|
|||||
|
03-05-2011, 11:18 PM | #1 |
إداري
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1,222
|
إني أرى في المنام ..
إني أرى في المنام
سعيد بن محمد آل ثابت اهتم الإسلام بشأن الرؤيا وأولاها أهمية عظمى, والرؤيا هي في الجملة : إدراكات علقها الله في قلب العبد على يدي ملك أو شيطان ، إما بأسمائها ، و إما بكناها ، و إما تخليط .(انظر : الفتح ( 12/353 ) .مع أن هناك من ضعف الاهتمام بها وقد أرجأها آخرون إلى بعض آراء الفلاسفة من علماء النفس حين أرجعوها لحالة الرائي ,ووهمه,وهذا مخالف للعقل والنقل,بل الرؤيا هي دليل بسيط على حياة البرزخ والحياة الآخرة إذ تنتقل هذه الروح من الجسد فتكون ترى خيراً أو شراً,وقد ترى جزء من مواقف يوم القيامة ,وقد ترى الأموات حين تلتقي الأرواح في السماء,وهكذا من شك في صحتها فهو ينكر جزءً عظيماً من ديننا الحنيف. وقد ذكر الله -عز وجل-في القرآن الكريم الرؤى التي كانت مع أفضل الخلق,وهم الأنبياء-عليهم والصلاة والسلام- ومن ذلك موقف الخليل إبراهيم عليه السلام لما عزم على ذبح ابنه من أجل رؤيا رآها فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [الصافات:102-105]. وقد شغلت الرؤيا جزءاً كبيراً من قصة يوسف عليه السلام وما فيها من رؤيا الملك، وكيف عبرها يوسف عليه السلام، وكذلك رؤيا صاحبي السجن , وقد امتن الله تعالى على نبيه يوسف عليه السلام، بأنه يعلمه تأويل الرؤى وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ [يوسف:6] . وفي سورة الأنفال كانت رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر ، حينما رأى الكافرين قلة ليشجع الله المؤمنين على قتالهم قال تعالى: (إِذْ يُرِيكَهُمْ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ)، وفي سورة الفتح كذلك نجد رؤياه صلى الله عليه وسلم في دخوله مكة مع أصحابه معتمرين، وتتحقق تلك الرؤيا في عام الفتح: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ [الفتح:27].,وكان ولا زال لها المكانة العظمى,فالرؤيا جزء من ست وأربعين جزء من النبوة , عن عبادة بن الصامت-رضي الله عنه-،عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة).رواه البخاري . .وقد اهتم بها رسول الله-صلى الله عليه وسلم-مع أصحابه فكان يرى لهم , و يعبرها كما قد فسر بالعلم والدين لعمر الفاروق-رضي الله عنه-,و عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:كان رسول اًلله صلى اًلله عليه وسلم - يعني - مما يكثر أن يقول لأصحابه:(هل رأى أحد منكم من رؤيا). ولها في زماننا هذا أهمية قصوى حيث انقطع الوحي ,ولم يبق من باب المبشرات فعن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) يقول : " لم يبق من النبوة إلا المبشرات " قالوا : و ما المبشرات ؟ ، قال : " الرؤيا الصالحة ".رواه البخاري . إن إثارتي لهذا الموضوع تأتي إثر مظاهر مشاهدة: 1. تصدر بعض المعبرين لهذا العلم دون امتلاك الأسباب والوسائل الرئيسة في ذلك. 2. الهوس الشديد بكل مايراه البعض في منامه ,وخلطه بين الرؤى والأحلام من ثم تنشأ الهموم والأمراض والوساوس. 3. إهمال البعض لما يرى من بعض الرؤى,وتكرارها سواء له أو لغيره.