ملتقى أهل الدعوة إلى الله عز وجل
 

العودة   ملتقى أهل الدعوة إلى الله عز وجل > المنتدى للتصفح فقط ولا يوجد تسجيل أو مشاركات سوى الإدارة .. لمراسلتنا على بريدنا ahldawa@gmail.com > قسم الأفكار والوسائل الدعوية
المنتديات موضوع جديد التعليمـــات المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث

آخر 1 مشاركات دعواتكم لإخوانكم في فلسطين وفي كل مكان ممن اُعتدي عليهم ودعواتكم لكل مسلم متضرر في شتى بقاع الأرض (الكاتـب : - )      
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-11-2011, 08:35 AM   #1
إداري
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
Thumbs up أفضل طريقة في رسوخ العلم واستحضاره ( التكرار التكرار ) ( شواهد من السلف ) ( كلام قيم يفيدك يا طالب العلم )..

بسم الله الرحمن الرحيم





جَاء في تَرجمة أحمدَ بنِ الفُرَاتِ ( أبي مسعودٍ الرَّازي ) : أنَّه كان يُكرِّرُ كلَّ حَديثٍ خمسَ مائةِ مَرَّةٍ .(1) وقَالَ له رَجلٌ : إنَّا نَنْسى الحديثَ ؟ فقال : أيُّكمْ يرْجِعُ في حِفظِ حديثٍ وَاحدٍ خمس مائة مرَّةٍ ؟! قَالوا : وَمَنْ يَقوَى عَلَى هَذَا ؟ فَقَال : لِذاكَ لا تحفظون (2) .

وفي ترجمة (أبي بَكرٍ الأَبْهَريِّ المالكيِّ ) قال : قَرَأتُ مُخْتَصَرَ ابنِ عبد الحكم خمسمائة مرة (والأَسَديةَ ) خمساً وسبعين مرة ، و( المُوَطَّأَ ) كذلك ، و(المَبْسُوطَ) ثلاثين مرة ومختصرَ ابنِ البرقي سبعين مرة .(3)

هذا وأمثالُه - ممَّا سَنورِدُه إنْ شَاءَ الله - يُبَيِّنُ اِحْتِفاءَ السَّلفِ والمتقدِّمين بـ( التَّكْرَارِ ) بِوَصْفِهِ طَريقَاً من طُرُقِ تَحصِيلِ العِلْمِ ، وسَبِيلاً قَويماً لتَثْبِيتِهِ وعَدمِ نِسْيَانه ، والتَّكرَارُ – أيُّهَا الموفَّق -: عِبَارةٌ عَنْ تَكريرِ المَحْفُوظِ والمَقروءِ وإِعادَتِهِ وطُولِ تَرديده ؛ بُغْيَة ضَبْطِهِ وتَرسِيخِهِ ، كَأنْ تَعْمِدَ إلى حِزبٍ من القُرآنِ ، أو إلى حَدِيثٍ ، أو صَفْحةٍ من المتُونِ فَتَقُومَ بحِفْظِهَا ، ثُمَّ بتِكْرَارِها التَّكرارَ الكَثِيرَ ( 50 ، 100 ، 200 ، ...) ، فإِنَّكَ إنْ فَعَلتَ ذَلكَ اِشْتَدَ مَتنُ مَحْفُوظِك ، فَلا تُتعبُك كَثْرةُ المرَاجَعَةِ ولا تُرْهِقُكَ السُّرْعَةُ في التَّفَلت ، وصَارَ مَحْفوظكَ – في كلِّ وَقْتٍ- قَريبَ الاستِحْضَارِ ، سَهْلَ المرَاجَعَة .

