| |||||
|
|
المنتديات | موضوع جديد | التعليمـــات | قائمة الأعضاء | التقويم | البحث | مشاركات اليوم | اجعل كافة الأقسام مقروءة |
آخر 1 مشاركات |
| أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
05-20-2011, 05:57 PM | #1 |
داعية مميز | شرح حديث لا عدوى ولا هامة ولا صفر/ ابن رجب الحنبلي بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على رسول الله و على صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ .................................... فهذا شرح حديث (لا عدوى ولا هامة ولا صفر) شرحه الشيخ ابن رجب الحنبلي في كتابه لطائف المعارف, و فيه مباحث مهمة و قد قمت باختصاره , و تقسيمه إلى فقرات حتى لا يمل القارئ , و وضعت بعض العناوين لتسهيل فهم الفائدة , وحذفت الأحاديث الضعيفة. قال ابن رجب / لطائف المعارف/ وظيفة شهر صفر: في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا عدوى ولا هامة ولا صفر" فقال أعرابي: يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمن أعدى الأول؟!" أما العدوى: فمعناها أن المرض يتعدى من صاحبه إلى من يقارنه من الأصحاء فيمرض بذلك وكانت العرب تعتقد ذلك في أمراض كثيرة منها الجرب ولذلك سأل الأعرابي عن الإبل الصحيحة يخالطها البعير الأجرب فتجرب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فمن أعدى الأول" ومراده: أن الأول لم يجرب بالعدوى بل بقضاء الله وقدره فكذلك الثاني وما بعده رفع الإشكال حول الحديث و هل هو منسوخ وقد وردت أحاديث أشكل على كثير من الناس فهمها حتى ظن بعضهم أنها ناسخة لقوله: "لا عدوى" مثل ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يورد ممرض على مصح" . والممرض: صاحب الإبل المريضة والمصح: صاحب الإبل الصحيحة والمراد النهي عن إيراد الإبل المريضة على الصحيحة ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: "فر من المجذوم فرارك من الأسد" وقوله صلى الله عليه وسلم في الطاعون: "إذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها" ودخول النسخ في هذا كما تخيله بعضهم لا معنى له فإن قوله: "لا عدوى" خبر محض لا يمكن نسخه إلا أن يقال: هو نهي عن اعتقاد العدوى لا نفي لها, ولكن يمكن أن يكون ناسخا للنهي في هذه الأحاديث الثلاثة وما في معناها. والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه لا نسخ في ذلك كله معنى قوله: "لا عدوى" ولكن اختلفوا في معنى قوله: "لا عدوى" وأظهر ما قبل في ذلك: أنه نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن هذه الأمراض تعدي بطبعها من غير اعتقاد تقدير الله لذلك ويدل على هذا قوله: "فمن أعدى الأول؟" يشير إلى أن الأول إنما جرب بقضاء الله وقدره فكذلك الثاني وما بعده. خرج الإمام أحمد والترمذي من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يعدي شيئا" قالها ثلاثا فقال أعرابي: يا رسول الله النقبة من الجرب تكون بمشفر البعير أو بذنبه في الإبل العظيمة فتجرب كلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فما أجرب الأول لا عدوى ولا هامة ولا صفر خلق الله كل نفس وكتب حياتها ومصابها ورزقها" فأخبر أن ذلك كله بقضاء الله وقدره كما دل عليه قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] معنى النهي عن إيراد الممرض على المصح ,وأمره بالفرار من المجذوم ,ونهيه عن الدخول إلى موضع الطاعون فأما نهيه صلى الله عليه وسلم عن إيراد الممرض على المصح وأمره بالفرار من المجذوم ونهيه عن الدخول إلى موضع الطاعون فإنه من باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى وجعلها أسبابا للهلاك أو الأذى. و العبد مأمور باتقاء أسباب البلاء إذا كان في عافية منها, فكما أنه يؤمر أن لا يلقي نفسه في الماء أو في النار أو يدخل تحت الهدم ونحوه مما جرت العادة بأنه يهلك أو يؤذى, فكذلك اجتناب مقاربة المريض كالمجذوم أو القدوم على بلد الطاعون