| |||||
|
02-15-2011, 04:18 AM | #1 |
داعية جديد تاريخ التسجيل: Feb 2011 المشاركات: 3 | من فضل وأحكام تحية الإسلام من فضل وأحكام تحية الإسلام معنى السلام : قال ابن حجر رحمه الله([1]): وقد اختلف في معنى السلام فنقل عياض : أن معناه اسم الله أي كلاءة الله عليك وحفظه ، كما يقال الله معك ومصاحبك . وقيل معناه : أن الله مطلع عليك فيما تفعل ، وقيل معناه أن اسم الله يذكر على الأعمال توقعا لاجتماع معاني الخيرات فيها وانتفاء عوارض الفساد عنها. وقيل معناه : السلامة ، كما قال تعالى (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ) [الواقعة: 91] فكأن المُسَلَّمَ أَعْلَمَ مَنْ سَلَّمَ عليه ، أنه سالم منه وأن لا خوف عليه منه. وقال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام : السلام يطلق بإزاء معان : منها : السلامة . ومنها : التحية . ومنها : أنه اسم من أسماء الله . قال : وقد يأتي بمعنى التحية محضا ، وقد يأتي بمعنى السلامة محضا . وقد يأتي مترددا بين المعنيين ، كقوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا) [النساء:94] فإنه يحتمل التحية والسلامة وقوله تعالى: (وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس: 57، 58] السلام في القرآن الكريم : ذكر بعض المفسرين أن السلام في القرآن الكريم على أوجه : أحدها : اسم من أسماء الله عز وجل ومنه قوله تعالى في سورة الحشر: (ٱلْمَلِكُ ٱلقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ) الحشر:23]. قيل: وصف بذلك من حيث لا يلحقه العيوب والآفات التي تلحق الخلق. والثاني : التحية المعروفة، ومنه قوله تعالى: (فَسَلّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ) [النور:61] الثالث : السلامة من كل شر، ومنه قوله تعالى في سورة الواقعة: (فَسَلَـٰمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْيَمِينِ) [المعارج:91]. والرابع: الخير، ومنه قوله تعالى في سورة القدر: (سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ) [القدر:5] أي : خير هي. والخامس : الثناء الجميل، ومنه قوله تعالى في الصافات: (سَلَـٰمٌ عَلَىٰ إِبْرٰهِيمَ) [الصافات:109]. السادس : الجنة ومنه قوله تعالى: (لَهُمْ دَارُ ٱلسَّلَـٰمِ عِندَ رَبّهِمْ) [الأنعام:127] قال الراغب([2]) : والسلامة الحقيقية ليست إلا في الجنة، إذ فيها بقاء بلا فناء ، وغنى بلا فقر ، وعز بلا ذل ، وصحة بلا سقم.انتهى. الحكمة في السلام عند اللقاء : الحكمة في السلام عند اللقاء دون غير من الدعاء أن عادة الناس الجارية بينهم أن يحيي بعضهم بعضا عند لقائه ، وكل طائفة لهم في تحيتهم ألفاظ وأمور اصطلحوا عليها. وكانت العرب تقول في تحيتهم بينهم في الجاهلية : أنعم صباحا ، وأنعموا صباحا ، فيأتون بلفظة أنعموا من النَعمة ، وهي طيب العيش والحياة ، ويصلونها بقولهم صباحا ؛ لأن الصباح في أول النهار ، فإذا حصلت فيه النعمة استصحب حكمها ، واستمرت اليوم كله فخصوها بأوله إيذانا بتعجيلها ، وعدم تأخرها إلى أن يتعالى النهار. وكذلك يقولون : أنعموا مساء ، فإن الزمان هو صباح ومساء ، فالصباح في أول النهار إلى بعض انتصافه ، والمساء من بعد انتصافه إلى الليل ؛ ولهذا يقول الناس صبحك الله بخير ، ومساك الله بخير ، فهذا معنى أنعم صباحا ومساء إلا أن فيه ذكر الله. وكانت الفرس يقولون في تحيتهم : (هزا رساله ميمايي) أي تعيش ألف سنة. وكل أمة لهم تحية من هذا الجنس ، أو ما أشبهه ، ولهم تحية يخصون بها ملوكهم من هيئات خاصة عند دخولهم عليهم كالسجود ونحوه ، وألفاظ خاصة تتميز بها تحية الملك من تحية السوقة ، وكل ذلك مقصودهم به الحياة ونعيمها ودوامها . ولهذا سميت تحية وهي تفعلة من الحياة ، كتكرمة من الكرامة لكن أدغم المثلان ، فصار تحية فشرع الملك القدوس السلام تبارك وتعالى لأهل الإسلام تحية بينهم سلام عليكم