| |||||
|
02-20-2017, 10:41 AM | #1 |
إداري تاريخ التسجيل: Jun 2010 المشاركات: 1,222 | خطبة ( السعي في قضاء حوائج المسلمين ) السعي في قضاء حوائج المسلمين الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً... اللهم لك الحمد خيراً مما نقول، وفوق ما نقول، ومثلما نقول، عزّ جاهك، وجلّ ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين من ربه.... أما بعد: فيا عباد الله: السعي في قضاء حوائج المسلمين هو خلق الأنبياء والمرسلين: اسمحوا لي في بداية خطبتي أن أعيش وإياكم مع شاب خرج من قريته بعد أن تآمر القوم على قتله، خرج خائفا فقيرا جائعا يتوقع الشر في كل لحظة، هاربا من بطش الظالمين، شاب أنهكه التعب والجوع والظمأ، لا يملك لا مالا ولا متاعا، شاب مشى حتى انتهى به المطاف إلى قرية ليستريح فيها، وما كاد يجلس على الأرض ليستريح من عناء السفر حتى رأى منظرا استفز فيه رجولته ونخوته ودينه، فيا ترى ماذا رأى؟! رأى فتاتين عفيفتين طاهرتين تتحاشيان الاختلاط بالرجال معهما أغنامهما ؛ وعلى الرغم من أنه لا يعرفهما وليس له حاجة عندهما إلا أنه رأى أنها فرصة لأن يكسب الأجر عند الله بقضاء حاجتهما، فسقى لهما ثم بعد أن أنجز تلك المهمة لم يطلب منهما أجرة ما عمل أو انتظر منهن كلمة شكر، إنما تولى إلى الظل ليستظل من تلك الحرارة الشديدة، فيا ترى من هو هذا الشاب؟ إنه رسول من أولي العزم من الرسل، إنه كليم الله موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم. واستمعوا لربكم يقص عليكم ذلك الموقف: ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ * وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص:21-24]. هل ذهب عمله ذلك هباء منثورا؟ لا والله.. لقد تكفل بثمن عمله رب العالمين واسمعوا للثمن: ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ ﴾ [القصص:25-27]. الله أكبر! نتيجة قضاء حوائج المسلمين، وكشف كرباتهم، أمان بعد الخوف ورزق بعد الفقر وزوجة بعد العزوبة هذا جزاء في الدنيا حصل عليه نبي الله موسى- عليه السلام -، فكيف بجزاء الآخرة؟!. أُمُّ المُؤمِنِينَ خَدِيجَةُ رضي اللهُ عنها تَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: "إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ"رواه البخاري. عباد الله: من قضى حوائج الناس قضى الله حوائجه: ففي الصحيحين عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَة". فمن كان الله في حاجته أتظنون أنه يخيب؟ أتظنون أنه يضيع؟ لا والله. صنائع المعروف وقضاء حوائج الناس يدفع البلاء وسوء القضاء: قال صلى الله عليه وسلم: "صنائع المعروف تقي مصارعَ السوء" صححه الألباني في صحيح الجامع. عن أبي هريرة- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة" رواه ابن ماجه. وعن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه -عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال "صدقة السر تطفىء غضب الرب وصلة الرحم تزيد في العمر وفعل المعروف يقي مصارع السوء"حسنه الألباني في صحيح الجامع. قال ابن عباس رضي الله عنه: صاحب المعروف لا يقع فإن وقع وجد متكئاً. أيها الأحبة الكرام في الله: خلق من اتصف به كان من أوائل الداخلين إلى جنات رب العالمين: جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول:"إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أول أهل الجنة دخولاً أهل المعروف". رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع. وعن أبي هريرة- رضي الله عنه -عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: "لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس". رواه مسلم. بذل المعروف وفعل الخير سبب من أسباب الفلاح: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج:77]. لا تفلحون إلا إذا فعلتم الخير، ولا يصح فعل الخير إلا إذا سبقته استقامة، فعل الخير يصح إذا سبقته الاستقامة، أما استقامة من دون فعل الخير، لا يحقق الفلاح كما ينبغي، لا يحقق النجاح كما ينبغي. الساعي لقضاء الحوائج موعود بالإعانة، مؤيد بالتوفيق: قال- عليه الصلاة والسلام -: "...والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه..". تعين أخاك المسلم فيعينك الله، ترحمه فيرحمك، تستره فيسترك، تنفِّس عنه كربةً من كرب الدنيا، فينفس الله عنك كربة من كرب القيامة، تضع عنه بعض الدين، يضع عنك بعض الوزر ، تفرج عن عسرته، يفرج الله عن عسرك يوم القيامة وهكذا. قال إبراهيم بن أدهم: " من لم يواسِ الناس بماله وطعامه، وشرابه - فليواسهم ببسط الوجه، والخلق الحسن" [مواعظ الإمام إبراهيم بن أدهم للشيخ محمد الحمد]. قلت ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم..... الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على الدرب المستقيم من بعدهم إلى يوم الدين. أيها المسلمون عباد الله: قضاء حوائج الناس يعتبر من أعظم العبادات وأجل القربات إلى الله: أخرج الطبراني وغيره عن ابن عمرَ رضي الله عنهما أنّ رجلاً جاء إلى النبيّ- عليه الصلاة والسلام - فقال: يا رسولَ الله، أيُّ الناسِ أحبّ إلى الله؟ وأيّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحب الناس إلى الله - عز وجل - أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً (في مسجد المدينة) ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غضبه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رخاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام". حسن الألباني إسناده في السلسلة الصحيحة. هذا الحديث لو عملنا بما فيه لكنا من أحب الناس إلى الله: "أحبُّ الناسِ إلى الله تعالى أنفعُهم للنّاس، وأحبّ الأعمال إلى الله سرورٌ يدخِله إلى مسلمٍ أو يكشِف عنه كربةً أو تقضِي عنه دينًا أو تطرُد عنه جوعًا،...". إن قضاء حوائج الآخرين، أفضل من الاعتكاف في مسجد النبي شهرا: "...ولأن أمشيَ مع أخٍ لي في حاجةٍ أحبّ إليّ مِن أن أعتكِفَ في هذا المسجد - يعني مسجدَ المدينة - شهرًا،..." قضاء حوائج المسلمين أمان من الفزع الأكبر: جاء في تكملة الحديث السابق: "...ومن مشى مع أخيه المسلمِ في حاجةٍ حتى تتهيأ له أثبتَ اللهُ قدمَه يومَ تَزِلُّ الأقدامُ". قال ابن عباس: إن لله عباداً يستريح الناس إليهم في قضاء حوائجهم وإدخال السرور عليهم أولئك هم الآمنون من عذاب يوم القيامة. وجاء في صحيح مسلم أن النبي- عليه الصلاة والسلام -قال: "من سرَّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه". عباد الله: من منع المعروف أو حث الناس على عدم فعله فهو على خطر عظيم: يقول سبحانه وتعالى: ﴿ فويلٌ للمصلينَ * الذينَ هُم عَنْ صَلاتِهم سَاهُون * ا لذينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيمْنعونَ الْماعُون ﴾ [الماعون:4-7] ويقل جل وعلا: (مَا سَلَكَكُم في سَقر قالوا لم نكُ منَ المصلينَ ولَمْ نك نطعم المسكين ) [المدثر:41-44]، ﴿ ولا يحضُّ عَلَى طعامِ المِسْكين * فليسَ لَهُ اليومَ هَهُنا حميم * ولا طعامٌ إلا مِنْ غسلين ﴾ [الحاقة:34-36]. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم"، فذكر منهم " ورجل منع فضل ماء فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك". معاشر المسلمين: اصنعوا المعروف لكي تنالوا مغفرة الله تعالى وتدخلوا جنته، وأحسنوا إلى عباد الله، وأدوا إليهم حقوقهم الواجبة والمستحبة حتى يحسن الله إليكم، وييسر لكم أموركم، ويفرج عنكم كربكم في الدنيا والآخرة. نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفقنا وإياكم لفعل الخير والإحسان إلى الخلق إنه سميع مجيب، واسأله أن يجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنة أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب. اللهم أصلحنا وأصلح شباب المسلمين اللهم أصلحنا وأصلح بنات المسلمين اللهم أصلحنا وأصلح نساء المسلمين اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويهدى فيه أهل معصيتكم ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يارب العالمين اللهم اجعل هذا البلد آمناً وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه اجعل لنا وللحاضرين من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ومن كل عسر يسراً ومن كل ظالم نجا، ارزقنا جميعاً من حيث لا نحتسب من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه واجعل كيده في نحره اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً ولا تجعل فينا ولامنا ولا معنا شقياً ولا محروماً لا تخرجنا جميعاً من هذا المكان إلا بذنب مغفور وسعي مشكور وتجارة رابحة لا تبور...... عباد الله صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين حيث أمركم فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. منقول ... |
|
|