| |||||
|
|
آخر 1 مشاركات |
| أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
08-19-2011, 05:43 AM | #1 |
إداري تاريخ التسجيل: Jun 2010 المشاركات: 1,222 | وليس مشروعاً من الأمورْ ... غيرَ الذي في شرعنا مذكورْ ( درر نفيسة من الشيخ وليد السعيدان حفظه الله ) قال الشيخ وليد السعيدان حفظه الله في ( الشرح المبدي جمال منظومة السعدي ) : ثم قال الناظم رحمه الله تعالى :- وليس مشروعاً من الأمورْ ... غيرَ الذي في شرعنا مذكورْ ش) الكلام على هذا البيت في مسائل :- {المسألة الأولى} لما بين الشيخ رحمه الله تعالى أن الأصل في العادات الحل والإباحة إلا بدليل, أراد رحمه الله تعالى أن يبين أصلا آخر ، وهو الأصل في العبادات ، لأن الإنسان يدور في يومه بين عادة أو عبادة ، فالأصل في العادات العفو والحل حتى يأتي دليل المنع ، والأصل المتقرر في العبادات المنع حتى يأتي دليل الجواز ، فهما أصلان لابد منهما لطالب العلم ، وبما أننا شرحنا الأصل الأول, وهو الأصل في العادات ، فلا بد أن نشرح الأصل الثاني ، وهو الأصل في العبادات ، ونصه يقول (الأصل في العبادات المنع حتى يقوم دليل الجواز) وبيانه أن يقال :- هذا أصل مهم من أصول الإسلام ، وهو أن الله تعالى قد أغلق باب معرفة العبادة على وجه التفصيل إلا عن طريق الرسل عليهم الصلاة والسلام ، فلا يمكن للعقل لوحده أن يستقل بمعرفة ما يجوز التعبد به لله تعالى مما لا يجوز ، فليس ثمة باب من أبواب معرفة التعبدات مفتوح إلا لما ثبت به النص منها ، فليس الباب مفتوحا للأهواء والرغبات والمذاهب ولآراء والنقول الواهية الضعيفة ، ولا للعادات ولا للتقاليد ولا لأعراف البلاد ولا للمكاشفات أو الرؤى والأحلام ، ولا لغير ذلك ، بل طريق إثبات العبادة إنما هو وقف على دليل من كتاب الله تعالى أو سنة صحيحة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم ، فما أثبته النص الصحيح الصريح أنه من العبادة فهو من العبادة ، وما لم يثبت به دليل شرعي فليس لأحد الحق أن يقول :- إنه من العبادات ، لأن العبادة طريقها التوقيف ، وأقسم بالله تعالى لو أن الناس وقفوا عند هذا الحد لما رأيت شيئا من البدع في العالم أبدا ، ولكن البلية التي وقع فيها كثير من الخلق ، هو أنهم فتحوا أبواب التعبد لغير ما ورد به الكتاب والسنة ، والدليل على صحة هذه القاعدة عدة أمور , الأول :- قال تعالى أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ فدل هذا على أن الدين موقوف على إذن الله تعالى ، فما أذن الله تعالى به من أمور العبادة ، فهو العبادة المقبولة التي يصح التعبد لله تعالى بها ، وما لم يأت به دليل ولا إذن من الله تعالى فإنه ليس من العبادة المقبولة ، ولا يجوز التعبد لله تعالى به ، والإذن الوارد في الآية يراد به الدليل ، فأفاد هذا أن العبادة مبناها على الإذن من الله تعالى ، أي أنها وقف على النص ، والله أعلم , الثاني :- أن الله تعالى أنكر في آيات كثيرة على من تعبد له بإيجاب أشياء لا دليل عليها ، أو حرم على نفسه أشياء لا دليل عليها ، وما ذلك إلا لأن طريق التعبد لله تعالى بإيجال الواجبات وتحريم المحرمات إنما هو وقف على ما ورد به النص لا أنه مفتوح للأهواء والرغبات وما تستحسنه النفوس ، كما قال تعالى وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فلا يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون وقال تعالى وَقَالُواْ هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ وقال تعالى مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ فانظر كيف أنكر الله تعالى هذا الإيجاب وهذا التحريم الذي ما أنزل به من سلطان ، وأخبر أنه مخترع من عند أنفسهم وأنه وصف أحدثوه وألزموا به أنفسهم ليس عليه برهان شرعي ولا دليل مرعي ، وأنه كذب وافتراء على الله تعالى فأفاد هذا أن طريق معرفة التعبد لله تعالى فعلا وتركا إنما هو وقف على ما ورد به النص ، وأما ما لم يرد به لنص فإنه ليس من التعبد في صدر ولا ورد , الثالث :- الآيات الدالة على تحريم القول على الله تعالى بغير علم ، فإنها دليل على صحة هذه القاعدة ، فإن من قال :- هذا عبادة ، أو قال: هذا من الطاعة والقربة ، فإنه يريد بذلك نسبتها للشارع ، فكأنه يثبت أن الله تعالى قال هذا وأثبته تعبدا ، وهذا إن كان عليه دليل فإنه لا يكون ممن قال على الله تعالى ما لم يقله ، وأما إن لك يكن عليه دليل فإنه يعتبر قولا على الله تعالى بغير علم ، قال تعالى في سياق المحرمات قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ وقال تعالى وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ وقال تعالى وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً فمن قال :- هذا عبادة ، فإننا نطالبه بالدليل ، فإنه جاء به صحيحا صريحا فأهلا وسهلا وإلا فلا أهلا ولا سهلا ، والله أعلم , الرابع :- الأحاديث الدالة على منع الإحداث في الدين وأنه من البدع والمحدثات ، كما قال صلى الله عليه وسلم (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) متفق عليه ، وفي رواية (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )) ولأحمد (( من صنع أمرا ليس عليه أمرنا فهو رد )) وقال عليه الصلاة والسلام (( أما بعد :- فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هذي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة )) رواه مسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام (( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )) الخامس :- الإجماع ، فقد اتفق عامة أهل العلم رحمهم الله تعالى تقرير هذا الأصل في العبادات ، وأنه لا يجوز تشريع شيء من الدين لم يأذن به الله تعالى ، وقد تقرر أن الإجماع حجة يجب قبولها والمصير إليها واعتمادها وتحرم مخالفتها ، والله أعلم . وإذا علمت هذا فدونك عدة فروع توضح لك ما نريد إثباته لك في هذه القاعدة ، فأقول :- منها :- اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في مسح العنق في الوضوء ، والقول الصحيح أنه ليس من السنة ، وما ذلك إلا لأنه لم يرد بإثباته نص صحيح صريح ، والعبادة مبناها على التوقيف, وما ورد في هذه المسألة من النصوص فإنه لا يصح مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلم ، لأنها نقول ضعيفة واهية ، بل بعضها موضوع ، وعليه :- فليس من السنة مسح العنق في الوضوء ، لأن مسح العنق في الوضوء عبادة ، والأصل في العبادات التوقيف على الدليل ، والله أعلم . ومنها :- الاحتفال بالموالد البدعية كالاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومولد البدوي ومولد الحسين ، وكل الموالد التي يفعلها أهل البدع ، كلها أين دليلها ؟ إنها كلها من المحدثات والبدع ، التي ما أنزل الله تعالى من سلطان ، لأن من يفعلها يرى أنها من الأمور العبادية ، وأمور التعبد مبناها على التوقيف ، فحيث لا دليل عليها فإنه لا تكون من العبادة في صدر ولا ورد ، بل من المحدثات والأمور البدعية ، ومن تشريع شيء في الدين لم يأذن به الله تعالى ، والمتقرر أن كل إحداث في الدين فهو رد ، والمتقرر أن كل بدعة في الدين فهي ضلالة ، والمتقرر أن الأصل في العبادات التوقيف على الدليل ، والله أعلم . ومنها :- التعبد لله تعالى بصيام الأيام التي ما دل الدليل على فضيلة صومها ، فيصومها بعض أهل البدع تعظيما لهذا اليوم ، تخصيصا له بالصوم وفضل الصوم ، كاعتقاد فضيلة صوم رجب كلاً أو بعضا ، وكاعتقاد فضيلة صوم آخر العام أو أول العام الهجري ، ونحوها فهذا كله مما لم يرد به النص ، نعم من صامه من غير اعتقاد فضيلة زائدة فلا حرج ، وأما من خصه بالصوم لاعتقاد فضيلة فيه ، فإنه مطالب بالدليل الدال على هذا التخصيص ، لأن المتقرر أن التعبد مبناه على التوقيف ، لا التخريف ، وعلى ذلك فالمتقرر عندنا أن الأصل استواء أيام العام في فضيلة الصوم فمن زعم أن ثمة فضلا زائدا في صوم يوم من الأيام فإنه مطالب بالدليل ، فإن جاء به صحيحا صريحا فعلى العين والرأس ، وإن لم يأت به فنحن نعتذر عن قبول قوله ، بل فعله عندنا من المحدثات والبدع ، والمتقرر أن كل إحداث في الدين فهو رد . والله أعلم . ومنها :- قراءة الفاتحة في المواضع التي لم يرد في فضيلة قراءتها فيها دليل ، كقراءة الفاتحة على روح الميت أو عند ذكر اسمه ، وكقراءة الفاتحة في افتتاح الخطوبة ، وكقراءة الفاتحة في ابتداء السفر وكقراءة الفاتحة في افتتاح أي من الأمور ، فإنه مما لم يرد بها دليل ، فمن زعم أن قراءة الفاتحة له فضيلة في افتتاح هذا الأمر أو في نهايته وختمه فإنه مطالب بالدليل ، لأن المتقرر أن الأصل في العبادات التوقيف ، وليس الباب مفتوحا للأهواء والرغبات وما تشتهيه النفوس ، بل هو توقيفي على النص الصحيح الصريح ، والله أعلم . ومنها :- الأذكار الجماعية المخترعة التي يفعلها الصوفية ، على مختلف أنواعها وتباين صورها فإنها كلها من المحدثات والبدع التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان ، فهي محدثة في الدين والمتقرر أن كل إحداث في الدين فهو رد ، وفاعلوها يعتقدون أنها من العبادات ، والمتقرر أن العبادات مبناها على التوقيف ، لا على التخريف والدجل ، والله أعلم . ومنها :- ما يفعله أهل البدع من الصلوات المخترعة التي ليس عليها من الشرع دليل ثابت كصلاة الرغائب وصلاة القضاء العمري ، وما يفعل بعد كل جمعة من صلاة الظهر بعدها دائما ، فيصلون الجمعة ثم يقومون فيصلون بعدها الظهر ، ولا أدري لماذا ؟ لكنها من المحدثات والبدع ، وكإحياء ليلة المولد بالصلاة أو إحياء ليلة الإسراء بالصلاة ، وغير ذلك مما أحدثه أهل الأهواء والبدع ، فكل ذلك مما ليس عليه دليل ، بل هو التخرص والهوى ، والمتقرر أن كل إحداث في الدين فهو رد والمتقرر أن الأصل في العبادات التوقيف على الدليل ، والله أعلم . ومنها :- ما يفعله الرافضة في يوم مقتل الحسين ، فإنه يجعلونه من أهم ما يقوم به الناسك عندهم من ضرب الطبول وجلد الأجساد والرقص وإسالة الدماء والمسيرات الجماعية ، كل هذا مما لا دليل عليه ، بل هو أمر محدث في الدين ، وليس هو من الإسلام أصلا ، والمتقرر أن كل إحداث في الدين فهو رد ، وأن كل بدعة ضلالة ، وأن الأصل في العبادات التوقيف على الدليل ، ومن المعلوم المتقرر أن الرافضة والصوفية هم أكثر الطوائف بدعا وإحداثا في الدين ، ألا لعنة الله على الظالمين والله أعلم . ومنها :- اعتياد الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الأذان ، فهذا مما لا دليل عليه فالأصل فيه المنع ، لأنه عبادة ، والأصل في العبادات التوقيف على الدليل ، والله أعلم . ومنها :- الأذان والإقامة في قبر الميت ، كما يفعله البعض ، وهذا أمر محدث ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) والمتقرر أن كل بدعة في الدين فهي ضلالة ، والمتقرر أن الأصل في العبادات التوقيف على الدليل ، والله أعلم . ومنها :- السجدة المفردة التي يفعلها بعض الناس دبر كل صلاة ، أو دبر الوتر خاصة ، فيسجد سجدة واحدة ثم يقوم ، ولا أدري ما الدافع له على هذا العمل ؟ لكننا رأيناه ، فهو من البدع والمحدثات ، والمتقرر أن العبادة مبناها على التوقيف لا التخريف والهوى ، والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . {المسألة الثانية} وقد تفرع عن هذا الأصل الطيب عدة أصول لا بد من فهمها ، فإن عدم فهمها قد أوجب الوقوع في مخالفات كثيرة ، ونحن نسوق لك هذه الأصول الطيبة ، مع شيء من فروعها حتى يتضح لك أنه لا يشرع شيء في الدين إلا بدليل ، فأول هذه الأصول ، ما نص عليه أهل العم رحمهم الله تعالى بقولهم ( الأصل في صفة العبادة التوقيف على النص ) وهذه القاعدة فرع عن سابقتها ، وبيانها أن يقال :- إن العبادة وقف على الدليل بكل أجزائها ، سواء في تأسيسها أو في صفتها أو في شروطها أو في مبطلاتها ، وفي كل ما يتعلق بها ، فلا يجوز لأحد أن يحدث في العبادة شيئا ، ومن ذلك إحداث الصفة ، فإن العبادة وقف على الدليل في صفاتها ، فلا يجوز إحداث صفة في العبادة لا دليل عليها ، لأن الباب في صفة العبادة ليس مفتوحا للأهواء والرغبات ، وإنما هو توقيفي على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ، فصفة العبادات لا تتلقى إلا من قبل الشرع ، فما أثبته الشرع من صفة العبادة فهو الصفة الصحيحة المقبولة ، وما لم يأت به الشرع من الصفات فإنه لا يجوز التعبد به لله تعالى ، وما ذكرناه من الأدلة في القاعدة التي قبل هذه ، فإننا نذكره هنا, لأنها أدلة تمنع من الإحداث في العبادات ، وهو منع فيه إطلاق ، والمتقرر أن الأصل بقاء المطلق على إطلاقه ولا يقيد إلا بدليل ، فهو نهي عن الإحداث يعم إحداث أصل العبادة أو إحداث صفتها أو إحداث سبب فيها ، أو إحداث شرط أو مقدار فيها ، ولأن الله تعالى قد أمرنا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم فقال الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ ... إلى أن قال تعالى قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وهذا أمر بالاتباع المطلق فيدخل فيه المتابعة في الصفة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )) ولأن المتقرر عند أهل العلم رحمهم الله تعالى أن الأعمال لا تقبل إلا بالإخلاص والمتابعة فمن فعل العبادة على غير الصفة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد اختل عنده في عمله شرط المتابعة ، فلا يقبل علمه لاختلال الشرط ، ولأن المتقرر عند العلماء رحمهم الله تعالى أن المتابعة لا تكون كاملة إلا إن استوفى العبد جهات المتابعة الست ، وهي :- الجنس والسبب والصفة والزمان والمكان والمقدار ، فمن خالف في شيء من ذلك فقد اختل عنده ميزان المتابعة وعليه :- فمن فعل عبادة من العبادات على غير الوجه الوارد في الشرع فقد أحدث في الدين والمتقرر أن كل إحداث في الدين فهو رد ، وعلى ذلك عدة فروع :- الأول :- الحق أن الذكر بعد الصلاة له صفته الشرعية الثابتة ، وهي أن كل واحد من المصلين يذكر ربه بينه وبين نفسه ، من غير اتفاق بينه وبين المصلين في قول الذكر بصوت واحد ، ولا بأمر الإمام أو المؤذن أن يسبحوا كذا ، أو يكبروا كذا ، وبناء عليه :- فما يعرف بالذكر الجماعي الذي يفعله بعض الناس في أدبار الصلوات ، هذا مما لا أصل له ، لأنه صفة غريبة عن الذكر في الشرع ، فهو محدث في الدين ، وكل إحداث في الدين فهو رد ، وهو مخالف للصفة المشروعة والمتقرر أن الأصل في صفة العبادة التوقيف على النص ، والله أعلم . الثاني :- اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى فيمن عكس الطواف ، فطاف جاعلا البيت عن يمينه والحق الحقيق بالقبول أن طوافه على هذه الصفة لا يصح ، لأن الطواف عبادة ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل البيت عن يساره في الطواف ، وقال (( لتأخذوا عني مناسككم )) وهو الذي عليه عمل المسلمين ، وفي الحقيقة لا أدري ما وجهة نظر من صحح الطواف على الصفة المخالفة للصفة الواردة ، والمهم أن قوله باطل ، والحق ما ذكرته لك ، لأن الطواف عبادة, والمتقرر أن الأصل في صفة العبادة التوقيف على الدليل ، والله أعلم . الثالث :- ذهب بعض أهل العلم إلى القول بمشروعية صلاة ركعتين بعد السعي قياسا على الطواف ، وهذا قول باطل ، لأن إدخال صلاة ركعتين من جملة ما يشرع في السعي لابد فيه من الدليل ، لأن المتقرر أن الأصل في العبادة التوقيف والمتقرر أن الأصل في صفة العبادة التوقيف, وأما القياس فغير مقبول ، لأن المتقرر أن القياس في العبادات ممنوع ، والله أعلم . الرابع :- من خالف في رمي أيام التشريق فبدأ بالوسطى أو بالكبرى ، فرميه لا يصح ، لأن الرمي في أيام التشريق له صفته الخاصة ، وهو أن يبدأ بالصغرى ثم بالوسطى ثم بالكبرى ، فمن خالف في هذه الصفة فرميه لا يصح ، لأن المتقرر أن الأصل في صفة العبادة التوقيف على الدليل ، والله أعلم. الخامس :- ذهب بعض الناس إلى استحباب غسل حصى الجمار ، والحق أنه ليس من السنة ولا من الشرع ، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولا أحد من أصحابه ولا نعلمه ثابتا عن أحد من سلف الأمة وأئمتها ، ولو كان من الشرع لبينه لنا النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأن هذا الزعم يثبت صفة في العبادة ، فلا يقبل إلا بالدليل ، لأن المتقرر أن الأصل في صفة العبادة التوقيف على الأدلة ، والله أعلم. السادس :- ما ذكره أهل البدع في صلاة الرغائب ، فإنهم يفعلونها على صفة غريبة عن الشرع ولا دليل عليها ، فهي محدثة في الدين ، وكل إحداث في الدين فهو رد ، والمتقرر أن الأصل في صفة العبادة التوقيف على الأدلة ، والله أعلم . السابع :- ما يفعله بعض الناس عند تشييع الجنازة من رفع الصوت بالذكر بالتهليل والتكبير أو ضرب البنادق ، ونحو ذلك ، كل ذلك مما لا دليل عليه ، فجعله من صفة التشييع يفتقر إلى دليل لأن الأصل في صفة العبادة التوقيف على الدليل ، ولأنه إحداث في الدين ، والمتقرر أن كل إحداث في الدين فهو رد ، والله أعلم . الثامن :- ضرب الركب بالأكف عند السلام من الصلاة كما يفعله الرافضة ، هذا لا دليل عليه فجعله من صفة التسليم في الصلاة مما يفتقر إلى دليل ، لأن المتقرر أن العبادات مبناها على التوقيف ولأن المتقرر أن الأصل في صفة العبادة التوقيف على الدليل ، وعليه :- فهذا الفعل من البدع والمحدثات ، وكل إحداث في الدين فهو رد ، والله أعلم . التاسع :- تخصيص السجود على شيء معين ، كما يفعله الرافضة ، فإنهم إذا أرادوا السجود فإنهم لا يسجدون إلا على شيء معين من الحجارة ، وهذا مما لا دليل عليه ، فهو من البدع ، وجعله من صفات سجود الصلاة غير مقبول ، لأن سجود الصلاة عبادة ،والأصل في صفة العبادة التوقيف على الأدلة ، والله أعلم . العاشر :- الرقص والتمايل حال الذكر ، كما هو الحال عند الصوفية ، فإن هذا التمايل والرقص وضرب الدفوف مما لم يأت به الدليل ، بل الدليل قد نهى عنه ، فإلصاق هذه الصفة بالذكر غير مقبول ، لأن المتقرر أن الأصل في صفة العبادة التوقيف على الدليل ، وكل إحداث في الدين فهو رد ، وكل بدعة ضلالة ، وإن رآها صاحبها حسنة ، والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. {المسألة الثالثة} ومن تلك الأصول التي لابد من فهمها أيضا ، ما نص عليه أهل العلم رحمهم الله تعالى بقولهم ( الأصل في ربط العبادة بزمان أو مكان التوقيف على الأدلة الشرعية الصحيحة الصريحة ) وهي فرع عن القاعدة التي تقول ( الأصل في العبادات التوقيف على الدليل ) وبيانها أن يقال :- اعلم رحمك الله تعالى أن الأصل في العبادات الإطلاق ، والمتقرر أن الأصل وجوب إبقاء المطلق على إطلاقه ولا يقيد إلا بدليل ، وعليه :- فالأصل أن العبادة مطلقة عن الزمان والمكان والصفة ، فمن قيدها بصفة معينة فإنه مطالب بالدليل ، ومن قيدها بزمان معين فإنه مطالب بالدليل ومن قيدها بمكان معين ، فإنه مطالب بالدليل ، لأن الأصل الإطلاق ، والمتقرر أن الأصل هو وجوب البقاء على الأصل حتى يرد الناقل ، فمن قيدها بزمان أو بمكان أو بصفة ، فإنه مخالف للأصل ، والمتقرر أن الدليل يطلب من الناقل عن الأصل لا من الثابت عليه ، فنقول لمن قال :- إن فعل العبادة في هذا الزمان المعين أو في هذا المكان المعين أفضل من فعلها في غيره من الأزمنة أو الأمكنة ، نقول له :- كلامك هذا موقوف على الدليل ، فإن جئتنا بالدليل الدال على صحة هذه الدعوى فعلى العين والرأس ، وإن لم يكن ثمة دليل عندك ، فإن كلامك مردود عليك ، لأنك تريد أن تنقلنا عن الأصل ، وهو الإطلاق ، ونحن لا نرضى أن ننتقل عن الأصل إلا بناقل صحيح معتمد وعلى ذلك فروع :- الأول :- إحياء ليلة النصف من شعبان ، فإن إحياءها لا نعلم عليه دليل يثبت صحته ، بل هي ليلة كسائر الليالي ، وما نقل في هذه الليلة من الفضل فإني لا أعلم صحته عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل هو من قبيل الضعيف ، بل بعضه يصل إلى درجة الموضوع ، والمتقرر أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، ولأن إحياءها بالصلاة والاحتفال والذكر والاجتماع يدخل تحت تقييد العبادة بالزمان ، فلا نقبل هذا التقييد إلا بدليل ، لأن المتقرر أن الأصل في ربط العبادة بزمان التوقيف على الدليل ، والله أعلم . الثاني :- اعتقاد أفضلية قراءة القرآن في المقبرة ، كما يفعله بعض الناس ، وهذا تقييد لفضل القراءة بزمان معين ، وهذا موقوف على الدليل ، لأن الأصل المتقرر أن ربط العبادة بالزمان لا بد فيه من الدليل الشرعي الصحيح الصريح ، ولا نعلم دليلا يفيد مشروعية القراءة في المقبرة ، بل الدليل على خلافها ، لأنه لا يعرف هذا الفعل لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه ولا عن أحد من سلف الأمة وأئمتها ، فمن اعتقد فضيلته فقد اعتقد فضيلة شيء لا دليل عليه ، والله أعلم. الثالث :- إحياء ما يسمى بليلة السابع والعشرين من رجب ، فإن كثيرا ممن ينتسب للإسلام يرى أن إحيائها من أفضل القربات وأهم الطاعات ، لأنها ليلة الإسراء ، فيما يرون هم ، فيحيونها بكثرة الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، وبقراءة السير النبوية ، وبالصلاة النافلة وبالذكر وغير ذلك ، وهذا كله مما لا دليل عليه ، فمن اعتقد أنه من العبادات أو من صفات العبادة فإنه مطالب بالدليل الدال على ذلك ، لأن الأصل في العبادات التوقيف على الأدلة ، والمتقرر أن الأصل في صفة العبادة التوقيف على الدليل ، والمتقرر أن تقييد العبادة بزمان دون زمان لا بد فيه من الدليل وعليه :- فيكون إحياؤها من البدع والمحدثات لا من العبادات والقربات ، والله أعلم . الرابع :- ما يسمى بصلاة الرغائب ، وهذا الفرع تكرر كثيرا ، لكن في كل مرة لنا في منعه مأخذ آخر ، وهنا نمنعه باعتبار أن من يفعلها يعتقد أن فعلها لا يكون إلا في أول جمعة من رجب فهو يقيد العبادة بزمان معين ، وهذا خلاف الأصل ، لأن الأصل في العبادة الإطلاق ، والمتقرر أن الأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل ، والمتقرر أن الأصل في العبادات التوقيف ، والمتقرر أن الأصل في تقييد العبادة بزمان أو مكان التوقيف على الأدلة ، ولأن اعتقاد استحبابها في هذا الزمن المخصوص من أحكام الشرع ، والمتقرر أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، والله أعلم . الخامس :- استحب طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى الاغتسال لرمي الجمرة وللوقوف بالمزدلفة ، وهذا استحباب يقتضي تقييد العبادة بزمان معين ، فمن اعتقد استحباب الغسل في هذا الزمان المخصوص فإنه مطالب بالدليل الدال على صحة هذه الدعوى ، ولا نعلم لذلك دليلا صحيحا ، وحيث لا دليل فالأصل المنع ، لأن المتقرر أن الأصل في العبادات التوقيف ، والمتقرر أن الأصل في تقييد العبادة بالزمان والمكان التوقيف على الأدلة الصحيحة الصريحة ، والله أعلم . السادس :- لقد عمت البلوى بالطواف حول القبور ، وهو من أمور الشرك والبدع ، ولا يجوز بحال من الأحوال أن يطاف حول شيء من أجزاء الأرض إلا بالبيت العتيق خاصة ، وهذا بالاتفاق ولكن أهل البدع والمحدثات قد أبت نفوسهم إلا الطواف حول قبور الأولياء والصالحين ، وهو بدعة وشرك ، ومحدث في الدين ، والمتقرر أن كل إحداث في الدين فهو رد ، والمتقرر أن الأصل في العبادات التوقيف على الدليل , والطواف عبادة ، والمتقرر أن العبادة حق محض صرف لله تعالى لا تصرف لملك مقرب ولا لنبي مرسل ولا لولي صالح فضلا عن غيرهم ، ولأن الأصل في العبادة الإطلاق عن الزمان والمكان ، فمن قيد عبادة الطواف بهذا المكان المخصوص فإنه مطالب بالدليل الدال على صحة هذه الدعوى ، وأنى له أن يأتي بالدليل فحيث لا دليل - بل الدليل على خلافه - فالحق أنه لا يجوز الطواف حول القبور ، بل هو من البدع والمحدثات والأمور الخطيرة المنكرات وهو شرك أصغر ، ولكنه يكون من الشرك الأكبر إن اعتقد بطوافه التقرب لصاحب القبر أو رجا منه جلب الخيرات ودفع المضرات ، والله ربنا أعلى وأعلم . السابع :- يعتقد بعض الناس أفضلية الذبح عند القبر ، فهو يذبح لله تعالى ، ولكنه يعتقد أن الذبح عند صاحب هذا القبر من الفضائل ، لما فيه من حلول البركة في الذبيحة ، هكذا يقولون ، وهذا أمر باطل ، لأن الذبح من العبادة ، والأصل في العبادات الإطلاق ، فمن قيد أفضلية ذبح الأضاحي أو العقيقة أو وليمة العرس عند قبور الأولياء والصالحين ، فإنه قد جاء بقيد لهذه العبادة ، فهو مطالب بالدليل لأنه مخالف للأصل ، والمتقرر أن ربط العبادة بالزمان والمكان أن مبناه على التوقيف فما يفعله هؤلاء في حقيقته هو من البدع، لا من الأمور المشروعة ، والله أعلم . الثامن :- كثير من الناس يتبرك بقبور الأولياء والصالحين ، ومن المعلوم أن التبرك من العبادة فتقييد التبرك بزمان دون زمان ، أو بمكان دون مكان ، هذا مما يفتقر إلى الدليل ، لأن الأصل في التبرك التوقيف ، ولأن التبرك بالزمان والمكان مبناه على