وكانت أولى من جميع تحيات الأمم التي منها ما هو محال وكذب نحو قولهم : تعيش ألف سنة ، وما هو قاصر المعنى مثل : أنعم صباحا ، ومنها : ما لا ينبغي إلا لله مثل : السجود ، فكانت التحية بالسلام أولى من ذلك كله لتضمنها السلامة التي لا حياة ولا فلاح إلا بها ، فهي الأصل المقدم على كل شيء . ومقصود العبد من الحياة إنما يحصل بشيئين : بسلامته من الشر ، وحصول الخير كله . والسلامة من الشر مقدمة على حصول الخير وهي الأصل ؛ ولهذا إنما يهتم الإنسان بل كل حيوان بسلامته أولا ، ثم غنيمته ثانيا ، على أن السلامة المطلقة تتضمن حصول الخير فإنه لو فاته حصل له الهلاك والعطب أو النقص والضعف. ففوات الخير يمنع حصول السلامة المطلقة ، فتضمنت السلامة نجاته من كل شر وفوزه بالخير فانتظمت الأصلين الذين لا تتم الحياة إلا بهما ، مع كونها مشتقة من اسمه السلام ومتضمنة له .انتهى.([3]) من فضل إلقاء السلام . السلام من أسماء الله . عن أنس قال : قال رسول الله e: (إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه الله في الأرض فأفشوا السلام بينكم)([4]) قال عبد الله ابن مسعود قال : (إن السلام اسم من أسماء الله ، وضعه الله في الأرض ، فأفشوه بينكم ، إن الرجل إذا سلم على القوم فردوا عليه كانت له عليهم فضل درجة ، لأنه ذكرهم السلام ، وإن لم يرد عليه رد عليه من هو خير منه وأطيب)([5]) - إلقاء السلام ورده يزيد الحسنات ، ويمحو السيئات . عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ e فَقَالَ : " السَّلامُ عَلَيْكُمْ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ ، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ النَّبِيُّ e عَشْرٌ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ ، فَقَالَ عِشْرُونَ ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ فَقَالَ ثَلاثُونَ"([6]) أي : حسنة . لهذا كان الصحابة أحرص الناس على تحقيق ذلك الفضل واكتساب خيره ، فهم لم يعلموا خيرا ما ، إلا سبقوا إليه ، فرضي الله عنهم أجمعين . فهذا عبد الله بن عمر يمر بالسوق لا لحاجة ، إلا ليلقي السلام على الناس جميعا صغيرهم قبل كبيرهم . عن الطُّفَيْلَ بْنَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ (أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَيَغْدُو مَعَهُ إِلَى السُّوقِ ، قَالَ : فَإِذَا غَدَوْنَا إِلَى السُّوقِ ، لَمْ يَمُرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى سَقَاطٍ ، وَلا صَاحِبِ بِيعَةٍ ، وَلا مِسْكِينٍ ، وَلا أَحَدٍ إِلا سَلَّمَ عَلَيْهِ ، قَالَ الطُّفَيْلُ: فَجِئْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَوْمًا فَاسْتَتْبَعَنِي إِلَى السُّوقِ فَقُلْتُ لَهُ : وَمَا تَصْنَعُ فِي السُّوقِ ، وَأَنْتَ لا تَقِفُ عَلَى الْبَيِّعِ ، وَلا تَسْأَلُ عَنْ السِّلَعِ ، وَلا تَسُومُ بِهَا ، وَلا تَجْلِسُ فِي مَجَالِسِ السُّوقِ ؟ قَالَ : وَأَقُولُ اجْلِسْ بِنَا هَاهُنَا نَتَحَدَّثُ قَالَ : فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : يَا أَبَا بَطْنٍ ـ وَكَانَ الطُّفَيْلُ ذَا بَطْنٍ ـ إِنَّمَا نَغْدُو مِنْ أَجْلِ السَّلامِ نُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَقِيَنَا)(1)[7] سَقَاط : بياع السَّقَطِ ، أي رديء المتاع . وَلا صَاحِبِ بِيعَةٍ :المراد منه : صاحب بيعة نفيسة. فكما تزيد تحية الإسلام الحسنات ، فهي كذلك تمحو السيئات ، وتجلب المغفرة والرحمات، ودخول أوسع الجنات . فعن أبي شريح هانىء بن يزيد قال قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمِلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ : ( إِنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ بَذْلُ السَّلامِ، وَحُسْنُ الْكَلامِ)([8]) وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ : قال رسول الله e ( أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ)([9]) حب الله : حِرصك على إلقاء السلام على من عرفت ، وعلى من لم تعرف ، مُقتدياً في ذلك بنبينا e ، مُتبعاً لسنته ، تنال به حب الله ومغفرته، فقال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(آل عمران/31) الحكمة في اقتران الرحمة والبركة بالسلام قال ابن القيم رحمه الله([10]): ما الحكمة في اقتران الرحمة والبركة بالسلام ؟ فالجواب عنه أن يقال : لما كان الإنسان لا سبيل له إلى انتفاعه بالحياة إلا بثلاثة أشياء : أحدها : سلامته من الشر ومن كل ما يضاد حياته وعيشه والثاني : حصول الخير له ، والثالث : دوامه وثباته له فإن بهذه الثلاثة يكمل انتفاعه بالحياة . لقد شرعت التحية متضمنة للثلاثة ، فقوله (سلام عليكم) يتضمن السلامة من الشر ، وقوله (ورحمة الله) يتضمن حصول الخير وقوله (وبركاته) يتضمن دوامه وثباته ، كما هو موضوع لفظ البركة وهو كثرة الخير واستمراره . ولما كانت هذه الثلاثة مطلوبة لكل أحد بل هي متضمنة لكل مطالبه ، وكل المطالب دونها ، ووسائل إليها ، وأسباب لتحصيلها ، جاء لفظ التحية دالا عليها بالمطابقة تارة وهو كمالها ، وتارة دالا عليها بالتضمن ، وتارة دالا عليها باللزوم . فدلالة اللفظ عليها مطابقة إذا ذكرت بلفظها ، ودلالته بالتضمن إذا ذكر السلام والرحمة فإنهما يتضمنان الثالث ، ودلالته عليها باللزوم إذا اقتصر على السلام وحده ، فإنه يستلزم حصول الخير وثباته إذ لو عدم لم تحصل السلامة المطلقة فالسلامة مستلزمة لحصول الرحمة كما تقدم تقريره . قد عرف بهذا فضل هذه التحية وكمالها على سائر تحيات الأمم ولهذا اختارها الله لعباده وجعلها تحيتهم بينهم في الدنيا وفي دار السلام وقد بان لك أنها من محاسن الإسلام وكماله فإذا كان هذا في فرع من فروع الإسلام وهو التحية التي يعرفها الخاص والعام فما ظنك بسائر محاسن الإسلام. فضل السلام يعم أمة الإسلام. نعم فضل السلام لا يقتصر على شخصك وحدك ، بل يمتد ليشمل أمة الإسلام كلها ، نعم أمة الإسلام كلها ، فمن المعلوم أن من أهم عوامل ترابط وتقدم وقوة أمة الإسلام ، هو نزع الحسد ، والبغضاء من بين أفرادها ، وبذر بذور المحبة والألفة موضع ذلك . وأحد أهم وسائل إنبات بذور المحبة والألفة ، يتمثل في إفشاء السلام بيننا ، كما أُمِرنا ؛ بإلقاء السلام على من تعرف ومن لم تعرف . ولا شك أن حاجة أمة الإسلام إلى الترابط والقوة أكثر ضرورة من ذي قبل ، و أمنية كل مسلم منا الآن. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : ( لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ، أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ)([11]) نقل ابن حجر في الفتح [ج11- ص21] قول ابن العربي على هذا الحديث قال : " فيه أن من فوائد إفشاء السلام حصول المحبة بين الْمُتَسَالِمَيْنِ ، وكان ذلك لما فيه من ائتلاف الكلمة لتعم المصلحة بوقوع المعاونة على إقامة شرائع الدين وإخزاء الكافرين ، وهي كلمة إذا سمعت أخلصت القلب الواعي لها عن النفور إلى الإقبال على قائلها" قال ابن علان(1)[12]: قال العاقولي : وكأن معنى قوله (لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا) أي يأمن كل منكم أخاه بوائقه ، كما جاء في الحديث الآخر ، ولا يأمن أحدكم بوائق صاحبه ، إلا إذا حصلت المحبة بينكم ، لأن المحب يأمن محبوبه ، ولا شك أن السلام يزيل الإحن من الصدور ، ويترقى حتى تحصل المحبة . ثم قال ابن علان في الصفحة التي تليه :والسلام أول أسباب التآلف ، ومفتاح استجلاب المودة ، وفي إفشائه تمكين ألفة المسلمين بعضهم لبعض ، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل ، مع ما فيه من رياضة النفس ، ولزوم التواضع ، وإعظام حرمات المسلمين ، وفيه أنه يتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء ، وفساد ذات البين التي هي الحالقة ، وأن يكون سلامه لله تعالى ، ولا يتبع هواه ، ويخص به من يعرفه. إِفْشَاءُ السَّلامِ مِنْ الإِسْلامِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو : أَنَّ رَجُلا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ e : (أَيُّ الإِسْلامِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ)(1)[13] قَوْله : ( وَمَنْ لَمْ تَعْرِف ) : أي : لا تخص به أحدا تكبرا أو تصنعا بل تعظيما لشعار الإسلام ومراعاة لأخوة المسلم(2)[14] قال ابن علان(1)[15]: المراد من الحديث : أن تسلم على كل من لقيته عرفته أم لم تعرفه ، ولا تخص به من تعرفه كما يفعله كثير من الناس . وفي بذل السلام لمن عرفت ولمن لم تعرف إخلاص العمل لله وترك المصانعة والتملق ، وفيه مع ذلك استعمال خلق التواضع ، وإفشاء شعار هذه الأمة . وعن البراء بن عازب قال : قال رسول الله e: ( أفشوا السلام تَسْلَمُوا )(2)[16] السلام حق المسلم على أخيه المسلم . نعم هو واحد من حقوق كثيرة عليك لأخيك المسلم ، فلا تمنعه حقه ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e : ( قَالَ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ قِيلَ : مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ )([17]) فإذا منعته حقه وحرمته منه فأنت من أبخل الناس ، وحسبك بالبخل صفة ، يتبرأ منها البخيل نفسه، وينفيها عن شخصه . عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e (أَبْخَلُ النَّاسِ ، مَنْ بَخِلَ بِالسَّلام)(1)[18] إلقاء السلام صدقة. نعم البخل بالسلام أشد من البخل من المال ، ويستحق من بخل به ، أن يوصف بأبخل الناس ، كما وصفه النبي r ، فها هو يبخل بصدقة ، لا إنفاق فيها ولا غرم . فعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ e قَالَ (..وَتَسْلِيمُكَ عَلَى النَّاسِ صَدَقَةٌ)(1)2[19] إلقاء السلام على مَنْ تعرف فقط ، مِن علامات الساعة لأن السلام أمان الله في الأرض ، وهو تحية المؤمنين في الجنة ، وتحية أهل الإسلام في الدنيا ، وهو طريق المحبة والتعارف بين المسلمين ، وفي المداومة عليه تمييز للمسلمين وكيد لأعداء الدين . فكان هجره وتخصيصه على المعارف ، على غير ما أمر رسول الله e من إلقائه على من تعرف ومن لا تعرف، كان هذا التخصيص من علامات الساعة ، وفناء الدنيا . ولا يدل هذا إلا على أهمية السلام وخطورته ، وأثره العظيم في إشاعة الود والمحبة بين أهل الإسلام ، وأن هذا التخصيص ينافي الغرض الأساسي من السلام ، فكان هذا إشارة لقرب انتهاء تلك الأيام . عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e (إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُسَلِّمَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ ، لا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِلا لِلْمَعْرِفَةِ)([20]) حسد اليهود لأمة الإسلام على تحيتهم. هذا خير قليل من كثيرٍ تحصلُ عليه بتحية الإسلام فلِمَ تُضيعه ؟ وتحرص على قولك ، صباح الخير ، أو مساء الخير أو غيرها من الكلمات التي شاعت بين المسلمين واستخدموها بديلاً عن تحية الإسلام ، فهي كلمات جوفاء لا خير فيها ولا طائل من ورائها . بل تُضَيعُ على نفسك كل هذا الخيرِ الذي سبَقَ وذكرناه ، وأكثر من ذلك أنك قد تأثم لتشبهك بغير المسلمين، ونحن قد أُمِرنا بمخالفتهم ، بل هم يحسدوننا على تحيتنا هذه، وأنت تفرط فيها عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ e قَالَ : ( مَا حَسَدَتْكُمْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ)[21] قال الحافظ ابن حجر عقب هذا الحديث([22]) : وهذا يدل على أنه شُرِعَ لهذه الأمة ـ يقصد أمة الإسلام ـ دونهم (أي اليهود) قلتُ : نعم شُرع لنا ، دون اليهود وحدهم من الأمم ، وإلا فالسلام قد شرعه الله لغيرنا