ملتقى أهل الدعوة إلى الله عز وجل
 

العودة   ملتقى أهل الدعوة إلى الله عز وجل > المنتدى للتصفح فقط ولا يوجد تسجيل أو مشاركات سوى الإدارة .. لمراسلتنا على بريدنا ahldawa@gmail.com > قسم خطبة الجمعة والمواعظ العامة
المنتديات موضوع جديد التعليمـــات المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث

آخر 1 مشاركات دعواتكم لإخوانكم في فلسطين وفي كل مكان ممن اُعتدي عليهم ودعواتكم لكل مسلم متضرر في شتى بقاع الأرض (الكاتـب : - )      
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-20-2017, 10:38 AM   #1
إداري
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
افتراضي خطبة عن الشكر ..

الشكر خلق اتصف به الخالق سبحانه

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ [فاطر:1 - 3].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، نعمه لا تقدر ولا تحصى، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، يرضى لعباده الشكر ويكره منهم الكفر، وهو الغني الحميد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله كان عبداً شكوراً، وقام حتى تفطرت قدماه وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.. اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وارض اللهم عن أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

معاشر المسلمين الموحدين:
نعيش وإياكم مع خلق عظيم من الأخلاق الإسلامية ألا وهو خلق الشكر، فيا ترى ما هو الشكر، وما أركانه؟
الشكر هو اعتراف العبد بنعمة الله عليه، والثناء عليه سبحانه وتعالى بهذه النعم، والاستعانة بهذه النعم على مرضاة الله، فمدار شكر العبد لربه على هذه الثلاثة: الاعتراف، والثناء، والعمل بها في طاعته جل وعلا.

الشكر خلق من أخلاق الربوبية:
فالشكر خلق من أخلاق الله سبحانه، فينبغي للمسلم أن يتخلق بأخلاق الله بقدر طاقته البشرية، قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيم ﴾ [التغابن:17]، ﴿ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾ [النساء: 147]، فهو شاكر للمحسنين عليم بأعمالهم، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر:34]، ﴿ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر:30]، جمع في الآيتين، بين المغفرة والشكر؛ حيث يشكر الحسن ولا ينظر لما حصل فيه من الزلل بل يغفره.

إنه الغاية والهدف الذي من أجله خلق الله الخلق:
قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا، وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ، لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النّحل:78].

الشاكرون لله ولنعمه هم أهل عبادته:
فأخبر سبحانه وتعالى أن الشاكرين الحقيقيين له هم أهل عبادته، فقال سبحانه: ﴿ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البَقَرَة:172]، وقال سبحانه: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [النحل: 114].

الشكر لله سبحانه هو غاية إرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام:
قال سبحانه: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة:151 - 152].

بل إن خلق الشكر هو خلق الأنبياء والمرسلين:
قال الله تعالى عن نُوحٍ - عليه الصلاة والسلام -: ﴿ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ﴾ [الإسراء: 3]، وقال تعالى عن إبراهيم - عليه السلام -: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾، [النحل: 120، 121]، وقال الله عن سليمان - عليه السلام -: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19]. وأمر الله داود - عليه السلام - فقال: ﴿ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا ﴾ [سبأ: 13]. يوسف - عليه السلام - يشكر ربه؛ فقال الله عنه: ﴿ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يوسف: 38]، و قد أمر الله موسى - عليه السلام - بالشكر، فقال تعالى: ﴿ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 144]، وأمر رسوله - عليه الصلاة والسلام - بالشكر، فقال سبحانه: ﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر: 66]، فكان - عليه الصلاة والسلام - عبدا شكورا، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقومُ من الليل حتى تتفطَّر قدَمَاه، فقالت: يا رسول الله! تقومُ من الليل حتى تتفطَّر قدَماك، وقد غفَرَ الله لك ما تقدَّم من ذنبِك وما تأخَّر؟! قال: «أفلا أكونُ عبدًا شَكورًا؟!»؛ (رواه البخاري ومسلم)، وكان - عليه الصلاة والسلام - يقول في صباحه ومسائه: "اللهم ما أصبحَ بي من نعمةٍ أو بأحدٍ من خلقِك فمنك وحدَكَ لا شريكَ لك، فلك الحمدُ ولك الشُّكرُ". رواه أبو داود.

الشكر من صفات المؤمنين:
فعَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ". صحيح مسلم.

أيها المؤمنون الشاكرون:
الله سبحانه يُذَكِّركُم بنعمه العامة والخاصة لتشكروه؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ [فاطر: 3].

فلماذا تصرفون العبادة لغيره؟!، وهو الذي خلقكم ورزقكم وأنعم عليكم بنعم عظيمة، هل هناك خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض؟!، فإذا كانت الإجابة بلا، فلماذا تشكرون غيره؟!، لماذا تصرفون العبادة لغيره؟

فهو وحده سبحانه الذي يستحق الحمد والشكر والخضوع والتذلل والسمع والطاعة؛ قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [المائدة: 7]، وقال سبحانه: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [لقمان: 31] وقال سبحانه وتعالى: ﴿ أوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 71 - 73].

عباد الله:
من الذي خلقكم ثم يتوفاكم؟ إنه الله. من الذي أخرجكم من بطون أمهاتكم، ولا تعلمون شيئا؟ إنه الله..
من الذي جعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون؟ إنه الله..
من الذي فضّل بعضكم على بعض في الرزق؟ الله..
من الذي جعل لكم من أنفسكم أزواجا، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة، ورزقكم من الطيبات؟ إنه الله..
من الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم؟ إنه الله..

من الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته، فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله؟ إنه الله..
من الذي أنبتكم من الأرض نباتا؟ من الذي جعل لكم الأرض بساطا؟ إنه الله، من....، ومن....آيات لا تعد ولا تحصى، ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 89].

أيها المؤمنون:
بقاء النعمة مقرون بالشكر:
والطاعةُ تحفظُ النعمةَ وتزيدُها، ومن أسباب دوامِها: دعاء الله ليُبقِيَها، ومن دُعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أعوذُ بك من زوال نعمَتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتِك، وجميع سخَطك". رواه مسلم.

قال جل وعلا: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

والكفر بنعم الله مؤذن بزوالها، وقد يعذب بها:
قال - سبحانه -: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].

وقد يُعذَّبُ المرءُ بالنعمةِ إذا لم يتَّقِ اللهَ فيها؛ قال - سبحانه -: ﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 55].
قال الحسن - رحمه الله -: "إن الله ليُمتِّعُ العبدَ بالنعمةِ ما شاءَ، فإذا لم يشكُر ربَّه عليها قلَبَها عذابًا".

من أراد النجاة من عذاب الله فليشكر الله:
قال سبحانه وتعالى: ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾ [النساء: 147].
قال - عليه الصلاة والسلام -: "إذا رأيتَ اللهَ يُعطِي العبدَ من الدنيا على معاصِيه ما يُحبُّ فإنما هو استِدراجٌ"، ثم تلا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44]. رواه أحمد.

والنِّعَمُ بذاتِها لا تُقرِّبُ من الله، وإنما يُستعانُ بها على طاعته؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ [سبأ: 37].

الشكر مفتاح كلام أهل الجنة:
فقد جعل الله الشكر مفتاح كلام أهل الجنة؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ ﴾ [الزمر:74]، وقال ﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس:10].

الله سبحانه وتعالى يعد الشاكرين بأحسن الجزاء وأوفاه:
يطلق - سبحانه - جزاء الشاكرين إطلاقاً، ويعدهم بأحسن الجزاء وأوفاه، ويجعل أجرهم وجزاءهم عليه - سبحانه - فقال: ﴿ وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144]، وقال: ﴿ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران:145].

فأوصيكم وإياي عباد الله بتقوى الله، والشكر عند النعماء، وليحذر المؤمن من نسبة النعم إلى غير الله، قال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ، وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم:32 - 34].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه، فيا فوز المستغفرين.

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرا.

أيها الأحبة الكرام في الله:
كيف نصل إلى منزلة الشاكرين، وكيف نحقق خلق الشكر في أنفسنا؟
بتقوى الله وطاعته سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [آل عمران: 123].
نحقق خلق الشكر، بالقناعة والرضا بما قسم الله لنا،قال صلى الله عليه وسلم: "كن قنعا تكن أشكر الناس" "ابن ماجة".

نحقق خلق الشكر معاشر المسلمين بالدعاء؛ لأن التوفيق بيد الله سبحانه، فبدون المعونة من الله لا يصل العبد المسلم إلى منزلة الشكر، فالنبي - عليه الصلاة والسلام - علم معاذاً دعاءً عظيماً، فقال: "يا معاذ! والله إني لأحبك، أوصيك يا معاذ! لا تدع في دبر كل صلاة أن تقول: "اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك"رواه أبو داود، قال النووي في الأذكار: إسناده صحيح، وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

نصل كذلك إلى منزلة الشاكرين بحفظ النعم، قال عمر بن عبد العزيز: "قيدوا نعم الله بشكر الله".
ومن الأشياء التي يبلغ بها العبد درجة الشكور: أن يحدث بنعم الله عليه، قال الله عز وجل: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى:11].

عباد الله:
اتقوا الله واعرفوا مقدار نعمه، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس، عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم".رواه الترمذي وصححه الألباني.

يكفي العبد العاقل موعظة ما حل بقارون الطاغية لما تكبر واغتر بما منحه الله من النعم العظيمة والأموال الجسيمة فلم يقم بشكرها، بل تطاول وقال: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ [القصص: 78]، كفر وغرور، وعتو ونفور، فماذا كانت النتيجة بعد أن خرج مغتراً على قومه في زينته؟ واغتر به من اغتر من ضعاف الإيمان؟ ما نفعه ماله ولا جاهه، قال سبحانه وتعالى: ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾ [القصص: 79 - 81].

اللهم اجعلنا مكثرين لذكرك مؤدين لشكرك، راجين لوعدك، حافظين لأمرك.
اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك.
اللهم أعنا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، واهدنا ويسر الهدى لنا، وانصرنا على من بغى علينا، ربنا اجعلنا لك شاكرين، لك ذاكرين، لك مطيعين، إليك مخبتين إليك أواهين منيبين، ربنا تقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، وأجب دعوتنا، واهدي قلوبنا، وسدد ألسنتنا، وثبت حجتنا، واسلل سخيمة قلوبنا.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، واستر عيوبنا، واكشف كروبنا، وأعف عنا، واغفر لنا، وارحمنا، واعف عن تقصيرنا في طاعتك وشكرك يا أرحم الراحمين.
عباد الله، صلوا وسلموا وأكثروا من الصلاة والسلام على هذا النبي العظيم والقائد الكريم الذي أمركم ربكم - جل جلاله - بالصلاة والسلام عليه، فبدأ بنفسه، وثنى بالملائكة المسبحة بقدسه، وثلث بكم - أيها المؤمنون - من جنه وإنسه، فقال - عز من قائل كريم -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.


منقول ....
محب الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:55 AM بتوقيت مسقط


Design By: aLhjer Design
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Translated By Sma-jo.com