أيُّهَا القَارئُ :
إنَّ مَا وَصَفتُهُ لَكَ ليس بِدْعَاً مِنَ القَولِ ، أو مِثَاليَّاتٍ مِن الخَيَال ، بلْ هَذَا مَا عَليهِ السَّلَفُ المتقدِّمون والخَلَفُ الحَاذِقُونَ في الحِفظِ وَالمطَالعة ، وأَنَا أذكُرُ لك من أقوالهم وأحوَالهِمْ مَا يَكُونُ لَكَ في دَربِك سِرَاجاً ودَليلاً :
فَقَد رَوَى الخَطِيبُ البَغْدِاديِّ ( في الجَامع 1/238 ) عَنْ عَلقَمةَ قَالَ : اطِيلُوا ذِكرَ الحَديثِ لا يَدْرُس .
وقال عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: سمعتُ يحيى بنَ مَعِينٍ يقولُ: لَو لم نَكتُب ( وفي لفظٍ: نَسْمَع ) الحَديثَ خمسينَ مَرَّةً مَا عَرَفنَاه . ( 4 )

وجَاءَ في تَرْجمة الإمَامِ أبي إسْحَاق الشِّيرَازيِّ أنَّهُ قَالَ : "كُنتُ أُعيدُ كلَّ قِيَاسٍ أَلفَ مَرَّةٍ، فَإذَا فَرغْتُ منه أَخذْتُ قيَاساً آخَرَ وهَكَذَا ، وكُنتُ أُعيدُ كُلَّ درسٍ أَلفَ مَرَّةٍ فإذا كَانَ في المسْأَلةِ بيتٌ يُسْتَشْهدُ به حَفظتُ القَصِيدةَ " ( 5 ) . وكَانَ أبو إسْحَاق يُعيدُ الدَّرْسَ في بِدَايَتِه مِائَةَ مَرَّةٍ .( كما في المنتظم لابن الجوزي 4/489) .

وَقَدْ قَالَ ابنُ بَشْكُوَال ( في الصلة 1/146 ) في ترجمة أبي بَكرٍ غَالبِ بنِ عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ عَطِيةَ الغرناطي (ت:518) - والدِ ابنِ عَطِيَّة المفَسِّرِ - : " وَقَرأتُ بخطِّ بعضِ أصْحَابِنَا أنَّه سَمِعَ أبَا بكر بنِ عّطِيَّةَ يَذكُرُ أنَّهُ كَرَّرَ صَحِيحَ البُخَاريِّ سَبعَ مِائةِ مَرَّةٍ " ا.هـ
وكَانَ الحَسن بنُ ذي النُّونِ أبو المَفَاخِرِ النَّيْسَابُوري ( المنسوبُ للمُعْتَزِلَةِ ) (ت : 545 هـ) يقولُ : الشَّيءُ إذَا لم يُعَدْ سَبعينَ مَرَّةً لا يَسْتَقرُّ . ا.هـ ( 6 ) . وهَذَا عَلَى وَجْهِ التَّقْريبِ فَقَدْ جَاءَ عَنْهُ أنَّهُ : كَانَ يُعيدُ الدَّرْسَ خَمسينَ مرةً ( 7 )
وقَال الذَّهَبيُّ ( في السِّيرِ 23 /115 ) في ترجمة ابن العَجَميِّ (ت : 642هـ ) : "يُقالُ: أَلْقَى ( المُهَذَّبَ ) دُرُوسَاً خمسَاً وعِشْرينَ مَرَّةً " ا.هـ .
وَقَالَ السَّخَاوي ( في الضِّياءِ اللامع 2/418 ) في ترجمة عَبدِ الَّلطيف الكِرمَانيِّ الحَنَفِي : " وممن أَخَذَ عَنْهُ الزينُ قاسم والشَّمسُ الأمشاطي وحَكى لي عنه أنه سمعه يقول: طَالعت (المحيط ) للبرهاني مائة مرة ." والمحيط البرهاني في الفقه النعماني للإمام المرغيناني في فقه الحنفية .
وجَاءَ عن بكر بنِ محمدِ بن أبي الفَضْلِ الأَنْصَاريِّ : أنَّه رُبما كَانَ في ابتداءِ طَلَبِهِ يُكرِّرُ المسْألةَ أربعَ مائة مَرَّةٍ .( 8 ) . وسُئِلَ يوماً عن مسألةٍ غريبةٍ فَقَالَ : كَرَّرتُ هَذهِ المسْألةَ لَيلةً في بُرجٍ من حِصْنِ بُخَارَى أربَعَ مائة مرة .( 9 ) ،
وُنقِلَ عن ابنِ هِشَامٍ أنَّهُ قَرَأَ الألفِيَّةَ ألفَ مَرَّةٍ .( 10 )