فإن هذه كلها أسباب للمرض والتلف والله تعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها لا خالق غيره ولا مقدر غيره. و هذه الأسباب التي جعلها الله أسبابا يخلق المسببات بها كما دل عليه قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [الأعراف: 57] **** يتبع إن شاء الله __________________ أشكو إلى الله كما قد شكى ... أولاد يعقوب إلى يوسف قد مسني الضر وأنت الذي ... تعلم حالي وترى موقفي بضاعتي المزجاة محتاجة ... إلى سماح من كريم وفي فقد أتى المسكين مستمطرا ... جودك فارحم ذله واعطف فاوف كيلي وتصدق على ... هذا المقل البائس الأضعف |
05-21-2011, 05:22 PM | #2 |
داعية مميز | رد: شرح حديث لا عدوى ولا هامة ولا صفر/ ابن رجب الحنبلي الأسباب نوعان : أسباب الخير و اسباب الشر **أسباب الخير** قال ابن رجب: و الأسباب نوعان: أحدهما : أسباب الخير: فالمشروع أنه يفرح بها ويستبشر ولا يسكن إليها بل إلى خالقها ومسببها, وذلك هو تحقيق التوكل على الله والإيمان به كما قال تعالى في الإمداد بالملائكة: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [لأنفال: 10] ومن هذا الباب الإستبشار بالفال: وهو الكلمة الصالحة يسمعها طالب الحاجة وأكثر الناس يركن بقلبه إلى الأسباب وينسى المسبب لها , وقل من فعل ذلك إلا وكل إليها وخذل فإن جميع النعم من الله وفضله كما قال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النساء: 79] {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53]. لا نلت خيرا ما بقيت ....ولا عداني الدهر شر إن كنت أعلم أن... غير الله ينفع أو يضر ولا تضاف النعم إلى الأسباب بل إلى مسببها ومقدرها كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه صلى بهم الصبح في أثر سماء ثم قال: "أتدرون ما قال ربكم الليلة؟ قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما المؤمن فقال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما الكافر فقال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب" وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر" وهذا مما يدل على أن المراد نفي تأثير هذه الأسباب بنفسها من غير اعتقاد أنها بتقدير الله وقضائه فمن أضاف شيئا من النعم إلى غير الله مع اعتقاده أنه ليس من الله فهو مشرك حقيقة ومع اعتقاد أنه من الله فهو نوع شرك خفي. **أسباب الشر** النوع الثاني: أسباب الشر: فلا تضاف إلا إلى الذنوب لأن جميع المصائب إنما هي بسبب الذنوب كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79] وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] فلا تضاف إلى شيء من الأسباب سوى الذنوب, كالعدوى أو غيرها, والمشروع اجتناب ما ظهر منها واتقاؤه بقدر ما وردت به الشريعة مثل: اتقاء المجذوم والمريض والقدوم على مكان الطاعون وأما ما خفي منها فلا يشرع اتقاؤه واجتنابه فإن ذلك من الطيرة المنهي عنها. والطيرة من أعمال أهل الشرك والكفر وقد حكاها الله تعالى في كتابه عن قوم فرعون وقوم صالح وأصحاب القرية التي جاءها المرسلون وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا طيرة" وفي حديث: "من ردته الطيرة فقد قارف الشرك" وفي حديث ابن مسعود المرفوع: "الطيرة من الشرك وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل" **لا يجوز البحث عن أسباب الشر** والبحث عن أسباب الشر من النظر في النجوم ونحوها من الطيرة المنهي عنها والباحثون عن ذلك غالبا لا يشتغلون بما يدفع البلاء من الطاعات بل يأمرون بلزوم المنزل وترك الحركة وهذا لا يمنع نفوذ القضاء والقدر ومنهم من يشتغل بالمعاصي وهذا مما يقوي وقوع البلاء ونفوذه والذي جاءت به الشريعة هو ترك البحث عن ذلك والإعراض عنه والإشتغال بما يدفع البلاء من الدعاء والذكر والصدقة وتحقيق التوكل على الله عز وجل والإيمان بقضائه وقدره. **كيف تدفع الطيرة** وفي مسند ابن وهب أن عبد الله بن عمرو بن العاص التقى هو وكعب فقال عبد الله لكعب علم النجوم؟ فقال كعب: لا خير فيه قال عبد الله: لم ؟ قال ترى فيه ما تكره يريد الطيرة فقال كعب: فإن مضى وقال: اللهم لا خير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا رب غيرك فقال عبد الله: ولا حول ولا قوة إلا بك فقال كعب: جاء بها عبد الله والذي نفسي بيده: إنها لرأس التوكل وكنز العبد في الجنة ولا يقولهن عبد عند ذلك ثم يمضي إلا لم يضره شيء قال عبد الله: أرأيت إن لم يمض وقعد؟ قال: طعم قلبه طعم الإشراك. وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر مرفوعا: " من رجعته الطيرة من حاجته فقد أشرك وكفارة ذلك أن يقول أحدهم: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك" وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث عروة بن عامر القرشي قال: ذكرت الطيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أحسنها الفال ولا ترد مسلما فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك" وخرجه أبو القاسم البغوي وعنده: "ولا تضر مسلما" وفي صحيح ابن حبان عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طيرة والطيرة على من تطير" وقال النخعي قال عبد الله بن مسعود: لا تضر الطيرة إلا من تطير. و معنى هذا أن من تطير تطيرا منهيا عنه ,وهو أن يعتمد على ما يسمعه أو يراه مما يتطير به حتى يمنعه مما يريد من حاجته فإنه قد يصيبه ما يكرهه فأما من توكل على الله ووثق به بحيث علق قلبه بالله خوفا ورجاء وقطعه عن الإلتفات إلى هذه الأسباب المخوفة وقال ما أمر به من هذه الكلمات ومضى فإنه لا يضره ذلك. وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع نعق الغراب قال: "اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك" __________________ أشكو إلى الله كما قد شكى ... أولاد يعقوب إلى يوسف قد مسني الضر وأنت الذي ... تعلم حالي وترى موقفي بضاعتي المزجاة محتاجة ... إلى سماح من كريم وفي فقد أتى المسكين مستمطرا ... جودك فارحم ذله واعطف فاوف كيلي وتصدق على ... هذا المقل البائس الأضعف |
05-21-2011, 08:31 PM | #3 |
داعية مميز | رد: شرح حديث لا عدوى ولا هامة ولا صفر/ ابن رجب الحنبلي تصحيح لا خير إلا طيرك = لا طير إلا طيرك نبهني عليه أحد الإخوة جزاه الله خيرا __________________ أشكو إلى الله كما قد شكى ... أولاد يعقوب إلى يوسف قد مسني الضر وأنت الذي ... تعلم حالي وترى موقفي بضاعتي المزجاة محتاجة ... إلى سماح من كريم وفي فقد أتى المسكين مستمطرا ... جودك فارحم ذله واعطف فاوف كيلي وتصدق على ... هذا المقل البائس الأضعف |
05-23-2011, 12:25 PM | #4 |
داعية مميز | رد: شرح حديث لا عدوى ولا هامة ولا صفر/ ابن رجب الحنبلي **عند و جود الأسباب المكروهة فعلى المسلم الانشغال بأعمال البر لدفعها** لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم عند انعقاد أسباب العذاب السماوية المخوفة كالكسوف بأعمال البر من الصلاة والدعاء والصدقة والعتق حتى يكشف ذلك عن الناس وهذا كله مما يدل على أن الأسباب المكروهة إذا وجدت فإن المشروع الإشتغال بما يرجى به دفع العذاب المخوف منها من أعمال الطاعات والدعاء وتحقيق التوكل على الله والثقة به فإن هذه الأسباب كلها مقتضيات لا موجبات ولها موانع تمنعها فأعمال البر والتقوى والدعاء والتوكل من أعظم ما يستدفع به. **الحكمة في تقدير أسباب العذاب و أسباب الرحمة** ومن كلام بعض الحكماء المتقدمين: ضجيج الأصوات في هياكل العبادات بأفنان اللغات تحلل ما عقدته الأفلاك الدائرات وهذا على زعمهم واعتقادهم في الأفلاك وأما اعتقاد المسلمين: فإن الله وحده هو الفاعل لما يشاء ولكنه يعقد أسبابا للعذاب وأسبابا للرحمة : فأسباب العذاب يخوف الله بها عباده ليتوبوا إليه ويتضرعوا إليه مثل: كسوف الشمس والقمر فإنهما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده لينظر من يحدث له توبة فدل