وقد كان للرؤى الأهمية الكبرى عند السلف , فعن عبدالله بن عمر-رضي الله عنه-قال:كنت غلاماً شاباً عزباً في عهد النبي ، وكنت أبيت في المسجد، وكان من رأى مناماً قصَّه على النبي ، فقلت: اللهم إن كان لي عندك خير فأرني مناماً يعبره لي رسول الله ، فنمت، فرأيت ملكين أتياني، فانطلقا بي، فلقيهما ملك آخر، فقال لي: لن تراع، إنك رجل صالح. فانطلقا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا فيها ناس قد عرفت بعضهم، فأخذا بي ذات اليمين. فلما أصبحت ذكرت ذلك لحفصة فزعمت حفصة أنها قصتها على النبي ، فقال: (إن عبد الله رجل صالح، لو كان يكثر الصلاة من الليل). * ولي مع الرؤى والمعبرين والرائين وقفات سريعة: أولاً: رسالتي للمعبرين: 1. تقوى الله فيما تفسر وتعبر,واعلم بأن تأويل الرؤى هو توقيع وفتوى عن الله,فما علمته فعبره ولا تجعله يقيناً, وما جهلته وغُمي عليك فلا تقحم نفسك , واعلم أن قول:لا أعلم نصف العلم. 2. العلم الشرعي,والحد الأدنى في ذلك مع العلم بالعربية,وأمثال القوم وحكمهم. 3. التحري والتفرس في الرائي,وفي حاله.بالسؤال والتقرير وغير ذلك,فكم شهدت أندية التأويل من خلط وغلط. 4. التفاؤل وإضفاء ذلك على الرائي قدر الإمكان مهما بلغت الرؤيا إلا ماكان تحذيراً من معصية أو إثم , بل ويجوز حملها على الخير وإن احتملت غيره, وإن استطاع المعبر الدعاء للرائي بالخير فيها فهذا خير. عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج تاجر يختلف فكانت ترى رؤيا كلما غاب عنها زوجها وقلما يغيب إلا تركها حاملا فتأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول إن زوجي خرج تاجرا فتركني حاملا فرأيت فيما يرى النائم أن سارية بيتي انكسرت وأني ولدت غلاما أعور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير يرجع زوجك عليك إن شاء الله تعالى صالحا وتلدين غلاما برا فكانت تراها مرتين أو ثلاثا كل ذلك تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول ذلك لها فيرجع زوجها وتلد غلاما فجاءت يوما كما كانت تأتيه ورسول الله صلى الله عليه وسلم غائب وقد رأت تلك الرؤيا فقلت لها عم تسألين رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أمة الله فقالت رؤيا كنت أراها فآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله عنها فيقول خيرا فيكون كما قال فقلت فأخبريني ما هي قالت حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعرضها عليه كما كنت أعرض فوالله ما تركتها حتى أخبرتني فقلت والله لئن صدقت رؤياك ليموتن زوجك وتلدين غلاما فاجرا فقعدت تبكي وقالت ما لي حين عرضت عليك رؤياي فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال لها ما لها يا عائشة فأخبرته الخبر وما تأولت لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مه يا عائشة إذا عبرتم للمسلم الرؤيا فاعبروها على الخير فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها , فمات والله زوجها ولا أراها إلا ولدت غلاما فاجرا".وقد يدل الحديث على أن الرؤيا ستقع على قدر الله الذي قدره سبحانه,وإن فٌسرت بغير معناها,والدعاء مطية المؤمن في ذلك كله,كما سنوضح ذلك خلفاً. 5. الوصية بالمعروف بدلاً من التعبير المجرد,وهذا من أجل غايات الرؤيا حيث أنها رحمة من الله فإما تبشر ,وإما تحذر ,وكل ذلك يحتاج لبذل السبب سواء في جلب الخير,أو دفع الضرر. 