وقدْ كَانَ لصَحِيحِ البُخَاريِّ ومُسْلمٍ عِنَايَةٌ فَائِقَةٌ عندَهُم في التَّكرَارِ ، فقد كَرَّرَهُ بعضُهُم مئةَ مَرَّةٍ ، وستين مَرَّةً وثلاثين مَرَّةً...، ولَعلَّ التَّكرارَ عندَهم مُنْصَبٌ عَلَى أُمَّاتِ الكُتُبِ في كُلِّ فَنِّ كالأحاديثِ والألفيَّةِ والمتُون المعتَمَدة ، دونَ سائرِ الكُُتبِ التي إما تقرأ مع الاستظهار وإما تقرأ فقط .

وكَانُوا يَرَونَ أنَّ إعادةَ النَّظَرِ والتَّكرَارِ تُوقِفُ المَرءَ عَلَى مَا لم يَطَّلِعْ عَلَيهِ سَابقاً ، لا في المطَالَعَة ولا في الحِفْظِ . قَالَ المزَنِيُّ – رحمه الله - : قَرأتُ ( الرِّسَالةَ ) خمسَ مِائة مَرَّةٍ، مَا مِنْ مَرَّةٍ إلا واسْتَفدتُ مِنْهَا فَائِدَةً جَديدَةً. وقَالَ أيضاً: أَنَا أَنْظُرُ في ( الرِّسَالةِ ) من خمسينَ سَنَة ، مَا أعْلمُ أنِّي نَظَرتُ فِيهَا مَرَّةً إلا استفدتُ مِنْهَا شَيئاً لم أكُنْ عَرَفْتُهُ ( 11 ) .

وكان التَّكرَارُ عندَهم إِمَّا بالعَدِّ وإمَّا بالزَّمَنِ ، وكُلُّ طَريقةٍ لَهَا مَزِيَّةٌ .
قَال ابنُ الأثيرِ في المَثَلِ السَّائِرِ 1/46 : " وكُنتُ جَرَّدتُ من الأَخْبَارِ النَّبَويَّةِ كِتَابَاً يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلاثةِ آلافِ خَبرٍ كُلُّهَا تَدخُلُ في الاسْتِعمَالِ، ومَا زِلتُ أُوَاظِبُ عَلَى مُطَالَعَتِهِ مُدَّةً تَزيدُ عَلَى عَشْر سنين ، فَكنتُ أنهي مُطَالعتَه في كلِّ أسبوعٍ مَرَّةً حَتَّى دَارَ على نَاظِري وخَاطِري ما يزيدُ على خمسِ مائةِ مَرَّة ٍ، وصَارَ محفوظاً لا يَشُذُّ عَني منهُ شَيءٌ " .
وهذا الذي ذَكَره ابنُ الأثير : أنه لا يَشُذُّ عنه منه شيءٌ = هو مَزِيةُ التَّكرَارِ وفَائِدَتُه ، فإنَّ الشّيءَ إذا أُعيدَ مَرَّاتٍ كثيرةٍ صَارَ النِّسيانُ فيه قليلٌ ، والخَطأُ فيه نَادرٌ . وأنتَ تَرى ذلك في شُؤُونِكَ كُلِّهَا ، فالطَّريقُ الذي تَسلُكُهُ في اليومِ مَرَّاتٍ تجد أنَّك قد خَبَرتَه وعَرَفتَه ، بتَفَاصِيلِه ودَقَائِقِه .