التوقيف ، ولأن ربط التبرك بهذا الزمان المعين أو هذا المكان المعين لا بد من دليل ، لأن الأصل أن ربط العبادة بالزمان والمكان توقيفي على النص فما يفعلونه من هذا التبرك هو في حقيقته بدعة ووسيلة من وسائل الشرك ، والله أعلم . التاسع :- يعتقد كثير من زوار المدينة النبوية أو مكة أفضلية الصلاة في كثير من المساجد المبنية هناك ، أو المواضع المبنية هناك ، وهذا أمر لا بد فيه الدليل ، فالأصل استواء مواضع الأرض في الفضل ، فمن خصص مكانا معينا بفضل زائد فإنه مطالب بالدليل الدال على هذا ، لأن الأصل في العبادة الإطلاق عن الزمان والمكان والصفة ، والتقييد خلاف الأصل ، ومخالف الأصل عليه الدليل ، وهذا الفرع سمين ، سيأتي تفصيله في مواضع أخر إن شاء الله تتعالى ، والله أعلم . العاشر :- الحق الحقيق بالقبول أنه لا يجوز تتبع آثار الأنبياء التي لم يرد الدليل بجواز الاقتداء بهم فيها في تعبد خاص ، كالمواضع التي نزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم أو مر فيها نبي من الأنبياء أو جلس فيها أو قضى الحاجة فيها ، ونحو ذلك ، فلا يجوز جعل هذه المواضع والأمكنة أمكنة تزار أو يفعل فيها ما لا يجوز فعله فيها شرعا ، لأن الأصل في تقييد العبادات بالمكان والزمان التوقيف على النص ، فمن زعم شيئا من ذلك فإنه مطالب بالدليل الدال على صحة دعواه ، وعليه :- فما يفعله كثير من الناس عند آثار الأنبياء أنما هو من البدع والمحدثات ، لا من القربات والمشروعات والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . {المسألة الرابعة} ومن تلك الأصول أيضا قولهم (الأصل في الاشتراط الشرعي التوقيف على الأدلة) فلا يجوز لأحد أن يربط عبادة بشرط إلا وعلى ذلك دليل لأن الأصل في العبادات الإطلاق عن الشروط والأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل ، فإذا ادعى أحد أن هذا الشيء شرط في هذه العبادة فإنه مطالب بالدليل المثبت لذلك الإدعاء فإن جاء به صريحاً صحيحاً فعلى العين والرأس وإن لم يأت به فإن قول مردود عليه لأنه مخالف للأصل ، والدليل يطلب من الناقل عن الأصل لا من الثابت عليه ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (( من أحدث في أمرنا هذه ما ليس منه فهو رد )) "متفق على صحته" وهذا الإحداث شامل لإحداث الصفات أو الأسباب أو الشروط فمن جاء بشرط وربط العبادة به فإنه مطالب بالدليل لأنه ناقل عن الأصل ، واعلم أن الشروط وقف على صحة النص فلا يستدل عليها بالمنقولات الضعيفة ولا بالمرويات الكاذبة ولا بوجودها في المذاهب إذا لم يكن عليها أدلة فوجود هذا الشرط في المذهب الذي تنتمي إليه لا يكسبه صفة الشرعية إذا لم يكن عليه برهان من الكتاب أو السنة الصحيحة أو الإجماع الثابت أو القياس المستوفي لشروطه وأركانه وأني أقسم بالله تعالى أن الطلاب لو تربوا على هذه القاعدة العظيمة لتحررت عقولهم من الاشتراط الذي لا دليل عليه، والقاعدة التي نقصدها تقول ( الأصل في الشروط الشرعية التوقيف ) وهي فرع من القاعدة العظيمة ( الإحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ) ذلك لأن اعتقاد كون الشيء شرطاً هو إثبات لحكم شرعي ، لأن الوجوب والندب والتحريم والكراهة والسبب والمانع والشرط والصحة والفساد كل ذلك من الأحكام الشرعية التي لا تثبت إلا بالأدلة فلابد يا أخي الطالب أن تحرص على هذه القاعدة المهمة وقد أفردناها بالشرح في مؤلف مستقل وحتى يتبين لك كيفية تخريج القاعدة المسئول عنها على الفروع أذكر لك بعض الفروع على ذلك فأقول : منها: اشترط بعض الفقهاء لصحة المسح على الخفين أن يكون صفيقاً وأن يكون ثابتاً بنفسه وأن لا يكون مخرقاً ولو خرقاً يسيراً ، وكل ذلك اشتراط في عبادة والأصل في الاشتراط الشرعي الدليل فأين الدليل الدال على هذه الشروط ؟ فإننا لا نعلم على ذلك شيئاً من الأدلة المرفوعة الصحيحة وإنما هي قياسات وتعليلات معلولة وحيث كان لا دليل عليها فالأصل عدمها لأن الشرط حكم شرعي والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، فالحق في هذه المسألة أنه يجوز المسح على الخف المخرق إذا كان يمكن متابعة المشي فيه واختاره شيخ الإسلام ، والصحيح أيضاً أنه يجوز المسح على الخف الشفاف واختاره شيخ الإسلام والصحيح أيضاً جواز المسح على الخف ولو لم يثبت بنفسه واختاره شيخ الإسلام ، ولا شأن لنا بوجود هذه الشروط في مذهب الأصحاب فإن الاشتراط وقف على ثبوت الدليل ، وقد أخذنا العهد على أنفسنا من أول ما بدأنا في الطلب أن لا نتعصب لمذهب ولا لرأي ولا لغيره وإنما نتعصب للدليل ، فالدليل هو ضالتنا فحيث ذهب الدليل ذهبنا معه وحيث وقف وقفنا معه ولا ندعي الكمال في ذلك ، بل لو تتبعت ما كتبناه فإنك ستجد فيه ولابد أشياء كثيرة مخالفة للدليل ولكن حسبنا أننا بشر نصيب ونخطئ وهذا جهدنا والله يغفر لنا زللنا وتقصيرنا وهو أعلى وأعلم . ومنها: اشترط بعض الفقهاء رحمهم الله تعالى لجواز المسح على الجبيرة أن تكون قد لبست على طهارة وقاسوها على الخف ، ولكن هذا اشتراط لا يقبل وتعليلهم هذا عليل والأصل في الاشتراط الشرعي التوقيف على الدليل ولا أعلم من القرآن ولا من السنة الصحيحة ولا من الإجماع ما يفيد اشتراط ذلك ، وأقوال العلماء يستدل لها لا يستدل بها ، وأما قياسهم هذا فهو قياس فاسد لأن المسح على الخف رخصة وتوسعة, وأما المسح على الجبيرة فطهارة ضرورة ولأنه قد يضطر لها الإنسان ولا يستطيع تقديم الطهارة ، وبالجملة فقياسهم هذا مع الفارق وقد تقرر في الأصول أن القياس مع الفارق غير مقبول ، فحيث لم يرد دليل في تصحيح هذا الشرط فالأصل عدمه لأن الاشتراط الشرعي مبناه على الدليل ، فالراجح في هذه المسألة بناء على ذلك هو أنه يجوز المسح على الجبيرة ولو بلا سبق طهارة . وهو اختيار شيخ الإسلام وغيره من المحققين ، والله أعلم . ومنها: اشترط بعض الفقهاء رحمهم الله تعالى لجواز المسح على العمامة أن تكون محنكة أو ذات ذؤابة ، وهذا الاشتراط لم نجد له دليلاً بخصوصه في شيء من الأدلة إلا قولهم ، لأن هذا هو شأن عمائم العرب ، وهذا لا يفيد الوجوب فضلاً عن كونه شرطاً ، والاشتراط حكم شرعي أي أنه موقوف على الدليل الشرعي الصحيح الصريح فحيث لا دليل يفيد هذا الاشتراط فالصحيح جواز المسح عليها ولو لم تكن محنكة أو ذات ذؤابة والله أعلم . ومنها: اشترط بعض الفقهاء لصحة بعض المعاملات كالبيع والسلم ونحوها ألفاظاً معينة وكذلك النكاح أيضاً اشترطوا لصحته ألفاظاً معينة ، وأوقفوا صحة هذه العقود على وجود هذه الألفاظ المشروطة ولكن هذا الاشتراط غير مقبول لأنه لا دليل عليه والمتقرر أن الأصل في الاشتراط الشرعي التوقيف على الدليل الصحيح الصريح ولا نعلم دليلاً يفيد هذه الشرطية وحيث لا دليل يفيدها فالحق الحقيق بالقبول أن هذه العقود ونحوها تنعقد بما يدل على مقصودها من الأقوال والأفعال وذلك يختلف باختلاف الأعراف وقد ذكرنا في كتابنا قواعد البيوع في ذلك ضابطاً مفيداً وذكرنا الأدلة هناك وهذا الضابط نصه يقول ( تنعقد المعاملات والعقود بما يدل على مقصودها من قول أو فعل ) وهو اختيار أبي العباس بن تيمية رحمه الله تعالى وأظنه من أوائل من نصر هذا القول ومن أوائل من أطال في الاستدلال عليه ، وخرجه على قواعد الشريعة فجزاه الله خير الجزاء وغفر له ورفع نزله في الدنيا والآخرة والله ربنا أعلى وأعلم . ومنها: اشترط بعض الفقهاء رحمهم الله تعالى لصحة الجمعة أربعين رجلاً وبعضهم نصر ذلك القول نصراً لا مزيد عليه ، وجاء من المرويات بما لا خطام له ولا زمام ، فالله يعفو عنه ويغفر له والحق أن جميع ما يروى في اشتراط الأربعين فإنه ما لا تقوم به الحجة ، وقد استوفى هذه المسألة الشيخ العلامة سليمان بن عبدالله حفيد الشيخ محمد رحم الله أصل هذه السلالة الطيبة وسائر فروعها الرحمة الواسعة وغفر لهم وجزاهم الله خير ما يجزي عالماً عن أمته ورفع نزلهم في الفردوس الأعلى ، فإنه قد جاء في هذه الرسالة بما لا نعلمه لغيره من التحقيق ونقد المرويات فجزاه الله خيراً والمقصود أن هذا الاشتراط لا دليل عليه ، بل وكذلك غيرها من الأقوال فإن الدليل عليها إما صحيح غير صريح وإما صريح غير صحيح ، والحق إن شاء الله تعالى في هذه المسألة صحة الجمعة برجلين أحدهما يخطب والثاني يستمع ثم يصليان معاً ، وكما هو معلوم أن أقل الجماعة اثنان والخلاصة أن اشتراط الأربعين اشتراط في عبادة ، والاشتراط في العبادة مبناه على الدليل وحيث لم يصح دليل في هذه المسألة فلا نقبل أي قول فيها ونبقى على الأصل وهو أن المشترط في إقامتها تحقق مسمى الجماعة وهي تتحقق باثنين والله أعلى وأعلم . ومنها: اشترط بعض الفقهاء رحمهم الله تعالى لصحة البيع أن يقع منجزاً فلا يصح تعليقه بالشرط إلا بالمشيئة ، وهذا اشتراط لا دليل عليه في الحقيقة والاشتراط الشرعي مبناه على التوقيف وحيث لم يصح في ذلك دليل فالقول الصحيح في هذه المسألة هو صحة تعليق البيع بالشرط ، واختاره شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى والله أعلم . ومنها: اشترط كثير من الفقهاء لصحة الطواف أن يكون على طهارة من الحدث الأصغر واستدلوا على ذلك بما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثم طاف وبقوله (( افعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري )) وبحديث (( الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح الكلام فيه )) وفي الحقيقة أن هذه الأحاديث لا تفيد الشرطية فأما حديث وضوئه قبل الطواف فإنه حكاية فعل والمتقرر في القواعد أن حكاية الأفعال لا تفيد الوجوب ولا يقال أنه مقرون بقوله (( خذوا عني مناسككم )) لأن الوضوء في ذاته ليس من المناسك الخاصة بأحد النسكين ومن المعلوم أن من عادته صلى الله عليه وسلم استحباب بقائه دائماً على طهارة ، ألا ترى أن الفقهاء قالوا بسنية التلبية مع أنه صلى الله عليه وسلم لبَّى وقال ((خذوا عني مناسككم)) وقالوا: بسنية جمع الظهرين تقديماً بعرفة وبسنية جمع العشائين تأخيراً في المزدلفة مع أنه فعلها وقال (( خذوا عني مناسككم )) وقالوا: بسنية ذكر الله تعالى عند المشعر الحرام مع أن الله تعالى قال فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وفعله النبي صلى الله عليه وسلم وقال ((خذوا عني مناسككم)) فإذا قال الفقهاء بسنية ذلك مع أنها من جملة المناسك فكيف يقال في وضوئه قبل الطواف مع أن الوضوء في ذاته ليس من المناسك فقد كان صلى الله عليه وسلم يحب دائماً أن يكون على طهارة ولذلك فإنه لما أفاض من عرفات وقف في الطريق وبال ثم توضأ مباشرة وقال ((الصلاة أمامك)) ولم يؤخر الوضوء إلى الوصول للمزدلفة ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم دائم الذكر وهو يكره أن يذكر الله إلا على طهر كامل تعظيماً لربه جلا وعلا وفي الحديث (( إني كرهت أن أذكر الله إلا وأنا على طهارة )) وقد اعتمر قبل ذلك ثلاث مرات ولم يثبت عنه أنه أمر الناس بالوضوء قبل الطواف فلو كان من الشروط المتحتمة التي يتعلق بها صحة الطواف لأمر به النبي صلى الله عليه وسلم والجمع بين الأدلة واجب ما أمكن ، ولا يتأتى ذلك إلا إذا قلنا بأن وضوؤه قبل الطواف من المندوبات لا من الواجبات المتحتمات ، وأما حديث (( افعلي ما يفعل الحاج )) فإنه يفيد اشتراط الطهارة من الحدث الأكبر ونحن نبحث في الحدث الأصغر ، فالطهارة مما يوجب الغسل والحيض والنفاس والجنابة شرط في الطواف وأما ما يوجب الحدث الأصغر فلا دليل عليه ، فحديث عائشة (( افعلي ما يفعل الحاج )) وحديث (( أحابستنا هي )) إنما يفيد اشتراط الطهارة من الحدث الأكبر فالاستدلال بها على اشتراط الطهارة الصغرى استدلال في خير محله ، ألا ترى أن الصوم يمنعه الحيض والنفاس ولا يمنعه الحدث الأصغر ، بل ولا تمنعه الجنابة وهي من الحدث الأكبر ، ألا ترى أن قراءة القرآن تمنعها الجنابة والحيض والنفاس عند الأكثر ولا يمنعها الحدث الأصغر ألا ترى أن دخول المسجد يمنعه الحيض والنفاس والجنابة ولا يمنعه الحدث الأصغر ألا ترى أن دخول الملائكة في البيت تمنعه الجنابة ولا يمنعه الحدث الأصغر وأنا أريد بذلك أن تعرف أنه ليس كل عبادة تشترط فيها الطهارة الكبرى تكون الطهارة الصغرى فيها مشترطة, ومن ذلك الطواف فهو عبادة تشترط فيها الطهارة من الحدث الأكبر ولكن لا يشترط لها الطهارة من الحدث الأصغر فالعبادات باعتبار اشتراط الطهارة من الحدثين ثلاثة أقسام : الأول : ما يشترط له الطهارتان كالصلاة ومس المصحف, الثاني : ما لا تشترط له الطهارتان كالسعي والمبيت بمزدلفة ومنى ورمي الجمار والوقوف بعرفة وعقد الإحرام ونحوها, الثالث : ما يشترط له الطهارة الكبرى فقط دون الطهارة الصغرى كالطواف وقراءة القرآن بلا مس وغير ذلك والخلاصة أن الأحاديث في منع الحائض من الطواف إنما يستدل بها على وجوب الطهارة الكبرى ولا شأن لها بالطهارة الصغرى, وأما حديث (( الطواف بالبيت صلاة )) فيجاب عنه بأنه ضعيف ، ومع تسليم صحته فإن التشبيه هنا إنما هو في المنزلة والمكانة ولا شأن له في الاشتراط الشرعي ، أي أن مكانة الطواف بالبيت في الشريعة كمكانة الصلاة ، ألا ترى أن الحديث إنما استثنى الكلام فقط وأنت تعلم أن الطواف يجوز فيه الضحك وهو لا يجوز في الصلاة ، والطواف يجوز فيه الالتفات ولا يجوز ذلك في الصلاة والطواف يجوز فيه الكلام الأجنبي ولا يجوز ذلك في الصلاة والطواف يجوز فيه كشف العاتقين ولا يجوز ذلك في الصلاة ، والطواف لا يشترط فيه استقبال الكعبة بكل البدن واستقبالها شرط في الصلاة ، ولو تحرك الطائف عشرة آلاف حركة ما بطل طوافه وأما الصلاة فإنه تبطلها الحركة الأجنبية إذا كثرت وتوالت بالاتفاق وهذا يفيدك أن الحديث إنما يقصد به المماثلة في المنزلة والرتبة فقط فهو خارج عن محل النزاع أصلاً وبالجملة فالاشتراط موقوف على الدليل الصحيح الصريح وحيث لم يثبت في شرطيته أي الوضوء للطواف دليل صحيح صريح فإننا لا نقول بشرطيته وإنما نقول بما وقف عنده الدليل وهو الاستحباب فقط واعتذر لك عن الإطالة في هذا الفرع والله أعلم فهذه سبعة فروع تطلعك على ما وراءها إن شاء الله تعالى .