من الأمم . عن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ e قَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ ، فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ ، فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ، فَقَالُوا : السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ)([23]) فقوله: (فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ) دليل على أنها شاملة لكل ذريته من هذه الأمة أو غيرها . ويؤكد عدم الخصوصية قوله تعالى: (قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ)(هود /69) أي رد إبراهيم عليه السلام على الملائكة فقال: سلامٌ: أي عليكم السلام . وقال النووي في الأذكار باب كيفية السلام (صفحة : 191) وهذا وإن كان شرعاً لما قبلنا فقد جاء شرعنا بتقريره . قال ولي الدين أبو زرعة العراقي رحمه الله : فيه دليل على تأكد حكم السلام فإنه مما شرع وكلف به آدم عليه السلام ثم لم ينسخ في شريعة من الشرائع فإنه سبحانه أخبره أنها تحيته وتحية ذريته من بعده فلم يزل ذلك شرعا معمولا به في الأمم على اختلاف شرائعها إلى أن انتهى ذلك إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فأمر به وبإفشائه ، وجعله سببا للمحبة الدينية ، ولدخول الجنة العلية(1)[24] قلتُ: فعلى هذا يكون السلام قد شُرع لأمم سابقة علينا – وهذا كما في حديث آدم u _ كما أنه لم يشرع لأمم أخرى ومنهم اليهود ، لهذا فقد حسدونا عليه . والله اعلم. ما الحكمة في إضافة الرحمة والبركة إلى الله تعالى وتجريد السلام عن الإضافة([25])؟ فجوابه أن السلام لما كان اسما من أسماء الله تعالى استغني بذكره مطلقا عن الإضافة إلى المسمى وأما الرحمة والبركة فلو لم يضافا إلى الله لم يعلم رحمة من ولا بركة من تطلب فلو قيل عليكم ورحمة وبركة لم يكن في هذا اللفظ إشعار بالراحم المبارك الذي تطلب الرحمة والبركة منه فقيل رحمة الله وبركاته. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ [1]) الفتح [11 – 15] [2]) مفردات ألفاظ القرآن للاغب [ج1- ص 493] ط دار القلم . [3] ) ابن القيم في بدائع الفوائد [ج 2-ص 372] 4) (سنده صحيح) الأدب المفرد للبخاري [989] 5) (سنده صحيح موقوف) الأدب المفرد [1039] [6]) (سنده صحيح) سنن أبي داود [2- 5195] سنن الترمذي [5 - 2689] كلاهما من حديث عمران ، وفي صحيح ابن حبان [2 - 493] والأدب المفرد [986] من حديث أبي هريرة بلفظ قريب جدا . 7) (صحيح) موطأ مالك [1726] 8) المعجم الكبير للطبراني [17920] ومكارم الأخلاق للخرائطي [135] وفيه : أبو عبيدة بن عبيد الله بن عبيد الرحمن ، في التقريب [8232]: مقبول أي عند المتابعة، وفي الجامع الصغير [3995] قال الألباني صحيح 9) (سنده صحيح) سنن الترمذي [4 - 2485] و سنن ابن ماجه [1334] المستدرك [3 -4283] [10] ) بدائع الفوائد [جزء 2- ص 404] 11) (صحيح) مسلم [93] باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ، سنن أبي داود [2-5193] سنن الترمذي [5- 2688] 12) الفتوحات الربانية لابن علان [ج5- ص276] 13) (صحيح) البخاري [12] مسلم [63] 14) فتح الباري - ابن حجر ، بَاب إِطْعَامُ الطَّعَامِ [ج 1 - ص 56] 14) الفتوحات الربانية [ج5-ص 271] 16) (سنده حسن) مسند أحمد بن حنبل [4-18553 ] الأدب المفرد [979] صحيح ابن حبان [2-491] مسند أبي يعلى [3-1687] 17) (صحيح) مسلم [2162] مسند أحمد بن حنبل [2 - 8832 ] 18) (سنده صحيح) المعجم الكبير للطبراني [1660] والمعجم الأوسط [3392] 19)(سنده صحيح) مسند أحمد [21588] 20) (سنده حسن) مسند أحمد [ج1-3848] 21) (سنده صحيح) سنن ابن ماجه [ج1-856] [22]) فتح الباري [ج11 – ص 6 ] 23) (صحيح) البخاري ، باب بَدْءُ السلام [6227] 24) طرح التثريب في شرح التقريب [ج8-ص99] دار الكتب العلمية 25) ابن القيم في بدائع الفوائد [جزء 2- ص 407] |
|
|