| |||||
|
|
آخر 1 مشاركات |
| أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
10-04-2010, 05:56 PM | #1 |
داعية جديد تاريخ التسجيل: Oct 2010 المشاركات: 1 | البدعة :تعريفها،اقسامها،حكمها،التحذيرمنها،ليست هناك بدعة حسنة... البدعة: تعريفها، أقسامها، حكمها، التحذير منها، ليست هناك بدعة حسنة... "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" الحديث "ما لم يكن في ذاك اليوم ديناً، فلن يكون اليوم ديناً" مالك وخير أمور الدين ما كان سنة وشر الأمور المحدثات البدائع تعريف البدعة 1. البدعة اللغوية 2. البدعة الحقيقية أوالشرعية أمثلة للبدع الحقيقية أو الشرعية 3. البدع الاضافية الأدلة على تحريم البدع البدع دركات ليست هناك بدعة حسنة شبه المحسنين لبعض البدع ودحضها 1. زعم العز بن عبد السلام وتلميذه القرافي سامحهما الله أنَّ البدع تعتريها الأحكام الخمسة 2. مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (نعمت البدعة هذه) 3. قوله صلى الله عليه وسلم: من سنَّ سنة حسنة...... ومن سنَّ سنة سيئة 4. الخلط بين المصالح المرسلة، والبدع المنكرة 5. قياسهم البدع بما سنه بعض الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم 6. الخلط بين البدع الشرعية الحقيقية، والاضافية، وبين البدع اللغوية زجر السلف الصالح، وذمهم، وتحذيرهم من البدع وأهلها هجر أهل البدع تقرباً إلى الله، ولعنهم ديانة نماذج من هجر السلف الصالح لأهل البدع والأهواء هجر أحمد رحمه الله لعلي بن المديني، ويحي بن مَعِين، والحسين الكرابيسي هجر يونس بن عبيد رحمه الله لعمرو بن عبيد، وتحذيره منه من امتنع عن الصلاة على أهل البدع بم تُعرف مكانةُ الإسلام ومنزلته عند أهل الزمان؟! البدعة شر من المعصية خطورة البدعة في الدين 1. تبديل الدين وتحريفه 2. ما من بدعة إلاَّ وتقوم على أنقاض السنة 3. توسيع دائرة الخلاف بين الأمة أشهر البدع الحقيقية والإضافية بين المسلمين اليوم أفضل ما أُلِّفَ في البدع ما أطيب أثر العلماء الربانيين المصلحين على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، فبينما يدعو العلماء الربانيون الناس إلى الجادة، إلى الدين الخالص من الشرك والبدعة، يتهمهم الناس بالجهل، والتشدد، والغلو. هذا المسلك مسلك قديم حديث، ووجه به كل الرسل وأتباعهم منذ القدم، وسيظل يواجه به كل من سلك سبيلهم من الخلف الأخيار "فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلا". يمثل هذا الأثر الطيب من العلماء الذي قوبل بضده من الناس، بالعناد، والاستكبار، والتجهيل، والتقليد لما ورثوه من الآباء والأجداد، ما قاله مؤمن آل فرعون لقومه: "وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ*تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ*لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ*فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ*فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ*النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ". فالعبرة بالخواتيم، فشتان بين ما ختم به لهذا العبد الصالح، وبين ما ختم به لأولئك المعاندين، الصادين، المحاربين للدين الخالص من الشرك والبدعة. كثير من المسلمين يقابلون ما يدعوهم إليه العلماء الراسخون بما ردَّ به فرعون وآله على ذلك العبد الصالح، والمؤمن الفالح الذي كتم إيمانه تقية لعل قومه يستجيبون له، وينفرون مما يحذرهم منه من الممارسات الشركية والابتداع في دين الله ما لم ينزل به سلطاناً، بحجج واهية نحو ما قاله المشركون الأوائل في وجه صاحب الدعوة محمد صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ"، أو تمسكاً بذلات وهفوات صدرت من بعض المنتسبين للعلم، ومعلوم أنَّ من تتبع زلات العلماء وسقطاتهم، تزندق أو كاد، وتجمع فيه الشر كله. أو بشبهة: لو كان هذا الأمر شركاً أو بدعة لما وافقنا عليه الشيخ فلان، أوالعالم علان حيث قلدوا دينهم الرجال، ومعلوم في دين الله كذلك أنَّ الحق لا يعرف بالرجال، ولكن يعرف الرجال بدورانهم مع الحق حيث دار، كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لمن قال له: لو كنت على الحق لما خرج عليك طلحة والزبير رضي الله عنهما: يا هذا إنك ملبوس عليك، اعرف الحق تعرف أهله. ومنهم من يتشبث بثالثة الأثافي زاعماً أنَّ ما عمل به إنما هو من البدع الحسنة رداً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة"، حيث لم يستثن بدعة دون بدعة، وقد أوتي جوامع الكلم. ونحو ذلك من الشبه الداحضة، والحجج الفاسدة. ليت الأمر وقف عند هذا الحد بل تعداه للنيل من الناصحين، من العلماء الربانيين، و وصفهم بأنهم متشددون متنطعون لأنهم يصفون أعمالهم الجليلة هذه كما زعموا بأنها شرك وبدعة لأن عند هؤلاء القوم من الصوفية، وغيرهم ليس في الاسلام شيء اسمه شرك أوبدعة لمن نطق بالشهادتين، فله أن يعبد الله بما تشتهيه نفسه، ويزينه له شياطين الانس والجن، ناقضاً للجزء الثاني من كلمة التوحيد وهو لا يدري إذ معنى "وأشهد أنَّ محمداً رسول الله"، أنْ لا أعبد الله إلاَّ بما شرعه لنا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومرد ذلك كله للجهل بدين الله عز وجل، والغرور والاستبداد، وتلقي العلم –إنْ كان عند هؤلاء علماً- من غير اهله، فقد قال مالك الامام رحمه الله: (إنَّ هذا العلم دين، فانظروا ممن تأخذون دينكم). أمَّا بعد: فما المراد بالبدعة؟، وما هي اقسامها؟، وهل هناك بدعة حسنة وأخرى سيئة كما يزعمون؟، وما خطورة البدعة على الدين؟