والله أعلم . {المسألة السادسة} ومن الأصول المفرعة على هذه القاعدة الطيبة :- القاعدة الكبرى والأصل الفخم العظيم ، والذي لا ينبغي للطالب أن يغفل عنه أبدا ، بل على الطالب أن يجعله أصلا من أصوله المعتبرة في سيره العلمي ، وهو ما نص عليه أهل العلم رحمهم الله تعالى بقولهم ( الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ) ولنا فيها رسالة مستقلة ولله الحمد والمنة, ولكن نذكر لك هنا بعض الفروع المخرجة على هذا الأصل الكبير ، وإن شئت زيادة التفصيل والمعرفة فدونك الرسالة المؤلفة في بيان هذه القاعدة الكبيرة العاطرة ، فأقول :- الأول :- القول الصحيح أن الماء قسمان :- طهور ونجس ، وأما قسم الطاهر فلا يصلح إثباته قسما ، لأن جعله قسما من أقسام الماء وترتيب الأحكام عليه لا بد فيه من الدليل ، لأن القسمة الشرعية مفتقر ة في صحتها للدليل ، والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة والله أعلم. الثاني :- القول الصحيح جواز التطهر بالماء المشمس ، ومن ادعى كراهته فلم يصب ، إذ لا دليل يصح في إثبات هذه الكراهة ، والكراهة حكم شرعي ، والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، والله أعلم . الثالث :- القول الصحيح أنه يجوز استعمال الماء المستعمل في الطهارة ، ومن أفتى بالمنع منع تحريم أو كراهة فما أصاب ، لأن المنع والكراهة حكمان شرعيان ، والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، والله أعلم . الرابع :- القول الصحيح جواز رفع الحدث بماء زمزم ، إذ لا دليل على المنع ، والأصل الحل والمنع من أحكام الشرع ، لا يثبت إلا بالدليل ، والله أعلم . الخامس :- القول الصحيح جواز التطهر بالماء المسخن ، ما لم يتغير بالنجاسة ، إذ لا دليل على المنع ، والله أعلم . السادس :- القول الصحيح جواز النوم بعد العصر ، والحديث الوارد في النهي عنه لا يصح والأصل الحل ، والمنع من أحكام الشرع ، وأحكام الشرع مبناها على التوقيف . والله أعلم . السابع :- القول الصحيح جواز استقبال النيرين واستدبارهما ما لم يلزم من ذلك استقبال البيت الحرام أو استدباره ، والدليل على الجواز هو عدم الدليل على المنع ، والأصل الحل ، وعلى المانع الدليل ، لأن المنع من أحكام الشرع ، وأحكام الشرع مبناها على التوقيف ، والله أعلم . الثامن :- القول الصحيح أن قول ( الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ) ليس من جملة آداب الخلاء البعدية ، لأن الحديث الوارد فيه ضعيف ، ولأن المتقرر أن آداب الخلاء توقيفية والمتقرر أن الاستحباب حكم شرعي ، والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة والله أعلم. التاسع :- كرًّه طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى للصائم الاستياك بعد الزوال ، واستدلوا على ذلك بحديث علي مرفوعاً (( إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي )) ولكن هذا الحديث لا يصح مرفوعاً للنبي ، وقد حكم المحققون في علم الحديث بضعفه فلا يقوى على معارضة عموم ما ثبت في الأدلة الصحيحة ، فحيث كان حديث علي ضعيفاً فلا يثبت به حكم لأن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، فالقول الصحيح في هذه المسألة هو استحباب السواك للصائم ولغيره ويستدل على هذا الاستحباب بالأدلة العامة المرغبة في السواك وهي كثيرة قد بلغت مبلغ التواتر المعنوي ، والله ربنا أعلى وأعلم . العاشر :- استحب طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى النتر بعد البول وهو جذب الذكر على هيئة السحب السريع ثم تركه ليخرج ما بقي من البول واستحبوه ثلاثاً واستدلوا على هذا الاستحباب بحديث عيسى بن يزداد عن أبيه قال : قال رسول الله )) إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثاً )) ولكن هذا ليس بصحيح ، بل الصواب خلافه والاستحباب هذا لم يستند لدليل صحيح ، لأن حديث عيسى بن يزداد هذا حديث ضعيف جداً ، بل حكم عليه بعضهم بالبطلان و المتقرر أن الاستحباب حكم شرعي يفتقر في ثبوته للأدلة الصحيحة الصريحة ، فعيسى بن يزداد هو وأبوه لا يعرفان ، وقد ضعف الحديث ابن حجر وابن تيمية والألباني وغيرهم كثير فحيث كان هذا الحديث ضعيفاً فإن هذا الاستحباب باطل لأن الضعيف لا يثبت به حكم ، ولو كان هذا الفعل مستحباً لحصل بيانه من الشارع فإنه ما ترك خيراً إلا دل الأمة عليه ولا شراً إلا حذر الأمة منه ، والاستحباب لا يثبت إلا من طريقه لا من طريق غيره حتى لا نكون ممن قال الله فيهم أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ بل إن هذا الفعل - أي نتر الذكر - بعد البول إن اعتقد فاعله أنه دين وقربة فما أقربه إلى البدعة ، وقد ثبت عند الأطباء أنه سبب من أسباب ارتخاء أعصاب الذكر الموجب للسيلان وبالجملة فهذا الاستحباب غير مقبول لأنه مبني على حديث لا يصح ، بل قال النووي رحمه الله : اتفقوا على ضعفه ا.هـ . وبقية البول في الذكر كبقية اللبن في الضرع ، إن حركته درَّ وإن تركته فسر كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى والله ربنا أعلى وأعلم . الحادي عشر :- استحب طائفة من أهل الفقهاء رحمهم الله تعالى الترتيب في تقليم الأظافر فقالوا: ويقلم أظفار مخالفاً ، وصفة المخالفة أن يبدأ بخنصر اليمنى ثم الوسطى ثم الإبهام ثم البنصر ثم السبابة ثم إبهام اليسرى ثم الوسطى ثم الخنصر ثم السبابة ثم البنصر ، ويستدلون على ذلك بنقلٍ موضوعٍ مكذوب لا أساس له من الصحة ، وهذا الفرع في الحقيقة حقه الإلغاء التام من كتب الهداية التي لم تؤلف إلا لهداية الناس أصلاً ، فإنه لاحظ له من نور النبوة ، وقد تقرر في القاعدة أن الحكم الشرعي يفتقر في ثبوته للدليل الصحيح الصريح ، وقال ابن دقيق العيد : ما اشتهر من قصها على وجه مخصوص لا أصل له في الشريعة ، ولا يجوز اعتماد استحبابه لأن الاستحباب شرعي لابد له من دليل ، وبناءً فمن اعتقد استحبابها فإنه يعرف بأن هذا الاستحباب لا دليل عليه ، فإن عرف وأصر فإنه مبتدع والله أعلم . |
08-19-2011, 05:44 AM | #2 |
إداري تاريخ التسجيل: Jun 2010 المشاركات: 1,222 | رد: وليس مشروعاً من الأمورْ ... غيرَ الذي في شرعنا مذكورْ " درر نفيسه من الشيخ وليد السعيدان حفظه الله " تابع : الثاني عشر :- استحب طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى في الوضوء مسح العنق وهو مذهب الحنفية ويستدلون على ذلك بحديث يروونه عن أبي هريرة ، ولكن هذا الحديث لا يسعفهم في إثبات هذا الاستحباب ، لأنه لا يثبت عن النبي في ذلك شيء ، قال النووي : بدعة وحديثه موضوع ، وقال ابن تيمية : لم يصح أنه مسح على عنقه ، ولهذا لم يستحب مسح العنق جمهور من العلماء كمالك والشافعي وأحمد ، وقال ابن القيم : لم يصح فيه حديث البتة ، وبناءً عليه فمسح العنق ليس من السنة بل ما أحراه أن يكون بدعة ، وجميع الواصفين لوضوئه لم يذكروا أنه مسحها ولا مرة واحدة فلو كان ذلك مشروعاً لفعله مع أنهم رضي الله عنهم كانوا في مقام التعليم ، فحديث أبي هريرة لا يثبت ولا يقوى أصلاً على مقابلة هذه الأحاديث الصحيحة الثابتة في الصحيحين أو أحدهما ، فاللهم اغفر للأئمة الحنفية واجزهم خيراً على حرصهم في متابعة السنة ، وهذه هفوة يسيرة في جانب حسناتهم الكثيرة التي لا تعد ، وهو مقصور في كل مذهب ، ألا ترى أن الفرع الذي قبل هذا ـ أعني فرع مخالفة تقليم الأظافر ـ قد قال به بعض الحنابلة ، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا قول الشارع وعلى كل حال فمسح العنق لا يصح ادعاء استحبابه لأن الاستحباب حكم شرعي والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة والله أعلم . الثالث عشر :- ذهب بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى استحباب الذكر بين أبعاض الوضوء ويرون في ذلك نقلاً لا أساس له من الصحة ، وبعضهم يجعل ذلك من باب الاستحسان ، ولكن هذا غير مقبول لأن الاستحباب من جملة أحكام الشريعة وقد تقرر لنا أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وهذا النقل المروي في ذلك كذب مختلق وليس للاستحسان مدخل في باب التشريع ، فالاستحباب لا يعرف بالاستحسان وإنما يعرف بالدليل من الكتاب والسنة ، وقد قال النووي عن مرويهم هذا : كذب مختلق ، لم يثبت عن النبي منها شيء ولا علمه أمته ، وقال الشيخ تقيّ الدين وتلميذه وغيرهما : والأذكار التي تقولها العمة عند كل عضو بدعة لا أصل لها ، لا عن رسول الله ولا عن صحابته ولا التابعين ولا عن الأئمة الأربعة فحيث لا دليل يثبت هذا الاستحباب فالأصل عدم الاستحباب وحكم الشرع لا يثبت إلا بدليل والله أعلم. الرابع عشر :- ذهب بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى القول بوجوب الغسل بمجرد انتقال المني عن مكانه ولو لم يخرج واستدلوا على ذلك بأن المني في هذه الحالة قد فارق محله وجانبه فيصدق على صاحبه وصف الجنب لأن المني فارق محله ، وذهب أكثر العلماء بأن مجرد انتقال المني لا يوجب الغسل بل لا بد من خروجه واستدلوا على ذلك بحديث (( إنما الماء من الماء )) وبحديث (( إذا رأت الماء )) وبأن الأصل بقاء الطهارة ، وبأن موجبات الغسل توقيفية ، وبأن الوجوب حكم شرعي والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، ولا نعلم دليلاً لا من القرآن ، ولا من السنة الصحيحة ، ولا من الإجماع ولا من القياس الصحيح ، ولا من قول الصحابة يوجب ذلك ، فهذا الفرع محدثٌ في الشرع وكل إحداث في الدين فهو رد ، وتشريع لم يأذن به الله ، وكل تشريع لم يأذن به الله فهو باطل لا يقبل والأصل براءة الذمة ممن هذا الوجوب والأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل ، وقولهم : إن الإنسان يوصف بالجنابة بمجرد مفارقة منيه محله ، كلام ليس بصحيح لا لغة ولا عرفاً ولا شرعاً ، فضلاً عن كونه قياساً ورأياً في مورد النص ، وقد تقرر أنه لا اجتهاد مع النص وتقرر أن كل قياساً صادم النص فإنه فاسد الاعتبار وبناءً عليه فالصحيح الذي لا شك فيه هو عدم وجوب الغسل بمجرد انتقال المني بل لابد مع انتقاله من خروجه ، هذا هو المعروف بالدليل الأثري والنظري كما ذكرناه لك قبل قليل فهذا الوجوب المذكور لا أصل له في الشرع لأن المتقرر عندنا أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، فرحم الله من ذكره وأدخله في كتب الهداية وعفا عنه وعامله بكرمه ومنِّه وفضله ، والله تعالى أعلى وأعلم. الخامس عشر:- استحب طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى في الغسل أن يعم بدنه ثلاثاً ، أي إذا أفاض الماء على بدنه أن يكرر هذه الإفاضة ثلاثاً فيعمم بدنه بالماء مرة ثم يعممه ثانية ثم يعممه ثالثة ، وقاسوا ذلك على الوضوء بجامع أن كلاً منها طهارة عن حتى ، ولأنه أبلغ في التطهير ، ولو أرجعنا هذا الفرع إلى قاعدتنا التي نحن بصدد شرحها لوجدنا أن هذا الاستحباب لا دليل عليه البتة لا