والتَّكرارُ – أيضاً - دَأبُ كثيرٍ من الفُضَلاءِ المعَاصِرينَ ، بل هُوَ المعتَمَدُ في بَعضِ الأَقْطَارِ كَمَا هو مُشتهٌر عن الشَّنَاقِطَةِ ، وَأَخبَارُهم في هذا تَطُولُ . ( 12 )


أيُّهَا المبَاركُ :
هذا الذي وَصَفتُـهُ لكَ هو الأصلَحُ لغَالبِ طَلَبةِ العلمِ والمهتَمِّينَ به ، وأمَّا من رَزَقه الله ذَاكِرةً قَويَّةً مَتِينةً بحيثُ يحفظُ سَريعاً ويَنْسى بَطِيئاً فَهَذا نَادِرٌ لا يُقَاسُ عَليه ، وقَليلٌ لا يُنَبَّه عَلَيه ، وأمَّا جُلُّ الناسِ فالتَّكرارُ لهم هو : الأصلح . بَلْ قد يُقالُ : طُول تَرديد العلم وتكراره يَحتَاجُه سَرِيعُ الحِفظِ أيضاً، وهذا ظَاهرُ صنيعِ حُفَّاظِ المسلمين ، كالبُخَاري وغيره .

وتَكرارُ المحفوظِ يُعين على ضَبطِه وثَبَاته ، ويُعين – أيضاً – عِندَ المراجعة ؛ لأنَّ الإنسانَ قد تَعتَرضُه الأَعمالُ فيبتعدُ عن مَحفوظَاتِه ، فإنْ كانَ قد أَدامَ تكرارها في أوَّلِ حِفظهِ سَهُلَ عليه استِرجَاعُها ، وقدْ رأيتُ من أصحَابِ الحفظِ السَّريعِ مَنْ يُعاني في المرَاجَعةِ كالمعَانَاةِ في أوَّل الحفظ بل أشدُّ ، حتى إنَّ بعضهم : يخيل إليه أنه مَا مرَّ على حافِظَته منه شيء .

فمن ترك التكرار زاهداً به ، معتقداً أنَّ الحفظَ السَّريعَ كَافٍ في رُسُوخِ المحفُوظِ فَهَذَا يُسْرِعُ إليه النِّسيانُ ، وتصعُب عليه المراجَعةُ ، ولو ظنَّ أوَّلَ أمْرِهِ أنَّه مُتقنٌ ، كَحَال العَجُوزِ التي ذَكَرَ خَبَرَها ابنُ الجَوزِيِّ فَقَالَ : " وحَكَى لنَا الحَسَنُ - يعني ابنَ أبي بَكر النَّيسَابُوري- أنَّ فَقِيهاً أعَادَ الدَّرسَ في بَيتِهَ مِرَاراً كثيرة ، فقالت لَهُ عَجُوزٌ في بيته : قد والله حفظتُه أنا ، فقال : أَعِيدِيهِ فأعادته، فَلَمَّا كانَ بَعدَ أيَّامٍ ، قال : يا عجوزُ أعيدي ذلك الدَّرسَ ، فقالت: ما أحفظُه ، قال : أَنَا أُكرِّر لئلا يُصيبني مَا أَصَابَك " ( 13 ) .
وقد رَأينا من طُلابِ العِلمِ من يَقِفُ عن التَّعَلُمِ والطَّلَبِ بعدَ طُولِ سَيرٍ ، فإذا سألتَه قال : لم أُحَصلْ شَيْئاً ، ولا يَبقَى من حِفظي شيءٌ ؛ لأنَّه أَدمنَ الحِفْظَ السَّرِيعَ وأُولِعَ بِهِ ، فَصَارَ كالمُنْبَتِّ ... ، وبعضُهم يَنسى العلمَ ، ويرجعُ شِبهَ عَاميٍّ في سَنَةٍ إنْ هو شَغَلَتهُ الشَّوَاغِلُ عن حفظه وقراءته ؛ والعِلَّةُ : الحفظُ السريعُ .