على أن كسوفهما سبب يخشى منه وقوع عذاب وقد أمر عائشة رضي الله عنها: أن تستعيذ من شر القمر وقال: هو الغاسق إذا وقب وقد أمر الله تعالى بالإستعاذة {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق:3] وهو الليل إذا أظلم فإنه ينتشر فيه شياطين الجن والإنس والإستعاذة من القمر لأنه آية الليل وفيه إشارة إلى أن شر الليل المخوف لا يندفع بإشراق القمر فيه ولا يصير بذلك كالنهار بل يستعاذ منه وإن كان مقمرا. ومثل اشتداد الرياح فإن الريح كما قاله صلى الله عليه وسلم: "من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب" و أمر صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح أن يسأل الله تعالى خيرها وخير ما أرسلت به ويستعاذ به من شرها وشر ما أرسلت به وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ريحا أو غيما تغير وجهه وأقبل وأدبر, فإذا أمطرت سري عنه ويقول: "قد عذب قوم بالريح" ورأى قوم السحاب فقالوا {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الاحقاف: 24] وأسباب الرحمة يرجي بها عباده مثل: الغيم الرطب والريح الطيبة ومثل المطر المعتاد عند الحاجة إليه ولهذا يقال عند نزوله: اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب. **اتقاء أسباب الضرر بعد انعقادها بأسباب منهي عنها** وأما من اتقى أسباب الضرر بعد انعقادها بالأسباب المنهي عنها فإنه لا ينفعه ذلك غالبا كمن ردته الطيرة عن حاجته خشية أن يصيبه ما تطير به ,فإنه كثيرا ما يصاب بما خشي منه كما قال ابن مسعود, ودل عليه حديث أنس المتقدم وكمن اتقى الطاعون الواقع في بلده بالفرار منه فإنه قل أن ينجيه ذلك وقد فر كثير من المتقدمين والمتأخرين من الطاعون فأصابهم ولم ينفعهم الفرار وقد قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة: 243] وقد ذكر كثير من السلف: أنهم كانوا قد فروا من الطاعون فأصابهم وفر بعض المتقدمين من طاعون وقع, فبينما هو يسير بالليل على حمار له إذ سمع قائلا يقول: لن يسبق الله على حمار ... و لا على ذي منعة مطار أو يأتي الحتف على مقدار ... قد يصبح الله أمام الساري فأصابه الطاعون فمات. __________________ أشكو إلى الله كما قد شكى ... أولاد يعقوب إلى يوسف قد مسني الضر وأنت الذي ... تعلم حالي وترى موقفي بضاعتي المزجاة محتاجة ... إلى سماح من كريم وفي فقد أتى المسكين مستمطرا ... جودك فارحم ذله واعطف فاوف كيلي وتصدق على ... هذا المقل البائس الأضعف |
05-25-2011, 02:29 PM | #5 |
داعية مميز | رد: شرح حديث لا عدوى ولا هامة ولا صفر/ ابن رجب الحنبلي **معنى لا هامة** وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لاهامه" فهو: نفي لما كانت الجاهلية تعتقده أن الميت إذا مات صارت روحه أو عظامه هامة: وهو طائر يطير وهو شبيه باعتقاد أهل التناسخ: أن أرواح الموتى تنتقل إلى أجساد حيوانات من غير بعث ولا نشور وكل هذه اعتقادات باطلة جاء الإسلام بإبطالها وتكذيبها ولكن الذي جاءت بها الشريعة: أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تأكل من ثمار الجنة وترد من أنهار الجنة إلى أن يردها الله إلى أجسادها وروي أيضا أن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعها الله إلى أجسادها يوم القيامة. **معنى لا صفر** وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "ولاصفر" فاختلف في تفسيره فقال كثير من المتقدمين: الصفر: داء في البطن يقال: إنه دود فيه كبار كالحيات وكانوا يعتقدون أنه يعدي فنفى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وممن قال هذا من العلماء: ابن عيينة والإمام أحمد وغيرهما ولكن لو كان كذلك لكان هذا داخلا في قوله: "لا عدوى" وقد يقال: هو من باب عطف الخاص على العام وخصه بالذكر لاشتهاره عندهم بالعدوى وقالت طائفة: بل المراد( بصفر) شهر صفر ثم اختلفوا في تفسيره على قولين: أحدهما : أن المراد نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء فكانوا يحلون المحرم ويحرمون صفر مكانه وهذا قول مالك. و الثاني : أن المراد أن أهل الجاهلية كانوا يستشئمون بصفر ويقولون: إنه شهر مشئوم فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وهذا حكاه أبو داود عن محمد بن راشد المكحولي عمن سمعه يقول ذلك ولعل هذا القول أشبه الأقوال وكثير من الجهال يتشاءم بصفر وربما ينهى عن السفر فيه **الشاؤم بصفر من الطيرة** والتشاؤم بصفر هو من جنس الطيرة المنهى عنها وكذلك التشاؤم بالأيام كيوم الأربعاء وقد روي أنه: "يوم نحس مستمر" في حديث لا يصح بل في المسند عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: دعا على الأحزاب يوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الظهر والعصر قال جابر: فما نزل بي أمر مهم غائظ إلا توخيت ذلك الوقت فدعوت الله فيه الإجابة أو كما قال. **تشاؤم أهل الجاهلية بشوال** وكذلك تشاؤم أهل الجاهلية بشوال في النكاح فيه خاصة وقد قيل: إن أصله أن طاعونا وقع في شوال في سنة من السنين فمات فيه كثير من العرائس فتشائم بذلك أهل الجاهلية وقد ورد الشرع بإبطاله قالت عائشة رضي الله عنها: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال وبنى بي في شوال فأي نسائه كان أحظى عنده مني وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة في شوال أيضا. __________________ أشكو إلى الله كما قد شكى ... أولاد يعقوب إلى يوسف قد مسني الضر وأنت الذي ... تعلم حالي وترى موقفي بضاعتي المزجاة محتاجة ... إلى سماح من كريم وفي فقد أتى المسكين مستمطرا ... جودك فارحم ذله واعطف فاوف كيلي وتصدق على ... هذا المقل البائس الأضعف |
05-26-2011, 07:57 PM | #6 |
داعية جديد تاريخ التسجيل: May 2011 المشاركات: 18 | رد: شرح حديث لا عدوى ولا هامة ولا صفر/ ابن رجب الحنبلي جزاك الله خيرا على الفوائد القيمة وبالتوفيق ان شاء الله |
05-26-2011, 08:14 PM | #7 |
داعية مميز | رد: شرح حديث لا عدوى ولا هامة ولا صفر/ ابن رجب الحنبلي __________________ أشكو إلى الله كما قد شكى ... أولاد يعقوب إلى يوسف قد مسني الضر وأنت الذي ... تعلم حالي وترى موقفي بضاعتي المزجاة محتاجة ... إلى سماح من كريم وفي فقد أتى المسكين مستمطرا ... جودك فارحم ذله واعطف فاوف كيلي وتصدق على ... هذا المقل البائس الأضعف |
06-25-2011, 10:38 PM | #8 |
داعية مميز | رد: شرح حديث لا عدوى ولا هامة ولا صفر/ ابن رجب الحنبلي **توجيه حديث: لا عدوى ولا طيرة والشؤم في ثلاث في المرأة والدار والدابة** فأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا طيرة والشؤم في ثلاث في المرأة والدار والدابة" خرجاه في الصحيحين من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد اختلف الناس في معناه أيضا: فروي عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكرت هذا الحديث أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إنما قال: كان أهل الجاهلية يقولون ذلك خرجه الإمام أحمد وقال معمر سمعت من يفسر هذا الحديث يقول: شؤم المرأة: إذا كانت غير ولود وشؤم الفرس: إذا لم يكن يغزى عليه في سبيل الله وشؤم الدار: جار السوء وروي هذا المعنى مرفوعا من وجوه لا تصح ومنهم من قال قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا شؤم وإن يكن اليمن في شيء ففي ثلاثة" فذكر هذه الثلاثة وقال هذه الرواية أشبه بأصول الشرع كذا قاله ابن عبد البر ولكن إسناد هذه الرواية لا يقاوم ذلك الإسناد. و التحقيق أن يقال في إثبات الشؤم في هذه الثلاث: ما ذكرناه في النهي عن إيراد المريض على الصحيح والفرار من المجذوم ومن أرض الطاعون ,إن هذه الثلاث أسباب قدر الله تعالى بها الشؤم واليمن ويقرنه بها ولهذا يشرع لمن استفاد زوجة أو أمة أو دابة أن يسأل الله تعالى من خيرها وخير ما جلبت عليه ويستعيذ به تعالى من شرها وشر ما جبلت عليه كما في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي خرجه أبو داود وغيره وكذا ينبغي لمن سكن دارا أن يفعل ذلك وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم قوما سكنوا دارا فَقَلَّ عددهم وقل مالهم أن يتركوها ذميمة فتَرْك ما لا يجد الإنسان فيه بركة من دار أو زوجة أو دابة غير منهي عنه وكذلك من اتجر في شيء فلم يربح فيه ثلاث مرات فإنه يتحول عنه روى ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه قال: من بورك له في شيء فلا يتغير عنه ** تخصيص الشؤم بزمان دون زمان** و أما تخصيص الشؤم بزمان دون زمان كشهر صفر أو غيره فغير صحيح وإنما الزمان كله خلق الله تعالى وفيه تقع أفعال بني آدم فكل زمان شغله المؤمن بطاعة الله فهو زمان مبارك عليه وكل زمان شغله العبد بمعصية الله فهو مشؤم عليه فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله تعالى كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا كان الشؤم في شيء ففيما بين اللحين ـ يعني اللسان ـ وقال: ما من شيء أحوج إلى طول سجن من لسان وقال عدي بن حاتم: أيمن أمرئ وأشأمة بين لحييه يعني لسانه وفي الحديث: "إن البلاء والدعاء يلتقيان بين السماء والأرض فيعتلجان إلى يوم القيامة" خرجه البزار والحاكم وخرج في الترمذي من حديث سلمان: "لا يرد القضاء إلا بالدعاء" وقال ابن عباس: لا ينفع الحذر من القدر ولكن الله يمحو بالدعاء ما يشاء من القدر وعنه قال: الدعاء يدفع القدر وهو إذا دفع القدر فهو من القدر وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأدوية والرقى هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: "هي من قدر الله تعالى" وكذلك قال عمر رضي الله عنه لما رجع من الطاعون فقال له أبو عبيدة: أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر: نفر من قدر الله إلى قدر الله فإن الله تعالى قدر المقادير ويقدر ما يدفع بعضها قبل وقوعه وكذلك الأذكار المشروعة تدفع البلاء. وفي حديث عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من قال حين يصبح ويمسي: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لم يصبه بلاء" **لا شؤم إلا المعاصي والذنوب ** وفي الجملة: فلا شؤم إلا المعاصي والذنوب فإنها تسخط الله عز وجل فإذا سخط على عبده شقي في الدنيا والآخرة كما إنه إذا رضي عن عبده سعد في الدنيا والآخرة. قال بعض الصالحين وقد شكي بلاء وقع في الناس فقال: ما أرى ما أنتم فيه إلا بشؤم الذنوب وقال أبو حازم: كل ما يشغلك عن الله من أهل أو مال أو ولد فهو عليك مشؤم وقد قيل: فلا كان ما يلهي عن الله أنه ... يضر ويؤذى إنه لمشؤم فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله واليمن هو طاعة الله وتقواه كما قيل: إن رأيا دعا إلى طاعة الله ... لرأى مبارك ميمون و العدوى التي تهلك من قاربها هي المعاصي ,فمن قاربها وخالطها وأصر عليها هلك وكذلك مخالطة أهل المعاصي ومن يحسن المعصية ويزينها ويدعو إليها من شياطين الإنس وهم أضر من شياطين الجن قال بعض السلف: شيطان الجن نستعيذ بالله منه فينصرف وشيطان الإنس لا يبرح حتى يوقعك في المعصية وفي الحديث: "يحشر المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" وفي حديث آخر: "لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي" ومما يروى لعلي رضي الله عنه: فلا تصحب أخا الجهـ ... ـل وإياك وإياه فكم من جاهل أردى ... حكيما حين آخاه يقاس المرء بالمرء ... إذا ما المرء ماشاه وللشيء على الشيء ... مقاييس وأشباه وللقلب على القلب ... دليل حين يلقاه فالعاصي مشؤم على نفسه وعلى غيره فإنه لا يؤمن أن ينزل عليه عذاب فيعم الناس خصوصا من لم ينكر عليه عمله فالبعد عنه متعين فإذا كثر الخبث هلك الناس عموما وكذلك أماكن المعاصي وعقوباتها يتعين البعد عنها والهرب منها خشية نزول العذاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه لما مر على ديار ثمود بالحجر: "لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين خشية أن يصيبكم ما أصابهم" ولما تاب الذي قتل مائة نفس من بني إسرائيل وسأل العالم: هل له من توبة؟ قال له: نعم فأمره أن ينتقل من قرية السوء إلى القرية الصالحة فأدركه الموت بينهما فاختصم فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأوحى الله إليهم أن قيسوا بينهما فإلى أيهما كان أقرب فألحقوه بها فوجدوه إلى القرية الصالحة أقرب برمية حجر فغفر له. هجران أماكن المعاصي وأخواتها من جملة الهجرة المأمور بها فإن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه قال إبراهيم بن أدهم: من أراد التوبة فليخرج من المظالم وليدع مخالطة من كان يخالطه وإلا لم ينل ما يريد. احذروا الذنوب فإنها مشؤمة عواقبها ذميمة وعقوباتها أليمة والقلوب. و المحبة لها سقيمة السلامة منها غنيمة والعافية منها ليس لها قيمة والبلية بها لا سيما بعد نزول الشيب داهية عظيمة. __________________ أشكو إلى الله كما قد شكى ... أولاد يعقوب إلى يوسف قد مسني الضر وأنت الذي ... تعلم حالي وترى موقفي بضاعتي المزجاة محتاجة ... إلى سماح من كريم وفي فقد أتى المسكين مستمطرا ... جودك فارحم ذله واعطف فاوف كيلي وتصدق على ... هذا المقل البائس الأضعف |
06-28-2011, 01:43 PM | #9 |
داعية مميز | رد: شرح حديث لا عدوى ولا هامة ولا صفر/ ابن رجب الحنبلي هذا تتمة للموضوع لشيخ الإسلام قال شيخ الإسلام/ الإستقامة: **التوفيق بين القدر السابق و الأخذ بالأسباب** فإن قيل فإذا كان القدر السابق لا ينافى الأسباب فما وجه ما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله إني رجل شاب وأنا أخاف على نفسي العنت ولا أجد ما أتزوج به النساء فسكت عني ثم قلت مثل ذلك فسكت عني ثم قلت مثل ذلك فسكت عني ثم قلت مثل ذلك فقال النبي صصص :يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق فاختص على ذلك أو دع فهذا يقتضى أن اختصاءه الذي قصد أن يمتنع به من الفاحشة لا يدفع المقدور وكذلك في الصحيح عن أبي سعيد الخدري أنهم سألوا النبي صصص عن العزل فقال النبي صصص: لا عليكم أن تفعلوا فما من نسمة كتب الله أن تكون إلا وهي كائنة فهذا يقتضى ان عزل الماء وهو سبب لعدم العلوق لا فائدة فيه لدفع ما كتبه الله من الاولاد وفي الصحيحين عن ابن عباس وهو في مسلم عن عمران بن حصين وهذا لفظه أن النبي صصص قال يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب قال ومن هم يا رسول الله قال هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقال عكاشة: ادع الله يجعلني منهم قال أنت منهم فقام رجل فقال: يا نبي الله ادع الله ان يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة فقد جعل التوكل ها هنا موجبا لترك الاكتواء والاسترقاء وهما من الأسباب وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال قالت ام حبيبة زوج النبي صصص: اللهم امتعنى بزوجي رسول الله وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية قال فقال النبي صصص: قد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة لن يعجل الله شيئا قبل أجله ولن يؤخر شيئا عن أجله ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر كان خيرا وأفضل قال وذكرت عنده القردة والخنازير هي من مسخ فقال إن الله لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك وفي رواية قال رجل: يا رسول الله القردة والخنازير هي مما مسخ فقال النبي صصص: إن الله لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا فهذا الحديث أخبر فيه أن الدعاء وهو من الأسباب لا يفيد في إطالة الأعمار ويفيد في النجاة من عذاب الآخرة **ليس كل ما يظنه الإنسان سببا يكون سببا وليس كل سبب مباحا في الشريع** قيل ليس كل ما يظنه الإنسان سببا يكون سببا وليس كل سبب مباحا في الشريعة بل قد تكون مضرته أعظم من منفعته فيُنتهي عنه وليس كل سبب مقدورا للعبد فالعبد يؤمر بالسبب الذي أحبه الله ويؤذن