين تعب طاعتك؟! هيهات، رحل كل بما فيه، فليت الذنوب إذا تَخَلَّتْ خَلَّتْ! وأزيدك في هذا بيانًا: مثل ساعة الموت، وانظر إلى مرارة الحسرات على التفريط، ولا أقول: كيف تغلب حلاوة اللذات؟! لأن حلاوة اللذات استحالت حَنْظَلًا؛ فبقيت مرارة الأسى بلا مقاوم، أتراك ما علمت أن الأمر بعواقبه؟! فراقب العواقب تسلم، ولا تمل مع هوى الحس فتندم من تفكر في عواقب الدنيا، أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق، تأهب للسفر. ما أعجب أمرك يا من يوقن بأمر ثم ينساه، ويتحقق ضرر حال ثم يغشاه، وتخشى الناس، والله أحق أن تخشاه! تغلبك نفسك على ما تظن، ولا تغلبها على ما تستيقن! أعجب العجائب: سرورك بغرورك، وسهوك في لهوك عما قد خُبِّئَ لك! - تغتر بصحتك، وتنسى دنو السقم، وتفرح بعافيتك غافلًا عن قرب الألم! لقد أراك مصرع غيرك مصرعك، وأبدى مضجع سواك قبل الممات مضجعك، وقد شغلك نيل لذاتك عن ذكر خراب ذاتك. كأنك لم تسمع بأخبار من مضى ... ولم تر في الباقين ما يصنع الدهر فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم ... محاها مجال الريح بعدهم والقبر كم رأيت صاحب منزل ما نزل لحده حتى نزل! وكم شاهدت والي قصر وليه عدوه لما عزل! فيا من كل لحظة إلى هذا يسري، وفعله فعل من لا يفهم ولا يدري! وكيف تنام العين وهي قريرةٌ ... ولم تدر من أي المحلين تنزلُ؟ صيد الخاطر |
|
|