6. القراءة في ذلك,ولا يمنع التدرب مع علًم في هذا المجال,ولا يقصد بالقراءة أن يطًرٍح المعبر على كتب الأولين دون ضوابط ومعرفة ,وعلى والخزع بلات,وغيرها . .وأنصح بقراءة كتاب(القواعد الحسنى في تأويل الرؤى)للشيخ عبدالله السدحان,وعليه تقديم للشيخ العلامة عبدالله ين جبرين-رحمه الله-والعلامة عبدالله المنيع-حفظه الله-,وهو من أفضل الموجود لاسيما موافقته لزمننا هذا. 7. التصدي للتعبير في القنوات وعبر الجوال,وغير ذلك هذا يجعل من التأويل ضعفاً في الحكم إن لم يكن المعبر حذقاً في السؤال,مسترسلاً في السماع.منتبهاً للأحداث. ثانياً: إلى إخواني الرائين : 1-لنعلم أن أقسام الرؤى,ثلاثة: عن محمد بن سيرين: أنه سمع أبا هريرة يقول:قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : (إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة). وما كان من النبوة فإنه لا يكذب. قال محمد بن سيرين: وأنا أقول هذه، قال: وكان يقال: الرؤيا ثلاث: حديث النفس، وتخويف الشيطان، وبشرى من الله، فمن رأى شيئاً يكرهه فلا يقصَّه على أحد وليقم فليصل، قال: وكان يكره الغُلَّ في النوم، وكان يعجبهم القيد، ويقال: القيد ثبات في الدين..رواه البخاري. إذاً هي ثلاثة أقسام,وهي كالتالي: 1-الرؤيا الصالحة. : وحقيقتها:أنها أمثال مضروبة يضربها مَلَكُ الرؤيا للرائي فيعبر من ظاهر الرؤيا إلى باطنها ، و تكون دالة على خير و بشارة,وذكر العلماء للرؤيا الصادقة علامات _ مأخوذة من الأحاديث _ و هي : 1) أن لا تناقض فيها بل تكون واضحة يُعرف أولها من آخرها . 2) أن يكون المرئي ممكن الوجود و الحصول. فإن رأى ذلك فليحمد الله عليها,ولايحدثها إلا لمن يحب.وإن عبرها عند العالم الناصح فليفعل.ولاريب في ذلك إذ أغلب الرؤى بالرموز,وقد تفسر بخلاف ظاهرها. 2-الحلم , وهو من الشيطان. وحقيقته : خيالات يُرِيْها الشيطان العبد ، و يكون مُحْزِنٌ و مؤذي . ومن علاماته: 1. عكس مافي علامات الرؤيا الصالحة من عدم الوضوح, 2. وكذلك إحزان الرائي وإيراث الهم فيه, 3. وأيضاً وجود ما لا يمكن كرؤية الملائكة تأمره بفعل المحرمات. وغير ذلك.فعن أبي سلمة يقول:لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضني، حتى سمعت أبا قتادة يقول: وأنا كنت أرى الرؤيا تمرضني، حتى سمعت النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: (الرؤيا الحسنة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدِّث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرِّها، ومن شر الشيطان، وليتفل ثلاثاً، ولا يحدث بها أحداً، فإنها لن تضرَّه). 3-حديث النفس. فحقيقتها : هواجس نفسية يُحدثها ما يُشغل العبد به فِكره و نفسه في اليقظة.