ملتقى أهل الدعوة إلى الله عز وجل
 

العودة   ملتقى أهل الدعوة إلى الله عز وجل > المنتدى للتصفح فقط ولا يوجد تسجيل أو مشاركات سوى الإدارة .. لمراسلتنا على بريدنا ahldawa@gmail.com > المنتدى الشرعي العام
المنتديات موضوع جديد التعليمـــات المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث

آخر 1 مشاركات دعواتكم لإخوانكم في فلسطين وفي كل مكان ممن اُعتدي عليهم ودعواتكم لكل مسلم متضرر في شتى بقاع الأرض (الكاتـب : - )      
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-14-2011, 10:40 AM   #1
إداري
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
افتراضي (كلمات ذهبية, لابن قيم الجوزية) ..

(كلمات ذهبية, لابن قيم الجوزية)


نقلته من أحد المنتديات :

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد. فإن ابن القيم رحمه الله تعالى من أحد أبرز الفقهاء الفحول الذين رسخت أقدامهم في العلم, وغاصوا في بحره , والتقطوا درره, فصار لهم الفقه سجية وملكة. وضعوا أيديهم على كثير من أسرار الشريعة ومقاصدها. واستخرجوا حِكمها من أحكامها.فطال باعهم في ذلك, وفاقوا أقرانهم بمحاسن الاستدلالات, وعجيب التقريرات. ولذلك اخترته ليكون جليسنا في هذه الحلقة. كي نستضيئ من النور الذي جعله الله في قلبه. فإن كلامه كالبلسم على الجرح.


إن الذي سيقرأ ما اخترته من نفيس كلامه . ونادر درره سيجد نفسه قد انزاح عنها غبار كثيف من الحيرة والجهل في مسألة لها محل كبير من مباحث أهل العلم والإيمان. وهي (اعتبار مقاصد الجنان في المؤاخذة بكسب اللسان).وقد جعلت لهذا الموضوع حلقة خاصة مع أنني أشرت إلى مضمونها في بعض الحلقات خاصة الحلقة السادسة في ردي على أبي بصير.وأردت أن أجعلها كالواحة لكثير من إخواننا في صحراء التيه والغفلة.


فأسأل الله تعالى أن يفتح قلوب من يقرأ هذه الكليمات الجميلة المحكمة وأن ييسر أمر فهمها وأن يجعلها سببا في بيان الحق والدلالة عليه.



1ـ قال الإمام العلامة الفقيه المحقق شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين (3/128): (قاعدة الشريعة التي لا يجوز هدمها أن المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات والعبارات, كما هي معتبرة في التقربات والعبادات ؛ فالقصد والنية والاعتقاد يجعل الشيء حلالا أو حراما ، وصحيحا أو فاسدا ، وطاعة أو معصية ، كما أن القصد في العبادة يجعلها واجبة أو مستحبة أو محرمة أو صحيحة أو فاسدة .)



2ـ وقال في الإعلام (3/127) أيضا : (ومن تدبر مصادر الشرع وموارده, تبين له أن الشارع ألغى الألفاظ التي لم يقصد المتكلم بها معانيها ، بل جرت على غير قصد منه, كالنائم والناسي والسكران, والجاهل والمكره, والمخطئ من شدة الفرح أو الغضب أو المرض ونحوهم ، ولم يكفر من قال من شدة فرحه براحلته بعد يأسه منها : ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك) فكيف يعتبر الألفاظ التي يقطع بأن مراد قائلها خلافها)

3ـ وقال أيضا في الإعلام (3/84): (وهذا الذي قلناه من اعتبار النيات والمقاصد في الألفاظ ، وأنها لا تلزم بها أحكامها حتى يكون المتكلم بها قاصدا لها مريدا لموجباتها ، كما أنه لا بد أن يكون قاصدا للتكلم باللفظ مريدا له ، فلا بد من إرادتين : إرادة التكلم باللفظ اختيارا ، وإرادة موجبه ومقتضاه ، بل إرادة المعنى آكد من إرادة اللفظ ؛ فإنه المقصود واللفظ وسيلة ، هو قول أئمة الفتوى من علماء الإسلام)