، كل هذا وغيره نود أنْ نعرض له بشيء من الايجاز نصحاً للأمة، وإقامة للحجة، ودفعاً للشبه التي يثيرها مخترعو البدع ومروجوها، والزاعقون المقلدون لهم. عسى أنْ يجد ذلك عند اخواننا المسلمين آذاناً صاغية، وقلوباً واعية، ونفوساً من التقليد، والتعصب، واتباع الهوى معافاة، والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل. تعريف البدعة لغة: كل أمر حادث مخترع. اصطلاحاً: تنقسم البدع إلى ثلاثة أنواع: 1. البدعة اللغوية وهي كل أمر حادث مخترع لم يكن موجوداً من قبل، نحو السيارات، والطائرات، ومكبرات الأصوات، وما شابه ذلك. وهذا القسم لا تعلق له بحديثنا، إذ لا يتعلق به حكم شرعي. 2. البدعة الحقيقية أوالشرعية وهي كل امر حادث، ليس له اصل في كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما اجمع عليه أهل الاسلام، يراد بها التقرب إلى الله عز وجل. أمثلة للبدع الحقيقية أو الشرعية • الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم، اسبوعياً وسنوياً. • صلاة الرغائب. • الاحتفال بالإسراء والمعراج. • الاحتفال بالهجرة النبوية. • الاحتفال ببعض غزواته صلى الله عليه وسلم. • صلاة التسابيح. • إحياء ليلة النصف من شعبان، وصيام نهارها. • صيام رجب وشعبان كليهما مع رمضان. • السماع الصوفي. 3. البدع الاضافية وهي أنْ يكون العمل مشروعاً ولكنه يعمل بطريقة وهيئة وكيفية غير مشروعة، نحو: • الذكر الجماعي. • الذكر بالاسم المفرد: الله الله، يا لطيف يا لطيف، لا هو إلاَّ هو، هوهو. • الصيام والقيام الجماعي. • المبالغة في الدعاء في الوتر، وعند ختم القرآن. والقسمان الأخيران: البدعة الحقيقية أوالشرعية، والإضافية، هما المرادتان والمعنيتان بالمنع، والتحذير، والوعيد الشديد. الأدلة على تحريم البدع من القرآن • قوله تعالى: "فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ". • وقوله سبحانه: "مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ". • وقوله عز وجل: "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ". من السنة • قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد" ، وفي رواية لمسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". فقد ساوى الرسول صلى الله عليه وسلم بين مخترع البدعة، ومقلده فيها. • وقوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عن العرباض بن سارية رضي الله عنه الذي جاء فيه: "....... فمن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإنَّ كل بدعة ضلالة". • وعن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقول: ".......... أمَّا بعد: فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة". الأدلة السابقة تنهي وتحذر عن كل البدع في العبادات، حقيقية كانت أم إضافية، وإليك زيادة أدلة، وبيان لتحريم البدع الإضافية: • عن البراء بن عازب رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أخذت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، واجعلهن من آخر كلامك، فإن مت من ليلتك، متَّ وأنت على الفطرة". قال: فرددتهن لاستذكرهن، فقلت: آمنت برسولك الذي أرسلت، قال: "قل: آمنت بنبيك الذي أرسلت". انظر رحمني الله وإياك تصويب الرسول صلى الله عليه وسلم في الحال للبراء عندما أخطأ، فقال: وبرسولك الذي أرسلت، ولم يتعمد ذلك، فكيف بأولئك المبدلين المغيرين العامدين لشرع الله عز وجل؟!. • وقال الشاطبي رحمه الله: (وحكى ابن العربي عن الزبير بن بكار، قال: سمعتُ مالك بن أنس –وأتاه رجل- فقال: يا أبا عبد الله من أين أحرم؟، قال من ذي الحليفة، من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنِّي أريد أنْ أحرم من المسجد، فقال: لا تفعل، أخشى عليك الفتنة، قال: وإيُّ فتنة هذه؟ إنَّما هي أميال أزيدها، قال: وأيُّ فتنة أعظم من أنْ ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!. إنِّي سمعت الله يقول: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ". قال الشاطبي: وهذه الفتنة التي ذكرها مالك رحمه الله في تفسير الآية، هي شأن أهل البدع، وقاعدتهم التي يأسسون عليها بنيانهم، فهم يرون أنَّ ما ذكره الله في كتابه، وما سنه نبيه صلى الله عليه وسلم دون ما اهتدوا إليه بعقولهم). وقد فسر الإمام أحمد الفتنة بالشرك. • قال الدارمي في سنته: (أخبرنا الحكم بن المبارك، أخبرنا عمر بن يحي، قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه، قال: كنَّا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الفداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال: أخرج عليكم أبو عبد الرحمن بعد؟، قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعاً، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إنِّي رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرته، ولم أر -والحمد لله إلاَّ خيراً-، قال: فما هو؟، قال: إنْ عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً، ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصىً، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، فيقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟، قال: ما قلت لهم شيئاً انتظر رأيك، أو انتظار أمرك، قال: أفلا أمرتهم أنْ يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم ألاَّ يضيع من حسناتهم شيئ. ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحِلق، فوقف عليهم، فقال: ماهذا الذي أراكم تصنعون؟، قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير، والتهليل، والتسبيح والتحميد، قال: فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن ألاَّ يضيع من حسناتكم شيء، وَيْحَكم أمة محمد، ما أسرع هلكتكم، هؤلاء أصحابه متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة أهدى من ملة محمد، أوَ مفتتحو باب ضلالة. قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلاَّ الخير، فقال: وكم من مريد للخير لا يصيبه، إنَّ رسول الله حدثنا: "إنَّ قوماً يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم"، وأيم الله ، لا أدري لعل أكثرهم منكم. ثم تولى عنهم فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج). قلت: ليس هناك زجر من البدعة الإضافية أشد من ذلك. وقال الشاطبي: (ومن البدع الإضافية التي تقرب من الحقيقية، أنْ يكون أصل العبادة مشروعاً، إلاَّ أنها تخرج عن أصل شرعيتها بغير دليل توهماً أنها باقية على أصلها تحت مقتضى الدليل، وذلك بأن يقيد إطلاقها