وهَذا مما يُفَسِّرُ لك – أيُّهَا الموَفَّقُ – أمرين هَامَّين : أحدها : انتشَارُ الثَّقَافةِ السَّطْحيةِ ، وغِيابُ العلمِ المؤَثَّلِ الصَّميمِ ، فإنَّ السَيرَ عََلى التُؤَدةِ يَقطعُ الهِمَمَ ، ويُتعبُ العَجُولَ ، والثَّاني : نُدرةُ العًالم الموسُوعي ، إذِ الطَّالبُ يفني العمرَ في الفَنِّ والفَنَّينِ علَّه أنْ يستَبقِي حِفظَه ، ويُلِمَّ بأطرَافه ، فإنْ رَامَ الغَوصَ والتَّعَدُدَ أتعَبَه بناءُه الوَاهنُ وأسَاسُه المتَصَدِّعُ . وهذا هو الذي جعل سلَفَنَا – والله أعلم – ينهَجُون هذا المسْلَك ، ويأخذون به .

والتَّكرارُ وإنْ كَانتْ تَصْحَبُه بَعضُ السَّآمةِ ويُلازِمُه التَّرَيثُ ، فإنَّه أَبقَى في الذِّهنِ ، وأثبت في الحافظة . ولَئِنْ أسرَعَ المرءُ في الحفظ ليَتَأخَّرنَّ في المراجعة ويتعبَ ، كما ثَبَتَ ذلك في التجربة ،فإنَّ الحفظَ السَّريعَ يُوهمُ الإنسانَ بـ( كثْرةِ التَّحصِيلِ ) وأنَّـه به يَخْتَصرُ العلمَ ، ويُدركُ بالزَّمنِ اليسير ، فإذا عَادَ الطَّالبُ إلى هَذا الحفظِ وَجَدَ أرْضَاً قاعاً ، وبناءاً مُتَصَدِّعَاً . وفي المثل : رُبَّ عَجَلَةٍ تَهَبُ رَيْثَاً ( 14 ) ، فإذا جمَعَ المرء بينَ التَرديدِ والتَّكرارِ وبين المراجعة المستمرَّة - ولا بُدَّ- فهو المؤَمَّلُ والغَاية .


وقد كنتُ في أَوَّلِ طَلبي للعلم أجِدُ مَشَقةً في بَقَاءِ الحفظِ ودَوَامِهِ مع حَافظَتي الجيِّدةِ ، فَلمَّا عرفتُ هذا المسلكَ ، واقْتَعَدتُ هَذهِ الطَّريقةِ يَسَّرَ الله لي ما كنت إليه أصبو ، وفيه آملُ ، ورأيتُ أنَّ البَونَ شَاسِعٌ، والشُّقةَ كبيرةٌ .

وقد جَرَّبَ التكرارَ عشراتُ الطُلاب في حِفظِهم للقُرآنِ ممن أعرفُهم فوجدوا فيه الغَايَة ، واستغْنوا – بَعونِ الله- ثمَّ به عن كُلِّ طَريقةٍ وكُلِّ ( دَوْرَة ) ...
وقد جَّربَه الفَقِيرُ إلى الله في القُرآنِ وفي المتُونِ والمنْظُومَاتِ والقَصَائِدِ فلم أرَ قطُّ أَحسنَ منه ، ولا أشدَّ تثبيتاً ... كيفَ لا ؟! وأنتَ تُعيدُ الوجهَ من القرآن ، أو الصَّفْحةَ من العِلمَ مائةَ مَرَّةٍ ؟ أَفَتَرَى ذلك يَعدلُ من أَخذَهُ في عُجَالَتِه ، وَنَقَشَهُ من سَاعَتِه ؟! .