4ـ وقال في الإعلام (3/85و86): (وقد تقدم أن الذي قال لما وجد راحلته : ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك , أخطأ من شدة الفرح )؛ لم يكفر بذلك وإن أتى بصريح الكفر ؛ لكونه لم يرده ، والمكره على كلمة الكفر أتى بصريح كلمته ولم يكفر لعدم إرادته ، بخلاف المستهزئ والهازل(1) ؛ فإنه يلزمه الطلاق والكفر وإن كان هازلا لأنه قاصد للتكلم باللفظ وهزله لا يكون عذرا له ، بخلاف المكره والمخطئ والناسي فإنه معذور مأمور بما يقوله أو مأذون له فيه ، والهازل غير مأذون له في الهزل بكلمة الكفر والعقود ؛ فهو متكلم باللفظ مريد له ولم يصرفه عن معناه إكراه ولا خطأ ولا نسيان ولا جهل ، والهزل لم يجعله الله ورسوله عذرا صارفا ، بل صاحبه أحق بالعقوبة ، ألا ترى أن الله تعالى عذر المكره في تكلمه بكلمة الكفر إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان ، ولم يعذر الهازل بل قال : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } وكذلك رفع المؤاخذة عن المخطئ والناسي )(2)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) لحديث: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة) رواه أبو داود والترمذي وحسنه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (رقم :1904)


(2) لاحظ كيف فرق ابن القيم بين الهزل واللعب وبين غيرها من موانع التكفير وقوفا مع الوحي.ولاحظ كيف يستدل وعيدية العصر بهذه الآية على عدم اعتبار كثير مما ما ذكره ابن القيم رحمه الله.فعض على هذه التحرير المتقن من ابن القيم بالنواجد.فإن عليه أنوار الوحي ومخايل الحق.وهو على القلب كالماء الحلو البارد.




5ـ وقال في الإعلام (3/141و142 و143): (والغلط والنسيان وسبق اللسان بما لا يريده العبد, بل يريد خلافه, والتكلم به مكرها, وغير عارف بمقتضاه من لوازم البشرية لا يكاد ينفك الإنسان من شيء منه, فلو رتب عليه الحكم لحرجت الأمة وأصابها غاية التعب والمشقة , فرفع عنها المؤاخذة بذلك وكذلك الخطأ والنسيان والإكراه والجهل بالمعنى وسبق اللسان بما لم يرده والتكلم في الإغلاق ولغو اليمين ؛ فهذه عشرة أشياء (1) لا يؤاخذ الله بها عبده بالتكلم في حال منها ؛ لعدم قصده وعقد قلبه الذي يؤاخذه به .


ـ أما الخطأ من شدة الفرح فكما في الحديث الصحيح حديث فرح الرب بتوبة عبده وقول الرجل : (أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح ).


ـ وأما الخطأ من شدة الغضب فكما في قوله تعالى : ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ) قال السلف : هو دعاء الإنسان على نفسه وولده وأهله حال الغضب ، لو أجابه الله تعالى لأهلك الداعي ومن دعا عليه ، فقضي إليهم أجلهم ، وقد قال جماعة من الأئمة : الإغلاق الذي منع النبي صلى الله عليه وسلم من وقوع الطلاق والعتاق فيه هو الغضب(2) .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) ويضاف إلى هذه العشرة الحكاية. وهي أن يذكر المسلم كلمة الكفر على سبيل الحكاية لها, ولذلك قال العلماء : (حاكي الكفر ليس بكافر)


(2) من صور المسألة الغريبة ما ذكره شيخ السلام في الفتاوى (33/199)من قول من غلبه الغضب : (هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا أو إن فعل كذا فهو كافر )ونحو ذلك. فإن الأئمة متفقون على أنه إذا وجد الشرط فلا يكفر بل عليه كفارة يمين عند أبى حنيفة وأحمد في المشهور عنه وعند مالك والشافعي لا شيء عليه بخلاف ما إذا قال إن أعطيتموني الدراهم كفرت فانه يكفر بذلك بل ينجز كفره لأنه قصد حصول الكفر عند وجود الشرط فطائفة من الفقهاء نظروا إلى لفظ الناذر فقالوا قد علق الحكم بشرط فيجب وجوده عند وجود الشرط ولم يفرقوا بين نذر اللجاج و نذر التبرر وأما الصحابة وجمهور السلف والمحققون فقالوا الاعتبار بمعنى اللفظ والمشترط ههنا قصده وجود الشرط والجزاء وهناك قصده أن لا يكون )