بالرأي، أو يطلق تقييدها، وبالجملة فتخرج عن حدها الذي حدها. إلى أن قال: من ذلك تخصيص الأيام الفاضلة بأنواع من العبادات، التي لم تشرع تخصيصاً، كتخصيص اليوم الفلاني بكذا وكذا من الركعات، أو بصدقة كذا وكذا، أو الليلة الفلانية بقيام كذا وكذا ركعة، أو بختم القرآن فيها، أو ما أشبه ذلك). وقال الإمام النووي رحمه الله: ( قد قدمنا في كتاب أذكار الصلاة، صفة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يتعلق بها، وبيان أكملها وأقلها، وأمَّا ما قاله بعض أصحابنا، وابن أبي زيد المالكي من استحباب زيادة على ذلك، وهي: "وارحم محمداً وآل محمداً"، فهذه بدعة لا أصل لها. وقد بالغ الإمام أبو بكر بن العربي المالكي في كتابه شرح الترمذي في إنكار ذلك، وتخطئة ابن أبي زيد في ذلك، وتجهيل فاعله، قال: لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم علمنا كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، فالزيادة على ذلك استقصار لقوله، واستدراك عليه صلى الله عليه وسلم، وبالله التوفيق). قلت: إذا قال ابن العربي ذلك في زيادة "وارحم محمداً وآل محمداً"، فكيف بمن يشتغلون ببعض الصلوات البدعية، الركيكة؟!، بل وكيف بمن يزعمون أنَّ صلاة الفاتح لما اغلق، تعدل القرآن ستة أو سبعة آلاف مرة؟!!!، كبرت كلمة كفرية خرجت من أفواههم. وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: (ثم إنَّ البدع في الحقيقة: هي انتقاد غير مباشر للشريعة الإسلامية، لأنَّ معناها أو مقتضاها: أنَّ الشريعة لم تتم، وأنَّ هذا المبتدع أتمها بما أحدث من العبادة التي يتقرب بها إلى الله كما زعم). فعليه تقول: كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، والواجب الحذر من البدع كلها، وألاَّ يتعبد الإنسان إلاَّ بما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ليكون إمامه حقيقة، لأن من سلك سبيل بدعة جعل المبتدع إماماً له في هذه البدعة دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ولي التوفيق). زاد بنو إسرائيل حرفاً على ما أمرهم الله به، حيث قال: "وَقُولُواْ حِطَّةٌ"، قالوا: حنطة، فعذبهم الله وأخزاهم، فكيف بمن يأتي بالطوام، والبدع الجسام العظام؟!. قال الطرطوشي رحمه الله: (قال أهل التأويل: طُؤْطئ لهم الباب ليخفضوا رؤوسهم، فيدخلوا سجداً منحنيين متواضعين، ويقولوا: "حِطَّةٌ"، معناه: حط عنَّا خطايانا، فقالوا: حنطة، ويقال قالوا: هطة سمقانا، يعنون حنطة حمراء، استخفافاً بأمر الله، فأرسل الله عليهم رجزاً، ظلمةً، وطاعوناً، فهلك منهم في ساعة واحدة سبعون ألفاً، فلقوا من البلاء ما لقوا، وإنَّما زادوا حرفاً في الكلمة، فعرفهم أنَّ الزيادة في الدين والابتداع في الشرع أمرٌ عظيم الخطر. قال علماؤنا رضي الله عنهم: (إنْ كان تفسير كلمة في باب التوبة –وذلك أمر يرجع إلى المخلوق- يوجب كل ذلك العذاب، فما ظنك بتغيير ما هو خبر عن صفات المعبود). البدع دركات البدع ليست كلها سواء، فمنها ماهو كفر وشرك، ومنها ما هو حرام، ومنها ما هو مكروه، ولكن كلها ضلال بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاسم الضلال شامل لها جميعاً، الكفرية منها، والمحرمة، والمكروهة بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة"، "ومن احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". فالشرك بدعة، والتسبيح بآلة كالمسبحة والحصى بدعة، وهكذا. ليست هناك بدعة حسنة المفتونون بالبدع، المحامون عنها، ما فتئوا منذ القدم دأبهم البحث والتفتيش عن مستند لها أياً كان هذا المستند، فإنْ وجدوا زلة لعالم، وشبهة ضربوا حولها الطبول، وهللوا وكبروا، ابتهاجاً بذلك. من ذلك اجتهادهم في تقسيم البدع إلى حسنة، وقبيحة سيئة تبريراً لما زينه لهم الشيطان، والمخترعون لهذه البدع. شبه المحسنين لبعض البدع ودحضها يرفع هواة البدع والمفتونون بها شبهاً لبيان أنَّ البدع ليست كلها ضلال، وإنَّما منها ما هو خير وحسن، وماهو شر وقبيح. وكل الشبه المرفوعة في هذا الشأن داحضة باطلة. وسنشير في هذه العجالة إلى أخطر الشبه المرفوعة التي انخدع، وينخدع بها كثير من الناس، نصحاً للأمة، وتبرأة للذمة، ومعذرة للرب، ولعلهم أو بعضهم يستجيبون، فنقول: 1. زعم نفرٌ من أهل العلم –العز بن عبد السلام وتلميذه القرافي- سامحهما الله أنَّ البدع تعتريها الأحكام الخمسة: الوجوب، والندب، والحرمة، والكراهة، والإباحة وهذه زلة وهفوة ومعلوم في دين الله، أنَّ الله لم يتعبدنا بأقوال الرجال مهما كانت منزلتهم، وأنَّ من تتبع زلات العلماء ورخصهم تزندق أو كاد كما قال الإمام سليمان التيمي رحمه الله: (من تتبع رخص العلماء وزلاتهم تزندق أو كاد، وتجمع فيه الشر كله). يقول ابن عبد السلام في كتابه (قواعد الأحكام في مصالح الأنام)، تحت (فصل البدع): (البدعة فعل ما، لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي منقسمة إلى بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة. والطريق في معرفة ذلك أنْ تعرض البدعة على قواعد الشريعة: فإنْ دخلت في قواعد الإيجاب، فهي واجبة، وإنْ دخلت في قواعد التحريم، فهي محرمة، وإنْ دخلت في قواعد المندوب، فهي مندوبة، وإنْ دخلت في قواعد المباح، فهي مباحة). ثمَّ أخد يمثل لكل نوع. و واضح من التمثيل الذي سطره الشيخ لكل نوع من هذه الأنواع أنَّه خلط بين البدعة والمصالح المرسلة، وبينهما ما بينهما من التفاوت، وقد أنكر هذا التقسيم للبدع الإمام الشاطبي رحمه الله إنكاراً شديداً، فقال تحت باب: (في أنَّ ذم البدع والمحدثات عام لا يخص محدثة دون غيرها، ويدخل تحت هذه الترجمة من شبه المبتدعة التي احتجوا بها). ثم دلل على ذلك بأدلة منها ملخصاً: • أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "كل بدعة ضلالة"، ولم يستثني من ذلك شيئاً - أي لم يقل إلاَّ كذا وكذا-. • أنَّ الأدلة في ذم البدع على عمومها. • إجماع الصحابة والسلف الصالح على ذم البدع، ودفعها، وتقبيحها. • أنَّ هذا التقسيم راجع إلى التحسين، والتقبيح العقليين، وهذا ميزان مختل ليس له ضابط، فما تراه أنت حسناً يراه غيرك أقبح القبيح. 2. مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (نعمت البدعة هذه) من الشبه التي يتكئ عليها هواة البدع، ويضربون حولها الطبول، مقولة الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه عندما جمع الناس في صلاة القيام في رمضان على إمام واحد، الرجال علي أبي كعب، والنساء على تميم الداري رضي الله عنهما، وقد كانوا من قبل يصلونها جماعات وأفراداً –وكأنه قد اعترض عليه في ذلك-، فقال: (إنْ كانت هذه بدعة، فنعمت البدعة هذه). ومراده بذلك البدعة اللغوية لا الشرعية، إذ صلاة القيام جماعة مشروعة، صلاها الرسول صلى الله عليه وسلم وجماعة من أصحابه، جماعة ليلتين أو أكثر، ولما خشي أنْ تفرض عليهم، لم يصلها بهم جماعة. فلم يزد عمر رضي الله عنه إلاَّ أنَّه أحْيَ هذه السنة، بعد أنْ أمِنَ عدم فرضيتها على الأمة. هذا بجانب أنَّ عمل عمر والخلفاء الراشدين المهديين من بعده سنة أُمرنا بالتمسك بها بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور"، الحديث. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر، وعمر"، الحديث. 3. قوله صلى الله عليه وسلم: "من سنَّ سنة حسنة...... ومن سنَّ سنة سيئة" من الشبه التي يدندن حولها هواة البدع، و والمفتونون بها هذا الحديث، والمناسبة التي قيل فيها هذا الحديث، تدل على أنَّه ليست له علاقة بتحسين بعض البدع، بل العكس فيه حضٌ على إحياء السنة المشروعة، وإماتة ما يضادها. عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا في صدر النهار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه قوم عراة، مجتابى النمار، أو العباء، متقلدي السيوف، عامتهم من مُضر، بل كلهم من مُضر، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج ، فأمر بلالاً فأذَّن وأقام، فصلى ثم خطب، فقال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا"، والآية الأخرى التي في سورة الحشر"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ"، تَصدَّق رجل من ديناره، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره حتى قال: "ولو بشق تمرة"، فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجِز عنها، بل قد عَجَزت، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين، من طعام، وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذْهبة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سنَّ في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيئ، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها، و وزر من عمل بها من بعده، من غير أنْ ينقص من أوزارهم شيء" . 4. الخلط بين المصالح المرسلة، والبدع المنكرة يخلط البعض بقصد أو بغير قصد بين المصالح المرسلة نحو جمع القرآن في مصحف واحد، تدوين الحديث، تدوين العلوم الشرعية ونحو ذلك، وهي من المصالح المرسلة المرعية، وبين البدع المحدثة نحو الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم، وصلاة الرغائب، وغيرها من المحدثات. 5. قياسهم البدع بما سنه بعض الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم كذلك من الشبه التي يثيرها هواة البدع والمفتونون بها قياسهم البدع المحدثة بما سنه السادة الخلفاء الراشدون، نحو ما سنه عثمان من التأذين قبل طلوع الإمام المنبر بالزوراء –السوق- لاعلام الناس بقرب وقت صلاة الجمعة، ولهذا كان آذان الجمعة الأول. هذه أمثل شبه القوم، وكلها أوهى من خيط العنكبوت وليس فيها أدنى متكئاً لما ذهبوا إليه من الإتيان بتشريعات، وعبادات، مضاهاة لما تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من السنن الواضحات. قال الشيخ العثيمين رحمه الله: (وليس في الدين بدعة حسنة أبداً، والسنة الحسنة هي التي توافق الشرع، وهذه تشمل: أنْ يبدأ الإنسان بالسنة، أي يبدأ العمل بها، أو يتبعها بعد تركها، أو يفعل شيئاً يسنه يكون وسيلة لأمر متعبد به، فهذه ثلاثة أشياء: الأول: إطلاق السنة على من ابتدأ العمل، وهذا سبب الحديث29، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حث على التصدق على القوم الذين قدموا عليه، وهم في حال صعبة جداً، فحث على التصدق فجاء رجل من الأنصار بصرة من فضة، قد اثقلت يده فوضعها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها". فهذا الرجل سنَّ سنة ابتداء عمل، لا ابتداء شرع. والثاني: السنة التي تركت، ثم فعلها الإنسان فأحياها، فهذا يُقال عنه سَنَّها بمعنى أحياها، وإنْ كان لم يشرعها من عنده. والثالث: أنْ يفعل شيئاً وسيلة لأمر مشروع، مثل بناء المدارس، و وضع الكتب، فهذا لا يتعبد الله بذاته، ولكن لأنه وسيلة لغيره، فكل هذا داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: "من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها". 6. الخلط بين البدع الشرعية الحقيقية، والاضافية، وبين البدع اللغوية من الشبه التي يثيرها هواة البدع، الخلط بين البدع الشرعية الحقيقية والإضافية، وبين البدع اللغوية، وهي كل أمر حادث، كالوسائل نحو: مكبر الصوت، الساعة، السيارة، الطائرة، وما شاكلها، فيقول بعض هؤلاء: لماذا تستعملون هذه المحدثات، وتنكرون علينا ما ابتدعناه، وحسناه؟!، وشتان بين هذه الوسائل الجديدة المخترعة، وبين ما يراد به التقرب إلى الله عز وجل، والذي يقوم على إنقاض السنة. المبتدع مشرع مع الله عز وجل، ومستدرك بلسان الحال على الرسول صلى الله عليه وسلم: شَعَر مخترع البدعة، أم لم يشعر فهو مشرع مع الله عز وجل حقيقة، ومستدرك على رسول الله صلى الله عليه وسلم إنْ لم يكن بلسان المقال، فبلسان الحال، ولهذا السبب فقد شنع الإمام أبو بكر ابن العربي المالكي على من استحب زيادة "وارحم محمداً وآل محمداً" في صيغة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً: (فالزيادة على ذلك استقصار لقوله، واستدراك عليه صلى الله عليه وسلم، وبالله التوفيق). زجر السلف الصالح، وذمهم، وتحذيرهم من البدع وأهلها مما يدل على خطورة الابتداع في دين الله عز وجل، زجر، وذم، وتحذير السلف الصالح من البدع وأهلها، كثرة واستفاضة ما نقل عنهم في ذلك. فمن باب التمثيل لا الحصر، نذكر طرفاً من ذلك: 1. روى مالك وغيره، أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب المنكدر على صلاته بعد العصر، فقيل له: (على الصلاة؟