| |||||
|
|
آخر 1 مشاركات |
| أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-26-2011, 10:39 PM | #1 |
إداري تاريخ التسجيل: Jun 2010 المشاركات: 1,222 | برود المعاني (الحاجة شديدة لاستحضار تلك المعاني , وتجديدها في القلوب ... ) قال الشيخ محمد الحمد حفظه الله : ومضات - برود المعاني - قبل سنوات زارني طبيب من إحدى البلاد العربية , وكان يعمل في أحد المستشفيات , وقد كان على النصرانية ودخل في الإسلام حديثاً , وكان عمره آنذاك يزيد على الأربعين سنه . ولا حظت فيه فرحاً , ورقةً , واستشعاراً لعظمة الإسلام , وقناعة تامة بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم . وكانت لديه مشكلة في علم والديه الكبيرين , وأصحابه الذين يعرفونه , فكان يخشى أن يتكدر والداه إذا علما بإسلامه , لذا صار متردداً في إخبارهم بذلك , فكان يخفي إسلامه . وترتب عليه أن هويته نصرانية , وكان يرغب في أن تعدل إلى الإسلام . كل ذلك من أجل أن يدخل مكة , ويؤدي الحج والعمرة . وقد دار بيني وبينه حديث طويل حول هذا الشأن , فكان إذا جاء ذكر مكة , والكعبة فاضت عيناه بالدمع , وصار يردد : هل يعقل أنني سأذهب إلى مكة ؟وهل أتصور أنني سأرى الكعبة وأطوف حولها ؟ هل سيتم ذلك لي ؟ حتى إن وجهه ليحمر من شدة ما يعتصره من حرقة , ويحدوه من أمل . تعجبت من هذا الشعور , وكيف كانت معاني الإسلام , والمشاعر المقدسة حارة فوارة في حسه في الوقت التي بردت فيه تلك المعاني عند كثير من المسلمين . وبعدها بسنوات قابلت بعض المسلمين من فرنسا , وألمانيا , ورأيت عندهم ما يزيد على ما عند صاحبنا الأول من حرارة الأشواق , وصدق المشاعر , وحضور معاني الإسلام , وقوة الاعتزاز به . بل لقد قابلت قبل تلك المواقف بسنوات في شهر رمضان 1411 هـ في الحرم المكي رجلاً أمريكياً يقول : إنه يعمل في إحدى وكالات الأنباء العالمية , قابلته في صحن الحرم , وكان الوقت بعد العصر , ودار الحديث معه في جمع من الإخوة , وكان لا يركز كثيراً في الحديث , بل كان بصره مشدوداً إلى الكعبة لا يكاد يلتفت عنها يمنة أو يسرة . فلما قال له أحد الحاضرين : ماذا تصنع ؟ مالذي يشدك إلى الكعبة ؟ قال : لا أستطيع وصف هذا الشعور , ولو أن الأمريكان جاؤوا إلى هذا المكان , ورأوا الكعبة مباشرة , وما يكسوها من الجلال والروعة - لربما أسلموا دون دعوة . والأمثلة على ما ذكر كثيرة جداً , وعند غيري خصوصاً ممن يمارسون دعوة غير المسلمين الشيء الكثير من ذلك القبيل . والشاهد مما مضى حضور معاني القدسية , واستشعار عظمة الله , وحرارة العواطف تجاه الإسلام عند هؤلاء . تلد المعاني والمشاعر , والعواطف التي بردت في حس أكثر المسلمين , وصارت أشبه بالأمور العادية جداً . ولعل سبب ذلك أن كثرة الإمساس تقلل الإحساس . لذا فإن الحاجة شديدة لاستحضار تلك المعاني , وتجديدها في القلوب . ولعل من أعظم أسباب ذلك : التدبر في الآيات التي تدعو إلى تعظيم شعائر الله , وإستدعاء الذكريات التي تبعث الأشواق , وتجدد معاني الإيمان , فإذا استشعر المسلم -مثلاً- فرضية الصلاة , وأنها فرضت في السماء ليلة عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنها صلة بين العبد وربه , وأن قدر الإسلام عنده كقدر الصلاة في قلبه إلى غير ذلك من معاني التي تدور في هذا الفلك - كان ذلك داعياً إلى إحيائها في قلبه وشعوره , وإعطائها حقها من التكميل والخشوع . وقل مثل ذلك في الحج , بحيث يستشعر أن بطاح مكة كانت موطئ أقدام الأنبياء , وأنها أشرف الأماكن , وأحبها إلى الله , وأنه إذا سار فيها متعبداً لله صار امتداداَ لتلك السلسلة المباركة , والركب الميمون من خاصة عباد الله من الأنبياء , والصديقين , والصالحين . وقل مثل ذلك في شأن كثير من العبادات التي تنطوي على الحكم والأسرار . وكذلك الحال بالنسبة لكثير من الأعمال التطوعية التي يبرد إحساس بعض القائمين بها من جراء طول العهد , فلا يكاد يستشعر عظم ما يقوم به , ولا الأجور المترتبة على ذلك . فما أحوجنا إلى تجديد تلك المعاني , وتحريك تلك المشاعر , وألا يكون طول الأمد سبباً لبرود مشاعرنا , وتبلد إحساساتنا , وقسوة قلوبنا , لعلنا بذلك ننبعث إلى زيادة الإيمان , وقوة الإقبال على الله -عز وجل- . ولعل من أسرار تكرار بعض العبادات يومياً كالصلاة , أو أسبوعياً كالجمعة , أو سنوياً كصيام رمضان , أو عمرياً كالحج - أن يكون المؤمن على ذكر من هذا المعنى , ألا وهو تجديد الإيمان , وإقامة ذكر الله , وإحياء تلك المعاني في النفوس , لتبقى فوارة حية , فإذا كان الأمر كذلك فإنه يعني حياة القلوب . وإذا كانت الأخرى فإن ذلك يعني خمودها أو موتها . |
|
|