وهذا كما قالوه ؛ فإن للغضب سكرا كسكر الخمر أو أشد وأما السكران فقد قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون } فلم يرتب على كلام السكران حكما حتى يكون عالما بما يقول ؛ ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يشكك المقر بالزنا ليعلم هل هو عالم بما يقول أو غير عالم بما يقول ، ولم يؤاخذ حمزة بقوله في حال السكر : هل أنتم إلا عبيد لأبي ولم يكفر من قرأ في حال سكره في الصلاة : أعبد ما تعبدون ، ونحن نعبد ما تعبدون .


وأما الخطأ والنسيان فقد قال تعالى حكاية عن المؤمنين : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } وقال الله تعالى : " قد فعلت " وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله قد تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه } .



6ـ وقال أيضا (33/203): (إذا التزم حكما لا يجوز التزامه مثل قوله إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني فهذا لا يجوز له التزام الكفر بوجه من الوجوه ولو قصد ذلك لكان كافرا بالقصد)


7ـ وقال (35/334): (ليس مقصوده أنه يكفر بل لفرط بغضه للكفر به حلف أنه لا يفعل قصدا لانتفاء الملزوم بانتفاء اللازم فإن الكفر اللازم يقصد نفيه)


وأما المكره فقد قال الله : { من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } والإكراه داخل في حكم الإغلاق .


ـ وأما اللغو فقد رفع الله تعالى المؤاخذة به حتى يحصل عقد القلب .


ـ وأما سبق اللسان بما لم يرده المتكلم فهو دائر بين الخطأ في اللفظ والخطأ في القصد ؛ فهو أولى أن لا يؤاخذ به من لغو اليمين ، وقد نص الأئمة على مسائل من ذلك تقدم ذكر بعضها .


ـ وأما الإغلاق فقد نص عليه صاحب الشرع ، والواجب حمل كلامه فيه على عمومه اللفظي والمعنوي ؛ فكل من أغلق عليه باب قصده وعلمه كالمجنون والسكران والمكره والغضبان فقد تكلم في الإغلاق ، ومن فسره بالجنون أو بالسكر أو بالغضب أو بالإكراه فإنما قصد التمثيل لا التخصيص ، ولو قدر أن اللفظ يختص بنوع من هذه الأنواع لوجب تعميم الحكم بعموم العلة ؛ فإن الحكم إذا ثبت لعلة تعدى بتعديها وانتفى بانتفائها .)



8ـ وقال في (طلاق الغضبان /ص46): (وأما الاعتبار وأصول الشريعة فمن وجوه الأول أن المؤاخدة إنما ترتبت على الأقوال لكونها أدلة على ما في القلب من كسبه وارداته كما قال تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) فجعل سبب المؤاخذة كسب القلب وكسبه هو إرادته وقصده ومن جرى على لسانه الكلام من غير قصد واختيار بل لشدة غضب وسكر أو غير ذلك لم يكن من كسب قلبه ولهذا لم يؤاخذ الله سبحانه الذي اشتد فرحه بوجود راحلته بعد الإياس منها فلما وجدها أخطأ من شدة الفرح وقال : اللهم أنت عبدي وأنا ربك فجرى هذا اللفظ على لسانه من غير قصد فلم يؤاخذه كما يجري الغلط في القران على لسان القارىء )



9ـ وقال في الإعلام (3/و144و145143): (فصل :فإن تمهدت هذه القاعدة فنقول : الألفاظ بالنسبة إلى مقاصد المتكلمين ونياتهم وإرادتهم لمعانيها ثلاثة أقسام : أحدها : أن تظهر مطابقة القصد للفظ ، وللظهور مراتب تنتهي إلى اليقين والقطع بمراد المتكلم بحسب الكلام في نفسه وما يقترن به من القرائن الحالية واللفظية وحال المتكلم به وغير ذلك ، كما إذا سمع العاقل والعارف باللغة قوله صلى الله عليه وسلم : { إنكم سترون ربكم عيانا ، كما ترون القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ، وكما ترون الشمس في الظهيرة صحوا ليس دونها سحاب ، لا تضارون في رؤيته إلا كما تضارون في رؤيتها }...