كأن يكون عطشاناً ويرى أنه يرتوي بماء,أو أنه مريض ويرى مايوافق مرضه,وهذا لايلقي له الرائي اهتمام . ثالثاًً : الحاجة إلى المعبر الناصح العالم مهم جداً , فلا يعتمد أحد على تعبير الآحاد من الناس ,أو ممن قل علمه وورعه وفقهه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا معلقة برجل طائر ما لم يحدّث بها صاحبها فإذا حدث بها وقعت فلا تحدّثوا بها إلا عاقلاً أو محباً أو ناصحاً". رواه الترمذي وقال حسن صحيحولأن الرؤى تأتي على أربعة صور: 1. خير في ظاهرها وباطنها 2. شر في ظاهرها وباطنها 3. خير في ظاهرها شر في باطنها 4. شر في ظاهرها خير في باطنها * لذا نصيحتي الالتزام بهذا الصنف من المعبرين (العلماء الناصحون) ,والذين يمتلكون الأداة الصحيحة الذين يعلمون الحلم من الرؤيا,والذين يتعرفون على الرؤيا ظاهرةً وباطنة,ولا يفرقون بين الناس,ويورثوا بينهم الضغائن,وإن رأوا في الرؤيا شر أمروا صاحبها بالاستعاذة وطمأنوه وعلقوا قلبه بالخالق-جل وعلا- * وهنا تنبيه...وهو أن يعلم المسلم أن وقت وقوع القدر بعد الرؤيا ليس محدد بوقت إلا ماقد يظهر في الرؤيا,فهذا نبي الله يوسف –عليه الصلاة والسلام-رأى رؤياه والتي أخبرها والده ولم تتحقق إلا في كبره,وآخر يرى الرؤيا فتأتي كفلق الصبح بيوم أو يومين.ولا يشترط في وقوع الحدث أن تُفسر الرؤيا ,بل هي إشارة فمن طلب تعبيرها يستبشر بها فحسن أو ينتهي عما بها,ومن أعرض فلن ينتظره القدر حتى يعبرها كما يظن البعض. رابعاً: من أراد أن يرى خيراً, ويطرد منه الوساوس والشياطين وأحاديث النفس فعليه كما قال ابن القيم رحمه الله: "ومن أراد أن تصدق رؤياه، فليتحر الصدق، وأكل الحلال، والمحافظة على الأوامر والنواهي، ولينم على طهارة كاملة، مستقبل القبلة، ويذكر الله حتى تغلبه عيناه، فإن رؤياه لا تكذب البتة. وأصدق الرؤيا ما كان في الأسحار، فإنه وقت النزول الإلهي، واقتراب الرحمة والمغفرة، وسكون الشياطين، وعكسه رؤيا العتمة، التي هي وقت العشاء، عند انتشار الشياطين والأرواح الشيطانية، فكون الرؤيا تصدق بالأسحار فهذا غالباً، غالب الرؤيا الصادقة تكون في الأسحار". خامساً : هنا تحذير من النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (من تحلَّم بحلم لم يره كلِّف أن يعقد بين شعيرتين، ولن يفعل، ومن استمع إلى حديث قوم، وهم له كارهون، أو يفرُّون منه، صُبَّ في أذنه الآنك يوم القيامة، ومن صوَّر صورة عُذِّب، وكُلِّف أن ينفخ فيها، وليس بنافخ). سادساً: إن الدعاء الخالص مع الإتيان بأسباب إجابته ,والامتناع عن موانعه من أقوى ما يفعله المؤمن لطلب خير,ولدفع غيره, قال الله تعالى :( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )بل لايرد القضاء إلا الدعاء, قال عليه الصلاة والسلام:" لا يردُّ القدرَ إلا الدعاء ".وقد قرر العلماء :[ أن الدعاء سبب في حصول الخير وأن هناك أشياء مقدرة ومربوطة بأسباب فإذا تحقق السبب وقع المقدر وإذا لم يتحقق السبب لم يقع ، فإذا دعا المسلم ربه حصل له الخير وإذا لم يدع وقع به الشر كما جعل الله صلة الرحم سبباً لطول العمر وقطيعة الرحم سبباً لضده ] المنتقى من فتاوى الفوزان 2/103.لذا يامن رأيت ما تكره,أو تأخر عنك ما أردت فعليك بسهام الليل هي التي لا تخطئ ولكن لها أمد وللأمد انقضاء. أخيراً..أسأل الله ألا يرينا وإياكم مكروه,وأن ينعم علينا بالرؤى الصالحة,ويكفينا شر الهموم والأحزان,وأساله - جل في علا -أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه,وأسأله –سبحانه-أن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه..آمين وكتبه سعيد بن محمد آل ثابت thabit66@gmail.com |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|