من القرآن ولا من السنة الصحيحة ، والمتقرر عندنا أن المستحب من أحكام الشريعة والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، أي أن الحكم الشرعي مصدره الشرع فقط وقياسهم هذا يجاب عنه بعدة أمور , منها : أنه قياس مع الفارق ، ومنها : أنه قياس مصادم للنص فإن عائشة ، وميمونة رضي الله عنمها لما ذكرتا للأمة صفة غسل النبي من الجنابة كما في الصحيحين لم تذكرا التثليث إلا في الإفاضة على الرأس ، وأما في الإفاضة على البدن فذكرتا أنه أفاض على بدنه ، هكذا من غير تحديد ومن المعلوم أن من لوازم هذه الإفاضة المرة الواحدة ويبقى ما زاد على ذلك على العدم وهذا فيه بيان أنه لم يكرر هذه الإفاضة ثلاثاً فاستحباب هؤلاء التثليث في الإفاضة على البدن في الغسل يستند إلى قياس قد صادم نصاً وقد تقرر في الأصول أن القياس المصادم للنص فاسد الاعتبار ، ومنها : أنه قياس في عبادة والمتقرر منعه ، ومنها : أنه اجتهاد في مورد النص والمتقرر أنه لا اجتهاد مع النص ، وبناءً عليه فلا استحباب ، بل السنة الاقتصار على تعميم البدن مرة واحدة فقط والزيادة على ذلك فيها إسراف وغلو ووسوسة وتنطع ، ولو كان ذلك من الخير لأرشدنا إليه من هو أحرص علينا من أنفسنا ، ولا يبعد أن يكون ذلك من البدع لأنه تعبدٌ لله بما لا دليل عليه ، وبالجملة فالاستحباب حكم شرعي والحكم الشرعي وقف على الدليل كما تقرر لنا في هذه القاعدة العظيمة المباركة والله أعلى وأعلم . السادس عشر :- ذهب بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى أن من آداب الخلاء أن يعتمد المتخلي على رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى واستدلوا على ذلك بحديث سراقة قال : علمنا رسول الله في الخلاء على اليسرى وننصب الأخرى . ولكن هذا ليس بصحيح لأن هذه المسألة لا يصح فيها شيء عن المعصوم أي لم يرد في هذا شيء يثبت به حكم الندب ، وما ورد في ذلك فليس بصحيح ولا حسن ولا ضعيف يحتمل التحسين وإثبات الأحكام الشرعية بما لا تقوم به الحجة لا يجوز ، وبناءً عليه فلا ينبغي أن يعد هذا الفعل من جملة مستحبات التخلي لأنه لا دليل يثبت هذا الاستحباب وحيث لا دليل فالأصل العدم . والله ربنا أعلى وأعلم. السابع عشر :- ذهب طائفة ممن ينتسبون لأهل العلم بأن من السنة في الأذان أن يقول " حي على خير العمل " ويستدلون على ذلك بمرويات لا خطام لها ولا زمام وقد جعل هذا الشعار من أساسات الولاء و البراء عند هذه الطائفة والفصل بيننا كتاب الله تعالى وسنة نبينا كما قال تعالى فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً وقال تعالى وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ فرجعنا إلى الكتاب والسنة فلم نجد فيهما لهذه اللفظة ذكراً إلا في المرويات والنقولات التي لا أصل لها ولا تصح نسبتها لمقامه الكريم ولا عبرة بفعل هؤلاء لها ، فإن الحجة إنما هي فيما صح من الأدلة لا بقول أحد أو مذهبه كائنا من كان فكل حديث يروى في إدخال هذه اللفظة فإنه موضوع أو ضعيف شديد الضعف فالمرويات المنقولة في ذلك لا تصلح أن يثبت بها شيء من الأحكام لأن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وبناءً على ذلك فقولها في الأذان من البدع المحدثة وكل إحداث في الدين فهو رد والله ربنا أعلى وأعلم. الثامن عشر :- منع قوم من أهل العلم رحمهم الله تعالى أن تقرأ الحائض شيئا من القرآن ومنعهم هذا على وجه التحريم ولما رجعنا إلى أدلة هذا المنع وجدناها لا تصلح أن تكون مستنداً لهذا المنع فإنها ضعيفة كلها ، بل أقول : كل حديث يروى في منع الحائض من قراءة القرآن فهو ضعيف كحديث (( لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن ونحوه )) كل ذلك مما لا تقوم به الحجة والتحريم حكم شرعي والمتقرر عندنا أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها إلى الأدلة الصحيحة الصريحة ، وحيث لم يصح دليل في هذا المنع فالأصل عدمه فالقول الراجح أن الحائض يجوز لها قراءة القرآن لكن من غير أن تمسه ، لأن المس شيء والقراءة شيء آخر ، والكلام في القراءة لا المس وقلنا بالجواز وعلة ذلك عدم الدليل الصحيح الذي ينقلنا من الجواز إلى غيره وقد تقرر أن الأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من المحققين والله أعلم. التاسع عشر :- ذهب بعض العلماء إلى بطلان الصيام ببلع النخامة ، وعللوا ذلك بعدم مشقة الاحتراز منها ولكن أنت خبير بأن الإبطال حكم شرعي والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وحيث لا دليل يفيد بطلان الصيام ببلعها فالأصل الصحة ، والأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل ، والأصل في العبادات المنعقدة بالدليل الشرعي أنها لا تنقضي إلا بالدليل الشرعي ، وبناءً عليه فالقول الصحيح أن بلع النخامة لا يفسد الصوم ، لكن على الصائم أن يتحفظ منها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً للخروج من الخلاف ، والله تعالى أعلى وأعلم. العشرون :- ذهب بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى وجوب الكفارة على من أفطر بالأكل والشرب عامداً ذاكراً ، ولا أدري في الحقيقة على أي شيء استند هؤلاء ، وقد بحثت في كتبهم فوجدت أنهم قالوا : لأن الأكل والشرب أصل المفسدات فإذا وجبت في الجماع الذي هو دونه فلأن تجب في الأكل والشرب الذي هو أعلى منه من باب أولى ، وقالوا : إن العلة في إيجاب الكفارة على المجامع هي لأنه انتهك حرمة الصوم الواجب ، فكذلك لو أكل أو شرب عمداً فإنه يكون قد انتهك حرمة الصوم ، ومع اتفاق العلل تتفق الأحكام ، هكذا قالوا رحمهم الله تعالى ولكن قولهم مجانب للصواب ، لأن الصواب أنه لا كفارة إلا على المواقع في نهار رمضان عامداً عالماً بالحكم ، فالجماع لا بد أن يكون مؤثراً في وجوب الكفارة ، لأن النبي رتب الكفارة على من قال " وقعت على أهلي وأنا صائم " وفي رواية " في رمضان " فأوجب عليه النبي , الكفارة فالكفارة متوجهة لمن قال ذلك ، فدل على ذلك على ارتباطها به ، ولأن الأصل في الذمة البراءة ولا نعمرها بوجوب شيء إلا بدليل صحيح صريح والدليل إنما ورد في حق من وقع على أهله وهو صائم في رمضان ، ولأن الأصل المتقرر عدم الكفارة في مفسد الصوم إلا بدليل ، ولم يرد الدليل إلا في حق المجامع فقط ، وصورة السبب في الكفارة لا بد أن تكون مؤثر في الحكم ، ثم إن قياس الأكل والشرب على الجماع غير صحيح ، والقياس في العبادات ممنوع أصلاً وليس للقائلين وجوب الكفارة على المفطر بغير الجماع دليل صحيح ، والأصل عدم الوجوب لأن الوجوب حكم شرعي والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للدليل الصحيح الصريح ، فالحق الحقيق بالقبول أنه لا تجب الكفارة إلا على من أفطر بالجماع فقط ، وأما من أفطر بغيره فلا نقول بوجوب الكفارة عليه لأنه لا دليل يثبت ذلك ، والله ربنا أعلى وأعلم. الحادي والعشرون :- ذهب طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى منع بيع المصحف فقالوا (ويحرم بيع المصحف) وهذا التحريم من جملة الأحكام الشرعية وقد تقرر لنا في قاعدتنا أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، ولا نعلم دليلاً يصح في ذلك ، وحيث لا دليل يمنع فالأصل الجواز - وهو الصحيح في هذه المسألة - بل إن بيعه من جملة تعظيمه بما فيه من نشره بين المسلمين ، ولا يزال المسلمون في زماننا وقبل زماننا يتبايعونه فيما بينهم من غير نكير ، وقد تقرر في القواعد أن الأصل أن كل ما صلح بيعه فإنه يجوز بيعه إلا بدليل ، وأعظم ما ينتفع به المسلم كتاب الله تعالى ، فالأصل في البيع الحل ، ومن ادعى أن عينا من الأعيان لا يجوز بيعها فإنه مطالب بالدليل المثبت لذلك وحيث لا دليل يمنع من ذلك فالأصل الجواز ، فالصحيح في هذه المسألة إن شاء الله تعالى هو جواز بيعه تفريعاً على هذه القاعدة المباركة المهمة والتي تعتبر أصلاً من أصول طالب العلم في سيره العلمي والله تعالى أعلى وأعلم. الثاني والعشرون :- منع بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى البيع بالتقسيط ومنعهم هذا من باب منع التحريم ولكن هيهات يصح هذا المنع فإن المنع من أحكام الشريعة والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وأين الدليل الذي يمنع من هذا النوع من البيوعات؟ ، كيف وقد ورد الدليل أصلاً بالجواز كما في قوله تعالى وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ فإنه - أي بيع التقسيط - من جملة هذه البيوع التي تدخل في عموم هذا النص وقد تقرر في الضوابط أن الأصل في البيع الحل والإباحة إلا بدليل وحيث لا دليل يمنع منه فالأصل فيه الجواز ومنعه غير مقبول لأن المنع حكم شرعي ، والحكم الشرعي وقف على الدليل فالصحيح في هذه المسألة هو الجواز والله أعلى وأعلم. الثالث والعشرون :- منع طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى من رهن المصحف ، وفرعوا ذلك على عدم جواز بيعه ، وقد قدمنا لك أن القول الصحيح جواز بيع المصحف ، وبناءً على ذلك فالضوابط عندنا أن كل ما صح بيعه صح رهنه ، فالصحيح في هذه المسألة هو جواز رهن المصحف لأنه عين يصح بيعها وكل عين صح بيعها صح رهنها ، ولا فرق بين جواز البيع وجواز الرهن ، لكن يشترط أن لا يكون المرتهن كافراً ، لخشية امتهانه للمصحف لحديث:- نهى أن يسافر بالقرآن لأرض العدو مخافة أن تناله أيديهم . حديث صحيح ، أما إذا كان المرتهن مسلماً فإن الصحيح جواز رهن المصحف عنده ، وذلك لعدم وجود الدليل يمنع من رهنه ، المنع حكم شرعي والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وحيث لا دليل يمنع من ذلك فالأصل الجواز والله أعلى وأعلم. الرابع والعشرون :- منع طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى أن يجمع بين شرطين في البيع, وإنما الجائز شرط واحد فقط ، فلو اشترط أحدهما على الآخر شرطين فإن البيع لا يصح . وهذه مجازفة خطيرة فلا يجوز أن تشترط حمل الحطب وتكسيره ، بل إما حمله فقط أو تكسيره فقط ، ولا تشترط خياطة الثوب وكيه ، بل ليس لك إلا أحدهما فقط ، وهذا مذهب مجانب للصواب ، بل الصحيح في هذه المسألة هو الجواز ، فلأحدهما - أي البائع والمشتري - أن يشترط على الآخر ما شاء من الشروط ، وعلى المانع من ذلك الدليل ، وقد تقرر في القواعد أن الأصل في الشروط الحل والإباحة إلا بدليل ، لعموم قوله )) المسلمون على شروطهم )) الحديث. وغير ذلك من الأدلة وأما حديث (( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن مائة شرط )) فإن المراد بكتاب الله أي شريعة الله تعالى وحكمه ، ويدل على الحلية في الشروط أيضاً حديث عقبة (( إن أحق ما أوفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج )) وهذا يفيد أن كل شرط فإن حقه الوفاء به لكن أحق شرط يوفى به هو ما كان بسببه استحلال الفرج أي شروط النكاح. فالأصل في الشروط في المعاملات الحل والإباحة ولا يمنع منها إلا ما حرمه النص الصحيح الصريح ، فيجوز لأحد المتعاقدين أن يشترط على الآخر ما شاء من الشروط إلا ما خالف النص فإنه لا يقبل ومن منع من شيء من هذه الشروط فإنه مطالب بالدليل المانع لأن المنع حكم شرعي ، والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، وأما حديث (( لا شرطان في البيع )) فقد فسره المحققون بأن المراد بها الشروط التي يؤدي اجتماعها إلى مفسدة كالشرطين في العينة مثلاً ونحو ذلك ، وأما الشروط التي لا يؤدي اجتماعها إلى شيء من الفاسد فإن الشريعة لا تنهى عنها أبداً فقوله ((ولا شرطان في البيع)) إنما يريد به حقيقة بيع العينة وما أشبهها من الشروط التي يؤدي اجتماعها إلى مفاسد خالصة أو راجحة ، والله تعالى أعلى وأعلم. الخامس والعشرون :- ذهب بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى تحريم لحوم الخيل ، وما ذهبوا إليه غير مقبول ، لأن التحريم من جملة أحكام الشريعة والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، ولابد من اجتماع هذين الشرطين الصحة والصراحة ، وما استدل به المحرمون للخيل لا يخلو من حالين : إما أن يكون صحيحاً ولكنه ليس بصريح وإما العكس ، وهذا لا يفيد إثبات الحكم الشرعي ، فضلاً عن معارضة قولهم هذا لما ثبت به الأدلة الصحيحة الصريحة والقاضية قضاءً جازماً بحلية الخيل ، كحديث أسماء : نحرنا فرساً على عهد رسول الله , فأكلناه والحديث في الصحيح ، وفي المتفق عليه من حديث جابر قال : إن النبي نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل . ولعموم قوله تعالى وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وقوله هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ولأن الأصل المتقرر في القواعد في باب الأطعمة أن الأصل فيها الحل والإباحة إلا ما ورد النص الصحيح الصريح بتحريمة ، فحيث كان الأصل فيها هو الحل فالمتقرر أيضاً أن الأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل ، وحيث لا ناقل في هذه المسألة فالأصل فيها بقاؤها على الإباحة فالراجح المحفوف بالدليل والقاعدة هو القول بجواز لحوم الخيل لأن الأحكام الشرعية من التحريم والكراهة تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، والله أعلى وأعلم. السادس والعشرون :- أوجب طائفة من أهل العلم رحمهم الله تعالى غسل ما صاده الكلب بفمه أي إذا أرسلت كلبك المعلم فصاد لك شيئاً بفمه فالواجب عليك أن تغسل هذا الموضع الذي باشره بفمه ، ولكن هذا الوجوب أين مستنده؟ فإن الواجب من جملة الأحكام الشريعة والمتقرر أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة ، فلا يجوز إثبات شيء منها إلا بالدليل ، وأين الدليل الذي يعقد هذا الوجوب؟ ولا يصح قياسه على ولوغه في الآنية لأن هذا الحكم يخص الآنية ولذلك فلو ولغ على الثوب أو البدن فإنه يكفي في ذلك غسله مرة واحدة فقط ، ولا تقل هذه المسألة لا دليل فيها ، وإنما على عدم وجوبه ، وذلك لقوله تعالى مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ فهذه جملة شروط حلية الصيد بالجوارح أن نذكر اسم الله عليه وأن يكون قد أمسك لنا ، فأين بالله عليك ذكر الأمر بالغسل ، فإنه لو كان واجباً لبينه ربنا لنا ، لأن المتقرر بالاتفاق أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، ويوضح هذا حديث عدي بن حاتم قال : قال لي رسول الله (( إذا أرسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله ، فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه ، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله ، وإن أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه ، فإن وجدت مع كلبك كلباً آخر وقد قتل فلا تأكل فإنك لا تدري أيهما قتل ، وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت ، وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل )) متفقٌ عليه ، وفي لفظ لهما : قال قلت يا رسول الله إنا نرسل الكلاب المعلمة فقال (( كل ما أمسكن عليك )) قلت وإن قتلن؟ قال (( وإن قتلن )) قلت : إنا نرمي بالمعراض! قال (( كُلْ ما خرق ، وما أصاب بعرضة فلا تأكل فإنه وقيذ )) ولهما من حديث أبي ثعلبة أن النبي قال (( وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله فكل ، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل )) وهذه الأحاديث نص في محل النزاع لأن النبي كان في مقام التعليم لمن كثر صيده بالكلب والمعراض فبين له جميع ما يتعلق بذلك ووضح له أحوال المصيد بالكلب والمعراض الذي صاده الكلب بفمه فلو كان ذلك واجباً لأمرهم به فلما لم يأمرهم به دل على أنه ليس بواجب لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، والله أعلى وأعلم. السابع والعشرون :- كرَّه قوم من أهل العلم رحمهم الله تعالى أكل لحوم البقر ، واستدلوا على ذلك بحديث (( لحوم البقر داء ، وسمنها ولبنها دواء )) والعجب من المستدل بهذا الحديث ، فإن مثل هذا الحديث لا يستحق أن يستدل به لأنه ضعيف بمرة ، بل وقد حكم عليه طائفة من العلماء بأنه موضوع وما أحراه بذلك ، ولا أعلم أحداً صححه من المتقدمين إلا الحاكم عفا الله عنه وغفر لنا وله ، وأنت خبير بعظيم تساهله في التصحيح فإذا انفرد بتصحيح شيء من الأحاديث فقف واحذر حتى تتبين الأمر بنفسك فإنه لا يعتمد على تصحيحه ، وهذا الحديث مع شدة ضعفه فإنه مخالف للأدلة الصحيحة الصريحة في جواز لحوم البقر ، قال تعالى وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ولحم البقر داخل في هذا الحل، وقال تعالى هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وقد روى مسلم في صحيحه من حديث جابر أنه قال: ذبح رسول الله عن عائشة بقرة يوم النحر . وعنه قال: نحر النبي عن نسائه بقرة في حجته . رواه مسلم. وله أيضاً عن جابر قال: نحرنا مع رسول الله عام الحديبية البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة . وعن جابر قال : قال رسول الله (( البقرة عن سبعة و الجزور عن سبعة )) رواه مسلم وأبو داود واللفظ له ، فهذه الأحاديث تفيد إفادة صريحة حلية لحوم البقر بلا كراهة ، وحيث إن الكراهة من أحكام الشريعة فإنها لا تقبل إلا بدليل وحيث لا دليل يصح في هذه الكراهة فالأصل عدمها لأن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة فالحق في هذه المسألة هو حل لحوم الأبقار بلا كراهة ، والله ربنا أعلى وأعلم. الثامن والعشرون :- كل البدع المنتشرة في العالم الإسلامي والعربي فإنها تدخل تحت هذه القاعدة العظيمة المباركة لأن من يفعل هذه البدع قولية كانت أم فعلية ، إنما يفعلها لأنه يعتقد أنها مستحبة أو واجبة ، وهذا الاستحباب والوجوب من أحكام الشريعة والحكم الشرعي يفتقر في ثبوته للدليل الصريح ، وقد تقرر في القواعد أن الأصل في التعبدات الحظر والتوقيف وتقرر في القواعد أيضاً أن كل إحداث في الدين فهو رد ، ويجمع ذلك حديث (( من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد )) وفي رواية (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) فالاحتفال بالمولد النبوي ليس من الشريعة في صدر ولا ورد لعدم الدليل ، والطواف حول القبور والذبح عندها وقراءة القرآن في المقابر والعكوف عند القبور الليالي وذوات العدد ورفعها والكتابة عليها وتجصيصها وسترها بالحرير أو الخرق وكتابة القرآن عليها ، وقراءة الفاتحة عند ذكر أصحابها وكذلك الأذكار الجماعية التي تفعل عقب الصلوات وغيرها ، وكذلك تخصيص زمان أو مكان بذكر أو تعبد لا دليل عليه ، وكبدع الصوفية على مختلف أنواعها وتعدد أشكالها وكبدع الموالد جميعها سواءً موالد الأنبياء ، أو الأولياء كل ذلك من البدع المحدثة والجرائم المنكرة التي ما أنزل الله بها من سلطان فضلاً عن الأدلة الواردة في تحريم هذه الأشياء على وجه العموم والخصوص ، وكقراءة الفاتحة في افتتاح الخطوبة ، وكقراءة القرآن في مكبر الصوت على الملأ قبل دخول الخطيب ، وكصلاة ركعتين بين الخطبتين أي حال جلوس الخطيب بعد الأولى ، وكالصلاة الرغائب والألفية وكصلاة ركعتين عقب السعي قياساً على الطواف ، وكالأذان والإقامة للعيدين ، وكرفع اليدين عند الدعاء على المنبر يوم الجمعة إلا في دعاء الاستسقاء ، وكالتمسح بأستار الكعبة أو بمقام إبراهيم أو بأي شيء من المساجد الثلاثة إلا ما ورد في الركنين اليمانيين من مشروعية المسح باليد ، وكتقبيل الركن اليماني أو الإشارة له لأنه لم يرد إلا المسح فقط ، وكاعتياد الصلاة على النبي قبل الأذان ، وكاعتياد الاستعاذة بعد كل تثاؤب ، وكاعتياد قول " صدق الله العظيم " عقب ختم كل قراءة ، وكرفع اليدين على هيئة الدعاء عقب الرفع من الركوع ، وكاعتياد السلام بالمصافحة بعد الصلاة على من في المسجد وكأعياد الميلاد ، وغير ذلك مما يعسر حصره ، وإنما المقصود مجرد التفريغ ، ولعل هذا كافٍ في التفريغ على هذه القاعدة المهمة . والله ربنا أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . {المسألة السابعة} ومن الأصول المفرعة على قاعدة الأصل في العبادات ما نص عليه علماء الإسلام بقولهم :- ( كل إحداث في الدين فهو رد ) وقد شرحناها في كتابنا الذي أسميناه ( نصر الشرعة بقمع البدعة ) فارجع إليه إن شئت معرفة تفاصيل هذه القاعدة الكبيرة العظيمة ، وأنا أذكر لك بعض فروعها ، ليتضح لك مجال تطبيقها ، فأقول :- الأول :- قال الشيخ محمد رحمه الله تعالى ( بعض الناس إذا خرجوا في استراحة أو نزهة اجتمعوا جميعا ثم خطوا عليهم خطا ثم قرأ عليهم كبيرهم من أب أو أخ أو غيرهما آية الكرسي ، وهذا بدعة لم يكن معروفاً في عهد السلف الصالح والذي يشرع أن كل واحد منهم يقرأ آية الكرسي لأن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح فالسنة أن يعلموا ويقال كل واحد منكم يقرأ آية الكرسي )ا.هـ . الثاني :- وسئلت اللجنة الدائمة عن حكم اجتماع الطلاب أو الطالبات في الطابور الصباحي وقراءة سورة الفاتحة جماعة بصوت واحد فأجابوا بقولهم ( لا يجوز اتخاذ ما ذكر من قراءة الطلاب أو الطالبات سورة الفاتحة عادة في طابور الصباح بالمدارس ، بل هو بدعة محدثة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه البخاري ومسلم ، ولا مانع من تنويع ما يلقى عند الطابور ، فمرة تقرأ آيات ومرة الفاتحة وتارة أحاديث صحيحة وتارة حكم وأمثال ليس فيها محظور شرعي وتارة أناشيد إسلامية )ا.هـ . وقال أصحاب الفضيلة أيضاً ( التزام قراءة القرآن جماعة بصوت واحد بعد كل من صلاة الصبح والمغرب أو غيرهما بدعة ، وكذا التزام الدعاء جماعة بعد الصلاة ، أما إذا قرأ كل واحد لنفسه أو تدارسوا القرآن جميعاً كلما فرغ واحد قرأ الآخر واستمعوا له فهذا من أفضل القرب لقول النبي صلى الله عليه وسلم (( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده )) ا.هـ . الثالث :- وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله تعالى عن السلام بهذا اللفظ :- السلام التام بوجود مولانا الإمام ، فما الحكم في هذا القول فأجاب رحمه الله تعالى بقوله ( هذه التحية مبتدعة وفيها تغيير للتحية المشروعة وفيها تعظيم لمولاهم واعتقاد أن تمام السلامة متوقف على وجوده مع أن السلام اسم من أسماء الله تعالى ، ومنه السلام وأيضاً وصفه بالمولى ، والله هو المولى كما قال تعالى ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ا.هـ . الرابع :- وسئل الشيخ عبد العزيز رحمه الله تعالى عن ما اعتاد بعض الناس من تقبيل اليد بعد السلام أو وضعها على الصدر من باب زيادة التودد فهل ذلك جائز ؟ فأجاب بقوله ( ليس لهذا العمل أصل فيما نعلم من الشريعة الإسلامية ولا يشرع تقبيل اليد أو وضعها على الصدر بعد المصافحة ، بل هو بدعة إذا اعتقد صاحبه التقرب إلى الله سبحانه )ا.هـ. الخامس :- وسئل الشيخ محمد رحمه الله تعالى عن مصافحة الداخل على الجالسين وهل له دليل من الكتاب أو السنة ؟ فأجاب بقوله ( لا أعلم فيها شيئاً من السنة ولهذا لا ينبغي أن تفعل ، بعض الناس الآن إذا دخل المجلس بدأ بالمصافحة من أول واحد إلى آخر واحد وهذا ليس بمشروع فيما أعلم ، وإنما المصافحة عند التلاقي ، أما الدخول إلى المجالس فإنه ليس من منهج الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه أن يفعلوا ذلك ، وإنما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي ويجلس حيث انتهى به المجلس ، ولم نسمع أيضاً أنه إذا جلس حيث انتهى به المجلس أنهم يقومون ويصافحونه ، فالمصافحة على هذا الوجه ليست بمشروعة ، وقد سألت عنه من نعتمدهم من مشايخنا فقالها :- لا نعلم لها أصلاً في السنة ) ا.هـ . السادس :- وسئل الشيخ محمد رحمه الله تعالى عن حكم الحلف على المصحف لتأكيد اليمين ؟ فأجاب بقوله (الحلف على المصحف لتأكيد اليمين لا أعلم لها أصلا من السنة ، فليست بمشروعة) ا.هـ . قلت :- ولا بد أن تفرق بارك الله فيك بين مسألة الحلف بالمصحف وبين الحلف على المصحف ، فأما الأولى فالصحيح جوازها باعتبار أن ما في المصحف كلام الله تعالى وكلامه صفة من صفاته والحلف بالصفة جائز ، وأما الحلف على المصحف فهي أن يجعل في يده أو على قلبه أو فوق رأسه ويقول :- أقسم بالله على كتاب الله أنه كذا وكذا ، وهذا لا أصل له في الشرع ولا نعلمه ثابتاً من عمل الصحابة ولا عن أحد من السلف الصالح ، وقد تقرر في ضوابط باب اليمين أن تأكيد اليمين توقيف أي لا يجوز تأكيدها والتغليظ فيها إلا بما ورد به الشرع وكل إحداث في الدين وهو رد . السابع :- وسئل الشيخ محمد رحمه الله تعالى عن حكم ختم المجلس دائماً بسورة العصر فقال ((ختم المجلس بسورة العصر فإن ذلك بدعة لا أصل له ) ا.