فصل : القسم الثاني ما يظهر بأن المتكلم لم يرد معناه ، وقد ينتهي هذا الظهور إلى حد اليقين بحيث لا يشك السامع فيه ، وهذا القسم نوعان ؛ أحدهما : أن لا يكون مريدا لمقتضاه ولا لغيره ، والثاني : أن يكون مريدا لمعنى يخالفه ؛ فالأول كالمكره والنائم والمجنون ومن اشتد به الغضب والسكران ، والثاني : كالمعرض والموري والملغز والمتأول .(1)


فصل: القسم الثالث : ما هو ظاهر في معناه ويحتمل إرادة المتكلم له ويحتمل إرادته غيره ، ولا دلالة على واحد من الأمرين ، واللفظ دال على المعنى الموضوع له ، وقد أتى به اختيارا .


فهذه أقسام الألفاظ بالنسبة إلى إرادة معانيها ومقاصد المتكلم بها ، وعند هذا يقال : إذا ظهر قصد المتكلم لمعنى الكلام أو لم يظهر قصد يخالف كلامه وجب حمل كلامه على ظاهره) (2)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)ومنه أيضا ما ذكره رحمه الله تعالى في بدائع الفوائد (4/42/دار الفكر) أن الإمام أحمد سئل عن رجل سمع مؤذنا يقول : أشهد أن محمدا رسول الله؟ فقال : كذبت. هل يكفر؟ فقال : لا, لا يكفر, لجواز أن يكون قصده تكذيب القائل فيما قال, لا في أصل الكلمة, فكأنه قال: أنت لا تشهد هذه الشهادة كقوله: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) (المنافقون:1) .وقد اتفق أن سألت بعض إخواننا ممن لا يعتبرون المقاصد من الذين ابتلوا ببلية التكفير دون ضوابط في مجلس عن هذه الصورة فكفر القائل دون تفصيل.


(2) سمعت شيخنا عدنان عرعور حفظه الله تعالى يذكر تقسيما آخر وهو أن علاقة الكلام الكفري المقصود لفظا بقصد معناه ثلاثة أقسام:


ـ أن تقوم القرائن الحالية واللفظية على أنه قصد المعنى فيكفر


ـ أن تقوم القرائن الحالية واللفظية على أنه لا يقصد المعنى فلا يكفر


ـ أن يكون خاليا عن القرائن فيجب حينها التبين .وهو تقسيم صحيح.

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (14\344) : (ضبط بعضهم ذلك بأن الألفاظ بالنسبة إلى مقاصد المتكلم ثلاثة أقسام,أحدها أن تظهر المطابقة إما يقينا وإما ظنا غالبا,والثاني أن يظهر أن المتكلم لم يرد معناه إما يقينا وإما ظنا , والثالث أن يظهر في معناه ويقع التردد في إرادة غيره وعدمها على حد سواء , فإذا قصد المتكلم لمعنى ما تكلم به أو لم يقصد قصد يخالف كلامه وجب حمل كلامه على ظاهره)

قلت: ولعله يقصد ابن القيم فإنه كثيرا ما ينقل كلامه من زاده في فتحه.








10ـ وقال في الإعلام ( 4/396و397) وسأله صلى الله عليه وسلم الحجاج بن علاط ، فقال : إن لي بمكة مالا ، وإن لي بها أهلا ، وإني أريد أن آتيهم ، فأنا في حل إن أنا نلت منك (1) أو قلت شيئا ؟ فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء ) ، ذكره أحمد (2) .


وفيه دليل على أن الكلام إذا لم يرد به قائله معناه إما لعدم قصده له ، أو لعدم علمه به ، أو أنه أراد به غير معناه ؛ لم يلزمه ما لم يرده بكلامه ، وهذا هو دين الله الذي أرسل به رسوله ، ولهذا لم يلزم المكره على التكلم بالكفر الكفر ولم يلزم زائل العقل بجنون أو نوم أو سكر ما تكلم به ، ولم يلزم الحجاج بن علاط حكم ما تكلم به ؛ لأنه أراد به غير معناه ، ولم يعقد قلبه عليه ، وقد قال تعالى : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } وفي الآية الأخرى { ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم } فالأحكام في الدنيا والآخرة مرتبة على ما كسبه القلب ، وعقد عليه ، وأراده من معنى كلامه ).