له فيما أذن الله فيه مع أمره بالتوكل على الله تعالى فأما ما لا قدرة له فيه فليس فيه إلا التوكل على الله والدعاء له وذلك من أعظم الأسباب التي يؤمر بها العبد أيضا وما كان من الأسباب محرما لرجحان فساده على صلاحه أو غير نافع لا يفيد بل يظن أنه نافع فإنه لا يؤمر به أيضا فلا يؤمر بما لا فائدة فيه وما كان فساده راجحا نهى عنه **الأسباب إما أن تكون مقدورة أو غير مقدور** وجماع الأمر أن الأسباب إما أن تكون مقدورة أو غير مقدورة فغير المقدور ليس فيه إلا الدعاء والتوكل والمقدور إما أن يكون فساده راجحا أو لا يكون فإن كان فساده راجحا نهى عنه وإن لم يكن فساده راجحا فينهى عنه كما ينهى عن إضاعة المال والعبث وأما السبب المقدور النافع منفعة راجحة فهو الذي ينفع ويؤمر به ويندب اليه **التوكل على الله من أعظم الأسباب** وايضا فينبغى أن يعرف التوكل على الله من أعظم الأسباب فربما كان بعض الأسباب يضعف التوكل فإذا ترك ذلك كمل توكله فهذا التقسيم حاصر والقدر يأتى على جميع الكائنات وبهذا يتبين فقه الأحاديث **توجيه حديث الإختصاء** أما حديث الاختصاء فإن الاختصاء محرم لرجحان مفسدته وقد ثبت في الصحيح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال زجر رسول الله ص عثمان بن مظعون عن التبتل ولو أذن لاختصينا وبين النبي صصص أنه مع ركوب الاختصاء المحرم لا يسلم من الزنا, بل لا بد أن يفعل ما كتب عليه منه كما في الصحيحين عن النبي صصص أنه قال كتب الله على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة فالعينان تزنيان وزناهما النظر واللسان يزني وزناه المنطق والأذنان تزنيان وزناهما الاستماع واليد تزني وزناها البطش والرجل تزني وزناها الخطا والنفس تتمنى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ** توجيه حديث العزل** وأما حديث العزل فالعزل لا يمنع انعقاد الولد ولا تركه يوجب الولادة ولهذا لو عزل عن سريته وأتت بولد ألحق به فإن الماء سباق مع ما فيه من ترك لذة الجماع فأخبر النبي صصص بأن الولد المكتوب يكون عزلت أو لم تعزل كما قال ليس من كل الماء يكون الولد فلا يكون ترك العزل سببا للولادة ولا العزل سببا لمنعها والقدر ماض بالأمرين فلا فائدة فيه ومثل هذا ما ثبت في الصحيح أنه نهى عن النذر وقال لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل فأخبر أن النذر ليس من الأسباب التي تجتلب بها المنفعة وتدفع بها المضرة ولكن نلقيه إلى ما قدر له فنهى عنه لعدم فائدته **توجيه حديث السبعين ألفا** وأما حديث السبعين ألفا فلم يصفهم بترك سائر التطبب وإنما وصفهم بترك الاكتواء والاسترقاء والاكتواء مكروه وقد نهى عنه في غير هذا الحديث لما قال وأنا أنهى أمتي عن الكى والمسترقى لم يفعل شيئا إلا اعتماده على الراقى فتوكله على الله سبحانه وحده لا شريك له أنفع له من ذلك وهذا الجواب الآخر وهو ان المسترقى يضعف توكله على الله فإنه إنما طلب دعاء الغير ورقيته فاعتماد قلبه على الله وحده وتوكله عليه أكمل لإيمانه وأنفع له **توجيه حديث أم حبيبة ** وأما حديث أم حبيبة ففيه أن الدعاء يكون مشروعا نافعا في بعض الأشياء دون بعض وكذلك هو ولهذا لا يحب الله المعتدين في الدعاء فالاعمار المقدرة لم يشرع الدعاء بتغييرها بخلاف النجاة من عذاب الآخرة فإن الدعاء مشروع له نافع فيه وقد كتبت مسألة زيادة العمر بصلة الرحم في غير هذا الموضع ولا يلزم من تأثير صلة الرحم ونحو ذلك أن يزيد العمر كما قد يقال بزيادة العمر بتأثير الدعاء ولذلك كان يكره أحمد أن يدعى له بطول العمر ويقول هذا فرغ منه **** __________________ أشكو إلى الله كما قد شكى ... أولاد يعقوب إلى يوسف قد مسني الضر وأنت الذي ... تعلم حالي وترى موقفي بضاعتي المزجاة محتاجة ... إلى سماح من كريم وفي فقد أتى المسكين مستمطرا ... جودك فارحم ذله واعطف فاوف كيلي وتصدق على ... هذا المقل البائس الأضعف |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|