، فقال: لا، على خلاف السنة). 2. وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (كل عبادة لم يتعبدها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلا تتعبدوها، فإنَّ الأول لم يترك للآخر شيئاً، فاتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم). 3. وقال مجاهد رحمه الله: (كنت مع ابن عمر-رضي الله عنهما- فثوب رجل في الظهر، أو العصر، فقال ابن عمر: أخرج بنا فإنَّ هذه بدعة). والمراد بذلك التثويب البدعي، وهو أنْ ينادى المؤذن عند باب المسجد إذا تأخر الناس عن صلاة من الصلوات، فيقول: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح. 4. وسئل سفيان الثوري عمن يقرأ: "قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ"، لا يقرأ غيرها ، فكرهه، وقال: (إنَّما أنزل القرآن ليقرأ، ولا يخص شيء دون شيء، وإنَّما أنتم متبعون، ولم يبلغنا عنهم مثل هذا). 5. وسئل مالك بن أنس عن قراءة "قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ"، في كل ركعة مراراً، فكرهه، وقال: (هذا من محدثات الأمور). 6. وقال الأوزاعي رحمه الله: (بلغني أنَّ من ابتدع بدعة، خلاه الشيطان، والعبادة، وألقى عليه الخشوع والبكاء، لكي يصطاد به). 7. قطع عمر رضي الله عنه الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم، لأنَّ الناس كانوا يذهبون تحتها، فخاف عمر الفتنة عليهم. 8. وقال سيار أبو الحكم: (خرج رهط من القرَّاء، منهم معضد، وعمرو بن عتبة حتى بنو مسجداً بالنخيلة قريباً من الكوفة، فوضعوا جراراً من الماء، وجمعوا أكواماً من الحصى للتسبيح، ثم أقاموا يصلون في مسجدهم، ويتعبدون، وتركوا الناس، فخرج إليهم ابن مسعود –رضي الله عنه- فقالوا: مرحباً يا أبا عبد الرحمن أنزل، فقال: والله ما أنا بنازل حتى يهدم مسجد الخبال هذا، فهدموه، ثم قال لهم: والله إنكم لتمسكون بذنب ضلالة، أو لأنتم أهدى ممن كان قبلكم؟، أرأيتم لو أنَّ الناس كلهم صنعوا ما صنعتم، من كان يجمعهم لصلاتهم في مساجدهم، ولعيادة مرضاهم، ولدفن موتاهم؟، فردهم إلى الناس). 9. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (إنَّ منكر اليوم، لمعروف قوم ما جاءوا بعد، وإنَّ معروف اليوم، لمنكر قوم ما جاءوا بعد). 10. وقال حسان بن عطية رحمه الله: (ما من قوم يحدثون في دينهم بدعة، إلاَّ نزع الله من دينهم من السنة مثلها، ثم لا يعيدها عليهم إلى يوم القيامة). 11. وقال مالك رحمه الله: (دخلت يوماً على ابن هرمز، فذكر شرائع الإسلام، وما انتقص منها، وما يخاف من ضيعته، وإنَّ دموعه لتسيل على لحيته). 12. وقال مالك رحمه الله: ( وأخبرني من دخل على ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك؟، أدخلت عليك مصيبة؟، قال: لا، ولكن استفتي من لا علم له، فظهر في الإسلام أمر عظيم). 13. وقال الحسن البصري رحمه الله: (حسب المؤمن من الشر أنْ يشار إليه بالأصابع، في دينه أو دنياه)، فقيل: يا أبا سعيد، إنَّ الناس إذا رأوك أشاروا إليك بالأصابع، قال: يقولون ماذا؟، قالوا: يقولون: هذا الحسن رجل صالح، قال: الحمد لله الذي ستر القبيح، وأظهر الجميل). 14. روى الباجي في المنتقى، أنَّ ابن عمر حضر جنازة، فقال: (لتسرعن بها وإلاَّ رجعت). 15. وقال مالك في المدونة: (بلغني أنَّ بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يكرهون أن يترك الرجل العمل يوم الجمعة كما تركته اليهود والنصارى يوم السبت والأحد). 16. وسئل مالك رحمه الله: هل يقال عند ذبح الأضحية: (اللهم منك وأليك)، فقال: لا، هذه بدعة. 17. وقال مالك أيضاً: ( وليس هذا أيضاً موضع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم)، أي عند ذبح الأضحية. 18. وقال ابن عمر -رضي الله عنهما- لرجل في تشييع جنازة رفع صوته قائلاً: استغفروا الله ، (لا غفر الله لك). 19. وعطس رجل بحضرة ابن عمر رضي الله عنهما، فقال: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، فقال ابن عمر: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ولكن ما هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. 20. وقال ابن الماجشون: سمعت مالكاً يقول: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أنَّ محمداً خان الرسالة، لأنَّ الله يقول:"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي". فما لم يكن في ذلك اليوم ديناً، فلن يكون اليوم ديناً. 21. وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن ارطاة، وقد كتب إليه يستشيره في بعض القدرية: (أمَّا بعد فإنِّي أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وترك ما أحدث المحدثون فيما قد جرت سنته، وكفوا مونيته، فعليك بلزوم السنة، فإنَّ السنة قد سنَّها من قد عرف ما في خلافها من الخطأِ والزلل، والحمق، والتعمق، فارض لنفسك، بما رضي به القوم لأنفسهم، فإنَّهم على علم وقفوا، وبِبَصرٍ نافذٍ قد كفوا، وهم كانوا على كشف الأمور أقوى، وبفضل كانوا فيه أحرى. فلئن قلتم: أمر حدث بعدهم، ما أحدثه بعدهم إلاَّ من اتبع غير سنتهم، ورغب بنفسه عنهم، إنَّهم لهم السابقون، فقد تكلموا منه46 بما يكفي، و وصفوا منه ما يشفى، فما دونهم مقصر، وما فوقهم محسر، لقد قصر عنهم آخرون فغلو، وأنهم بين ذلك لعلى هدىً مستقيم). 22. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (صلاة السفر ركعتان، من خالف السنة كفر). 23. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ما يأتي على الناس من عام، إلاَّ أحدثوا فيه بدعة، وأماتوا سنة، حتى تحيا البدع وتموت السنن). 24. وعن الحسن رحمه الله قال: (صاحب البدعة لا يزداد اجتهاداً، صياماً وصلاة، إلاَّ إزداد من الله بعداً). 