هـ . قلت :- أما قراءة سورة العصر فإنه مشروع على وجه الإطلاق من غير تحديد أفضلية قراءتها بزمان ولا مكان ، ومن قيدها بزمان معين أو مكان معين فإنه مطالب بالدليل لأن شرعية الأصل لا تستلزم شرعية الوصف ولأن الأصل في التعبد الوقف ، فاعتقاد فضيلة قراءة السورة في خاتمة كل مجلس محدث في الدين في الدين وبدعة والمتقرر أن كل إحداث في الدين فهو رد . الثامن :- وسئل الشيخ محمد رحمه الله تعالى عن حكم ما يفعله بعض القراء من فصلهم بين السورتين بالتكبير من سورة الضحى إلى آخر القرآن فأجاب بقوله (( هذا خلاف ما فعل الصحابة رضي الله عنهم من فصلهم بين كل سورة وأخرى ببسم الله الرحمن الرحيم ، وخلاف ما كان عليه العلم من أنه لا يفصل بالتكبير في جميع سورة القرآن ، غاية ما هناك أن بعض القراء استحب أن يكبر الإنسان عند ختم كل سورة من الضحى إلى آخر القرآن مع البسملة بين كل سورتين والصواب أنه ليس بسنة لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فالمشروع أن تفصل بين كل سورة وأخرى بالبسملة ، بسم الله الرحمن الرحيم ، إلا في سورة براءة فإنه ليس بينه وبين الأنفال بسملة ) ا.هـ . قلت :- وقد حكم ببدعية ذلك أبو العباس ابن تيمية وغيره من المحققين وأبطل أبو العباس المرويات في ذلك والله أعلم . التاسع :- قال الشيخ علي محفوظ رحمه الله تعالى في بيان بعض البدع في يوم الجمعة ( فمن البدع المكروهة اجتماع كثير من العامة ليلة الجمعة في بعض المساجد أو المساكن يذكرون الله تعالى وربما استغرقوا معظم الليل وقد نهى الشارع عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام من بين سائر الليالي ، ومثل القيام غيره مما يتحقق به أحياء الليلة فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين سائر الليالي ، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين سائر الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم )) وهذا صريح في النهي فإن عرض الشارع الاستعداد براحة الجسم في هذه الليلة إلى وظائف اليوم وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى التكاسل عن صلاة الغداة ، وأفحش من هذا ما اعتاده غالب الناس من السهر المفرط في هذه الليلة بالاشتغال باللهو واللعب والمزاح وترويح النفس بما تهواه ، اعتماداً منهم على أنه يوم بطالة وراحة فليسوا مكلفين بشيء من أعمالهم ، وفاتهم أنه يوم شغب بالله يقوم العبد بوظائفه وهي أولى بالاهتمام والعناية . ومن البدع : ما اعتاده بعض العامة من إفراد يومها بصيام وهو بدعة مكروهة للحديث السابق ولأنه اعتبر يوم عيد والعيد لا يصام مخالفة لليهود فإنهم يفردون يوم عيدهم بالصوم فنهى عن التشبه بهم في ذلك وأذن فيه إذا وصل بصيام قبله أو بعده كما خولفوا في يوم عاشوراء بصيام يوم قبله أو بعده والله تعالى أعلم بأسرار ما شرع, ومن البدع : المتعلقة بيوم الجمعة توهم كثير من العامة أنه إذا جاء فيه أحد العيدين كان شؤم على السلطان بموت أو غيره وهذا لا أصل له ولا تؤيده عادة معقولة , كيف وفي الحديث الشريف عن زيد بن أرقم قال:- اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم واحد فصلى العيد في أول النهار وقال (( يا أيها الناس هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان من أحب أن يشهد معنا الجمعة فليفعل ومن أحب أن ينصرف فليفعل )) رواه أبوا داود والحاكم وصحيح إسناده فاليوم الذي يجتمع فيه للناس عيدان كيف يكون شؤماً عليهم بشر يصل إلى سلطانهم . وأي مناسبة بين اجتماع العيدين وضرر بعض عباد الله تعالى , ومن البدع : تهافت الناس على زيارة موتاهم يوم الجمعة فإن فيها من المخازي والمنكرات ما يبرأ من الدين وتتألم منه الإنسانية ويؤذي الموتى في قبورهم كما سبق في بدع المقابر والأضرحة, نعم, تكون سنة إن خلت عن المحظورات فقد أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة غفر له وكتب باراً )) وعن محمد بن واسع قال: بلغني بأن الموتى يعلمون زوارهم يوم الجمعة ويماً قبله ويماً بعده رواه البيهقي في الشعب . ومن هنا اعتاد بعض الناس زيارة موتاهم يوم الخميس ، ولكن أنى تخلو عن المنكرات اليوم وقد ضجت منها الأرض والسموات , ومن المنكرات : تخطي الرقاب يوم الجمعة مع استكمال الصفوف وخلوها عن الفرج أصلاً فذلك منهي عنه حيث لا تقصير من القوم في تكميل الصفوف , عن عبد الله ابن بسر رضي الله عنهما:- جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال (( اجلس فقد آذيت )) رواه أبو داود والنسائي وزاد أحمد (( وآنيت )) أي تأخرت وعن الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه وكان من أصحاب النبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( إن الذي يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة ويفرق بين الاثنين بعد خروج الإمام كجار قصبه في النار )) رواه أحمد والطبراني في الكبير , والقصب بضم القاف وسكون الصاد المهملة واحد الأقصاب وهي الإمعاء كما في القاموس وغيره , وقد فرق الإمام النووي بين التخطي وبين التفريق بين الاثنين وجعل ابن قدامة في المغني التخطي هو التفريق , قال العراقي : والظاهر الأول لأن التفريق يحصل بالجلوس بينهما وإن لم يتخط , ومنها : المرور بين يدي المصلي عند فراغ الإمام من الصلاة فهذا كالذي قبله كثيراً يقع من العامة فينبغي تحذيرهم منه بذكر الأحاديث الواردة فيه فعن عبد الله بن الحارث الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً من أن يمر بين يديه )) قال الراوي : لا أدري قال أربعين يوماً أو شهراًً أو سنة . متفق عليه , يعني لو علم المار مقدار الإثم الذي يلحقه من مروره بين يدي المصلي لاختار أن يقف المدة المذكورة حتى لا يلحقه ذلك الإثم والحديث يدل على أن المرور بين يدي المصلي من الكبائر الموجبة للنار وظاهره عدم الفرق بين صلاة الفريضة والنافلة وفيه إبهام ما على المار من الإثم , ومنها : قول بعض العامة عقب الفراغ من صلاة الجمعة مع رفع الصوت ( الفاتحة ) لسيدي أحمد البدوي أو سيدي إبراهيم الدسوقي مثلاً فهذا لا أصل له مع ما فيه من رفع الصوت في المسجد لغير حاجة شرعية , ومن البدع : إهمال الناس تطييب المسجد بنحو البخور يوم الجمعة وأنه سنة ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم (( جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم ورفع أصواتكم وسلاحكم وجمروها في كل جمعة )) رواه ابن ماجه والطبراني والكبير ( وجمروها ) أي بخروها وزناً ومعنى وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه كان يجمر المسجد في كل جمعة . وبالله التوفيق ) قلت : ولي مؤاخذة على حديث " جنبوا مساجدكم " هذا الذي ذكره الشيخ فإنه حديث لا يثبت والله أعلم . العاشر :- وسئل الشيخ ابن باز عن حكم التلفظ بالنية قبل الوضوء ؟ فأجاب بقوله ( حكم ذلك أنه بدعة لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه فوجب تركه , والنية محلها القلب فلا حاجة مطلقاً إلى التلفظ والله ولي التوفيق ) ا.هـ . الحادي عشر :- وقالت اللجنة الدائمة ( لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء أثناء الوضوء عند غسل الأعضاء أو مسحها , وما ذكر من الأدعية في ذلك مبتدع لا أصل له وإنما المعروف شرعاً التسمية في أوله والنطق بالشهادتين بعده وقول " اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المطهرين " بعد الشهادتين ) ا.هـ . وقال الشيخ صالح الفواز لما سئل عن الدعاء في ثنايا الوضوء : ( لا يقال هذا الدعاء عند غسل الوجه لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) ويقول (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند غسل وجهه إنما كان يقول عند بداية الوضوء ( بسم الله ) وعند نهايته : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , والحكمة في ذلك والله أعلم أنه يجمع بين الطهورين , الطهور بالماء من الحدث الأصغر والأكبر وهي الطهارة من الحدث الحسي وذلك بالماء ويأتي بالشهادتين للطهارة من الشرك فيجمع إذاً بين الطهارتين الطهارة من الحدث والطهارة من الشرك هذه هي الحكمة والله أعلم , أما ما عدا ذلك فلا يقال أدعية أثناء الوضوء لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ) ا.هـ . الثاني عشر :- وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى ( مسح الرقبة أثناء الوضوء بدعة ومسح أعضاء الوضوء أكثر من ثلاث مرات إسراف ) ا.هـ . الثالث عشر :- سئل الشيخ ابن جبرين عن حكم وضع الحروز والتمائم للحيوانات ؟ فأجاب بقوله ( نعم بدعة ووسيلة إلى الشرك لقوله صلى الله عليه وسلم (( لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر إلا قطعت )) ولقوله (( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له )) وقوله (( من تعلق تميمة شيئاً وكل إليه )) وقوله (( من تعلق تميمة فقد أشرك )) فهذه أدلة تدل على أن الحروز التي تعلق في الرقاب على الدواب لاعتقاد أنها تدفع الضرر أو ترفعه فهي حرام لأنها شرك أو وسيلة من وسائله ) ا.هـ . الرابع عشر :- قال الشيخ محمد بن عثيمين ( النطق بالنية عند إرادة الطواف , تجد الحاج يقف مستقبلاً الحجر إذا أراد الطواف فيقول : اللهم إني نويت أطوف سبعة أشواط للعمرة , أو اللهم إني نويت أن أطوف سبعة أشواط للحج , أو اللهم أني نويت أن أطوف سبعة أشواط تقرباً إليك والتلفظ بالنية بدعة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولم يأمر أمته به , وكل من تعبد لله بأمر لم يتعبد به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأمر أمته به فقد ابتدع في دين الله ما ليس منه فالتلفظ بالنية عند الطواف خطأ وبدعة , وكما أنه خطأ من ناحية الشرع فهو خطأ من ناحية العقل , فما الداعي إلى أن تتلفظ بالنية مع أن النية بينك وبين ربك , الله سبحانه وتعالى عالم بما في الصدور وعالم بأنك سوف تطوف هذا لطواف , وإذا كان الله سبحانه وتعالى عالماً بذلك فلا حاجة أن يظهر هذا لعباد الله , فإن قلت : أنا أقوله بلساني ليطابق ما في قلبي , قلنا : العبادات لا تثبت بالأقيسة والنبي صلى الله عليه وسلم قد طاف قبلك ولم يتكلم بالنية عند طوافه والصحابة رضي الله عنهم قد طافوا قبلك ولم يتكلموا بالنية عند طوافهم ولا عند غيره من العبادات فهذا خطأ ) ا.هـ . الخامس عشر :- سئلت اللجنة الدائمة أن بعض الناس في بعض البلاد إذا حج لهم حاج غسلوا سريره الذي ينام عليه وفرشوا عليه فراشاً وعطروه ووضعوا في جوانبه فلوساً وقوارير عطر ويمنعون من الجلوس عليه إلى أن يأتي الحاج فما حكم ذلك فأجابوا بقولهم ( ما ذكرته من عمل أهل الحاج لمن عزم الحج منهم من وضع سرير ونحوه وغسله وفرشه وتعطيره ثم منع الناس من الجلوس عليه حتى يرجع الحاج ويجلس عليه ثم الإذن بالجلوس عليه لمن شاء , هذا من البدع المحدثة والتشريع الذي لم يأمر به الله تعالى وقد قال الله تعالى أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على صحته , وقال (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) رواه مسلم وعلى هذا فيجب على من يعمل ما ذكرت أن يتركه لأنه منكر وأن يتوب إلى الله مما سلف ) ا.هـ . السادس عشر :- وسئل الشيخ محمد رحمه الله تعالى عن وضع المصحف عند الرأس أثناء النوم بقصد الاطمئنان فيه فقال رحمه الله تعالى ( الخوف الحقيقي من الله تعالى لابد أن يثمر ثمرته وهو القيام بطاعة الله تعالى واجتناب معصيته كما أن الخائف من الأسد مثلاً يسعى بالوسائل التي تحميه من ذلك الأسد فالخائف من النار لابد أن يسعى إذا كان خوفه حقيقياً صادقاً في الأسباب التي تنجيه من النار , وتبعده عنها , وأما ما يصنعه هذا الملتزم من كونه يضع المصحف عند رأسه فهذا من البدع لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه فيما أعلم وإذا كان كذلك فلا يتخذ هذا وسيلة للاطمئنان , بل يمرن الإنسان نفسه على أن يطمئن بقراءة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أو من الدعاء عند نومه , وهذا أمر معروف مذكور بالكتب التي تعنى بهذه الأمور ) ا.هـ. السابع عشر :- وسئلت اللجنة الدائمة عن حكم الوليمة والاحتفال بمناسبة ختم القرآن الكريم ؟ فقالوا ( تشرع الوليمة للزواج إذا دخل بزوجته لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن ابن عوف لما أعلمه بأنه بنى بزوجته (( أولم ولو بشاة )) ولفعله صلى الله عليه وسلم , أما الوليمة أو الاحتفال بمناسبة ختم القرآن فلم يعرف عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم , ولو فعلوه لنقل إلينا كسائر أحكام الشريعة فكانت الوليمة أو الاحتفال من أجل ختم القرآن بدعة محدثة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) وقال (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) ا.