06-18-2011, 02:54 PM | #1 |
إداري تاريخ التسجيل: Jun 2010 المشاركات: 1,222 | الشيخ السعيدان : رأيت في بعض البلاد الأفريقية امرأة كبيرة في السن قسيسة ، جاءت إلى هذه البلاد الفقيرة ، وجلست عندهم ما يقارب العشرين سنة في نشر تعاليم الإنجيل قال الشيخ وليد السعيدان حفظه الله : (القاعدة السادسة والأربعون) (حمل هم الإسلام موجب لخدمته والتقديم له على قدر الجهد والطاقة) أقول :ــ إن الداعية لا بد له من هم يسيره ويثير عزيمته ، ويقوي نفسه على المواصلة والجد ومضاعفة الجهد ، وإن هذا الهم هو حمل هم هذا الدين ، فإن من حمل هذا الهم فإنه يوشك أن يكون في شغل دائم به ، فمن كان هم نصرة الدين وإعلاء كلمة الله تعالى هو همه الأول فلا تكاد تجده إلا عاملا للدين ، ولكن متى ما عزب هذا الهم عن الداعية فإنه قد يصيبه الفتور والكسل ويميل إلى الدعة والكسل ، فحمل هذا الهم من جملة الدوافع الكبيرة على المواصلة والاستمرار ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي أصحابة على حمل هذا الهم الكبير ، من غير فرق بين الصغار والكبار والرجال والإناث ، فكل من انتسب لهذا الدين فإنه لا بد وأن يحمل همه ، وأن يشارك في إعلاء كلمته على كل الأديان ، وإني لأعجب من الكفار من اليهود والنصارى ، وكيف جهودهم الكبيرة في سبيل نصرة دينهم المبدل المحرف المنسوخ ، ترى المرأة منهم تترك بلادها إلى بلاد أخرى لتبقى فيها الأزمنة الطويلة حتى تدعو لدينها ، بل قد رأيت في بعض البلاد الأفريقية امرأة كبيرة في السن قسيسة ، جاءت إلى هذه البلاد الفقيرة ، وجلست عندهم ما يقارب العشرين سنة في نشر تعاليم الإنجيل ، وما ذلك إلا لأنها لما انتسبت لهذا الدين علمت أنه لا بد من أن تقدم له ما في وسعها في سبيل نشره ، فكيف بنا نحن أهل الإسلام ، مع أن الدين الذي ندين الله تعالى به هو خير الأديان وأصحها وأحبها إلى الله تعالى ، وهو خاتم الأديان ، فما بالنا نرى الكثير من أهل الإسلام فيهم تقاعس وفتور وكسل عن العمل لهذا الدين ، وليس هذا الأمر في العامة من أهل الإسلام ، بل حتى في الدعاة وأهل العلم ، فإنه لو أن كل واحد منا قدم لهذا الدين العظيم ما في مقدوره أن يقدمه لما رأيت الحال على هذا النحو من السوء ، ولكنه الفتور والكسل والتواكل والتقاعس عن نصرة الدين ، والاشتغال بغيره من أمور الدنيا ، وإننا لنشكو إلى الله تعالى من قلة الدعاة الذين يوافقون على الذهاب للدعوة في الخارج والداخل في فترات العطلة ، مع أنها مجرد أيام يسيرة لن تقطع عليهم أمرا من أمور الدنيا ، فإلى الله تعالى المشتكى ، ولذلك فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على زرع هذا الهم في قلوب أصحابه ، فلما قرره في قلوبهم ضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع المثل في نصرة الدين والدعوة إليه والذب عن حياضه ، فهذا على بن أبي طالب رضي الله عنه ينصر الإسلام ويعلي راية الدين وهو لم يبلغ الحلم، لا يزال صغيرا ، وقد أسلم على يده أبو ذر ، جندب بن جنادة ، فكان من خبره :ــ ما رواه البخاري في صحيحه بسنده عن أبي جمرة قال : قال لنا ابن عباس ألا أخبركم بإسلام أبي ذر ؟ قال قلنا بلى قال قال أبو ذر كنت رجلا من غفار فبلغنا أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أنه نبي فقلت لأخي انطلق إلى هذا الرجل كلمه وأتني بخبره فانطلق فلقيه ثم رجع فقلت ما عندك ؟ فقال والله لقد رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر فقلت له لم تشفني من الخبر فأخذت جرابا وعصا ثم أقبلت إلى مكة فجعلت لا أعرفه وأكره أن أسأل عنه واشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد قال فمر بي علي فقال كأن الرجل غريب ؟ قال قلت نعم قال فانطلق إلى المنزل قال فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا أخبره فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه وليس أحد يخبرني عنه بشيء قال فمر بي علي فقال أما نال للرجل يعرف منزله بعد ؟ قال قلت لا قال انطلق معي قال فقال ما أمرك وما أقدمك هذه البلدة ؟ قال قلت له إن كتمت علي أخبرتك قال فإني أفعل قال قلت له بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي فأرسلت أخي ليكلمه فرجع ولم يشفني من الخبر فأردت أن ألقاه فقال له أما إنك قد رشدت هذا وجهي إليه فاتبعني ادخل حيث ادخل فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه على النبي صلى الله عليه و سلم فقلت له اعرض علي الإسلام فعرضه فأسلمت مكاني فقال لي ( يا أبا ذر اكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل ) . فقلت والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم فجاء إلى المسجد وقريش فيه فقال يا معشر قريش إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . فقالوا قوموا إلى هذا الصابئ فقاموا فضربت لأموت فأدركني العباس فأكب علي ثم أقبل عليهم فقال ويلكم تقتلون رجلا من غفار ومتجركم وممركم على غفار فأقلعوا عني فلما أن أصبحت الغد رجعت فقلت مثل ما قلت بالأمس فقالوا قوموا إلى هذا الصابئ فصنع بي مثل ما صنع بالأمس وأدركني العباس فأكب علي وقال مثل مقالته بالأمس . قال فكان هذا أول إسلام أبي ذر رحمه الله ....... فانظر رحمك الله تعالى ما فعله علي رضي الله عنه ، كيف أسلم هذا الصحابي الجليل الزاهد على يديه ، وهو صغير لم يبلغ الحلم ، فما الهم الذي يسيره ، ويحمله على هذه المخاطرة الكبيرة ؟ إنه هم الإسلام ، إنه الهم الذي لا ينزل في قلب المسلم إلا ويحرك عليه جوارحه كلها في نصرة هذا الدين العظيم ، |
| |