25. وخرج ابن وهب عن أبي إدريس الخولاني أنَّه قال: (لأن أرى في المسجد ناراً لا أستطيع إطفاءها، أحب إليَّ من أنْ أرى فيه بدعة لا أستطيع تغييرها). 26. وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: (اتبع طرق الهدى، ولا يضرك قلة السالكين، وإيَّاك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين). 27. وعن أبي قلابة قال: (ما ابتدع رجل بدعة، إلاَّ استحلَّ السيف). 28. وقال هشام بن حسَّان رحمه الله: (لا يقبل الله من صاحب بدعة صياماً، ولاصلاةً، ولا حجاً، ولاجهاداً، ولاعمرة، ولاصدقة، ولاعتقاً، ولاصرفاً، ولاعدلاً). 29. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي قال: (قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة، وقبور أهل البدعة من الزُهَّاد حفرة، فُسَّاق أهل السنة من أولياء الله، وزُهَّاد أهل البدعة، أعداء الله). 30. وقال الشافعي: (من أبغض أحمد بن حنبل فهو كافر) ، رواه الربيع بن سليمان عنه. هجر أهل البدع تقرباً إلى الله، ولعنهم ديانة أصحاب البدع الكفرية المجاهرين بها، الداعون إليها، يُهجروا تقرباً إلى الله عز وجل، ويلعنوا ديانة. وكذلك يفعل بالفساق الفجار، المجاهرين بفسقهم، الداعين له. أمَّا غير المجاهرين الداعين للبدع الكفرية، وكذلك من كانت بدعته دون الكفر، فلا يهجر ولكن ينصح ويزجر عن ذلك. قال رجل لأبي خليفة، وهو من علماء أهل السنة، ومن المبجلين المقتدين بإمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل رحمهما الله: (من قال القرآن مخلوق؟، قال: ذاك الرجل ضال مبتدع هناك، العنه ديانة، واهجره تقرباً إلى الله عز وجل. وبذلك قام أبو عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه، مقاماً لم يقمه أحد من المتقدمين، ولا من المتأخرين، فجزاه الله عن الإسلام وعن أهله أفضل الجزاء). نماذج من هجر السلف الصالح لأهل البدع والأهواء هجر أحمد رحمه الله لعلي بن المديني، ويحي بن مَعِين، والحسين الكرابيسي بسبب تعريض بعضهم، و وقف البعض الآخر في مسالة خلق القرآن، قال ابن تميم وهو يتكلم عن عقيدة أحمد ومشربه: (وكان شديداً على أهل البدع، أو من قاربهم، إنْ لم يباينهم، وإنْ كان صحيح الاعتقاد، وقد هجر رحمه الله علي بن المديني، ويحي بن معين، والحسين الكرابيسي، إلى أنْ تاب يحي عنده. وما كان يقول إلاَّ الخير فيمن يعلم فيه الخير، وكان يمسك عمن امسك، ولم يظهر ما يوجب الامتناع منه). هجر يونس بن عبيد رحمه الله لعمرو بن عبيد، وتحذيره منه رأى يونس بن عبيد ابنه وقد خرج من عند عمرو بن عبيد المعتزلي، فقال: (يا بني من أين خرجت؟، قال: من عند عمرو بن عبيد، قال: يا بني، لإنْ أراك خرجت من بيت هيتي أحب إليَّ من أنْ أراك خرجت من بيت فلان بن فلان، ولإنْ تلقى الله زانياً، سارقاً، فاسقاً، خائناً أحب إليَّ من أنْ تلقاه يقول أهل الأهواء). • وقال ابن عمر رضي الله عنهما في أهل القدر: (إذا لقيت أولئك فاخبرهم، أنِّي برئ منهم، وأنَّهم براء مني). • وقال الحسن: (لا تجالس صاحب بدعة فيمرض قلبك). • وعن يحي بن أبي كثير قال: (إذا لاقيت صاحب بدعة في طريق، فخذ على طريق آخر). • وعن أبي قِلابة قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، فإنِّي لا آمن أنْ يغمروكم في ضلالتهم، ويلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون). • وقال إبراهيم النخعي: (لا تجالسوا أصحاب الأهواء، ولا تكلموهم، فإنِّي أخاف إنْ ترتدَّ قلوبكم). • وقال سفيان الثوري رحمه الله: (من جالس صاحب بدعة لم يسلمْ من إحدى ثلاث: إمِّا أنْ يكون فتنة لغيره، وإمَّا أنْ يقع بقلبه شيء يزلَّ به فيدخله النار، وإمَّا أنْ يقول: والله لا أبالي ما تكلموا به، وإنِّي واثق بنفسي، فمن يأمن بغير الله طرفة عين على دينه، سلبه إيَّاه). • وقال مالك رحمه الله: (لو أنَّ العبد ارتكب الكبائر كلها دون الإشراك بالله شيئاً، ثم نجا من هذه الأهواء، لرجوت أنْ يكون في أعلى جنات الفردوس، لأنَّ كل كبيرة بين العبد وربه هو منها على رجاء، وكل هوى ليس هو منه على رجاء، إنَّما يهوى بصاحبه في نار جهنم). • وقال مالك: (كان يُقال: لا تمكن زائغ القلب من أذنك، فإنك لا تدري ما يعلقك من ذلك). • جلس معتزلي إلى أيوب السختياني رحمه الله فقال: (اسمع مني آية، قال: لا، قال: اسمع مني حديثاً، قال: لا، قال: اسمع مني كلمة، قال: لا، ولا نصف كلمة، إمَّا أنْ تقوم وإمَّا أنْ أقوم). • وكان الحسن البصري وأبو حنيفة رحمهما الله يشهدان لعمرو بن عبيد بالزهد، ويستجيزان لعنه. • وعندما سأل أحد تلامذة عمرو بن عبيد مالكاً من الاستواء زجره ونهره قائلاً: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلاَّ ضالاً، فأخرجوه عني). • وقال علي بن أبي خالد: (قلت لأحمد: إنَّ هذا الشيخ –لشيخ حضر معنا- هو جاري، وقد نهيته عن رجل، ويحب انْ يسمع قولك فيه: حارث القصبير –يعني حارثاً المحاسبي- وكنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة، فقلت لي: لا تجالسه، ولا تكلمه، فلم أكلمه حتى الساعة، وهذا الشيخ يجالسه، فما تقول فيه؟، فرأيت أحمد قد أحمر لونه، وانتفخت أوداجه وعيناه، وما رأيته هكذا قط، ثم جعل ينتفض ويقول: ذاك؟، فعل الله به وفعل، ليس يعرف ذاك إلاَّ من خبره وعرفه، أوِّيه، أوِّيه، أوِّيه، ذاك لا يعرفه إلاَّ من قد خبره وعرفه، ذاك جالسه المغازلي، ويعقوب، وفلان فأخرجهم إلى رأي جهم، هلكوا بسببه، فقال له الشيخ: يا أبا عبد الله، يروي الحديث، ساكن، خاشع، من قصته ومن قصته، فغضب أبو عبد الله، وجعل يقول: لا تغتر بتنكيس رأسه، فإنَّه رجل سوء، ذلك لا يعرفه إلاَّ من قد خبره، لا تكلمه ولا كرامة له، كل من حدَّث بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مبتدعاً تجلس إليه؟