هـ . الثامن عشر :- وقالت اللجنة الدائمة ( ليس من السنة وضع اليد فوق الرأس بعد السلام من الصلاة , وإنما فعل ذلك من البدع المحدثة , وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) ا.هـ . التاسع عشر :- وقالت اللجنة الدائمة ( لم يثبت في الشرع نشيد قبل الأذان لصلاة الجمعة , بل هو بدعة ولا يختص يوم الجمعة بتلاوة القرآن في المكبر أو غيره , لا قبل الأذان لها ولا بعد الصلاة وليس تلاوته شعاراً إسلامياً ليوم الجمعة , بل تلاوته مشروعة كل يوم فتخصيصه بيوم الجمعة بدعة والسنة الثابتة الاقتصار على الأذان لها ) ا.هـ . العشرون :- وقالت اللجنة الدائمة ( ليست قراءة الصمدية أو غيرها من القرآن أو الأذكار قبل البدء في الخطبة للجمعة واجبة ولا مستحبة , بل هي بدعة , وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) رواه البخاري ومسلم ) ا.هـ . الحادي والعشرون :- وقالت اللجنة الدائمة ( المصافحة عقب الصلاة الفريضة بصفة دائمة لا نعلم لها أصلاً , بل هي بدعة , وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) وفي رواية (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) ا.هـ . الثاني والعشرون :- وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله تعالى ( اعتاد بعض الجهلة المصافحة بعد التسليم من صلاة الجمعة مباشرة وقبل الأذكار ثم يقول ( تقبل الله ) فيرد عليه الثاني بقوله ( منا ومنك ) أو يقول الأول ( حرماً ) ويرد الثاني بقوله ( جمعاً ) وكل هذا لا أصل له , بل السنة عقب السلام البدء بالاستغفار ثم بالأذكار الواردة بعده , ثم التسبيح والتحميد والتكبير ) ا.هـ . الثالث والعشرون :- وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ( لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول للناس عند تسوية الصفوف " صلوا صلاة مودع " بل كان يأمرهم أن يستووا وأن يقيموا صفوفهم ويبين لهم أن تسوية الصف من تمام الصلاة , وأما " صلوا صلاة مودع " فلم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم , لكن وردت عن بعض العلماء فيما كتبوا أنه ينبغي للإنسان أن يتقن صلاته حتى كأنه يصلي صلاة مودع لأن من يصلي صلاة مودع سوف يتقنها إذ أنه لا يدري هل يعود للصلاة مرة أخرى أو لا يعود , وأما أن يقولها الإمام فهذا من البدع وننصح الأئمة بعدم ذكر هذا القول لأنه من البدع ) ا.هـ . الرابع والعشرون :- وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح بصفة دائمة لا بالدعاء المشهور " اللهم أهدنا فيمن هديت ... الخ " ولا بغيره وإنما كان يقنت في النوازل أي إذا انزل بالمسلمين نازلة من أعداء الإسلام قنت مدة معينة يدعو عليهم ويدعو للمسلمين هكذا جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وثبت من حديث سعد بن طارق الأشجعي أنه قال لأبيه : يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعثمان وعلي رضي الله عنهم , أفكانوا يقنتون في الفجر ؟ فقال : أي بني محدث. خرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وجماعة بإسناد صحيح , أما ما ورد من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا فهو حديث ضعيف عند أئمة الحديث ) ا.هـ . الخامس والعشرون :- وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى عن حكم قول : إن الله مع الصابرين إذا دخل الإنسان والإمام راكع حتى يطيل الإمام الركعة ليدركها الداخل فأجاب بقوله : ( هذا لا أصل له ولم يكن في عهد الصحابة رضي الله عنهم ولا من هديهم وفيه تشويش على المصلين الذين مع الإمام , والتشويش على المصلين منهي عنه لأنه يلهيهم ) ا.هـ . السادس والعشرون :- وقالت اللجنة الدائمة ( الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يقرأ في صلاته لا في الفاتحة ولا في غيرها بكلمة من القرآن بقراءتين مختلفتين فيما نعلم , ولم ينقل ذلك عن خلفائه الراشدين ولا عن أحد من صحابته رضوان الله عليه أجمعين ولا ينبغي فعل ذلك ومن فعله واستمر عليه فقد ابتدع في الدين ما لم يشرعه الله ولا رسوله وخالف بفعله هذا قوله عليه الصلاة والسلام (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) وفي رواية (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) أما الصلاة فصحيحة ) ا.هـ . السابع والعشرون :- وقال الشيخ الفوزان حفظه الله تعالى وقد سئل عن قراءة أسماء الله الحسنى بعد الصلوات وترديد ( يا لطيف ) مائة وتسعة وعشرين مرة فأجاب بقوله ( هذا من البدع, قراءة أسماء الله الحسنى بعد الصلوات واعتياد هذا وترديد كلمة يا لطيف بعدد معين وبصفة معينة كل هذا من البدع المحدثة في الإسلام وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وترديد كلمة يا لطيف بصوت مرتفع وما أشبه ذلك من الأوراد التي ليس لها دليل من الكتاب والسنة ولا من هدي السلف الصالح فهي بدع يجب تركها والابتعاد عنها والتحذير منها , أما أسماء الله الحسنى فالله سبحانه يقول " ولله الأسماء الحسنى " فدعاء الله بأسمائه وصفاته والتوسل إليه بذلك هذا شيء مشروع , لكن لا يجعل هذا في وقت معين أو بعد فريضة إلا بدليل يدل على ذلك ولا دليل يدل على التخصيص ) ا.هـ . الثامن والعشرون :- وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ( قراءة سورة ( يس ) على قبر الميت بدعة لا أصل لها وكذلك قراءة القرآن بعد الدفن ليست بسنة بل هي بدعة وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال (( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل )) ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ على القبر ولا أمر به ) ا.هـ . وقال الشيخ ابن باز ( لا تشرع قراءة سورة ( يس ) ولا غيرها من القرآن على القبر بعد الدفن ولا عند الدفن ولا تشرع القراءة في القبور لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ولا خلفاؤه الراشدون , بل كل ذلك بدعة ) ا.هـ . التاسع والعشرون :- وقالت اللجنة الدائمة ( أما وضع الحناء مع الميت في القبر فلا نعلم له أصلاً في الشرع المطهر بل الواجب تركه ) ا.هـ . الثلاثون :- وقالت اللجنة ( قراءة الفاتحة بعد الدعاء أو بعد قراءة القرآن أو قبل الزواج بدعة لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من صحابته رضي الله عنهم ) ا.هـ . الحادي والثلاثون :- وسئلت اللجنة الدائمة عن حكم قراءة القرآن قبل صلاة الفجر والاجتماع على بعض الأدعية قبل الأذان فأجابوا بقولهم ( الاستمرار على ما ذكر من قراءة القرآن الكريم ثم بعض الأدعية قبل أذان صلاة الفجر ليس من السنة بل هو بدعة ) ا.هـ . والله ربنا أعلى وأعلم . {المسألة الثامنة} وبما أننا نتلكم عن تقرير أن الأصل في العبادة الوقف على الأدلة ، وأن سبب الوقوع في الخرافات والبدع هو مخالفة منهج أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى في تقرير هذا الباب ، فأنا أحب أن أسوق لك جملا من القواعد بلا إطالة ، ولكن أنشدك الله تعالى أن تستشرحها عند من يفهمها ، فإنها برد اليقين في باب معرفة السنة من البدعة ، فأقول وبالله تعالى التوفيق ، ومنه أستمد العون والفضل :- القاعدة الأولى : (لا يستدل على شرعية الوصف بشرعية الأصل ) وقد شرحنا هذه القاعدة في رسالة مستقلة , أي أنه لا بد للوصف الزائد على الأصل من دليل خاص ولا يحق لأحد أن يعمل العبادات على الوصف المخترع الذي لا دليل عليه , بل هذا الوصف يتطلب دليلا زائدا على مجرد دليل الأصل , فالدليل الذي يثبته الأصل شيء , والوصف الزائد شيء آخر والعبادة لا بد أن تكون مشروعة بأصلها وبوصفها والله أعلم . القاعدة الثانية : (كل فهم في مسائل الاعتقاد يخالف فهم السلف فهو باطل ) ولنا فيها رسالة مفردة ، وذلك أن الحق في مسائل الاعتقاد إنما هو ما قرره السلف رحمهم الله تعالى فأي مذهب يخالف مذهبهم فهو باطل مردود على صاحبه , وذلك لأن السلف في مسائل الاعتقاد ساروا على ما سار عليه الدليل وقالوا بمقتضاه , ومن خالفهم فإنما قال بغير مقتضى الدليل فقوله مردود عليه فالحق في باب الصفات هو بعينه ما قاله السلف الصالح وأما مذهب الممثلة والمعطلة والمفوضة فهو باطل والحق في باب القدر هو بعينه ما قاله السلف الصالح وأما مذهب القدرية والجبرية فباطل والحق في باب مرتكب الكبيرة هو بعينه ما قاله السلف وأما مذهب المرجئة والوعيدية فهو باطل والحق في باب الصحابة وآل البيت هو بعينه ما قاله السلف وأما مذهب الرافضة والخوارج فباطل وهكذا في مسائل الاعتقاد , فأي فهم يخالف فهم السلف فإنه بدعة ومحدثة في الدين وكل إحداث في الدين فهو رد . القاعدة الثالثة : كل تعبد قولي أو فعلي لا يعرف عن السلف فهو بدعة , وسيأتي أن سائر البدع والمحدثات إنما هي مما لا يعرف عن السلف وسيكون من أجوبتنا على فاعليها أن هذا فعل لا يعرف عن أحد من السلف ونعني بهم الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة الدين المعتد بأقوالهم في الأمة . القاعدة الرابعة : كل فعل توفر سببه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فإن المشروع تركه , وهي من الردود القوية على أهل البدع . القاعدة الخامسة : لا مدخل للعادات والتقاليد والرؤى والمنامات والاستحسانات وآراء الرجال في التشريع لأن التشريع وقف على النص ولا شأن لهذه الأشياء في إثباته فانتبه لهذا . القاعدة السادسة : الشريعة كاملة , وهذا مأخوذ من قوله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ . القاعدة السابعة : الدين مبناه على الهدى والإتباع , لا على الهوى والابتداع وهذا واضح ومسلم به ولا أظن مسلما ينازع فيه . القاعدة الثامنة : كل بدعة ضلالة , وهذا مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم (( وكل بدعة ضلالة )) كما سيأتي سياقه إن شاء الله تعالى والله المستعان على توضيح ذلك . القاعدة التاسعة : الابتداع تنقص في الدين , أي أن المبتدع المحدث في الدين قولا أو فعلا هو في حقيقته يدعي أن الدين كان ناقصا حتى أكمله ببدعته هذه , وهذا وإن لم يقله بلسان مقاله لكن قاله بلسان حاله . القاعدة العاشرة : اقتصاد في سبيل وسنة خير من اجتهاد في مخالفة وبدعة , وقد نص السلف على هذا , فهو من جملة أصولهم , أي أن مشروعية الأعمال لا تعرف بكثرتها ولا باجتهاد أصحابها ولا بمشقتها على النفوس وإنما تعرف مشروعيتها بموافقتها للنص الصحيح الصريح , فلأن يقتصر الإنسان على ما هو مشروع له وإن كان قليلا خير له من أن يتعب نفسه ويشق عليها بفعل أمور لا خطام لها ولا زمام , ولا برهان عليها وإنما هو التخرص والهوى , نعوذ بالله من ذلك . القاعدة الحادية عشرة : الدين مبناه على الوسطية فلا إفراط ولا تفريط , وذلك لأن الحق وسط بين طرفين وهدى بين ضلالتين كما قال السلف رضي الله عنهم , فالبدعة لا تأتي إلا بمخالفة منهج الوسطية إما إلى إفراط وإما إلى تفريط وأما الحق فهو طريق الوسطية , الذي هو طريق الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا, جعلنا الله وإياك منهم بمنه وكرمه . القاعدة الثانية عشرة : الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك , هكذا قال السلف رضوان الله عليهم , فالحق لا يعرف بكثرة ولا قلة وإنما يعرف بموافقة الدليل فما وافق الدليل فهو الحق ولربما يكون الواحد أمة كاملة لأنه موافق للحق كما قال تعالى إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً فلأنه صاحب الحق في زمانه صار هو الأمة وحده , فلا تغتر بكثرة المحدثين وإنما العبرة بموافقة عملهم لمقتضى النص من الكتاب أو السنة الصحيحة . القاعدة الثالثة عشرة : ما لا دليل عليه من التعبدات فهو باطل وهو مضمون القواعد السابقة ولكن صغناها بعبارة أخرى من باب التوسع في التقعيد والتأصيل , أي أنه يستدل على بطلان ما يدعى أنه عبادة بأنه لا دليل عليه . القاعدة الرابعة عشرة : الإحداث في الدين مبني على إتباع الهوى والمتشابهات وموروثات الآباء والأسلاف . على غرار قوله تعالى {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ وقوله فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ . القاعدة الخامسة عشرة : الإحداث في الدين يتضمن القدح في النبي ولو تفكر المبدع في هذا لوجد أنه صحيح وحق . القاعدة السادسة عشرة : كلما ازداد نور النبوة وأشرق كلما قل الإحداث واحترق والعكس بالعكس ولذلك لا تجد كثرة المحدثات إلا حينما يضعف العلم بالدليل .والله ربنا أعلى وأعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . |
|
|