فهَذِهِ – أيُّها القارئ – نصيحةُ أخٍ قد جرَّب الطريقةَ وحَلَبَ شَطْرَهَا ( 15 ) ، فاشدُدْ عليها يَدَكَ ، واعزِم عَلَى الأخذِ بها بقُوَّةٍ ، وإنْ أتعَبَك هذا الطريقُ فلا تنسَ أنَّهُ طَريقُ من قَبْلَكَ ، وأنَّهُ ( لا يُستَطاعُ العلم بَراحةِ الجسْمِ ) ، ومن لَزمَ الصَّبرَ أفلحَ ، وصَبرُ ساعةٍ أدومُ للراحةِ .
قَالَ الشَّاعرُ :


وقَلَّ مَنْ جَدَّ في أَمْرٍ يُطالِبُهُ ... فاستَصْحَبَ الصَّبْرَ إِلاَّ فاز بالظَّفَر ( 16 )

وقال : ( 17 )


اخلقْ بذي الصبرِ أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرعِ للأبوابِ أن يلجا

وقال الآخَرُ :


فالصبرُ مفتاحُ النجاحِ ولم نجدْ ... صعباً بغيرِ الصبرِ يبلغُهُ الأملْ



*****************





والحمد لله في الأول والآخر ، وصلى الله على النبي المصطفى وسلَّم


وكتبه :
ابن المهلهِل




ـــــــــــــــــ
(1) تهذيب التهذيب 1/58 .ط. المكتبة الشاملة ، وما يأتي أيضاً .
(2) تهذيب الكمال للمزي 1/424 .
(3) ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض 1/427 ، والديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون 1/ 137.
( 4 ) تاريخ دمشق 14/65 ، وسير اعلام النبلاء للذهبي 11/84 ، و4/342
(5) سير أعلام النبلاء 18/458 ، وطبقات الشافعية الكبرى 4/115 ، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/38 .
( 6 ) المنتظم 5/170 ، ولسان الميزان 1/288 .
( 7 ) النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لابن تغري بردي 2/82 .
( 8 ) البداية والنهاية 12/227 .
( 9 ) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي 9/201 ، وسير أعلام النبلاء 19/416
( 10 ) تاريخ الجبرتي 2/150 .
( 11 ) تهذيب الأسماء واللغات للنووي 1/59 .
( 12 ) مقال : لماذا الشناقطة يحفظون ؟ لمحمود بن محمد المختار الشنقيطي .
( 13 ) الحث على حفظ العلم صـ 44 ــ .
( 14 ) يضرب للرجل يشتد حرصه على الحاجة فيخرق فيها ويفارق التؤدة في التماسها فتفوته وتسبقه ، وله قصة . انظر جمهرة الأمثال للعسكري 1/ 482 ، ومجمع الأمثال للميداني 1/294 .
( 15 ) مأخوذ من المثل : حَلَبَ الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ ، وهو مستعارٌ من حَلَبَ أَشْطرُ الناقة وذلك إذا حلب خِلْفَين من أخلافها ثم يحلبها الثانية خِلْفَيْن أيضاً . والمعنى : أنه اخْتَبَر الدهْرَ شطري خيره وشره فعرف ما فيه . يضرب فيمن جَرَّبَ الدهر . جمهرة الأمثال للميداني ، رقم : 1033
( 16 ) اختلف في نسبة هذا البيت ، فنسبه ابنُ قتيبة مع أبيات أُخَر لمحمد بن يسير ( الشعر والشعراء 1/194 ) وقد يقال : بشير ، ونسبه غير واحد إلى علي بن أبي طالب كما في المحاسن والمساوئ 1/204 ، والتذكرة الحمدونية 2/25 .
( 17 ) هو لمحمد بن يسير أيضاً كما في الشعر والشعراء 1/194 ، والأغاني 14/43 .


( كتبه ابن المهلهل موقع الألوكة ( نقلته من أهل الحديث من ناقله ( سعيد بن مهدي حفظه الله )
محب الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:53 PM بتوقيت مسقط


Design By: aLhjer Design
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Translated By Sma-jo.com