، لا ولا كرامة، ولا نُعْمى عين، وجعل يقول: ذاك، ذاك). • وقال الشافعي رحمه الله لحفص المنفرد المعتزلي وقد جاء يعوده مع جماعة في مرض موته عندما قال للشافعي: عرفتني يا أبا عبد الله، فقال له الشافعي: لا عرفك الله ولا حياك ولا بياك، وإياك أنْ تأتني مرة ثانية، أو كما قال. • قال القاضي عياض رحمه الله في ترحمه حمديس القطان المالكي رحمه الله: (كان علماً في الفضل، ومثلاً في الخير مع شدته في مذاهب أهل السنة، وغلو عظيم في النهي على من ينحرف عن طريقة أهلها. لا يسلم على أحد منهم.......... مجانباً لأهل الأهواء، والسلطان هجر عبد الجبار بسبب قراءته كتب ابن مهدي البكري، وكان لا يسلم عليه ولا يرد عليه إذا سلم. وهجر حمَّاساً بسبب مخالفته في الاستثناء في الأيمان، ولم يصل خلفه). من امتنع عن الصلاة على أهل البدع ابن فروخ، وابن غانم، والبهلول من علماء المالكية. قال فروخ وقد سئل عن المعتزلة: (وما سؤالك عن المعتزلة: فعلى المعتزلة لعنة الله، قبل يوم الدين، وفي يوم الدين، وبعد يوم الدين، وفي طول الدهر الداهرين، فقال له السائل: وما فيهم قوم صالحون؟، قال ويحك، وهل فيهم رجل صالح؟. قال سُحنون: مات رجل من أصحاب البهلول، فحضر هو، وابن غانم، وابن فَرُّوخ، فصلوا عليه، وجيء بجنازة ابن صخرة المعتزلي، فقالوا لابن غانم: الجنازة، فقال: كل حي ميت، قدموا دابتي، وقيل لابن فروخ مثل ذلك، فقال مثله، وقيل للبهلول مثل ذلك، فقال مثله، وانصرفوا ولم يصلوا عليه). قال شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه: (لا ينبغي أنْ يسلم على من لا يصلي، ولا يجيب دعوته). بم تُعرف مكانةُ الإسلام ومنزلته عند أهل الزمان؟! لا يعرف ذلك بالازدحام على أبواب المساجد، ولا بالضجيج بالتلبية في موسم الحج، ولكن يعرف ذلك حقيقة بعدم مواطأتهم لأهل البدع والأهواء، وهجرهم لهم. هذه هي العلامة المميزة لذلك، وقليل من الناس من يقوى عليها سيما في هذا الزمان الذي كثر فيه النفاق، وراجت فيه المداهنة والمجاملة على حساب الدين. بل أضحى أهل البدع وأئمته أكثر تقديراً، واحتراماً، وإجلالاً من أهل السنة، والعلم، والدين، وهذا لا شك من انقلاب الموازين، واختلال المفاهيم، وغربة الدين، كما تنبأ بذلك خاتم المرسلين: "سيعود الإسلام غريباً كما بدأ فطوناً للغرباء"، الحديث. فاستقبال أهل البدع الكفرية الداعين لها، المجاهرين بها، واحترامهم، وإجلالهم، وامدادهم بكل رخيص وغالٍ، وكذلك شهود جنائزهم، فاقت جنائز أهل السنة، وإقامة حولياتهم على عكس ما كان عليه سلفنا الصالح، ولهذا قال أحمد: (بيننا وبين أهل البدع يوم الجنائز)، فقد خرجت بغداد عن بكرة أبيها في تشييع جنازة إمام أهل السنة والجماعة أحمد، بينما لم يشيع المبتدع بشر المريس إلاَّ ثلاثة نفر. أمَّا الآن فإنَّ جنائز المبتدعة والفسقة من الفنانين، والممثلين، واللاعبين، تفوق جنائز أهل السنة، فإلى الله المشتكى. قال ابن عقيل الحنبلي رحمه الله: (إذا أردت أنْ تعرف محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنَّما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة، عاش ابن الرواندي والمعري عليهما لعائن الله ينظمون وينثرون، هذا يقول: حديث خرافة، والمعري يقول: تلوا باطلاً، وجلوا صارماً وقالوا: صدقنا، فقلنا: نعم يعني بالباطل -لعنه الله- كتاب الله عز وجل، وعاشوا سنين، وعظمت قبورهم، واشتريت تصانيفهم، وهذا يدل على برودة الدين في القلب، وهذا المعنى قاله الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله تعالى. قد قال ذلك مقارناً بين ما كان عليه الصحابة من التجرد، وبين ماهو كائن في زمانه:(الصحابة رضي الله عنهم آثروا فراق نفوسهم لأجل مخالفتها للخالق سبحانه وتعالى، فهذا يقول: زنيت فطهرني، ونحن لا نخسوا أنْ نقاطع أحداً فيه لمكان المخالفة). البدعة شر من المعصية البدعة شر وأخطرمن المعصية من وجوه عدة هي: 1. أنَّ المبتدع عليه وزر البدعة، و وزر مقلده فيها بنص الحديث، سيما إذا ذاعت بدعته وانتشرت، ومات ولم يتب منها، ويشتد الأمر إذا كان المبتدع ممن يُقتدى به ويقلد، وإذا كان ابن عباس رضي الله عنهما كان يقول: (ويلٌ للعالم من الاتباع)، فالويل ثم الويل، ثم الويل للجاهل والمبتدع من الاتباع والمقلدين. أمَّا المعصية فعلى العاصي وزرها، أو يٌعفى عنه إن شاء الله. 2. من العسيرجداً توبة المبتدع، ولهذا عُدَّ هذا من النوادر، أمَّا العاصي فلا يزال العصاة يتوبون صباح مساء، وأنَّ الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل. 3. توبة العاصي بينه وبين ربه، بل لا يحل للعاصي أنْ يصرح أو يبوح بما عمل للحديث: "كل أمتي معافى إلاَّ المجاهرين". أمَّا المبتدع فلا تقبل له توبة إلاَّ إذا أعلنها على الملأ وتبرأ منها، لقوله تعالى: "إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ". ومن الذين وفقوا للتوبة من البدعة، وأعلنوا ذلك الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله، عندما تاب من بدعة الاعتزال، طلع المنبر وأعلن أنَّه تخلى عن هذه العقيدة كما تخلى من ثوب كان عليه. وكذلك أعلن ابن عقيل توبته من صلته ببعض المعتزلة. قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: (إنَّ أصحابنا كانوا ينقمون على ابن عقيل تردده إلى ابن الوليد، وابن التبان شيخي المعتزلة، وكان يقرأ عليهما في السر علم الكلام، ويظهر منه في بعض الأحيان نوع انحراف عن السنة، وتأول لبعض الصفات، ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أنْ مات رحمه الله. ففي سنة 461هـ اطلعوا له على كتب فيها شيء من تعظيم المعتزلة، والترحم على الحلاج ، وغير ذلك. و وقف على ذلك الشريف أبو جعفر وغيره، فاشتد ذلك عليهم، وطلبوا أذاه فاختفى، ثم التجأ إلى دار السلطان ولم يزل أمره في تخبيط إلى سنة 465هـ، فحضر في أولها إلى الديوان ومعه جماعة من الأصحاب فاصطلحوا، ولم يحضر الشريف أبو جعفر؛ لأنه كان عاتباً على ولاة الأمر بسبب إنكار منكر. فمضى ابن عقيل إلى بيت الشريف وصالحه وكتب بخطه: (يقول علي بن عقيل بن محمد: إنِّي أبرأ إلى الله تعالى من مذاهب مبتدعة الاعتزال وغيره، ومن صحبة أربابه، وتعظيم أصحابهم والترحم على أسلافهم، والتكثر بأخلافهم، وما كنت علَّقته ووُجِدَ بخطي من مذاهبهم وضلالتهم، فأنا تائب إلى الله تعالى من كتابته، ولا تحل كتابته، ولا قراءته، ولا اعتقاده. إلى أنْ قال: واعتقدت في الحلاج أنَّه من أهل الدين والزهد والكرامات، ونصرت ذلك في جزء عملته، وأنا تائب إلى