| |||||
|
02-16-2016, 09:36 AM | #1 |
إداري تاريخ التسجيل: Jun 2010 المشاركات: 1,222 | قصة طلاق .. تسريح جميل ؟ قال الشيخ الدكتور محمد الحمد حفظه الله : هذا وأعرف قصة طلاق حصلت لأحد الناس الذي أعرفهم تمامًا، ولو أنني لم أقف على تلك القصة لربما ظننت أنها ضرب من الخيال. هذا الرجل مكث مع زوجته سنوات؛ ورُزق منها بأولاد، وكان هو من مدينة، وزوجته من مدينة أخرى. وصار بينهما شيء من الخلاف بسبب اختلاف طبيعتهما؛ فطبيعته تميل إلى البرود، وطبيعتها تميل إلى الحرارة. وفي يوم من الأيام جلس معها، وقال لها: يا أم فلان لا ينبغي أن تستمر حالنا هكذا في نزاع، وشدّ وجذب، فإما أن نتفق؛ أو نفترق، إما إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان؛ فقالت: دعني أفكر في أمري، وأستخير ربي، وآمل منك أن تقوم بذلك. وبعد مدة قالت له: أرى أن المناسب لي ولك أن نفترق؛ فلعل الله يغني كلَّ واحد منا من سعته، فقال لها: إذًا نفكر على بركة الله في طلاقنا. وفي يوم من الأيام ذهب بها إلى بيت أهلها، وتوجَّه إلى المحكمة، وأثبت الطلاق، ورجع إليهم، وأخبرهم بذلك، وتناول الغداء معهم، ثم ودّعهم. يقول: فرجعت إلى بيتي، وبكيت حتى أفرغت أكثر ما عندي؛ حزنًا على تلك العشرة الطويلة، ثم اتصلت بمطلقتي وأمِّها؛ لأن والدها متوفى، وقلت لها: الأولاد بيننا، إن أردتم أن يكونوا عندي فبها ونعمت، وإن أردتم أن يكونوا عندكم فالأمر كذلك. فقالتا: نريد أن يكونوا عندنا، فقلت: إذًا أخبروني عن النفقة التي تناسب حتى أرسلها بين الفينة والأخرى، فاتفقنا على مبلغ، وصرت أرسله لهم، وأتابع أولادي، ويزورونني بين الفينة والأخرى، وأزورهم أنا كذلك، وأتواصل مع والدتهم في شأنهم. وبعد مدة تزوّجتُ ورزقتُ بأولاد، وتزَّوجَتْ مطلقتي، ورُزقت بأولاد، واستمرت الصلة بيننا بشأن الأولاد، وإذا ذهبتُ إلى مدينتهم وحدي أو بصحبة أحد زملائي أزور جدة أولادي، وأتناول عندهم الغداء، أو العشاء، وأسلّم على أولادي؛ ثم أرجع إلى بلدي. وإلى يومنا هذا وأنا سعيد بزواجي الأخير، وهي كذلك، وأولادنا يسيرون في دراستهم وشتى أمورهم، وكأنهم بين والديهم. فقلت له: ألم يحدث بينكما خلاف طيلة تلك الفترة؟ قال: لا، بل أنا شاكر لهم حسن تربيتهم لأولادي، ويكفي ما حصل من طلاق بيننا؛ فلا داعي أن نزيده سعيرًا بالقيل والقال، وبكل ما ينغّص عيشنا، ويؤذي أولادنا. هذه قصة صاحبنا الذي أعرفه تمام المعرفة، وأعرف حاله إلى يومنا هذا. وهي تعطينا درسًا في حسن التعامل مع الخلاف، بل مع صورة من أعظم صور الخلاف ألا وهي الطلاق، فمع بالغ الأسف أن الطلاق -غالبًا- إذا حصل لم يكتف كلّّ طرف من الأطراف بلوعة الفراق، وآثاره، بل تراهم يُطْعِمون نار الخلاف جَزْلَ الحطبِ؛ فكلما خبت زادوها سعيرًا. والنتيجة أنهم يخسرون جميعًا خسارة فادحة تَطَال صحتهم، وأوقاتهم، وربما أموالهم، وأديانهم. ولو أنهم امتثلوا أمر ربهم جل وعلا بالإمساك بالمعروف، أو التسريح بالإحسان لكان ذلك خيرًا وأحسن تأويلاً. |
|
|