11ـ وقال في الإعلام (3/69إلى 72): (لأنا نستدل على قصد المتكلم به لمعناه ؛ لجريان اللفظ على لسانه اختيارا ؛ فإذا ظهر قصده بخلاف معناه لم يجز أن يلزم بما لم يرده ، ولا التزمه ، ولا خطر بباله ، بل إلزامه بذلك جناية على الشرع وعلى المكلف ، والله سبحانه وتعالى رفع المؤاخذة عن المتكلم بكلمة الكفر مكرها لما لم يقصد معناها ولا نواها ، فكذلك المتكلم بالطلاق والعتاق والوقف واليمين والنذر مكرها لا يلزمه شيء من ذلك ؛ لعدم نيته وقصده ؛ وقد أتى باللفظ الصريح ؛ فعلم أن اللفظ إنما يوجب معناه لقصد المتكلم به .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) أي: قلت كلاما ظاهره سبك والانتقاص منك.وعدم تكفيره كان بسبب عدم قصده واستعماله للمعاريض.فمن احتاج للتعريض لمصلحة كلية متيقنة الإسلام والمسلمين جاز وإلا فلا.فإن فعلها لدنيا أثم.


(2) رواه أحمد وإسناده صحيح ورجاله رجال مسلم.








والله تعالى رفع المؤاخذة عمن حدث نفسه بأمر بغير تلفظ أو عمل ، كما رفعها عمن تلفظ باللفظ من غير قصد لمعناه ولا إرادة ، ولهذا لا يكفر من جرى على لسانه لفظ الكفر سبقا من غير قصد لفرح أو دهش وغير ذلك ، كما في حديث الفرح الإلهي بتوبة العبد ، وضرب مثل ذلك بمن فقد راحلته عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة ، فأيس منها ثم وجدها فقال : اللهم أنت عبدي وأنا ربك : ( أخطأ من شدة الفرح ) ولم يؤاخذ بذلك ، وكذلك إذا أخطأ من شدة الغضب لم يؤاخذ بذلك ، ومن هذا قوله تعالى : (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ) قال السلف : هو دعاء الإنسان على نفسه وولده وأهله في حال الغضب .


ولو استجابه الله تعالى لأهلكه وأهلك من يدعو عليه ، ولكنه لا يستجيبه لعلمه بأن الداعي لم يقصده وقد قال حمزة للنبي صلى الله عليه وسلم : (هل أنتم إلا عبيد لأبي ) ، وكان نشوانا من الخمر ، فلم يكفره بذلك ، وكذلك الصحابي الذي قرأ : ( قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ، ونحن نعبد ما تعبدون ) وكان ذلك قبل تحريم الخمر ، ولم يعد بذلك كافرا ؛ لعدم القصد ، وجريان اللفظ على اللسان من غير إرادة لمعناه ، فإياك أن تهمل قصد المتكلم ونيته وعرفه ، فتجني عليه وعلى الشريعة .











وتنسب إليها ما هي بريئة منه (1)، وتلزم الحالف والمقر والناذر والعاقد ما لم يلزمه الله ورسوله به ؛ ففقيه النفس يقول : ما أردت ، ونصف الفقيه يقول : ما قلت (2) ؛ فاللغو في الأقوال نظير الخطأ والنسيان في الأفعال ، وقد رفع الله المؤاخذة بهذا وهذا كما قال المؤمنون : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) فقال ربهم تبارك وتعالى : قد فعلت )


12ـ وقال في زاد المعاد (5/205): (وسر المسألة الفرق بين من قصد اللفظ وهو عالم به ولم يرد حكمه وبين من لم يقصد ولم يعلم معناه فالمراتب التي اعتبرها الشارع أربعة:


إحداها: أن يقصد الحكم ولا يتلفظ به


الثانية: أن لا يقصد اللفظ ولا حكمه


الثالثة:أن يقصد اللفظ دون حكمه


الرابعة: أن يقصد اللفظ والحكم


فالأوليان لغو والآخرتان معتبرتان, هذا الذي استفيد مجموع نصوصه وأحكامه) (3)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) قد جنى وعيدية العصر على الشريعة أيما جناية ,فاتهمت الشريعة عدوا بغير علم بأقبح الأوصاف بسببهم.