الله تعالى منه، وأنَّه قتل بإجماع علماء عصره، وأصابوا في ذلك، والترحم عليهم والتعظيم لهم، فإنَّ ذلك كله حرام، ولا يحل لمسلم فعله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام". إلى أنْ قال: ومتى حفظ عليَّ ما ينافي هذا الخط وهذا الإقرار، فلإمام المسلمين مكافأتي على ذلكم، وأشهدتُ الله وملائكته وأولي العلم على ذلك غير مجبر، ولا مكره، وباطني وظاهري –يعلم الله تعالى- في ذلك سواء، قال تعالى: "وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللهُ مِنْهُ". وكُتب يوم الأربعاء عاشر محرم، سنة خمس وستين وأربعمائة). خطورة البدعة في الدين خطر البدعة في الدين عظيم وشرها مستطير، ولذلك حذَّر منها الشارع الحكيم، ونهى عنها وخوَّف و زجر العلماء الحكماء المتقون. من مخاطر البدع الواضحة البينة ما يأتي: 1. تبديل الدين وتحريفه وذلك لأنَّ المبتدع مشرع مع الله عز وجل، ومستدرك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أدرك ذلك أم لم يدركه. يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: (إنَّ المبتدع قد نزَّل نفسه منزلة المضاهي للشارع، لأنَّ الشارع وضع الشرائع وألزم الخلق الجري على سننها، وصار هو المنفرد بذلك، لأنه حكم بين الخلق فيما كانوا فيه مختلفون. وإلاَّ فلو كان التشريع من مدركات الخلق لم تنزل الشرائع، ولم يبق الخلاف بين الناس، ولا أحتيج إلى بعث الرسل عليهم السلام. هذا الذي أبتدع في دين الله قد صيَّر نفسه ومضاهياً –للشارع- حيث شرَّع مع الشارع، وفتح للاختلاف باباً ، وردَّ قصد الشارع في الانفراد بالتشريع وكفى بذلك) ، أي إثماً و وزراً. قال تعالى: "هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا". ولهذا كان وزر المخترع الأول للبدعة أشد وأنكى من وزر من قلده فيها، ولكل منهما من العذاب والنكال ماله، لقوله صلى الله عليه وسلم: • "لا تقتل نفس ظلماً إلاَّ كان على ابن آدم الأول كفل منها لأنَّه أول من سنَّ القتل". • "ومن سنَّ سنة سيئة فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً"، الحديث. • ولذات السبب رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن لحي الخزاعي يحر قصبه –أي أَماءه- في النار لأنه أول من سيَّب السوائب، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. 2. ما من بدعة إلاَّ وتقوم على أنقاض السنة من مخاطر البدع المشاهدة أنَّه ما من بدعة تبتدع في الدين إلاَّ وتكون قد قامت على أنقاض سنة. فالسنة والبدعة ضدان لا يجتمعان، ولهذا عدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة المؤذنة بقربها"ذهاب العلم"، وهو السنة، "وفشو الجهل"، وهو البدعة. فطوبى لمن أحيا سنة قد أميتت، وأمات بدعة وقضى عليها. إحياء السنن وإماتة البدع من الأسباب الرئيسة التي مكنت عمر بن عبد العزيز رحمه الله أن يكون مجدد القرن الأول عندما طلب الابن الصالح والوزير الناجح عبد الملك بن عبد العزيز من أبيه الإسراع في القضاء على البدع التي أحدثت قبله –وهي لا تساوي شيئاً لبدع زماننا- قال له: (أما ترى أن لا يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إلاَّ وهو يميت فيه بدعة، ويحي فيه سنة حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الحاكمين؟؟). 3. توسيع دائرة الخلاف بين الأمة من الأسباب الرئيسة في توسيع دائرة الخلاف بين المسلمين وانقسامهم إلى فِرَق وأحزاب وجماعات كل حزب بما لديهم فرحون، الابتداع في دين الله بعد إرادة الله عز وجل: "وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ*إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ". فلوا اعتصم الناس بكتاب ربهم وسنة نبيهم، والتفوا حول إجماع سلفهم الصالح لما تفرقوا هذا التفرق المشين، ولا تشرذموا هذا التشرذم المهين. أشهر البدع الحقيقية والإضافية بين المسلمين اليوم أكثر البدع انتشاراً في هذا العصر ما يأتي: • الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم أسبوعياً وسنوياً. • الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج (الرجبية). • الاحتفال ببعض غزواته صلى الله عليه وسلم نحو بدر، وأحد، والأحزاب... إلخ. • صلاة الرغائب، وقد ابتدعت بعد القرن الرابع ببيت المقدس، وهي الصلاة التي تصلى في أول جمعة من شهر رجب وشهر شعبان بكيفية خاصة. • صلاة التسابيح. • إحياء ليلة النصف من شعبان وصيام نهارها والراجح أنَّ الفضل الذي ينسب إليها"فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا"، هو خاص بليلة القدر. • الاحتفال بالهجرة –مع هجر المسلمين للعمل بالتاريخ الهجري- وهو من أيسر الأمور. • الصيام والقيام الجماعي. • الدعوات لختم القرآن للأغراض المختلفة –لشفاء مريض أو للانتقال إلى بيت جديد... إلخ-. • تأمين الأموات عند القبر وبعد ذلك. • صلاة الشكر جماعة. • صيام رجب وشعبان و وصله برمضان -3 أشهر معاً-. • السماع الصوفي. • الذكر بالاسم المفرد: الله، يا لطيف. • الدعاء الجماعي دبر الصلوات المكتوبة. • التسميع أو التبليغ للصلاة من غير ضرورة. كل هذه البدع ليس لها دليل في كتاب الله، ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا إجماع الأمة والدليل على ذلك خلو مصنفات أهل المذاهب الأربعة وغيرهم منها لأنَّها كلها حادثة. ولهذا فإنَّ هذه الأعمال لا تقرب العبد من ربه، ولكنها تباعد بينه وبين ربه. أفضل ما أُلِّفَ في البدع أفضل المؤلفات القديمة في البدع ما يأتي: 1. الاعتصام، للإمام الشاطبي المالكي. 2. الحوادث والبدع، للإمام الطرطوشي المالكي. 3. الباعث على إنكار البدع والحوادث، لابن شامة. 4. البدع، لابن وضاح. 5. المدخل، لابن الحاج المالكي. هذا بجانب مصنفات المحدثين من أهل السنة، أمثال المشايخ: عبد العزيز بن باز، والشيخ العثيمين، والألباني، وغيرهم كثير رحم الله الجميع. |
10-04-2010, 06:44 PM | #2 |
إداري تاريخ التسجيل: Jun 2010 المشاركات: 1,222 | رد: البدعة :تعريفها،اقسامها،حكمها،التحذيرمنها،ليست هناك بدعة حسنة... جزاك الله خير ونفع بك أخي الكريم ، ، ، |
|
|