(2) هذا ينطبق انطباقا تاما على وعيدية العصر, فهم يقولون: ماذا قال؟ ليكفروه. ونحن نقول : ما ذا قصد ؟.ولكنهم قوم يستعجلون.


(3) هذه من التأصيلات التي يلهج بها شيخنا عدنان عرعور حفظه الله تعالى في مناظراته.ومنها تلك التي أجراها في مدينة تطوان وقد حضرتها.












13ـ قال في بدائع الفوائد (3/727): فائدة استشكال في حديث قتل ابن الأشرف


استشكل الناس من حديث قتل كعب بن الأشرف استئذان الصحابة أن يقولوا في النبي, رواه البخاري ومسلم وأبو داود وذلك ينافي الإيمان وقد أذن لهم فيه وأجيب عنه بأجوبة


أحدها بأن الإكراه على التكلم بكلمة الكفر يخرجها عن كونها كفرا مع طمأنينة القلب وبالإيمان وكعب قد اشتد في أذى المسلمين وبالغ في ذلك فكان يحوض على قتالهم وكان في قتله خلاص المسلمين من ذلك فكان إكراه الناس على النطق بما نطقوا به ألجأهم إليه فدفعوا عن أنفسهم بألسنتهم مع طمأنينة قلوبهم بالإيمان وليس هذا بقوى الجواب


الجواب الثاني أن ذلك القتل والكلام لم يكن صريحا بما يتضمن كفرا بل تعريضا وتورية فيه مقاصد صحيحة موهمة موافقة في غرضه وهذا قد يجوز في الحرب الذي هو خدعة (1)


الجواب الثالث إن هذا الكلام والنيل كان بإذنه والحق له وصاحب الحق إذا أذن في حقه لمصلحة شرعية عامة لم يكن ذلك محظورا)


14ـ وقال في الزاد (5/215): (والغضب على ثلاثة أقسام:


أحدها ما يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع


الثاني ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده فهذا يقع


الثالث أن يستحكم ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث على ما فرط منه إذا زال فهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه ) (2)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) وهذا القول هو الصحيح إن شاء الله تعالى.والقول الثاني غريب جدا. فإن سب النبي صلى الله عليه وسلم كفر .أذن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أو لم يأذن وإن كان لحقه.فإذن النبي صلى الله عليه وسلم لهم كان إذنا في جائز,فإنه لا يأذن في الكفر. وهو التكلم بكلام ظاهره كفر ومقصودهم منه شيء آخر تعمية وتورية وتعريضا


(2) هذه من دقائق التقسيمات التي قد لا تجدها عند غير ابن القيم .وطريقة التقسيمات طريقة الراسخين وأتباعهم. كذا سمعته من بعض المشايخ





15ـ وقال في شفاء العليل (ص138): (إذا كان الغضب شديدا قد أغلق عليه قصده, فإنه يصير بمنزلة السكران والمكره بل قد يكونان أحسن حالا منه فإن العبد في حال شدة غضبه يصدر منه ما لا يصدر من السكران من الأقوال والأفعال)


16ـ وقال في (طلاق الغضبان ص:46): (والسكر نوعان:سكر طرب وسكر غضب, وقد يكون هذا أشد وقد يكون الآخر أشد)


17ـ قال في روضة المحبين (153): (السكر لذة يغيب معها العقل الذي يعلم به القول ويحصل معه التمييز)


18ـ وقال في الإعلام (3/141): (فإذا اجتمع القصد والدلالة القولية أو الفعلية ترتب الحكم)


19ـ وقال في الجواب الكافي (111): (إذا أردت أن تستدل على ما في القلوب فاستدل عليه بحركة اللسان فإنه يطلعك على ما في القلب)

20ـ وقال في الإعلام (3/174) الظاهر إنما يكون دليلا صحيحا إذا لم يثبت أن الباطن بخلافه,فإذا قام دليل على الباطن, لم يلتفت إلى ظاهر قد علم أن الباطن بخلافه)(2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وعيدية العصر يقولون: (لا شأن لنا بما في القلب)

(2) هذا لا يرضي الإخوة وعيدية العصر.فإنهم لا يهمهم الباطن إذا ظهر الكفر على الجوارح.
محب الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:59 AM بتوقيت مسقط


Design By: aLhjer Design
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Translated By Sma-jo.com